الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3793 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 1191 العام الميلادي : 1777
تفاصيل الحدث:

أجمع أهلُ حرمة- وهي بلدة في المجمعة- الغدرَ بأميرهم عثمان بن عبد الله، وكان رئيسُهم في الغدر جويسرَ الحسيني الذي اتَّفَق مع سويد بن محمد صاحب جلاجل وأحمد بن عثمان أمير المجمعة على الغدر بأتباع الدعوة في بلدانِهم, فلمَّا أجمعوا على إنجازِ ما اتَّفَقوا عليه، أرسلوا إلى كبار أتباع الدعوةِ في المجمعة ليأتوا إلى حرمة؛ ليُعَلِّموا أهلَها، فلما جاء بعضُهم حرمة، كان أمير حرمة عثمان في نخلٍ له خارِجَ البلدةِ، فأرسل جويسر من يخبِرُه بقدوم ضيوفٍ مِن المجمعة، فلما رجع اجتمع عليه ستةُ رجال منهم أخوه خضير بن عبد الله، وابن عمه عثمان بن إبراهيم، فقَتَلوه، ثم بادروا لمن جاء من المجمعة فحَبَسوهم, ثم ساروا إلى المجمعة ليستولوا على قلعتِها وقَتل من فيها من أتباع الدعوة، لكِنَّ أهل المجمعة تنبَّهوا لهم فتحصَّنوا في القلعة، فلم يستطيعوا اقتحامَها، فرجعوا خائبين, ثم أرسلَ أهل المجمعة إلى عبد العزيز لإخبارِه بما وقع لهم على يدِ أهل حرمة, فأمرَ ابنَه سعودًا أن يسيرَ إلى حرمة، فسار معه جميعُ أهل البلدان من العارض، فنزل بالهضبة المحيطة بحرمة، وبقي يقاتل أهلَها ليلًا ونهارًا مدَّةَ أيام، وقُتِلَ من الفريقين رجالٌ, فلما أجهد الحصارُ أهل حرمة طلبوا الصلحَ مِن سعود فقَبِلَ بشرط أن يُطلِقوا الأسرى الذين عندهم من أهلِ المجمعة وأن يرحَلَ جويسر الحسيني عن البلدة, فأطلقوا سراح المحبوسين ورحل جويسر إلى بغداد، ثم انتقل إلى مكة بعد أن ظهر ابنُ سعود في نجدٍ وما حولها، وصار جويسر مدافعًا عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوتِه عند شريفِ مكة. واستعمل عليهم الأميرَ ناصر بن إبراهيم.  ثم اتَّجه سعود إلى المجمعة واستلحق أحمدَ بن عثمان ورحل به وبعيالِه واستعمل على المجمعة أميرًا هو عثمان بن عثمان، ولما وصل جلاجل استلحقَ سويدًا بعياله، وأمر الجميع أن يقصدوا بلدَ القصب ثم نزلوا شقراء إلى أن أمَرَهم الإمام عبد العزيز أن ينزلوا جميعًا الدرعية بعيالهم.

العام الهجري : 1426 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 2005
تفاصيل الحدث:

الملكُ فهدُ بنُ عبدِ العزيزِ هو الابنُ التاسعُ من أبناء الملك عبدِ العزيزِ آلَ سعودٍ الذكور -رحمهما اللهُ- وهو خامسُ ملوك المملكة العربية السعودية، وأولُ مَن تلقَّب بخادم الحرمَينِ الشريفَينِ رسميًّا بإعلانه ذلك في المدينة المنورة، تولَّى مقاليدَ الحُكم في 21 شعبان 1402هـ الموافق13 يونيو 1982م، وذلك بعد وفاة أخيه غير الشقيق الملك خالد بن عبد العزيز، تعرَّض الملك فهد إلى جَلْطة في عام 1995م، وتولَّى الأمير عبد الله بن عبد العزيز إدارة شؤون الحكم اليومية نظرًا لمرض الملك، وُلد الملك فهدٌ في الرياض عامَ 1921م 1340هـ، ووالدتُه هي الأميرة حصَّة بنت أحمد بن محمد السديري، وهو الأخ الشقيق للأمراء السبعة: سلمان، ونايف، وسلطان، وأحمد، وعبد الرحمن، وتركي الثاني، وفي عام 1954م تولَّى الأمير فهد بن عبد العزيز وزارةَ التعليم، كما أصبح الأميرُ فهدُ بنُ عبد العزيز يتولَّى المباحثات من الجانب السعودي خلالَ انعقاد جامعة الدول العربية، كما تولَّى وزارةَ الداخلية في عهد الملك فَيْصل، تميَّز عهدُه بصدور النظام الأساسي للحُكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق في 26 رجب 1412 هجرية الموافق 31 يناير 1992م، أسهم الملك فهد بن عبد العزيز في حل الكثير من الأزمات العربية في عهده، وأهمُّها: اتفاق الطائف الذي وحَّد لُبنان وأنْهى الحرب الأهلية فيها، كما قدَّم دعمًا ماديًّا وسياسيًّا لإنهاء اضطهاد المسلمين في البوسنة خلال حرب البَلْقان، أُعلن عن وفاته رسميًّا في يوم الاثنين 25 جمادى الثانية 1426هـالموافق 1 أغسطس 2005م في مستشفى الملك فَيْصل التخصصي بمدينة الرياض، بعدَ إصابته بالتهابٍ رِئويٍّ حادٍّ، ودُفن الملك فهد -رحمه الله- في مقبرة العود في الرياض، وتمَّ تنصيبُ الأمير عبد الله بن عبد العزيز خلفًا له، والأمير سلطان بن عبد العزيز وليًّا للعهد.

العام الهجري : 111 العام الميلادي : 729
تفاصيل الحدث:

غَزَا مُعاوِيَةُ بن هِشامٍ الصَّائِفَة اليُسْرَى، وغَزَا سَعيدُ بن هِشامٍ الصَّائِفَة اليُمْنَى حتَّى أَتَى قَيْسارِيَّة.

العام الهجري : 342 العام الميلادي : 953
تفاصيل الحدث:

كان أميرُ الحُجَّاج العراقيين الشَّريفان أبو الحسن محمد بن عبد الله، وأبو عبد الله أحمد بن عمر بن يحيى العلويان، فجرى بينهما وبين عساكِرِ المِصريِّين من أصحابِ ابنِ طغج حربٌ شديدة، وكان الظَّفَرُ لهما، فخطَبَ لمُعِزِّ الدولة بمكَّة، فلما خرجا من مكَّة لَحِقَهما عسكرُ مِصرَ، فقاتَلَهما، فظفرا به أيضًا.

العام الهجري : 717 العام الميلادي : 1317
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ كتاب المجد إسماعيل بن محمد بن ياقوت السلامي بإذعان المَلِك أبي سعيد بن خربندا، ووزيره خواجا علي شاه، والأمير جوبان، والأمراء أكابر المغول للصُّلحِ مع السلطان الناصِرِ ابنِ قلاوون، ومعه هديَّةٌ من جهةِ خواجا رشيد الدين، فجُهِّزَت إلى أبي سعيدٍ هدية جليلة من جملتها فرس وسيف وقرفل.

العام الهجري : 1248 العام الميلادي : 1832
تفاصيل الحدث:

هو فَيصلُ بن وطبان بن محمد الدويش الملقَّب بالأكوخ، شيخ قبيلة مطير. تولى المشيخة من عام 1205هـ. انضَمَّ مع القوات العثمانية بقيادةِ إبراهيم باشا في الاستيلاءِ على مدن القصيم والعارض وحصار الدرعية، وكان سببُ انضمامه قتل 12 رجلًا من شيوخ مطير وأقربائه من قِبَلِ عبد الله بن سعود، وكان له مراسلات عديدةٌ مع إبراهيم باشا

العام الهجري : 122 العام الميلادي : 739
تفاصيل الحدث:


لمَّا أَخَذ زَيدُ بن عَلِيٍّ زين العابدين بن الحُسينِ البَيْعَةَ ممَّن بايَعهُ مِن أَهلِ الكوفَة، أَمرَهم في أوَّلِ هذه السَّنَة بالخُروجِ والتَّأَهُّبِ له، فشَرَعوا في أَخذِ الأُهْبَةِ لذلك. فانطَلَق رَجلٌ يُقالُ له: سُليمان بن سُراقَة. إلى يُوسُف بن عُمَر الثَّقَفي نائِب العِراق فأَخبَره - وهو بالحِيرَةِ يَومَئذٍ - خَبَرَ زَيدِ بن عَلِيٍّ هذا ومَن معه مِن أَهلِ الكوفَة، فبَعَث يُوسُف بن عُمَر يَتَطلَّبه ويُلِحُّ في طَلَبِه، فلمَّا عَلِمَت الشِّيعَةُ ذلك اجْتَمعوا عند زَيدِ بن عَلِيٍّ فقالوا له: ما قَولُك -يَرحمُك الله- في أبي بَكرٍ وعُمَر؟ فقال: غَفَر اللهُ لهما، ما سَمِعتُ أَحدًا مِن أَهلِ بَيتِي تَبَرَّأَ منهما، وأنا لا أَقولُ فيها إلَّا خَيرًا، قالوا: فلِمَ تَطلُب إذًا بِدَمِ أَهلِ البَيت؟ فقال: إنَّا كُنَّا أَحَقَّ النَّاس بهذا الأَمرِ، ولكنَّ القَومَ اسْتَأثَروا علينا به ودَفَعونا عنه، ولم يَبلُغ ذلك عندنا بِهم كُفرًا، قد وُلُّوا فعَدَلوا، وعَمِلوا بالكِتابِ والسُّنَّة. قالوا: فلِمَ تُقاتِل هؤلاء إذًا؟ قال: إنَّ هؤلاء لَيسوا كأُولئِك، إنَّ هؤلاء ظَلَموا النَّاسَ وظَلَموا أَنفُسَهم، وإنِّي أَدعو إلى كِتابِ الله وسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وإحياءِ السُّنَنِ وإماتَةِ البِدَع، فإنْ تَسمَعوا يكُن خَيرًا لكم وَلِي، وإنْ تَأْبَوا فلَستُ عليكم بِوَكيل فَرَفضوه وانصَرَفوا عنه، ونَقَضوا بَيْعَتَه وتَرَكوه، فلهذا سُمُّوا الرَّافِضَة مِن يَومِئذ، ومَن تابَعَه مِن النَّاس على قَولِه سُمُّوا الزَّيْدِيَّة ثمَّ إنَّ زَيدًا عَزَم على الخُروجِ بِمَن بَقِيَ معه مِن أَصحابِه، فَوَاعَدَهم لَيلةَ الأَربعاء مِن مُسْتَهَلِّ صَفَر، فبَلَغ ذلك يُوسُف فأَمَر عامِلَه بأن يَحبِس النَّاسَ في المَسجِد لَيلَتها حتَّى لا يَخرجوا إليه، ثمَّ خَرَج زَيدٌ مع الذين اجتمعوا معه فسار إليه نائِبُ الكوفَة الحَكَمُ وسار إليه يُوسُف بن عُمَر في جَيشٍ، وحَصل قِتالٌ في عِدَّةِ أَماكن بينهم حتَّى أُصيبَ زَيدٌ بِسَهم في جَبهَتِه ثمَّ دُفِن، ثمَّ جاء يُوسُف وأَخرَجَه وصَلَبَه، وقِيلَ: بَقِيَ كذلك طَويلًا ثمَّ أُنزِلَ وحُرِق، فما حصل لزيد بن علي هو نفس ما حصل للحسين بن علي رضي الله عنه في كربلاء.

العام الهجري : 405 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1014
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الحافِظُ، الناقِدُ العَلَّامة، شيخُ المُحَدِّثين، أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ عبدِ الله بن محمَّد بن حمدويه بنِ نعيم بن الحكم، بن البيع الحاكم الضَّبِّي الطهماني النيسابوري، ويُعرَفُ بابن البيع، مِن أهل نيسابور. ولِدَ في يوم الاثنين, ثالثَ شهر ربيع الأول، سنة 321ه بنيسابور. قال الذهبي: "طلب الحديثَ في صِغَرِه بعنايةِ والِدِه وخالِه، وأوَّلُ سَماِعِه كان في سنةِ ثلاثين، في التاسعة مِن عُمُرِه، وقد استملى على أبي حاتمِ بنِ حِبَّان في سنة 334ه وهو ابنُ ثلاث عشرة سنة. ولحِقَ الأسانيدَ العاليةَ بخُراسان والعراق وما وراء النَّهر، وسَمِعَ مِن نحو ألفَي شَيخٍ، ينقُصونَ أو يزيدون، فإنَّه سَمِعَ بنيسابورَ وَحدَها مِن ألفِ نَفسٍ، وارتحَلَ إلى العراقِ وهو ابنُ عشرينَ سنة"، فكان من أهلِ العِلمِ والحِفظِ والحَديثِ، سَمِعَ الكثيرَ وطاف الآفاقَ، وصَنَّفَ الكُتُبَ الكِبارَ والصِّغارَ، أشهَرُها المُستَدرَكُ على الصَّحيحَينِ، وعلومُ الحديثِ، والإكليلُ، وتاريخُ نَيسابور، وقد روى عن خَلقٍ، ومن مشايخِه الدَّارَقُطنيُّ وابنُ أبي الفوارس وغيرهما، وقد كان مِن أهلِ الدِّينِ والأمانةِ والصِّيانةِ، والضَّبطِ والتَّجَرُّدِ والوَرَع، حدَّثَ عنه الدَّارَقُطنيُّ وأبو الفتحِ بنُ أبي الفوارسِ وهما من شيوخِه، قال الذهبيُّ عن الحاكم: "صَنَّف وخَرَّج، وجرَحَ وعَدَّل، وصَحَّحَ وعَلَّل، وكان مِن بحورِ العِلمِ على تَشَيُّعٍ قليلٍ فيه". وأكَّدَ الذهبيُّ أنَّ الحاكِمَ شِيعيٌّ وليس رافضيًّا، فقال: "أمَّا انحرافُه عن خصومِ عليٍّ فظاهِرٌ، وأمَّا أمرُ الشَّيخَينِ فمُعظِّمٌ لهما بكلِّ حالٍ, فهو شِيعيٌّ لا رافِضيٌّ" وقال: "هو شيعيٌّ مشهورٌ بذلك, من غيرِ تعرُّضٍ للشَّيخَينِ" قال ابنُ خَلِّكان: "تقَلَّدَ الحاكِمُ القضاءَ بنَيسابور في سنة 359ه في أيام الدَّولةِ السَّامانيَّة ووزراءِ أبي النَّصرِ مُحمَّدِ بن عبد الجبار العتيبي، وقُلِّدَ بعد ذلك قضاءَ جُرجان فامتنع، وكانوا يُنفِذونَه في الرَّسائِلِ إلى مُلوكِ بني بُوَيه, ثم قال: إنَّما عُرِفَ بالحاكِمِ لتقَلُّدِه القضاء ". دخل الحاكِمُ الحَمَّام، فاغتَسَل، وخرج. وقال: آه. وقُبِضَت روحُه وهو مُتَّزِرٌ لم يلبَسْ قَميصَه بعدُ، ودُفِنَ بعد عصرِ يوم الأربعاء، وصلَّى عليه القاضي أبو بكرٍ الحيري. توفِّي عن أربعٍ وثمانين سنةً.

العام الهجري : 595 العام الميلادي : 1198
تفاصيل الحدث:

كان أبو علي يونُس بنُ عمر وَلِيَ المهديَّةَ، وجَعَل قائِدَ الجيش بالمهدية محمَّد بن عبد الكريم، وهو شجاعٌ مشهور، فعَظُمَت نكايته في العرب، فلم يَبقَ منهم إلَّا من يخافه، فاتَّفَق أنه أتاه الخبَرُ بأن طائفة من عوف نازلون بمكان، فخرج إليهم، وعَدَل عنهم حتى جازهم، ثم أقبَلَ عائدًا يطلُبُهم، وأتاهم الخبَرُ بخروجه إليهم، فهربوا من بين يديه، فلَقُوه أمامهم، فهربوا وتركوا المالَ والعيال من غيرِ قتال، فأخذ الجميعَ ورجع إلى المهديَّة، وسَلَّم العيالَ إلى الوالي، وأخَذَ مِن الأسلاب والغنيمة ما شاء، وسَلَّمَ الباقيَ إلى الوالي وإلى الجند، ثمَّ إن العرب من بني عوف قصدوا أبا سعيدِ بن عمر اينتي، فوحدوا وصاروا من حِزبِ الموحِّدين، واستجاروا به في رَدِّ عيالهم، فأحضَرَ محمد بن عبد الكريم، وأمره بإعادةِ ما أخذ لهم من النَّعَم، فقال: أخَذَه الجُندُ، ولا أقدِرُ على رده، فأغلظ له في القَولِ، وأراد أن يبطِشَ به، فاستمهَلَه إلى أن يرجِعَ إلى المهديَّة ويسترِدَّ مِن الجند ما يجِدُه عندهم، وما عَدِمَ منه غُرِّمَ العِوَضَ عنه من ماله، فأمهله، فعاد إلى المهديَّة وهو خائف، فلما وصلها جمَعَ أصحابَه وأعلمهم ما كان من أبي سعيد، وحالفهم على موافقتِه، فحَلَفوا له، فقَبَضَ على أبي علي يونس، وتغلَّب على المهديَّة ومَلَكَها، فأرسل إليه أبو سعيد في معنى إطلاقِ أخيه يونس، فأطلَقَه على اثني عشر ألف دينار، فلما أرسَلَها إليه أبو سعيد فَرَّقَها في الجند وأطلق يونس، وجمَعَ أبو سعيد العساكرَ، وأراد قَصْدَه ومحاصرته، فأرسل محمد بن عبد الكريم إلى عليِّ بن إسحاق الملثم فحالفه واعتضَدَ به، فامتنع أبو سعيدٍ مِن قصده، ومات يعقوبُ وولي ابنه محمد، فسير عسكرًا مع عَمِّه في البحر، وعسكرًا آخَرَ في البر مع ابنِ عَمِّه الحسن بن أبي حفص بن عبد المؤمن، فلما وصلَ عسكر البحر إلى بجاية، وعسكَرُ البَرِّ إلى قسنطينة الهوى، هرب الملثَّم ومن معه من العرب من بلاد إفريقيَّة إلى الصحراء، ووصل الأسطولُ إلى المهديَّة، فشكا محمد بن عبد الكريم ما لَقِيَ من أبي سعيد، وقال: أنا على طاعةِ أمير المؤمنين محمد، ولا أسَلِّمُها إلى أبي سعيد، وإنما أسلمها إلى من يَصِلُ من أمير المؤمنين؛ فأرسل محمَّد مَن يتَسَلَّمُها منه، وعاد إلى الطاعةِ.

العام الهجري : 814 العام الميلادي : 1411
تفاصيل الحدث:

في أواخرِ القرنِ السادسِ الهِجريِّ كانت حَضرَموتُ مَيدانًا لِلمُناوراتِ السياسيةِ والفَوضى، حيث الصِّراعاتُ بينَ أطرافٍ مُتعدِّدةٍ، كبَني راشِدٍ وبَني يَمانٍ، وعَساكِرِ الغُزِّ الهاجمين مِنَ العَساكرِ المِصريةِ، وجُيوشِ ابنِ مَهديٍّ اليَمنيِّ، وغَيرِها مِنَ القَبائلِ والعَشائرِ الحَضرَميةِ، كبَني نَهدٍ وبَني حارِثةَ، فكانت حَضرَموتُ مُتفرقةً بينَ وُلاةٍ مُتعدِّدينَ، مُنتشرًا فيها النَّهبُ وسَفكُ الدِّماءِ، ولم يَنفَعْها احتِلالُ الأيُّوبيِّينَ لها. وفي ظِلِّ هذا الوَضعِ رأى آلُ كَثيرٍ -وهم أعظَمُ قبائِلِ هَمَدانَ، وهم قَبائلُ مُتعدِّدةٌ- أنْ يُؤسِّسوا لِأنفُسْهم دولةً، وأنْ يَكونَ لهم دَورٌ في إنهاءِ حالةِ الفَوْضى والفِتنةِ المُكتَسِحةِ في حَضرَموتَ. فاقتَرَب بَنو كَثيرٍ مِن مَشايخِ العِلْمِ والصَّلاحِ مِن آلِ البَيتِ العَلويِّينَ ومِن أهلِ السُّنةِ، على أمَلِ تأسيسِ دولةٍ سُنِّيةٍ شافعيةٍ، على أنقاضِ المَذهبِ الأباضيِّ الذي انتَهت دولتُه عامَ 561هـ. بدأ آلُ كَثيرٍ بتَقويةِ نُفوذِهمُ السياسيِّ، وفي عامِ 683هـ تحالَفَ آلُ كَثيرٍ مع سالمِ بنِ إدريسَ الحَبُوظيِّ، أميرِ ظَفارِ، الذي أخَذَ يَتوسَّعُ في الاستيلاءِ على البُلدانِ بحَضرَموتَ، وتولَّى آلُ كَثيرٍ إدارةَ العَسكريةِ الحَبُوظيَّةِ، ثم لم يَلبَثْ أنِ انهَزَم سالمُ بنُ إدريسَ وقُتلَ على يَدِ السُّلطانِ المُظفَّرِ الغَسَّانيِّ مَلكِ الدولةِ الرَّسوليةِ. وأخَذَ آلُ كَثيرٍ بعدَ مَقتلِ سالمِ بنِ إدريسَ في تَثبيتِ ما بأيديهم مِنَ القُرى، والاستيلاءِ على مَناطِقَ أُخرى، وكانَ مُلكُهم يَنبسِطُ مَرَّةً ويَتقلَّصُ أُخرى، لِتَخاصُمِهم وتَنازُعِهم فيما بَينَهم، وفيما بينَ غَيرِهم مِنَ المُنافِسينَ، وفي أواخِرِ القرنِ الثامِنِ الهِجريِّ تَفرَّغَ أبناءُ جَعفرِ بنِ بَدرٍ الكَثيريِّ وهم (يَمانيٌّ ومُدرِكٌ وعُمَرُ) لِمُناوشةِ قَبيلةِ الظلفانِ، والتفَتَ أفرادُ الوحدةِ الكَثيريةِ الآخَرون إلى تَدبيرِ السَّلطنةِ، وفي هذه الأثناءِ وُلد السُّلطانُ علِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ جَعفرٍ الكَثيريُّ، الذي به أصبحتِ الدولةُ الكَثيريةُ رَسميةً، يَعرِفُها جُمهورُ أهلِ القُطرِ الحَضرميِّ. وكانت بدايةُ الدولةِ الكَثيريةِ الأولى حين غادَرَ السُّلطانُ علِيُّ بنُ عُمَرَ "بُورَ" سنةَ 814هـ، واتَّصلَ بالشيخِ عليِّ بنِ عُمَرَ باعَبَّادٍ وغيرِه مِن رِجالِ الصَّلاحِ، وكانوا يَعِدُونه بالاستيلاءِ على ظَفارِ وجَميعِ بُلدانِ حَضرَموتَ، فاشتَدَّ عَزمُه بذلك، وشرَعَ في تَذليلِ العَقباتِ، يُحارِبُ ويَغزو حتى استتَبَّ له الأمرُ، وخضَعَت له الرِّقابُ واستَحقَّ لَقَبَ سُلطانٍ.

العام الهجري : 855 العام الميلادي : 1451
تفاصيل الحدث:

كانَ الطاهريُّون مشايخَ مَحلِّيينَ مِن منطقةِ رَداعَ حيث كانت لهمُ الرياسةُ فيها، وتابِعينَ لِبَني رَسولٍ، وقد توَطَّدتِ العَلاقةُ بينَ بَني طاهرٍ ودولةِ بَني رَسولٍ في أواخِرِ الدولةِ الرَّسوليةِ بمُصاهرةٍ تمت عامَ 836هـ بينَ المَلكِ الظاهرِ الرَّسوليِّ وابنةِ كَبيرِ آلِ طاهرٍ، الشَّيخِ طاهرِ بنِ معوضةَ، ثم صارَ آلُ طاهرٍ وُلاةً لآلِ رَسولٍ في جِهاتِهم، بل وامتَدَّ حُكمُهم إلى عَدَنٍ في فَتراتٍ لاحِقةٍ. وعندَما أيقنَ آلُ طاهرٍ مِن أنَّ أمرَ الرَّسوليِّينَ إلى زَوالٍ لا مَحالةَ، أعَدَّ الشيخُ علِيُّ بنُ طاهِرِ بنِ معوضةَ، الملقَّبُ بالمُجاهدِ مع أخيه المُلقَّبِ بالظافرِ، حَملةً لِحَربِ المَلكِ الرَّسوليِّ المَسعودِ في عَدَنٍ، ولكِنَّه عادَ مِن حَملتِه خائِبًا ولم يَتمَكَّنْ مِنَ القَضاءِ على خَصمِه المَسعودِ، ثم أعَدَّ نَفسَه إعدادًا أفضَلَ، فكَرَّرَ حَملَتَه على عَدَنٍ في عامِ 858هـ وتمكَّنَ هذه المرَّةَ مِن طَردِ المَسعودِ، ثم في شَهرِ رَجَبٍ مِنَ العامِ نَفسِه تمكَّنوا مِن دُخولِ عَدَنٍ وأسْرِ المؤيَّدِ هناك، آخرِ مُلوكِ دولةِ بَني رَسولٍ، وابتدأتِ الدولةُ الطاهريةُ بحُكم الأخوَيْنِ المُجاهدِ والظافرِ مِن آلِ طاهرٍ سنةَ 855هـ يَحكمان معًا، فبَسَطا سيطرتَهما على مناطقِ اليَمنِ، وأصبحا في حالةِ صِراعٍ مع الأئمةِ الزَّيديِّينَ، وفي حَربِ السيطرةِ على صَنعاءَ قُتِلَ المَلكُ الظافرُ، فتراجَعَ أخوه عنِ احتلالِها وترَكَها تحتَ سَيطرةِ الزَّيديِّينَ، بعدَ المَلكِ المُجاهدِ تولَّى ابنُ أخيه عبدُ الوهَّابِ بنُ داودَ الطاهريُّ، ولُقِّب بالمَنصورِ، وفي عهدِه انتقلت عاصمةُ الطاهريِّينَ مِن جُبَنَ إلى عَدَنٍ ثم تَعِزَّ، تولَّى بعدَه ابنُه عامرُ بنُ عبدِ الوهَّابِ، ولُقِّب بالظافرِ، وواجَه تمَرُّداتٍ وأخمَدَها، واستولى على ذِمارَ ثم دَخَل صَنعاءَ، حاول الإمامُ شَرَفُ الدِّينِ مُواجهةَ تَوسُّعِ الطاهريِّينَ، واتَّصلَ بالمماليكِ الشركسيةِ لِيُعينوه، وكانَ القائدُ المملوكيُّ حُسينٌ الكُرديُّ قد طلب مِنَ الطاهريِّينَ أنْ يُمدُّوه بقوةٍ في مُحاربةِ البُرتُغاليِّينَ، ولكنهم رَفضوا، فنزلَ إلى السَّواحلِ اليَمنيةِ وحارَبَهم، وكانت آخِرَ المَعارِكِ بَينَهم قُربَ صَنعاءَ، ولَقيَ المَلكُ الظافرُ عامِرُ بنُ عبدِ الوهَّابِ حَتفَه، وذلك عامَ 923هـ، وانتَهتْ بمَوتِه الدولةُ الطاهريةُ بعدَ 65 عامًا مِن قيامِها، ولم يَبقَ منها إلا جَيبُ عَدَنَ الذي تمكَّنَ الأميرُ عامرُ بنُ داودَ الطاهريُّ مِنَ الاحتِفاظِ به حتى قَضى عليه الأتراكُ.

العام الهجري : 61 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 680
تفاصيل الحدث:

لم يُبايِعْ الحُسينُ بن عَلِيٍّ رضي الله عنه لِيَزيدَ، وبَقِيَ في مكَّة هو وابنُ الزُّبيرِ؛ ولكنَّ أهلَ الكوفَة راسَلوا الحُسينَ لِيَقْدُمَ عليهم لِيُبايِعوهُ ويَنصُروهُ فتكونُ له الخِلافَة، وكان على الكوفَة عُبيدُ الله بن زيادٍ، فبعَث الحُسينُ ابنَ عَمِّهِ مُسلِم بن عَقِيلَ لِيَعلَمَ له صِدْقَ أهلِ الكوفَة، فقَبَضَ عليه ابنُ زيادٍ وقَتَلَهُ، وتَوالَت الكُتُبُ مِن أهلِ الكوفَةِ للحُسينِ لِيَحضُرَ إليهم حتَّى عزَم على ذلك، فناصَحَهُ الكثيرُ مِن الرِّجالِ والنِّساءِ منهم: ابنُ عُمَر، وأخوهُ محمَّدُ بن الحَنَفِيَّةِ، وابنُ عبَّاسٍ، وأبو سَعيدٍ الخُدريُّ وعبدُ الله بن الزُّبيرِ.... ألَّا يَفْعَلَ، وأنَّهم سَيَخْذُلونَه كما خَذلوا أباهُ وأخاهُ مِن قَبلُ؛ لكنَّ قَدَرَ الله سابقٌ فأَبَى إلَّا الذِّهابَ إليهم، فخرَج مِن مكَّة في ذي الحَجَّة، ولمَّا عَلِمَ ابنُ زيادٍ بمَخْرَجِه جَهَّزَ له مَن يُقابِلهُ، فلمَّا قَدِمَ الحُسينُ وقد كان وَصَلَهُ خبرُ مَوتِ مُسلِم وأخيهِ مِن الرَّضاعِ فقال للنَّاس مَن أَحَبَّ أن يَنْصرِفَ فليَنْصَرِفْ، ليس عليه مِنَّا ذِمامٌ. فتَفَرَّقوا يَمينًا وشِمالًا حتَّى بَقِيَ في أصحابِه الذين جاؤوا معه مِن مكَّة، وقابَلَهم الحُرُّ بن يَزيدَ مِن قِبَلِ ابنِ زيادٍ لِيُحْضِرَ الحُسينَ ومَن معه إلى ابنِ زيادٍ؛ ولكنَّ الحُسينَ أَبَى عليه ذلك، فلم يَقْتُلْه الحُرُّ وظَلَّ يُسايِرُهُ حتَّى لا يَدخُلَ الكوفَة، حتَّى كانوا قريبًا مِن نِينَوَى جاء كتابُ ابنِ زيادٍ إلى الحُرِّ أن يُنْزِلَ الحُسينَ بالعَراءِ بغَيرِ ماءٍ، ثمَّ جاء جيشُ عُمَر بن سعدِ بن أبي وقَّاص كذلك للحُسينِ، إمَّا أن يُبايِع، وإمَّا أن يَرى ابنُ زيادٍ فيه رَأيَهُ، وعرَض الحُسينُ عليهم إمَّا أن يَتركوهُ فيَرجِع مِن حيث أَتَى، أو يَذهَب إلى الشَّام فيَضَعُ يَدَهُ في يَدِ يَزيدَ بن مُعاوِيَة، وإمَّا أن يَسيرَ إلى أيِّ ثَغْرٍ مِن ثُغورِ المسلمين فيكون واحدًا منهم، له ما لهم وعليه ما عليهم. فلم يَقْبَلوا منه شيئًا مِن ذلك، وأَرسَل ابنُ زيادٍ طائفةً أُخرى معها كِتابٌ إلى عُمَر بن سعدٍ أن ائْتِ بهم أو قاتِلْهُم، ثمَّ لمَّا كان اليومُ العاشر مِن مُحرَّم الْتَقى الصَّفَّانِ، وذَكَّرَهُم الحُسينُ مَرَّةً أُخرى بكُتُبِهم له بالقُدومِ فأنكروا ذلك، ووَعَظَهُم فأَبَوْا فاقْتَتَلوا قِتالًا شديدًا، ومال الحُرُّ إلى الحُسينِ وقاتَل معه، وكان آخِرَ مَن بَقِيَ مِن أصحابِ الحُسينِ سُويدُ بن أبي المُطاعِ الخَثْعَميُّ، وكان أوَّلَ مَن قُتِلَ مِن آلِ بَنِي أبي طالِبٍ يَومئذٍ عَلِيٌّ الأكبرُ ابنُ الحُسينِ، ومكَث الحُسينُ طويلًا مِن النَّهارِ كُلمَّا انتهى إليه رجلٌ مِن النَّاسِ رجَع عنه وَكَرِهَ أن يَتَوَلَّى قَتْلَهُ وعِظَمَ إثْمِهِ عليه.
وكان أصحابُ الحُسينِ يُدافِعون عنه، ولمَّا قُتِلَ أصحابُه لم يَجْرُؤْ أَحَدٌ على قَتْلِه، وكان جيشُ عُمَر بن سعدٍ يَتَدافعون، ويخشى كُلُّ فَردٍ أن يَبُوءَ بِقَتْلِه، وتَمَنَّوْا أن يَسْتَسْلِمَ؛ لكنَّ شِمْرَ بن ذي الجَوْشَنِ صاح في الجُنْدِ: وَيْحَكُم، ماذا تَنتَظِرون بالرَّجُلِ! اقْتُلوهُ، ثَكَلَتْكُم أُمَّهاتُكم. وأَمَرَهُم بِقَتْلِه, فحَمَلوا عليه مِن كُلِّ جانِبٍ، وضَرَبهُ زُرْعَةُ بن شَريكٍ التَّميميُّ, ثمَّ طَعَنَهُ سِنانُ بن أَنَسٍ النَّخَعيُّ واحْتَزَّ رَأسَهُ. ويُقالُ: إنَّ الذي قَتَلَهُ عُروةُ بن بَطَّار التَّغْلِبيُّ وزيدُ بن رُقادٍ الجَنْبِيُّ. ويُقالُ: إنَّ المُتَوَلِّي الإجهازَ عليه شِمْرُ بن ذي الجَوْشَن الضَّبِّيُّ، وحمَل رَأسَهُ إلى ابنِ زيادٍ خَوْلِيُّ بن يَزيدَ الأَصْبَحيُّ. ودُفِنَ الحُسينُ رضي الله عنه وأصحابُه أهلُ الغاضِريَّة مِن بَنِي أَسَدٍ بعدَ قَتلِهم بيَومٍ. قال شيخُ الإسلامِ في قَتلِه رضي الله عنه: قُتِلَ الحُسينُ بن عَلِيٍّ رضِي الله عنهما يومَ عاشوراءَ، قَتَلَتْهُ الطَّائفةُ الظَّالمةُ الباغيةُ، وأَكرَم الله الحُسينَ بالشَّهادةِ، كما أَكرَم بها مَن أَكرَم مِن أهلِ بَيتِه، أَكرَم بها حَمزةَ وجَعفَرًا، وأباه عَلِيًّا، وغَيرَهُم، وكانت شَهادتُه ممَّا رفَع الله بها مَنزِلَتَه، وأَعْلَى دَرَجتَهُ، والمَنازِلُ العاليةُ لا تُنالُ إلَّا بالبَلاءِ، قَتلوهُ مَظلومًا شَهيدًا شَهادةً أَكرَمَهُ الله بها، وأَلْحَقَهُ بأهلِ بَيتِه الطَّيِّبين الطَّاهِرين، وأَهانَ بها مَن ظَلمَهُ واعْتَدى عليه، وأَوْجَبَ ذلك شَرًّا بين النَّاسِ، فصارَت طائِفَة جاهِلَة ظالِمَة: إمَّا مُلْحِدة مُنافِقَة، وإمَّا ضَالَّة غاوِيَة، تُظْهِر مُوالاتِه ومُوالاةِ أهلِ بَيتِه، تَتَّخِذُ يومَ عاشوراء يومَ مَأْتَم وحُزْن ونِياحَة، وتُظْهِر فيه شِعارَ الجاهليَّة مِن لَطْمِ الخُدودِ، وشَقِّ الجُيوبِ، والتَّعَزِّي بِعَزاءِ الجاهليَّة. ومِن كَرامَةِ الله للمؤمنين أنَّ مُصيبةَ الحُسينِ وغَيرِه إذا ذُكِرَت بعدَ طولِ العَهْدِ يُسْتَرْجَعُ فيها، كما أمَرَ الله ورسولُه؛ لِيُعْطَى مِن الأجرِ مِثلُ أَجْرِ المُصابِ يومَ أُصِيبَ بها. وإذا كان الله تعالى قد أَمَرَ بالصَّبْرِ والاحْتِسابِ عند حَدَثان العَهْدِ بالمُصيبَةِ فكيف مع طولِ الزَّمانِ, فكان ما زَيَّنَهُ الشَّيطانُ لأهلِ الضَّلالِ والغِيِّ مِن اتِّخاذِ يومِ عاشوراء مَأتمًا، وما يَصنعون فيه مِن النَّدْبِ والنِّياحَةِ، وإنشادِ قَصائدِ الحُزنِ، ورِوايةِ الأخبارِ التي فيها كَذِبٌ كثيرٌ -والصِّدقُ فيها ليس فيه إلَّا تَجديدُ الحُزنِ- والتَّعَصُّبِ، وإثارةِ الشَّحناءِ والحَرْبِ، وإلقاءِ الفِتَنِ بين أهلِ الإسلامِ؛ والتَّوسُّلِ بذلك إلى سَبِّ السَّابِقين الأوَّلين، وكَثْرَةِ الكَذِبِ والفِتَنِ في الدُّنيا، ولم يَعرِفْ طوائفُ الإسلامِ أكثرَ كَذِبًا وفِتَنًا ومُعاونةً للكُفَّارِ على أهلِ الإسلامِ مِن هذه الطَّائفَةِ الضَّالَّةِ الغاويَةِ، فإنَّهم شَرٌ مِن الخَوارِج المارِقين.

العام الهجري : 831 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1428
تفاصيل الحدث:

في شهر جمادى الأولى كانت الفتنة الكبيرة بمدينة تعز من بلاد اليمن؛ وذلك أن الملك المنصور عبد الله بن أحمد لما توفي في جمادى الأولى السنة الفائتة، أقيم بعده أخوه الملك الأشرف إسماعيل بن أحمد الناصر بن الملك الأشرف إسماعيل بن عباس، فتغيَّرت عليه نيات الجند كافةً؛ من أجل وزيره شرف الدين إسماعيل بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر العلوي، نسبةً إلى علي بن بولان العكي؛ فإنه أخَّر صرف جوامكهم -مخصَّصاتهم- ومرتَّباتهم، واشتد عليهم، وعنف بهم، فنفرت منه القلوب، وكثُرت حُسَّاده؛ لاستبداده على السلطان، وانفراده بالتصرف دونه، وكان يليه في الرتبة الأمير شمس الدين علي بن الحسام، ثم القاضي نور الدين علي المحالبي مشد -ضابط- الاستيفاء، فلما اشتد الأمر على العسكر وكثرت إهانة الوزير لهم، واطِّراحه جانبهم، ضاقت عليهم الأحوال حتى كادوا أن يموتوا جوعًا، فاتفق تجهيز خزانة من عدن، وبرز الأمر بتوجه طائفة من العبيد والأتراك لنقلِها، فسألوا أن يُنفَق فيهم أربعة دراهم لكلٍّ منهم يرتفق بها، فامتنع الوزير ابن العلوي من ذلك، وقال: ليمضوا غصبًا إن كان لهم غرضٌ في الخدمة، وحين وصول الخزانة يكون خير، وإلا ففَسَح الله لهم، فما للدهر بهم حاجة، والسلطان غني عنهم، فهيج هذا القول حفائِظَهم، وتحالف العبيد والترك على الفتك بالوزير، وإثارة فتنة، فبلغ الخبر السلطان، فأعلم الوزير، فقال: ما يسووا شيئًا، بل نشنق كل عشرة في موضع، وهم أعجَزُ من ذلك، فلما كان يوم الخميس تاسع جمادى الآخرة هذا قبيل المغرب، هجم جماعةٌ من العبيد والترك دار العدل بتعز، وافترقوا أربع فرق؛ فرقة دخلت من باب الدار، وفرقة دخلت من باب السر، وفرقة وقفت تحت الدار، وفرقة أخذت بجانب آخر، فخرج إليهم الأمير سنقر أمير جندار، فهبروه بالسيوف حتى هلك، وقتلوا معه علي المحالبي مشد المشدين، وعدة رجال، ثم طلعوا إلى الأشرف -وقد اختفى بين نسائه وتزيَّا بزيهن- فأخذوه ومضوا إلى الوزير ابن العلوي، فقال لهم: ما لكم في قتلي فائدة؟ أنا أنفق على العسكر نفقة شهرين، فمضوا إلى الأمير شمس الدين علي بن الحسام بن لاجين، فقبضوا عليه، وقد اختفى، وسجنوا الأشرف وأمَّه وحظيَّته في طبقة المماليك، ووكلوا به، وسجنوا ابن العلوي الوزير وابن الحسام قريبًا من الأشرف، ووكلوا بهما، وقد قيدوا الجميع، وصار كبير هذه الفتنة برقوق من جماعة الترك، فصعد هو في جماعة ليُخرِجَ الظاهر يحيى بن الأشرف إسماعيل بن عباس من مدينة ثعبات بتعز، فامتنع أمير البلد من الفتح ليلًا، وبعث الظاهر إلى برقوق بأن يتمهَّل إلى الصبح، فنزل برقوق ونادى في البلد بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء، والأخذ والعطاء، وأن السلطان هو الملك الظاهر يحيى بن الأشرف، هذا وقد نهب العسكر عند دخولهم دار العدل جميعَ ما في دار السلطان، وأفحَشوا في نهبهم، فسلبوا الحريم ما عليهن، وانتهكوا ما حرَّم الله، ولم يَدَعوا في الدار ما قيمتُه الدرهم الواحد، وأخذوا حتى الحُصُر، وامتلأت الدار وقت الهجمة بالعبيد والترك والعامة، فلما أصبح يوم الجمعة عاشره اجتمع بدار العدل الترك والعبيد، وطلبوا بني زياد وبني السنبلي والخدم، وسائر أمراء الدولة والأعيان، فلما تكامل جمعهم ووقع بينهم الكلام فيمن يقيموه، قال بنو زياد: ما تمَّ غير يحيى، فاطلَعوا له هذه الساعة، فقام الأمير زين الدين جياش الكاملي والأمير برقوق، وطلعا إلى مدينة ثعبات في جماعة من الخدام والأجناد، فإذا الأبوابُ مغلقة، وصاحوا بصاحب البلد حتى فتح لهم، ودخلوا إلى القصر، فسلموا على الظاهر يحيى بالسلطنة وسألوه أن ينزل معهم إلى دار العدل، فقال: حتى يصل العسكر أجمع، ففكُّوا القيد مِن رِجلَيه، وطلبوا العسكرَ بأسرِهم، فطلعوا بأجمعهم، وأطلعوا معهم بعشرة جنائب من الإسطبل السلطاني في عدة بغال، فتقدَّم الترك والعبيد وقالوا للظاهر: لا نبايعك حتى تحلفَ لنا أنَّه لا يحدث علينا منك سوءٌ بسبب هذه الفعلة، ولا ما سبقَ قبلها،، فحلف لهم ولجميع العسكر، وهم يعيدون عليه الأيمانَ، ويتوثَّقون منه، وذلك بحضرة قاضي القضاة موفق الدين علي بن الناشري، ثم حلفوا له على ما يحبُّ ويختار، فلما انقضى الحلف، وتكامل العسكر، ركب ونزل إلى دار العدل في أهبة السلطنة، فدخلها بعد صلاة الجمعة، فكان يومًا مشهودًا، وعندما استقر بالدار أمر بإرسال ابن أخيه الأشرف إسماعيل إلى ثعبات، فطلعوا به، وقيدوه بالقيد الذي كان الظاهر يحيى مُقيَّدًا به، وسجنوه بالدار التي كان مَسجونًا بها، ثم حُمل بعد أيام إلى الدملوه، ومعه أمه وجاريته، وأنعم السلطان الملك الظاهر يحيى على أخيه الملك الأفضل عباس بما كان له، وخلع عليه وجعله نائب السلطة كما كان في أول دولة الناصر، وخمدت الفتنة، وكان الذي حرَّك هذا الأمر بني زياد، فقام أحمد بن محمد بن زياد الكاملي بأعباء هذه الفتنة، لحنقه على الوزير ابن العلوي؛ فإنه كان قد مالأ على قتل أخيه جياش، وخذل عن الأخذ بثأره وصار يمتَهِنُ بني زياد، ثم ألزم الوزير ابن العلوي وابن الحسام بحمل المال، وعُصِرا على كِعابهما وأصداغهما، ورُبطا من تحت إبطهما، وعُلِّقا منكسَينِ، وضُرِبا بالشيب والعصا، وهما يوردان المال، فأُخِذَ من ابن العلوي -ما بين نقد وعروضٍ- ثمانون ألف دينار، ومن ابن الحسام ثلاثون ألف دينار، وظهر من السلطان نبل وكرم وشهامة ومهابة، بحيث خافه العسكر بأجمعهم؛ فإن له قوة وشجاعة، حتى إن قوسه يعجز من عندهم من الترك عن جَرِّه، وبهذه الحادثة اختَلَّ مُلكُ بني رسول.

العام الهجري : 6 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 628
تفاصيل الحدث:

كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قبلَ عَقْدِ صُلحِ الحُديبيةِ بعَث خِراشَ بنَ أُميَّةَ الخُزاعيَّ إلى مكَّةَ، وحمَلهُ على جَملٍ له يُقالُ له: الثَّعلبُ. فلمَّا دخَل مكَّةَ عَقَرَتْ به قُريشٌ وأرادوا قَتْلَ خِراشٍ فمنَعهُم الأَحابيشُ (هم: بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة ، والهون بن خزيمة بن مدركة، وبنو المصطلق من خزاعة) حتَّى أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فدَعا عُمَرَ لِيَبعثَهُ إلى مكَّةَ، فقال: يا رسولَ الله إنِّي أَخافُ قُريشًا على نَفْسي، وليس بها مِن بني عَدِيٍّ أحدٌ يَمنعُني، وقد عَرفتْ قُريشٌ عَداوتي إيَّاها وغِلْظَتي عليها؛ ولكنْ أَدلُّك على رجلٍ هو أَعزُّ مِنِّي عُثمانَ بنِ عفَّانَ. فدَعاهُ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فبعَثهُ إلى قُريشٍ يُخبِرُهم أنَّه لم يأتِ لحربٍ، وأنَّه جاء زائرًا لهذا البيتِ مُعَظِّمًا لِحُرمَتِه، فخرج عُثمانُ حتَّى أتى مكَّةَ ولَقِيَهُ أَبانُ بنُ سَعيدِ بنِ العاصِ، فنزَل عن دَابَّتِه وحمَله بين يَديه ورَدِف خلفَه وأَجارهُ حتَّى بلَّغَ رِسالةَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فانطلق عُثمانُ حتَّى أتى أبا سُفيانَ وعُظماءَ قُريشٍ فبَلَّغهُم عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما أَرسلهُ به، فقالوا لِعُثمانَ: إن شِئتَ أن تَطوفَ بالبيتِ فَطُفْ به. فقال: ما كنتُ لأفعلَ حتَّى يَطوفَ به رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. فاحْتبسَتهُ قُريشٌ عندها، فبلَغ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم والمسلمين أنَّ عُثمانَ قد قُتِلَ).قال ابنُ عُمَرَ رضِي الله عنهما:كانت بَيعةُ الرِّضوانِ بعدَ ما ذهَب عُثمانُ إلى مكَّةَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدِه اليُمنى: «هذه يدُ عُثمانَ». فضرَب بها على يدِه، فقال: «هذه لِعُثمانَ».
وقال جابرُ بنُ عبدِ الله: كُنَّا يومَ الحُديبيةِ ألفًا وأربعَ مائةٍ، فبايَعْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وعُمَرُ آخِذٌ بيدِه تحت الشَّجرةِ، وهي سَمُرَةٌ. وقال لنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أنتم اليومَ خيرُ أهلِ الأرضِ». ثم قال جابرٌ: لو كنتُ أُبصِرُ لأَرَيْتُكُم مَوضِعَ الشَّجرةِ.
وعن مَعقِلِ بنِ يَسارٍ قال: لقد رَأيتُني يومَ الشَّجرةِ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُبايِعُ النَّاسَ، وأنا رافعٌ غُصنًا مِن أَغصانِها عن رَأسِه، ونحن أربعَ عشرةَ مائةً. وقدِ اخْتلفتِ الرِّواياتُ في عَددِهم، فقال ابنُ حَجَرٍ: (والجمعُ بين هذا الاختلافِ أنَّهم كانوا أكثرَ مِن ألفٍ وأربعمائةٍ، فمَن قال: ألفًا وخمسمائةٍ جبَر الكَسرَ، ومَن قال: ألفًا وأربعمائةٍ أَلغاهُ).

العام الهجري : 8 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 629
تفاصيل الحدث:

بعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً في ثلاثةِ آلافِ مُقاتلٍ على الجيشِ زيدُ بنُ حارثةَ، فإن أُصيبَ فجَعفرُ بنُ أبي طالبٍ، فإنْ أُصيبَ فعبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ، وشَيَّعهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ووَدَّعهُم، ثمَّ انْصرَف ونهَضوا، فلمَّا بلغوا مَعانَ مِن أرضِ الشَّامِ، أَتاهُم الخبرُ: أنَّ هِرقلَ مَلِكَ الرُّومِ قد نزل أرضَ بني مآبٍ، -أرضَ البَلقاءِ- في مائةِ ألفٍ مِنَ الرُّومِ، ومائةِ ألفٍ أُخرى مِن نَصارى أهلِ الشَّامِ، فأقام المسلمون في مَعانَ لَيلتينِ، يتَشاوَرون في أمرِ اللِّقاءِ بِعَدُوِّهِم البالغِ مِائتي ألفٍ فقالوا: نَكتُب إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم نُخبِرُهُ بعَددِ عَدُوِّنا، فيَأمُرنا بأَمرِهِ أو يُمِدُّنا. فقال عبدُ الله بنُ رَواحةَ: يا قومُ، إنَّ الذي تَكرَهون لَلَّتِي خَرجتُم تَطلُبون -يعني الشَّهادةَ- وما نُقاتِلُ النَّاسَ بِعدَدٍ ولا قُوَّةٍ، وما نُقاتِلُهُم إلَّا بهذا الذي أَكرَمَنا الله به، فانْطَلِقوا فهي إحدى الحُسْنَيينِ: إمَّا ظُهورٌ، وإمَّا شَهادةٌ. فَوافقَهُ الجيشُ على هذا الرَّأيِ ونهَضوا، حتَّى إذا كانوا بتُخومِ البَلقاءِ لَقوا بعضَ الجُموعِ التي مع هِرقلَ بالقُربِ مِن قريةٍ يُقالُ لها: مُؤْتَةُ. فاقتَتَلوا، فقُتِلَ زيدُ بنُ حارثةَ، فأخَذ الرَّايةَ جعفرُ بنُ أبي طالبٍ، فقاتَل حتَّى قُطِعَتْ يَمينُه، فأخَذ الرَّايةَ بِيُسْراهُ فقُطِعَتْ، فاحْتضَنَها فقُتِلَ كذلك، فأخَذ عبدُ الله بنُ رَواحةَ الرَّايةَ، وتَرَدَّدَ عنِ النُّزولِ بعضَ التَّرَدُّدِ، ثمَّ صَمَّمَ، فقاتَل حتَّى قُتِلَ، فأخَذ الرَّايةَ ثابتُ بنُ أَقرمَ، وقال: يا مَعشرَ المسلمين، اصْطَلِحوا على رجلٍ منكم. فقالوا: أنت. قال: لا. فاصطَلَح النَّاسُ على خالدِ بنِ الوليدِ، فلمَّا أخَذ الرَّايةَ دافَع القَومَ وحاشى بهِم، ثمَّ انْحازَ وانْحِيزَ عنه، حتَّى انْصرَف بالنَّاسِ، فتَمَكَّنَ مِنَ الانْسِحابِ بمَن معه مِنَ المسلمين، قال خالدُ بنُ الوليدِ: لقد انقْطَعَتْ في يَدي يومَ مُؤْتَةَ تِسعةُ أَسيافٍ فما بَقِيَ في يَدي إلَّا صَفيحةٌ يَمانِيَّةٌ». وهذا يقتضي أنَّهم أثْخَنوا فيهم قَتْلًا، ولو لم يكن كذلك لَما قَدَروا على التَّخَلُّصِ منهم، ولهذا السَّببِ ولِغيرِهِ ذهَب بعضُ المُحقِّقين إلى أنَّ المسلمين قد انتصروا في هذه المعركةِ ولم يُهزَموا. عن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، نَعَى زيدًا، وجعفرًا، وابنَ رَواحةَ للنَّاسِ، قبلَ أن يَأتِيَهُم خَبرُهُم، فقال: «أخَذ الرَّايةَ زيدٌ فأُصيبَ، ثمَّ أخَذ جعفرٌ فأُصيبَ، ثمَّ أخَذ ابنُ رَواحةَ فأُصيبَ، وعَيناهُ تَذْرِفانِ حتَّى أخَذ سيفٌ مِن سُيوفِ الله حتَّى فتَح الله عليهم».