الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3041 ). زمن البحث بالثانية ( 0.012 )

العام الهجري : 588 العام الميلادي : 1192
تفاصيل الحدث:

في سنة ثلاث وثمانين غزا شهاب الدين الغوري بلد الهند، وانهزم أمامَ أحد ملوكها وبَقِيَ إلى الآن في نفسه غَضَبٌ عظيمٌ على الجند الغورية الذين انهزموا، فألزَمَهم من الهوان، حتى هذه السَّنة فخرج من غزنة وقد جمع عساكِرَه وسار منهم يطلُبُ عَدُوَّه الهندي الذي هزمه تلك النوبةَ، قال ابن الأثير: " لما وصل الغوري إلى برشاوور تقَدَّمَ إليه شيخ من الغورية كان يدُلُّ عليه، فقال له: قد قَرُبنا من العدو، وما يعلَمُ أحد أين نمضي، ولا من نَقصِدُ، ولا نَرُدُّ على الأمراء سلامًا، وهذا لا يجوز فِعلُه. فقال له السلطان: اعلَمْ أنَّني منذ هزمني هذا الكافِرُ، ما نمت مع زوجتي، ولا غيَّرْتُ ثياب البياضِ عني، وأنا سائِرٌ إلى عدوي، ومعتَمِدٌ على الله تعالى لا على الغوريَّة، ولا على غيرهم، فإن نَصَرَني الله سبحانه ونَصَرَ دينَه، فمِن فَضلِه وكَرَمِه، وإن انهَزَمْنا فلا تطلبوني فيمن انهَزَم، ولو هَلكْتُ تحت حوافِرِ الخيل, فقال له الشيخ: سوف ترى بني عَمِّك من الغورية ما يفعلونَ، فينبغي أن تكَلِّمَهم وتَرُدَّ سلامهم. ففعل ذلك وبَقِيَ أمراء الغورية يتضَرَّعون بين يديه، ويقولون سوف ترى ما نفعَلُ" ثم سار إلى أن وصل إلى موضع المصافِّ الأول، وجازه مسيرة أربعة أيام، وأخذ عِدَّةَ مواضِعَ مِن بلاد العدو، فلما سمع الهندي تجهَّزَ وجمع عساكره، وسار يطلب المسلمين، فلما بقِيَ بين الطائفتين مرحلةٌ عاد شهاب الدين وراءه والكافِرُ في أعقابه أربع منازل، وتمَّ على حاله عائدًا إلى أن بَقِيَ بينه وبين بلاد الإسلام ثلاثة أيام، والكافِرُ في أثره يتبعه، حتى لحقه قريبًا من مرندة فجَرَّدَ شهاب الدين من عسكَرِه سبعين ألفًا، وقال: أريدُ هذه الليلة تدورونَ حتى تكونوا وراء عسكَرِ العدو، وعند صلاة الصبحِ تأتون أنتم من تلك الناحية، وأنا من هذه الناحية، ففعلوا ذلك، وطلع الفجرُ، ومن عادة الهنود أنَّهم لا يبرحون مِن مضجعهم إلى أن تطلُعَ الشَّمسُ، فلما أصبحوا حمل عليهم عسكَرُ المسلمين من كل جانب، والقَتلُ قد كَثُرَ في الهنود، والنصرُ قد ظهر للمسلمين، فلما رأى ملك الهند ذلك أحضر فرسًا له سابقًا، وركب ليهرُبَ، فقال له أعيان أصحابه: إنَّك حلفت لنا أنَّك لا تُخَلِّينا وتهرُب، فنزل عن الفرس وركِبَ الفيل ووقَفَ مَوضِعَه، والقتالُ شديد، والقَتلُ قد كثر في أصحابه، فانتهى المسلمونَ إليه وأخذوه أسيرًا، وحينئذ عَظُمَ القتلُ والأسر في الهنود، ولم ينجُ منهم إلا القليلُ، وغَنِمَ المُسلِمونَ مِن الهنود أموالًا كثيرة وأمتعة عظيمة، وفي جملة ذلك أربعةَ عشر فيلًا، فسار شهاب الدين وهو معه إلى الحِصنِ الذي له يعول عليه، وهو أجمير، فأخذه، وأخذ جميع البلاد التي تقاربه، وأقطع جميع البلاد لمملوكه قطب الدين أيبك، وعاد إلى غزنة، وقتل ملك الهند.

العام الهجري : 571 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1176
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ العلَّامةُ، الحافِظُ الكبيرُ المجَوِّد، مُحَدِّثُ الشام، ثِقةُ الدين، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين المعروف بابن عساكر، الدمشقي الشافعي صاحب (تاريخ دمشق). من أعيانِ الفُقَهاء الشافعيَّة، ومُحَدِّث الشام في وقته. غَلَب عليه الحديثُ فاشتَهَر به وبالَغَ في طلبه إلى أن جمعَ منه ما لم يتَّفِق لغَيرِه، حتى صار أحدَ أكابر حُفَّاظ الحديث ومن عُنِيَ به سَماعًا وجمعًا وتصنيفًا، واطِّلاعًا وحفظًا لأسانيده ومتونِه، وإتقانًا لأساليبه وفنونه، صاحِبُ الكتاب المشهور (تاريخ دمشق) الذي حاز فيه قَصَب السَّبْق، ومن نظَرَ فيه وتأمَّله، رأى ما وصَفَه فيه وأصَّلَه، وحَكَم بأنَّه فريدُ دَهرِه في التواريخ، هذا مع ما له في علوم الحديث من الكُتُب المفيدة، وما هو مشتَمِلٌ عليه من العبادة والطرائق الحميدة, وله مصنفاتٌ كثيرة منها الكبار والصغار، والأجزاءُ والأسفار، وقد أكثَرَ في طلب الحديث من التَّرحال والأسفار، وجاز المدن والأقاليم والأمصار، وجمع من الكتبِ ما لم يجمَعْه أحدٌ مِن الحُفَّاظ نسخًا واستنساخًا، ومقابلة وتصحيحَ الألفاظ. قال الذهبي: "نقلتُ ترجمته من خَطِّ ولده المحدِّث أبي محمد القاسم بن علي، فقال: وُلِدَ أبي في المحرم سنة 499، وعَدَدُ شيوخِه الذي في معجمه ألف وثلاثمائة شيخ بالسماع، وستة وأربعون شيخًا أنشدوه، وعن مائتين وتسعين شيخًا بالإجازة، الكل في معجمه، وبضع وثمانون امرأة لهن مُعجَم صغير سَمِعْناه. وحدَّث ببغداد، والحجاز، وأصبهان، ونيسابور, وصنف الكثير, وكان فَهِمًا، حافِظًا، متقِنًا ذكيًّا، بصيرًا بهذا الشأن، لا يُلحَقُ شَأنُه، ولا يُشَقُّ غُباره، ولا كان له نظيرٌ في زمانه. وكان له إجازاتٌ عالية، ورُوي عنه أشياءُ من تصانيفه بالإجازة في حياته، واشتهر اسمُه في الأرض، وتفقَّه في حداثته على جمال الإسلام أبي الحسن السلمي وغيره، وانتفع بصحبة جده لأمه القاضي أبي المفضل عيسى بن علي القرشي في النحو، ولازم الدرسَ والتفقُّه بالنظامية ببغداد، وصنف وجمع فأحسن, فمن ذلك تاريخ دمشق في ثمانمائة جزء. قلت (الذهبي): "الجزء عشرون ورقة، فيكون ستة عشر ألف ورقة", وجمع (الموافقات) في اثنين وسبعين جزءًا، و(عوالي مالك)، والذيل عليه خمسين جزءًا، و(غرائب مالك) عشرة أجزاء، و(المعجم) في اثني عشر جزءًا, و(مناقب الشبان) خمسة عشر جزءًا، و(فضائل أصحاب الحديث) أحد عشر جزءًا، (فضل الجمعة) مجلد، و(تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري) مجلد، و (المسلسلات) مجلد، و (السباعيات) سبعة أجزاء، (من وافقت كنيته كنيةَ زوجته) أربعة أجزاء، و (في إنشاء دار السنة) ثلاثة أجزاء، (في يوم المزيد) ثلاثة أجزاء، (الزهادة في الشهادة) مجلد، (طرق قبض العلم)، (حديث الأطيط)، (حديث الهبوط وصحته)، (عوالي الأوزاعي وحاله) جزءان, (الخماسيات) جزء، (السداسيات) جزء، (أسماء الأماكن التي سمع فيها)، (الخضاب)، (إعزاز الهجرة عند إعواز النصرة)، (المقالة الفاضحة)، (فضل كتابة القرآن)، (من لا يكون مؤتمنًا لا يكون مؤذِّنًا)، (فضل الكرم على أهل الحرم)، (في حفر الخندق)، (قول عثمان: ما تغنيت)، (أسماء صحابة المسند)، (أحاديث رأس مال شعبة)، (أخبار سعيد بن عبد العزيز)، (مسلسل العيد)، (الأبنة)، (فضائل العشرة) جزءان، (من نزل المزة)، (في الربوة والنيرب)، (في كفر سوسية)، (رواية أهل صنعاء)، (أهل الحمريين)، (فذايا)، (بيت قوفا)، (البلاط)، (قبر سعد)، (جسرين)، (كفر بطنا)، (حرستا)، (دوما مع مسرابا)، (بيت سوا)، (جركان)، (جديا وطرميس)، (زملكا)، (جوبر)، (بيت لهيا)، (برزة)، (منين)، (يعقوبا)، (أحاديث بعلبك)، (فضل عسقلان)، (القدس)، (المدينة)، (مكة)، كتاب (الجهاد)، (مسند أبي حنيفة ومكحول)، (العزل)، (الأربعون الطوال)،  (الأربعون البلدية) جزء، (الأربعون في الجهاد)، (الأربعون الأبدال)، (فضل عاشوراء) ثلاثة أجزاء، (طرق قبض العلم) جزء، كتاب (الزلازل)، (المصاب بالولد) جزءان، (شيوخ النبل)، (عوالي شعبة) اثنا عشر جزءًا، (عوالي سفيان) أربعة أجزاء، (معجم القرى والأمصار) جزء، وغير ذلك, وسرد له عدة تواليف. قال: وأملى أبي أربعمائة مجلس وثمانية. قال: وكان مواظبًا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحاسب نفسه على لحظة تذهب في غير طاعة، كان يجري ذكره عند ابن شيخه، وهو الخطيب أبو الفضل بن أبي نصر الطوسي، فيقول: ما نعلم من يستحِقُّ هذا اللقب اليوم يعني: (الحافظ) ويكون حقيقًا به سواه. وقال القاسم: لما دخلت همذان أثنى عليه الحافظ أبو العلاء، وقال لي: أنا أعلم أنه لا يساجِلَ الحافظ ابن عساكر في شأنه أحد، فلو خالط الناسَ ومازجهم كما أصنع، إذًا لاجتمع عليه الموافِقُ والمخالف, وقال لي أبو العلاء يومًا: أي شيء فتح له، وكيف ترى الناس له؟  قلت (الذهبي): "هو بعيد من هذا كله، لم يشتغل منذ أربعين سنة إلا بالجمع والتصنيف والتسميع، حتى في نُزَهِه وخلواته"  ثم قال أبو العلاء: ما كان يسمَّى ابن عساكر ببغداد إلَّا شعلةَ نار؛ من توقُّدِه وذكائه وحُسنِ إدراكه. قال أبو المواهب: لم أرَ مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة، من لزوم الجماعة في الخمس في الصف الأول إلَّا من عذر، والاعتكاف في رمضان وعشر ذي الحجة، وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة، وأباها بعد أن عُرِضَت عليه، وقِلَّة التفاته إلى الأمراء، وأخْذ نفسه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا تأخُذُه في الله لومة لائم. قال لي: لَمَّا عزمت على التحديث، واللهُ المطَّلِعُ أنَّه ما حملني على ذلك حُبُّ الرئاسة والتقدم، بل قلت: متى أروي كُلَّ ما قد سمعته، وأيُّ فائدة في كوني أخَلِّفُه بعدي صحائف؟ فاستخرتُ الله، واستأذنت أعيانَ شيوخي ورؤساء البلد، وطُفت عليهم، فكُلٌّ قال: ومن أحقُّ بهذا منك؟ فشرعت في ذلك سنة ثلاث وثلاثين" كانت وفاة ابن عساكر في الحادي عشر من رجب، وله من العمر ثنتان وسبعون سنة، وحضر السلطان صلاح الدين الأيوبي جنازتَه ودُفِنَ بمقابر باب الصغير، وكان الذي صلى عليه الشيخُ قطب الدين النيسابوري.

العام الهجري : 7 ق هـ العام الميلادي : 615
تفاصيل الحدث:

بلغ المهاجرين في الحَبشةِ أنَّ قُريشًا قد أسلمتْ، فرجعوا إلى مكَّة في شوَّالٍ من نفسِ السَّنةِ التي هاجروا فيها، فلمَّا كانوا دون مكَّة ساعةً من نهارٍ وعرفوا جلية الأمرِ رجع منهم مَنْ رجع إلى الحَبشةِ، ولم يدخلْ في مكَّة مِن سائرهِم أحدٌ إلَّا مُستخفِيًا، أو في جِوارِ رجلٍ من قُريشٍ‏.‏ ثم اشتدَّ عليهِم وعلى المسلمين البلاءُ والعذابُ من قُريشٍ، وسَطَتْ بهِم عشائرُهُم، فقد كان صعبًا على قُريشٍ ما بلغها عَنِ النَّجاشيِّ من حُسنِ الجِوارِ، ولم يرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بُدًّا من أن يُشيرَ على أصحابهِ بالهجرةِ إلى الحَبشةِ مَرَّةً أُخرى‏.‏ واستعدَّ المسلمون للهجرةِ مَرَّةً أُخرى، حاولتْ قُريشٌ إحباطَ عمليَّةِ الهجرةِ الثَّانيةِ بَيْدَ أنَّ المسلمين كانوا أسرعَ، فانحازوا إلى نَجاشيِّ الحَبشةِ قبلَ أن يُدركوا‏.‏ هاجر مِنَ الرِّجالِ ثلاثةٌ وثمانون رجلًا، وثماني عشرةَ أو تسعَ عشرةَ امرأةً. فأرسلتْ قُريشٌ عَمرَو بنَ العاصِ، وعبدَ الله بنَ أبي رَبيعةَ قبلَ أن يُسلِما، وأرسلوا معهُما الهدايا المُستطرَفةَ للنَّجاشيِّ ولبَطارِقتِهِ، وبعد أن حضرا إلى النَّجاشيِّ قدَّما له الهدايا، ثمَّ كلَّماهُ فقالا له‏:‏ أيُّها الملكُ، إنَّه قد ضَوَى إلى بلدِك غِلمانٌ سُفهاءُ، فارقوا دينَ قومهِم، ولم يدخلوا في دينِك، وجاءوا بدينٍ ابتدعوه، لا نعرفُه نحن ولا أنت، وقد بعثَنا إليك فيهِم أشرافُ قومهِم من آبائهِم وأعمامهِم وعشائرهِم؛ لِتردَّهُم إليهِم، فَهُمْ أعلى بهِم عينًا، وأعلمُ بما عابوا عليهِم. وعاتبوهُم فيهِ،‏ وقالت البَطارِقةُ‏:‏ صَدقا أيُّها الملكُ، فأسلِمْهُم إليهِما، فليردَّاهُم إلى قومهِم وبلادهِم‏.‏ فأرسل النَّجاشيُّ إلى المسلمين، ودعاهُم، فحضروا، وكانوا قد أجمعوا على الصِّدقِ كائنًا ما كان،‏ فقال لهم النَّجاشيُّ‏:‏ ما هذا الدِّينُ الذي فارقتُم فيه قومَكُم، ولم تدخلوا به في ديني ولا دينِ أحدٍ من هذه المِلَلِ ‏؟‏ قال جعفرُ بنُ أبي طالبٍ -وكان هو المُتكلِّمُ عَنِ المسلمين‏:‏ أيُّها الملكُ، كُنَّا قومًا أهلَ جاهليَّةٍ؛ نعبدُ الأصنامَ، ونأكلُ المَيتةَ، ونأتي الفواحشَ، ونقطعُ الأرحامَ، ونُسِئُ الجِوارَ، ويأكلُ مِنَّا القويُّ الضَّعيفَ، وعدَّد له مَحاسنَ ما جاءهُم به صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال: فصدَّقناهُ، وآمنَّا بهِ، واتَّبعناهُ على ما جاءنا بهِ من دينِ الله، فعبدنا الله وحدَه، فلم نُشركْ به شيئًا، وحرَّمنا ما حُرِّمَ علينا، وأحللنا ما أحلَّ لنا، فعدا علينا قومُنا، فعذَّبونا وفَتنونا عن ديننا؛ لِيردُّونا إلى عِبادةِ الأوثانِ من عِبادةِ الله تعالى، وأن نَستحِلَّ ما كُنَّا نَستحِلُّ مِنَ الخبائثِ، فلمَّا قَهرونا وظَلمونا وضيَّقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادِك، واخترناك على مَنْ سِواكَ، ورغِبنا في جِوارِك، ورَجوْنا ألَّا نُظْلَمَ عندك أيُّها الملكُ‏.‏ فقال له النَّجاشيُّ‏:‏ هل معك ممَّا جاء به عن الله من شيءٍ‏؟‏ فقال له جعفرٌ‏:‏ نعم‏.‏ فقال له النَّجاشيُّ‏:‏ فاقْرأْهُ عليَّ، فقرأ عَليهِ صدرًا من: (سورة مريم) فبكى النَّجاشيُّ حتَّى اخْضَلَّتْ لِحيتُه، وبكتْ أساقِفتُه حتَّى أخْضَلُوا مصاحِفَهُم حين سمِعوا ما تلا عليهِم، ثمَّ قال لهم النَّجاشيُّ‏:‏ إنَّ هذا والذي جاء به عيسى لَيخرجُ من مِشكاةٍ واحدةٍ، انطلقا، فلا والله لا أُسلِمُهُم إليكُما، ولا يُكادونَ -يُخاطِبُ عَمرَو بنَ العاصِ وصاحبَه- فخرجا، فلمَّا خرجا قال عَمرُو بنُ العاصِ لعبدِ الله بنِ أبي رَبيعةَ‏:‏ والله لآتينَّهُ غدًا عنهُم بما أَسْتَأْصِلُ به خَضراءَهُم‏.‏ فقال له عبدُ الله بنُ أبي رَبيعةَ‏:‏ لا تفعلْ، فإنَّ لهم أرحامًا، وإنْ كانوا قد خالفونا. ولكنْ أصرَّ عَمرٌو على رأيِهِ‏.‏ فلمَّا كان الغدُ قال للنَّجاشيِّ‏:‏ أيُّها الملكُ، إنَّهم يقولون في عيسى ابنِ مريمَ قولًا عظيمًا، فأرسل إليهم النَّجاشيُّ يسألهُم عن قولِهم في المَسيحِ ففَزِعوا، ولكنْ أجمعوا على الصِّدقِ، كائنًا ما كان، فلمَّا دخلوا عَليهِ وسألهم، قال له جعفرٌ‏:‏ نقولُ فيه الذي جاءنا به نبيُّنا صلى الله عليه وسلم‏:‏ هو عبدُ الله ورسولُه ورُوحهُ وكَلِمتُه ألقاها إلى مريمَ العذراءِ البَتُولِ‏.‏ فأخذ النَّجاشيُّ عودًا مِنَ الأرضِ ثمَّ قال‏:‏ والله ما عَدا عيسى ابنُ مريمَ ما قلتَ هذا العودَ. فتَناخَرتْ بَطارِقتُه، فقال‏:‏ وإنْ نَخَرْتُم ‏.‏ ثمَّ قال للمسلمين‏:‏ اذهبوا فأنتم شُيُومٌ بأرضي -والشُّيومُ‏:‏ الآمِنونَ بلسانِ الحَبشةِ- مَنْ سَبَّكم غَرِم، مَنْ سَبَّكم غَرِم، مَنْ سَبَّكم غَرِم، ما أُحِبُّ أنَّ لي دَبْرًا من ذهبٍ وإنِّي آذيتُ رجلًا منكُم -والدَّبْرُ‏:‏ الجبلُ بلسانِ الحَبشةِ-‏ ثمَّ قال لِحاشِيَتِهِ‏:‏ رُدُّوا عليهِما هَداياهُما فلا حاجةَ لي بها، فوالله ما أخذَ الله مِنِّـي الرِّشـوةَ حين رَدَّ عليَّ مُلكي، فآخذُ الرِّشـوةَ فيــه، وما أطاع النَّاسَ فِيَّ فأُطيعَـهُم فيهِ‏.‏ قالتْ أمُّ سَلمةَ: فخرجا من عندِه مَقبوحينَ مَردودًا عليهِما ما جاءا بهِ، وأقمنا عندهُ بخيرِ دارٍ مع خيرِ جارٍ‏.‏

العام الهجري : 210 العام الميلادي : 825
تفاصيل الحدث:

أخرج عبدُ الله من كان تغلَّبَ على الإسكندريةِ مِن أهل الربض الأندلسيِّينَ بأمانٍ، وكانوا قد جاؤوا في مراكِبَ مِن الأندلس في فتنةِ ابنِ السري وغيره، فأرسَوا بالإسكندرية، ورئيسُهم يدعى أبا حفص، فلم يزالوا بها حتى قَدِمَ ابنُ طاهر، فأرسل يؤذِنُهم بالحَربِ إن هم لم يدخُلوا في الطاعة، فأجابوه، وسألوه الأمانَ على أن يرتَحِلوا عنها إلى بعضِ أطراف الروم التي ليسَت من بلاد الإسلامِ، فأعطاهم الأمانَ على ذلك، فرَحَلوا ونزلوا بجزيرة إقريطش، واستوطنوها وأقاموا بها فأعقَبوا وتناسَلوا. قال يونس بن عبد الأعلى: "أقبل إلينا فتًى حَدَثٌ من المشرق، يعني ابن طاهرٍ، والدُّنيا عندنا مفتونةٌ قد غلب على كُلِّ ناحيةٍ مِن بلادنا غالِبٌ، والنَّاسُ في بلاءٍ، فأصلح الدُّنيا وأمَّنَ البريءَ، وأخاف السَّقيمَ، واستوسَقَت له الرعيَّةُ بالطاعةِ".

العام الهجري : 1212 العام الميلادي : 1797
تفاصيل الحدث:

أرسل حمود بن ربيعان ومَن تَبِعَه من عتيبة وعُربان الحجاز إلى الإمام عبد العزيز وطلبوا منه البيعةَ على دينِ الله ورسولِه والسَّمعِ والطاعة، وأداءِ الزكاة وألَّا يعترِضوا سُبُلَ المسلمين، وبَذَلوا دراهِمَ معلومةً نكالًا، فأجابَهم عبد العزيز إلى ذلك، وأخذ على كل بيتٍ عِدَّةَ دراهِمَ معلومة، فلمَّا بلغ الشريف غالب ذلك الخبَرُ، أفزعه وأهمَّه، فجهَّز العساكِرَ مِن مكَّةَ وما حولها، فخرج بنفسِه وقصد هادي بن قرملة أتباعه من قحطان وغيرهم، فنازلهم وحصل بينهم بعضُ القتال، فأخذ هادي جملةً مِن أثقاله، ثم نزل الشريفُ على الماء المعروف بالقنصلية قرب بلد تربة، ونزل هادي بن قرملة بلدَ رنية، فسار الشَّريفُ إليه فيها، فنازلهم ووقع بينهم قتالٌ شديد قُتِلَ بين الجميعِ عِدَّةُ رِجالٍ.

العام الهجري : 1234 العام الميلادي : 1818
تفاصيل الحدث:

بعث الباشا إبراهيمُ عَسكرًا إلى الأحساءِ نحو مائتين وأربعين، مقَدَّمُهم محمد كاشف، فساروا إليه مع عبد الله بن عيسى بن مطلق صاحب الأحساء، وأمرهم الباشا بجَمعِ بيت المال وجميعِ ما كان لآل سعود في الأحساءِ، فقَدِموا وأخذوا أموالًا، وقتلوا رجالًا، وصادروا ما كان لآل سعود فيه وطوارفهم، وقُتِلَ رجالٌ مِن أئمة مساجد الأحساء مِن أهل نجد، وأمسكوا عبد الرحمن بن نامي وحبسوه وأخذوا أمواله وقتلوه، وهرب سيفُ بن سعدون رئيس السياسب من الأحساء، وهرب معه رجالٌ من أتباعه ومن الأعيان، ركبوا البحر، وخرج آلُ عريعر منه، ولم يبقَ لهم فيه أمرٌ ولا نهيٌ، وقصدوا الشمال بعرَباتِهم وبَقِيَت العساكِرُ في الأحساء وعاثوا فيه إلى قريبِ ارتحال الباشا من نجد.

العام الهجري : 1250 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1834
تفاصيل الحدث:

لما بلغ فيصلًا خَبَرُ مقتل والده، جمع الأمراء والرؤساء الذين معه في الغزو، وهم رئيس جبل شمر: عبد الله بن علي بن رشيد، ورئيس بريدة: عبد العزيز بن محمد، ورئيس الحريق: تركي الهزاني، وحمد بن يحي أمير بلدان سدير، وغيرهم من الرؤساء والرجال، ورؤساء العربان، أخبَرَهم بمقتل والده فوعَظَهم وذكَّرَهم، فبايعوه جميعًا على السمعِ والطاعةِ، ثم رحل مِن الأحساء بجنوده وأمرائِه إلى الرياض فدخلها وحاصَرَ مشاري في قصرِ الرياضِ، حتى تمكَّن من قَتلِه بعد أن تخاذَلَ عنه كثيرٌ مِن أهل الرياض، فلمَّا قُتِلَ مشاري دخل فيصل القصرَ وجلس على سريرِ المُلكِ، فوفد عليه أمراء البلدان ورؤساء العربان من كلِّ جهةٍ، فبايعوه، وأقر القضاةَ على أعمالِهم في بلدانهم.

العام الهجري : 251 العام الميلادي : 865
تفاصيل الحدث:

خرج إلى هذه الغزاةِ عبد الرحمن بن محمَّد، وتقدَّمَ حتى حلَّ على نهرِ دوبر وتوالت عليه العساكرُ من كل ناحية، فرتَّبَها ثم تقَدَّم، فاحتل بفج برذنش، وكانت عليه أربعة حصون، فتغلب العسكرُ عليها، وغنم المسلمون جميعَ ما فيها وخربوها، ثم انتقل من موضعٍ إلى موضع، لا يمُرُّ بمسكنٍ إلَّا خرَّبه، ولا موضِعٍ إلا حَرَقه، حتى اتصلَ ذلك في جميع بلادهم، ولم يبقَ لرذريق صاحب القلاع، ولا أردمير صاحب توفة، ولا لعندشلب صاحب برجية، ولا لغومس صاحب مسانقة، حِصنٌ من حصونهِم إلا وعَمَّه الخراب. ثم قصدَ الملاحة، وكانت من أجلِّ أعمال رذريق؛ فحطَّمَ ما حواليها وعفا آثارَها، ثم تقدَّمَ يوم الخروج على فج المركويز؛ فصَدَّ العسكر عنه، وتقدَّم رذريق بحشوده وعسكرِه، فحلَّ على الخندق المجاور للمركويز، وكان رذريق قد عانى توعيرَه أعوامًا، فسخَّرَ فيه أهل مملكتِه، وقطعه من جانب الهضبةِ، فارتفع جرفه، وانقطع مسلكُه، فنزل عبدالرحمن ابن الأمير محمد على وادي إبره بالعسكرِ، وعبَّأ عبد الملك للقتال؛ وعبأ المشركون، وجعلوا الكمائنَ على ميمنة الدرب وميسرته، وناهض المسلمون جموعَ المشركين بصدورهم؛ فوقع بينهم جِلادٌ شديد، وصدق المسلمون اللِّقاء، فانكشف الأعداءُ عن الخندق، وانحازوا إلى هضبةٍ كانت تليه، ثم نزل عبد الرحمن ابن الأمير محمد، ونصب فسطاطَه، وأمر الناس بالنزولِ، وضرب أبنيتهم، ثمَّ نهض المسلمون إليهم فصَدَقوهم القتال، وضرب اللهُ في وجوه المشركين ومنَحَ المسلمين أكتافَهم، فقتلوا أشَدَّ القتل، وأُسِرَ منهم جموعٌ، واستمرُّوا في الهزيمة إلى ناحية الأهزون، واقتحَموا نهر إبره باضطرارٍ في غير مخاضة، فمات منهم خلقٌ كثير غرقًا، وكان القتل والأسر فيهم من ضحى يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجبٍ إلى وقت الظهر، وسلَّمَ الله المسلمين ونصَرَهم على المشركين، وكان قد لجأ منهم إلى الوعر والغياض- عندما أخذتهم السيوفُ- جموعٌ، فتُتُبِّعوا وقُتلوا، ثم هُتِك الخندقُ وسُوِّيَ حتى سَهُل، وسلَكَه المُسلِمونَ غيرَ خائفين ولا مضغطين، وأعظم الله المنة للمسلمين بالصنعِ الجميل، والفتح الجليل، والحمد لله رب العالمين. وكان مبلغُ ما حيز من رؤوس الأعداء في تلك الوقيعة عشرينَ ألف رأس وأربعمائة رأس واثنين وسبعين رأسًا.

العام الهجري : 616 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1219
تفاصيل الحدث:

ظهر التترُ إلى بلاد الإسلام، وهم نوع كثير من الترك، ومساكنُهم جبالُ طمغاج من نحو الصين، وكان السبب في ظهورِهم أنَّ مَلِكَهم- ويسمى بجنكيزخان، المعروف بتموجين- كان قد فارق بلاده وسار إلى نواحي تركستان، وسيَّرَ جماعة من التجار والأتراك، ومعهم شيءٌ كثير من النقرة- قطع مذابةُ من الذَّهب أَو الفِضَّة- وغيرِها، إلى بلاد ما وراء النهر سمرقند وبخارى؛ ليشتروا له ثيابًا للكسوة، فوصلوا إلى مدينة من بلاد الترك تسمى أوترا، وهي آخرُ ولاية خوارزم شاه محمد، وكان له نائب هناك، فلما ورد عليه هذه الطائفةُ مِن التَّتَر أرسل إلى خوارزم شاه يُعلِمُه بوصولهم ويذكُرُ له ما معهم من الأموالِ، فبعث إليه خوارزم شاه يأمُرُه بقتلِهم وأخْذِ ما معهم من الأموالِ وإنفاذِه إليهم، فقتلهم، وسيَّرَ ما معهم، وكان شيئًا كثيرًا، فلمَّا وصل إلى خوارزم شاه فرَّقه على تجار بخارى، وسمرقند، وأخذ ثمَنَه منهم، وكان بعد أن ملك ما وراء النهر من الخطا قد سدَّ الطرقَ عن بلاد تركستان وما بعدها من البلادِ، وإنَّ طائفةً من التتر أيضًا كانوا قد خرجوا قديمًا والبلادُ للخطا، فلمَّا ملك خوارزم شاه البلادَ بما وراء النهر من الخطا، قتَلَهم. استولى التتَرُ على تركستان: كاشغر، وبلاساغون وغيرهما، وصاروا يحاربونَ عساكِرَ خوارزم شاه، فلذلك منعَ الميرة عنهم من الكسوات وغيرها، فلما قتَلَ نائبُ خوارزم شاه أصحابَ جنكيزخان أرسل جواسيس إلى جنكيزخان لينظُرَ ما هو، وكم مقدارُ ما معه من الترك، وما يريدُ أن يعمل، فمضى الجواسيسُ، وسلكوا المفازةَ والجبال التي على طريقِهم، حتى وصلوا إليه، فعادوا بعد مدَّةٍ طويلة وأخبَروه بكثرةِ عَدَدِهم، وأنَّهم يخرجون عن الإحصاء، وأنَّهم من أصبر خلقِ الله على القتال لا يعرفونَ هزيمةً، وأنهم يعملون ما يحتاجون إليه من السلاحِ بأيديهم، فندم خوارزم شاه على قَتلِ أصحابهم وأخْذِ أموالهم، وكان جنكيزخان قد سار إلى تركستان، فملكها، وأزال عنها التترَ الأولى، فلم يظهر لهم خبَرٌ، ولا بقي لهم أثر، بل بادوا كما أصاب الخطا، وتجهز خوارزم شاه، وسار مبادرًا ليسبِقَ خبره ويكبِسَهم، فأدمن السير، فمضى، وقطع مسيرة أربعة أشهر، فوصل إلى بيوتهم، فلم يرَ فيها إلا النِّساءَ والصبيان والأثقال، فأوقع بهم وغنم الجميع، وسبى النساء والذرية، وكان سببُ غيبة الكفار عن بيوتهم أنَّهم ساروا إلى محاربة ملك من ملوك الترك يقال له كشلوخان، فقاتلوه، وهزموه، وغَنِموا أمواله وعادوا، فلَقِيَهم في الطريق الخبر بما فعل خوارزم شاه بمخَلَّفيهم، فجدُّوا السير، فأدركوه قبل أن يخرجَ عن بيوتهم، وتصافُّوا للحرب، واقتتلوا قتالًا لم يُسمَعْ بمثله، فبَقُوا في الحرب ثلاثة أيام بلياليها، فقُتِلَ من الطائفتين ما لا يُعَدُّ، ولم ينهزم أحد منهم، أما المسلمون فإنهم صبروا حميَّةً للدين، وعلموا أنهم إن انهزموا لم يبقَ للمسلمين باقية، وأنهم يؤخَذون لبُعدِهم عن بلادهم، وأما الكفَّار فصبروا لاستنقاذ أهليهم وأموالهم، واشتدَّ بهم الأمر، حتى إنَّ أحدهم كان ينزل عن فرسِه ويقاتل قرنَه رَجِلًا، ويتضاربون بالسكاكين، وجرى الدمُ على الأرض، حتى صارت الخيلُ تزلق من كثرته، واستنفذ الطائفتان وُسعَهم في الصبر والقتال، هذا القتالُ جميعه مع ابن جنكيزخان ولم يحضُر أبوه الوقعة، ولم يشعرْ بها، فأحصِيَ من قتل من المسلمين في هذه الوقعة فكانوا عشرين ألفًا، وأما من الكفَّار فلا يحصى من قُتِل منهم، فلما كان الليلة الرابعة افترقوا، فنزل بعضُهم مقابل بعض، فلما أظلم الليلُ أوقد الكفار نيرانهم وتركوها بحالها وساروا، وكذلك فعل المسلمون أيضًا، كل منهم سَئِمَ القتال؛ فأما الكفار فعادوا إلى مَلِكهم جنكيزخان؛ وأما المسلمون فرجعوا إلى بخارى، فاستعدَّ صاحبها للحصار لعلمه بعجزه؛ لأنَّ طائفة عسكره لم يقدر على أن يظفَرَ بالتتر، فكيف إذا جاؤوا جميعُهم مع ملكهم؟ فأمر أهل بخارى وسمرقند بالاستعداد للحصار، وجمعَ الذخائرَ للامتناع، وجعلَ في بخارى عشرين ألف فارس من العسكر يحمونَها، وفي سمرقند خمسين ألفًا، وقال لهم: احفظوا البلد حتى أعود إلى خوارزم وخراسان وأجمع العساكر وأستنجد بالمسلمين وأعود إليكم.

العام الهجري : 859 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1455
تفاصيل الحدث:

في يوم الاثنين آخر جمادى الآخرة كانت وقعةُ المماليك الظاهرية الجقمقية مع الملك الأشرف إينال، وسببُ هذه الفتنة ثورةُ المماليك الأجلاب أولًا، وأفعالُهم القبيحة بالناس، ثم عقب ذلك أنَّ السلطان كان عيَّنَ تجريدة إلى البحيرة، نحوًا من خمسمائة مملوك، وعليهم من أمراء الألوف الأمير خشقدم المؤيدي أمير سلاح، والأمير قرقماس رأسُ نوبة النوب، وعِدَّةٌ من أمراء الطبلخانات والعشرات، ورسم لهم السلطانُ بالسفر، ولم يفرِّقْ على المماليك المكتوبة للسفر الجمالَ على العادة، فعَظُم ذلك عليهم، وامتنَعوا إلى أن يأخذوا الجِمالَ، فسافر الأمير خشقدم في صبيحة يوم الاثنين المذكور، وتبعه الأمير قرقماس في عصر نهاره، وأقاما ببر منبابة تجاه بولاق، فلم يتبَعْهم أحد من المماليك المعيَّنة معهم، بل وقف غالبُهم بسوق الخيل تحت القلعة ينتظِرونَ تفرقةَ الجِمال عليهم، إلى أن انفَضَّ الموكب السلطاني ونزلت الأمراءُ إلى جهة بيوتهم، فلما صار الأميرُ يونس الدوادار بوسط الرميلة احتاطت به المماليك الأجلاب، وتحقق الغدرَ، فأمر مماليكه بإشهار سيوفِهم ففعلت ذلك، ودافعت عنه، وجرَحَ من المماليك الأجلاب جماعةً، وقطع أصابِعَ بعضِهم، وشقَّ بطنَ آخر على ما قيل، فعند ذلك انفرجت ليونس فرجةٌ خرج منها فارًّا إلى جهة داره، ونزل بها، ورمى عنه قماش الموكِبِ، ولَبِسَ قماشَ الركوبِ، وطلع من وقتِه إلى القلعةِ من أعلى الكبش، ولم يشق الرميلة، وأعلم السلطانَ بخبَرِه، فقامت لذلك قيامةُ المماليك الأجلاب، وقالوا: نحن ضربناهم بالدبابيس فضربونا بالسيوفِ، وثاروا على أستاذِهم ثورةً واحدةً، وساعدهم جماعةٌ من المماليك القرانيص وغيرِهم لِما في نفوسهم من السلطانِ لعدم تفرقةِ الجِمالِ وغيرها، ووقفوا بسوق الخيل وأفحشوا في الكلامِ في حقِّ السلطان، وهددوه إن لم يسلِّم لهم الأميرَ يونس، ثم ساقوا غارةً إلى بيت يونس الدوادار، فمنعهم مماليكُه من الدخول إلى داره، فجاؤوا بنار ليحرقوا الباب، فمنعوهم من ذلك أيضًا، فعادوا إلى سوق الخيل، فوافَوا المنادي ينادي من قبل السلطانِ بالأمان، فمالوا على المنادي بالدبابيس، فسكت من وقته، وهرب إلى حالِ سبيله، وقد طلعت جميعُ أمراء الألوف إلى السلطانِ، وهو على حالة السكوتِ غير أنه طلب بعضَ مماليكه الأجلاب الأعيان، وكلَّمه بأنَّه يعطي من جُرِحَ من الأجلاب ما يكفيه، وأنه يعطي للذي قُطِعَت أصابعه إقطاعًا ومائة دينار، فلم يقع الصلحُ، وانفضَّ الأمر على غير طائلٍ؛ لشدة حر النهار، ولما تفرقت المماليك نزلت الأمراءُ إلى دورهم ما خلا الأمير يونس الدوادار؛ فإنه بات في القلعة، فلما تضحى النهارُ أرسل إليهم السلطان بأربعة أمراء، وهم: الأمير يونس العلائي أحد مقدَّمي الألوف، وسودون الإينالي المؤيدي قراقاش رأس نوبة ثان، ويلباي الإينالي المؤيدي أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة، وبردبك البجمقدار أحد الطبلخانات أيضًا ورأس نوبة، فنزلوا إليهم من القلعة؛ فما كان إلَّا أن وقع بصر المماليك الأجلاب على هؤلاء الأمراء احتاطوا بهم، وأخذوهم بعد كلامٍ كثير، ودخلوا بهم إلى بيتِ الأمير خشقدم أمير سلاح تجاه باب السلسلة، ورسموا عليهم بعضَهم، كلُّ ذلك والمماليك الظاهرية الجقمقية وقوفٌ على بُعدٍ، لا يختلفون بهم، لينظروا ما يصيرُ من أمرهم، فلما وقع ما ذُكِرَ تحققوا خروجَهم على أستاذهم، وثار ما عندهم من الكمائنِ التي كانت كامنةً في صدورهم من الملك الأشرف إينال لِما فَعَل بابن أستاذِهم الملك المنصور عثمان، وحَبْسِ خشداشيَّتِهم- زملائهم- وتقريب أعدائهم الأشرفية مماليك الأشرف برسباي، فانتهزوا الفرصة، وانضافوا إلى المماليك الأجلاب، وعرَّفوهم أن الأمر لا يتم إلا بحضرة الخليفةِ ولبس السلاح، فساق قاني باي المشطوب أحد المماليك الظاهريَّة من وقته إلى بيت الخليفة القائم بأمر الله حمزة، وكان في الخليفةِ خِفَّةٌ وطَيشٌ، فمال إليهم ظنًّا أنه يكون مع هؤلاء وينتَصِرُ أحدُهم ويتسلطنُ، فيستفحلُ أمره ثانيًا أعظَمَ من الأول، ولما حضر الخليفة عندهم، تكامل لُبسُهم السلاح، وانضافت إليهم خلائقُ من المماليك السيفية، وأوباش الأشرفية، وغيرُهم من الجياع الحرافيش، فلما رأت الأجلابُ أمر الظاهرية حسبوا العواقب، وخافوا زوالَ ملك أستاذهم، فتخلَّوا عن الظاهرية قليلًا بقليلٍ، وتوجه كل واحد إلى حالِ سبيله، فقامت الظاهريةُ بالأمر وحدهم، وما عسى يكونُ قيامهم من غير مساعدة، وقد تخلَّى عنهم جماعة من أعيانهم وخافوا عاقبةَ هذه الفتنة، وقد تعبَّأ السلطان لحربهم، ونزل من القلعة إلى باب السلسلة من الإسطبل السلطاني، وتناوش القومُ بالسهام، وأرادوا المصاففة، فتكاثر عليهم السلطانيةُ، وصدموهم صدمةً واحدة بدَّدوا شملهم، بل كانوا تشتَّتوا قبل الصدمة أيضًا، وهجم السلطانيةُ في الحال إلى بيت الأمير خشقدم أمير سلاح، وأخذوا الأمراءَ المرسَّم عليهم، وأخذوا فيمن أخذوا الخليفةَ معهم، وطلعوا بهم إلى السلطانِ، فلما رأى السلطان الخليفةَ وبَّخه بالكلام الخَشِن، وتفرقت من يوم ذاك أجلابُ السلطان فرقتين: فرقةٌ وهم الذين اشتراهم من كتابية الظاهر جقمق وابنه، وفرقةٌ اشتراهم هو في أيام سلطنته، وقويت الفرقةُ الذين اشتراهم على الفرقةِ الظاهرية، ومنعوهم من الطلوعِ إلى القلعة، والسكنى بالأطباق، ولما انتهت الوقعة أمسك جماعةً من المماليك الظاهرية وحبسهم بالبرج من قلعة الجبل، ونفى بعضَهم واختفى بعضُهم.

العام الهجري : 1353 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1934
تفاصيل الحدث:

بعد أن توقَّف زحفُ الجيش السعودي على اليمن بقيادة الأمير سعود والأمير فيصل، استدعى الملكُ عبد العزيز عبدَ اللهِ ابنَ الوزير إلى الطائِفِ، وأطلَعَه على برقية الإمام يحيى -التي أرسلها بعد انهيار قوات جيشه- ثمَّ أملى الملك عبد العزيز على ابن الوزير ومن حضر من المستشارين السعوديين فقراتٍ أشبَهَ بالمواد التي تُبنى عليها معاهدةٌ للصلح، فتولى المستشارون وابن الوزير صياغتَها، فكانت معاهدة الطائف، ثم جرى توقيعها في جدة -بعد أن اطَّلع الإمامُ يحيى على نصها- في 6 صفر 1353ه - 21/ 5/ 1934م. على أن تكون الحُديدة لليمن، وجازان ونجران وعسير وتوابعها للسعودية، وقد وقَّعه نيابةً عن الملك عبد العزيز ابنُه الأمير خالد بن عبد العزيز، ونيابة عن الإمام يحيى عبدُ الله بن أحمد الوزير، وقد نصت المعاهدة على 23 مادة وملحق فيه خمس مواد، وممَّا ورد في هذه المعاهدة:
1/ تنتهي حالة الحرب القائمة بين البلدين بمجرَّد توقيع المعاهدة، وتنشأ فورًا بينهما حالةُ سلم دائم وصداقة وطيدة، وأُخوَّة إسلامية عربية دائمة.
2/ يعترف كل منهما للآخر باستقلالِ كُلٍّ من المملكتين استقلالًا تامًّا مطلقًا، ويُسقِطُ كلٌّ منهما أيَّ حَقٍّ يدعيه في قسم أو أقسام من بلاد آخر خارج الحدود القطعية المبينة في صلب هذه المعاهدة.
3/ خطُّ الحدود الذي يفصل بين بلاد كلٍّ مِن الفريقين المتعاقدين موضَّحٌ بالتفصيل الكافي كما هو في نص المعاهدة، ويعتبر هذا الخط حدًّا فاصلا قطعيًّا بين البلاد التي تخضع لكل منهما.
4/ نظرًا لرغبة الفريقين في دوام السلم والطمأنينة يتعهدان تعهدًا متقابلًا بعدم إحداث أي بناء لحصون في مسافة خمسة كيلومترات في كل جانب من جانبي الحدود في كل المواقع والجهات على طول خط الحدود.
5/ يتعهَّدُ كل من الفريقين بأن يسحب جندَه فورًا عن البلاد التي أصبحت بموجِبِ هذه المعاهدة تابعة للفريق الآخر، مع صون الأهلين والجند عن كل ضرر.
6/ يتعهد كل من الفريقين بأن يمنع كُلٌّ منهما أهاليَ مملكته عن كلِّ ضَررٍ وعدوان على أهالي المملكة الأخرى في كل جهةٍ وطريق، وبأن يمنعَ الغزوَ بين أهل البوادي من الطرفين، ويَرُدَّ كلَّ ما ثبت أخذه بالتحقيق الشرعي من بعد إبرام هذه المعاهدة، وضمان ما تَلَف وبما يلزم بالشَّرعِ فيما وقعَ من جناية قَتلٍ أو جرحٍ، بالعقوبة الحاسمة على من ثبت منهم العدوان.
7/ يتعهد كل من الفريقين تعهدًا متقابلًا بأن يمتنعا عن الرجوع للقوة لحلِّ المشكلات بينهما، وبأن يعملا جهدَهما لحلِّ ما يمكنُ أن ينشأ بينهما من الاختلاف، سواء كانت سببه ومنشؤه هذه المعاهدة، أو تفسير كل أو بعض موادها، أم كان ناشئًا عن أي سبب آخر بالمراجعات الودِّية.

العام الهجري : 286 العام الميلادي : 899
تفاصيل الحدث:

أظهر عُمَرُ بنُ حفصون النصرانيَّة، وكان قد خرج في الأندلسِ على أميرها وحصَلَت بينهم عدَّةُ وقائِعَ، وكان قبل ذلك يُسِرُّها، وانعقد مع أهلِ الشِّركِ وباطَنَهم، ونفر عن أهلِ الإسلام ونابَذَهم، فتبرأ منه خلقٌ كثير، ونابذه عوسجة بن الخليع، وبنى حصِنَ قنبط، وصار فيه مواليًا للأمير عبد الله، محاربًا لابنِ حفصون, فرأى جميعُ المسلمينَ أنَّ حَربَه جهادٌ، فتتابعت عليه الغزواتُ بالصوائفِ والشَّواتي من ذلك الوقتِ.

العام الهجري : 951 العام الميلادي : 1544
تفاصيل الحدث:

كان السلطان أبو عبد الله محمد الشيخ السعدي بعد القبض على أخيه واستقلاله بالأمر، قد أقام بالبلاد السوسية مثابرًا على جهاد العدوِّ إلى أن قلع عروقَ مفسدتِه منها، وكانت مراكش في هذه المدَّة قد توقَّفت عن بيعته، وتربصت عن الدخول في دعوته اتقاءً للوطاسيين وارتيابًا في أمره إلى ماذا يؤول، واستمَرَّ الحال إلى هذه السنة فانقادت له حينئذ، وبايعه أهلُها فقَدِمَها واستولى عليها وخَلُصَ له جميعُ ما كان بيد أخيه المخلوع: من تادلا إلى وادي نول.

العام الهجري : 1190 العام الميلادي : 1776
تفاصيل الحدث:

أسندت الدرعيةُ إمارةَ بُريدة وما يتبعها إلى حجيلان بن حمد العليان بعدَ مقتَلِ أميرها عبد الله بن حسن في وقعةِ مخيريق, فنجح حجيلان في توطيدِ حُكم الدرعية هناك، وقام بكثيرٍ مِن الغزوات لمصلحةِ ذلك الحُكمِ، ومَدَّ رقعتَه، وظلَّ أميرًا نَشِطًا في غزواته حتى قضى إبراهيم باشا على الدولة السعودية الأولى، فأُخِذَ حجيلان إلى المدينة النبوية عام 1234هـ، وتوفِّيَ فيها بعد وصولِه إليها بقليل.

العام الهجري : 1343 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1925
تفاصيل الحدث:

في عام 1924 ألَّف الدكتور عبد الرحمن الشهبندر بدمشق حزبًا سياسيًّا سمَّاه حزب الشعب، وتولى رئاسته، وأطلق على نفسِه لقب الزعيم، وأخذ يعمَلُ في تنظيم العمل السياسي ويدعو إلى الوَحدة العربية، ويطالِبُ بإلغاء الانتداب، وإقامة جمهورية سورية في نطاق الاتحاد مع جميع البلدان العربية المستقِلَّة؛ ولتحقيق ذلك بدأ الدكتور عبد الرحمن الشهبندر الاتصالَ بزعماء ووجهاء المدن السورية يحثُّهم على الثورة ضِدَّ الاستعمار الفرنسي ويشحَذُ هِمَمهم ويعزِّز شعورهم الوطني، ويطلب منهم بدء الكفاح المسلَّح لنيل الاستقلال، وتحقيق الحلم الوطني العربي بإقامة الجمهورية السورية العربية، وقد جاءت الثورةُ السورية الكبرى كرَدِّ فعلٍ على السياسات الدكتاتورية العسكرية التي اتبعَتْها السلطات الفرنسية الاستعمارية، والمتمثِّلة في تمزيق سوريا إلى عدَّة دويلات، وإلغاء الحريات، وملاحقة الوطنيين، وإثارة النزعات الطائفية، ومحاربة الثقافة والطابع العربي للبلاد، ومحاولة إحلال الثقافة الفرنسية، بالإضافة إلى رفضِ سُلُطات الانتداب عَقْدَ اتفاق مع القوى الوطنية السورية لوضع برنامج زمني لاستقلال سوريا، انطلقت ثورة سوريا الكبرى في 29 ذي الحجة الموافق 21 تموز / يوليو، وانضَمَّ تحت لوائها عددٌ من المجاهدين من مختَلِف مناطق سوريا ولبنان والأردن، ومنهم دروز الجبل، وقد شَهِدت سوريا خمسًا وثلاثين ثورة قبل الثورة الكبرى، وقُتِلَ في تلك الثورات ما يقرُبُ من خمسة آلاف جندي فرنسي، وكان الدروز غائبين تمامًا عن كل تلك الثورات 35 ثورة، وبعد وفاة سليم الأطرش حاكِمِ جبل الدروز وتعيين حاكم فرنسي بدلًا عنه ناقضين اتفاقَهم مع زعماء الجبل الذين نفاهم الجنرال سراي بعد ذلك، فتمرد الدروز ووقعت معركةُ المزرعة؛ مما اضطر سراي أن يدخُلَ في مفاوضات مع الدروز لوقف القتال وإطلاق سراح الزعماء، ثم اتصل أعضاءُ حزب الشعب بزعماء الدروز في الجبل وقرَّروا التعاونَ للدفاع عن استقلال البلاد، وحثَّ الدكتور عبد الرحمن الشهبندر زعيمَ الدروز الجديدَ سلطانَ الأطرش على التقدُّم نحو دمشق ضِدَّ السلطات الفرنسية، فاشتعلت المعارِكُ حول دمشق وغوطتها والجبل وقراه، فأرسلت فرنسا الجنرالَ جاملان وعيَّنوه قائدًا عامًّا لجيش الشرق، فزحف نحو الجبل ولم يستطِع احتلال عاصمة الجبل السوداء، ثم نشبت ثورة حماة في تشرين الأول 1925م وانتشرت إلى دمشق وعمَّت أنحاء سوريا، وقُصفت قوات فرنسا في دمشق بعد أن اتَّسع نطاق حرب العصابات، فأطلق الفرنسيون نيرانَ مدافِعِهم وقنابل طائراتِهم على دمشق وأسواقها وأحيائها أيامًا وشهورًا خلال الثورة، واشتركت في هذه الثورة جميعُ الطوائف بما فيهم البدوُ، إلَّا أنَّ بعضَ الطوائف لم تشترك بالثورة، مثل النصيريين وسكان سنجق إسكندرون، وأغلبهم نصيرية، وكانت القواتُ الفرنسية تستعين في إخماد الثورات على الأقليات الذين جنَّدَتْهم للثورة، كالأرمن وبعض الشراكسة وبعض البدو الذين كان لهم ثأرٌ مع الدروز، ولكِنْ في أواخر أيام الثورة انضمَّ الدروز إلى السلطات الفرنسية تحت لواء قيادتهم عبد الغفار الأطرش ومتعب الأطرش، وتطوعوا في الجيش الفرنسي وأجهزة الأمن الفرنسية، وقد كانوا قبل ذلك في اللجنة العليا للثورة السورية التي أعلن المجاهِدونَ حَلَّها بعد هذه الخيانة، وأمَّا عموم النصارى فكان غالِبُهم وقف موقف المتفَرِّج، غير الذين كانوا يعملون في أجهزة الأمنِ الفرنسي، وكان النصارى في دمشق يضعون على منازلهم أقمشةً بيضاء عليها صليبٌ أحمر لِيَعرِفَ الطيارون أنها بيوت للنصارى فلا يقصِفونها، وأما الغوطة فقد كانت ملجأً للمجاهدين، فقام الفرنسيون بإحراق معظَمِ بساتينها، وفرضت السلطاتُ الفرنسية غراماتٍ مالية على الأهالي فوق القَصفِ العشوائي الذي استنكرته القناصِلُ، وهاجر كثيرٌ من أهل دمشق إلى بيروت ومصر وغيرها، واستمر مسلسل العنف والدمار إلى أيار 1926م، ثم حدثت مفاوضاتٌ مع بعض المسؤولين السوريين بَقِيَت قرابة التسعة أشهر، لكِنْ دون نتيجة، فعادت سياسةُ العنف والقصف والنهب للأحياء كما كانت.