الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3515 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 466 العام الميلادي : 1073
تفاصيل الحدث:

غَرِقَ الجانبُ الشرقيُّ وبعضُ الغربيِّ من بغداد، وسَببُه أن دِجلَة زادت زِيادةً عَظيمةً، وانفَتَح القَوْرَجِ عند المُسَنَّاةِ المُعِزِّيَّةِ، وجاء في الليلِ سَيْلٌ عَظيمٌ، وطَفحَ الماءُ من البَرِّيَّةِ مع رِيحٍ شَديدةٍ، وجاء الماءُ إلى المنازِلِ من فَوق، ونَبعَ من البَلاليعِ والآبارِ بالجانبِ الشرقيِّ، وهَلَكَ خَلْقٌ كَثيرٌ تحت الهَدْمِ، وشُدَّت الزَّواريقُ تحتَ التَّاجِ خَوْفَ الغَرَقِ، وقام الخَليفةُ يَتَضرَّع ويُصلِّي، وعليه البُردَةُ، وبِيَدِه القَضيبُ، وأتى ايتكين السُّليمانيُّ من عُكبرا، فقال للوَزيرِ: إنَّ المَلَّاحِينَ يُؤذونَ الناسَ في المَعابِر فأَحضَرَهم، وتَهدَّدَهُم بالقَتْلِ، وأَمرَ بِأَخْذِ ما جَرَت به العادةُ، وأُقيمَت الخُطبةُ للجُمعةِ في الطَّيَّارِ -نوع من الزَّوارِق سَريع الجَرَيان- مَرَّتينِ، وغَرِقَ من الجانبِ الغربيِّ مَقبرةُ أَحمدَ بنِ حَنبل، ومَشهدُ بابِ التِّبْنِ، وتَهدَّم سُورُهُ، فأَطلَقَ شَرفُ الدولةِ ألفَ دِينارٍ تُصرَف في عِمارَتِه، ودَخلَ الماءُ من شَبابيكِ البيمارستان العَضُدِيِّ.

العام الهجري : 676 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1277
تفاصيل الحدث:

هو الإمام أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف بن حسن بن حسين بن جمعة النووي، الشافعي نسبة إلى نوى قرية من قرى حوران بسوريا، وُلِدَ بنوى في العشر الأوسط من المحرم سنة 631. رحل أبو زكريا إلى دمشق ودرس فيها وسَمِعَ الحديث مع زهد وورع وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، قال الشيخ محيي الدين: "لما كان لي تسع عشرة سنة قدم بي والدي إلى دمشق في سنة تسع وأربعين، فسكنت المدرسة الرواحية، وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي إلى الأرض. وكان قوتي فيها جرايةَ المدرسة لا غير، وحفظت التنبيهَ في نحو أربعة أشهر ونصف, وبقيت أكثَرَ من شهرين أو أقل لما قرأت: يجب الغُسلُ من إيلاج الحشفة في الفرج، أعتقد أن ذلك قرقرة البطنِ، وكنت أستحمَّ بالماء البارد كلما قرقَرَ بطني. وقرأت حفظًا ربع المهذب في باقي السنة، وجعلت أشرحُ وأصحِّحُ على شيخنا كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، ولازمته فأُعجِبَ بي وأحبني، وجعلني أعيد لأكثر جماعته, وكنت أقرأُ كل يوم اثني عشر درسًا على المشايخ شرحًا وتصحيحًا وكنت أعلِّقُ جميع ما يتعلق بها من شرح مُشكِل، ووضوحِ عبارة، وضَبطِ لغة، وبارك الله لي في وقتي, وخطَرَ لي الاشتغالُ بعلم الطب، فاشتريتُ كتاب القانون فيه، وعزمتُ على الاشتغال فيه، فأظلم عليَّ قلبي، وبقيت أيامًا لا أقدر على الاشتغالِ بشيءٍ، ففكَّرتُ في أمري ومن أين دخل عليَّ الداخل، فألهمني الله أنَّ سَبَبَه اشتغالي بالطب، فبِعتُ القانون في الحال، واستنار قلبي." وليَ أبو زكريا مشيخة دار الحديث من غيرِ أجر، وله مصنفات عديدة مفيدة أشهرها كتاب: رياض الصالحين، والأربعون النووية، وشرحه لصحيح مسلم المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ومنهاج الطالبين في الفقه الشافعي الذي يعتبر عمدة في المذهب، ويعتبر النووي من المعُتمَدين في المذهب؛ فكلامه أصل في المذهبِ، وهو أحد الشيخين الذين يعتمد على ترجيحهم في المذهب والآخر هو الرافعي، وله كتاب المجموع شرح المهذب أيضًا في الفقه الشافعي لكنه لم يتِمَّه، وله كتاب التقريب والتيسير في مصطلح الحديث. قال ابن العطار: "ذكر لي شيخنا محيي الدين رحمه الله أنه كان لا يضيِّعُ له وقتًا في ليل ولا نهار إلا في وظيفة من الاشتغال بالعلم، حتى في ذهابه في الطرق يكرِّرُ أو يطالع. وأنه بقي على هذا نحو ست سنين، ثم اشتغل بالتصنيفِ والإشغال والنصح للمسلمين وولاتهم، مع ما هو عليه من المجاهدة لنفسه، والعمل بدقائق الفقه، والحرص على الخروجِ مِن خلاف العلماء، والمراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من الشوائب، يحاسِبُ نفسَه على الخطرة بعد الخطرة. وكان محقِّقًا في علمه وفنونه، مدققًا في عمله وشؤونه، حافظًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عارفًا بأنواعه من صحيحه وسقيمه وغريب ألفاظه واستنباط فقهه، حافظًا للمذهب وقواعده وأصوله، وأقوالِ الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم؛ سالكًا في ذلك طريقة السلف. قد صرف أوقاتَه كلَّها في أنواع العلم والعمل بالعلم". توفي في ليلة أربع وعشرين من رجب في نوى عن خمس وأربعين عامًا، ودفن هناك وقبره فيها معروف رحمه الله وجزاه خيرًا.

العام الهجري : 1221 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1807
تفاصيل الحدث:

خرج الإمامُ سعود للحَجَّة الثالثة في ذي القعدةِ، وكان قد سيَّرَ قبل خروجِه للحج في نهاية رمضان عبد الوهاب أبا نقطة برعاياه من عسير وألمع وفهاد بن سالم بن شكبان بأهل بيشة ونواحيها، وعثمان المضايفي بأهل الطائف, وأهل اليمن وأهل تهامة والحجاز وحجيلان بن حمد بشوكة أهل القصيم, ومحمد بن عبد المحسن بأهل الجبل ومن تبعه من أهل شمر وشوكة أهل الوشم, وواعدهم الإمامُ سعود المدينةَ النبوية واجتمع معهم مسعود بن مضيان وأتباعه من حرب، فاجتمع الجميع ونزلوا قرب المدينة, وكان الإمامُ سعود لَمَّا خرج من الدرعية أرسل إلى الأمراء المذكورين بمنع الحاجِّ من جهة الشام واستنبول ونواحيهما, فلما أقبل على المدينة الحاجُّ الشامي ومن تبعه وأميره عبد الله باشا العظم، أرسل إليه الأمراء أنْ لا يقدم إليهم ويرجع إلى أوطانه, وذلك أنَّ الإمام سعود خاف من غالب شريف مكة أن يحدث عليه حوادث عند دخول حاجِّ الشام وأتباعهم مكة, فرجع عبد الله العظم ومن تبعه من المدينة إلى أوطانهم, وكادت أن تقع اصطداماتٌ بين الجنود السعوديين وجنود عبد الله باشا العظم الذي لم يكُنْ في موقف عسكري يسمَحُ له بمقابلة السعوديين، وعلى إثرِ ذلك عزل السلطانُ سليم الثالث عبدَ الله باشا العظم عن منصبِه بناءً على تقاعسه عن مواجهةِ القوات السعودية ورجوعِه بالحُجَّاج, ثم رحل الأمراء وأتباعُهم من المدينة إلى مكة، فاجتمعوا بالإمام سعود فاعتَمَروا وحجُّوا على أحسَنِ حال، وبذل سعود في مكَّةَ العطاء والصدقات، وركب إليه الشريف غالب وبايعه، وأخرج سعودٌ الأتراك, وكسا الكعبةَ.

العام الهجري : 1389 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1969
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ العلَّامة محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب التميمي مفتي الديار السعودية. وُلِدَ يوم عاشوراء من عام 1311هـ، ونشأ نشأةً عِلميَّةً في بيتِ عِلمٍ ودين، فحَفِظَ القرآنَ مبكرًا، ثم بدأ الطلَبَ على العلماء قبل أن يبلُغَ السادسة عشرة، ثم أصيب بمرَضٍ في عينيه وهو في هذه السن ولازمه حتى فَقَد بصَرَه وهو في سن السابعة عشرة، وكان يَعرِفُ القراءة والكتابة قبل فَقدِه لبصرِه. كان متوسِّطَ الطول، مليءَ الجِسم، متوسِّط اللون، ليس بالأبيض ولا بالأسمر، خفيفَ شعرِ العارِضَين جدًّا، يوجَدُ شَعرٌ قليل على ذَقَنِه، إذا مشى يمشي بوقارٍ وسكينة، وكان كثيرَ الصَّمت، وإذا تكلَّم لا يتكلَّم إلَّا بما يفيد، وكان ذكيًّا، و كان صاحِبَ غَيرة شديدة على دين الله، مع حزمٍ وشِدَّة يرهب لها الجميع، وكان رغمَ شِدَّتِه وحزمه وهيبةِ الناسِ له صاحِبَ دُعابةٍ خُصوصًا مع خاصَّته، ومن مشايخِه الذين تعَلَّم عليهم عَمُّه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، والشيخُ سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع. ومن أعمالِه أنَّه تولى القضاءَ في الغطغط، وكان إمامًا وخطيبًا للجامع الكبير بالرياض، ولما افتُتِحَت رئاسةُ المعاهد والكليات كان هو الرئيسَ، ولما تأسَّسَت رئاسةُ القضاء عُمِّد رسميًّا برئاسةِ القضاء، ولما افتُتِحَت رئاسةُ البنات كان هو المشرفَ العامَّ عليها، وكان هو مفتي البلاد، ولما افتُتِحَت رابطةُ العالم الإسلامي كان هو رئيسَ المجلس التأسيسي لها، وكان أمينُ الرابطة وقتها محمد سرور الصبان، ولما افتُتِحَت الجامعة الإسلامية في المدينة كان هو المؤسِّسَ لها، وعَيَّن نائبًا له الشيخ عبد العزيز بن باز, وفي سنة 1373 هـ أنشأ المكتبةَ السعودية العامة في الرياض، وجمع فيها حوالي 15.000 كتابٍ مطبوعٍ، و 117 مخطوطًا، وأملى من تأليفِه كُتُبًا، منها: ((الجواب المستقيم))، و ((تحكيم القوانين))، ومجموعة من أحاديث الأحكام، والفتاوى في عدة مجلَّدات، وكان الملكُ عبد العزيز قد أمر بجَمعِها وطباعتها. ومن تلاميذه: الشيخ عبد الله بن حُمَيد، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ سليمان بن عبيد، والشيخ صالح بن غصون، والشيخ عبد الله بن جبرين. وقد أصيب الشيخُ بمرضٍ، فصدر أمرٌ ملَكيٌّ بنقله إلى لندن لمواصلة العلاج، فلما وصل لندن أجرَوا له الفحوصاتِ اللازمةَ فرأوا أنَّ المرضَ بلغَ غايةً لا ينفَعُ معها علاجٌ، ثم دخل في غيبوبة وهو هناك، فأُتيَ به إلى الرياضِ على طائرة خاصة، وبَقِيَ في غيبوبة حتى وافته المنيَّةُ -رحمه الله- صباحَ يوم الأربعاء 24 رمضان، وصلِّيَ عليه بعد صلاة الظهر من نفس اليوم، وأمَّ النَّاسَ عليه الشيخُ ابن باز، وامتلأ المسجِدُ وجميعُ الطُّرُقات المؤدية إليه، حتى إن كثيرًا من النَّاسِ لم يُدركوا الصلاةَ عليه، ودُفِن في مقبرة العود.

العام الهجري : 1293 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1877
تفاصيل الحدث:

كان رئيسُ الوزراء العثماني الشهير مدحت باشا قد أعلنَ المشروطيَّةَ الأولى في أيلول عام 1876م بعد تسلُّم السلطان عبد الحميد الثاني الحكمَ مباشرة، ويعتبر مدحت باشا من أشهَرِ الإصلاحيِّين العثمانيين الذين ارتبطوا بالحركةِ الماسونيةِ، والذين تبنَّوا فكرة الإصلاح على الطريقة الأوروبيةِ، ولُقِّبَ مدحت باشا بـ "أبي الدستور" و"أبي الأحرار" وتعني المشروطية الأولى: القانونَ الأساسيَّ للدولة العثمانية، أي -الدستور العثماني- وقد تضمَّن إنشاءُ الدستور الحصانةَ النيابيَّةَ، والتشريعَ، والميزانيةَ، والمحكمةَ العليا، ونظام اللامركزية الإدارية، وهو ينقسِمُ إلى 12 قسمًا، ضم 119 مادة. ولم يتِمَّ تنفيذ المشروطية الأولى فعليًّا، بل كانت جنينًا "مات قبل ولادته" كما يقال، فقد أُقيل أبو المشروطيَّةِ مدحت باشا من منصبِه في 5 شباط 1877م أي: بعد خمسة أشهر من إعلان المشروطية!

العام الهجري : 170 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 786
تفاصيل الحدث:

هو موسى الهادي بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبو محمد وَلِيَ الخلافةَ في محرم سنة تسع وستين ومائة. مات وله من العمُرِ ثلاث وعشرون سنة، ويقال: إنَّه لم يلِ الخلافةَ أحدٌ قبلَه في سِنِّه، وكان حسنًا جميلًا طويلًا، أبيض، وكان قويًّا شَهمًا خبيرًا بالمُلك كريمًا، ومن كلامه: "ما أُصلِحَ الملكُ بمثل تعجيلِ العقوبةِ للجاني، والعفوِ عن الزلَّات، ليقِلَّ الطَّمعُ عن الملك". سار على طريقةِ أبيه المهدي في تتبُّعِ الزنادقة واستئصالهم. واختُلِفَ في سبب وفاته، فقيل: كان سببها قرحةً كانت في جوفه، وقيل: مَرِضَ وهو بحديثة الموصل، وعاد منها مريضًا فتوفِّيَ، وقيل: إنَّ وفاته كانت من قبَل جَوارٍ لأمِّه الخيزُران كانت أمَرَتهنَّ بقتله، وكان سببُ أمرِها بذلك أنَّه لَمَّا وَلِيَ الخلافةَ منعها من أن تتصَرَّف بأي شيءٍ في أمور الخلافةِ أو الشَّفاعات وغيرها, وصلَّى عليه الرشيدُ، ودُفِنَ بعيساباذ الكبرى في بستانِه، فكانت خلافتُه سنة وثلاثة أشهر.

العام الهجري : 750 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1349
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الشيخ علاءُ الدين علي ابنُ القاضي فخر الدين عثمان بن إبراهيم بن مصطفى المارديني الحنفي المعروف بالتركماني، ومولِدُه في سنة 683، كان إمامًا فقيهًا بارعًا نحويًّا أصوليًّا لغويًّا، أفتى ودرَّس واشتغل وألَّف وصَنَّف، وكان له معرفةٌ تامَّةٌ بالأدب وأنواعه، وله نظمٌ ونَثرٌ، كان إمامَ عَصرِه لا سيَّما في العلوم العقلية والفقه أيضًا والحديث، وتصدى للإقراءِ عِدَّة سنين، وتولى قضاء الحنفيَّة بالديار المصرية في شوال سنة 748، عوضًا عن قاضي القضاة زين الدين البسطامي، وحسُنَت سيرته، ودام قاضيًا إلى أن مات، وتولى عِوَضَه ولده جمال الدين عبد الله، من مصَنَّفاته كتاب بهجة الأريب في بيان ما في كتاب الله العزيز من الغريب، والمنتخب في علوم الحديث، والمؤتلف والمختلف، والضعفاء والمتروكون، والدر النقي في الرد على البيهقي، ومختصر المحصل في الكلام، ومقدمة في أصول الفقه، والكفاية في مختصر الهداية، ومختصر رسالة القشيري، وغير ذلك. توفِّيَ يوم الثلاثاء عاشرَ المحَرَّم بالقاهرة.

العام الهجري : 842 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1438
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ الإمام الحافظ محدث الشام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبى بكر بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن مجاهد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي، المعروف بابن ناصر الدين القيسي الحموي الدمشقي الشافعي. ولد بدمشق سنة 777, طلب الحديث، فصار حافظ بلاد الشام من غير منازع، ووليَ مشيخة دار الحديث بالأشرفية, وصنَّف عدة مصنَّفات؛ منها: تحفة الإخباري بترجمة صحيح البخاري، وعقود الدرر في علوم الأثر، والرد الوافر في الدفاع عن ابن تيمية، وله التنقيح في حديث التسبيح، وله برد الأكباد عند فقد الأولاد، وله فضل عشر ذي الحجة ويوم عرفة، وغيرها من المصنفات الدالة على غزير علمه في الحديث والفقه. كان متأثرًا بشيخ الإسلام ابن تيمية. توفي في الثامن والعشرين ربيع الآخر بدمشق، وقيل: إنه قُتِل شهيدًا في إحدى قرى دمشق.

العام الهجري : 1386 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1966
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ العلامة أبو عبد الله عبد الرحمن بن يحيى بن علي بن أبي بكر المعَلِّمي العتمي اليمني، وُلِدَ في أولِ سنة 1313هـ بقرية المحاقرة التابعة لمحافظة صنعاء، قرأ القرآنَ على والدِه، ثم درس في المدرسةِ الحكومية، وتعلَّم القرآنَ والتجويدَ والحسابَ، ثم قرأ النحو، ثم ارتحل إلى جازان سنة 1336هـ، فترأَّس فيها القضاءَ، ثم ارتحل إلى عَدَن ثمَّ الهند مصحِّحًا لكتب الحديث وعلومه، ثمَّ إلى مكة سنة 1371هـ وكان بارعًا في علم الحديثِ والرِّجالِ والجَرح والتعديل، وله مؤلفات، منها: ((التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل))، و ((الأنوار الكاشفة بما في كتاب أضواء على السُّنَّة من الزلل والتضليل والمجازفة))، في الردِّ على أبي رَيَّة. و ((علمُ الرجال وأهميته))، وله بحوث كثيرة مستقِلَّة، وله تحقيقات، منها تحقيق كتاب الرد على الأخنائي لابن تيمية، والفوائد المجموعة، والجَرح والتعديل وتقدِمتُه، والمنار المنيف في الصحيح والضعيف، وغيرها كثير، توفي رحمه الله في مكَّةَ المكرمة، وعمره ثلاث وسبعون سنة.

العام الهجري : 329 العام الميلادي : 940
تفاصيل الحدث:

هو الفقيهُ العابِدُ أبو محمَّدِ الحسَنُ بن علي بن خلف البربهاري، شيخُ الحنابلة في عصره، كان كبيرَ القَدرِ مُعَظَّمًا مُهابًا، له صِيتٌ عند السلطان وجلالةٌ، شديدًا على المبتدعة, عارفًا بالمذهب أصولًا وفروعًا. كان له فضلٌ كبير بالدعوة إلى الرجوعِ إلى منهج السلف في العقيدةِ، وإنكار البِدَع والخرافات، وله مواقِفُ شديدة على أهل البِدَع والفِرَق وخاصَّةً الشِّيعة، قال أبو الحُسَين بن الفراء: "كان للبربهاريِّ مُجالدات ومقامات في الدين كبيرة، وكان المخالِفونَ يغيظون قَلبَ السلطانِ عليه". وفي سنة 321 أرادوا حبسَه، فاستتَرَ وقُبِضَ على جماعة من كبار أصحابه، وحُملوا إلى البصرة، فعاقب اللهُ الوزيرَ ابنَ مقلة فسَخِطَ عليه الخليفةُ وأحرق دارَه، ثم سُمِلَت عينا الخليفةِ في جمادى الآخرة سنة 322. وأعاد اللهُ البربهاري إلى حِشمتِه وزادت، وكثُرَ أصحابه، ثم لم تَزَل المبتَدِعة يُوحشوا قلب الراضي بالله عليه, وثارت بسبَبِ البربهاري الحنابلةُ في بغداد أكثَرَ من مرة، واشتَدَّ أمرُهم حتى هدَّدَهم الخليفة ونودي في بغدادَ أنْ لا يجتَمِع من أصحابِ البربهاري نفسان. وأمر بملاحقةِ البربهاري الذي اختفى عند أخت توزون أميرِ الأمراءِ شهرًا، ثم مَرِضَ عندها وتوفي ودفَنَتْه في بيتها، وله من العُمُر ستٌّ وتسعون عامًا. قال ابن بطة: "إذا رأيتَ الرجُلَ البغداديَّ يحِبُّ أبا الحسن بنَ بشَّار، وأبا محمد البربهاري، فاعلم أنَّه صاحِبُ سُنَّة"

العام الهجري : 1118 العام الميلادي : 1706
تفاصيل الحدث:

هو المقرئ الفقيه المالكي الأشعري الصوفي: أبو الحسن علي بن محمد النوري الصفاقسي، صاحب كتاب "غيث النفع في القراءات السبع" ولد بصفاقس سنة 1053 ونشأ بها، ورحل إلى تونس فأخذ عن أهلها، ثم رحل إلى مصر فكمل بها علومه، ثم عاد إلى مسقط رأسه وانقطع لبثِّ العلم والإرشاد. كان يأكل من كسبه فيتَّجِر ويشتغل بالقماش يتعيش منه طلبًا للحلال وتوكُّلًا على الله، ولا يأخذ عن تعليمه شيئًا. كان الشيخ النوري يدعو إلى جهاد قراصنة مالطة -فرسان القديس يوحنا- فعندما صار الناس يشكون بصفاقس من عدوانهم على سواحلهم، ينهبون السفن الراسية ويخطفون الغافلين الآمنين من البحارة، ومن يقدرون على الوصول إليه من الناس، دعا إلى الجهاد في سبيل الله تعالى، وتشاور مع أهل الفضلِ من أهل صفاقس في إنشاء سفن لهذا الغرض، فوافقه أكثرُ الناس على ذلك، وقام بجمع المال لإنشاء السفن، وأنفق هو من ماله الشيء الكثير، وأصدر فتوى بوجوب الجهاد لرد هذا العدوان، واعتبره واجبًا عينيًّا على كل مكلَّف. وقام بتنظيم شؤون المجاهدين بنفسه, وجعل لهم مقدَّمًا يأتمرون بأمره ويصلِّي بهم إمامًا, وهو تلميذه الشيخ أبو عبد الله قوبعة، فانقطع اعتداء الكفار وغنم المجاهدون منهم خيرًا كثيرًا، ويعتبر النوري هو الجد الأكبر ومؤسس عائلة النوري بصفاقس ومِن عَقِبه الشيخ محمود النوري الصفاقسي التونسي المصري.

العام الهجري : 1418 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1998
تفاصيل الحدث:

وُلد أبو الحسن النِّدْوي بقرية تكية، مديرية رائي بريلي، بالهندِ عام 1332هـ/ 1913م، وتعلَّم في دار العلومِ بالهندِ (ندوة العلماء)، والتحق بمدرسة الشيخ أحمد علي في لاهور، حيث تخصَّص في علم التفسير، كان الشيخ ماتُريديًّا نشيطًا للعمل الإسلامي، سواءٌ في الهند، أو خارجَها، وقد شارَكَ -رحمه الله- في عدد من المؤسَّسات والجمعيات الإسلامية، ومنها تأسيسُ المجمَع العِلمي بالهندِ، وتأسيس رابطة الأدب الإسلامي، كما أنَّه عضوُ مجمَع اللغة العربية بدِمَشق، وعضوُ المجلس التنفيذي لمعهد ديوبند، ورئيس مجلس أمناء مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية، ويُعَدُّ من أشهَرِ العُلماء المسلمينَ في الهندِ، وله كتاباتٌ وإسهاماتٌ عديدةٌ في الفكر الإسلامي، فله من الكتب: ((موقف الإسلام من الحضارة الغربية))، ((السيرة النبوية))، ((من روائع إقبال))، ((نظرات في الأدب))، ((من رجالات الدعوة))، ((قصص النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال))، وبلغ مجموع مؤلَّفاته وتَرْجماته 700 عنوانًا، منها 177 عنوانًا بالعربية، وقد تُرجم عددٌ من مؤلَّفاته إلى الإنجليزية، والفرنسية، والتركية، والبنغالية، والإندونيسية، وغيرها من لغات الشعوب الإسلامية الأخرى، وكانت وَفاتُه -رحمه الله- يومَ الجمُعة في شهر رمضانَ المبارك أثناءَ اعتكافِه بمسجِدِ قَريتِه "تكية" بمديرية "راي باريلي" في شمال الهندِ، وجرى دَفنُه مساءَ نفس اليوم في مَقبرةِ أُسرته بالقرية في حضورِ الأقاربِ، والأهالي، وبعض مسؤولي ندوة العلماء التي ظلَّ مرتبِطًا بها طيلةَ حياتِه الحافلة بالدعوة طوالَ 86 عامًا.

العام الهجري : 640 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1242
تفاصيل الحدث:

هو أميرُ المؤمنين الخليفة العباسي المستنصر بالله أبو جعفر منصور بن الخليفة الظاهر بأمر الله محمد بن الخليفة الناصر لدين الله أبي العباس أحمد. واقف المستنصريَّة التي لا نظيرَ لها. ولد سنة 588, وأمه تركية، وكان جده الناصر يحبُّه ويسميه القاضي؛ لحبه للحقِّ، وعقلِه, وبويعَ عند موت والده يوم الجمعة، ثالث عشر رجب، سنة 623 البيعة الخاصة من إخوته وبني عمه وأسرته، وبايعه من الغد الكبراء والعلماء والأمراء. وكان أبيضَ أشقرَ، سمينًا ربعةً مليح الصورة، عاقلًا حازمًا سائسًا ذا رأي ودهاء ونهوض بأعباء الملك، كان جدُّه الناصر قد جمع ما يتحصل من الذهب في بركة في دار الخلافة، فكان يقفُ على حافتِها ويقول: أتُرى أعيش حتى أملأَها، وكان المستنصر يقِفُ على حافتها ويقول أترى أعيش حتى أنفِقَها كُلَّها, فكان يبني الربُطَ والخانات والقناطر في الطرقات من سائر الجهات، وقد عَمِلَ بكل محلَّة من محال بغداد دارَ ضيافة للفقراء، لا سيَّما في شهر رمضان، وكان يتقصد الجواري اللائي قد بلغن الأربعين فيُشترين له فيُعتقُهنَّ ويُجهزهنَّ ويُزوجُهنَّ، وفي كل وقت يُبرِزُ صِلاتِه ألوفًا متعددة من الذهب، تُفَرَّق في المحال ببغداد على ذوي الحاجات والأرامل والأيتام وغيرهم، تقبَّلَ الله تعالى منه وجزاه خيرًا، وقد وضع ببغداد المدرسة المستنصرية للمذاهب الأربعة، وجعل فيها دار حديث وحمامًا ودار طب، وجعل لمستحقيها من الجوامك- رواتب الموظفين- والأطعمة والحلاوات والفاكهة ما يحتاجون إليه في أوقاته، ووقف عليها أوقافًا عظيمة حتى قيل إن ثمن التبن من غلات ريعها يكفي المدرسة وأهلَها, ووقف فيها كتبًا نفيسة ليس في الدنيا لها نظير، فكانت هذه المدرسة جمالًا لبغداد وسائر البلاد, فكان المستنصرُ رحمه الله كريمًا حليمًا رئيسًا متودِّدًا إلى الناس، حازمًا عادلًا، وفي أيامه عَمَرت بغداد عمارة عظيمة. قال ابن النجار: "نشر المستنصر بالله العدلَ، وبثَّ المعروف، وقَرَّب العلماء والصلحاء، وبنى المساجد والمدارس والربط، ودور الضيافة والمارستانات، وأجرى العطيَّات، وقمع المتمَرِّدة، وحمل الناسَ على أقوَمِ سَنَن، وعمر طرق الحاجِّ، وعمر بالحرمين دورًا للمرضى، وبعث إليها الأدوية, ثم قام بأمر الجهاد أحسن قيام، وجمع العساكر، وقمع الطغام، وبذل الأموال، وحَفِظَ الثغور، وافتتح الحصون، وأطاعه الملوك, وبيعت كتبُ العلم في أيامه بأغلى الأثمان لرغبته فيها، ولوقفها, وَخَطَه الشيب، فخضب بالحناء، ثم تركه, قلت (الذهبي): (كانت دولته جيدة التمكن، وفيه عدلٌ في الجملة، ووقع في النفوس) استجد عسكرًا كثيرًا لَمَّا علم بظهور التتار، بحيث إنه يقال: بلغ عدَّةُ عَسكَرِه مائة ألف، وكان يُخطَبُ له بالأندلس والبلاد البعيدة, وبلغ غلَّة وقف المستنصرية مرة نيفًا وسبعين ألف دينار في العام، واتفق له أنه لم يكن في أيامه معه سلطان يحكُم عليه، بل ملوك الأطراف خاضعون له، وفكرهم منشغلٌ بأمر التتار". توفي يوم الجمعة عاشر جمادى الآخرة، وكُتِم موتُه حتى كان الدعاء له على المنابر ذلك اليوم، وكانت مدة ولايته ست عشرة سنة وعشرة أشهر وسبعة وعشرين يوما، ودُفِنَ بدار الخلافة، ثم نُقِلَ إلى الترب من الرصافة، بويع لابنه المستعصم بالله بعد صلاة الجمعة.

العام الهجري : 1213 العام الميلادي : 1798
تفاصيل الحدث:

يقول الجبرتي: "كانت الفرنسيسُ حين دخولهم بالإسكندرية كتبوا مرسومًا وطبَعوه وأرسلوا منه نُسخًا إلى البلاد التي يَقدَمون عليها؛ تطمينًا لهم، ووصل هذا المكتوبُ مع جملةٍ مِن الأُسارى الذين وجدوهم بمالطة وحضروا صُحبتَهم، وحضرَ منهم جملةٌ إلى بولاق، وذلك قبل وُصولِ الفرنسيس بيومٍ أو بيومين، ومعهم منه عِدَّةُ نُسَخ، ومنهم مغاربة وفيهم جواسيس وهم على شَكلِهم من كفَّار مالطة ويعرفون باللغات, وصورةُ ذلك المكتوب: "بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا اللهُ لا ولد له ولا شريكَ له في مُلكِه، من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية، السير عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابارته يعرف أهالي مصرَ جميعَهم أنَّ من زمان مديد الصناجق الذين يتسلَّطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حقِّ الملة الفرنساوية؛ يظلمون تجارَها بأنواع الإيذاء والتعدي، فحضر الآن ساعةَ عقوبتهم وأخَّرنا من مدة عصور طويلة هذه الزمرة المماليك المجلوبين من بلاد الأزابكة والجراكسة يُفسِدون في الإقليم الحسن الأحسَنِ الذي لا يوجدُ في كُرة الأرض كلِّها، فأمَّا رب العالمين القادِرُ على كل شيء فإنه قد حكمَ على انقضاء دولتهم، يا أيها المصريون، قد قيل لكم إنَّني ما نزلت بهذا الطرفِ إلَّا بقصد إزالة دينكم، فذلك كَذِبٌ صريحٌ، فلا تصَدِّقوه، وقولوا للمفترين إنَّني ما قَدِمت إليكم إلَّا لأخَلِّص حَقَّكم من يد الظالمين، وإنني أكثَرُ من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى وأحترِمُ نبيه والقرآن العظيم، وقولوا أيضًا لهم إنَّ جميع الناس متساوون عند الله، وإنَّ الشيء الذي يفرقُهم عن بعضِهم هو العقلُ والفضائِلُ والعلوم فقط، وبين المماليك والعقل والفضائل تضاربٌ، فماذا يميزُهم عن غيرِهم حتى يستوجِبوا أن يتمَلَّكوا مصر وحدَهم ويختَصُّوا بكل شيءٍ أحسَن فيها من الجواري الحِسان والخيل العتاق والمساكِن المفرحة، فإن كانت الأرضُ المصرية التزامًا للمماليك فليُرونا الحُجَّة التي كتبها الله لهم، ولكنَّ رب العالمين رؤوفٌ وعادل وحليم، ولكنْ بعونه تعالى من الآن فصاعدًا لا ييأس أحد من أهالي مصر عن الدخول في المناصب السامية وعن اكتساب المراتب العالية؛ فالعلماء والفضلاء والعقلاء بينهم سيدبِّرون الأمور، وبذلك يصلُحُ حال الأمَّة كُلِّها، وسابقًا كان في الأراضي المصرية المدنُ العظيمة والخلجان الواسعة والمتجر المتكاثر، وما أزال ذلك كلَّه إلا الظلمُ والطمع من المماليك، أيها المشايخُ والقضاة والأئمة والجربجية وأعيان البلد، قولوا لأمَّتِكم إن الفرنساوية هم أيضًا مسلمون مخلصون، وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في رومية الكبرى وخرَّبوا فيها كرسيَّ الباب الذي كان دائمًا يحثُّ النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكواللرية الذين كانوا يزعُمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلةَ المسلمين، ومع ذلك الفرنساوية في كلِّ وقت من الأوقات صاروا محبِّين مخلصين لحضرة السلطان العثماني وأعداءِ أعدائِه، أدام الله مُلكَه، ومع ذلك إنَّ المماليك امتنعوا من إطاعة السلطان غيرَ ممتثلين لأمره، فما أطاعوا أصلًا إلَّا لطمع أنفسهم، طوبى ثم طوبى لأهالي مصر الذين يتَّفقون معنا بلا تأخير، فيَصلُح حالهم وتعلو مراتبُهم، طوبى أيضًا للذين يقعُدون في مساكنِهم غيرَ مائلين لأحدٍ مِن الفريقين المتحاربين، فإذا عرفونا بالأكثر تسارعوا إلينا بكل قلبٍ، لكنَّ الويل ثم الويل للذين يعتمدون على المماليك في محاربتِنا فلا يجدون بعد ذلك طريقًا إلى الخلاص، ولا يبقى منهم أثر".

العام الهجري : 1257 العام الميلادي : 1841
تفاصيل الحدث:

ظهر عبدُ الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي، على مسرحِ الأحداث التاريخية في نجدٍ بعد غزوة البياض التي رافق فيها خالدُ بن سعود ضِدَّ آل شامر من هذه السنة. وكان خالد بن سعود حريصًا على مراقبةِ تحرُّكات عبد الله بن ثنيان؛ لأنه ظَلَّ يشُكُّ في نواياه تجاهه. وعندما قرر خالد بن سعود التوجُّهَ إلى بلدة الشنانة ليودِّعَ خورشيد باشا الذي قرَّر الرحيل إلى مصر بعد معاهدة لندن في 1256هـ، طلب خالد من ابن ثنيان أن يرافِقَه فتعَلَّل ابن ثنيان بالمرضِ، وعندما غادر خالد الرياض انسَلَّ ابن ثنيان وذهب إلى قبائل المنتفق في جنوبي العراق، والتجأ إلى رئيسِها عيسى بن محمد السعدون، وظلَّ هناك عدة أسابيع دارت خلالها مراسلاتٌ بينه وبين خالد بن سعود، وكان من أهَمِّ ما توصل إليه الطرفان أن يعود ابن ثنيان إلى الرياض مكرَّمًا ويُعطى أمانًا. ولما عاد ابن ثنيان إلى الرياض شَكَّ قبل أن يدخُلَها في نوايا خالد بن سعود تجاهَه، فتوجه إلى الجنوب عند قبيلة سبيع، فساعده رئيسُها راشد بن جفران، وأهالي الجنوب في الحوطة والحلوة والحريق وغيرها، ومن هناك أعلن ابنُ ثنيان رفْضَه لحكم خالد بن سعود الذي كان يعمل باسمِ محمد علي باشا فعليًّا وباسمِه هو ظاهريًّا. وظل ابن ثنيان مؤمِنًا بضرورة عودةِ الحكم السعودي رافِضًا التبعيَّةَ السياسية لسيادة محمد علي باشا، وساعده على ذلك أمران؛ الأولُ: تأييد غالبية أهالي نجد له؛ لأنه مُطالِبٌ شرعي بالحكم في غيابِ الإمام فيصل بن تركي، بالإضافةِ إلى تأييد علماء نجد له، والثاني: خروجُ قوات محمد علي باشا من الجزيرة العربية عَقِبَ توقيع معاهدة لندن عام 1256هـ، وهي المعاهدةُ التي نصَّت على أن حكم محمد علي باشا محصورٌ في ولاية مصر العثمانية فقط. فرأى النجديون أن تحرُّكَ ابن ثنيان ضِدَّ خالد بن سعود تجسيد لمبدأ الحكم الرافض للتبعيَّة السياسية للإدارة في مصر، وعدُّوا تحرُّكَه هذا تخليصًا لهم من حكم محمد علي باشا المفروض عليهم بالقوة. وقد أثبتت الحوادثُ التاريخية تدريجيًّا أن مقاومة خالد بن سعود للتيَّار الذي كان يقوده ابن ثنيان كانت مقاومةً واهية، بينما أخذ موقِفُ ابن ثنيان في النمو والتأييد؛ لذا لم يصمد خالد بن سعود وأتباعه في وجهِ ابن ثنيان بعد انسحاب القوات المصرية من نجد، واضطر خالدٌ إلى الانسحاب شرقًا إلى الأحساء ومنها إلى الكويت، ثم توجَّه إلى مكة المكرمة حيث توفِّيَ فيها. تسلَّم ابن ثنيان حُكمَ نجد ومَدَّ نفوذه إلى بلاد أخرى كانت تابعة للدولة السعودية الأولى، وذلك إحياءً لوجودها. لكِنَّ حُكمَه لم يدم طويلًا بعد أن عاد الإمامُ فيصل بن تركي سنة 1259 هـ من منفاه في مصر إلى الرياضِ؛ لأنه كان الإمامَ الشرعيَّ المبايَع. أمسك فيصلُ بن تركي بعبد الله بن ثنيان بعد مقاومةِ الأخير له، فحبسه في السجنِ، وتوفِّيَ فيه، وصلى عليه الإمامُ فيصل، ودُفِنَ في مقابر العود.