الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2316 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 630 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1233
تفاصيل الحدث:

هو السلطانُ المَلِكُ المعَظَّم: مظفر الدين أبو سعيد كوكبري بن علي بن بكتكين بن محمد التركماني، صاحب إربل، وابنُ صاحبها, وقد مصرَها الملك زين الدين علي كوجك. ثمَّ وهبها لأولاد مظفر الدين صاحب الموصل، وكان يوصَفُ بقوةٍ مُفرِطة، وطال عمره، وله أوقافٌ وبر ومدرسة بالموصل. ولد مظفر الدين في المحرم، 549، بإربل. تولى مظفَّرُ الدين إربل بعد وفاةِ أبيه وأقام بها مدَّةً وانتقل إلى الموصِلِ، ثمَّ دخل الشام واتصل بالملك الناصرِ صلاحِ الدين فأكرمه كثيرًا، وكانت له آثارٌ حسنة، وقد عمر الجامِعَ المظفري بسفحِ قاسيون، وكان قد هَمَّ بسياقة الماء إليه من ماء بذيرة، فمنعه المعظم من ذلك، واعتَلَّ بأنه قد يمُرُّ على مقابر المسلمين بالسفوح، وكان يهتَمُّ بعمل المولد الشريف اهتمامًا زائدًا حتى إنه كان يرقُصُ بنفسِه ويمارس هذه البدعةَ بنَفسِه، وقد صنَّف الشيخ أبو الخطاب ابن دحية له مجلدًا في المولد النبوي سماه " التنوير في مولد البشير النذير "، فأجازه على ذلك بألف دينار، وقد طالت مدته في الملك في زمان الدولة الصلاحية، وقد كان محاصِرًا عكا، وإلى هذه السنة محمود السيرة والسريرة، وكانت له دار ضيافة للوافدين من أي جهة على أي صفة، وكانت صدقاته في جميع القرب والطاعات على الحرمينِ وغيرهما. بنى أربع خوانك للزمنى- ذوو الأمراض المزمنة- والأضراء، وكان يأتيهم كل اثنين وخميس، ويسألُ كل واحد عن حاله، ويتفقده، ويباسطه ويمزح معه, وبنى دارًا للنساء، ودارًا للأيتام، ودارًا للُّقَطاء، ورتَّب بها المراضع, وكان يدورُ على مرضى البيمارستان, وله دار مضيف ينزلها كل وارد، ويعطى كل ما ينبغي له, وبنى مدرسة للشافعية والحنفية، وكان يمدُّ بها السماط، ويحضر السماعَ كثيرًا، لم يكن له لذَّةٌ في شيء غيره. وكان يمنع من دخول منكَر بلدَه، وبنى للصوفية رباطين، وكان ينزل إليهم لأجل السَّماعات, ويفتَكُّ من الفرنجِ في كلِّ سنةٍ خَلقًا من الأُسارى، حتى قيل: إن جملة من استفَكَّه من أيديهم ستون ألف أسير، مات ليلة الجمعة، رابع عشر رمضان, وكانت وفاته بقلعة إربل، وأوصى أن يُحمَل إلى مكة فلم يتَّفِقْ، فدفن بمشهد علي, وقد عاش اثنتين وثمانين سنة.

العام الهجري : 791 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1389
تفاصيل الحدث:

هو السُّلطانُ الغازي أبو الفتح غيَّاث الدنيا والدين: مراد الأول بن أورخان بن عثمان القايوي المعروف بغازي خداوندكار، التُركماني، ولِدَ سنة 726 (1326م). لَمَّا توفِّيَ والده الغازي أورخان سنة 761 جلس على سرير السلطنة, ووُلِدَ ابنُه السلطان يلدرم بايزيد خان عقيب جلوسِه على سرير السلطنة, ولما استَقَرَّ على سرير الملك كان الغزاةُ في روم إيلي منتظرينَ قُدومَه إليهم، فسار وجاوز البحر فاحتَلَّ مدينة أنقرة مقَرَّ سلطنة القرمان، ثم افتتح مدينة أدرنه في أوروبا في هذه السنة، ونقل إليها عاصمته واستمَرَّت عاصمة للدولة العثمانية إلى أن فتح محمد الفاتح مدينة القُسطنطينية سنة 853 (1453م) وفتح أيضًا مراد الأول مدينةَ فيلبه عاصمة الرومللي الشرقية، وفتح القائد أفرينوس بك مدينتي وردار وكلجمينا باسم سلطان العثمانيين، وبذلك صارت مدينة القسطنطينية محاطةً مِن جهة أوروبا بأملاك آلِ عُثمان منذ عَهْدِ مراد الأول, وصارت الدولة العَليَّة متاخمةً لإمارات الصرب والبلغار وألبانيا المستقلة, ولَمَّا دخل الربيع في شعبان سنة 791 خرج السلطان مراد الأول بجيشٍ عَرَمرم فالتقى في أول شهر رمضان بالصِّربِ، وانتصر عليهم, فبينما كان السلطان يتفرج بين القتلى مع أصحابه إذ نهض من بين الصرعى رجلٌ من الصرب، وكان من أمرائِهم، فقصد السلطان، فهَمَّ الحواشي أن يمنَعُوه فنهاهم السلطانُ فجاء كأنَّه يُظهِرُ الطاعة، فضربه بخنجر كان قد خبَّأه في كمِّه فجَرحَه جُرحًا مُنكرًا فلَحِقَ القوم ذلك الصربي فقَتَلوه، ثم خَيَّموا على السلطان طاقةً، فأنزلوه فيها، فلم يمض عليه يوم حتى توفي, فتكون مدةُ سلطنته إحدى وثلاثون سنة، وعمره خمس وستون. وكان قد بنى لنفسِه تربة في قرب جامعه بقبلوجه، فحملوه إلى بروسا –بورصة- مع تابوت ابنه يعقوب جلبي، فدفنوهما في تلك القبَّة، وبنيت قبة في موضع شهادته. قال حاجي خليفة: "كان مرادُ الأول من أجلِّ الملوك قَدْرًا ودِينًا، وكان دائِمَ الغَزوِ بحيث أفنى عمُرَه في الجهاد، وكان منصورًا في حروبه كثيرَ الخير، مواظِبًا على الجماعات في الصَّلَواتِ" ثم جلس على سرير السلطنة بعده ابنُه السلطان بايزيد الأول.

العام الهجري : 1256 العام الميلادي : 1840
تفاصيل الحدث:

كانت فرنسا توَدُّ أن تدعَمَ محمد علي باشا وأن يحتفِظَ بما أخضعه من مناطِقَ، ولكِنَّ إنجلترا لا تريد ذلك؛ لمنافسة فرنسا على مركزها في مصر، وخوفًا من منافَستِها على طريق الهند، وأما النمسا وبروسيا فتريان في قوة محمد علي خطرًا على أوربا خشيةَ أن يسيطرَ على الدولة العثمانية فيفَكِّرَ في إعادة ما كانت عليه، ولقد تمَّ عقد اتفاقية عام 1256هـ بين إنكلترا وروسيا والنمسا وبروسيا بعد انسحاب فرنسا ومحاولة اتفاقها مباشرةً مع الدولة العثمانية ومحمد علي، وتشجيعه على رفض مطالب إنكلترا، ودعمه إن عارضته إنكلترا، غير أن الاتفاقية قد نصَّت على الآتي: يجب على محمد علي أن يعيد إلى الدولة العثمانية ما أخذه من بلاد الشام، ويحتفظ لنفسِه بالجزء الجنوبي منها، مع عدم دخول عكا في هذه الجزء، يحِقُّ لإنكلترا بالاتفاق مع النمسا محاصرةُ موانئ الشام، ومساعدة كل من أراد من السكان خلع طاعة محمد علي والعودة إلى الدولة العثمانية، (ومعنى هذا: التحريضُ على العصيان)، أن يكون لمراكب روسيا وإنكلترا والنمسا حق الدخول إلى استانبول لحمايتها فيما إذا تعرَّضت لهجوم من قِبَل المصريين، ولا يحِقُّ لأحد أن يدخلها ما دامت غيرَ مهددة بهجوم. يجب أن تُصَدَّق هذه الاتفاقية خلال شهرين في لندن، كما يجب تصديقُها من الخليفة العثماني. ثم عُرِضت الاتفاقية على محمد علي فرفض ذلك، فاجتمع سفراء هذه الدول في استانبول مع الصدر الأعظم، واتخذوا قرارًا بسَلخِ ولاية مصر من محمد علي، وسحبت فرنسا سفُنَها من سواحل مصر والشام تاركةً السفن الإنكليزية بمفردها؛ مما أثار الرأيَ العام الفرنسي على الحكومةِ التي تخَلَّت عن حليفها محمد علي وقتَ أزمته، ثم حصَّنت الموانئ الشامية وخاصةً بيروت وعكا، وجاء إبراهيم باشا من مقَرِّه قرب بعلبك إلى بيروت بناءً على طلب سليمان باشا الفرنساوي، وأنزلت إنكلترا قواتِها شمال بيروت، وبدأت المعارِكُ، وهدمت أكثر المدينة وأحرقت، وكذا بقية الثغور الشامية، وتمكنت القوات الإنكليزية ومن معها من أخذ الموانئ وإجلاء المصريين، وطلب محمد علي من ابنِه إبراهيم الانسحابَ حيث لا يستطيع مقاومةَ الدُّوَل كلها، فانسحب وتعرَّض أثناء ذلك لكثيرٍ من الهجمات عليه من العرَبِ، حتى فقد ثلاثة أرباع جيشِه.

العام الهجري : 1276 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1860
تفاصيل الحدث:

هو سليمان باشا الفرنساوي، أو الكولونيل سيف، اسمه "الكولونيل أوكتاف جوزيف انتلم سيف" ولِدَ عام 1788م في مدينة ليون بفرنسا وهو ضابطٌ فرنسي جاء إلى مصر مع الحملةِ الفرنسية، وبقي بها واعتنق الإسلامَ، وهو من بقايا حروب نابليون. عندما فكر محمد علي في بناء جيشٍ مصريٍّ حديث يحافِظُ على إنجازاته عَهِدَ إليه بتكوينِ النواة الأولى من الضباط، واختار له أسوانَ حتى يبتَعِدَ الطلاب عن القاهرة ومؤثِّراتها والمؤامَرات التي كانت تحاكُ فيها. وقد لاقى "الكولونيل سيف" متاعبَ جمةً خلال تدريب طلابِ هذه المدرسة، خاصةً وأنهم لم يعتادوا الطاعةَ المُطلقةَ لرؤسائهم, كما لم يتعودوا أن يتعَلَّموا فنون الحرب الحديثة، وكان "سليمان الفرنساوي" شديدَ الإعجاب بالجندي المصري، ويُؤثَرُ في ذلك قوله: "إن المصريين هم خيرُ من رأيتُهم من الجنود؛ فهم يجمعون بين النشاط والقناعة والجَلَد على المتاعب، مع انشراحِ النَّفسِ وتوطينها على احتمالِ صُنوف الحِرمان، وهم بقليلٍ مِن الخبز يسيرون طوالَ النهار يحدوهم الشَّدوُ والغناءُ. ولقد رأيتُهم في معركة "قونية بالشام" يبقون ساعاتٍ متوالية في خطِّ النار محتفظين بشجاعةٍ ورباطةِ جأشٍ تدعوان إلى الإعجابِ، دون أن تختلَّ صُفوفُهم، أو يسري إليهم المَلَل أو يبدو منهم تقصيرٌ في واجباتهم وحركاتهم الحربية". وظل سليمان باشا في خدمةِ الجيش المصري بعد وفاة محمد علي حتى صار القائِدَ العام للجيش المصري في عهد الخديوي عباس، واستمَرَّ في عمله أيامَ عباس الأول وسعيد باشا، وعاش بين المصريين وقام بمصاهرتِهم، فتزوَّج إحدى بناتِه "محمد شريف باشا" الذي يُطلَق عليه المصريون أبو الدستور، وأنجب منها فتاةً تزوجت من "عبد الرحيم صبري باشا" وأثمر هذا الزواجُ فتاةً أصبحت ملكةً على مصر وهي "الملكة نازلي" أم الملك الراحل" فاروق الأول". وتقديرًا من المصريين أقاموا لسليمان الفرنساوي تمثالًا في ميدان أطلق عليه اسمه، كما أطلقوا اسمه على أحد شوارع القاهرة الرئيسية حتى قامت ثورة يوليو فأطاحت بالتمثال، وغيَّرَت اسم الميدان والشارع، وأطلقت عليهما اسم "طلعت حرب" رجل الاقتصاد المصري الشهير. ومع ذلك لا يزالُ المصريون يفَضِّلون استعمال اسم (شارع سليمان) ربما وفاء منهم لذكرى رجل كانت له اليدُ الطولى في بناءِ أوَّلِ جَيشٍ مصريٍّ حديثٍ.

العام الهجري : 740 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1339
تفاصيل الحدث:

هو شَرَفُ الدين عبد الوهاب بن التاج فضل الله المعروف بالنشو القبطي ناظِرُ الخاص للسلطان، كان أبوه يكتُبُ عند الأمير بكتمر الحاحب وهو ينوب عنه، ثم انتقل إلى مباشرةِ ديوان الأمير أركتمر الجمدار، وعندما جمَعَ السلطان الناصر كتَّاب الأمراء, فرآه وهو واقِفٌ وراء الجميعِ وهو شابٌّ طويل نصراني حلوُ الوجه فاستدعاه وقال: أيش اسمك؟ قال: النشو، فقال: أنا أجعلك نشوي، ثمَّ إنه رتَّبَه مستوفيًا في الجيزية، وأقبلت سعادته، فأرضاه فيما يندبه إليه وملأ عينيه, ثم نقله إلى استيفاء الدولة فباشر ذلك مدة، ثم نقل إلى نظر الخاص مع كتابة ابن السلطان، وحَجَّ مع السلطان في تلك السنة وهي سنة 732 ولما كان في الاستيفاء وهو نصراني, وكانت أخلاقُه حسنة وفيه بِشرٌ وطلاقة وجه وتسَرُّع إلى قضاء حوائج الناس، وكان الناس يحبونه، فلما تولى الخاص وكثُرَ الطلب عليه من السلطان, و أُكرِهَ حتى أظهَرَ الإسلام, فبلغ ما لم يبلُغْه أحَدٌ من الأقباط في دولة الترك- المماليك- وتقَدَّمَ عند السلطان على كل أحد، وخَدَمه جميع أرباب الأقلام، وزاد السلطانُ في الإنعامات والعمائر عليه, وزَوَّج بناته واحتاجَ إلى الكُلَف العظيمة المُفرِطة الخارجة عن الحَدِّ، فساءت أخلاقُه وأنكر مَن يَعرِفُه، وفُتِحَت أبواب المصادرات للكتَّاب ولِمَن معه مال, وكان محضرَ سوءٍ لم يشتَهِرْ عنه بعدها شيءٌ من الخير، وجمع من الأموال ما لم يجمَعْه وزير للدولة التركية، وكان مُظَفَّرًا، ما ضرب على أحدٍ إلا ونال غَرَضَه منه بالإيقاع به وتخريبِ دياره، وقُتِلَ على يديه عِدَّةٌ من الولاة والكتَّاب، واجتهد غايةَ جُهدِه في قتل موسى بن التاج إسحاق، وعاقبه ستَّة أشهر بأنواع العقوبات، من الضَّربِ بالمقارع والعَصرِ في كعابه وتسعيطِه - الاستنشاق بالأنف- بالماء والملح وبالخل والجير وغير ذلك، مع نحافة بدنه ومرضه بالربو والحمى، فلم يَمُت، وعاش التاج موسى هذا ثلاثين سنة بعد هلاك النشو، وكان النشوُ هذا بلغ منه في أذيَّة الناس بالمُصادَرات والضرائب الشيء الكثير الكثير، مِمَّا كاد أن يخرب الديارَ كُلَّها، فشكا منه كُلُّ أحد: الفقير والغني، والأمير والحقير، فلم يسلَمْ مِن ظُلمِه وأخْذِ المال منه أحدٌ، وكل ذلك يدَّعي الفَقرَ وقِلَّة المال وأنه لا يأخُذُ لِنَفسِه شيئًا، ولما مات بعد أن اعتُقِلَ لكثرة الشكاوى والتحريضات حُصِّلَت أمواله فكانت خارجةً عن الحصر، ولو كتبت لخرجت عن الحد المعهودِ، فهي تحتاج إلى عِدَّة صفحات مِمَّا كان له من مالٍ عَينٍ وبضائِعَ وإقطاعاتٍ وحواصِلَ وحيواناتٍ وغَيرِها من الجوهر واللؤلؤ ما يفوق الحَصرَ، توفي في يوم الأربعاء ثاني ربيع الآخر، ثم إنَّه بعد موته وُجِدَ أنه ما يزال غير مختونٍ، فدُفِنَ بمقابر اليهودِ.

العام الهجري : 1438 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 2017
تفاصيل الحدث:

هو الأميرُ محمدُ ابنُ المَلِكِ فَيصلِ ابنِ الملِكِ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ فَيصَلٍ آل سعودٍ، ولِدَ عامَ 1356هـ في مدينةِ الطائفِ، وهو الابنُ الثاني بعدَ الأميرِ الشاعرِ عَبد اللهِ الفَيصَلِ لنائبِ المَلِكِ على الحجازِ، الأميرِ فَيصَلِ بنِ عبدِ العزيزِ -آنَذاكَ-، والابنُ البِكرُ للأميرةِ عِفَّت الثَّنيان آل سعودٍ، التي قادت مشروعَ تعليمِ الفتاةِ السُّعوديةِ، وأنشأَتْ أولَ مَدارسَ للبناتِ، دار الحَنانِ، في الخمسينيَّاتِ الميلاديةِ، ثم حَرَصَتْ أنْ تَختِمَ حَياتَها بأوَّلِ جامِعةٍ أهليَّةٍ للبناتِ (جامِعةِ عفت). فقَدَ الأميرُ محمدٌ ذاكِرتَه قبلَ العاشرةِ من عُمرِه نتيجةً لإصابتِه بمَرضِ التيفوئيد، وكان شفاؤه منه أُعجوبةً لضَعفِ الإمكانيَّاتِ الطِّبيَّةِ في ذلك الحينِ، ثم استعادَ قُدرتَهُ على الكَلامِ والمَشيِ، وعاد إلى مدرسةِ الطائفِ النموذجيَّةِ التي أنشأتها والدتُه، وانتقَلَ بعدَها ليواصِلَ دراستَه الثانويَّةَ والجامعيَّةَ في الولاياتِ المُتَّحدةِ، ويتخرَّجَ في كليَّةِ مانيلو، سان فرانسيسكو، بشهادةِ بكالوريوس في الاقتصادِ والإدارةِ عامَ 1963. ثم التحَقَ بالبَعثةِ الدبلوماسيةِ السعوديةِ في الأمَمِ المتَّحدةِ، إضافةً إلى دَورِه في التواصُل مع إدارةِ الرئيسِ جون كنيدي. ثم عاد إلى المَملكةِ فعَمِلَ في مؤسسةِ النقدِ، ثم انتقلَ للعَمَلِ مع وزارةِ الزراعةِ؛ لتنفيذِ مَشروعِه الرائدِ "تَحليةِ مِياهِ البَحرِ"، بدَأَ بأوَّلِ مَحطَّةٍ في جُدَّةَ، في أوائلِ السَّبعينيَّاتِ، ثم بشبَكةِ مَحطَّاتٍ على شواطئِ البحرِ الأحمرِ والخَليجِ العربيِّ. ولكنَّه لم يَنجَحْ في تَمريرِ مَشروعِه الرائدِ لتوفيرِ المياهِ والكَهرباءِ وتَحسينِ البيئةِ عن طريقِ نَقلِ قِطَعٍ من جبالِ الجَليدِ من القطبِ الجنوبيِّ إلى شواطئِ البحرِ الأحمرِ، برَغمِ دراساتِ الجَدوى التي شاركَ فيها عُلَماءُ مشاهيرُ في التخصُّصاتِ كافَّةً ذاتِ الصِّلةِ، وتوصِياتِ مُؤتمَراتٍ دَوليَّةٍ مُتعدِّدةٍ، تَكفَّلَ وَحدَه بنَفَقاتِها. استقالَ الأميرُ في نِهايةِ السَّبعينيَّاتِ من وظيفتِه كأوَّل محافظٍ للمؤسَّسةِ العامَّةِ لتَحلِيةِ مِياهِ البَحرِ؛ ليَعملَ على تحقيقِ حُلْمٍ آخرَ هو البنوكُ الإسلاميةُ التِّجاريَّةُ، بعد مُشاركتِه في إنشاءِ البنكِ الإسلاميِّ للتنميةِ. واستطاعَ أنْ يُنشِئَ شَبَكةَ فُروعِ "بَنكِ فَيصَلٍ الإسلاميِّ" في مِصرَ والسودان والإماراتِ والبحرينِ وجنيف وباكستانَ وتركيا. وأسَّسَ وقادَ أوَّلَ اتِّحادٍ للبنوكِ الإسلاميةِ. ثم أنشَأَ "جائزةَ محمدٍ الفَيصَلِ لدراساتِ الاقتصادِ الإسلاميِّ"، وخُصِّصَت الجائزةُ للطلَّابِ في مراحلِ ما قبلَ الدكتوراه. وبعد وفاةِ والدِه الملكِ فَيصلِ بنِ عَبدِ العزيزِ شاركَ الأميرُ محمدٌ مع إخوانِه في تكريمِ والدِهم بإقامةِ مؤسَّسةِ الملكِ فَيصَلٍ الخَيريَّةِ، التي يَتبَعُها مركزُ الملكِ فيصلٍ للبُحوثِ والدراساتِ الإسلاميةِ، وجامعةُ الفيصَلِ، وجامعةُ عفت، وجائزةُ الملكِ فَيصلٍ. وكانت وفاتُه -رحِمَه الله- عن عمرٍ يُناهِزُ 80 عامًا، وصُلِّيَ عليه بعد صلاةِ العَصرِ في المسجِدِ الحرامِ بمكَّةَ.

العام الهجري : 128 العام الميلادي : 745
تفاصيل الحدث:

هو أبو مُحرِزٍ الجَهْمُ بنُ صَفوانَ التِّرمِذيُّ، من أهلِ بَلخٍ، مولًى لبني راسِبٍ، ظهر في المائةِ الثَّانيةِ من الهِجرةِ، وهو حامِلُ لواءِ الجَهْميَّةِ ورأسُها، وإليه تنتَسِبُ، وقد ظهَرت بِدعتُه بتِرمِذَ  .وكان قد خرج مع الحارِثِ بنِ سُرَيجٍ الذي تمرَّد على الدَّولةِ الأُمويَّة، وقتَله سَلْمُ بنُ الأحوَزِ المازنيُّ بمَرْوٍ نحوَ سنةِ 128 هـ  .وقد كان أوَّلَ من أشهَر بدعةَ القَولِ بخَلقِ القرآنِ وتعطيلِ اللهِ عن صفاتِه. وكان يُنكِرُ الصِّفاتِ، ويُنزِّهُ الباريَ عنها بزَعمِه، ويقولُ: الإيمانُ عَقدٌ بالقلبِ، وإن تلفَّظ بالكُفرِ، ويزعم أنَّ اللهَ ليس على العَرشِ بل في كُلِّ مكانٍ، وقد قيل: إنَّه كان يُبطِنُ الزَّندقةَ، واللهُ أعلَمُ بذلك  .وأخَذ مقالاتِ شيخِه الجَعْدِ بنِ دِرهَمٍ فأظهَرها، واحتجَّ لها بالشُّبُهاتِ العقليَّةِ  ، فقد كان كثيرَ الِجدالِ والخُصوماتِ والمُناظَراتِ، ولم يكُنْ له بصرٌ بعلمِ الحديثِ، ولم يكنْ من المهتمِّينَ به، ولم يُعَدَّ من أهلِ العِلمِ قطُّ؛ إذ شغله علمُ الكلامِ عن ذلك، وقد نبَذ عُلَماءُ السَّلَفِ أفكارَه، وشنَّعوا عليه، ومَقَتوه أشَدَّ المَقْتِ  .قال أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ: (الجَهْمُ وشيعتُه دَعَوا النَّاسَ إلى المُتشابهِ من القُرآنِ والحديثِ، فضلُّوا وأضلُّوا بكلامِهم بَشَرًا كثيرًا، فكان ممَّا بلغَنا من أمرِ الجَهْمِ عَدُوِّ اللهِ أنَّه كان من أهلِ خُراسانَ؛ من أهلِ تِرمِذَ، وكان صاحِبَ خُصوماتٍ وكلامٍ، وكان أكثَرُ كلامِه في اللهِ تعالى، فلقِيَ أُناسًا من المُشرِكين يقالُ لهم: السُّمَنِيَّةُ، فعرفوا الجَهْمَ، فقالوا له: نُكلِّمُك، فإن ظهَرَت حُجَّتُنا عليك دخَلْتَ في دينِنا، وإن ظهَرت حُجَّتُك علينا دخَلْنا في دينِك، فكان ممَّا كلَّموا به الجَهْمَ أن قالوا له: ألسْتَ تزعُمُ أنَّ لك إلَهًا؟ قال الجَهْمُ: نعم. فقالوا له: فهل رأيتَ إلهَك؟ قال: لا. قالوا: فهل سمِعتَ كلامَه؟ قال: لا. قالوا: فشَمِمْتَ له رائحةً؟ قال: لا. قالوا: فوجَدْتَ له حِسًّا؟ قال: لا. قالوا: فوجَدْت له مجَسًّا؟ قال: لا. قالوا: فما يُدريك أنَّه إلهٌ؟ قال: فتحيَّرَ الجَهْمُ، فلم يَدرِ مَن يعبُدُ أربعينَ يومًا!)  .فبَقِيَ أربعين يومًا لا يَعبُدُ شيئًا! ثُمَّ لَمَّا خلا قلبُه من معبودٍ يألهُه، نقَش الشَّيطانُ اعتقادًا نَحَتَه فِكرُه، فقال: إنَّه الوجودُ المُطلَقُ! ونفى جميعَ الصِّفاتِ، واتَّصل بالجَعْدِ بنِ دِرهَمٍ  .ذُكِر الجَهْمُ عِندَ عبدِ اللهِ بنِ المبارَكِ، فقال: (عَجِبتُ لشيطانٍ أتى إلى النَّاسِ داعيًا إلى النَّارِ، واشتَقَّ اسمَه عن جَهنَّمَ!)  .وقال أبو مُعاذٍ البَلْخيُّ: (كان جَهْمٌ على مَعبَرِ تِرمِذَ، وكان رجُلًا كوفَّي الأصلِ، فصيحَ اللِّسانِ، لم يكُنْ له علمٌ، ولا مجالَسةٌ لأهلِ العلمِ، كان تكلَّم كلامَ المُتكلِّمينَ، وكلَّمه السُّمَنيَّةُ فقالوا له: صِفْ لنا ربَّك الذي تعبُدُه، فدخل البيتَ لا يخرُجُ كذا وكذا، قال: ثُمَّ خرج عليهم بَعدَ أيَّامٍ، فقال: هو هذا الهواءُ مع كُلِّ شيءٍ، وفي كُلِّ شيءٍ، ولا يخلو منه شيءٌ، قال أبو مُعاذٍ: كَذَب عَدُوُّ اللهِ، إنَّ اللهَ في السَّماءِ على عَرشِه، وكما وصَفَ نَفْسَه)  .وقال يزيدُ بنُ هارونَ: (لعَنَ اللهُ الجَهْمَ ومَن قال بقَولِه، كان كافرًا جاحدًا، ترك الصَّلاةَ أربعينَ يومًا، يزعُمُ أنَّه يرتادُ دينًا، وذلك أنَّه شَكَّ في الإسلامِ).وقال ابنُ تيميَّةَ: (أوَّلُ من عُرِف في الإسلامِ أنَّه ‌أنكَر ‌أنَّ اللهَ ‌يحِبُّ أو يُحَبُّ: الجَهْمُ بنُ صَفوانَ، وشيخُه الجَعْدُ بنُ دِرهَمٍ، وكذلك هو أوَّلُ من عُرِف أنَّه أنكر حقيقةَ تكليمِ اللهِ لموسى وغيرِه، وكان جَهْمٌ ينفي الصِّفاتِ والأسماءَ، ثُمَّ انتقَل بعضُ ذلك إلى المُعتَزِلةِ وغيرِهم، فنفَوا الصِّفاتِ دونَ الأسماءِ، وليس هذا قَولَ أحدٍ مِن سلَفِ الأمَّةِ وأئمَّتِها).

العام الهجري : 440 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1049
تفاصيل الحدث:

هو الفيلسوفُ المُنَجِّم مُحمَّد بنُ أحمد أبو الريحان البيروني الخوارزمي مُؤرخٌ مُحَقِّقٌ وجغرافيٌّ مُدقِّق، وفلَكيٌّ نابِهٌ، ورياضيٌّ أصيلٌ، وفيزيائيٌّ راسخٌ، ومترجِمٌ متمَكِّنٌ، مِن بلادِ السندِ، ومن أعيان الفلاسفة. عاصر الرَّئيسَ ابن سينا وجَرَت بينهما حوارات وأسئلةٌ وجوابات، وكان عالِمًا في الهيئة والنجوم، خبيرًا بالطبِّ. وُلد في بيرون إحدى ضواحي خوارزم، وهو مجهولُ النَسَب؛ فقد قال عن نفسِه في شعر: إذ لستُ أعرِفُ جَدِّي حقَّ مَعرفةٍ
وكيف أعرِفُ جدي إذ جَهِلتُ أبي
أبي أبو لهبٍ شَيخٌ بلا أدَبِ
نَعَم ووالدتي حمَّالةُ الحَطَب
 يقول ياقوت الحموي" "بيرون بالفارسية معناه برّا، وسألتُ بعض الفضلاءِ عن ذلك فزعَم أنَّ مقام البيروني بخوارزم كان قليلًا، وأهلُ خوارزم يسمُّونَ الغريبَ بهذا الاسم، كأنَّه لَمَّا طالت غربتُه عنهم صار غريبًا، وما أظنُّه يُرادُ به إلَّا أنَّه من أهل الرستاق، يعني أنَّه من برّا البلد". كتب في كلِّ ما كان معروفًا مِن علومِ عَصرِه، وهو بذلك يُعدُّ أحدَ الموسوعيِّينَ. قال ياقوت الحموي: " وأما سائِرُ كُتُبِه في علومِ النُّجومِ والهيئةِ والمَنطِقِ والحكمةِ؛ فإنَّها تفوق الحَصرَ، رأيتُ فَهرسَتَها في وقْفِ الجامع بمرو في نحوِ الستين ورقةً بخط مكتنز". لَمَّا صَنَّف القانونَ المسعودي أجازه السلطانُ مسعود بن محمود الغزنوي بحَملِ فيلٍ مِن نقدِه الفِضِّي إليه، فردَّه إلى الخزانةِ بعُذرِ الاستغناء عنه، وكان مُكِبًّا على تحصيلِ العلوم مُنصَبًّا إلى تصنيف الكتُبِ، يفتَحُ أبوابها، ويُحيطُ شواكِلَها وأقرابَها، ولا يكاد يفارِقُ يدَه القلمُ وعَينَه النَّظرُ وقَلْبَه الفِكَرُ إلَّا في يومَيِ النيروز والمهرجان من السَّنة، ثمَّ هِجِّيراه في سائر الأيَّام من السَّنَةِ عِلمٌ يُسفِرُ عن وجهه قِناعَ الأشكال ويحسِرُ عن ذراعيه كمامَ الأغلاق. وأمَّا نباهةُ قَدرِه ومكانته عند الملوك فقد بلغ من حظوتِه لديهم أنَّ شمس المعالي قابوس بن وشمكير أراد أن يستخلِصَه لصُحبتِه ويرتبِطَه في دارِه على أن تكونَ له الإمرةُ المطاعةُ في جميع ما يحويه مُلكُه، فأبى عليه ولم يطاوِعْه، ولَمَّا أسمَحَت نفسُه بمثل ذلك لخوارزم شاه آواه في داره وأنزله معه في قَصرِه، لَمَّا استولى السُّلطانُ محمود على خوارزم قَبَضَ على البيروني وعلى أستاذِه عبد الصمد أول بن عبد الصمد الحكيم واتَّهَمه بالقَرمطةِ والكُفرِ، فأذاقه الحِمامَ، وهمَّ أن يُلحِقَ به أبا الرَّيحان البيروني، فقيل له إنَّه إمامُ وَقتِه في علمِ النُّجومِ، وإنَّ الملوكَ لا يَستَغنونَ عن مِثلِه، فأخَذَه معه، ودخل إلى بلادِ الهندِ وأقام بينهم وتعلَّم لُغتَهم واقتبس علومَهم، ثمَّ أقام بغُزنة حتى مات بها, وعلى الرغمِ مِن أنَّ البيروني لم يكن عربيًّا إلَّا أنَّه كان مُقتَنِعًا بأنَّ اللغةَ العربيَّةَ هي اللُّغةُ الوحيدةُ الجديرةُ بأن تكونَ لغةَ العِلمِ، وقد نُسِبَ إليه أنَّه قال: الهجوُ بالعربيَّةِ أحَبُّ إليَّ من المدحِ بالفارسيَّة. ومن أشهر كتب البيروني: الآثارُ الباقية عن القرون الخالية، وهو من أبرَزِ كُتُبِ التقاويم، القانونُ المسعودي في علمِ الفلك والجغرافيا والهندسة، الاستيعابُ في صنعة الأسطرلاب، الصَّيدنَة في الطب, تحديدُ نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن، تحقيقُ ما للهند من مقولةٍ مقبولة في العقل أو مرذولة، التفهيمُ لصناعة التنجيم. وغيرها كثير، وللبَيروني لَمَحاتٌ علميَّةٌ سبق بها عصرَه، منها قولُه بأن واديَ السِّندِ كان يومًا قاعَ بحرٍ ثم غطَّتْه الرواسِبُ الفَيضيَّة بالتدريج، والقولُ بدوران الأرضِ حول محْورِها، والقول بجاذبيَّة الأرض, وله في الرياضيَّات السبقُ الذي لم يشقَّ المُحضرون غبارَه، ولم يلحق المُضمِّرون المُجيدون مِضمارَه. توفي في غزنة (كابول الآن).

العام الهجري : 539 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1144
تفاصيل الحدث:

في سادس جمادى الآخرة، فتح أتابك عمادُ الدين زنكي بن آقسنقر مدينةَ الرَّها من الفرنج، وفتَحَ غَيرَها مِن حُصونِهم بالجزيرةِ أيضًا، وكان ضَرَرُهم قد عَمَّ بلادَ الجزيرة وشَرَّهم قد استطار فيها، ووصَلَت غاراتُهم إلى أدانيها وأقاصيها، وبلَغَت آمِدَ ونصيبين ورأسَ عَين والرقَّة، وكانت مملكَتُهم بهذه الديارِ مِن قَريبِ ماردين إلى الفُرات مثل الرَّها، وسروج، والبيرة، وسن ابن عطير، وحملين، والموزر، والقرادي، وغير ذلك. وكانت هذه الأعمالُ مع غيرِها ممَّا هو غَرْبَ الفرات لجوسلين، وكان صاحِبَ رأي الفرنجِ والمُقَدَّم على عساكِرِهم؛ لِما هو عليه من الشَّجاعةِ والمكرِ، وكان زنكي يَعلَمُ أنَّه متى قَصَد حَصْرَ الرَّها، اجتمع فيها مِن الفرنجِ مَن يَمنَعُها، فيتعَذَّر عليه مِلكُها لِما هي عليه من الحَصانةِ، فاشتغل بقِتالِ الملوك الأرتقيَّة بديارِ بَكرٍ ليُوهِمَ الفرنجَ أنَّه غيرُ مُتفَرِّغٍ لقَصدِ بلادِهم، فلمَّا رأَوْا أنَّه غيرُ قادر على تَرْكِ الملوك الأرتقيَّة وغيرِهم من ملوكِ ديارِ بَكرٍ، حيث إنَّه محارب لهم، اطمأنُّوا، وفارق جوسلين الرَّها وعبَرَ الفراتَ إلى بلاد الغربية، فجاءت عيونُ أتابك إليه فأخبَرَته فنادى العسكَرَ بالرحيلِ وألَّا يتخَلَّفَ عن الرَّها أحَدٌ مِن غَدِ يَومِه، وجمَعَ الأمراءَ عنده، وقال: قَدِّموا الطعامَ، وقال: لا يأكُلْ معي على مائدتي هذه إلَّا مَن يَطعنُ غدًا معي على بابِ الرَّها، فلم يتقَدَّمْ إليه غيرُ أميرٍ واحدٍ وصَبيٍّ لا يُعرَف؛ لِما يَعلَمونَ مِن إقدامِه وشجاعته، وأنَّ أحدًا لا يَقدِرُعلى مُجاراتِه في الحَربِ، فقال الأميرُ لذلك الصبي: ما أنت في هذا المقامِ؟ فقال أتابك: دَعْه فواللهِ إنِّي أرى وجهًا لا يتخَلَّفُ عني، وسار والعساكِرُ معه، ووصل إلى الرَّها، وكان هو أوَّلَ مَن حمل على الفرنجِ ومعه ذلك الصبيُّ، وحمَلَ فارِسٌ مِن خَيَّالة الفرنج على أتابك عرضًا، فاعتَرَضه ذلك الأميرُ فطَعَنَه فقَتَلَه، وسَلِمَ الشهيدُ، ونازل البَلَدَ، وقاتله ثمانيةً وعشرين يومًا، فزحَفَ إليه عِدَّةَ دَفعاتٍ، وقَدَّم النقَّابينَ فنَقَبوا سورَ البَلَدِ، وطَرَحوا فيه الحَطَب والنَّارَ فتهَدَّمَ، ودخلها فحاربهم، ولجَّ في قتالِه خَوفًا من اجتماعِ الفرنج والمسيرِ إليه واستنقاذِ البلد منه، فأخذ البَلَدَ عَنوةً وقهرًا، وحَصَرَ قلعةَ الرَّها فمَلَكها أيضًا, فنصَرَ اللهُ المُسلمينَ وغَنِموا غنائِمَ عَظيمةً، وخَلَّصوا أُسارى مُسلِمينَ يَزيدونَ على خمسِمئة. ونهب النَّاسُ الأموالَ وسَبَوا الذُّريَّةَ وقَتَلوا الرجالَ، فلمَّا رأى أتابك زنكي البلدَ أعجَبَه، ورأى أنَّ تَخريبَ مِثلِه لا يجوزُ في السِّياسة، فأمَرَ فنُودِيَ في العساكِرِ برَدِّ مَن أخذوه من الرِّجالِ والنِّساءِ والأطفالِ إلى بُيوتِهم، وإعادةِ ما غَنِموه من أثاثِهم وأمتِعَتِهم، فرَدُّوا الجميعَ عن آخِرِهم لم يُفقَدْ منهم أحَدٌ إلَّا الشَّاذُّ النَّادِرُ الذي أُخِذَ وفارَقَ مَن أخَذَه العَسكَرُ، فعاد البلدُ إلى حالِه الأوَّلِ، وجعَلَ فيه عسكرًا يَحفَظُه، وكان جمالُ الدين أبو المعالي فضلُ الله بن ماهان رئيسُ حرَّان هو الذي يحُثُّ أتابك في جميعِ الأوقاتِ على أخْذِ الرَّها، ويُسَهِّلُ عليه أمْرَها, ثمَّ رَحَل إلى سروجٍ ففَتَحَها، وهَرَب الفرنجُ منها، وتسَلَّمَ سائِرَ الأماكِنِ التي كانت بيَدِ الفِرنجِ شَرقيَّ الفُراتِ ما عدا البيرةَ؛ فإنَّها حصينةٌ مَنيعةٌ، وعلى شاطئِ الفُراتِ، فسار إليها وحاصَرَها، وكانوا قد أكثَروا مِيرتَها ورِجالَها، فبَقِيَ على حِصارِها إلى أن رحَلَ عنها عندما جاءَه الخبَرُ مِن المَوصِل أنَّ نَصيرَ الدِّينِ جقر نائبه بالموصِلِ قُتِلَ، فخاف عليها، وتَرَك البيرةَ بعد أن قارَبَ أخْذَها, وسار جِهةَ المَوصِلِ، ولَمَّا بلَغَ زنكي خبَرُ قَتْلِ مَن قَتَلَ جقر، سكَنَ جأشُه واطمأنَّ قَلبُه.

العام الهجري : 73 العام الميلادي : 692
تفاصيل الحدث:

في هذه السَّنةِ انْتُهِيَ مِن بِناءِ مَسجِد قُبَّةِ الصَّخرَةِ في بيتِ المَقْدِس والذي كان عبدُ الملك قد أمر به في سَنةِ 66 هـ.

العام الهجري : 344 العام الميلادي : 955
تفاصيل الحدث:

أمَرَ النَّاصِرُ بالأندلسِ بإطلاقِ اللَّعنِ على ملوكِ الشِّيعةِ بجميعِ منابرِ الأندلسِ، وإنفاذِ كُتُبِه بذلك إلى العُمَّالِ بسائر الأقطار.

العام الهجري : 572 العام الميلادي : 1176
تفاصيل الحدث:

أمرَ النَّاصِرُ ببناء مدرسةِ صلاح الدين للشافعيَّة عند قبرِ الشافعيِّ، وجعل الشيخَ نجم الدين الخبوشاني مُدَرِّسَها وناظِرَها.

العام الهجري : 355 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 966
تفاصيل الحدث:

بعد أن تولى عليُّ بنُ الإخشيد حُكمَ مِصرَ بعد موت أخيه أنوجور، فسَدَ ما بينه وبين مدبِّر مملكته كافور الإخشيدي، فمنع كافور النَّاسَ مِن الاجتماعِ بعَليِّ بنِ الإخشيد حتى اعتَلَّ بعِلَّةِ أخيه أنوجور ومات لإحدى عشرة خَلَت من المحَرَّم وحُمِلَ إلى المقدس ودفن عند أبيه الإخشيد وأخيه أنوجور، وبَقِيَت مصر من بعده أيامًا بغير أميرٍ، وكافور يدبِّرُ أمرَها على عادته في أيَّامِ أولاد الإخشيد ومعه أبو الفضل جعفرُ بنُ الفرات. ثم وليَ كافور إمرةَ مصرَ باتِّفاقِ أعيان الدِّيارِ المِصريَّة وجُندِها، وكانت مُدَّة سلطنةِ علي بن الإخشيد المذكور على مصر خمس سنين وشهرين ويومين.

العام الهجري : 396 العام الميلادي : 1005
تفاصيل الحدث:

اشتَدَّت الفِتنةُ ببغداد، وانتشَرَ العَيَّارون والمُفسِدون، فبَعَث بهاءُ الدَّولة بنُ بُوَيه الدَّيلمي, عميدَ الجُيوشِ أبا عليِّ بنَ أستاذ هرمز إلى العراقِ ليُدَبِّرَ أمْرَه، فوصل إلى بغداد، والفِتَنُ ثائرةٌ بها، فضبط العِراقَ بأتَمِّ سياسةٍ، وأباد الحَراميَّة، وقتل عِدَّةً منهم، فقَمَع الفَسادَ وأهلَه، ومنَعَ الرَّافضةَ مِن إحياءِ مآتِمِ يومِ عاشوراءَ بالنَّوحِ وتَعليقِ المُسوح ببغداد وغيرها، ومنَعَ أهلَ السُّنَّة مِمَّا كانوا ابتَدَعوه أيضًا في مُقابلةِ الرَّافِضةِ مِن التوجُّهِ إلى قَبرِ مُصعَبِ بنِ الزُّبيرِ وغَيرِه، ونفى بعد ذلك ابنَ المُعَلِّم المعروف بالشيخ المفيد، فَقيه الإماميَّة، فاستقام أمرُ البَلَدِ.

العام الهجري : 1220 العام الميلادي : 1805
تفاصيل الحدث:

أمر الإمامُ سعود عبد الوهاب أبا نقطة ورعاياه من عسير وألمع وفهاد بن شكبان ورعاياه من بيشة وعبيدة وأهل سنحان ووادعة وقراها وأهل وادي الدواسر ومن تبعهم أن يقصِدوا نجران لقتالِ أهله, فسار هؤلاء في جمع بلغت عدته حوالي 30 ألفًا، ونازلوا أهلَ بدر مدَّةً وجرى بينهم وقائع وقتلى بين الفريقين، أكثَرُ القتلى من قوم عبد الوهاب, وأمر عبد الوهاب من معه أن يبنوا قصرًا مقابِلَ قصر بدر يصير ثغرًا لهم، ويضَيِّق على أهل بدر ونجران، فتَمَّ بناؤه وحَصَّنوه وجعلوا فيه مرابِطة، ووضعوا لهم جميعَ ما يحتاجون إليه ثمَّ رجعوا إلى أوطانهم.