الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3316 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 172 العام الميلادي : 788
تفاصيل الحدث:

هرب إدريسُ بن عبدالله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب- أخو محمد النَّفس الزكيَّة- من الحجاز بعد أن نجا من معركةِ فخ بمكَّة عام 169هـ فاتَّجه لمصرَ ثمَّ للمغرب، واستطاع أن يؤسِّسَ بمساعدة السكَّان البربر دولةَ الأدارسة العلويَّة المنفصلة عن المشرقِ في خلافة هارون الرشيد, وبنى مدينة فاس في مكانٍ يسمَّى جراوة، وصارت عاصمةً له وبَقِيَ حاكمًا عليهم إلى أن توفِّيَ عام 175هـ وقيل في 177هـ

العام الهجري : 207 العام الميلادي : 822
تفاصيل الحدث:

خرج عبدُ الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ببلادِ عَكٍّ من اليمن، يدعو إلى الرضا من آل محمد, وكان خروجُه من سوءِ سيرةِ عاملِ اليمَنِ، فبايعه خلقٌ، فوجه إليه المأمونُ لحَربِه دينارَ بن عبد الله، وكتب معه بأمانِه، فحَجَّ دينار ثم سار إلى اليمَنِ حتى قرُبَ من عبد الرحمن، وبعث إليه بأمانِه فقَبِلَه وعاد مع دينارٍ إلى المأمون.

العام الهجري : 629 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1232
تفاصيل الحدث:

بعث الملكُ المنصور عمر بن علي بن رسول، صاحبُ اليمن، عسكرًا إلى مكة، وفيها الشَّريفُ راجح بن قتادة، فمَلَكَها من الأمير شجاع الدين طغتكين، نائب الملك الكامل، وفرَّ شجاع الدين إلى نخلة ثم إلى ينبع، وكتب يُعلِمُ الملك الكامل بذلك، فبعث إليه الكامِلُ عسكرًا سار بهم إلى مكَّة، فقدموها في شهر رمضان، ومَلَكوها بعدما قتلوا جماعة، وكان مُقَدَّم العسكر الأمير فخر الدين يوسف بن الشيخ.

العام الهجري : 931 العام الميلادي : 1524
تفاصيل الحدث:

هو السلطان أبو عبد الله محمد بن محمد شيخ الوطاسي المعروف بالبرتغالي، صاحب المغرب، وقع في الأسر عند البرتغاليين مدةً من الزمن وهو صغير السن؛ ولذلك لقِّب بالبرتغالي, تولى السلطنة بعد والده محمد شيخ، وقد انشغل بجهاد البرتغاليين, وبعد وفاته تولى أخوه أبو الحسن علي بن محمد الثاني الملقب أبو حسون، فقام أبو العباس أحمد بن أبي عبد الله محمد بخلع عمه أبي حسون.

العام الهجري : 1213 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1799
تفاصيل الحدث:

حجَّ ركبٌ من أهل نجدٍ في هذا العام، فيهم عليٌّ ابنُ الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأخوه إبراهيم، وإبراهيمُ بن سدحان رئيس بلد شقراء، ورفقة معهم من أهل الوشم وأهل القصيم، وقَضَوا حجَّهم ورجعوا سالمين، وذلك أنَّ الشريف بعد وقعة الخرمة (من محافظات منطقة مكة المكرمة) سنة 1212 أرسل إلى الإمام عبد العزيز وطلب الصلحَ والمهادنة، فأجابه إلى ذلك وأذِنَ لأهل نجد بالحَجِّ بعد أن كانوا ممنوعين منه منذ عقودٍ.

العام الهجري : 1218 العام الميلادي : 1803
تفاصيل الحدث:

جاء محمدُ علي باشا إلى مصرَ مع الجنود الذين جاؤوا لإخراجِ الفرنسيين منها واستطاع بعد مناورات مع المماليك والولاة والعثمانيين والأهالي أن يتوصَّلَ إلى ولايةِ مصر في العاشرِ من شهر ربيع الثاني من عام 1220هـ حتى عندما حاول الإنجليز لدى الدولة العثمانية عزلَه أو نقلَه، تمسَّك به العلماء والقادة، فصدر أمرٌ بتثبيته عام 1221هـ، ثم استطاع أن يتفَرَّد بالحُكمِ بتخَلُّصِه من المماليك في حادثة القلعة عام 1226هـ وضَرْبِ العلماءِ بعضِهم ببعضٍ، فخلى له الجوُّ وتفَرَّد بالحُكمِ كما يحِبُّ ويشاء.

العام الهجري : 1260 العام الميلادي : 1844
تفاصيل الحدث:

لما استعمل الإمامُ فيصل عبدَ اللهِ بنَ سعد المداوي أميرًا على القطيف استلحق علي بن عبد الله بن غانم الرافضي رئيس القطيف السابق، فناوبه بأشياءَ ذُكِرَت له فضَرَبَه بالخَشَبِ حتى مات، فغضب الإمامُ فيصل وأرسل إليه غلامَه بلال بن سالم الحرق، فأشخصه إلى الإمام وجلس مكانَه في القطيف، فلما أتى المداوي إلى الإمام ذكَرَ له عُذْرَه في ضربه لابن غانم، فقبل منه ورَدَّه إلى القطيف أميرًا.

العام الهجري : 1408 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1987
تفاصيل الحدث:

في سنة 1985م جرى تعيينُ زين العابدين وزيرَ دولةٍ للأمن في مكتب رئيس الوزراء محمد مزالي، وفي سنة 1986م عُيِّن وزيًرا للداخلية، وظلَّ في منصبه هذا حتى تولَّى رئاسة الوزارة، فجمع بين منصب الوزير الأول، ووزير الحكومة، فضلًا عن تولِّيه الأمانة العامة للحزب الاشتراكي الدُّستوري، الحِزب الحاكم. وزينُ العابدين بن علي رجُلٌ عسكريٌّ اصطفاه بورقيبة منذُ سنواتٍ؛ ليكون قبضتَه الحديديَّة في مُواجهة خُصومه والأزمات التي حلَّت بنظامه.

العام الهجري : 1429 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 2008
تفاصيل الحدث:

وقَّعَت حركتا فتح وحماس اتفاقَ مُصالحةٍ برعاية يمنيَّةٍ، وتعهَّدَتا بإحياء المحادثاتِ المباشِرةِ بعد شهور من الأعمالِ العدائية، ووقَّع كلٌّ من عزَّام الأحمد رئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي الفِلَسْطيني، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق الاتفاقَ الذي أُطلق عليه اسمُ "إعلان صنعاء"، بحضور الرئيس اليَمَني علي عبد الله صالح، والتوقيع شكَّلَ إطارًا لاستئناف الحوار من أجْل العودة بالأوضاع في الأراضي الفِلَسْطينية إلى ما قبلَ أحداث غزَّةَ.

العام الهجري : 585 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1189
تفاصيل الحدث:

لَمَّا كَثُرَ جَمعُ الفرنج بصور؛ بسَبَبِ أن صلاح الدين كان كُلَّما فتح مدينةً أو قلعةً أعطى أهلَها الأمان، وسيَّرَهم إليها بأموالهم ونسائهم وأولادهم، فاجتمع بها منهم عالَمٌ كثير، ثم إنَّ الرهبان والقسوس وخلقًا كثيرًا من مشهوريهم وفرسانهم لَبِسوا السواد، وأظهروا الحُزنَ على خروج بيت المقدس من أيديهم، وأخَذَهم البطرك الذي كان بالقُدس، ودخل بهم بلادَ الفرنج يطوفها بهم جميعًا، ويستنجدون أهلَها، ويستجيرون بهم، ويحثُّونَهم على الأخذ بثأر بيت المقدس، وصَوَّروا المسيح، عليه السلام، وجعلوه مع صورةِ عربيٍّ يَضرِبُه، وقد جعلوا الدماءَ على صورة المسيح، عليه السلام، وقالوا لهم: هذا المسيحُ يَضرِبُه محمَّدٌ نبي المسلمين، وقد جَرَحه وقتَلَه، فعَظُمَ ذلك على الفرنج، فحَشَروا وحشدوا حتى النساء، ومن لم يستطع الخروجَ استأجر من يخرُجُ عِوَضَه، أو يعطيهم مالًا على قَدرِ حالهم، فاجتمع لهم مِن الرجال والأموال ما لا يتطَرَّق إليه الإحصاء، فهذا كان سببَ خروجهم، فلما اجتمعوا بصور تموج بعضُهم في بعض، ومعهم الأموالُ العظيمة، والبحرُ يَمُدُّهم بالأقوات والذخائر، والعُدد والرِّجال من بلادهم، فضاقت عليهم صور، باطِنُها وظاهِرُها، فأرادوا قَصدَ صيدا، فعادوا واتفقوا على قصد عكَّا ومُحاصرتها ومصابرتها، فساروا إليها وكان رحيلُهم ثامن رجب، ونزولهم على عكا في منتَصَفه، ولما كانوا سائرين كانت يزك- مقدمة الجيش-  المسلمين يتخطَّفونَهم، ويأخذون المنفرِدَ منهم، ولَمَّا رحلوا جاء الخبَرُ إلى صلاح الدين برحيلهم، فسار حتى قارَبَهم، وساروا على طريق كفر كنا، فسبقهم الفرنجُ، وكان صلاح الدين قد جعل في مقابل الفرنجِ جماعةً مِن الأمراء يسايرونَهم ويناوشونَهم القتالَ ويتخطَّفونَهم، ولم يُقدِم الفِرنجُ عليهم مع قِلَّتِهم، ولما وصل صلاح الدين إلى عكا رأى الفرنجَ قد نزلوا عليها من البَحرِ إلى البحر من الجانب الآخر، ولم يبق للمسلمينَ إليها طريق، وسَيَّرَ الكتب إلى الأطراف باستدعاء العساكِرِ، فأتاه عسكر الموصل، وديار بكر، وسنجار وغيرها من بلد الجزيرة، وأتاه تقيُّ الدين ابن أخيه، وأتاه مظفر الدين بن زين الدين، وهو صاحِبُ حران والرها، وكانت الأمدادُ تأتي المسلمين في البر وتأتي الفرنجَ في البحر، وكان بين الفريقين مُدَّة مُقامِهم على عكا حروبٌ كثيرةٌ ما بين صغيرة وكبيرة، منها اليومُ المشهور، ومنها ما هو دون ذلك، ولما نزل السلطانُ عليهم لم يقدِرْ على الوصول إليهم، ولا إلى عكا، حتى انسلخ رجَب، ثم قاتَلَهم مُستهَلَّ شعبان، فحمل عليهم تقيُّ الدين وأخلوا نصف البلد، وملك تقيُّ الدين مكانهم، والتصق بالبلد، وصار ما أخلَوه بيده، ودخل المسلمونَ البلد، وخرجوا منه، واتَّصَلت الطرق، وزال الحَصرُ عَمَّن فيه، وأدخل صلاحُ الدين إليه من أراد من الرِّجال وما أراد من الذخائر والأموال والسلاحِ وغير ذلك، ثم إن جماعةً مِن العرب بلغهم أن الفرنجَ تَخرُجُ مِن الناحية الأخرى إلى الاحتطابِ وغَيرِه من أشغالِهم، فكَمَنوا لهم في معاطِفِ النهر ونواحيه سادس عشر شعبان، فلما خرج جمعٌ مِن الفرنج على عادتِهم حَمَلَت عليهم العرب، فقتلوهم عن آخِرِهم، وغَنِموا ما كان معهم، وحملوا الرؤوسَ إلى صلاح الدين، أمَّا الوقعة الكبرى على عكا ففي العشرين من شعبان، كل يوم يُغادون القتال مع الفرنج ويروحونه، والفرنجُ لا يَظهَرونَ مِن معسكرهم ولا يفارِقونَه، وكان كثيرٌ من عسكر صلاح الدين غائبًا عنه، وكان هذا مما أطمَعَ الفرنج في الظهورِ إلى قتال المسلمين، فخرج الفرنجُ مِن معسكرهم كأنَّهم الجرادُ المنتَشِر، يدبُّون على وجه الأرض، قد ملؤوها طولًا وعرضًا، وطلبوا ميمنةَ المسلمين وعليها تقيُّ الدين عمر ابن أخي صلاح الدين، فلما رأى الفرنجَ نحوه قاصدين حَذِرَ هو وأصحابه، فتَقَدَّموا إليه، فلما قَرُبوا منه تأخَّرَ عنهم، فلما رأى صلاحُ الدين الحالَ، وهو في القَلبِ، أمَدَّ تقي الدين برجالٍ مِن عنده ليتقَوَّى بهم، وكان عسكَرُ ديار بكر وبعض الشرقيين في جناحِ القلب، فلما رأى الفرنجُ قِلَّةَ الرجال في القلب، وأن كثيرًا منهم قد سار نحوَ الميمنة مَدَدًا لهم، عطفوا على القلب، فحَمَلوا حملة رجل واحد، فاندفعت العساكِرُ بين أيديهم منهزمينَ، وثَبَت بعضهم، ولم يبقَ بين أيديهم في القَلبِ مَن يرُدُّهم، فقصدوا التلَّ الذي عليه خيمةُ صلاح الدين، فقَتَلوا من مَرُّوا به، ونهبوا، وقتلوا عند خيمة صلاح الدين جماعةً، وانحدروا إلى الجانِبِ الآخر من التل، فوضعوا السيفَ فيمن لقوه، وكان من لطف الله تعالى بالمسلمين أنَّ الفرنجَ لم يلقوا خيمةَ صلاح الدين، ولو لَقُوها لَعَلِمَ الناس وصولهم إليها، وانهزم العساكِرُ بين أيديهم، فكانوا انهزموا أجمعون، ثم إن الفرنج نظروا وراءَهم، فرأوا أمدادَهم قد انقَطَعت عنهم، فرجعوا خوفًا أن ينقَطِعوا عن أصحابهم، وكان سَبَبُ انقطاعهم أن الميمنة وقفت مقابلَتَهم، فاحتاج بعضُهم أن يقفَ مُقابِلَها، وحملت ميسرةُ المسلمين على الفرنج، فاشتغل المَدَدُ بقتال من بها عن الاتصالِ بأصحابهم، وعادوا إلى طرفِ خنادِقِهم، فحملت الميسرةُ على الفرنج، الواصلين إلى خيمة صلاح الدين، فصادفوهم وهم راجِعونَ، فقاتلوهم، وثار بهم غلمان العسكر، وكان صلاح الدين لما انهزم القلبُ قد تبعهم يناديهم، ويأمُرُهم بالكَرَّة، ومعاودة القتال، فاجتمع معه منهم جماعةٌ صالحة، فحَمَل بهم على الفرنج من وراء ظهورِهم وهم مشغولون بقتال الميسرة، فأخذتهم سيوفُ اللهِ مِن كلِّ جانب، فلم يُفلِتْ منهم أحد، بل قُتِلَ أكثرهم، وأُخِذَ الباقون أسرى، وأما المنهَزِمون من المسلمين، فمنهم من رجعَ مِن طبرية، ومنهم من جاز الأردن وعاد، ومنهم من بلغ دمشق، أمَّا رحيل صلاح الدين عن الفرنج وتمكُّنُهم من حصر عكا، فلما قتل من الفرنج ذلك العدد الكثير، جافت الأرضُ مِن نتن ريحِهم، وفسد الهواء والجو، وحَدَث للأمزجة فساد، وانحرف مزاجُ صلاح الدين، وحدث له قولنج مُبرح كان يعتاده، فحضر عنده الأمراءُ، وأشاروا عليه بالانتقالِ مِن ذلك الموضع، ووافقهم الأطباءُ على ذلك، فأجابهم إليه فرحلوا إلى الخروبة رابِعَ شهر رمضان، وأمر من بعكا من المسلمين بحِفظِها، وإغلاق أبوابها، والاحتياط، وأعلمَهم بسبب رحيله. ثم وصلت عساكِرُ مِصرَ والأسطول المصري في البَحرِ في منتصف شوال، ومُقَدَّمُها الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب، فلما وصل قَوِيَت نفوس الناس به وبمن معه، واشتَدَّت ظهورهم، وأحضَرَ معه من آلات الحصار، من الدرق والطارقيات والنشاب والأقواس، شيئًا كثيرًا، ومعهم من الرجَّالة الجمُّ الغفير، وجمع صلاحُ الدين من البلاد الشامية راجلًا كثيرًا، وهو على عزمِ الزحف إليهم بالفارِسِ والراجل، ووصَلَ بعده الأسطولُ المصري، ومُقَدَّمه الأمير لؤلؤ، فوصل بغتةً، فوقع على سفينة كبيرة للفرنج، فغَنِمَها، وأخذ منها أموالًا كثيرةً وميرةً عظيمة، فأدخلها إلى عكا، فسَكَنت نفوسُ من بها بوصولِ الأسطول وقَوِيَ جنانُهم.

العام الهجري : 529 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1135
تفاصيل الحدث:

هو أبو الأغر -وقيل: الأعز- دبيس بن سيف الدولة أبي الحسن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي الناشري الشيعي، الملقب نور الدولة ملك العرب صاحب الحلة المزيدية -حلة بني مزيد، وهي مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمى الجامعين- كان دبيس جوادًا كريمًا عنده معرفة بالأدب والشعر، وتمكَّن في خلافة الإمام المسترشد، واستولى على كثير من بلاد العراق، وهو من بيت كبير. كان دبيس في خدمة السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي، وهم نازلون على باب المراغة من بلاد أذربيجان ومعهم الإمام المسترشد بالله, وقيل: "إن السلطان مسعودًا دس على الخليفة المسترشد بالله جماعة من الباطنية فهجموا عليه في خيمته فقتلوه, وخاف أن يُنسَب القتل إليه، وأراد أن تُنسَب إلى دبيس، فتركه إلى أن جاء إلى الخدمة وجلس على باب خيمته، فسير بعض مماليكه، فجاءه من ورائه وضرب رأسه بالسيف فأبانه، وأظهر السلطان بعد ذلك أنه إنما فعل هذا انتقامًا منه بما فعل في حق الخليفة، وكان ذلك بعد قتل الخليفة بشهر". وكان دبيس قد عزم على الهرب مرارًا، وكانت المنية تثبِّطه. ولما قُتِل دبيس حُمِل إلى ماردين إلى زوجته كهارخاتون، فدُفِن بالمشهد عند نجم الدين إيلغازي. ذكره الذهبي فقال: "كان أديبًا جوادًا ممدَّحًا من نجباء العرب، ترامت به الأسفار إلى الأطراف، وجال في خراسان، واستولى على كثير من بلاد العراق، وخيف من سطوته، وحارب المسترشد بالله، ثم فر من الحلة إلى صاحب ماردين نجم الدين، وصاهره، وصار إلى الشام، وأمرُها في شدة من الفرنج، ثم ردَّ إلى العراق، وجرت له هناة، ففر إلى سنجر صاحب خراسان، فأقبل عليه، ثم أمسكه من أجل الخليفة مدة، ثم أطلقه، فلحق بالسلطان مسعود، فقتله غدرًا بمراغة في ذي الحجة سنة تسع وعشرين، وأراح الله الأمة منه؛ فقد نهب وأرجف وفعل العظائم، ولما هرب في خواصه قصد مري بن ربيعة أمير عرب الشام، فهلكوا في البرية من العطش، ومات عدة من مماليكه، فحصل في حلة مكتوم بن حسان، فبادر إلى متولي دمشق تاج الملوك فأخبره به، فبعث خليلا فأحضروه إلى دمشق، فاعتقله مكرمًا، ثم أطلقه للأتابك زنكي ليُطلِقَ مِن أسْرِه ولَدَه سونج بن تاج الملوك، وكان دبيس شيعيًّا كآبائه" قَتَل السلطانُ مسعود دبيسَ بن صدقة على باب سرادقه بظاهر خونج، أمر غلامًا أرمنيًّا بقتله، وأمر السلطان مسعود بك أبه أن يأخذ الحلة، فسار بعض عسكره إلى المدائن، وأقاموا مدة ينتظرون لحاق بك أبه بهم، فلم يسِرْ إليهم جبنًا وعجزًا عن قصد الحلة؛ لكثرة العسكر بها مع صدقة. وبقي صدقة بالحلة إلى أن قدم السلطان مسعود إلى بغداد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، فقصده وأصلح حالَه معه ولزم خدمتَه.

العام الهجري : 1317 العام الميلادي : 1899
تفاصيل الحدث:

أجبرت إنجلترا حكومةَ مِصرَ على سَحبِ جَيشِها من السودانِ بعد انتصارِ ثورة المهدي، وقاد كيتشنر مع عددٍ مِن الضباط الإنجليز حملةَ الجيش المصري لإعادةِ احتلال السودان من عام 1896م حتى عام 1898م؛ حيث انهزم المهديُّون في معركةِ أم درمان الفاصلة، فأجبر الإنجليز مصرَ على توقيع اتفاقية هذا العام (بحجَّة أن السودان قد أُعيدَ فتحه بدعمٍ مِن البلدين) فنصَّت الاتفاقيَّةُ على رفع العَلَمين المصري والإنجليزي. وعلى تعيينِ حاكمٍ عَسكريٍّ للسودان تختارُه بريطانيا ويعَيِّنُه الخديوي، ويفصل بالطريقة ذاتها. وكان كيتشنر أولَ حاكمٍ عسكريٍّ عامٍّ هناك، كما احتفظ لمصرَ في السودان بفرقةٍ عسكرية, وفي عام 1924م بدأت التظاهراتُ والاحتجاجات تعُمُّ مصر والسودان، أدَّت إلى اغتيال الحاكم العام للسودان أثناءَ زيارتِه لمصر، فاستغل الإنجليزُ مقتلَ اللواء الإنجليزي لي أوليفير فيتزماورس ستاك السردار (قائد) الجيش المصري في السودان، ما أدَّى إلى ردٍّ عنيفٍ تمثَّل بمنع مشاركة مصر في حُكمِ السودان حسَبَ معاهدة 1899م، فأجبر الإنجليزُ حُكومةَ مِصرَ على سحبِ فرقتِها العسكرية من السودان، ولكِنَّ بعضَ الوحدات المصرية ما لَبِثَت أن عادت بعد معاهدة 1936م. وفي الفترةِ التي نالت فيها مِصرُ استقلالها، تنامت حركاتُ المعارَضة في السودان. وقد نجح البريطانيون في مَطلَعِ العشرينايت في تكوين تيارٍ سوداني قوي معادٍ لمصرَ، وحمل شعار: «السودانُ للسودانيين» وأدَّت التحوُّلاتُ السياسية السودانية في الثلاثينيات إلى تصدُّعِ هذا الحِلْف، ذلك أنَّ نفوذَ حَركةِ المهدي وقُوى تحالفِها مع البريطانيين أدَّى هذا إلى إثارةِ حَفيظةِ الميرغني الذي قرَّر نكايةً بالإنجليز التحالُفَ مع القوى الوطنية «مؤتمر الخريجين» وراحوا ينادون من جديدٍ بالوَحدةِ مع مصر، إلَّا أنَّ خيبات الأمل والضَّرَبات التي كسرت الصورةَ المثالية لمصر عند السودانيين توالت، وخاصةً عند الشباب الذي سافر للتعلم في القاهرة. وكانت الضربةُ الثانيةُ بعد معاهدة 1936م بين مصر وبريطانيا التي أعادت إلى مصرَ شيئًا من نفوذِها على السودان. فقد صدمت هذه المعاهدةُ السودانيين؛ لأنَّها لم تذكُرْ لهم أيَّ دور، هذا ما أعاد بعثَ الحركة الوطنية التي وإن كانت تتطلَّعُ إلى مصر، إلَّا أنَّها أدركت أنَّ مِصرَ لا يمكِنُ الاعتماد عليها كليًّا لتعَبِّرَ عن صوت السودانيين. بعد ذلك حصل منعطَفٌ كبير وهو ثورة 23 يوليو 1952م في مصر، وبروز اللواء محمد نجيب، الذي كان يتمَتَّعُ بشعبية واسعة في السودان؛ حيث اعتُبِرَ أنَّه نِصفُ سودانيٍّ، وبعده مجيء جمال عبد الناصر، فأعطت هذه الثورةُ دفعةً قويةً لتيار الوَحدةِ بعد تراجُعِه كثيرًا. وكانت الثورةُ مُتجاوِبةً مع الوَحدويِّين السودانيين، وكان قادتُها على قدر كبير من التفَهُّم والوعي لمطامِحِ الحركة الوطنية السودانية، وتمكَّنوا في الوقت نفسِه من طمأنة حزبِ الأمة والاستقلاليين إلى نوايا مصرَ، ولم يتردَّدوا في توقيعِ اتفاق مع كلِّ الأحزاب السودانية في عام 1953م لمنح السودان حقَّ تقريرِ مَصيرِه.

العام الهجري : 554 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1159
تفاصيل الحدث:

لمَّا مَلَكَ الفِرنجُ مَدينةَ المَهديَّة وفَعَلوا ما فَعَلوا في زويلة المَدينةِ المُجاوِرَةِ للمَهديَّةِ من القَتلِ والنَّهبِ، هَرَبَ منهم جَماعةٌ وقَصَدوا عبدَ المُؤمنِ صاحبِ المَغربِ، وهو بمراكش، يَستَجيرُونَه، فلمَّا وَصَلوا إليه ودَخَلوا عليه أَكرَمَهم، وأَخبَروهُ بما جَرَى على المسلمين، وأنه ليس من مُلوكِ الإسلامِ مَن يُقصَد سِواهُ، فبدَأَ بالاستِعدادِ للمَسيرِ, فلمَّا كان في صفر سَنةَ554هـ سار عن مراكش، فلم يَزَل يَسيرُ إلى أن وَصلَ إلى مَدينةِ تونس، فلمَّا نازَلَها أَرسلَ إلى أَهلِها يَدعوهُم إلى طاعَتِه، فامتَنَعوا، فقاتَلَهُم ثم نَزَلوا يَسأَلونَهُ الأَمانَ فأَجابَهُم إليه. ثم سار عبدُ المؤمن منها إلى المَهديَّةِ والأُسطولُ يُحاذِيه في البَحرِ، فوَصلَ إليها ثامنَ عشر رجب سَنةَ 554هـ، وكان حينئذٍ بالمَهديَّةِ أَولادُ مُلوكِ الفِرنجِ وأَبطالُ الفِرسانِ، وقد أَخلوا زويلةَ، فدَخلَ عبدُ المؤمنِ زويلةَ، وامتَلأَت بالعَساكرِ والسُّوقَةِ وانضافَ إليه من صنهاجة والعَربِ وأَهلِ البلادِ ما يَخرُج عن الإحصاءِ، وأَقبَلوا يُقاتِلون المَهديَّةَ مع الأَيامِ، فلا يُؤثِّر فيها لِحصَانَتِها وقُوَّةِ سُورِها وضِيقِ مَوقِعِ القِتالِ عليها، فعَلِمَ عبدُ المؤمنِ أن المَهديَّةَ لا تُفتَح بقِتالٍ بَرًّا ولا بَحرًا، لأن البحرَ دائرُ بأَكثرِها، فكأَنها كَفٌّ في البَحرِ، وزِندُها مُتَّصِلٌ بالبَرِّ، وليس لها إلا المُطاوَلَةِ، فتَمادَى الحِصارُ، وكانت الفِرنجُ  تُخرِج شُجعانَهم إلى أَطرافِ العَسكرِ، فتَنال منه وتَعودُ سَريعًا؛ فأَمرَ عبدُ المؤمنِ أن يُبنَى سُورٌ من غَربِ المَدينةِ يَمنَعُهم من الخُروجِ، وأَحاطَ الأُسطولُ بها في البَحرِ، ورَكِبَ عبدُ المؤمنِ في شيني، ومعه الحَسنُ بنُ عَليٍّ الذي كان صاحِبَها، وطاف بها في البَحرِ، فهاله ما رأى من حَصانَتِها، وفي مُدَّةِ حِصارِه أَطاعَتهُ مجموعةٌ من المناطِقِ. ثم جاء أُسطولُ صاحبِ صِقلِّية فأَرسلَ إليهم مَلِكُ الفِرنجِ يَأمُرُهم بالمَجيءِ إلى المَهديَّةِ، فلمَّا قارَبَ أُسطولُ صِقلِّية المَهديَّةَ حَطُّوا شِراعَهم لِيَدخُلوا المِيناءَ، فخَرجَ إليهم أُسطولُ عبدِ المؤمنِ، ورَكِبَ العَسكرُ جَميعُه، ووَقَفوا على جانبِ البَحرِ، فاستَعظَم الفِرنجُ ما رَأوهُ من كَثرةِ عَساكرِ المُوَحِّدِين، ودَخلَ الرُّعبُ قُلوبَهم، فاقتَتَلوا في البَحرِ، فانهَزَمَت شواني الفِرنجِ، وتَبِعَهم المسلمون، فأَخَذوا منهم سبعَ شوان. ويَئِسَ أَهلُ المَهديَّةِ حينئذٍ من النَّجدَةِ، وصَبَروا على الحِصارِ سِتَّةَ أَشهُر، فنَزلَ حينئذٍ من فِرسانِ الفِرنجِ إلى عبدِ المؤمنِ عَشرةٌ وكان قُوتُهُم قد فَنِيَ حتى أَكَلوا الخَيْلَ, وسَألوا الأَمانَ لمن فيها من الفِرنجِ على أَنفُسِهم وأَموالِهم لِيَخرُجوا منها ويَعودُوا إلى بِلادِهم، فعَرَض عليهم الإسلامَ، ودَعاهُم إليه فلم يُجيبوا، ولم يَزالوا يَتَردَّدُون إليه أيامًا واستَعطَفوهُ بالكَلامِ اللَّيِّنِ، فأَجابَهُم إلى ذلك، وأَمَّنَهُم وأَعطاهُم سُفُنًا فرَكِبوا فيها وساروا، وكان الزَّمانُ شِتاءً، فغَرِقَ أَكثرُهم ولم يَصِل منهم إلى صِقلِّية إلا النَّفَرُ اليَسيرُ. ودَخلَ عبدُ المؤمن المَهديَّةَ بُكرَةَ عاشوراء من المُحرَّم سنةَ 555هـ، وسَمَّاها عبدُ المؤمن سَنةَ الأَخماسِ، وأَقامَ بالمَهديَّةِ عِشرينَ يَومًا، فرَتَّبَ أَحوالَها، وأَصلَح ما انثَلَمَ من سُورِها، ونَقَلَ إليها الذَّخائِرَ من القُوَّاتِ والرِّجالِ والعَدَدِ، واستَعمَلَ عليها أَحَدَ أَصحابِه، وجَعلَ معه الحَسنَ بن عليٍّ الذي كان صاحِبَها، وأَمَرَهُ أن يَقتَدِي بَرأيِه في أَفعالِه، وأَقطَعَ الحَسنَ بها أَقطاعًا، وأَعطاهُ دُورًا نَفيسةً يَسكُنُها، وكذلك فَعلَ بأَولادِه، ورَحلَ من المَهديَّةِ أوَّلَ صَفر من السَّنَةِ إلى بِلادِ المَغرِب.

العام الهجري : 676 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1277
تفاصيل الحدث:

هو الإمام أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف بن حسن بن حسين بن جمعة النووي، الشافعي نسبة إلى نوى قرية من قرى حوران بسوريا، وُلِدَ بنوى في العشر الأوسط من المحرم سنة 631. رحل أبو زكريا إلى دمشق ودرس فيها وسَمِعَ الحديث مع زهد وورع وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، قال الشيخ محيي الدين: "لما كان لي تسع عشرة سنة قدم بي والدي إلى دمشق في سنة تسع وأربعين، فسكنت المدرسة الرواحية، وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي إلى الأرض. وكان قوتي فيها جرايةَ المدرسة لا غير، وحفظت التنبيهَ في نحو أربعة أشهر ونصف, وبقيت أكثَرَ من شهرين أو أقل لما قرأت: يجب الغُسلُ من إيلاج الحشفة في الفرج، أعتقد أن ذلك قرقرة البطنِ، وكنت أستحمَّ بالماء البارد كلما قرقَرَ بطني. وقرأت حفظًا ربع المهذب في باقي السنة، وجعلت أشرحُ وأصحِّحُ على شيخنا كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، ولازمته فأُعجِبَ بي وأحبني، وجعلني أعيد لأكثر جماعته, وكنت أقرأُ كل يوم اثني عشر درسًا على المشايخ شرحًا وتصحيحًا وكنت أعلِّقُ جميع ما يتعلق بها من شرح مُشكِل، ووضوحِ عبارة، وضَبطِ لغة، وبارك الله لي في وقتي, وخطَرَ لي الاشتغالُ بعلم الطب، فاشتريتُ كتاب القانون فيه، وعزمتُ على الاشتغال فيه، فأظلم عليَّ قلبي، وبقيت أيامًا لا أقدر على الاشتغالِ بشيءٍ، ففكَّرتُ في أمري ومن أين دخل عليَّ الداخل، فألهمني الله أنَّ سَبَبَه اشتغالي بالطب، فبِعتُ القانون في الحال، واستنار قلبي." وليَ أبو زكريا مشيخة دار الحديث من غيرِ أجر، وله مصنفات عديدة مفيدة أشهرها كتاب: رياض الصالحين، والأربعون النووية، وشرحه لصحيح مسلم المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ومنهاج الطالبين في الفقه الشافعي الذي يعتبر عمدة في المذهب، ويعتبر النووي من المعُتمَدين في المذهب؛ فكلامه أصل في المذهبِ، وهو أحد الشيخين الذين يعتمد على ترجيحهم في المذهب والآخر هو الرافعي، وله كتاب المجموع شرح المهذب أيضًا في الفقه الشافعي لكنه لم يتِمَّه، وله كتاب التقريب والتيسير في مصطلح الحديث. قال ابن العطار: "ذكر لي شيخنا محيي الدين رحمه الله أنه كان لا يضيِّعُ له وقتًا في ليل ولا نهار إلا في وظيفة من الاشتغال بالعلم، حتى في ذهابه في الطرق يكرِّرُ أو يطالع. وأنه بقي على هذا نحو ست سنين، ثم اشتغل بالتصنيفِ والإشغال والنصح للمسلمين وولاتهم، مع ما هو عليه من المجاهدة لنفسه، والعمل بدقائق الفقه، والحرص على الخروجِ مِن خلاف العلماء، والمراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من الشوائب، يحاسِبُ نفسَه على الخطرة بعد الخطرة. وكان محقِّقًا في علمه وفنونه، مدققًا في عمله وشؤونه، حافظًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عارفًا بأنواعه من صحيحه وسقيمه وغريب ألفاظه واستنباط فقهه، حافظًا للمذهب وقواعده وأصوله، وأقوالِ الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم؛ سالكًا في ذلك طريقة السلف. قد صرف أوقاتَه كلَّها في أنواع العلم والعمل بالعلم". توفي في ليلة أربع وعشرين من رجب في نوى عن خمس وأربعين عامًا، ودفن هناك وقبره فيها معروف رحمه الله وجزاه خيرًا.

العام الهجري : 1394 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1974
تفاصيل الحدث:

هو محمد علال ابنُ العلَّامة الخطيب عبد الواحد بنِ عبد السلام بنِ علال بنِ عبد الله بنِ المجذوب الفاسي الفِهريُّ نسبًا، ثم الفاسيُّ مولدًا ودارًا ومنشأ. أحد روَّاد الفكر الإسلامي الحديث، ومن كبار الخطباء في المغرب، ينحدِرُ من عائلة عربية عريقة نزحت من موطنها بديار الأندلس إلى المغرب الأقصى فرارًا بدينها وعقيدتها من محاكمِ التفتيشِ الإسبانية، واستوطنت بمدينة فاس تحت اسمِ بني الجدِّ واشتهرت بآل الفاسيِّ الفِهريِّ، وساهمت في جميع المجالات العلمية والمعرفية؛ وهو مؤسِّس حزب الاستقلالِ المغربيِّ، وأحد منظِّري فكرة المغرب العربي الكبير، وُلِدَ بمدينة فاس المغربية، في أواخر شوال عام1326هـ/ 1908م، أدخله والده إلى الكتَّاب لتلقي مبادئ الكتابة والقراءة، وحَفِظ القرآن الكريم في سنٍّ مبكرة، وبعد ذلك نقله والده إلى المدرسة العربيَّة الحرة بفاس القديمة؛ ليتعلَّم مبادئ الدين وقواعدَ اللغة العربيةِ، كان مبرزًا على أقرانه، مفخرة أسرته، بل مفخرة القَرويِّين والمغرب، عِلمًا ونبوغًا، وذكاء، وفي عام 1338هـ التحق بجامع القَرويِّين العامرِ، فدرس فيه المختصرَ بشرح الدرديرِ، والتُّحفةَ بشرح الشيخ التَّاودي بنِ سودة، وجمع الجوامع بشرح المحلِّي، والكامل في الأدب للمبَرِّد، ومقامات الحريري، وعيون الأخبار لابن قتيبةَ، وغيرها من الكتب، وسرد الكتب الستة على أبيه وعمِّه القاضي عبد الله الفاسيِّ، وعلى الشريف السلفيِّ علي الدرقاوي زاد المعاد في هدي خير العباد، وأدب الدنيا والدين، والشمائل المحمدية، وتابع دراستَه حتى حصل على الشهادة العالِميَّة، وفي عام 1380هـ عُيِّن وزيرًا للدولة مكلَّفًا بالشؤون الإسلامية، ثم انسحب منَ الحكومةِ في عام 1382هـ وعُيِّن أستاذًا بكلية الشريعة التابعة لجامعة القرويِّين بظهر المهراز، وكُلِّيتيِ الحقوق والآداب لجامعة محمد الخامس بالرباطِ، وبدار الحديثِ الحسنيَّة بنفس المدينة، وكان عضوًا مقررًا عامًّا في لجنة مدونة الفقه الإسلامي التي شُكِّلت في فجر الاستقلال، ساهم في مقاومة المحتلِّ الفرنسيِّ وجاهد ضده، ودفعته هِمَّته إلى تأليف جمعيةٍ أُطلق عليها (جمعية القَرويِّين لمقاومة المحتلِّين)، تولى رئاسة حزب الاستقلال الذي أُنشئ من قبلُ، واختُير عضوًا رئيسًا في مجلس الدستورِ لوضع دستور البلاد، ثم انتُخِب رئيسًا له، وقدَّم مشروع القانون الأساسيِّ، وشارك في وضع الأُسس الأولى للدستور سنة 1382هـ ودخل الانتخاباتِ التي أُجريت سنة 1383هـ ودخل الوزارة، ومن مصنَّفاته كتاب: ((الحركات الاستقلالية في المغرب العربي))، و((المغرب العربي منذ الحربِ العالميَّة الأولى))، و ((مقاصد الشريعة الإسلاميَّة ومكارمها))، و ((دفاع عن الشريعة))، و ((المدخل للفقه الإسلامي))، و ((تاريخ التشريع الإسلامي))، و ((النقد الذاتي))، و ((معركة اليوم والغد))، و ((دائمًا مع الشعب))، وكتاب ((عقيدة وجهاد)). وكان شاعرًا نبغ في قَرْضه في سِنٍّ مبكرة، فنظم كثيرًا من القصائد: الدينية والسياسية، والاجتماعية والتاريخية.
تُوفي وهو في بوخارست عاصمة رومانيا إِثْرَ نوبةٍ قلبيةٍ وهو يعرض على رئيسها انطباعاته عن زيارته التي قام بها وفدُ حزب الاستقلالِ المغربي برئاسته، ويشرح قضيَّة المغرب وصحراء المغرب، ونِضال الشَّعب الفلسطيني في سبيل نَيْل حُريته وأرضه، ونُقِل جثمانه إلى المغرب، فدُفِن بمقبرة الشهداء بحي العلو في مدينة الرباط.