الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2458 ). زمن البحث بالثانية ( 0.006 )

العام الهجري : 231 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 846
تفاصيل الحدث:

هو أبو عبدِ اللهِ أحمَدُ بنُ نصرِ بن مالك بن الهيثم الخُزاعي المروزي، ثم البغدادي، الإمامُ الكبيرُ الشَّهيدُ، ثِقةٌ فاضِلٌ، مِن كبارِ العُلَماء الآمِرينَ بالمعروفِ والنَّاهينَ عن المُنكَر. كان أحمَدُ بنُ نصرٍ يُخالِفُ مَن يقولُ: القُرآنُ مخلوقٌ، ويُطلِقُ لِسانَه فيه، مع غِلظةِ بالواثق، وكان يقولُ- إذا ذكَرَ الواثِقَ: فعَلَ هذا الخِنزيرُ، وقال هذا الكافِرُ، وفشا ذلك، فكان يغشاه رجلٌ يُعرَفُ بأبي هارونَ الشَّداخ وآخَرُ يقال له طالب، وغيرُهما، ودَعَوا الناسَ إليه، فبايعوه على الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكر، وفرَّقَ أبو هارون وطالِبٌ في الناسِ مالًا، فأعطيا كلَّ رجلٍ دينارًا، واتَّعَدوا ليلةَ الخميس لثلاثٍ خَلَت من شَعبانَ لِيَضرِبوا الطبلَ فيها ويثوروا على السُّلطانِ، فافتضحَ أمرُهم فأرسل الواثِقُ إلى أحمدَ بنِ نصرٍ، فأخَذَه وهو في الحمَّامِ، وحمل إليه، وفَتَّش بيته، فلم يوجَدْ فيه سلاحٌ، ولا شيءٌ من الآلاتِ، فسَيَّرَهم محمد بن إبراهيم إلى الواثِقِ مُقَيَّدينَ على أُكُفِ بِغالٍ ليس تحتَهم وِطاءٌ، إلى سامِرَّا وكان قد أعدَّ له مجلِسَ قضاءٍ، فقال الواثِقُ: ما تقولُ بالقرآنِ؟ قال: كلامُ اللهِ، فقال الواثِقٌ: أمخلوقٌ هو؟ قال: كلامُ الله. قال: فما تقولُ في ربِّك أَتَراه يومَ القيامة؟ قال: يا أميرَ المؤمنينَ، قد جاءت الأخبارُ عن رسولِ الله صلى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((تَرَونَ ربَّكم يومَ القيامةِ كما تَرَون القمَرَ- قال- لا تُضامُونَ في رُؤيتِه)) فنحن على الخبَرِ، فقال الواثِقُ لِمَن حوله: ما تقولونَ فيه؟ فقال عبدُ الرحمن بن إسحاق- وكان قاضيًا على الجانبِ الغربيِّ- وعِزِّكَ يا أميرَ المؤمنينَ، هو حلالُ الدَّمِ، وقال بعضُ أصحابِ ابنِ أبي دؤاد: اسقِني دَمَه، وقال ابنُ أبي دؤاد: هو كافِرٌ يُستتابُ، لعلَّ به عاهةً ونقْصَ عَقلٍ، كأنَّه كَرِهَ أن يُقتَلَ بسَببِه، فقال الواثِقُ: إذا رأيتُموني قد قمتُ إليه، فلا يقومَنَّ أحَدٌ، فإنِّي أحتَسِبُ خطايَ إليه، ودعا بالصَّمصامة- سيفِ عمرِو بنِ مَعدِيَكرِب الزبيدي- ومشى إليه، وهو في وسط الدار على نِطعٍ، فضربه على حبلِ عاتِقِه، ثمَّ ضربَ سيما الدمشقيُّ رقبَتَه، وحزَّ رأسَه، وطعنه الواثِقُ بطَرفِ الصمصامة في بطنِه، وحُمِلَ رأسُه إلى بغداد فنُصِبَ بها وأقيمَ عليه الحرَسُ، وكتَبَ في أذُنِه رقعة: هذا رأسُ الكافرِ، المُشرِك الضالِّ، أحمد بن نصر؛ فلم يزَلْ مَصلوبًا ستَّ سنين، ثمَّ حُطَّ وجُمِعَ بين رأسِه وبدنِه، ودفن بالجانبِ الشَّرقيِّ مِن بغداد في عهد المتوكِّل، وتتبَّعَ الواثِقُ أصحابَ أحمدَ بنِ نصر، فجُعِلوا في الحُبُوس، فرحمةُ اللهِ على أحمدَ بنِ نَصرٍ، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، ذكره الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل يومًا، فقال: "رَحِمَه اللهُ، ما كان أسخاه بنَفسِه لله! لقد جاد بنَفسِه له".

العام الهجري : 7 ق هـ العام الميلادي : 615
تفاصيل الحدث:

في أواخِرِ السنةِ السَّادسةِ من النُّبوَّةِ أسلم حَمزةُ بنُ عبد المطلب رَضي اللهُ عنه. وسببُ إسلامِه: أنَّ أبا جَهلٍ مرَّ برسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا عند الصَّفا، فآذاه ونال منه، ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ساكِتٌ لا يُكلِّمُه، ثم ضَرَبه أبو جَهلٍ بحَجَرٍ في رأسِه فشَجَّه حتى نَزَف منه الدَّمُ، ثم انصَرَف عنه إلى نادي قُرَيشٍ عند الكعبةِ فجَلَس معهم، وكانت مولاةٌ لعَبدِ الله بنِ جُدعانَ في مَسكَنٍ لها على الصَّفا ترى ذلك، وأقبل حَمزةُ من القَنْصِ مُتَوَشِّحًا قَوسَه، فأخبَرَتْه المَولاةُ بما رأتْ من أبي جَهلٍ، فغَضِب حَمزةُ وخرَج يسعى، لم يقِفْ لأحدٍ، مُعِدًّا لأبي جهلٍ إذا لَقيَه أن يوقِعَ به، فلمَّا دَخَل المسجِدَ قام على رأسِه وقال له: "تَشتُمُ ابنَ أخي وأنا على دِينِه!"، ثم ضَرَبه بالقَوسِ فشَجَّه شجَّةً مُنكرةً، فثار رجالٌ من بني مخزومٍ -حيِّ أبي جهلٍ- وثار بنو هاشمٍ -حيِّ حمزةَ- فقال أبو جهلٍ: "دَعوا أبا عِمارةَ! فإنِّي سَبَبتُ ابنَ أخيه سبًّا قبيحًا".
وقال ابنُ إسحاقَ: "ثم رَجَع حمزةُ إلى بيتِه فأتاه الشَّيطانُ فقال: أنت سيِّدُ قُريشٍ اتبعْتَ هذا الصابِئَ، وتركتَ دينَ آبائك، لَلموتُ خيرٌ لك ممَّا صنعتَ. فأقبلَ حَمزةُ على نفسِه وقال: "ما صنعتُ؟! اللَّهمَّ إن كان رُشدًا فاجعَلْ تَصديقَه في قلبي، وإلَّا فاجعَل لي ممَّا وَقعتُ فيه مَخرجًا"، فبات بلَيلةٍ لم يَبِتْ بِمِثلها مِن وَسوسةِ الشَّيطانِ، حتَّى أصبَحَ فغَدا على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: "يا بن أخي، إنِّي قد وَقعتُ في أمرٍ ولا أعرِفُ المَخرجَ منه، وإقامةُ مِثلي على ما لا أدري ما هو، أرُشْدٌ أم هو غَيٌّ شَديدٌ؟ فحدِّثني حديثًا؛ فقدِ اشتَهيتُ يا بنَ أخي أن تُحدِّثَني، فأقبل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذكَّره ووَعَظه، وخوَّفَه وبَشَّرَه، فألقَى اللهُ في قلبِه الإيمانَ بما قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فقال: "أشهَدُ أنَّك الصَّادِقُ شهادةَ الصِّدقِ، فأظهِرْ يا بن أخي دينَكَ، فواللهِ ما أُحِبُّ أنَّ لي ما أظلَّتْه السماءُ وأنِّي على ديني الأوَّلِ"؛ فكان إسلامُ حمزةَ رَضي اللهُ عنه أوَّلَ الأمرِ أنَفةَ رجلٍ أبَى أن يُهانَ مَولاهُ، ثم شَرَح اللهُ صدرَهُ، فاسْتمَسْكَ بالعُروةِ الوُثقى، واعتَزَّ به المُسلِمون أيَّما اعتِزازٍ!

العام الهجري : 2 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 624
تفاصيل الحدث:

ندَب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نَفرًا مِنَ المسلمين لاعتراضِ قافلةِ قُريشٍ القادمةِ مِنَ الشَّامِ التي كان يرأَسُها أبو سُفيانَ الذي عَلِمَ بعدَ ذلك بِخُروجِ المُسلمين، فأَرسل إلى قُريشٍ يَسْتَنْفِرُها لاسْتِنقاذِ تِجارتِهم كما غَيَّرَ طريقَهُ لإنقاذِ التِّجارةِ، ثمَّ الْتَقى المسلمون والمشركون عند ماءِ بدرٍ، وهي مكانٌ بين مكَّةَ والمدينةِ وهو أَقربُ إليها مِن مكَّةَ، وكان عددُ المشركين يُقارِبُ الألفَ، وعددُ المسلمين أَكثرُ مِن ثلاثمائةٍ، وبدأتِ المعركةُ بالمُبارزَةِ المَشهورةِ، ثمَّ بدأ القِتالُ وكان شديدًا، وقُتِلَ فيها صَناديدُ قُريشٍ كأبي جهلٍ، وأُميَّةَ بنِ خَلفٍ، وغَيرِهِما، حتَّى بلَغ قَتلاهُم سبعون رجلًا ومِثلُهم مِنَ الأَسرى، وقُتِلَ أربعةَ عشرَ مِنَ المسلمين، وقِيلَ: سِتَّةَ عشرَ. فكان النَّصرُ الكبيرُ حَليفَ المسلمين. حيث نَصرهُم الله تعالى وأَرسل ملائكةً تُقاتلُ معهم، أمَّا الأَسرى فأشار عُمَرُ بِقتلِهم، وأشار أبو بكرٍ بِفِدائِهم، فأخذ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم برأيِ أبي بكرٍ، ولكنَّ الوَحيَ نزل مُوافقًا لرأيِ عُمَرَ، أمَّا الغَنائمُ فنزلت فيها سورةُ الأَنفالِ.

العام الهجري : 1 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 622
تفاصيل الحدث:

لمَّا تَمَّتْ بَيعةُ العَقبةِ أمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَن كان معه بالهِجرةِ إلى المدينةِ، فخرجوا أَرسالًا، كان مِنَ السَّابقين للهِجرةِ بعدَ العَقبةِ الثَّانيةِ مُصعبُ بنُ عُميرٍ, ثمَّ عامرُ بنُ رَبيعةَ حَليفُ بن بني عَدِيِّ بنِ كعبٍ، معه امرأتُه ليلى بنتُ أبي حَثْمَةَ بنِ غانمٍ، ثمَّ عبدُ الله بنُ جَحْشٍ بأهلِهِ وأخيهِ عبدِ بنِ جَحْشٍ أبي أحمدَ، وكان ضَريرًا، وكان منزلُهما ومنزلُ أبي سَلمةَ بقُباءٍ في بني عَمرِو بنِ عَوفٍ، فلمَّا هاجر جميعُ بني جَحْشٍ بنِسائهِم فعَدا أبو سُفيانَ على دارِهم فتَمَلَّكَها، فذكر ذلك عبدُ الله بنُ جَحْشٍ لمَّا بَلَغَهُ لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تَرضى يا عبدَ الله أن يُعطِيَك الله بها دارًا في الجنَّةِ خيرًا منها؟ قال: بلى. قال: فذلك لك". فلمَّا افتتح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكَّةَ كَلَّمَهُ أبو أَحمدَ في دارِهم، فأبطأَ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال النَّاسُ لأبي أَحمدَ: يا أبا أَحمدَ، إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَكرهُ أن تَرجِعوا في شيءٍ أُصيبَ منكم في الله، فأَمْسَكَ عن كلامِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. وكان بنو غَنْمِ بنِ دُودانِ أهلَ إسلامٍ قد خرجوا كُلُّهم إلى المدينةِ، ثمَّ خرج عُمَرُ بنُ الخطَّابِ، وعيَّاشُ بنُ أبي رَبيعةَ في عِشرين راكبًا فقَدِموا المدينةَ، وكان هشامُ بنُ العاصِ بنِ وائلٍ قد أَسلمَ، وواعد عُمَرَ بنَ الخطَّابِ أن يُهاجِرَ معه، وقال: تَجِدُني أو أَجِدُك عند أَضاءةِ بني غِفارٍ، ففَطِنَ لهشامٍ قومُه فحبسوه عن الهِجرةِ. ثمَّ إنَّ أبا جهلٍ والحرثَ بنَ هشامٍ خرجا حتَّى قَدِما المدينةَ ورسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بمكَّةَ، فكَلَّما عيَّاشَ بنَ أبي رَبيعةَ وكان أخاهُما لِأُمِّهِما وابنَ عَمِّهِما، وأَخبراهُ أنَّ أمَّهُ قد نَذرتْ أن لا تَغسِلَ رأسَها ولا تَسْتَظِلَّ حتَّى تَراهُ، فَرَقَّتْ نَفْسُهُ وصدَّقهُما وخرج راجعًا معهُما، فكَتَّفاهُ في الطَّريقِ وبلغا به مكَّةَ، نهارًا مُوثَقًا، ثمَّ قالا: يا أهلَ مكَّةَ هكذا فافعلوا بسُفهائِكُم كما فعلنا بسَفيهِنا هذا. فحَبَساهُ بها إلى أن خَلَّصَهُ الله تعالى بعد ذلك بدُعاءِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم له في قُنوتِ الصَّلاةِ: "اللَّهمَّ أَنْجِ الوليدَ بنَ الوليدِ، وسَلمةَ بنَ هشامٍ، وعيَّاشَ بنَ أبي رَبيعةَ". ولمَّا أراد صُهيبُ بنُ سِنانٍ الهِجرةَ قال له كُفَّارُ قُريشٍ: أَتَيْتَنا صُعلوكًا حَقيرًا فكَثُرَ مالُك عندنا، وبلغتَ الذي بلغتَ، ثمَّ تُريدُ أن تَخرُجَ بمالِك ونَفسِك، لا والله لا يكونُ ذلك. فقال لهم صُهيبٌ: أَرأيتُم إن جَعلتُ لكم مالي أَتُخَلُّون سَبيلي؟ قالوا: نعم، فقال: فإنِّي قد جَعلتُ لكم، فبلغ ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "رَبِحَ صُهيبٌ، رَبِحَ صُهيبٌ". ثمَّ تتابع المهاجرون بالهِجرةِ إلى المدينةِ إلى أن هاجر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.

العام الهجري : 96 العام الميلادي : 714
تفاصيل الحدث:

هو إِبراهيمُ بن يَزيدَ بن قَيسٍ النَّخَعِيُّ، فَقِيهُ العِراق وأَحَدُ الأئِمَّة المَشهورين، تابِعِيٌّ أَدرَك عَددًا مِن الصَّحابَة لكن لا يُعرَف له سَماعٌ عنهم، وأَخَذ عن كِبارِ التَّابِعين، تَزَعَّمَ مَدرَسةَ ابنِ مَسعودٍ في الكوفَة، حيث أَخَذ عن خالِه الأَسوَدِ بن يَزيدَ تِلميذ ابنِ مَسعود، وعن عَلْقَمَة، ومَسروق، وعبدِ الرَّحمن بن عبدِ الله بن مَسعود، وعليه تَتَلْمَذ حَمَّادُ بن سُليمان شَيخُ أبي حَنيفَة، وتَأَثَّر به وبِفِقْهِهِ أبو حَنيفَة، كان مُفْتِي أَهلِ الكوفَة هو والشَّعْبِيّ في زَمانِهِما، وكان رَجُلًا صالِحًا، فَقِيهًا، مُتَوَقِّيًا، قَليلَ التَّكَلُّف، كان سعيدُ بن جُبَير يقول: أَتَسْتَفْتُوني وفِيكُم إِبراهيمُ. وكان الشَّعْبِيُّ يقول: والله ما تَرَكَ بَعدَه مِثلَه، تُوفِّي وهو ابنُ تِسْعٍ وأَربعين سَنَة. وقِيلَ: ابنُ نَيْفٍ وخَمسين سَنَة.

العام الهجري : 160 العام الميلادي : 776
تفاصيل الحدث:

كان المهدي قد سيَّرَ جيشًا في البحر، وعليهم عبد الملك بن شهاب المسمعي إلى بلاد الهندِ في جمعٍ كثيرٍ مِن الجند والمتطوِّعة، وفيهم الربيع بن صبيح، فساروا حتى نزلوا على باربد، فلمَّا نزلوها حصَروها من نواحيها، وحرَّضَ الناسُ بعضُهم بعضًا على الجهادِ، وضايقوا أهلَها، ففتَحَها اللهُ عليهم عَنوةً واحتمى أهلُها بالبلد الذي لهم، فأحرقه المسلمونَ عليهم، فاحتَرَق بعضُهم، وقُتِل الباقون، واستُشهِدَ من المسلمين بضعةٌ وعشرونَ رجلًا، وأفاءها اللهُ عليهم، فهاج عليهم البحرُ، فأقاموا إلى أن يطيبَ، فأصابَهم مرَضٌ في أفواهِهم، فمات منهم نحو من ألفِ رجلٍ فيهم الربيع بن صبيح، ثم رجعوا، فلما بلَغوا ساحلًا من فارس يقال له بحر حمران عصَفَت بهم الريح ليلًا، فانكسَرَ عامَّةُ مراكِبِهم، فغرق البعضُ، ونجا البعض.

العام الهجري : 8 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:

ثبَت أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتمَرَ مِنَ الجِعْرانةِ عامَ حُنينٍ، وهذه العُمرَةُ هي الثَّالثةُ بعدَ عُمرَةِ الحُديبيَةِ وعُمرَةِ القَضاءِ. قال ابنُ حَجَرٍ: فإنَّه صلى الله عليه وسلم أَحرَمَ مِنَ الجِعْرانةِ ودخَل مكَّةَ ليلًا فقَضى أمْرَ العُمرَةِ ثمَّ رجَع ليلًا فأَصبحَ بالجِعْرانةِ كَبائِتٍ. قال إبراهيمُ النَّخَعيُّ: كانوا يَستَحِبُّون أن يَدخلوا مكَّةَ نهارًا ويَخرُجوا منها ليلًا. وعن عطاءٍ: إن شِئْتُم فادْخُلوا ليلًا إنَّكم لَستُم كرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، إنَّه كان إمامًا فأَحَبَّ أن يَدخُلَها نهارًا لِيَراهُ النَّاسُ. انتهى. وقَضيَّةُ هذا أنَّ مَن كان إمامًا يُقْتَدى به اسْتُحِبَ له أن يَدخُلَها نهارًا.

العام الهجري : 6 ق هـ الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 616
تفاصيل الحدث:

لمَّا عَزمتْ قُريشٌ أنْ تَقتُلَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أجمع بَنو عبدِ المُطَّلِبِ أمرَهم على أنْ يُدخِلوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم شِعبَهم ويَحموهُ فيه، فعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الغَدِ يومَ النَّحْرِ، وهو بمِنًى: «نحن نازِلون غدًا بِخَيْفِ بني كِنانةَ؛ حيث تقاسموا على الكُفرِ» يعني ذلك المُحَصَّبَ، وذلك أنَّ قُريشًا وكِنانةَ، تحالفتْ على بني هاشمٍ وبني عبدِ المُطَّلبِ، أو بني المُطَّلبِ: أنْ لا يُناكِحوهُم ولا يُبايِعوهُم، حتَّى يُسلِموا إليهِمُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فدخلوا الشِّعْبَ جميعًا مُسلِمهُم وكافِرهُم، وأجمعَ المشركون أمرَهُم على أنْ لا يُجالِسوهُم، ولا يُخالِطوهُم، ولا يُبايِعوهُم، ولا يَدخُلوا بُيوتَهم، حتَّى يُسلِموا رسولَ الله للقتلِ، وكتبوا في ذلك صَحيفةً، فلبِث بنو هاشمٍ في شِعبهِم ثلاثَ سِنينَ، واشتدَّ عليهِم البلاءُ والجهدُ والجوعُ، فلمَّا كان رأس ثلاثِ سِنينَ تَلاوَمَ رجالٌ من قُريشٍ على ما حدث وأجمعوا على نَقضِ الصَّحيفةِ، وهكذا انتهتْ المقاطعةُ.

العام الهجري : 2 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 624
تفاصيل الحدث:

أخرَجَ ابنُ عَساكِرَ عن الزُّهريِّ قال: "بَعَثَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَريَّةً فيها سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رَضي اللهُ عنه إلى جانِبٍ مِن الحِجازِ يُدعَى (رابِغ)، فانكَفَأ المُشرِكون على المسلمين، فجاءَهم سعدُ بن أبي وقَّاصٍ رَضي اللهُ عنه يومَئذٍ بسِهامِهِ، وكان أوَّلَ مَن رَمَى في سبيلِ الله، وكان هذا أوَّلَ قِتالٍ في الإسلامِ".

العام الهجري : 21 العام الميلادي : 641
تفاصيل الحدث:

هو خالدُ بن الوَليد بن المُغيرةِ بن عبدِ الله بن عَمرِو بن مَحْزومٍ القُرشيُّ المَخْزوميُّ، سَيْفُ الله، أبو سُليمانَ، كان أحدَ أَشرافِ قُريشٍ في الجاهِليَّة، وكان إليه أَعِنَّةُ الخَيلِ في الجاهِليَّة، وشَهِدَ مع كُفَّارِ قُريشٍ الحُروبَ إلى عُمرَةِ الحُديبيةِ، كما ثبَت في الصَّحيحِ: أنَّه كان على خَيلِ قُريشٍ طَلِيعَةً، ثمَّ أَسلَم في سَنةِ سبعٍ بعدَ خَيبرَ، وقِيلَ قَبلَها، أَرسَلهُ أبو بكرٍ إلى قِتالِ أهلِ الرِّدَّةِ فأَبْلَى في قِتالِهم بَلاءً عظيمًا، ثمَّ وَلَّاهُ حَربَ فارِسَ والرُّومِ، فأَثَّرَ فيهم تَأثيرًا شديدًا، وفتَح دِمشقَ، واسْتخلَفهُ أبو بكرٍ على الشَّامِ إلى أن عَزَلَهُ عُمَرُ، وقد قال عنه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (نِعْمَ عبدُ الله وأخو العَشيرَةِ خالدُ بن الوَليدِ، سَيْفٌ مِن سُيوفِ الله سَلَّهُ الله على الكُفَّارِ). وقال خالدٌ عند مَوتِه: ما كان في الأرضِ مِن ليلةٍ أَحَبَّ إليَّ مِن ليلةٍ شَديدةِ الجَليدِ في سَرِيَّةٍ مِن المُهاجرين أُصَبِّحُ بهم العَدُوَّ فعَليكُم بالجِهادِ. مات خالدُ بن الوَليد بمدينةِ حِمْصَ وقِيلَ: تُوفِّيَ بالمدينةِ. فلمَّا تُوفِّيَ خرَج عُمَرُ إلى جِنازَتِه فقال: ما على نِساءِ آلِ الوَليدِ أن يَسْفَحْنَ على خالدٍ دُموعَهُنَّ ما لم يكُن نَقْعًا أو لَقْلَقَةً. قال ابنُ حَجَرٍ وهذا يَدُلُّ أنَّه مات في المدينةِ.

العام الهجري : 234 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 849
تفاصيل الحدث:

هو عليُّ بنُ عبدالله بن جعفر المعروفُ بابنِ المديني، إمامُ عَصرِه في الجرحِ والتَّعديلِ والعِلَل، وُلِدَ سنةَ إحدى وستين ومائةٍ، أحدُ الأعلامِ، وصاحبُ التصانيفِ، روى عنه الأئمَّةُ: البُخاري، وأحمد، والنَّسائي، وغيرُهم، قال ابن عُيَينة: "لولا ابنُ المدينيِّ ما جَلَستُ"، وقال النَّسائيُّ: "كأنَّ اللهَ خلَقَ عليَّ بن المديني لهذا الشأنِ"، وقيل للبخاريِّ ما تشتهي؟ قال: "أقدَمُ العِراقَ وعَلِيُّ بنُ عبدالله حيٌّ فأجالِسُه". وقال البخاري: "ما استصغَرْتُ نفسي عند أحدٍ إلَّا عند عليِّ بنِ المَدِيني" له كتابُ العِلَل، وقَولُه في الجرحِ والتَّعديلِ مُقَدَّمٌ، توفِّيَ في سامرا، فرَحِمَه الله تعالى وجزاه عن الإسلامِ والمسلمينَ خَيرًا.

العام الهجري : 436 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

هو أبو القاسِمِ عليُّ بنُ الحُسَين بن موسى بن محمد بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشَّريفُ الموسويُّ، المُلَقَّب بالمرتضى، ذي المجدين، كان نقيبَ الطالبيِّينَ وكان إمامًا في عِلمِ الكلامِ والأدبِ وجيد الشعر. وُلِدَ سنة 355, وكان أكبَرَ مِن أخيه ذي الحَسَبين الشريف الرضي، كان على مذهَبِ الإماميَّةِ والاعتزال، يُناظِرُ على ذلك، وكان يُناظِرُ عنده في كل المذاهب، وله تصانيفُ في التشيُّعِ، أصولًا وفروعًا. قال الذهبي عنه: " هو جامِعُ كتاب "نهج البلاغة"، المنسوبةِ ألفاظُه إلى عليِّ بنِ أبي طالب ولا أسانيدَ لذلك، وبعضُها باطِلٌ، وفيه حَقٌّ ولكِنَّ فيه موضوعاتٍ حاشا الإمامَ مِن النطق بها، ولكنْ أين المُنصِفُ?! وقيل: بل جَمْعُ أخيه الشَّريف الرضي, ثم قال: وكان من الأذكياءِ الأولياءِ المتبَحِّرينَ في الكلامِ والاعتزالِ، والأدبِ والشِّعرِ، لكنَّه إماميٌّ جَلْدٌ. نسأل الله العفو.". قال ابن كثير: "وقد نقل ابنُ الجوزي أشياءَ مِن تفرُّداتِه في التشَيُّع، فمِن ذلك أنَّه لا يصِحُّ السجودُ إلَّا على الأرضِ أو ما كان مِن جِنسِها، وأنَّ الاستجمارَ إنمَّا يُجزِئُ في الغائطِ لا في البولِ، وأنَّ الكتابيَّاتِ حَرامٌ، وكذا ذبائِحُ أهل الكتاب، وأنَّ المرأة إذا جَزَّت شَعْرَها يجب عليها كَفَّارة قتل الخطأ، وغير ذلك كثيرٌ، وأعجَبُ منها ذَمُّ الصحابةِ رَضِيَ الله عنهم، ثمَّ سَرَدَ من كلامِه شيئًا قبيحًا في تكفيرِ عُمَرَ بنِ الخطاب وعثمانَ وعائشة وحفصة رضي الله عنهم". قال ابنُ حزم: الإماميَّةُ كلُّهم على أنَّ القُرآنَ مُبَدَّلٌ، وفيه زيادةٌ ونَقصٌ سوى المرتضى، فإنَّه كفَّرَ مَن قال ذلك. قال الذهبيُّ مُعَلِّقًا على كلامِ ابنِ حزم، قلتُ: وفي تواليفِه سَبُّ أصحاب رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنعوذُ باللهِ مِن عِلمٍ لا ينفَعُ". ولم يتكَلَّمْ فيه وفي أخيه الرضي كثيرٌ مِن المؤرخين رعايةً لِشَرَفِ نَسَبِهم، وإلَّا فإنهم كانوا على مذهَبِ الرَّفضِ والاعتزال، توفِّيَ في يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول.

العام الهجري : 156 العام الميلادي : 772
تفاصيل الحدث:

هو الإمام العلم أبو عمارة حمزةُ بن حبيبِ بنِ عمارة التيميُّ المعروف بالزيَّات، ولد سنة 80. قيل له " الزيات " لأنه كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان, ويجلب إلى الكوفة الجبن والجوز. أصله من سبي فارس، وقيل: ولاؤه لبني عجل، وقيل: ولاؤه لتيم الله بن ثعلبة. أدرك عددًا من الصحابة, أحدُ القراء السبعة، من أهل الكوفةِ، تلا عليه طائفةٌ، منهم الأعمش، وحدَّثَ عنه كثيرٌ، منهم الثوريُّ، كان إمامًا قَيِّمًا لكتاب الله، قانتًا لله، ثخينَ الورع، رفيعَ الذِّكر، عالِمًا بالحديث والفرائض، عديم النظير في وقته علما وعملا، قال الثوري: ما قرأ حمزةُ حرفًا إلَّا بأثَرٍ. قال أسود بن سالم: سألت الكسائي عن الهمز والإدغام: ألكم فيه إمام؟ قال: نعم، حمزة، كان يهمز ويكسر، وهو إمام من أئمة المسلمين، وسيد القراء والزهاد، لو رأيته لقرت عينك به من نسكه. وقال حسين الجعفي: ربما عطش حمزة فلا يستسقي كراهية أن يصادف من قرأ عليه. وذكر جرير بن عبد الحميد أن حمزة مر به فطلب ماء قال: فأتيته فلم يشرب مني لكوني أحضر القراءة عنده. وقال يحيى بن معين: سمعت ابن فضيل يقول: ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة.

العام الهجري : 218 العام الميلادي : 833
تفاصيل الحدث:

لم يكتَفِ المأمونُ باعتناقِ مسألةِ القَولِ بخلقِ القرآن، بل كتب إلى عمَّالِه في الأمصارِ بامتحانِ العُلَماءِ في هذه المسألة من أجاب وإلَّا كان العقابُ، وربَّما بطانتُه من العلماء كانوا وراء هذا الامتحان، فكتب المأمونُ إلى نائبه ببغداد إسحاقَ بن إبراهيم بن مُصعَب يأمُرُه أن يمتَحِنَ القُضاةَ والمحَدِّثين بالقَولِ بخَلقِ القرآن، وأن يرسل إليه جماعةً منهم، وكتب إليه يستحِثُّه في كتابٍ مُطَوَّل، وكتب غيره مَضمونُها الاحتجاجُ على أنَّ القرآنَ مُحدَثٌ، وكُل مُحدَث مخلوقٌ، وهذا احتجاجٌ لا يوافِقُه عليه كثيرٌ مِن المتكلِّمينَ فَضلًا عن المحدِّثينَ؛ فإنَّ القائلينَ بأنَّ الله تعالى تقوم به الأفعالُ الاختياريَّة لا يقولونَ بأنَّ فِعلَه تعالى القائِمَ بذاتِه المقَدَّسة، مخلوقٌ، بل لم يكن مخلوقًا، بل يقولون: هو محدَثٌ وليس بمخلوق، بل هو كلامُ اللهِ القائِمُ بذاته المقدَّسة، وما كان قائمًا بذاته لا يكون مخلوقًا، وقد قال الله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}، وقال تعالى، {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) فالأمر بالسجودِ صدر منه بعد خلقِ آدم، فالكلامُ القائمُ بالذاتِ ليس مخلوقًا، والمقصودُ أن كتاب المأمونِ لَمَّا ورد بغدادَ قُرئ على الناس، وقد عيَّنَ المأمون جماعةً مِن المحدِّثينَ لِيُحضِرَهم إليه، وهم: محمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلِم المُستملي، ويزيدُ بن هارون، ويحيى بن مَعين، وأبو خيثمة زُهير بن حرب، وإسماعيلُ بن أبي مسعود، وأحمد بن الدورقي، فبُعِثَ بهم إلى المأمونِ في الرقَّة، فامتحنهم بخلْقِ القرآنِ، فأجابوه إلى ذلك وأظهروا موافقتَه وهم كارهون، فردَّهم إلى بغداد وأمرَ بإشهارِ أمرِهم بين الفُقَهاء، ففعل إسحاقُ ذلك وأحضر خَلقًا من مشايخِ الحديثِ والفُقَهاءِ وأئمَّة المساجد وغيرِهم، فدعاهم إلى ذلك عن أمرِ المأمون، وذكَرَ لهم موافقة أولئك المحدِّثين له على ذلك، فأجابوا بمِثلِ جواب أولئك موافقةً لهم، ووقَعَت بين الناس فتنةٌ عظيمةٌ. ثم كتب المأمونُ إلى إسحاق أيضًا بكتابٍ ثانٍ يستدِلُّ به على القولِ بخَلقِ القُرآنِ بِشُبَهٍ من الدلائِلِ لا تحقيقَ تحتها ولا حاصلَ لها، بل هي من المُتشابِه، وأورد من القرآنِ آياتٍ هي حُجَّةٌ عليه، وأمَرَ نائبه أن يقرأ ذلك على النَّاسِ وأن يَدعُوَهم إليه وإلى القَولِ بخلقِ القرآن، فأحضَرَ أبو إسحاق جماعةً من الأئمَّة؛ منهم قاضي القضاة بشر بن الوليد الكندي، ومقاتل، وأحمد بن حنبل، وقُتَيبة، وعليُّ بن الجعْد، وغيرهم، وقال لبشرٍ: ما تقولُ في القرآن؟ قال: القرآنُ كلامُ الله، قال: لم أسألْك عن هذا، أمخلوقٌ هو؟ قال: الله خالِقُ كُلِّ شَيءٍ، قال: والقرآنُ شَيءٌ؟ قال: نعم، قال: أمخلوقٌ هو؟ قال: ليس بخالقٍ، قال: ليس عن هذا أسألُك، أمخلوقٌ هو؟ قال: ما أُحسِنُ غيرَ ما قلْتُ لك. قال إسحاقُ للكاتب: اكتُبْ ما قال، ثم سأل غيرَه وغيره ويجيبونَ بنَحوِ جوابِ بِشرٍ. من أنه يقالُ: لا يُشبِهُه شيءٌ مِن خَلقِه في معنًى من المعاني، ولا وجهٍ مِن الوجوهِ، فيقول: نعم، كما قال بِشرٌ. ثم سأل قتيبةَ، وعُبيد الله بن محمَّد، وعبد المنعم بن إدريس بن نبت، ووهب بن منبه وجماعةً، فأجابوا أنَّ القرآنَ مجعولٌ؛ لِقَولِه تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} والقرآنُ مُحدَثٌ لِقَولِه تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}. قال إسحاق: فالمجعولُ مَخلوقٌ، قالوا: لا نقولُ مخلوقٌ، لكن مجعولٌ. فكتب مقالَتَهم ومقالةَ غَيرِهم إلى المأمونِ.

العام الهجري : 5 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 627
تفاصيل الحدث:

كان سببُ هذه الغَزوةِ هو إجلاءُ يَهودِ بني النَّضيرِ مِنَ المدينةِ؛ حيثُ إنَّ الحسدَ والحِقدَ قد تَمكَّنا مِن قُلوبهِم، ممَّا جعَلهم يُضمِرون العَداءَ ويَتَحَيَّنون الفُرصَ للتَّشفِّي ممَّن طَردَهم مِنَ المدينةِ وما حولها. ولمَّا لم يَستطِعْ يَهودُ خَيبرَ وخاصَّةً بني النَّضيرِ مَجابهةَ المسلمين لَجأوا إلى أُسلوبِ المكرِ والتَّحريشِ. وقد ذكَر ابنُ إسحاقَ بِسَندِهِ عن جماعةٍ: أنَّ الذين حَزَّبوا الأحزابَ نفرٌ مِنَ اليَهودِ، وكان منهم: سَلَّامُ بنُ أبي الحُقَيْقِ، وحُيَيُّ بنُ أَخْطَبَ النَّضْريُّ، وكِنانةُ بنُ أبي الحُقَيْقِ النَّضْريُّ، وهَوْذَةُ بنُ قَيسٍ الوائليُّ، وأبو عَمَّارٍ الوائليُّ، في نَفرٍ مِن بني النَّضيرِ، فلمَّا قَدِموا على قُريشٍ، دَعَوْهُم إلى حربِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنَّا سَنَكون معكم عليه حتَّى نَسْتَأْصِلَهُ، فقالت لهم قُريشٌ: يا مَعشرَ يَهودَ، إنَّكم أهلُ الكتابِ الأوَّلِ والعِلْمِ بما أصبحنا نَختلِفُ فيه نحن ومحمَّدٌ، أَفَدينُنا خيرٌ أم دينُه، قالوا: بل دينُكم خيرٌ مِن دينِه، وأنتم أَولى بالحقِّ منه !!! واختلف العُلماءُ في زمنِ وُقوعِ هذه الغَزوةِ، فمال البُخاريُّ إلى قولِ موسى بنِ عُقبةَ: إنَّها كانت في شوَّالٍ سنةَ أَربعٍ، بينما ذَهبتْ الكثرةُ الكاثرةُ إلى أنَّها كانت في سنةِ خمسٍ، قال الذَّهبيُّ: وهو المقطوعُ به. وقال ابنُ القَيِّمِ: وهو الأصحُّ. قام النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه رضي الله عنهم بِحَفرِ خَندقٍ في المنطقةِ المكشوفةِ أمامَ الغُزاةِ، وذكَر ابنُ عُقبةَ: أنَّ حَفرَ الخندقِ استغرقَ قريبًا مِن عِشرين ليلةً. وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: خرَج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندقِ، فإذا المهاجرون والأنصارُ يَحفُرون في غَداةٍ باردةٍ، فلم يكنْ لهم عَبيدٌ يعملون ذلك لهم، فلمَّا رأى ما بهم مِنَ النَّصَبِ والجوعِ قال: اللَّهمَّ إنَّ العَيْشَ عَيْشَ الآخِرهْ، فاغْفِرْ للأنصارِ والمُهاجِرهْ، فقالوا مُجِيبينَ له: نحن الذين بايَعوا محمَّدًا... على الجِهادِ ما بَقِينا أبدًا.
وعن البَراءِ رضي الله عنه قال: لمَّا كان يومُ الأحزابِ، وخَنْدَقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، رأيتُه يَنقُلُ مِن تُرابِ الخَندقِ، حتَّى وارى عَنِّي الغُبارُ جِلدةَ بَطنِه، وكان كَثيرَ الشَّعرِ، فسَمِعتُه يَرتجِزُ بِكلماتِ ابنِ رَواحةَ، وهو يَنقُلُ مِنَ التُّرابِ يقولُ: اللَّهمَّ لولا أنت ما اهْتَدَيْنا... ولا تَصدَّقْنا ولا صَلَّيْنا، فأَنْزِلَنْ سَكينةً علينا... وثَبِّتِ الأَقدامَ إن لاقَيْنا، إنَّ الأُلى قد بَغَوْا علينا... وإن أرادوا فِتنةً أَبَيْنا. قال: ثمَّ يَمُدُّ صوتَهُ بآخِرها. وعن عائشةَ رضي الله عنها أنَّها قالت في قوله تعالى: {إِذْ جَاؤُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ} كان ذاك يومَ الخَندقِ. وعندما وصلتِ الأَحزابُ المدينةَ فوجِئوا بوُجودِ الخَندقِ، فقاموا بِعدَّةِ مُحاولاتٍ لاقْتِحامهِ، ولكنَّهم فَشلوا. واسْتمرَّ الحِصارُ أربعًا وعِشرين ليلةً. وثَقُلَ الأمرُ على قُريشٍ بسببِ الرِّيحِ التي أَكْفَأَتْ قُدورَهُم وخِيامَهُم، كما قام المسلمون بالتَّخْذيلِ بين اليَهودِ والمشركين، فأُرْغِموا على الرَّحيلِ وهَزمهُم الله تعالى، وكف شَرَّهُم عنِ المدينةِ.