الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1740 ). زمن البحث بالثانية ( 0.011 )

العام الهجري : 187 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 803
تفاصيل الحدث:

كان لآلِ بَرْمَك نفوذٌ كبيرٌ في دولة الرشيد؛ إذ كان يحيى بن خالدٍ مُربِّيًا للرشيدِ، وكان أولادُه جعفر والفضل وموسى ومحمَّد أترابَ الرَّشيد، ثمَّ تغيَّرَت أحوالُ البرامكة وتبدَّلَ لهم الرشيدُ فجأةً، فقتل جعفرَ بنَ يحيى وسجَنَ يحيى وابنَه الفضلَ، وصادرَ أملاكَهم، وقد قيل في سبب ذلك أشياءُ؛ منها: أنهم- يعني البرامِكةَ- زاد نفوذُهم كثيرًا، وزادت مصروفاتُهم كثيرًا، حتى فاقوا الخليفةَ بذلك؛ ممَّا جعل أمرَهم مُريبًا مُخيفًا؛ فقد بنى جعفرٌ بيتًا له كلَّفَه عشرينَ مليونَ درهم، وعندما عاد الفضلُ بن يحيى مِن حَربِه في الديلم أطلق لمادِحيه ثلاثةَ ملايين درهم. وهذا السَّرفُ جعل الرشيدَ يتابِعُهم في الدواوينِ والكتاباتِ، فاكتشفَ وُجودَ خَلَلٍ كبير في مصاريفِ الدولة. وقيل: لتشَيُّعِهم وتعاطُفِهم مع العَلَويِّينَ؛ فقد حمل يحيى بن خالد البرمكي إلى يحيى بن عبد الله الطالبي في أثناء ثورتِه بالديلم مئتي ألفِ دينارٍ، كما أنَّ جعفرًا أطلَقَه بعد سَجنِه مِن دونِ عِلمِ الخليفة. وقد أحضر الخليفةُ جعفرًا وسأله، فأقرَّ بالأمرِ، فأظهرَ الرَّشيدُ أنَّه راضٍ عن عَمَلِه، فلمَّا خرج مِن مجلِسِه قال: "قتلني اللهُ بسَيفِ الهُدى على عمَلِ الضَّلالةِ إنْ لم أقتُلْك", وقد يُعدُّ هذا من أقوى أسبابِ نِقمةِ الرشيدِ عليهم، وقيل: لتعصُّبِهم للفُرسِ ومحاولةِ إقصاءِ العَرَب عن المناصبِ المُهِمَّة؛ فقد أبدَوا كراهيَتَهم لمحمَّد بن الليث لِمَيله عن العجَم، وسَعَوا لدى الرشيدِ للإيقاع بيزيدَ بن مزيد الشيباني، واتَّهَموه بالتراخي في قتالِ الخوارج. وقيل: بل لأنَّ الرشيدَ لَمَّا كان يحِبُّ أن يجتَمِعَ مع جعفر وأختِه العبَّاسة (أخت الرشيد) وهي مُحَرَّمة على يحيى، فزَوَّجَها الرشيدُ مِن جَعفرٍ على ألا يقرَبَها، بل فقط ليجتَمِعوا ويَسمُروا سويًّا، ولكِنَّ جعفرًا أتاها فحَمَلت العبَّاسةُ منه، ولَمَّا ولَدَت وجَّهَته إلى مكَّةَ، ثمَّ عَلِمَ الرشيدُ بذلك من بعضِ حواضِنِ العبَّاسة، فعَدَّ ذلك خيانةً مِن جعفرٍ،  وقد تناقل المؤرِّخونَ قِصَّةَ عبَّاسة وجعفرٍ البرمكيِّ، وكأنَّها أحدَثَت فِعلًا، بينما عليَّةُ بنتُ المهدي تقولُ للرَّشيدِ بعد إيقاعِه بالبرامكة: ما رأيتُ لك يومَ سرورٍ تامًّا منذ قتَلْتَ جعفرًا، فَلأيِّما شيءٍ قَتَلْتَه؟ فقال: لو عَلِمتُ أنَّ قَميصي يعلمُ السَّببَ الذي قتلْتُ به جعفرًا لأحرقتُه. فهل كانت عليَّة بنت المهدي جاهلةً السَّبَبَ لو كان هناك مِثلُ هذه الفضيحة (قِصَّة عبَّاسة وجعفر البرمكيِّ) في قصرِ الخلافة؟!

العام الهجري : 250 العام الميلادي : 864
تفاصيل الحدث:

كان ظهور أبي الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنَّه أصابته فاقةٌ شديدةٌ فدخل سامرَّا فسأل وصيفًا أن يجري عليه رزقًا فأغلظ له القولَ، فرجع إلى أرض الكوفة فاجتمع عليه خلقٌ من الأعراب، وخرج إليه خلقٌ من أهل الكوفة، فنزل على الفلوجة، وقد كثُرَ الجمع معه، فكتب محمد بن عبد الله بن طاهر نائبُ العراق إلى عامِلِه يأمُرُه بقتالِه، وظهر أمرُه بالكوفة واستحكم بها، والتفَّ عليه خلقٌ من الزيدية وغيرِهم، ثم خرج من الكوفة إلى سوادِها ثم كرَّ راجِعًا إليها، فتلقاه عبد الرحمن بن الخطاب الملقَّب وجه الفلس، فقاتله قتالًا شديدًا، فانهزم وجه الفلس، ودخل يحيى بن عمر الكوفةَ ودعا إلى الرضى من آل محمد، وقوي أمرُه جدًّا، وصار إليه جماعةٌ كثيرة من أهل الكوفة، وتولَّاه أهل بغداد من العامَّة وغيرِهم ممَّن يُنسَبُ إلى التشيُّع، وأحبوه أكثَرَ من كل من خرج قبله من أهل البيتِ، وشرع في تحصيلِ السلاحِ وإعداد آلاتِ الحرب وجَمْعِ الرجال، وقد هرب الحسينُ بن إسماعيل نائبُ الكوفة منها إلى ظاهِرِها، واجتمع إليه أمدادٌ كثيرة من جهة الخليفة مع محمد بنِ عبد الله بن طاهر، واستراحوا وجمَعوا خيولَهم، فلما كان اليومُ الثاني عشر من رجب، أشار من أشار على يحيى بن عمر ممَّن لا رأي له، أن يركَبَ ويناجز الحُسين بن إسماعيل ويكبِسَ جيشه، فركب في جيشٍ كثير من خلقٍ من الفرسان والمشاة أيضًا من عامَّة أهل الكوفة بغير أسلحةٍ، فساروا إليهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا في ظلمة آخر الليل، فما طلع الفجرُ إلَّا وقد انكشف أصحابُ يحيى بن عمر، وقد تقنطَرَ به فرسه، ثم طُعِنَ في ظهرِه فخَرَّ، فأخذوه وحزُّوا رأسَه وحملوه إلى الأمير الحسين بن إسماعيل فبعَثَه إلى ابن طاهر، فأرسله إلى الخليفة من الغدِ مع رجل يقال له عمر بن الخطاب، أخي عبد الرحمن بن الخطاب، فنُصِبَ بسامرَّا ساعة من النهار ثم بُعِثَ به إلى بغداد فنُصِبَ عند الجسر، ولم يمكِنْ نصبُه من كثرة العامَّة فجُعِلَ في خزائن السلاح، وكان الخليفة قد وجَّه أميرًا إلى الحسين بن إسماعيل نائب الكوفة، فلما قُتِلَ يحيى بن عمر دخلوا الكوفة فأراد ذلك الأميرُ أن يضع في أهلِها السيفَ، فمنعه الحسين وأمَّنَ الأسودَ والأبيض، وأطفأ اللهُ هذه الفتنة.

العام الهجري : 576 العام الميلادي : 1180
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ العلَّامة المحدِّث، الحافظ الكبيرُ المفتي شيخ الإسلام، شرف المعمرين، أبو طاهرٍ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني، الجرواني السِّلَفي بكسر السين وفتح اللام. يلقب جَدُّه أحمد سِلفة- أي أشرم الشفة- وأصله بالفارسية سِّلبة، وكثيرًا ما يمزجون الباء بالفاء فسَمَّته الأعاجم لذلك السِّلَفي، والسَّلَفي -بفتحتين- وهو من كان على مذهَبِ السلف، وكان يلقب بصدر الدين، وكان شافعيَّ المذهب، ولد سنة 475، أو قبلها بسنة، قال السِّلَفي: "أنا أذكُرُ قتل الوزير نظام الملك وكان عمري نحو عشر سنين، قتل سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وقد كُتِبَ عني بأصبهان أول سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وأنا ابن سبع عشرة سنة أو أكثر، أو أقل بقليل، وما في وجهي شعرة، كالبخاري- يعني لَمَّا كتبوا عنه-". ورَدَ السِّلَفي بغداد وله أقل من عشرين سنة, واشتغل بها على الكيا الهراسي، وأخذ اللغةَ عن الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي. سمِعَ الحديث الكثير ورحل في طلبِه إلى الآفاق ثمَّ نزل ثغر الإسكندرية في سنة 511، وبنى له العادل أبو الحسن علي بن السلار وزير الظافر العبيدي مدرسةً، وفوَّضها إليه، وأما أماليه وكتبه وتعاليقه فكثيرة جدًّا، وبقي بالإسكندرية بضعًا وستين سنة, وهو ينشُرُ العلم، ويحَصِّل الكتب التي قلَّ ما اجتمع لعالمٍ مثلُها في الدنيا. ارتحل إليه خلق كثير جدًّا، ولا سيما لما زالت دولة الرَّفض العُبيدية الفاطمية عن مصر، وتملَّكَها عسكر الشام. ارتحل إلى السِّلَفي السُّلطانُ صلاح الدين وإخوته وأمراؤه، فسَمِعوا منه, وله تصانيفُ كثيرة، منها تخريج (الأربعين البلدية) التي لم يُسبَقْ إلى تخريجها، وقلَّ أن يتهيأ ذلك إلا لحافظ عُرِفَ باتساع الرحلة, وله (السفينة الأصبهانية) في جزء ضخم، و(السفينة البغدادية) في جزأين كبيرين، و(مقدمة معالم السنن)، و(الوجيز في المجاز والمجيز)، و(جزء شرط القراءة على الشيوخ)، و(مجلسان في فضل عاشوراء)، وكان يستحسن الشعر، ويَنظِمُه, وكان جيِّدَ الضبط، كثير البحث عما يُشكِلُ عليه. كان أوحد زمانه في علم الحديث، وأعرَفَهم بقوانين الرواية والتحديث، وكان عاليَ الإسناد؛ فقد روى عن الأجداد والأحفاد، وبذلك كان ينفرد عن أبناء جنسه. قال أبو سعد السمعاني: "السِّلَفي: ثقة، ورِع، متقن، متثبت، فَهِم، حافظ، له حظٌّ من العربية، كثير الحديث، حسن الفهم والبصيرة فيه". توفي في الإسكندرية عن عمر تجاوز المائة سنة.

العام الهجري : 716 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1317
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ أبو عبد الله محمد بن الشيخ المفتي زين الدين عمر بن مكي بن عبد الصمد المعروف بابن المرحل وبابن الوكيل شيخِ الشافعية في زمانه، وأشهَرُهم في وقته بكثرة الاشتغالِ والمطالعة والتحصيل والافتنان بالعلوم العديدة، وقد أجاد معرفةَ المذهب والأصلين، ولم يكن بالنحوِ بذاك القويِّ، وكان يقع منه اللَّحنُ الكثير، مع أنه قرأ منه المفَصَّل للزمخشري، وكانت له محفوظاتٌ كثيرة، ولد في شوال سنة 665، وسمِعَ الحديث على المشايخ، من ذلك مسند أحمد على ابن علان، والكتب الستَّة، وكان يتكَلَّم على الحديث بكلام مجموعٍ من علوم كثيرة، من الطبِّ والفلسفة وعلم الكلام، وليس ذلك بعلمٍ، وعلوم الأوائل، وكان يكثر من ذلك، وكان يقول الشعرَ جَيِّدًا، وله ديوانٌ مجموع مشتَمِلٌ على أشياء لطيفة، وكان له أصحابٌ يحسدونه ويحبُّونه، وآخرون يحسدونه ويُبغِضونه، وكانوا يتكَلَّمون فيه بأشياء ويرمونه بالعظائِمِ، وقد كان مسرفًا على نفسِه، قد ألقى جلبابَ الحياءِ فيما يتعاطاه من القاذورات والفواحش، وكان أحَدَ خصومِ شَيخِ اسلام ابن تيمية ينصِبُه العداوة ويناظِرُه في كثير من المحافل والمجالس، وكان يعترف للشيخ تقي الدينِ بالعلوم الباهرةِ ويُثني عليه، ولكِنَّه كان يجاحِفُ عن مذهبه وناحيته وهواه، وينافِحُ عن طائفته، وقد كان شيخُ الإسلام ابن تيمية يثني عليه وعلى علومِه وفضائِلِه ويشهَدُ له بالإسلامِ إذا قيل له عن أفعالِه وأعماله القبيحة، وكان يقول: "كان مخَلِّطًا على نفسِه مُتَّبِعًا مراد الشيطان منه، يميلُ إلى الشهوة والمحاضرة، ولم يكنْ كما يقول فيه بعضُ أصحابه ممن يحسده ويتكَلَّم فيه هذا أو ما هو في معناه، وحين بلغ شيخَ الإسلام ابن تيمية وفاتُه قال: أحسن الله عزاء المسلمين فيك يا صدرَ الدينِ" وقد درَّس بعِدَّة مدارس بمصر والشام، ودرس بدمشق بالشاميتين والعذراوية ودار الحديث الأشرفية، وولي في وقت الخطابة أيامًا يسيرة، ثم قام الخلقُ عليه وأخرجوها من يَدِه، ولم يَرْقَ مِنبَرَها، ثم خالط نائِبَ السلطنة الأفرم فجَرَت له أمور لا يمكِنُ ذِكرُها ولا يحسن من القبائحِ، ثم آل به الحالُ على أن عزم على الانتقالِ مِن دمشق إلى حلب لاستحواذه على قلب نائبِها، فأقام بها ودرَّس، ثم استقر به المنزل بمصر ودرس فيها بمشهد الحسين إلى أن توفي بها بكرة نهار الأربعاء رابع عشرين ذي الحجة بداره قريبا من جامع الحاكم، ودفن من يومه قريبا من الشيخ محمد بن أبي جمرة بتربة القاضي ناظر الجيش بالقرافة، ولما بلغت وفاته دمشق صلي عليه بجامعها صلاة الغائب, ورثاه جماعة منهم ابن غانم علاء الدين، والقجقازي والصفدي، لأنهم كانوا من عشرائه.

العام الهجري : 1257 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1841
تفاصيل الحدث:

حدثت معركةُ بقعاء بين زعماء القصيم وجبل شمر، وملخَّصُها أن غازي ضبيان رئيسُ الدهامشة من عنزة أغار على ابن طوالة من شمر، فأخذ منهم إبلًا وأغنامًا لأهل حائل، فأغار عبد الله بن علي بن رشيد رئيس الجبل على غازي فأخذ منهم إبلًا كثيرةً، فغضب لهم أميرُ بريدة؛ لأن غازيًا من أهل القصيم، فنادى أمير بريدة في حرب ابن رشيد، وكان أهل القصيم قد اتَّفَقوا فيما بينهم لمحاربة كلِّ من يقصدهم بعداوة مهما كانوا، وأجمعوا على حرب ابن رشيد، وكان معهم حلفاءُ وأتباعٌ، فأغاروا على شمر فأخذوا منهم أموالًا كثيرة من الإبل والغنم والأثاث، فأشار يحيى بن سليم أمير عنيزة لعبد العزيز أمير بريدة: دعنا نرجع؛ فهذا العز والنصر كفاية، فأقسم ألَّا يرجِعَ، فتجهز يحيى بن سليم بجنودٍ كثيرة من أهل عنيزة وأتباعهم وتجهَّز عبد العزيز أمير بريدة بأهلِ بريدة وجميـع بلدان القصيم واجتمعوا على موضعِ ماء يسمى (بقعاء) ليقاتِلَ ابن الرشيد في بلده حائل، فساروا إلى الجبل ونزلوا بقعاء المعروفة في جبل شمر، فخرج إليهم أهلها فأمسكوهم عندهم، ونزلت عُربان عنزة على ساعد -الماء المعروف عند بقعاء- فلما علم بذلك عبد الله بن رشيد أمر أخاه عبيد العلي وفرسانًا معه أن يُغيروا على عربان عنزة، فشَنُّوا عليهم الغارة قبل الفجر فحصل قتالٌ عظيم بينهم، مرة يهزِمُهم العربان، ومرة يهزمهم عبيد وأتباعه هذا، ويحيى وعبد العزيز في شوكة أهل القصيم ينتظرون الغارةَ في بقعاء إلى طلوع الشمس، فلما لم يأتهم أحدٌ والقتال راكد على أصحابهم، فزع يحيى بن سليم بالخفيف من الرجالِ وأهل الشجاعة على أرجُلِهم، فلما وصلوا فإذا عبد الله بن رشيد ومعه باقي جنوده قد ورد عليهم مع أخيه عبيد، فانهزم عربان القصيم لا يلتَفِتُ أحد على أحد، وتبعتهم خيول شمر يأخذون من الإبل والأغنام، وتركوا يحيى بن سليم ومن معه في مكانِهم لا ماء معهم ولا رِكابَ، فلما رأى عبد العزيز ومن معه ذلك انهزموا وركبوا ركائبَ يحيى ومن معه وتركوهم، ثم وقع القتال بين يحيى وابن رشيد ثم أُسِرَ في نهايتها يحيى بن سليم وقُتِل. وقد قُتِلَ في هذه المعركة كثيرٌ من رؤساء أهل القصيم ووجهائهم وتجَّارهم، وغَنِمَ فيها ابن رشيد كثيرًا من المال والسلاح.

العام الهجري : 569 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1174
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ العادِلُ، ناصِر أمير المؤمنين، تقيُّ الملوك، ليثُ الإسلام، أبو القاسِم نور الدين محمود بن الأتابك قسيم الدولة أبي سعيد زنكي بن الأمير الكبير آقسنقر التركي، السلطاني، الملكشاهي. ولِيَ جدُّه آقسنقر نيابةَ حَلَب للسلطان ملكشاه بن ألب آرسلان السلجوقي. وُلِدَ نور الدين يوم الأحد سابع عشر شوال سنة 511؛ وكان أسمَرَ اللَّونِ طويلَ القامةِ حَسَنَ الصورة، ليس بوجهِه شَعرٌ سوى ذقنه. كان ملكًا عادلًا، زاهدًا عابدًا وَرِعًا، متمسكًا بالشريعةِ، مائلًا إلى أهل الخير، مجاهدًا في سبيل الله. لما حاصر أبوه قلعةَ جعبر كان نور الدين في خدمته، فلما قُتِلَ أبوه سار نور الدين بعساكرِ الشام إلى مدينة حلب فمَلَكَها. وملك أخوه سيفُ الدين غازي مدينةَ الموصل. قال الذهبي فيه: " كان نور الدين حامِلَ رايتي العدل والجهاد، قلَّ أن ترى العيونُ مِثلَه، حاصر دمشق، ثمَّ تمَلَّكَها، وبَقِيَ بها عشرين سنة. افتتح أولًا حُصونًا كثيرة، منها فامية، والراوندان، وقلعة إلبيرة، وعزاز، وتل باشر، ومرعش، وعين تاب، وهزم البرنس صاحِبَ أنطاكية، وقتله في ثلاثة آلافٍ من الفرنج، وأظهر السُّنَّةَ بحلب، وقمع الرافِضةَ. وبنى المدارسَ بحلب وحمص ودمشق وبعلبك، والجوامع والمساجد، وسُلِّمَت إليه دمشق للغلاء والخوف، فحَصَّنها، ووسَّعَ أسواقها، وأنشأ المارستان ودارَ الحديث، والمدارس، ومساجد عدة، وأبطل المكوسَ مِن دار بطيخ، وسوق الغنم، والكيالة، وضمان النهر والخمر، ثم أخذ من العدوِّ بانياس والمنيطرة، وكسر الفرنجَ مَرَّات، ودَوَّخهم وأذَلَّهم. وكان بطلًا شجاعًا وافِرَ الهيبة، حسَنَ الرَّمي، مليح الشكل، ذا تعبُّد وخوف ووَرَع، وكان يتعرَّضُ للشهادة، سمعه كاتبه أبو اليسر يسأل الله أن يحشُره من بطون السباع وحواصل الطير. وبنى دار العدل، وأنصف الرعيَّةَ، ووقف على الضعفاء والأيتام والمجاورين، وأمر بتكميلِ سور المدينة النبويَّة، واستخراج العين بأُحُدٍ دفَنَها السَّيلُ، وفتح درب الحجاز، وعَمَرَ الخوانق والربُطَ والجسور والخانات بدمشق وغيرها، وكذا فعَلَ إذ ملك حران وسنجار والرَّها والرقة ومنبج وشيزر وحمص وحماة وصرخد وبعلبك وتدمر, ووقف كتبًا كثيرة, وكسر الفرنجَ والأرمن على حارم وكانوا ثلاثين ألفًا، فقل من نجا، وعلى بانياس." جهَّز نور الدين جيشًا لجبا مع نائبه أسد الدين شيركوه، فافتتح مصر، وقهَرَ دولتها الرافضيَّة، وهربت منه الفرنجُ، وقتل شاورَ الذي غدر به وبشيركوه، وصَفَت الديار المصرية لشيركوه نائبِ نور الدين، ثم لصلاح الدين، فأباد العُبَيديين، واستأصلهم، وأقام الدَّعوة العباسية. وكان نور الدين مليحَ الخط، كثيرَ المطالعة، يصلي في جماعةٍ، ويصوم ويتلو ويُسَبِّح، ويتحَرَّى في القوت، ويتجنب الكِبرَ، ويتشبَّه بالعلماء والأخيار. قال أبو الفرج بن الجوزي: "وليَ نور الدين الشامَ سنين، وجاهد الثغور وانتزع من أيدي الكفار نيفًا وخمسين مدينةً وحِصنًا، منها: الرها، وبنى مارستان في الشام أنفق عليه مالًا، وبنى بالموصل جامعًا غرم عليه ستين ألف دينار، وكانت سيرته أصلح من كثير من الولاة، والطرق في أيامه آمنة، والمحامد له كثيرة، وكان يتديَّنُ بطاعة الخلافة، وتَرَك المكوسَ قبل موته، وبعث جنودًا افتتحوا مصر، وكان يميل إلى التواضع ومحبة العلماء وأهل الدين, وأحلفَ الأمراء على طاعة ولده الصالح إسماعيل بعده, وعاهَدَ ملك الإفرنج صاحِبَ طرابلس وقد كان في قبضته أسيرًا على أن يطلقه بثلاثمائة ألف دينار وخمسين ومائة حصان وخمسمائة زردية، ومثلها تراس إفرنجية ومثلها قنطوريات وخمسمائة أسير من المسلمين، وأنه لا يعبر على بلاد الإسلام سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام، وأخذ منه في قبضته على الوفاء بذلك مائةً من أولاد كبراء الإفرنج وبطارقتهم, فإن نكث أراقَ دماءَهم، وعزم على فتح بيت المقدس، فوافته المنية في شوال هذه السنة" وقال الموفق عبد اللطيف: كان نور الدين لم ينشف له لبدٌ من الجهاد، وكان يأكلُ مِن عَمَل يده، ينسخ تارةً، ويعمَلُ أغلافًا تارة، ويلبَسُ الصوف، ويلازم السجادة والمصحَف، وكان حنفيًّا، يراعي مذهبَ الشافعي ومالك, وكان ابنُه الصالح إسماعيل أحسَنَ أهل زمانه." قال ابنُ خَلِّكان: "افتتح من بلاد الفرنجة عدَّة حصون، منها مرعش وبهسنا، وحارم، وأعزاز وبانياس وغير ذلك ما تزيد عدتُه على خمسين حصنًا. ثم سيَّرَ الأمير أسد الدين شيركوه إلى مصر ثلاث دفعات، وملكها السلطان صلاح الدين في الدفعة الثالثة نيابة عنه، وضرب باسمِه السكَّة والخطبة بمصر، وكان زاهدًا عابدًا متمسِّكًا بالشرع، مجاهِدًا كثير البر والأوقاف، له من المناقب ما يستغرق الوصفَ". توفي يوم الأربعاء حادي عشر من شوال، بعِلَّة الخوانيق، وأشار عليه الأطباء بالفصد فامتنع، وكان مهيبًا فما رُوجِعَ, ودُفِنَ بقلعة دمشق, فقد كان يلازم الجلوسَ والمبيت فيها، ثم نُقل منها إلى المدرسة التي أنشأها بدمشق، عند سوق الخواصين، وكانت ولايته ثمانية وعشرين سنة وأشهرًا, وكان لموته وقعٌ عظيم في قلوب الناس، وتأسفوا عليه؛ لأنه كان محسنًا محمود السيرة، ولَمَّا توفي نور الدين قام ابنه الملك الصالح إسماعيل بالمُلك بعده، وكان عمرُه إحدى عشرة سنة، وحلف له الأمراء والمقَدَّمون بدمشق، وأقام بها، وأطاعه الناس بالشام وصلاحُ الدين بمصر، وخُطِبَ له بها، وضرب السكة باسمه، وتولى تربيتَه الأميرُ شمس الدين محمد بن عبد الملك المعروف بابن المقدم، وصار مدبِّرَ دولته؛ فقال له كمال الدين بن الشهرزوري ولِمَن معه من الأمراء: "قد علمتُم أن صلاح الدين صاحِبَ مصر هو من مماليك نورِ الدين ونوَّابه أصحاب نور الدين، والمصلحة أن نشاورَه في الذي نفعله، ولا نُخرِجُه من بيننا فيَخرُج عن طاعتنا، ويجعل ذلك حُجَّة علينا، وهو أقوى منا؛ لأنه قد انفرد اليوم بملك مصر، فلم يوافِقْ هذا القولَ أغراضَهم، وخافوا أن يدخُلَ صلاح الدين ويُخرِجَهم، فلم يمضِ غيرُ قليل حتى وردت كتُبُ صلاح الدين إلى المَلِك الصالح يُعَزِّيه ويهنئه بالمُلك، وأرسل دنانيرَ مِصريَّةً عليها اسمه ويُعَرِّفُه أنَّ الخطبة والطاعة له كما كانت لأبيه".

العام الهجري : 49 العام الميلادي : 669
تفاصيل الحدث:

جَهَّزَ مُعاوِيَةُ بن أبي سُفيان جيشًا عظيمًا بَرًّا وبَحْرًا لِغَزْوِ القُسطنطينيَّة، وكان قائدَ الجيشِ سُفيانُ بن عَوفٍ الأزديُّ، وقاد الأُسْطولَ بُسْرُ بن أَرْطاة, وكان في الجيشِ ابنُ عبَّاسٍ، وابنُ عُمَر، وأبو أَيُّوبَ، وابنُ الزُّبيرِ، والحُسينُ بن عَلِيٍّ رضي الله عنهم، انْضَمُّوا إلى هذه الحَملَةِ مُتَمَثِّلينَ أَمامَ أَعيُنِهم قولَ الرَّسولِ: (لَتُفْتَحَنَّ القُسطنطينيَّةُ فَلَنِعْمَ الأميرُ أَميرُها، وَلَنِعْمَ الجيشُ ذلك الجيشُ). آمِلِينَ أن يَتَحَقَّقَ فيهم قولُ الرَّسولِ، فقد ثبَت عن رسولِ الله: (أوَّلُ جيشٍ يَغْزون مَدينةَ قَيْصَر مَغفورٌ لهم). وقام الجيشُ بحِصارِ القُسطنطينيَّة، وجَرَتْ اشْتِباكاتٌ عَديدة بين الطَّرفين خَسِرَ فيها المسلمون الكَثيرَ، وقد جاءَهُم مَدَدٌ مِن الشَّام بقيادةِ يَزيدَ بن مُعاوِيَة ممَّا قَوَّى أَمرَهُم، وتُوفِّي هناك أبو أيُّوبَ ودُفِنَ عند سُورِها؛ ولكن لم يَتِم فتحُها مع شِدَّةِ الحِصارِ وقُوَّتِه؛ وذلك لِمَنَعَةِ المدينةِ، وقُوَّةِ أَسوارِها، ومَكانِها في البَرِّ والبَحرِ، وأُحْرِقَت كثيرٌ مِن سُفُنِ المسلمين.

العام الهجري : 138 العام الميلادي : 755
تفاصيل الحدث:

كان عبد الرحمن بن معاوية قد انتقل إلى بلاد المغرب؛ فرارًا من عبد الله بن عليِّ بن عبد الله بن عباس، فاجتاز بمن معه من أصحابِه الذين فرُّوا معه بقومٍ يقتتلون على عصبيَّة اليمانية والمُضَرية، فبعث مولاه بدرًا إليهم فاستمالهم إليه، فبايعوه ودخل بهم ففتح بلادَ الأندلس واستحوذ عليها، وانتزعها من يوسف بن عبد الرحمن الفهري آخر ولاة بني أمية في الأندلس، والذي جمع جيشًا فيما بعد، وأعلن العصيانَ وأراد غزو قرطبة، فسار إليه عبد الرحمن وهزمه وقتله، وسكن عبد الرحمن قرطبة، واستمر في خلافتِه في تلك البلاد من هذه السنة إلى سنة 172، وقيل: إنَّه في البداية لم يُعلِن الدَّعوة الأمويَّة، بل قيل: إنه كان يدعو للخليفةِ العباسيِّ. حاول المنصورُ القضاءَ عليه بواسطة العلاء بن مغيث، لكنَّه لم يُفلِح، واستطاع عبد الرحمن أن يقتُلَه، ومِن ثَمَّ ترك عبد الرحمن الدعوة للخليفة العباسي، وسمِّي عبدُ الرحمن هذا بصقر قريش.

العام الهجري : 170 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 786
تفاصيل الحدث:

هو موسى الهادي بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبو محمد وَلِيَ الخلافةَ في محرم سنة تسع وستين ومائة. مات وله من العمُرِ ثلاث وعشرون سنة، ويقال: إنَّه لم يلِ الخلافةَ أحدٌ قبلَه في سِنِّه، وكان حسنًا جميلًا طويلًا، أبيض، وكان قويًّا شَهمًا خبيرًا بالمُلك كريمًا، ومن كلامه: "ما أُصلِحَ الملكُ بمثل تعجيلِ العقوبةِ للجاني، والعفوِ عن الزلَّات، ليقِلَّ الطَّمعُ عن الملك". سار على طريقةِ أبيه المهدي في تتبُّعِ الزنادقة واستئصالهم. واختُلِفَ في سبب وفاته، فقيل: كان سببها قرحةً كانت في جوفه، وقيل: مَرِضَ وهو بحديثة الموصل، وعاد منها مريضًا فتوفِّيَ، وقيل: إنَّ وفاته كانت من قبَل جَوارٍ لأمِّه الخيزُران كانت أمَرَتهنَّ بقتله، وكان سببُ أمرِها بذلك أنَّه لَمَّا وَلِيَ الخلافةَ منعها من أن تتصَرَّف بأي شيءٍ في أمور الخلافةِ أو الشَّفاعات وغيرها, وصلَّى عليه الرشيدُ، ودُفِنَ بعيساباذ الكبرى في بستانِه، فكانت خلافتُه سنة وثلاثة أشهر.

العام الهجري : 225 العام الميلادي : 839
تفاصيل الحدث:

هي ثاني دولة مستقِلَّة تقوم في اليمَنِ ويُنسَبُ اليعفريون إلى الملوك الحِمْيَريين، ويعتبر يعفرُ بن عبد الرحيم المؤسِّسَ الفعليَّ لهذه الدولة، وكان الخليفةُ المعتَمِد قد عيَّنه عاملًا على صنعاءَ قبل أن يستقِلَّ بالسلطة ويؤسِّسَ الدولة، ولكِنَّ الخلافاتِ نَشَبت بين أفراد الأسرة اليعفريَّة، فضَعُف مركزُها لتنتهي لاحقًا وتدخُلَ في طاعة دولة الأئمَّة. في آخِرِ عهدِ المتوكِّلِ ابتدأت الدولةُ اليعفرية بصنعاء، وكان جَدُّهم عبدُ الرحيم بن إبراهيم الحوالي نائبًا عن جعفرِ بنِ سليمان بن علي الهاشميِّ، الذي كان واليًا للمعتَصِم على نجدٍ واليمَنِ وصَنعاءَ وما إليها، ولَمَّا توفي عبد الرحيم قام في الولايةِ مقامَه ابنُه يعفر بن عبد الرحيم، وهو رأس الدولة ومبدأُ استقلالِها إلَّا أنَّه كان يهابُ آلَ زياد ويدفَعُ لهم خَراجًا يُحمَلُ إلى زَبيدٍ، كأنَّه عامِلٌ لهم ونائبٌ عنهم، وكان ابتداءُ استقلالِ يعفر بن عبد الرحيم سنة 247هـ، واستمَرَّ مُلْكُ صنعاءَ في أعقابِه إلى سنة 387هـ

العام الهجري : 251 العام الميلادي : 865
تفاصيل الحدث:

خرج الحسين بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن الأرقط عبدالله بن زين العابدين علي بن الحسين الكوكبي الطالبي بقزوين، فالتقى موسى بن بغا الكبير هو والحسين بن أحمد الكوكبي على فرسخٍ من قزوين، فاقتتلا قتالًا شديدًا، ولَمَّا التَقَوا صَفَّ أصحاب الكوكبي صفوفًا وأقاموا ترسَتَهم في وجوهِهم يتَّقون بذلك سهامَ أصحاب موسى، فلما رأى موسى أن سهامَ أصحابِه لا تصِلُ إليهم مع ما قد فعلوا، أمَرَ بما معه من النِّفطِ أن يُصَبَّ في الأرض التي التقى هو وهم فيها، ثمَّ أمَرَ أصحابَه بالاستطرادِ لهم وإظهارِ هزيمةٍ منهم، فلما فعل أصحابُه ذلك ظنَّ الكوكبي وأصحابُه أنَّهم انهزموا، فتبعوهم فلمَّا علم موسى أنَّ أصحاب الكوكبي قد توسَّطوا النِّفطَ أمرَ بالنار فأُشعِلَت فيه، فأخذت فيه النارُ وخرجت من تحت أصحابِ الكوكبي فجَعَلَت تحرِقُهم وهرب الآخرون، وكانت هزيمةُ القوم عند ذلك ودخول موسى إلى قزوين, وهرب الكوكبيُّ إلى الديلم.

العام الهجري : 416 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1025
تفاصيل الحدث:

هو المَلِك مُشرف الدَّولة أبو عليٍّ بنُ بهاءِ الدَّولة بنِ عَضُدِ الدَّولةِ بنِ بُوَيهِ الديلميُّ الشِّيعيُّ. كان فيه عَدلٌ في الجُملةِ. وكان له العِراقُ في وقتٍ وشيراز وكرمان، ولأخيه سُلطانِ الدَّولةِ صاحِبِ فارِسَ بُخارى ثمَّ اصطلحا. وتمَلَّكَ بعد مُشرف الدَّولة أخوه جلالُ الدَّولة ببغداد. توفِّيَ مُشرف الدَّولة بمرضٍ حادٍّ، وله أربعٌ وعشرون سنة، وكان مُلكُه خَمسَ سِنينَ وخمسة وعشرين يومًا، واستقَرَّ الأمرُ على توليةِ أخيه جلالِ الدَّولة أبي طاهرٍ، فخُطِبَ له على المنابِرِ، وهو بالبصرة. فخُلِعَ على شَرفِ الملك أبي سعدِ بنِ ماكولا وزيره، ولَقَّبَه علم الدين سعد الدَّولة، أمين الملة، شرف الملك، ثمَّ إنَّ الجُندَ عَدَلوا إلى الملك أبي كاليجار بن سلطان الدَّولةِ بنِ بهاء الدَّولة ونوَّهوا باسمه، وكان وليَّ عهدِ أبيه سلطانِ الدَّولة الذي استخلَفَه بهاءُ الدَّولة عليهم، فخُطِبَ لهذا ببغداد، وكوتِبَ جَلالُ الدَّولة بذلك، فأُصعِدَ مِن واسط.

العام الهجري : 441 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1049
تفاصيل الحدث:

هو الحافِظُ أبو عبد الله مُحمَّدُ بنُ عليِّ بنِ عبد الله بن محمد الصوري، أحَدُ علماء الحديثِ؛ طلب الحديثَ بنَفسِه على الكِبَرِ، ورحَلَ في طلبه إلى الآفاق. كان من أعظَمِ أهل الحديث هِمَّةً في الطلب وهو شابٌّ، ثم كان من أقوى النَّاسِ على العمَلِ الصالحِ عزيمةً في حالِ كِبَرِه. كان صوَّامًا يَسرِدُ الصومَ إلَّا يومَيِ العيدينِ وأيام التشريق، وكان مع ذلك حَسَن الخُلُق جميلَ المعاشرة، محبًّا للشِّعرِ، وقد ذهبت إحدى عَينيه، وكان يكتُبُ بالأخرى المجَلَّدَ في جزءٍ. قال أبو الحسن الطيوري: "يقال إنَّ عامَّةَ كُتُبِ الخطيبِ سوى التاريخِ مُستفادةٌ مِن كُتُبِ أبي عبد الله الصوري، لَمَّا مات ترك كتبَه اثني عشر عِدلًا عند أخيه، فأخذ الخطيبُ بعض تلك الكتب فحوَلَّها في كتُبِه", وكان سبَبُ مَوتِه أنَّه افتصد فوَرِمَت يدُه، وقيل إنَّ ريشةَ الفاصد كانت مسمومةً لِغَيره فغَلِطَ ففَصَده بها، فكانت فيها منيَّتُه، فحُمِلَ إلى المارستان فمات به، ودُفِنَ بمقبرة جامع المدينة، وقد نَيَّف على الستين.

العام الهجري : 502 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1108
تفاصيل الحدث:

لما استولى جاولي سقاوو على الموصل وعلى الأموال الكثيرة منها، لم يحمل إلى السلطان منها شيئًا، فلما وصل السلطان إلى بغداد لقصد بلاد سيف الدولة صدقة، أرسل إلى جاولي يستدعيه إليه بالعساكر، وكرر الرسُلَ إليه، فلم يَحضُر، وغالط في الانحدار إليه، وأظهر أنه يخاف أن يجتمِعَ به، ولم يقنع بذلك حتى كاتب صدقة، وأظهر له أنه معه، فلما فرغ السلطان من أمر صدقة وقتله، أرسل مجموعة من أمرائه الكبار على رأسهم مودود بن طغتكين إلى الموصل، وبلاد جاولي، وأخذها منه، فتوجهوا نحو الموصل فوجدوا جاولي عاصيًا قد استعدَّ للحصار وحبَسَ الأعيان وخرج عن البلد ونهب السواد. فطال الحصار على أهلها من خارج، والظلم من داخل إلى آخِرِ المحرَّم، والجند بها يمنعون القربَ من السور. فلما طال الأمر على الناس خرج بعض الحامية من فرجة من السور وأدخلوا منها مودودًا وعساكره، فملكوا البلد, فلما دخله الأمير مودود نودي بالسكون والأمن، وأن يعود الناس إلى دورهم وأملاكهم، ووَلِيَ مودود الموصل وما ينضاف إليها.

العام الهجري : 523 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1129
تفاصيل الحدث:

دخل السلطان محمود إلى بغداد، واجتهد في إرضاء الخليفة عن دبيس بن صدقة، وأن يسلِّمَ إليه بلاد الموصل، فامتنع الخليفةُ من ذلك وأبى أشدَّ الإباء، وقد تأخَّر دبيس عن الدخول إلى بغداد، ثم دخلها وركِبَ بين الناس فلعنوه وشتموه في وجهه، وقَدِم عماد الدين زنكي فبذل للسلطان في كل سنة مائة ألف دينار، وهدايا وتحفًا، والتزم للخليفة بمثلِها على ألَّا يولي دبيسًا شيئًا، وعلى أن يستمر زنكي على عمله بالموصل، فأقرَّه على ذلك وخلع عليه، ورجع إلى عمله فملك حلب وحماة، وفي رمضان جاء دبيس في جيش إلى الحلة فملكها ودخلها في أصحابه، وكانوا ثلاثمائة فارس، ثم إنه شرع في جمع الأموال وأخْذ الغلات من القرى حتى حصَّل نحوًا من خمسمائة ألف دينار، واستخدم قريبًا من عشرة آلاف مقاتل، وتفاقم الحالُ بأمره، وبعث إلى الخليفة يسترضيه فلم يرضَ عليه، وعرض عليه أموالًا فلم يقبلها، وبعث إليه السلطان جيشًا فانهزم إلى البرية، ثم أغار على البصرة فأخذ منها حواصِلَ السلطان والخليفة، ثم دخل البرية فانقطع خبرُه.