الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2316 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 1253 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1837
تفاصيل الحدث:

رحل خالد بن سعود وإسماعيل بك وعساكِرُ الترك من القصيمِ إلى الرياض ودخلوها يوم السبت 7 صفر، ودخل خالد وإسماعيل القصرَ واستوطنوه ونزل العسكرُ خارج الرياض، وقَدِمَ عليهم رؤساء البلدان وتابعوهم، وأرسلوا إلى الهزاني ورؤساء أهل الحوطة يطلبون منهم المتابعةَ والقدومَ إليهم، فأبوا عليهم، وكتبوا لخالد إن كان الأمرُ لك ولا يأتينا في ناحيتِنا عسكرٌ مِن الترك فنحن رعيَّةٌ لكم، وإن كان الأمر للتركِ فنحن لهم محارِبون، فغضب إسماعيل وأتباعه وقالوا: لا نرضى إلا بقتلِ أهلِ هذه الناحية ونَهْبِ أموالِهم.

العام الهجري : 515 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1121
تفاصيل الحدث:

هو أمير الجيوش أبو القاسم شاهنشاه الملك الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي. كان والده بدر أرمنيًّا، اشتراه جمال الدولة بن عمار، وتربى عنده وتقدم بسببه، كان بدر نائبًا بعكا، فسار في البحر في ترميم دولة المستنصر العبيدي، فاستولى على الإقليم، وأباد عدة أمراء، ودانت له الممالك إلى أن مات، فقام بعده ابنه الأفضل، وعَظُم شأنه، وأهلك نزارًا ولد المستنصر صاحب دعوة الباطنية الإسماعيلية أصحاب ابن الصباح وقلعة ألموت، وكذلك أتابكه أفتكين متولي الثغر، وكان الأفضل بطلًا شجاعًا، وافر الهيبة، عظيم الرتبة، فلما هلك المستعلي نَصَب في الإمامة ابنه الآمر، وحجر عليه وقمعه، وكان الآمر طياشًا فاسقًا، فعمل على قتل الأفضل، فرتب عدةً وثبوا عليه، فأثخنوه، ونزل إليه الآمر، وتوجَّع له، فلما قُضِي الأفضل استأصل الآمر أمواله، وبقي الآمر في داره أربعين صباحًا والكَتَبة تضبط تلك الأموال والذخائر، وحبس أولاد الأفضل، وكانت ولايته بعد أبيه ثماني وعشرين سنة، منها: آخر أيام المستنصر، وجميع أيام المستعلي، إلى هذه السنة من أيام الآمر، وكانت الأمراء تكرهه لكونه سنيًّا، فكان يؤذيهم، وكان فيه عدل، والإسماعيلية يكرهونه لأسباب؛ منها: تضييقه على إمامهم، وتركه ما يجب عندهم سلوكه معهم، ومنها ترك معارضة أهل السنة في اعتقادهم، والنهي عن معارضتهم، وإذنه للناس في إظهار معتقدات أهل السنة والمناظرة عليها، فكثر الغرباء ببلاد مصر، وكان حَسَن السيرة، عادلًا. قال أبو يعلى بن القلانسي: "كان الأفضل حسن الاعتقاد، سُنِّيًّا، حميد السيرة، كريم الأخلاق، لم يأت الزمان بمثله". قال ابن خلكان: "ترك الأفضل من الذهب العين ستمائة ألف ألف دينار مكررة، ومن الدراهم مائتين وخمسين أردبًا، وسبعين ثوب ديباج أطلس، وثلاثين راحلة أحقاق ذهب عراقي، ودواة ذهب فيها جوهرة باثني عشر ألف دينار، ومائة مسمار ذهب زنة كل مسمار مائة مثقال، في عشرة مجالس كان يجلِسُ فيها، على كل مسمار منديل مشدود بذهب، كل منديل على لون من الألوان من ملابسه، وخمسمائة صندوق كسوة للبس بدنه، قال: وخلف من الرقيق والخيل والبغال والمراكب والمسك والطيب والحلي ما لا يعلم قدره إلا الله عز وجل، وخلف من البقر والجواميس والغنم ما يستحيي الإنسانُ من ذكره، وبلغ ضمان ألبانها في سنة وفاته ثلاثين ألف دينار، وترك صندوقين كبيرين مملوءين إبر ذهب برسم النساء والجواري" قُتِل الأفضل في رمضان سنة 515، وله ثمان وخمسون سنة, ولما قتل ولي الوزارة بعد الأفضل أبو عبد الله بن البطائحي، ولقب المأمون، وتحكم في الدولة، وظهر الظلم والبدعة أيام البطائحي, وبقي كذلك حاكمًا في البلاد إلى سنة 519، فصُلِب.

العام الهجري : 491 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1098
تفاصيل الحدث:

كان أخذُ المعرَّة بعد أخذ أنطاكية. ولَمَّا وقع ذلك اجتمع ملوكُ الإسلام بالشام، وهم رضوان صاحِبُ حلب، وأخوه دقماق، وطغتكين صاحب دمشق، وصاحب الموصل، وسكمان بن أرتق صاحب ماردين، وأرسلان شاه صاحب سنجار, ولم ينهَضْ أمير الجيوش الأفضل بن بدر بإخراج عساكِرِ مِصرَ مع قدرته على المال والرجال, فاجتمع الجميعُ ونازلوا أنطاكية وضيَّقوا على الفرنجَ حتَّى أكلوا ورق الشجر. وكان صنجيل مقدَّم الفرنج عنده دهاءٌ ومكر، فرتَّب مع راهب حيلة وقال: اذهب فادفن هذه الحربةَ في مكان كذا، ثم قُلْ للفرنج بعد ذلك: رأيتُ المسيحَ في منامي وهو يقولُ: في المكان الفلاني حربةٌ مدفونة فاطلبوها، فإن وجدتموها فالظَّفَرُ لكم، وهي حربتي، فصوموا ثلاثةَ أيَّامٍ وصلُّوا وتصدَّقوا، ثم قام وهم معه إلى المكان ففتَّشوه فظهرت الحَربةُ؛ فصاحوا وصاموا وتصدَّقوا وخرجوا إلى المسلمين من الباب متفرِّقين من خمسة، وستة، ونحو ذلك، فقال المسلمون لكربوقا: ينبغي أن تقِفَ على الباب، فتقتُلَ كُلَّ من يخرج، فإنَّ أمْرَهم الآن وهم متفرقون سَهلٌ. فقال: لا تفعلوا، أمهلوهم حتى يتكامَلَ خروجُهم فنقتُلَهم! ولم يمكِنْ من معاجلتِهم، فقَتَل قومٌ من المسلمين جماعةً من الخارجين، فجاء إليهم هو بنفسه ومنعهم ونهاهم، فلما تكامل خروجُ الفرنج ولم يبق بأنطاكية أحدٌ منهم، ضربوا مصافًّا عظيمًا، فولى المسلمون منهزِمين؛ لِما عاملهم به كربوقا أولًا من الاستهانة بهم والإعراض عنهم، وثانيًا: مِن مَنعِهم عن قتل الفرنج، وتمت الهزيمةُ عليهم، ولم يضرِبْ أحدٌ منهم بسيف، ولا طعَنَ برُمحٍ، ولا رمى بسهمٍ! وآخِرُ من انهزم سقمان بن أرتق، وجناح الدولة؛ لأنهما كانا في الكمين، وانهزم كربوقا معهم. فلما رأى الفرنجُ ذلك ظنُّوه مكيدة؛ إذ لم يجرِ قِتالٌ يُنهزَمُ مِن مِثلِه! وخافوا أن يتبعوهم، وثبت جماعةٌ من المجاهدين، وقاتلوا حِسبةً، وطلبًا للشهادة، فقَتَل الفرنجُ منهم ألوفًا، وغَنِموا ما في العسكرِ مِن الأقوات والأموال والأثاث والدواب والأسلحة، فصلحت حالهم، وعادت إليهم قوَّتُهم، فلما فعل الفرنجُ بالمسلمين ما فعلوا ساروا إلى معرَّة النعمان، فنازلوها وحصروها، وقاتلهم أهلها قتالًا شديدًا، ورأى الفرنجُ منهم شدةً ونكاية، ولقُوا منهم الجِدَّ في حربهم، والاجتهادَ في قتالهم، فعملوا عند ذلك برجًا من خشب يوازي سورَ المدينة، ووقع القتالُ عليه، فلم يضُرَّ المسلمين ذلك، فلما كان الليل خاف قومٌ من المسلمين، وانتابهم الفشَلُ والهلع، وظنُّوا أنهم إذا تحصنوا ببعضِ الدور الكبار امتنعوا بها، فنزلوا من السورِ وأخلَوا الموضِعَ الذي كانوا يحفظونه، فرآهم طائفةٌ أخرى، ففعلوا كفِعلِهم، فخلا مكانُهم أيضًا من السور، ولم تزَلْ تتبَعُ طائفةٌ منهم التي تليها في النزولِ حتى خلا السور! فصعد الفرنجُ إليه على السلاليم، فلما علوه تحيَّر المسلمون، ودخلوا دورَهم، فوضع الفرنجُ فيهم السيفَ ثلاثة أيام، فقتلوا ما يزيد على مائة ألف، وسَبَوا السبيَ الكثير، وملكوه، وأقاموا أربعين يومًا! وساروا إلى عرقة فحصروها أربعةَ أشهر، ونقبوا سورَها عدةَ نُقوبٍ، فلم يقدروا عليها، وراسلهم منقذ صاحب شيزر، فصالحهم عليها، وساروا إلى حمص وحصروها فصالحهم صاحبها جناح الدولة، وخرجوا على طريق النواقير إلى عكا فلم يقدروا عليها. ثم كتب دقماق ورضوان والأمراء إلى الخليفة المستظهر العباسي يستنصِرونَه، فأخرج الخليفةُ أبا نصر ابن الموصلايا إلى السلطان بركيارق بن السلطان ملكشاه السلجوقي يستنجده. كلُّ ذلك وعساكر مصر لم تُهيَّأ للخروج!!

العام الهجري : 16 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 637
تفاصيل الحدث:

كتَب أبو موسى الأَشعريُّ إلى عُمَر: إنَّه يأتينا منك كُتُبٌ ليس لها تاريخٌ، فجمَع عُمَرُ النَّاسَ للمَشُورَةِ، فقال بعضُهم: أَرِّخْ لِمَبْعَثِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. وقال بعضُهم: لمُهاجرَةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. فقال عُمَرُ: بل نُؤَرِّخُ لمُهاجرَةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فإنَّ مُهاجَرتَه فَرْقٌ بين الحَقِّ والباطلِ. قاله الشَّعْبِيُّ، وقال مَيمونُ بن مِهْرانَ: وقِيلَ: رُفِعَ إلى عُمَرَ صَكٌّ مَحِلُّهُ شَعبان، فقال: أَيُّ شَعبان؟ أَشَعبان الذي هو آتٍ، أم شَعبان الذي نحن فيه؟ ثمَّ قال لأصحابِ رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم: ضَعوا للنَّاسِ شيئًا يَعرِفونه. فقال بعضُهم: اكْتُبوا على تاريخ الرُّومِ، فإنَّهم يُؤَرِّخون مِن عَهدِ ذي القَرْنينِ. فقال: هذا يَطُول. فقال: اكْتُبوا على تاريخ الفُرْسِ. فقِيلَ: إنَّ الفُرْسَ كُلمَّا قام مَلِكٌ طَرَحَ تاريخَ مَن كان قَبلَهُ. فاجتمع رَأيُهم على أن يَنظروا كم أقام رسولُ الله بالمدينةِ، فوَجدوه عشرَ سِنين، فكتبوا التَّاريخَ مِن هِجرَةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. قال محمَّدُ بن سِيرينَ: قام رجلٌ إلى عُمَر فقال: أَرِّخُوا. فقال عُمَرُ: ما أَرِّخُوا؟ فقال: شيءٌ تَفعلُه الأعاجمُ في شهرِ كذا مِن سَنَةِ كذا. فقال عُمَرُ: حَسَنٌ، فأَرِّخُوا. فاتَّفَقوا على الهِجرَةِ، ثمَّ قالوا: مِن أيِّ الشُّهورِ؟ فقالوا: مِن رَمضان. ثمَّ قالوا: فالمُحَرَّمُ هو مُنْصَرَفُ النَّاسِ مِن حَجِّهِم، وهو شهرٌ حرامٌ. فأَجْمَعوا عليه.

العام الهجري : 221 العام الميلادي : 835
تفاصيل الحدث:

خرج المعتَصِمُ إلى سامِرَّا لبنائِها، وكان سببُ ذلك أنَّه قال إني أتخوَّفُ هؤلاء الحربيَّةَ أن يَصيحوا صيحةً فيَقتُلوا غِلماني، فأريدُ أن أكونَ فوقهم، فإن رابني منهم شيءٌ أتيتُهم في البَرِّ والماء، حتى آتيَ عليهم، فخرج إليها فأعجَبَه مكانَها، وقيل: كان سببُ ذلك أنَّ المعتصِمَ كان قد أكثَرَ مِن الغِلمان الأتراك، فكانوا لا يزالونَ يَرَون الواحِدَ بعد الواحدِ قتيلًا، وذلك أنَّهم كانوا جفاةً، يركبون الدوابَّ، فيَركُضونَها إلى الشوارع، فيَصدِمون الرجُلَ والمرأةَ والصبيَّ، فيأخُذُهم الأبناءُ عن دوابِّهم، يَضرِبونَهم، وربما هلك أحَدُهم فتأذَّى بهم الناس. ثمَّ إن المعتَصِمَ رَكِبَ يومَ عيد، فقام إليه شيخٌ فقال له: يا أبا إسحاق، فأراد الجندُ ضَربَه، فمنعهم وقال: يا شيخُ، ما لك، ما لك؟ قال: لا جزاك اللهُ عن الجِوارِ خَيرًا، جاوَرْتَنا وجِئتَ بهؤلاء العُلوجِ مِن غِلمانِك الأتراك، فأسكَنْتَهم بيننا، فأيتمْتَ صِبيانَنا وأرمَلْتَ بهم نسوانَنا وقتَلْتَ رِجالَنا؛ والمعتَصِمُ يسمع ذلك، فدخل منزلَه، ولم يُرَ راكبًا إلى مثل ذلك اليومِ، فخرج فصلى بالناس العيدَ، ولم يدخُل بغداد، بل سار إلى ناحيةِ القاطول، ولم يرجِعْ بغداد. قال مسرور الكبير: سألني المعتَصِمُ أين كان الرشيدُ يتنَزَّه إذا ضَجِرَ ببغداد، قلت: بالقاطول، وكان قد بنى هناك مدينةً آثارُها وسورُها قائم، وكان المعتصِمُ قد اصطنع قومًا من أهلِ الحوف بمصر، واستخدمهم وسمَّاهم المغاربة، وجمع خَلقًا من سمرقند، وأشروسنة، وفرغانة، وسمَّاهم الفراغنة، فكانوا من أصحابِه، وبَقُوا بعده، فبُني بها الجامِعُ المشهورُ بمنارته الملْتَوية ذات الدَّرج الخارجي الملتَفِّ على المنارة، ويُذكَرُ أنَّ أصلَ الكلمةِ هو سُرَّ مَن رأى، ثم صارت سامِرَّا.

العام الهجري : 487 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1094
تفاصيل الحدث:

قُتِلَ قَسيمُ الدَّولةِ أتسز، وسَببُ قَتلِه أن تاجَ الدَّولةِ تتش لمَّا عاد من أذربيجان مُنهزِمًا لم يَزل يَجمَع العَساكرَ، فكَثُرت جُموعُه، وعَظُمَ حَشدُه، فسار في هذا التاريخِ عن دِمشقَ نحوَ حَلَب لِيَطلُب السَّلطنةَ، فاجتَمعَ قَسيمُ الدولةِ أتسز وبوزان، وأَمَدَّهُما رُكنُ الدِّينِ بركيارق بالأَميرِ كربوقا الذي صار بعدَ صاحِبِ المَوصِل، فلمَّا اجتَمَعوا ساروا إلى طَريقِه، فلَقوهُ عند نَهرِ سبعين قَريبًا من تَلِّ السُّلطانِ، بينه وبين حَلَب سِتَّةُ فَراسِخ، واقتَتَلوا، واشتَدَّ القِتالُ، فخامَرَ بَعضُ العَسكرِ الذين مع أتسز، فانهَزَموا، وتَبِعَهم الباقون، فتَمَّت الهَزيمةُ، وثَبَتَ أتسز، فأُخِذَ أَسيرًا، فقَتَلَهُ صَبْرًا، وسار نحوَ حَلَب، وكان قد دَخلَ إليها كربوقا، وبوزان، فحَفِظاها منه، وحَصَرَها تتش وأَلَحَّ في قِتالِها حتى مَلَكَها، وسَلَّمَها إليه المُقيمُ بقَلعةِ الشَّريفِ، ومنها دَخلَ البلدَ، وأَخذَهُما أَسِيرَيْنِ، وأَرسلَ إلى حران والرها لِيُسلِّموهُ مَن بهما وكانتا لبوزان، فامتَنَعوا من التَّسليمِ عليه، فقَتَلَ بوزان، وأَرسلَ رَأسَهُ إليهم وتَسَلَّم البَلدَينِ، وأمَّا كربوقا فإنه أَرسلَه إلى حِمصَ، فسَجَنهُ بها إلى أن أَخرَجهُ المَلِكُ رضوان بعدَ قَتْلِ أَبيهِ تتش، فلمَّا مَلَكَ تتش حران والرها سار إلى الدِّيارِ الجَزريَّةِ فمَلَكَها جَميعَها، ثم مَلَكَ دِيارَ بَكرٍ وخلاط، وسار إلى أذربيجان فمَلَكَ بِلادَها كُلَّها، ثم سار منها إلى همذان فمَلَكَها، وأَرسلَ إلى بغداد يَطلُب الخُطبةَ من الخَليفةِ المُستظهِر بالله، وكان شِحنَتُه –الشحنة يعني القَيِّم لضَبطِ البلد- ببغداد ايتكين جب، فلازَمَ الخِدمَةَ بالدِّيوانِ، وأَلَحَّ في طَلَبِها، فأُجيبَ إلى ذلك، بعدَ أن سَمِعوا أن بركيارق قد انهَزَم من عَسكرِ عَمِّهِ تتش.

العام الهجري : 527 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1133
تفاصيل الحدث:

حصر المسترشد بالله مدينة الموصل في العشرين من شهر رمضان، وسبب ذلك ما تقدم من قصد الشهيد زنكي بغداد، ثم قصد جماعة من الأمراء السلجوقية باب المسترشد بالله، وصاروا معه فقَوِي بهم، واشتغل السلاطين السلجوقية بالخُلف الواقع بينهم، فأرسل الخليفة الشيخ بهاء الدين أبا الفتوح الأسفراييني الواعظ إلى عماد الدين زنكي برسالة فيها خشونة، فقبض عليه عماد الدين زنكي وأهانه ولقيه بما يكره، فأرسل المسترشد بالله إلى السلطان مسعود يعرِّفه الحال الذي جرى من زنكي ويُعلِمه أنه على قصد الموصل وحَصْرها، وتمادت الأيام إلى شعبان، فسار عن بغداد في النصف منه في ثلاثين ألف مقاتل، فلما قارب الموصل فارقها أتابك زنكي في بعض عسكره وترك الباقي بها مع نائبه نصير الدين جقر دزدارها والحاكم في دولته، وأمرهم بحفظها، ونازلها الخليفة وقاتلها وضَيَّق على من بها، وأما عماد الدين فإنه سار إلى سنجار، وكان يركب كل ليلة ويقطع الميرة عن العسكر ومتى ظفر بأحد من العسكر أخذه ونكل به، وضاقت الأمور بالعسكر أيضًا وتواطأ جماعة من الجصاصين بالموصل على تسليم البلد، فسُعي بهم فأُخذوا وصُلبوا، وبقي الحصار على الموصل نحو ثلاثة أشهر ولم يظفر منها بشيء ولا بلغه عمن بها وهن ولا قلة ميرة وقوت، فرحل عنها عائدًا إلى بغداد، فقيل: إن نصرًا الخادم وصل إليه من عسكر السلطان وأبلغه عن السلطان مسعود ما أوجب مسيره وعوده إلى بغداد، وقيل: بل بلغه أن السلطان مسعودًا عزم على قصد العراق، فعاد بالجملة، وأنه رحل عنها منحدرًا في شبارة في دجلة فوصل إلى بغداد يوم عرفة.

العام الهجري : 573 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1177
تفاصيل الحدث:

في أواخِرِ جمادى الأولى، سار صلاح الدين يوسف بن أيوب من مصرَ إلى ساحل الشامِ؛ لقصد بلاد الفرنج، وجمع معه عساكِرَ وجنودًا كثيرة، فلم يزالوا يجِدُّون السيرَ حتى وصلوا عسقلان في الرابع والعشرين منه، فنَهَبوا وأسروا، وقتلوا وأحرقوا وتفَرَّقوا في تلك الأعمال مُغِيرينَ، فلما رأَوا أنَّ الفِرنجَ لم يَظهَرْ لهم عسكَرٌ ولا اجتمع لهم من يحمي البلادَ مِن المسلمين، طَمِعوا، وانبسطوا، وساروا في الأرض آمنين مطمئنينَ، ووصل صلاحُ الدين إلى الرملة، عازمًا على أن يقصِدَ بعضَ حُصونهم ليَحصُرَه، فوصل إلى نهر، فازدحم الناسُ للعبور، فلم يَرُعْهم إلا والفرنج أشرفت عليهم بأبطالها وطلابِها، وكان مع صلاح الدين بعضُ العسكر؛ لأن أكثَرَهم تفَرَّقوا في طلب الغنيمة، فلما رآهم وقف لهم فيمن معه، وتقَدَّمَ بين يديه تقيُّ الدين عمر بن محمد ابن أخي صلاح الدين، فباشر القتالَ بنفسه بين يدي عَمِّه، فقُتِلَ من أصحابه جماعة، وكذلك الفرنجُ، وتمت الهزيمةُ على المسلمين، وحمل أحدُ الفرنج على صلاح الدين فقارَبَه حتى كاد أن يصِلَ إليه فقُتِلَ الفرنجيُّ بين يديه، وتكاثر الفرنج عليه فمضى مُنهَزِمًا، يسيرُ قليلًا ويقف ليلحَقَه العسكرُ إلى أن دخل الليل، فسلك البرية إلى أن مضى في نفَرٍ يسيرٍ إلى مصر، ولقُوا في طريقِهم مَشقَّة شديدة، وقل عليهم القوتُ والماء، وهلك كثيرٌ مِن دواب العسكر جوعًا وعطشًا وسرعةَ سير، وأما العسكَرُ الذين كانوا دخَلوا بلاد الفرنج في الغارة، فإنَّ أكثَرَهم ذهب ما بين قتيلٍ وأسير، ووصل صلاحُ الدين إلى القاهرة نصفَ جمادى الآخرة.

العام الهجري : 575 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1179
تفاصيل الحدث:

سار السُّلطانُ صلاح الدِّين من عكَّا إلى دمشق، فأقام بها ثم خرج إلى شقيف- وهي في موضع حصين- فخَيَّم في مرجِ عُيون بالقُربِ منه، وأقام أيامًا يباشِرُ القتال- والعساكر تتواصل إليه- فلمَّا تحقَّقَ أرناط صاحِبُ شقيف أنَّه لا طاقة له به، نزل إليه بنفسه، فلم يشعُرْ به إلَّا وهو قائمٌ على باب خيمته، فأذِنَ له في دخوله إليه، وأكرمه واحتَرَمه، وكان من أكابِرِ الفرنج وعُقَلائِهم، وكان يَعرِف بالعربيَّة وعنده الاطِّلاع على شيءٍ من التواريخ والأحاديث، وكان حسَنَ التأني، لَمَّا حضَرَ بين يدي السلطان، وأكل معه الطعامَ وخلا به، ذكَرَ أنَّه مملوكه وتحت طاعته، وأنه يسَلِّمُ إليه المكان من غير تعب، واشترط أن يعطى موضعًا يسكُنُه بدمشق، وإقطاعًا فيها يقومُ به وبأهلِه، وشروط غير ذلك، فأجابه إلى مرامه. ووصَلَه الخبر بتسليم الشوبك بالأمان. ثم ظهر للسُّلطانِ بعد ذلك أنَّ جميعَ ما قاله صاحب شقيف كان خديعةً، فراسَلَهم عليه ثمَّ بلغه أنَّ الفِرنجَ قَصَدوا عكَّا ونزلوا عليها، فقَبَضَ على أرناط صاحب شقيف وحَبَسَه في دمشق بعد الإهانة الشديدة، وأتى عكَّا ودخلها بغتةً لتقوِّي قلوب من بها، ثم استدعى العسكرَ من كل ناحية، ثم تكاثر الفرنج، واستفحل أمرُهم وأحاطوا بعكا، ومنعوا من يدخلُ إليها ويَخرجُ من المسلمين، فضاق صدرُ السلطان لذلك، ثم اجتهد أمراءُ المسلمين في فتح طريقٍ إليها لتستمِرَّ المسايلة بالمسيرة والنجدة، فسار الأمراءُ واتفقوا على مضايقة العدوِّ لينفتِحَ الطريق، ففعلوا ذلك وانفتح الطريق، وسلكه المسلمونَ ودخل السلطان عكا، فأشرف على أمورِها، ثم جرى بين الفريقين مناوشات في عدة أيام، ثم جرت وقعات، وقيل للسلطان: إن الوخمَ قد عظُمَ بمرج عكا، فإن الموتَ قد نشأ بين الطائفتينِ فرَجَعوا.

العام الهجري : 581 العام الميلادي : 1185
تفاصيل الحدث:

بعد أن فَشِلَ عليُّ بنُ إسحاق الملثَّم السنة الماضية في مُلك بجاية، سار علي إلى إفريقيَّة، فلما وصل إليها اجتمع سليمٌ ورباح ومن هناك من العرب، وانضاف إليهم التركُ الذين كانوا قد دخلوا من مصر مع بهاء الدين قراقوش، ودخل أيضًا من أتراكِ مِصرَ مملوك لتقي الدين بن أخي صلاح الدين، اسمُه بوزابة، فكَثُرَ جَمعُهم، وقَوِيَت شوكتُهم، فلما اجتمعوا بلغت عِدَّتُهم مبلغًا كثيرًا، وكُلُّهم كاره لدولة الموحِّدين، وقصدوا بلاد إفريقيَّةَ فمَلَكوها جميعها شرقًا وغربًا إلَّا مدينتي تونس والمهدية؛ فإن الموحدين أقاموا بهما، وحَفِظوهما على خوفٍ وضِيقٍ وشِدَّة، وكان الوالي على إفريقيَّةَ حينئذ عبد الواحد بن عبد الله الهنتاتي وهو بمدينة تونس، فأرسل إلى ملك المغرب يعقوب وهو بمراكش يُعلِمُه الحال، وقصد الملثَّم جزيرة باشرا، وهي بقرب تونس، تشتَمِلُ على قرى كثيرة، فنازلها وأحاط بها، فطلب أهلُها منه الأمان، فأمَّنهم، فلما دخلها العسكَرُ نهبوا جميع ما فيها من الأموالِ والدوابِّ والغَلَّات، وسلبوا النَّاسَ حتى أخذوا ثيابَهم، وامتدت الأيدي إلى النِّساءِ والصبيان، وتركوهم هلكى، فقَصَدوا مدينة تونس، فأما الأقوياءُ فكانوا يخدُمون ويَعمَلون ما يقوم بقُوتِهم، وأما الضعفاء فكانوا يَستَعطونَ ويسألون الناس، ودخل عليهم فصل الشتاء، فأهلَكَهم البَردُ ووقع فيهم الوباء، فأُحصيَ الموتى منهم فكانوا اثني عشر ألفًا، هذا من موضع واحد، ولما استولى الملثَّم على إفريقية قطَعَ خطبة أولاد عبد المؤمن وخطَبَ للإمام الناصر لدين الله الخليفة العباسي، وأرسل إليه يطلُبُ الخِلَعَ والأعلامَ السُّودَ.

العام الهجري : 584 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1188
تفاصيل الحدث:

هو الشاعِرُ الكبير رئيسُ الشعراء، أبو الفتحِ مُحمَّدُ بنُ عبيد الله نشتكين بن عبد الله. الكاتِبُ المعروف بسبط ابن التعاويذي، الشاعِرُ المشهور، كان والده عبيدُ الله من غلمان بني المظفر، وكان اسمُه نشتكين فسَمَّاه ابنه أبو الفتح عبيد الله, وهو سبط أبي محمد المبارك بن علي بن نصر السراج الجوهري الزاهد المعروف بابن التعاويذي- نسبة إلى كتابته التعاويذ وهي الحروز- وإنما نُسِبَ إلى جَدِّه؛ لأنه كفله صغيرًا، ونشأ في حجره فنسب إليه. كانت ولادة أبي الفتح في العاشر من رجب يوم الجمعة سنة 519, وهو أحدُ فحول شعراء العربية، وشاعِرُ العراق في عصره. ومن أهل بغداد، وقد وُلِدَ وتوفِّيَ فيها. وَلِيَ بها الكتابةَ في ديوان المقاطعات. اشتهر بالمديح وبرع فيه. قال ابن خلكان: "كان أبو الفتح شاعر وقته، لم يكُنْ فيه مثلُه، جمع شِعرُه بين جزالة الألفاظ وعذوبتِها، ورِقَّة المعاني ودقَّتها، وهو في غاية الحُسنِ والحلاوة، وفيما أعتَقِدُ لم يكن قبله بمائتين سنة من يضاهيه، ولا يؤاخِذُني من يقف على هذا الفَصلِ؛ فإن ذلك يختَلِفُ بميل الطباع، ولله القائلُ: وللنَّاسِ فيما يَعشَقونَ مذاهِبُ" عمِيَ أبو الفتح في آخر عمره سنة 579، وله في عماه أشعارٌ كثيرة يرثي بها زمان شبابه، وكان قد جمع ديوان شعره بنفسه، ورتَّبه على أربعة فصول قبل العمى، وعَمِلَ له خطبة طريفة. توفي في ثاني شوال سنة أربع، وقيل ثلاث وثمانين وخمسمائة ببغداد، ودُفِنَ في باب أبرز ببغداد عاش خمسًا وستين سنة.

العام الهجري : 832 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1429
تفاصيل الحدث:

عندما زحف إسكندر بن قرا يوسف قرا محمد بين بيرم خجا متملك توريز على مدينة السلطانية، وقتل متولِّيَها من جهة ملك المشرق شاه رخ بن تيمور كركان في عدة من أعيانها، ونهَب وأفسد، فسار إليه شاه رخ بن تيمور في جموع كبيرة، فخرج إسكندر بن قرا يوسف من توريز، وجمع لحربه، ولقيه وقد نزل خارج توريز، فانتدب لمحاربته الأمير قرا يلك صاحب آمد، وقد لحق بشاه رخ، وأمدَّه بعسكر كبير، وقاتله خارج توريز في يوم الجمعة سابع عشر ذي الحجة، قتالًا شديدًا، قُتِلَ فيه كثير من الفئتين، وانهزم إسكندر، وهم في إثرِه يطلبونه ثلاثة أيام، ففاتهم إدراكُه، وقد نُهِبت جقطاي عامة تلك البلاد، وقتلوا وسبوا وأسَروا وفعلوا ما يشنع ذكره، ثم إن شاه رخ ألزم أهل توريز بمال كبير اجتاح فيه أموالهم، حتى لم يَدَعْ بها ما تمتدُّ إليه العين، ثم جلاهم بأجمعهم إلى سمرقند، فما ترك إلا ضعيفًا عاجزًا لا خير فيه، ورحل بعد مدة يريد بلاده، وقد اشتدَّ الغلاء معه، فأعقب رحيلَه عن توريز جرادٌ عظيم، لم يترك بها ولا بجميع أعماله خضرًا وانتشرت الأكراد بتلك النواحي تعبث وتفسد، ففُقِدَت الأقوات، حتى بِيعَ رطل اللحم بعدة دنانير، وصار فيما بين توريز وبغداد مسافة عشرين يومًا وأزيد خرابًا يبابًا، وأما إسكندر فإنه جال في بلاد الأكراد، وقد وقعت بها الثلوج مدة، ثم صار إلى قلعة سلماس فحصره بها الأكراد، فنجا وتشتَّت في البلاد.

العام الهجري : 921 العام الميلادي : 1515
تفاصيل الحدث:

ما إن هُزمَ إسماعيل شاه الصفوي في موقعة جالديران العام الماضي أمام السلطان العثماني سليم الأول حتى كان أكثرَ استعدادًا وتقبلًا من قبلُ للتحالف مع البرتغاليين، وبدأ في الاستعداد للارتباط بالبرتغال عقِبَ استيلاء البوكرك على هرمز، عندها وصل سفيرٌ من لدى إسماعيل شاه وتمَّ الدخول في اتفاقية محدودة بين البرتغاليين والصفويين نصَّت على ما يلي: أن يقدِّم البرتغال أسطولَه ليساعدَ الفُرسَ في غزو البحرين والقطيف، كما يقدِّم البرتغال المساعدة لإسماعيل شاه لقمع الثورة في مكران وبلوجستان، وأن يكوِّن الشعبان البرتغالي والفارسي اتحادًا ضد العثمانيين، إلَّا أن وفاة البوكرك التي أتت بعد ذلك قد أعاقت ذلك التحالف، ولقد أظهر البرتغاليون تودُّدًا لإسماعيل شاه قبل معركة جالديران، وكانوا يهدفون من وراء تودُّدهم للصفويين أن تتاح لهم فرصة تحقيق أهدافهم في إيجاد مراكزَ لهم في الخليج العربي، وكانوا يُدركون أنهم إذا لم يكسبوا وُدَّ الصفويين فإن تعاوُنَ قوَّتِهم مع القوى المحلية في الخليج قد يؤدي إلى فشلِهم في تحقيق أهدافهم ولا سيما أن مشروعاتِهم في إيجاد مراكز نفوذ في البحر الأحمر مُنِيت بالفشل إلى حدٍّ كبير، لقد أدَّت هزيمة إسماعيل شاه أمام العثمانيين إلى حرصه الشديد للتحالف مع النصارى وأعداء الدولة العثمانيَّة؛ ولذلك تحالف مع البرتغاليين وأقرَّ استيلاءهم على هرمز في مقابل مساعدتِه على غزو البحرين والقطيف، إلى جانب تعهدِهم بمساندتهم ضد القوات العثمانية، وقد تضمَّن مشروع التحالف البرتغالي الصفوي تقسيمَ المشرق العربي إلى مناطقِ نفوذٍ بينهما، حيث اقترح أن يحتلَّ الصفويون مصرَ، والبرتغاليون فلسطينَ.

العام الهجري : 942 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1535
تفاصيل الحدث:

لم تلبث تونس كثيرًا تحت يد العثمانيين حتى اتفق شارل الخامس (شارلكان) ملك إسبانيا وأسبان برشلونة ورهبان مالطة على الحرب واستعادة تونس التي كانت تحت يد الإسبان قبل أن يستعيدها خير الدين بربروسا العام الماضي، مستغلين انشغال العثمانيين بحربهم ضد الصفويين الرافضة، فتوجَّه الجيش بقيادة شارلكان نفسه ملك إسبانيا بحملة بحرية كبيرة، تكوَّنت من ثلاثين ألف مقاتل إسباني وهولندي وألماني ونابولي وصقلي، على ظهر خمسمائة سفينة، وركب الإمبراطور البحرَ من ميناء برشلونة، وعندما رست سفُنُه أمام تونس قامت المعارك العنيفة بين الطرفين، لم تكن قوة خير الدين كافيةً للرد على هذا الهجوم، فكان تعدادُ جيشه سبعةَ آلاف جندي عثماني وصلوا معه، ونحو خمسة آلاف تونسي، كما تخلَّف الأعراب عن الجهاد، فكانت النتيجة الحتمية أنَّ استيلاء شارل على معقِل حلق الوادي مرسى تونس، ونصَب الإسبان حليفَهم الحسن بن محمد الحفصي حاكمًا عليها، وعملًا بمنطوق المعاهدة كان الحسن بن محمد سيسلِّم بونة والمهدية إلى شارل الخامس، فاستولى على بونة، وبما أنَّ المهدية كانت في حوزة العثمانيين فإنَّ الحسن لم يستطع الوفاءَ بعهده، فاشترط الإسبان عليه أن يكون حليفًا ومساعِدًا لفرسان القديس يوحنا بطرابلس، وأن يقوم بمعاداة العثمانيين، وأن يتحمل نفقات ألفي إسباني على الأقل يُترَكون كحامية في قلعة حلق الواد، وعاد شارل الخامس إلى إسبانيا بعد أن ارتكبوا أفظع الجرائم في تونس عند دخولهم فيها، مُظهرين الحقدَ الدفين، فجعلوا جامِعَ الزيتونة إسطبلًا لخيولهم، وأحرقوا المساجِدَ والكتب النادرة فيها، غير قتلِهم النساء والأطفال!!

العام الهجري : 1016 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1608
تفاصيل الحدث:

لما دخل عبدُ الله بن الشيخ المأمون السعدي مراكشَ واستولى عليها فعَلَ فيها أعظَمَ من فعلته الأولى بفاس، فهربت شرذمة من أهل مراكش إلى جبل جيليز واجتمع هنالك منهم عصابةٌ من أهل النجدة والحمية، واتفق رأيُهم على أن يُقَدِّموا للخلافة محمدَ بن عبد المؤمن ابن السلطان محمد الشيخ، وكان رجلًا خيِّرًا ديِّنًا صيِّنًا وقورًا, ومن أحفاد السلطان محمد الشيخ المهدي السعدي، فبايعه أهل مراكش هنالك والتفوا عليه، فخرج عبد الله بن الشيخ لقتال مَن بجبل جيليز والقبض على أميرهم ابن عبد المؤمن، ولما التقى الجمعان انهزم عبد الله وولى أصحابُه الأدبار فخرج من مراكش مهزومًا سادس شوال من هذه السنة، وترك محلَّتَه وعدتَه وجلَّ جيشه، وأخذ على طريق تامسنا، وامتُحِن أصحابُه في ذَهابِهم حتى كان مُدُّ القمح عندهم بثلاثين أوقية والخبزة من نصف رطل بربع مثقال، ولم يزل أصحابه ينتَهِبون ما مرُّوا عليه من الخيام والعمود ويَسْبُون البناتِ إلى أن وصلوا إلى فاس في الرابع والعشرين من شوال، وأما محمد بن عبد المؤمن فإنَّه لما دخل مراكش واستولى عليها صفَحَ عن الذين تخلَّفوا بها من أهل المغرب من جيش عبد الله بن الشيخ، وأعطاهم الراتب فلم يعجِبْ ذلك أهلَ مراكش ونقَموا عليه إبقاءه عليهم، وكانوا نحو الألف ونصف فكتبوا سرًّا إلى السلطان زيدان بالجبل فأتاهم وخيَّم نازلًا بظاهر البلد فخرج محمد بن عبد المؤمن إلى لقائِه فانهزم ابن عبد المؤمن ودخل السلطان زيدان مراكش واستولى عليها وصفح هو أيضًا عن الفئة المتخلِّفة عن عبد الله بن الشيخ!!