الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1937 ). زمن البحث بالثانية ( 0.006 )

العام الهجري : 237 العام الميلادي : 851
تفاصيل الحدث:

كان صالحُ بنُ النضر الكناني من أهلِ بُست، قد ظهر بتلك الناحية يقاتِلُ الخوارج، وسمَّى أصحابَه المتطوِّعةَ، حتى قيل له: صالح المطوِّعي وصَحِبَه جماعةٌ؛ منهم: درهم بن الحسن، ويعقوب بن الليث, وغَلَبوا على سجستان، ثم أخرَجَهم عنها طاهرُ بن عبد الله أميرُ خراسان. وهلك صالح إثر ذلك، وقام بأمر المتطوِّعةِ دِرهمُ بن الحسن، فكَثُرَ أتباعه. وكان يعقوبُ بن الليث شهمًا، وكان دِرهَم مُضعفًا، واحتال صاحِبُ خراسان حتى ظَفِرَ بدرهم وحَبَسه ببغداد، فاجتمعت المتطوِّعةُ على يعقوب بن الليث، وملَّكوه أمْرَهم؛ لِمَا رأَوا من تدبيرِه، وحُسنِ سياستِه، وقيامِه بأمورهم، وقام بقتال الخوارجِ الشراةِ، وأتيح له الظَّفَرُ عليهم، وأثخن فيهم وخرَّبَ قُراهم، وكانت له شريةٌ في أصحابه لم تكن لأحدٍ قَبله، فحَسُنَت طاعتُهم له وعَظُمَ أمرُه، ومَلَك سجستانَ مُظهِرًا طاعةَ الخليفةِ وكاتِبِه، وقلَّدَه حرب الشراة، فأحسن الغَناءَ فيه وتجاوَزَه إلى سائر أبوابِ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر, فاستبَدَّ يعقوبُ بالأمر، وضَبَط البلاد، وقَوِيَت شوكتُه وقصَدتْه العساكِرُ من كلِّ ناحية.

العام الهجري : 255 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 869
تفاصيل الحدث:

بعث المهتدي بكتابٍ إلى سليمان بن عبد الله بن طاهر نائبِ الخليفة في بغداد يأمُرُه بأخذ البيعة له، وكان أبو أحمد بن المتوكل ببغداد، وكان المعتزُّ قد سَيَّرَه إليها، فأرسل سليمانَ إليه، فأخذه إلى داره،  فاجتمع العامَّةُ إلى باب دار سليمان، فقاتَلَهم أصحابه، وقيل لهم: ما يَرِدُ علينا من سامرَّاء خبر، فانصَرَفوا ورَجَعوا الغدَ، وهو يوم الجمعة على ذلك، وخطب للمعتز ببغداد، فانصرفوا وبكَّروا يوم السبت، فهجموا على دار سليمان، ونادَوا باسم أبي أحمد، ودَعَوا إلى بيعته، وسألوا سليمانَ أن يُريَهم أبا أحمد، فأظهَرَه لهم، ووعَدَهم أن يصيرَ إلى محبَّتِهم إن تأخَّرَ عنهم ما يحبُّون، فانصرفوا بعد أن أكَّدوا عليه في حفظ أبي أحمد، وذلك قبل أن يعلم أهلُ بغداد بما وقع بسامرَّا من بيعة المهتدي، فقُتِلَ من أهل بغداد وغَرِق منهم خلق كثيرٌ، ثمَّ لَمَّا بلغهم بيعةُ المهتدي سكَنوا, ثم أُرسِل إليهم من سامراء مالٌ ففُرِّق فيهم، فَرَضُوا وبايعوا للمهتدي لسبعٍ خَلَونَ من شعبان، وسكنت الفتنة، فاستقرت الأمور واستقر المهتدي في الخلافةِ.

العام الهجري : 299 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 912
تفاصيل الحدث:

لَمَّا عزَلَ المُقتَدِرُ ابنَ الفرات قلَّدَ أبا علي محمد بن يحيى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وكان قليلَ الخبرةِ في تدبير أمور الوزارة, فانحَلَّت أمور الدولة؛ لأنَّه كان ضجورًا، ضَيِّقَ الصَّدرِ، مُهمِلًا لقِراءةِ كتُبِ العُمَّال، وجِبايةِ الأموال، وكان يتقَرَّبُ إلى الخاصة والعامة، فمنَعَ خَدَمَ السُّلطانِ وخَواصَّه أن يخاطِبوه بالعبدِ، وكان إذا سأله أحدٌ حاجةً دقَّ صَدرَه، وقال: نعمْ وكرامةً، فسُمِّي "دق صَدرَه"، إلَّا أنَّه قَصَّرَ في إطلاقِ الأموال للفرسان والقُوَّاد، فنفروا عنه واتَّضَعت الوَزارةُ بفِعلِه. وكان أولادُه قد تحَكَّموا فيه، وكان يولِّي في الأيام القليلة عِدَّةً من العُمَّال، حتى إنَّه ولَّى بالكوفةِ في مدةِ عشرينَ يومًا، سبعةً مِن العمال، فاجتمعوا في الطريقِ، فعَرَضوا توقيعاتِهم، فسار الأخيرُ منهم، وعاد الباقونَ يطلُبونَ ما خَدَموا به أولادَه، ثم زاد الأمرُ حتى تحكَّمَ أصحابُه، فكانوا يُطلِقونَ الأموالَ ويُفسِدونَ الأحوال، فانحَلَّت القواعِدُ، وخَبُثَت النيَّات، واشتغل الخليفةُ بعَزلِ وُزرائِه والقَبضِ عليهم، والرُّجوعِ إلى قَولِ النِّساءِ والخَدَم، والتصَرُّف على مقتضى آرائِهم، فخرجت الممالِكُ، وطَمِعَ العُمَّالُ في الأطراف.

العام الهجري : 327 العام الميلادي : 938
تفاصيل الحدث:

خرج الراضي أميرُ المؤمنينَ إلى المَوصِل لمحاربةِ ناصرِ الدولة الحسَنِ بنِ عبد الله بن حمدان نائبِها، وبين يديه بجكم أميرُ الأمراء، وقاضي القضاة أبو الحُسَين عمر بن محمد بن يوسف، وقد استخلف على بغداد ولَده القاضيَ أبا نصر يوسف بن عمر، في منصبِ القضاء، عن أمرِ الخليفةِ بذلك، ولما انتهى بجكم إلى الموصل ومعه الخليفةُ. واقَعَ الحسَن بن عبد الله بن حمدان فهزم بجكم ابنَ حمدان، وقرَّرَ الخليفة الموصِلَ والجزيرة، وولَّى فيها، فاغتنم محمَّد بن رائق غيبةَ الخليفةِ عن بغداد ليستَرِدَّ منصب أمير الأمراء فاستجاش بألفٍ مِن القرامطة وجاء بهم فدخل بغدادَ، فأكثر فيها الفساد، غيرَ أنَّه لم يتعَرَّضْ لدار الخلافة، ثم بعث إلى الخليفةِ يطلُبُ منه المصالحةَ والعفوَ عما جنى، فأجابه إلى ذلك، وبعث إليه قاضيَ القضاة أبا الحسين عمر بن يوسف، وترحَّلَ ابنُ رائق عن بغداد ودخَلَها الخليفةُ في جمادى الأولى، ففرح المسلِمونَ بذلك.

العام الهجري : 353 العام الميلادي : 964
تفاصيل الحدث:

حصر الرُّومُ مع الدُّمُسْتُق بن الشمشقيق المصيصةَ، وقاتلوا أهلَها، ونَقَبوا سورَها، واشتد قتالُ أهلِها على النَّقبِ حتى دفعوهم عنه بعد قتالٍ عظيمٍ، وأحرق الرومُ بيوتها ومزارعها ومزارع أذنة وطرسوس لِمُساعدتهم أهلَها، فقُتِلَ من المسلمين خمسةَ عشرَ ألفَ رجل، وأقام الروم في بلادِ الإسلام خمسة عشر يومًا لم يَقصِدْهم من يقاتِلُهم، فعادوا لغلاءِ الأسعارِ وقِلَّة الأقوات، ثمَّ قَدِمَ إلى الشام من خُراسان جيشٌ نحو خمسة آلاف رجلٍ يريد الغزاة، وكان طريقُهم على أرمينية وميارفارقين، فلمَّا وصلوا إلى سيفِ الدولة في صفر أخذهم سيفُ الدولة وسار بهم نحوَ بلادِ الرومِ؛ لِدَفعِهم عن المسلمين، فوجدوا الرومَ قد عادوا، فتفَرَّقَ الغزاةُ الخُراسانيَّة في الثغورِ لشِدَّةِ الغلاء، وعاد أكثَرُهم إلى بغداد ومنها إلى خراسان، ولَمَّا أراد الدُّمُسْتُق العودَ إلى بلاد الروم أرسَلَ إلى أهل المصيصة وأذنة وطرسوس: إنِّي مُنصَرِفٌ عنكم لا لِعَجزٍ، ولكن لضِيقِ العلوفةِ وشِدَّة الغلاء، وأنا عائِدٌ إليكم، فمن انتقلَ منكم فقد نجا، ومن وجَدْتُه بعد عودي قتَلْتُه.

العام الهجري : 375 العام الميلادي : 985
تفاصيل الحدث:

ورد إسحاقُ وجعفرٌ البحريان، وهما من الستَّة القرامطة الذين يلقَّبون بالسادة، فمَلَكا الكوفةَ، وخَطَبا لشَرَف الدولة، فانزعج النَّاسُ لذلك؛ لِمَا في النفوس من هيبتِهم وبأسِهم، وكان نائبُهم ببغداد يُعرَفُ بأبي بكر بن شاهويه، يتحَكَّمُ تحكُّمَ الوُزَراء، فقَبَضَ عليه صمصام الدولة، فلما ورد القرامطةُ الكوفة كتب إليهما صمصامُ الدولة يتلَطَّفُهما، ويسألهما عن سبَبِ حَرَكتهما، فذكرا أنَّ قَبضَ نائِبِهم هو السَّبَبُ في قصدهم بلادَه، وبثَّا أصحابَهما، وجَبَيا المالَ، ووصل أبو قيسٍ الحسَنُ بنُ المنذر إلى الجامعين، وهو من أكابِرِهم، فأرسل صمصامُ الدولة العساكِرَ، ومعهم العرب، فعَبَروا الفراتَ إليه وقاتلوه، فانهزم عنهم، وأُسِرَ أبو قيس وجماعةٌ مِن قُوَّادِهم، فقُتِلوا، فعاد القرامطةُ وسَيَّروا جيشًا آخر في عددٍ كثيرٍ وعُدَّة، فالتَقَوا هم وعساكِرُ صَمصامِ الدَّولة بالجامعَينِ أيضًا، فأجْلَت الوقعة عن هزيمةِ القرامطة، وقَتْلِ مُقَدَّمِهم وغيره، وأَسْر جماعة، ونَهْب سوادِهم، فلما بلغ المنهزمون إلى الكوفةِ، رحل القرامطة، وتبِعَهم العسكر إلى القادسيَّة، فلم يدركوهم، وزال مِن حينِئذٍ ناموسُهم.

العام الهجري : 395 العام الميلادي : 1004
تفاصيل الحدث:

غزا يمينُ الدَّولةِ مَحمودُ بنُ سبكتكين بهاطيةَ مِن أعمالِ الهِندِ، وهي وراءَ الملتان، وصاحِبُها يُعرَفُ ببحيرا، وهي مدينةٌ حَصينةٌ، عاليةُ السُّورِ، يُحيطُ بها خَندقٌ عَميقٌ، فامتنَعَ صاحِبُها بها، ثمَّ خرج هو وجُندُه إلى ظاهرِ المدينةِ، فقاتلوا المُسلِمينَ ثلاثةَ أيَّامٍ، ثمَّ انهزموا في الرَّابِعِ، وطَلَبوا المدينةَ ليَدخُلوها، فسَبَقَهم المُسلِمونَ إلى بابِ المدينةِ فمَلَكوه عليهم، وأخذَتْهم السُّيوفُ مِن بينِ أيديهم ومِن خَلفِهم، فقُتِلَ المُقاتِلةُ وسُبِيَت الذُّرِّية وأُخِذَت الأموالُ، وأمَّا بحيرا فإنَّه لَمَّا عاين الهلاكَ، أخذ جماعةً مِن ثقاتِه وسار إلى رؤوسِ تلك الجبالِ، فسَيَّرَ إليه يمينُ الدولة سَرِيَّةً، فلم يشعُرْ بهم بحيرا إلَّا وقد أ حاطوا به، وحَكموا السُّيوفَ في أصحابِه، فلمَّا أيقَنَ بالعَطبِ أخَذَ خِنجرًا معه فقتَلَ به نفسَه، وأقام يمينُ الدَّولةِ ببهاطية حتى أصلَحَ أمْرَها، ورَتَّبَ قواعِدَها، وعاد عنها إلى غزنةَ. واستخلَفَ بها من يُعلِّمُ من أسلَمَ مِن أهْلِها وما يجِبُ عليهم تعَلُّمُه، ولَقِيَ يمينُ الدولة في عَودِه شِدَّةً شديدةً من الأمطارِ، وزيادة الأنهارِ، فغَرِقَ منها مِن عَسكَرِه عدَدٌ كبيرٌ.

العام الهجري : 408 العام الميلادي : 1017
تفاصيل الحدث:

خرَجَ التُّركُ- وهم وثنيُّونَ- مِن الصِّينِ، وكان سبَبُ خُروجِهم أنَّ طغان خان مَلِكَ تُركستان التُّركي كان مُسلِمًا فاضِلًا يُحِبُّ أهلَ العِلمِ والدِّينِ. لَمَّا مَرِضَ مرضًا شديدًا، وطال به المَرَضُ، طَمِعوا في البلادِ لذلك، فساروا إليها ومَلَكوا بعضَها وغَنِموا وسَبَوا، وبَقِيَ بينهم وبين بلاساغون ثمانيةُ أيام، فلمَّا بلَغَه الخبَرُ كان بها مريضًا، فسألَ اللهَ تعالى أن يُعافِيَه لِينتَقِمَ مِن الكَفَرةِ، فاستجابَ اللهُ له وشفاه، فجمَعَ العساكِرَ، وكتب إلى سائِرِ بلادِ الإسلامِ يَستنفِرُ النَّاسَ، فاجتمع إليه من المتطَوِّعةِ مئةُ ألف وعِشرون ألفًا، فلمَّا بلغ التُّركَ خَبَرُ عافيتِه وجَمْعِه العساكِرَ وكَثرةُ مَن معه، عادوا إلى بلادِهم، فسار خَلْفَهم نحوَ ثلاثةِ أشهُرٍ حتى أدرَكَهم وهم آمنونَ لبُعدِ المسافةِ، فكبَسَهم وقَتَلَ منهم زيادةً على مِئَتي ألف رجلٍ، وأسَرَ نحوَ مئةِ ألف، وغَنِمَ مِن الدوابِّ وغير ذلك من الأواني الذهبيَّةِ والفضيَّة ومعمول الصينِ ما لا عهدَ لأحدٍ بمِثلِه، وعاد إلى بلاساغون، فلَمَّا بلَغَها عاوَدَه مَرَضُه فمات منه.

العام الهجري : 446 العام الميلادي : 1054
تفاصيل الحدث:

سار طُغرلبك إلى أذربيجان، فقَصدَ تبريزَ، وصاحبُها الأميرُ أبو منصور وهسوذان بن محمد الرَّوادي، فأَطاعَه وخَطَب له وحَمَلَ إليه ما أَرضاهُ به، وأَعطاهُ وَلَدَهُ رَهينةً، فسار طُغرلبك عنه إلى الأميرِ أبي الأسوارِ، صاحبِ جنزة - بَلدَة من بلادِ أذربيجان- فأَطاعَهُ أيضًا وخَطَب له، وكذلك سائرُ تلك النَّواحي أَرسَلوا إليه يَبذُلون الطَّاعةَ والخُطبةَ، وانقادَت العَساكرُ إليه، فأَبقَى بِلادَهم عليهم، وأَخذَ رَهائِنَهم وسار إلى أَرمينية، وقَصدَ ملازكرد، وهي للرُّومِ، فحَصَرها وضَيَّقَ على أَهلِها، ونَهبَ ما جاوَرَها من البلادِ وأَخرَبَها، وهي مدينةٌ حَصينَة، فأَرسلَ إليه نَصرُ الدَّولةِ بن مَروان، صاحبُ دِيارِ بَكْرٍ، الهدايا الكثيرة والعَساكِر، وقد كان خَطَبَ له قبلَ هذا الوَقتِ وأَطاعَهُ، وأَثَّرَ السُّلطانُ طُغرلبك في غَزْوِ الرُّومِ آثارًا عظيمةً، ونال منهم مِن النَّهْبِ والقَتْلِ والأَسْرِ شَيئًا كثيرًا، وبلغَ في غَزوتِه هذه إلى أرزن الرُّومِ، وعاد إلى أذربيجان، لمَّا هَجمَ الشِّتاءُ، من غير أن يَملِك ملازكرد، وأَظهَر أنَّه يُقيم إلى أن يَنقَضي الشِّتاءُ، ويَعودُ يُتِمُّ غَزاتِه، ثم تَوجَّه إلى الرَّيِّ فأقامَ بها إلى أن دخلت سَنةُ سَبعٍ وأربعين وعاد نحوَ العراق.

العام الهجري : 450 العام الميلادي : 1058
تفاصيل الحدث:

فارَقَ إبراهيمُ ينال المَوصِل نحوَ بلادِ الجَبلِ، فنَسَبَ السُّلطانُ طُغرلبك رَحيلَه إلى العِصيانِ، فأَرسَل إليه رَسولًا يَستَدعِيه، وكَتبَ الخَليفةُ إليه أيضًا كِتابًا في المعنى، فرَجعَ إبراهيمُ إلى السُّلطانِ، وهو ببغداد، ولمَّا فارَق إبراهيمُ المَوصِل قَصدَها البساسيري، وقُريشُ بن بَدران، وحاصَراها، فمَلَكا البلدَ, وبَقِيَت القَلعةُ، وبها الخازِنُ، وأردمُ، وجماعةٌ مِن العَسكرِ، فحاصَراها أَربعةَ أَشهُر حتى أَكلَ مَن فيها دَوابَّهُم، فخاطَب ابنُ موسك صاحبُ إربل قُريشًا حتى أَمَّنَهم فخَرَجوا، فهَدَم البساسيري القَلعةَ، وعَفَى أَثرَها، وكان طُغرلبك قد فَرَّقَ عَسكرَه في النوروز، وبَقِيَ جَريدةً -الجريدة خَيْلٌ لا رَجَّالة فيها- في ألفي فارسٍ حين بَلغهُ الخَبرُ، فسار إلى المَوصِل فلم يجد بها أَحدًا، وكان قُريشٌ والبساسيري قد فارَقاها، فسار طُغرلبك إلى نُصَيبين لِيَتَتَبَّع آثارَهم ويُخرِجَهم من البلادِ، ففارَقه أَخوهُ إبراهيمُ ينال، وسار نحوَ همذان، فوَصَلها في السادسِ والعشرين من رمضان سنة 450هـ، وكان قد قِيلَ: إنَّ المِصريِّين كاتَبوهُ والبساسيري قد استَمالهُ وأَطمعَهُ في السَّلطَنةِ والبلادِ، فلمَّا عاد إلى همذان سار طُغرلبك في أَثَرِه.

العام الهجري : 469 العام الميلادي : 1076
تفاصيل الحدث:

سار أتسز –ويُقال: أقسيس- الخوارزميُّ التُّركيُّ من دِمشقَ إلى مصر وحَصرَها، وضَيَّقَ على أَهلِها، ولم يَبقَ غير أن يَملِكَها، فاجتَمعَ أَهلُها مع ابنِ الجوهريِّ الواعظِ في الجامعِ، وبَكَوا وتَضرَّعوا ودَعَوا، فانهَزمَ أتسز من غيرِ قِتالٍ، فوَصلَ إلى دِمشقَ وقد تَفرَّق أَصحابُه، فرَأَى أَهلَها قد صانوا مُخَلَّفِيهِ وأَموالَه، فشَكرَهُم، ورَفعَ عنهم الخَراجَ تلك السَّنَةَ، وأَتَى البَيتَ المُقدَّسَ، فرَأَى أَهلَه قد قَبَّحُوا على أَصحابِه ومُخَلَّفِيهِ، وحَصَروهُم في مِحرابِ داودَ، عليه السَّلامُ، فلمَّا قارَبَ البلدَ تَحصَّن أَهلُه منه وسَبُّوهُ، فقاتَلَهم، ففَتحَ البلدَ عُنوةً ونَهَبَهُ، وقَتلَ مِن أَهلِه فأَكثَرَ حتى قَتَلَ مَن التَجأَ إلى المَسجدِ الأقصى، وكَفَّ عمَّن كان عند الصَّخرةِ وَحدَها. وقِيلَ: إن أتسز لمَّا وَصلَ مصر, جَمعَ أَميرَ الجُيوشِ بَدرَ العَساكرِ، واستَمدَّ العَربَ وغيرَهم من أَهلِ البِلادِ، فاجتَمعَ معه خَلْقٌ كَثيرٌ، واقتَتَلوا، فانهَزمَ أتسز، وقُتِلَ أَكثرُ أَصحابِه، وقُتِلَ أَخٌ له، وقُطِعَت يَدُ أَخٍ آخرَ، وعادَ مُنهزِمًا إلى الشامِ في نَفَرٍ قَليلٍ من عَسكرِه، فوَصلَ إلى الرَّملةِ، ثم سار منها إلى دِمشقَ، وقِيلَ: إن أتسز انهَزمَ في مصر وعاد منها بدون قِتالٍ.

العام الهجري : 492 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1099
تفاصيل الحدث:

كان ابتداءُ أمر السلطان محمد بن ملكشاه، وهو أخو السلطان سنجر لأبيه وأمه، واستفحل إلى أن خُطِب له ببغداد في ذي الحجة من هذه السنة، ثمَّ في صفر من السنة التالية دخل السلطان بركيارق بن ملكشاه أخو السلطان محمد إلى بغداد، ونزل بدار الملك، وأعيدت له الخُطبة، وقُطِعت خُطبة أخيه محمد، ثم سار فالتقى هو وأخوه محمد بمكانٍ قريب من همدان، فهزمه أخوه محمد ونجا هو بنفسِه في خمسين فارسًا، ولَمَّا جرى ما جرى في هذه الوقعة ضَعُف أمر السلطان بركيارق، ثم تراجع إليه جيشُه وانضاف إليه الأميرُ داود في عشرين ألفًا، فالتقى هو وأخوه مع أخيه سنجر فهزمهم سنجر أيضًا، وهرب بركيارق في شرذمةٍ قليلة، وأُسِر الأمير داود فقتله الأميرُ برغش أحد أمراء سنجر، فضَعُف بركيارق وتفرَّقت عنه رجاله، وقُطِعَت خطبته من بغداد في رابع عشر رجب وأعيدت الخُطبة للسلطان محمد، ثم اصطلح الأخوان على أن يحتَفِظَ بركيارق بأصبهان وفارس وعراق العجم، ويكون لأخيه محمد أذربيجان وأرمينية وديار بكر.

العام الهجري : 516 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1122
تفاصيل الحدث:

هو الوزير الكبير، أبو طالب علي بن أحمد بن علي السميرمي، وزير السلطان محمود الغزنوي السلجوقي، صدرٌ معظَّم، كبير الشأن، شديد الوطأة، ذو عسف وظلم، وسوء سيرة، وقف مدرسة بأصبهان، وعمل بها خزانة كتب نفيسة، وكان مجاهرًا بالظلم والفسق، وأحدث على الناس مكوسًا وجدَّدها بعدما كانت قد أزيلت من مدة متطاولة. وكان يقول: "استحييتُ من كثرة ظلمِ من لا ناصِرَ له، وكثرةِ ما أحدثتُ من السُّنَن السيئة!". لما عزم على الخروج إلى همذان خرج وبين يديه السيوف المسلولة، والمماليك الكثيرة بالعدد الباهرة، فما أغنى عنه ذلك شيئًا، بل جاءه باطني فضربه فقتله، ثم مات الباطني بعده، ورجع نساؤه بعد أن ذهبن بين يديه على مراكب الذهب، حاسراتٍ عن وجوههن، قد أبدلهنَّ الله الذلَّ بعد العز، والخوفَ بعد الأمن، والحزنَ بعد السرور والفرح، جزاءً وفاقًا! وذلك يوم الثلاثاء آخر صفر، وقيل: إن الذي قتله عبدٌ كان للمؤيد الطغرائي وزير السلطان مسعود؛ فإن السميرمي قتل أستاذه ظلمًا، ونبزه بأنه فاسد الاعتقاد، فكلُّ قاتلٍ مقتولٌ.

العام الهجري : 527 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1133
تفاصيل الحدث:

استعاد شمس الملوك، صاحب دمشق، حصن بانياس من الفرنج؛ وذلك أن الفرنج استضعفوه وطمعوا فيه، وعزموا على نقض الهدنة التي بينهم؛ فتعرضوا إلى أموال جماعة من تجار دمشق بمدينة بيروت وأخذوها، فشكا التجار إلى شمس الملوك، فراسل في إعادة ما أخذوه، وكرَّر القول فيه، فلم يردوا شيئًا، فحملته الأنفة من هذه الحالة والغيظ على أن جمع عسكره وتأهب، ولا يعلم أحد أين يريد، ثم سار وسبق خبره أواخر المحرم، ونزل على بانياس أول صفر وقاتلها لساعته، وزحف إليها زحفًا متتابعًا، وكانوا غير متأهبين، وليس فيها من المقاتلة من يقوم بها، وقرب من سور المدينة وترجل بنفسه، وتبعه الناس من الفارس والراجل، ووصلوا إلى السور فنقبوه ودخلوا البلد عنوة، والتجأ من كان من جند الفرنج إلى الحصن وتحصنوا به، فقُتل من البلد كثير من الفرنج، وأُسر كثير، ونُهبت الأموال، وقاتل القلعةَ قتالًا شديدًا ليلًا ونهارًا، فملكها رابع صفر بالأمان، وعاد إلى دمشق فوصلها سادسه، وأما الفرنج فإنهم لما سمعوا نزوله على بانياس شرعوا يجمعون عسكرًا يسيرون به إليه، فأتاهم خبر فتحها، فبطل ما كانوا فيه.

العام الهجري : 572 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1176
تفاصيل الحدث:

لَمَّا رحَلَ صَلاحُ الدين من حلب، قصدَ بلادَ الإسماعيليَّة في مصياف؛ ليقاتِلَهم بما فعلوه من الوثوبِ عليه وإرادة قتلِه، وحصر قلعةَ مصياف، وهي أعظمُ حصونِهم، وأحصَنُ قلاعِهم، فنصَبَ عليها المجانيقَ، وضيَّقَ على مَن بها، فنَهَب بلَدَهم وخَرَّبه وأحرَقَه، فقَتَل وسبى وحرَّق، وأخذ أبقارَهم، ولم يزَلْ كذلك، فأرسل سنان مُقَدَّم الإسماعيلية إلى شهابِ الدين الحارمي، صاحِبِ حماة، وهو ابنُ خال صلاح الدين، يسألُه أن يِدخُلَ بينهم ويُصلِحَ الحال ويَشفَعَ فيهم، ويقول له: إن لم تفعَلْ قتلناك وجميعَ أهلِ صلاح الدين وأمراءَه، فحضر شهابُ الدين عند صلاح الدين وشَفَع فيهم وسأل الصفحَ عنهم، فأجابه إلى ذلك، وصالَحَهم، ورحل عنهم، وكان عسكَرُه قد مَلُّوا من طول الحَربِ، وقد امتلأت أيديهم من غنائِمِ عسكَرِ الموصل، ونَهْب بلدِ الإسماعيليَّة، فطلبوا العودَ إلى بلادهم للراحة، فأَذِنَ لهم، وسار هو إلى مصر مع عسكَرِها، لأنَّه قد طال بُعدُه عنها، ولم يمكِنْه المضيُّ إليها فيما تقدَّمَ؛ خوفًا على بلاد الشام؛ فلما انهزم سيفُ الدين، وحَصَر هو حلب، ومَلَك بلادها، واصطلحوا، أمِن على البلاد، فسار إلى مصر.