الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2032 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 805 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1403
تفاصيل الحدث:

هو السلطان بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن الغازي عثمان بن أرطغرل الملقب بيلدرم -أي الصاعقة- نظرًا لحركته السريعة بجيوشه وتنقُّلِه بين عدة جهات بمنتهى السرعة. كانت ولادته سنة 761 (1360م) وكان هو الابن البكر لمراد الأول، فاتفق أركان الدولة على توليته بعد مقتل والده مراد الأول سنة 791 على يد أحد جرحى الصرب في أعقاب معركة قوصوة. قَتَل أخاه يعقوب الأصغر منه بقليل والمتصف بالشجاعة والإقدام وعلو الهمة، فخاف على المملكة منه من أن يدَّعي الملك ويرتكن على أن الملك انتقل إلى السلطان أورخان بعد وفاة أبيه السلطان عثمان ولم يتولَّ بعده ابنه البكر علاء الدين؛ ولذلك قُتِل باتفاق أمراء الدولة وقواد جيوشها, وقيل: إن قتله كان بناء على فتوى شرعية أفتى بها علماء ذلك الزمان منعًا لحصول الفتنة بناء على قوله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}.  وابتدأ السلطان بايزيد الأول أعماله بأن ولى الأمير أسطفن بن لازار ملك الصرب حاكمًا عليها وتزوج أخته أوليفيرا وأجازه بأن يحكم بلاده على حسب قوانينهم بشرط دفع جزية معينة وتقديم عدد معين من الجنود ينضمون إلى الجيوش الشاهانية وقت الحرب، وفعل ذلك ولم يضم بلاد الصرب إلى أملاكه ويجعلها ولاية كباقي الولايات ليسكن بال الصربيين حتى لا يكونوا شغلًا شاغلًا له؛ نظرًا لحبهم الاستقلال، ولما ساد الأمن في أوروبا قصد بلاد آسيا وفتح مدينة آلاشهر المعروفة عند الإفرنج باسم فيلادلفيا سنة 1391م، وهي آخر مدينة بقيت للروم في آسيا, وتنازل الأمير علاء الدين حاكم بلاد القرمان للسلطان عن جزء عظيم من أملاكه ليؤمِّنَه على الباقي, وبعد هذه الفتوحات التي تم أغلبها بدون حرب عاد السلطان إلى أوروبا وحارب أمانويل باليولوج ملك الروم وحاصره في القسطنطينية وضيق عليها الحصار ثم ترك حولها جيشًا جرارًا وسافر لغزو بلاد الفلاخ، فقهر أميرها وأكرهه على التوقيع على معاهدة يعترف فيها بسيادة الدولة العلية العثمانية على بلاده ويتعهد لها بدفع جزية سنوية، وتم ذلك في سنة 1393م, وفي أثناء اشتغال السلطان بمحاربة الفلاخ أراد علاء الدين أمير القرمان ان يسترد ما تنازل عنه للدولة العلية، فهاجم مدينة أنقره، فلما بلغ خبره السلطان بايزيد قام بنفسه إلى بلاد الأناضول وجدَّ في طلب علاء الدين حتى تقابل الجيشان فهزمه السلطان وأسره هو وولديه محمد وعلي، وضم ما بقي من أملاكه إليه وبذلك انمحت سلطنة القرمان وصارت ولاية عثمانية، ثم فتحت أمارات سيواس وتوقات, وبذا لم يبق من الإمارات التي قامت على أطلال دولة آل سلجوق إلا إمارة قسطموني خارجة عن أملاك الدولة العثمانية، وكان أميرها يسمى بايزيد أيضًا، فسار إليه السلطان بايزيد بنفسه وأغار على بلاده وفتح مدائن ساسون وجانك وعثمانجق، وبذلك انقرضت جميع الإمارات الصغيرة القائمة ببلاد الأناضول، أما بايزيد صاحب قسطموني فلجأ إلى تيمورلنك سلطان المغول يحثه على غزو بايزيد, ومع استمرار الحصار حول القسطنطينية ضم السلطان بلاد البلغار إلى الأملاك العثمانية فصارت ولاية عثمانية كباقي الولايات بعد أن قتل أميرها سيسمان وأسلم ابنه وعين حاكمًا لسمسون سنة 1394م, وقَعَ بايزيد الأول في أسر تيمورلنك بعد معركة أنقرة فبقي في الأسر مهانًا, وقد حاول الفرار أكثر من مرة، لكن الحراسة المشددة أفشلت كل ذلك، فأصبح في ضيق شديد إلى أن توفي في الخامس عشر من شعبان من هذه السنة، وسمح تيمورلنك بنقل جثته لتُدفَن في بورصا، فكانت مدة ملكه قرابة التسع سنين، ويُذكَر أن أولاده محمد وعيسى وسليمان كانوا ممن استطاعوا الفرار من جيش تيمورلنك، أما ابنه موسى فأُسِرَ مع أبيه بايزيد،  وأما مصطفى بن يزيد فقد اختفى فلم يُعرَف له خبر.

العام الهجري : 36 العام الميلادي : 656
تفاصيل الحدث:

لمَّا جاء أصحابُ الجَملِ إلى البَصرَةِ لِتَأليفِ الكَلِمَةِ والتَّوَصُّلِ بذلك إلى إقامةِ الحَدِّ على قَتَلَةِ عُثمانَ وينظروا في جمعِ طَوائفِ المسلمين، وضَمِّ تَشَرُّدِهِم حتَّى لا يَضْطَرِبوا فيَقتَتِلوا، حَرَّضَ مَن كان بها مِن المُتَأَلِّبِين على عُثمانَ النَّاسَ، وقالوا: اخْرُجوا إليهم حتَّى تَروا ما جاءوا إليه. فبعَث عُثمانُ بنُ حَنيفٍ -والي البَصرَةِ مِن قِبَلِ عَلِيِّ بن أبي طالبٍ- حَكيمَ بنَ جَبَلَةَ العَبديَّ -أحدَ قَتَلَةِ عُثمانَ بن عفَّانَ- لِيمنَعَ أصحابَ الجَملِ مِن دُخولِ البَصرَةِ، فلَقِيَهُم في الزَّابوقَةِ –مَوضِع قَريب مِن البَصرَةِ كانت فيه وَقعةُ الجَملِ في دورِها الأوَّلِ- فقام طَلحةُ ثمَّ الزُّبيرُ يَخْطُبانِ في أَنصارِ المُعَسْكَرَيْنِ، فأَيَّدهُما أصحابُ الجَملِ، ورفَضهُما أصحابُ عُثمانَ بن حَنيفٍ، ثمَّ قامت أُمُّ المؤمنين عائشةُ تَخطُب في المُعَسْكَرَيْنِ، فثبَت معها أَصحابُ الجَملِ، وانحازَت إليها فِرقةٌ مِن أَصحابِ عُثمانَ بن حَنيفٍ، وبَقِيَت فِرقةٌ أُخرى مع ابنِ جَبَلَةَ، واخْتَلف الفَريقان وكَثُرَ بينهما اللَّغَطُ، ثمَّ تَراموا بالحِجارَةِ، فقام حَكيمُ بن جَبلةَ بِتَأْجِيجِ الفِتنَةِ والدَّعوةِ إلى القِتالِ، وأخَذ يَسُبُّ أُمَّ المؤمنين عائشةَ، ويَقتُل كُلَّ مَن أَنكَر عليه مِن الرِّجالِ والنِّساءِ، وكان دُعاةُ أصحابِ الجَملِ يَدعون إلى الكَفِّ عن القِتالِ، فلمَّا لم يَسْتَجِبْ حَكيمُ بن جَبلةَ وأنصارُهُ لدَعْوَى الكَفِّ عن القِتالِ كَرَّ عليهم أصحابُ الجَملِ، فقُتِلَ حكيمُ بن جَبلةَ، ثمَّ اصْطَلح أصحابُ الجَملِ مع عُثمانَ بن حَنيفٍ على أن تَكونَ دارُ الإمارَةِ والمسجدُ الجامعُ وبيتُ المالِ في يَدِ ابنِ حَنيفٍ، ويَنزِل أصحابُ الجَملِ في أيِّ مكانٍ يُريدونَهُ مِن البَصرَةِ، وقِيلَ: إنَّ حَكيمَ بن جَبلةَ قُتِلَ بعدَ هذا الصُّلحِ لمَّا أَظهَر المُعارضةَ.

العام الهجري : 71 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 690
تفاصيل الحدث:

لمَّا تَمَكَّنَ عبدُ الملك مِن الشَّام أراد أن يَضُمَّ لها العِراقَ، وقد قِيلَ: إن أَهلَها كاتَبوا عبدَ الملك لِيَسيرَ إليهم، وكانت العِراقُ مع ابنِ الزُّبير وواليها مُصعَبُ أَخوهُ، فسار إليه بِنَفسِه فلمَّا عَلِمَ مُصعبٌ بذلك سار إليه ومعه إبراهيمُ بن الأَشْتَرِ، وكان على المَوصِل والجزيرةِ، فلمَّا حضَر عنده جَعلَه على مُقدِّمَتِه وسار حتَّى نزل باجُمَيرَى، وهي قريبٌ مِن أَوانا، وهي مِن مَسْكِن، فعَسْكَرَ هناك، وسار عبدُ الملك وعلى مُقدِّمتِه أخوه محمَّدُ بن مَرْوان، وخالدُ بن عبدِ الله بن خالدِ بن أُسَيْدٍ، فلمَّا تَدانَى العَسْكرانِ أَرسَل عبدُ الملك إلى مُصعَبٍ رجلًا مِن كَلْبٍ وقال له: أَقْرِئْ ابنَ أُختِك السَّلامَ -وكانت أُمُّ مُصعَبٍ كَلبيَّةً- وقُلْ له يَدَعُ دُعاءَهُ إلى أَخيهِ، وأَدَعُ دُعائي إلى نَفْسي، ويَجْعَل الأمرَ شُورى. فقال له مُصعَبٌ: قُلْ له السَّيفَ بيننا. فقَدَّمَ عبدُ الملك أخاهُ محمَّدًا، وقَدَّمَ مُصعَبٌ إبراهيمَ بن الأشْتَرِ، فالْتَقيا فتَناوَش الفَريقانِ فقُتِلَ صاحِبُ لِواءِ محمَّدٍ، وجعَل مُصعَبٌ يَمُدُّ إبراهيمَ، فأزال محمَّدًا عن مَوقِفِه، فوَجَّهَ عبدُ الملك عبدَ الله بن يَزيدَ إلى أخيهِ محمَّدٍ، فاشْتَدَّ القِتالُ، فقُتِلَ مُسلِم بن عَمرٍو الباهليُّ والدُ قُتيبَة، وهو مِن أصحابِ مُصعَبٍ، وتَقَدَّمَ أهلُ الشَّام فقاتَلهم مُصعَبٌ ثمَّ عرَض عبدُ الملك الأمانَ على مُصعَبٍ فأَبَى وبَقِيَ يُقاتِلُهم، ثمَّ إنَّ كثيرًا خَذلوا مُصعبًا، وقِيلَ: لم يَبْقَ معه سِوى أربعةٍ، وكَثُرَت الجِراحاتُ بمُصْعَب فضَرَبهُ رجلٌ -يُقالُ له: عبيدُ الله بن زيادِ بن ظِبْيان التَّميميُّ- فقَتلَهُ وحمَل رَأسَهُ إلى عبدِ الملك.

العام الهجري : 180 العام الميلادي : 796
تفاصيل الحدث:

خرج حمزةُ بن أترك السجستاني الخارجيُّ في خراسان، فجاء إلى بوشنج، فخرج إليه عَمرَوَيه بن يزيد الأزدي، وكان على هراة، في ستةِ آلاف، فقاتَلَه فهزمه حمزة، وقتَلَ مِن أصحابه جماعةً، ومات عَمرَويه في الزحام، فوجَّه عليُّ بن عيسى- وهو أميرُ خراسان- ابنَه الحُسَينَ في عشرة آلاف، فلم يحارِبْ حمزة، فعَزَله وسَيَّرَ عِوَضَه ابنَه عيسى بن علي، فقاتل حمزة، فهَزَمه حمزةُ، فرَدَّه أبوه إليه أيضًا فقاتله بباخرز، وكان حمزةُ بنيسابور، فانهزم حمزةُ، وبَقِيَ أصحابه، وبقي في أربعينَ رَجُلًا فقَصَد قهستان. وأرسل عيسى أصحابَه إلى أوق وجوين، فقَتَلوا مَن بها من الخوارج، وقصَدَ القرى التي كان أهلُها يُعِينون حمزة، فأحرَقَها وقتَلَ مَن فيها حتى وصل إلى زرنج، فقتَلَ ثلاثين ألفًا ورجَعَ عيسى بن علي، وخلف بزرنج عبد الله بن العباس النسفي، فجبى الأموالَ وسار بها، فلَقِيَه حمزةُ بنُ أترك بأسفزار، فقاتله، فصبَرَ له عبد الله ومن معه من الصغد، فانهزم حمزةُ، وقُتِل كثيرٌ من أصحابه، وجُرِحَ في وجهه، واختفى هو ومن سَلِمَ من أصحابه في الكروم، ثم خرج وسار في القُرى يَقتُل ولا يُبقي على أحدٍ. وكان علي بن عيسى قد استعمَلَ طاهر بن الحسين على بوشنج، فسار إليه حمزةُ، وانتهى إلى مكتبٍ فيه ثلاثون غلامًا فقَتَلهم وقتَلَ مُعَلِّمَهم، وبلغ طاهرًا الخبَرُ، فأتى قريةً فيها قُعَّدُ الخوارجِ- وهم الذين لا يُقاتِلونَ، ولا ديوانَ لهم- فقَتَلهم طاهِرٌ وأخذ أموالَهم، وكان يشُدُّ الرجُلَ منهم في شجرتين، ثم يجمَعُهما ثمَّ يرسِلُهما، فتأخذ كلُّ شَجرةٍ نِصفَه، فكتب القُعَّدُ إلى حمزةَ بالكَفِّ، فكَفَّ وواعَدَهم، وأمِنَ النَّاسُ مدَّةً، وكانت بينه وبين أصحابِ عليِّ بنِ عيسى حروبٌ كثيرةٌ، حتى غُلِبَ وفَرَّ إلى كابل.

العام الهجري : 365 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 976
تفاصيل الحدث:

هو ثابتُ بنُ سِنانِ بنِ ثابتِ بن قُرَّة بن مروان، أبو الحسن الحرَّانيُّ الأصلِ الصَّابئُ، ثم البغدادي الطبيبُ المؤرِّخُ. كان يلحَقُ بأبيه في صناعةِ الطِّبِّ، وجَدُّه هو ثابت بن قرة الصابئ فيلسوفُ عَصرِه, وكان صيرفيًّا، يتوقَّدُ ذَكاءً، فبرع في علمِ الأوائل وصار منجِّمَ المعتَضِد, وكان أخوه إبراهيمُ بنُ سنان من الأذكياءِ البارعين في صناعة الطب. صنف أبو الحسَنِ ثابت بن سنان تاريخًا كبيرًا على الحوادث والوقائع التي تَمَّت في زمانه من سنة 295 بداية عهد المُقتَدِر إلى حين وفاتِه، وقد أحسن فيه، وخدَمَ بالطِّبِّ الراضيَ بالله وجماعةً مِن الخلفاء قبله, وكان أبو الحسن ببغداد في أيَّامِ مُعِزِّ الدولة بنِ بُوَيه طبيبًا عالِمًا نبيلًا، يُقرأُ عليه كُتُب بقراط وجالينوس، وقد سلك مسلَك جَدِّه ثابت بن قرة في نَظَرِه في الطبِّ والفلسفةِ والهندسة وجميع الصناعات الرياضيَّة للقدماء. قال عن نفسه: "أنه كان وولدُه في خدمة الراضي بالله، وأنَّه خدم بصناعةِ الطِّبِّ المتَّقيَ بنَ المقتدر بالله، وخدم أيضًا المستكفيَ بالله والمطيعَ لله, وفي سنة 313 قلَّدَني الوزيرُ الخاقاني البيمارستانَ الذي اتخَذَه ابنُ الفُرات بدرب المفضل "  وكان ثابت بن سنان خالَ هلالِ بنِ المحسن بن إبراهيم الصابئ الكاتِبِ البليغِ, قال الذهبي: "إن ثابت بن قُرَّة إليه المُنتَهى في علوم الأوائل، حَقِّها وباطِلِها. صنَّفَ تصانيفَ كثيرةً, وكان بارعًا في فن الهيئة والهندسة. وله عَقِبٌ ببغداد على دينِ الصابئة. فكان ابنُه إبراهيم بن ثابت رأسًا في الطب، وأمَّا حفيده صاحب التاريخ المشهور ثابت بن سنان فكان أيضًا علَّامة في الطبِّ تَركَنُ النفسُ إلى ما يؤرِّخُه. مات على كُفرِه".

العام الهجري : 368 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 978
تفاصيل الحدث:

اتَّفَقَ أنَّ عَضُدَ الدولة أبا شجاع فناخسرو بن ركن الدولة بن بُويه أخذ بغدادَ مِن ابنِ عَمِّه بختيار بن أحمدَ بنِ بُوَيه، فسار بختيار إلى المَوصِل، واتَّفَق مع أبي تغلِبَ الغضنفر بن ناصر الدولة بن حِمدانَ على قتالِ فناخسرو، فسار إليهم فناخسرو وأوقَعَ بهم، فانهزموا، وأَسَر بختيار وقَتَلَه، وفَرَّ حينئذٍ مِن أولاد بختيار إعزازُ الدولة المرزبان، وأبو كاليجار وعَمَّاه: عُمدةُ الدولة أبو إسحاق، وأبو طاهرٍ مُحمَّد، ابنا مُعِزِّ الدولة أحمدَ بنِ بُوَيه، وساروا إلى دمشق في عسكرٍ، فأكرَمَهم خليفةُ أفتكين، وأنفَقَ فيهم، وحمَلَهم وصَيَّرَهم إلى أفتكين بطبَرِيَّة، فقَوِيَ بهم، وصار في اثني عشر ألفًا، فسار بهم إلى الرملة، ووافى بها طليعةَ العزيز، فحَمَل عليها أفتكين مرارًا، وقتَلَ منها نحوَ مائة رجل، فأقبل عسكرُ العزيز زُهاءَ سبعين ألفًا، فلم يكنْ غيرُ ساعةٍ حتى أحيط بعَسكرِ أفتكين، وأَخَذوا رِجالَه، فصاح الديلمُ الذين كانوا معه: زنهار، زنهار، يريدونَ: الأمان، الأمان. واستأمَنَ إليه أبو إسحاق إبراهيم بن مُعزِّ الدولة، وابنُ أخيه إعزاز الدولة، والمرزبان بن بختيار، وقتل أبو طاهر محمَّدُ بنُ معز الدولة، وأُخِذَ أكثَرُهم أسرى، ولم يكن فيهم كبيرُ قَتلى، وأخذَ أفتكين نحو القدس، فأُخِذَ وجيءَ به إلى حسَّانِ بنِ علي بن مفرج بن دغفل بن الجراح، فشَدَّ عمامتَه في عُنُقِه، وساقَه إلى العزيز، فشُهِرَ في العسكر، وأُسنِيَت الجائزةُ لابن الجرَّاح، وكانت هذه الوقعة لسبعٍ بقين من المحرم سنة 368. فورد كتابُ العزيز إلى مصر بنُصرتِه على أفتكين، وقَتْل عدة من أصحابه وأسْرِه، فقُرِئَ على أهلِ مِصرَ فاستبشروا وفَرِحوا.

العام الهجري : 408 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1017
تفاصيل الحدث:

كان أوَّلَ مَن مَلَك البطيحةَ أو البطائح- تقَعُ بين واسِطَ والبصرةِ- عِمرانُ بنُ شاهينَ، أصلُه من الجامدة (من أعمالِ واسط) مجهولُ النَّسَبِ، سواديُّ المنشأِ، ينتَسِبُ إلى بني سُلَيم, كان عليه دِماءٌ فهَرَب إلى البطيحة, واحتمى بالآجامِ, يتصَيَّدُ السَّمَك والطَّيرَ, فرافقه صيَّادون, ثمَّ التَفَّ عليه لصوصٌ, ثمَّ استفحَلَ أمرُه, وكَثُرَ جَمعُه, فأنشأ معاقِلَ وتمَكَّنَ مِن البطيحة, فحارَبَه مُعِزُّ الدَّولة ثمَّ ابنُه عِزُّ الدَّولة غيرَ مَرَّة, ولم يظفروا به، وعجَزَ وُزَراءُ وقُوَّادُ بغداد عن إزالتِه عنها إلى أن مات على فراشِه سنة 369, وامتَدَّت دولتُه بعده أربعينَ سَنةً، حيث تعاقَبَ أولادُه بَعدَه على حُكمِ البطيحةِ، وفي هذه السَّنَةِ توُفِّيَ مُهَذَّب الدَّولة أبو الحَسَن عليُّ بنُ نصر آخِرُ حُكَّام دولة البطيحة، ثمَّ إنَّ ابنَ أخت مُهَذَّب الدَّولة، وهو أبو محمَّد عبدُ اللهِ بنُ يني، استدعى الديلمَ والأتراكَ، ورَغَّبَهم ووعَدَهم، واستحلَفَهم لنَفسِه، واتَّفَق معهم على تنحيةِ ولَدِ مُهَذَّب الدَّولة فقاموا بأخْذِه وحَبْسِه عند أبي محمَّدٍ، وولي الأمرَ أبو مُحمَّد، وتسَلَّمَ الأموالَ والبَلَد، وأمَرَ بضَربِ أبي الحُسَينِ بنِ مُهَذَّب الدَّولة، فضُرِبَ ضربًا شديدًا توفِّيَ منه بعدَ ثلاثةِ أيَّامٍ مِن موتِ أبيه، وبَقِيَ أبو محمَّد أميرًا إلى مُنتَصَف شعبان، وتوفِّيَ بالذبحة، فكان مُلكُه أقلَّ مِن ثلاثةِ أشهُرٍ، فلمَّا توفِّيَ اتَّفَق جماعةٌ على تأميرِ أبي عبدِ اللهِ الحُسَينِ بنِ بكرٍ الشرابي، وكان من خواصِّ مُهَذَّبِ الدَّولة، فصار أميرَ البطيحة، وبَذَل للمَلِكِ سُلطانِ الدَّولةِ بُذولًا، فأقَرَّه عليها, فآلت تلك البِلادُ بعد ذلك إلى سُلطانِ الدَّولةِ صاحِبِ بغداد.

العام الهجري : 457 العام الميلادي : 1064
تفاصيل الحدث:

كانت حَرْبٌ بين الناصرِ بن علناس بن حمَّادٍ ومَن معه مِن رِجالِ المَغارِبَةِ مِن صنهاجة ومِن زناتة ومِن العَربِ: عَدِيّ والأَثبَج، وبين رِياحٍ، وزُغْبَة، وسُلَيم، ومع هؤلاء المُعِزُّ بن زيري الزناتي، على مَدينةِ سَبتَة، ولمَّا رَحلَ المُعِزُّ من القيروان وصبرة إلى المَهدِيَّة تَمكَّنَت العَربُ، ونَهبَت النَّاسَ، وخَرَّبَت البِلادَ، فانتَقلَ كَثيرٌ مِن أَهلِها إلى بِلادِ بني حمَّاد لِكَونِها جِبالًا وَعْرَةً يُمكِن الامتِناعُ بها من العَربِ، فعُمِّرَت بِلادُهم، وكَثُرَت أَموالُهم، وفي نُفوسِهم الضَّغائِنُ والحُقودُ مِن باديس، ومَن بَعدَه مِن أَولادِهم، يَرِثُه صَغيرٌ عن كَبيرٍ، ووَلِيَ تَميمُ بنُ المُعِزِّ بعدَ أَبيهِ، فاستَبدَّ كلُّ مَن هو ببَلدٍ وقَلعةٍ بمَكانِه، وتَميمٌ صابرٌ يُدارِي ويَتَجَلَّد، واتَّصلَ بتَميمٍ أن الناصرَ بنَ علناس يَقَعُ فيه في مَجلسِه ويَذُمُّهُ، وأنَّه عَزَمَ على المَسيرِ إليه لِيُحاصِرَهُ بالمَهديَّة. وأنَّه قد حالَفَ بعضَ صنهاجة، وزناتة، وبني هلال؛ لِيُعينُوهُ على حِصارِ المَهديَّة. فلمَّا صَحَّ ذلك عنده أَرسلَ إلى أُمراءِ بني رِياحٍ، فحينئذٍ رَحلَت رِياحٌ وزناتة جَميعُها، وسار إليهم الناصرُ بصنهاجة، وزناتة، وبني هلال، فالتَقَت العَساكرُ بمَدينةِ سَبْتَة، فحَمَلَت رِياحٌ على بني هِلالٍ، وحَمَلَ ابنُ المُعِزِّ على زناتة، فانهَزَمت الطائفتانِ، وتَبِعَهُم عَساكرُ الناصرِ مُنهزِمينَ، ووَقعَ فيهم القَتْلُ، فقُتِلَ فيمَن قُتِلَ القاسمُ بن علناس، أخو الناصرِ في نَفَرٍ يَسيرٍ، وغَنِمَت العَرَبُ جَميعَ ما كان في العَسكرِ مِن مالٍ وسِلاحٍ ودَوابٍّ وغيرِ ذلك، فاقتَسموها على ما استَقرَّ بينهم، وبهذهِ الوَقعَةِ تَمَّ للعَربِ مُلْكُ البِلادِ، وأَرسَلوا الأَلوِيَةَ والطُّبولَ وخِيَمَ النَّاصرِ بِدَوابِّها إلى تَميمٍ، فرَدَّها وقال: يَقْبُحُ بي أن آخُذَ سَلَبَ ابنِ عَمِّي! فأَرْضَى العَربَ بذلك.

العام الهجري : 473 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1081
تفاصيل الحدث:

هو أبو الحَسنِ عليُّ بن محمدِ بن عليٍّ المُلقَّب بالصليحيِّ، كان أَبوهُ قاضِيًا باليَمنِ سُنِّيًّا، أمَّا الصليحيُّ فتَعلَّم العِلمَ وبَرعَ في أَشياءَ كَثيرةٍ من العُلومِ، وكان شِيعِيًّا على مَذهبِ القَرامِطَةِ، ثم كان يَدُلُّ بالحَجِيجِ مُدَّةَ خمس عشرة سَنَةً، استَحوذَ على بلادِ اليمنِ بكمالها بكاملها في أَقصرِ مُدَّةٍ، واستَوثقَ له المُلْكُ بها سَنةَ خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وخَطبَ للمُستَنصِر العُبيديِّ صاحبِ مصر، وقد حَجَّ في سَنةِ 473هـ، واستَخلفَ مَكانَه وَلدَه المَلِكَ المُكرَّمَ أحمدَ. فلمَّا نَزلَ بظاهرِ المهجم وَثَبَ عليه جَيَّاشُ بن نَجاحٍ وأَخوهُ سَعيدٌ فقَتَلاهُ بأَبيهِما نَجاحٍ الذي سَمَّهُ الصُّليحيُّ بواسطةِ جاريةٍ كان قد أَهداهُ إيَّاها لهذا الغَرضِ، فانذَعرَ الناسُ، وكان الأَخَوانِ قد خَرَجا في سبعين راجِلًا بلا مَركوبٍ ولا سِلاحٍ بل مع كلِّ واحدٍ جَريدةٌ - سَعَفةٌ طويَلة تُقَشَّر من خُوصِها- في رَأسِها مِسمارُ حَديدٍ، وساروا نحوَ السَّاحلِ. وسَمِعَ بهم الصُّليحيُّ فسَيَّرَ خمسةَ آلافِ حَربةٍ مِن الحَبشَةِ الذين في رِكابِه لِقِتالِهم فاختَلَفوا في الطريقِ. ووَصلَ السبعون إلى طَرفِ مُخيَّمِ الصُّليحيِّ، وقد أَخذَ منهم التَّعَبُ والحَفَا، فظَنَّ الناسُ أنَّهم مِن جُملةِ عَبيدِ العَسكرِ، فتَمَكَّنا من قَتلِه وقَطْعِ رَأسِه, ثم أَرسلَ ابنُ نَجاحٍ إلى الخَمسةِ الآفٍ فقال: إنَّ الصُّليحيَّ قد قُتِلَ، وأنا رَجلٌ منكم، وقد أَخذتُ بثَأرِ أبي، فقَدِموا عليه وأَطاعُوهُ. فقَاتلَ بهم عَسكرَ الصُّليحيِّ، فاستَظهرَ عليهم قَتْلًا وأَسْرًا، ورَفعَ رَأسَ الصُّليحيِّ على رُمحٍ، وقَرأَ القارئُ: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممَّن تشاء} ورَجعَ ابنُ نَجاحٍ فمَلَكَ زبيد، وتهامة.

العام الهجري : 530 العام الميلادي : 1135
تفاصيل الحدث:

وقَعَت الفِتنةُ بدمشقَ بين صاحِبِها شِهابِ الدِّينِ محمود بن تاج الملوك بوري والجند. وسبَبُ ذلك أنَّ الحاجِبَ يوسف بن فيروز كان أكبَرَ حاجِبٍ عند أبي شِهابِ الدين وجَدِّه، ثمَّ إنَّه خاف أخاه شمسَ الملوك، وهرب ابنُ فيروز منه إلى تدمُر، فلمَّا كانت هذه السَّنةُ سأل أن يَحضُرَ إلى دمشق، وكان يخاف جماعةَ المماليك؛ لأنَّه كان أساء إليهم وعامَلَهم أقبَحَ مُعاملةٍ، فلما طلبَ الآن الحضورَ إلى دمشق أُجيبَ إلى ذلك، فأنكر جماعةُ الأمراء والمماليكِ قُربَه وخافوه أن يفعَلَ بهم مثلَ فِعلِه الأوَّلِ، فلم يزَل ابنُ فيروز يتوصَّلُ معهم حتى حلَف لهم واستحلَفَهم وشَرَط على نفسِه أنَّه لا يتولى من الأمورِ شَيئًا، ثمَّ إنَّه جعل يُدخِلُ نَفسَه في كثيرٍ مِن الأمور، فاتَّفَق أعداؤه على قَتلِه، فبينما هو يسيرُ مع شمس الملوك في الميدانِ وإلى جانِبِه أميرٌ اسمه بزاوش يحادِثُه، إذ ضرَبَه بزاوش بالسَّيفِ فقَتَله، فحُمِلَ ودُفِنَ عند تربة والده بالعقيبة، ثمَّ إنَّ بزاوش والمماليك خافوا شمسَ الملوك، فلم يدخُلوا البلد، ونزلوا بظاهِرِه، وأرسلوا يَطلُبونَ قواعِدَ استطالوا فيها، فأجابهم إلى البَعضِ، فلم يَقبَلوا منه، ثمَّ ساروا إلى بعلبك، وبها شمسُ الدولة محمد بن تاج الملوك صاحِبُها، فصاروا معه، فالتحق بهم كثيرٌ مِن التُّركمان وغيرِهم، وشَرَعوا في العَبَث والفَسادِ، واقتَضَت الحالُ مُراسَلتَهم وملاطَفتَهم وإجابتَهم إلى ما طلبوا، واستقَرَّت الحالُ على ذلك، وحَلَف كُلٌّ منهم لصاحبه. فعادوا إلى ظاهِرِ دمشق ليدخُلوا البلد، وخرج شهابُ الدين صاحِبُ دمشق إليهم، واجتمَعَ بهم وتجَدَّدَت الأيمانُ، وصار بزاوش مُقَدَّم العسكَرِ وإليه الحَلُّ والعَقدُ، وذلك في شعبان، وزال الخُلفُ، ودخلوا البلدَ.

العام الهجري : 578 العام الميلادي : 1182
تفاصيل الحدث:

كان أوَّل الغورية هو محمد بن الحسين قد صاهر بهرام شاه بن مسعود صاحِبَ عزنة من آل سبكتكين، ثم قتله بهرام شاه خشيةً من غدره، وقد جاءه يظهِرُ الطاعة ويُبطِنُ الغدر، فولى بعده ملكَ الغورية أخوه سورى وسار إلى غزنة في طلب ثأرِ أخيه وقاتَلَ بهرام شاه فظفر به وقتله أيضًا. ثم ملك أخوهما علاء الدين الحسين بن الحسين، وسار إلى غزنة، فانهزم عنها بهرام شاه، فاستوى عليها علاء الدين الحسين وأقام بغزنة أخاه سيف الدين شاه، ورجعَ إلى الغور، فكاتب أهل غزنة بهرام شاه فقاتَلَ سيف الدين الغوري فظَفِرَ بسيف الدين فقتَله وملك بهرام شاه غزنة، ثم توفِّي بهرام شاه. وملك ابنُه خسرو شاه وتجهَّز علاء الدين ملك الغورية إلى غزنةَ فمَلَكَها شهاب الدين سنة تسع وسبعين وخمسمائة بعد حصار، وأمنَ خسرو شاه فحضر فأكرمه، وبلغ غياث الدين ذلك فطلب من شهاب الدين إنفاذَ خسرو شاه إليه فأمَرَه شهاب الدين  بالتوجُّه إليه، فقال خسرو شاه: أنا ما أعرف أخاك فطَيَّبَ خاطره وأرسله، وأرسل ابن خسرو شاه أيضًا معه مع عسكر يحفظونهما فرفعهما غياثُ الدين إلى بعض القلاع ولم يرهما، فكان آخِرَ العهد بهما, وخسرو شاه بن بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين هو آخر ملوك آل سبكتكين، ابتداءُ دولتهم سنة 366، وملكوا مائتي سنة وثلاث عشرة سنة تقريبًا، فانقراض دولتهم سنة 578، وكانوا من أحسن الملوك سيرةً.

العام الهجري : 593 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1197
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ سَيفُ الإسلام أبو الفوارِسِ طغتكين بن أيوب بن شاذي بن مروان المنعوتُ بالملك العزيز ظهير الدين، صاحِب اليمن بزبيد، أخو صلاح الدين الأيوبي، لَمَّا ملك صلاحُ الدين الدِّيارَ المصريَّةَ سَيَّرَ أخاه شمسَ الدولة توران شاه إلى بلادِ اليمن، فمَلَكَها واستولى على كثيرٍ مِن بلادها، ورجع عنها، ثمَّ سَيَّرَ السلطان إليها بعد ذلك أخاه سيفَ الإسلام، وذلك في سنة 577, وكان رجلًا شجاعًا شديدَ السيرة، مُضَيِّقًا على رعيَّتِه، يشتري أموالَ التجار لنفسه ويبيعُها كيف شاء، وأراد مِلكَ مَكَّةَ، فأرسل الخليفةُ الناصر لدين الله إلى أخيه صلاح الدين في المعنى، فمَنَعَه من ذلك، وجمعَ مِن الأموال ما لا يحصى، حتى إنَّه مِن كثرته كان يَسبِكُ الذهب ويجعلُه كالطاحون ويدَّخِرُه، لما قدم للديارِ المصرية وسلطانها يومئذٍ ابنُ أخيه  الملك العزيز عماد الدين عثمان بن السلطان صلاح الدين، ألزمه أربابُ ديوان الزكاة بدَفعِ الزكاة من المتاجِرِ التي وصلت بصُحبتِه، حارب الزيدية في اليمن، وبعد أعوامٍ أخَذَ صنعاء, وكانت دولتُه أربع عشرة سنة، ولَمَّا توفي مَلَكَ اليَمنَ بعده ابنُه المعز إسماعيل، وكان أهوج كثير التخليط، بحيث إنَّه ادَّعى أنه قُرَشيٌّ من بني أمية، وخَطَب لنفسه بالخلافة، وتلقَّبَ بالهادي، فلمَّا سَمِعَ عمُّه الملك العادل ذلك ساءه وأهمَّه، وكتب إليه يلومُه ويوبِّخُه، ويأمُرُه بالعود إلى نسَبِه الصحيح، وبتَرْك ما ارتكبه ممَّا يُضحِكُ الناس منه، فلم يلتَفِت إليه ولم يرجِعْ، وبقي كذلك، وحارب رأسَ الزيديَّة وهزمه، وأنشأ بزبيد مدرسة، ولَمَّا أساء السيرة مع أجناده وأمرائه، وثَبَوا عليه فقتلوه، وملَّكوا عليهم بعده أميرًا من مماليك أبيه.

العام الهجري : 601 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1205
تفاصيل الحدث:

مَلَك غياثُ الدين كيخسرو بن قلج أرسلان بلادَ الرومِ التي كانت بيد أخيه رُكن الدين سليمان وانتَقَلَت بعد موته إلى ابنه قلج أرسلان بن ركن الدين، وكان سبَبُ مِلك غياث الدين لها أنَّ ركنَ الدين كان قد أخذ ما كان لأخيه غياث الدين، وهي مدينةُ قونية، فهَرَب غياث الدين منه، وقَصَد الشامَ إلى المَلِك الظاهر غازي بن صلاح الدين، صاحب حلب، فلم يجد عنده قبولًا، وقصر به، فسار مِن عنده، وتقَلَّب في البلاد إلى أن وصل إلى القُسطنطينيَّة، فأحسن إليه مَلِكُ الروم وأقطَعَه وأكرَمَه، فأقام عنده، وتزوجَ بابنةِ بعض البطارقة الكبارِ، فأقام عنده، فلما مات أخوه ركن الدين سليمان سنة ستمائة، اجتمع الأمراءُ على ولده قلج، وخالَفَهم الأتراك الأوج، وهم كثيرٌ بتلك البلاد، وأنِفَ مِن اتباعهم، أرسل قلج إلى عَمِّه غياث الدين كيخسرو يستدعيه إليه ليُمَلِّكَه البلاد، فسار إليه، فوصَلَ في جمادى الأولى، واجتمع به، وكَثُرَ جَمعُه، وقصد مدينة قونيَّة ليَحصُرَها، وكان قلج والعساكرُ بها، فأخرجوا إليه طائفةً من العسكر، فلَقُوه فهزموه، فبَقِيَ حيران لا يدري أين يتوجَّهُ، فقصد بلدةً صغيرة يقالُ لها أوكرم بالقُربِ من قونية، فقَدَّرَ الله تعالى أن أهل مدينة أقصر وثبوا على الوالي فأخرجوه منها ونادَوا بشعار غياثِ الدين، فلَمَّا سَمِعَ أهل قونية بما فعله أهل أقصر قالوا: نحن أولى مَن فعل هذا؛ لأنَّه كان حَسَنَ السيرة فيهم لَمَّا كان مالكهم، فنادوا باسمِه أيضًا، وأخرجوا مَن عِندَهم، واستدعوه، فحضَرَ عندهم، ومَلَك المدينةَ وقبض على ابن أخيه ومَن معه.

العام الهجري : 631 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1234
تفاصيل الحدث:

كَمُل بناء المدرسة المستنصرية ببغداد ولم يُبنَ مدرسةٌ قبلَها مِثلُها، ووقفت على المذاهب الأربعة من كل طائفة اثنان وستون فقيهًا، وأربعة معيدين، ومدرس لكل مذهب، وشيخ حديث وقارئان وعشرة مستمعين، وشيخ طب، وعشرة من المسلمين يشتغلون بعلم الطب، ومكتب للأيتام، وقدر للجميع من الخبز واللحم والحلوى والنفقة، ما فيه كفاية وافرة لكل واحد، ولما كان يوم الخميس خامس رجب حضرت الدروس بها وحضر الخليفة المستنصر بالله بنفسه الكريمة وأهل دولته من الأمراء والوزراء والقضاة والفُقَهاء والصوفية والشعراء، ولم يتخلَّفْ أحد من هؤلاء، وعمل سماط عظيم بها أكل منه الحاضرون، وحُمِلَ منه إلى سائر دروب بغداد من بيوتات الخواصِّ والعوام، وخلع على جميع المدرسين بها والحاضرين فيها، وعلى جميعِ الدولة والفقهاء والمعيدين، وكان يومًا مشهودًا، وأنشدت الشعراء الخليفةَ المدائح الرائقة والقصائد الفائقة، وقد ذكَرَ ذلك ابن الساعي في تاريخه مطولًا مبسوطًا شافيًا كافيًا، وقرَّر لتدريس الشافعية بها الإمام محيي الدين أبو عبد الله بن فضلان، وللحنفية الإمام العلامة رشيد الدين أبو حفص عمر بن محمد الفرغاني، وللحنابلة الإمام العالم محيي الدين يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي، ودرَّسَ عنه يومئذ ابنُه عبد الرحمن نيابة لغيبته في بعض الرسالات إلى الملوك، ودرس للمالكية يومئذ الشيخ الصالح العالم أبو الحسن المغربي المالكي نيابة أيضًا، حتى يعيَّنَ شَيخٌ غيره، ووُقِفَت خزائنُ كتب لم يُسمَعْ بمثلها في كثرتِها وحسن نسخها وجودة الكتب الموقوفة بها، وكان المتوليَ لعمارة هذه المدرسة مؤيد الدين أبو طالب محمد بن العلقمي الذي وزر بعد ذلك، وقد كان إذَّاك أستاذ دار الخلافة.

العام الهجري : 664 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1266
تفاصيل الحدث:

سار الملك المنصور صاحب حماة ومن معه، إلى حصن دير بساك ودخلوا الدربند، وقد بنى التكفور هيتوم بن قسطنطين بن باساك ملك الأرمن على رؤوس الجبال أبراجًا وهو الذي تزهَّد فيما بعد، وترك المُلكَ لولده ليفون فاستعد ووقف في عسكره، فعندما التقى الفريقان أُسِرَ ليفون بن ملك سيس، وقُتِلَ أخوه وعمه، وانهزم عمه الآخر، وقتل ابنه الآخر، وتمزق الباقي من الملوك, وكانوا اثني عشر ملكًا وقُتِلَت أبطالهم وجنودهم، وركب العسكر أقفيتهم وهو يقتل ويأسر ويحرق، وأخذ العسكر قلعة حصينة للداوية، فقُتِلَت الرجال وسُبِيت النساءُ وفُرِّقَت على العسكر وحُرِقت القلعة بما فيها من الحواصل، ودخلوا سيس فأخربوها وجعلوا عاليها سافلها، وأقاموا أيامًا يحرقون ويقتلون ويأسرون، وسار الأمير أوغان إلى جهة الروم، والأمير قلاوون إلى المصيصة وأذنة وأياس وطرسوس، فقتلوا وأسروا وهَدَموا عِدَّةَ قلاع وحرقوا، هذا وصاحب حماة مقيم بسيس، ثم عادوا إليه وقد اجتمع معهم من الغنائم ما لا يعد ولا يحصى، وذلك أن أهل سيس كانوا أضرَّ شيء على المسلمين زمن التتار، لما أخذوا مدينة حلب وغيرها أسروا من نساء المسلمين وأطفالهم خلقًا كثيرًا، ثم كانوا بعد ذلك يغيرون على بلاد المسلمين في زمن هولاكو، فكبته الله وأهانه على يدي أنصار الإسلام، هو وأميره كتبغا، وكان أخذ سيس يوم الثلاثاء العشرين من ذي القعدة من هذه السنة، وطلب صاحب سيس أن يفادي ولده، فقال السلطان لا نفاديه إلا بأسير لنا عند التتار يقال له سنقر الأشقر، فذهب صاحب سيس إلى ملك التتار فتذلل له وتمسكن وخضع له، حتى أطلقه له، فلما وصل سنقر الأشقر إلى السلطان أطلق ابن صاحب سيس.