الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2999 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 96 العام الميلادي : 714
تفاصيل الحدث:

كان الوَليدُ بن عبدِ الملك قد بَدَأَ بِتَأْسِيس البِناء للمَسجِد الأُمَوي في 87هـ إلى أن اكْتَمَل بِناؤُه في هذه السَّنَة, وكان أَصْلُ مَوضِع هذا الجامِع قَديمًا مَعْبَدًا بَنَتْهُ اليُونان الكُلْدَانِيُّون الذين كانوا يُعَمِّرون دِمَشْق، وهُم الذين وَضَعوها وعَمَّروها أوَّلًا، فَهُم أوَّلُ مَن بَناها، وقد كانوا يَعبدون الكَواكِب السَّبعَة المُتَمَيِّزَة، ثمَّ إنَّ النَّصارَى حَوَّلوا بِناءَ هذا المَعْبَد الذي هو بِدِمَشق مُعَظَّمًا عند اليُونان فجَعَلوه كَنيسَةَ يُوحَنَّا، وكان المسلمون والنَّصارَى يَدخُلون هذا المَعْبَد مِن بابٍ واحِد، وهو باب المَعْبَد الأَعلى مِن جِهَة القِبْلَة، مَكانَ المِحْراب الكَبير الذي في المَقْصورَة اليومَ، فيَنْصَرِف النَّصارَى إلى جِهَة الغَربِ إلى كَنيسَتِهم، ويَأخُذ المسلمون يَمْنَةً إلى مَسجِدِهم، ولا يَستَطيع النَّصارَى أن يَجْهَروا بِقِراءَة كِتابِهِم، ولا يَضْرِبوا بِناقُوسِهِم، إِجلالًا للصَّحابَة ومَهابَةً وخَوْفًا، ثمَّ قام الوَليدُ بِتَوسيعِها آخِذًا القِسْمَ النَّصراني وحَوَّلَه إلى مَسجِد كما هو معروف اليوم، وأَنْفَق في ذلك الأَموالَ الكَثيرَة جِدًّا، واسْتَعمَل العُمَّال والبَنَّائِين المَهَرَة, والمَقصود أنَّ الجامِع الأُمَوي لمَّا كَمُلَ بِناؤُه لم يكُن على وَجْهِ الأَرضِ بِناءٌ أَحْسَن منه، ولا أَبْهَى ولا أَجْمَل منه، بحيث إنَّه إذا نَظَر النَّاظِرُ إليه أو إلى جِهَةٍ منه أو إلى بُقْعَةٍ أو مَكانٍ منه تَحَيَّر فيها نَظَرُهُ لِحُسْنِه وجَمالِه، ولا يَمَلُّ نَاظِرُهُ؛ بل كُلمَّا أَدْمَنَ النَّظَرَ بانَت له أُعْجوبَة ليست كالأُخرَى.

العام الهجري : 504 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1110
تفاصيل الحدث:

احتلَّ الفرنج مدينة صيدا من ساحل الشام. وسبب ذلك أنه وصل في البحر إلى الشام ستون مركبًا للفرنج مشحونة بالرجال والذخائر مع بعض ملوكهم؛ ليحُجَّ بيت المقدس، وليغزو –بزعمه- المسلمين؛ فاجتمع بهم بغدوين ملك القدس، وتقررت القاعدة بينهم أن يقصِدوا بلاد الإسلام، فرحلوا من القدس ونزلوا مدينة صيدا ثالث ربيع الآخر من هذه السنة، وضايقوها برًّا وبحرًا، وكان الأسطول المصري مقيمًا على صور، فلم يقدِرْ على إنجاد صيدا، فعمل الفرنج برجًا من الخشب وأحكموه وجعلوا عليه ما يمنع النارَ عنه والحجارة، وزحفوا به، فلما عاين أهل صيدا ذلك ضَعُفت نفوسهم، وأشفقوا أن يُصيبَهم مثل ما أصاب أهل بيروت، فأرسلوا قاضيَها ومعه جماعة من شيوخها إلى الفرنج، وطلبوا من ملكهم الأمان فأمَّنَهم على أنفسهم وأموالهم والعسكر الذي عندهم، ومن أراد المقام بها عندهم أمَّنوه، ومن أراد المسيرَ عنهم لم يمنعوه، وحلف لهم على ذلك، فخرج الوالي وجماعة كثيرة من أعيان أهل البلد في العشرين من جمادى الأولى إلى دمشق، وأقام بالبلد خلق كثير تحت الأمان، وكانت مدة الحصار سبعة وأربعين يومًا، ورحل بغدوين عنها إلى القدس، ثم عاد إلى صيدا بعد مدة يسيرة، فقرر على المسلمين الذين أقاموا بها عشرين ألف دينار، فأفقرهم واستغرق أموالَهم.

العام الهجري : 706 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1306
تفاصيل الحدث:

وَفَدَ لدمشق رجلٌ من بلاد التتار يقال له الشيخُ براق الرومي- كان في الأصل مريدًا لبعض الشيوخِ في البلاد الروميَّة- في تاسع جمادى الأولى، ومعه جماعةٌ من الفقراء نحو المائة لهم هيئةٌ عجيبةٌ، وعلى رؤوسِهم كلاوت لباد مقصَّصة بعمائِمَ فوقها، وفيها قرونٌ من لباد شبه قرون الجاموس فيها أجراسٌ، ولِحاهم مُحَلَّقة دون شواربهم خلافًا للسنَّة، ولُبسُهم لبابيدُ بيضاء، وقد تَقَلَّدوا بحبالٍ منظومة بكعاب البقر، وكلٌّ منهم مكسور الثنية العُليا، وشيخُهم من أبناء الأربعين سنة، وفيه إقدامٌ وجرأة وقوَّةُ نفس وله صولة، ومعه طبلخاناه- فرقة الطبول والأبواق- تدق له نوبة، وله محتَسِبٌ على جماعته يؤدِّبُ كُلَّ من ترك شيئًا من سُنَّتِه بضرب عشرينَ عصًا تحت رجلَيه، وهو ومن معه ملازِمونَ التعبُّدَ والصلاة، وأنه قيل له عن زِيِّه، فقال: أردتُ أن أكونَ مَسخرةَ الفُقراءِ، وذكر أن غازان لما بلغه خَبَرُه استدعاه وألقى عليه سَبُعًا ضاريًا، فزجره فهرب منه السَّبُع، فجَلَّ في عين غازان ونثر عليه عشرة آلاف دينار، وطلب دخولَ مصرَ لكِنَّه مُنِعَ من ذلك، فسار إلى القدسِ، ثم رجع إلى بلاده لأنَّه لم يلقَ قَبولًا في دمشق، وبراق هذا أصلُه من الروم.

العام الهجري : 789 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1387
تفاصيل الحدث:

أرسل السلطانُ الظاهر برقوق من يستجلي أخبارَ تيمورلنك، فجاءت الأخبار وورد البريد بأنَّ تيمورلنك كبس قرا محمد وكَسَره، ففَرَّ منه في نحو مائتي فارس، ونزل قريب ملطية، ونزل تيمورلنك على آمد، فاستدعى السلطانُ القضاة والفقهاء والأمراء وتحدث في أخذ الأوقافِ من الأراضي الخراجيَّة، فكَثُر النِّزاعُ، وآل الأمر إلى أنه يأخُذُ مُتحَصَّل الأوقاف لسنةٍ، ورسم السلطانُ بتجهيز أربعة من الأمراء الألوف، وهم الأميرُ ألطنبغا المعلم أمير سلاح، والأمير قردم الحسني، والأمير يونس الدوادار، والأمير سودن باق، وسبعة من أمراء الطبلخاناه، وخمسة من أمراء العشرات، فتجهزوا وعُيِّنَ معهم من أجناد الحلقة ثلاثمائة فارس، وخرجوا من القاهرة في أول رجب، فساروا إلى حلب، وبها يومئذٍ في نيابة السلطنة سودن المظفري، وقَدِمَ الخبَرُ بوقعة بين قرا محمد وولد تيمورلنك انكسَرَ فيها ابن تيمورلنك، وفي تاسع عشر رجب رُسِمَ للقاضي جمال الدين محمود محتَسِبِ القاهرة بطلبِ التجَّار وأرباب الأموال، وأخْذِ زكَوات أموالهم، وأن يتولى قاضي القضاة الحنفية شمس الدين محمد الطرابلسي تحليفَهم على ما يدَّعونَ أنَّه مِلكُهم، فعُمِلَ ذلك يومًا واحدًا، ثم رد عليهم ما أُخِذَ منهم وبَطَل، فإنَّ الخبَرَ ورد برجوع تيمورلنك إلى بلادِه.

العام الهجري : 1307 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1890
تفاصيل الحدث:

هو الوزيرُ المؤرِّخُ خير الدين باشا التونسي، مِن رجال الإصلاحِ السياسيِّ الإسلامي، وهو شركسيُّ الأصل من القوقازي، ولِدَ سنة 1225هـ، قَدِمَ إلى تونس صغيرًا، وقضى بها مُعظَمَ حَياتِه، اتَّصَل بصاحبِها (الباي أحمد) وأثرى وتعلَّم بعض اللغات وتقلَّد مناصِبَ عديدةً عالية آخِرُها منصب رئيسِ الوزراء، وبسَعيِه أُعلِنَ دستور المملكة التونسية سنة 1284 هـ - 1867م، ولكنَّه ظَلَّ حِبرًا على ورق. وفي سنة1294 هـ - 1877م قام بعدة إصلاحاتٍ، وقاوم الحُكمَ الاستبداديَّ، وعَمِلَ على إقامة العدل، وساهم في وضعِ قوانين مجلس الشورى الذي أصبح رئيسًا له سنة 1861م، وأمام ازديادِ فسادِ الوضع السياسي في البلاد نتيجةَ سوءِ تصَرُّف المسؤولين وسَرِقاتهم قدَّم خير الدين استقالتَه من جميع وظائفِه سنة 1862، واستغرقت فترةُ انقطاعه سبع سنوات، انعزل فيها في بستانِه يتأمَّلُ ويكتب، ثم خرج إلى الأستانة وتقَرَّب من السلطان عبد الحميد العثماني، فولاه الصدارةَ العظمى سنة 1295 هـ فحاول إصلاحَ الأمورِ، فأعياه، فاستقال سنة 1296هـ ونُصِب (عضوًا) في مجلس الأعيان، فاستمَرَّ إلى أن توفي بالأستانة. له كتابٌ في سياسة الإصلاحِ مَعروفٌ باسم "أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك".

العام الهجري : 218 العام الميلادي : 833
تفاصيل الحدث:

هو بِشرُ بنُ غِياثِ بنِ أبي كريمةَ العَدَويُّ، مولاهم، البغداديُّ، المِرِّيسيُّ.  شيخُ المعتزلة، وأحدُ من أضَلَّ المأمونَ،  كان والِدُ بِشرٍ يهوديًّا، وصنَّف بِشرٌ كِتابًا في التَّوحيدِ، وكِتابَ (الإرجاء)، وكِتابَ (الرَّدُّ على الخوارجِ)، وكِتاب (الاستطاعة)، و(الرَّدُّ على الرَّافضةِ في الإمامةِ)، وكِتاب (كُفرُ المُشَبِّهة)، وكِتاب (المعرفة)، وكِتابُ (الوعيد)  .نظَر في الفقهِ أوَّلَ أمرِه فأخذ عن القاضي أبي يوسُفَ، وروى عن حمَّادِ بنِ سَلَمةَ، وسُفيانَ بنِ عُيَينةَ. ثُمَّ نظر في عِلمِ الكلامِ، فغلب عليه، ودعا إلى القولِ بخلقِ القرآنِ، حتى كان عينَ الجَهْميَّةِ في عصرِه وعالِمَهم، فمقَتَه أهلُ العلمِ، وكفَّره عِدَّةٌ منهم، ولم يُدرِكْ جَهْمَ بنَ صَفوانَ، بل تلقَّف مقالاتِه من أتباعِه  . ومات بِشرٌ سنةَ 218هـ.وقد وقَف العُلَماءُ منه موقفًا شديدًا، ونُقِل عن كثيرٍ تكفيرُه، ومنهم: سفيانُ بنُ عُيَينةَ، وعبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ، وعبَّادُ بنُ العوَّامِ، وعليُّ بنُ عاصمٍ، ويحيى بنُ سعيدٍ، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ مَهديٍّ، ووكيعٌ، وأبو النَّضرِ هاشِمُ بنُ القاسِمِ، وشبابةُ بنُ سوارٍ، والأسودُ بنُ عامرٍ، ويزيدُ بنُ هارونَ، وبِشرُ بنُ الوليدِ، ويوسُفُ بنُ الطَّبَّاعِ، وسُليمانُ بنُ حسَّانَ الشَّاميُّ، ومُحمَّدٌ ويَعلَى ابنا عُبَيدٍ الطَّنافسيَّانِ، وعبدُ الرَّزَّاقِ بنُ همَّامٍ، وأبو قتادةَ الحرَّانيُّ، وعبدُ الملِكِ بنُ عبدِ العزيزِ الماجِشونُ، ومُحمَّدُ بنُ يوسُفَ الفِريابيُّ، وأبو نُعَيمٍ الفضلُ بنُ دُكَينٍ، وعبدُ اللهِ بنُ مَسلَمةَ القَعْنبيُّ، وبِشرُ بنُ الحارثِ، ومُحمَّدُ بنُ مُصعَبٍ الزَّاهِدُ، وأبو البَختريِّ وَهبُ بنُ وَهبٍ السَّوائيُّ المدنيُّ قاضي بغدادَ، ويحيى بنُ يحيى النَّيسابوريُّ، وعبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيرِ الحُمَيديُّ، وعليُّ بنُ المدينيِّ، وعبدُ السَّلامِ بنُ صالحٍ الهَرَويُّ، والحَسَنُ بنُ عليٍّ الحلوانيُّ  .وسبَبُ هذا الموقِفِ الشديدِ تجاهَه أنَّ الأصولَ والمناهِجَ التي سلكها المِرِّيسيُّ أصولٌ ومناهِجُ كُفريَّةٌ تقومُ على التلبيسِ والخِداعِ اللَّفظيِّ، وذلك أنَّه قد توسَّع في بابِ التأويلاتِ وصَرفِ النُّصوصِ، وخاض فيها أكثَرَ ممَّن سبقه من الجَهْميَّةِ، فآراؤه ومقالاتُه تمثِّلُ المرحلةَ الثَّالثةَ من مراحلِ الجَهْميَّةِ وأطوارِها بَعدَ الجَعْدِ والجَهْمِ؛ لأنَّ المِرِّيسيَّ نهَج نهجًا أكثَرَ تلبيسًا وتمويهًا وخُبثًا من أسلافِه، حيث كان منهَجُ الجَعْدِ والجَهْمِ يصادِمُ النُّصوصَ بعُنفٍ، أمَّا المِرِّيسيُّ فقد سلك مسلَكَ التأويلِ، وعَرَض مَذهَبَ الجَهْميَّةِ بأسلوبٍ ماكرٍ، ولديه شيءٌ من العِلمِ والفقهِ، يُلبِّسُ به على النَّاسِ. ومن وُجوهِ خُطورةِ فِكرِه أنَّ توسُّعَه في بابِ التأويلاتِ صار نهجًا لكثيرٍ من المُتكلِّمين بَعدَه، كابنِ فُورَك، والبغداديِّ، والشَّهْرَستانيِّ، والجُوَينيِّ، والرَّازيِّ، والماتُريديِّ، وأتباعِهم من متأخِّري الأشاعِرةِ والماتُريديَّةِ.

العام الهجري : 544 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1149
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ العَلَّامة الحافِظُ الأوحَدُ، شَيخُ الإسلامِ القاضي أبو الفَضلِ عِياضُ بنُ موسى بنِ عِياضِ بنِ عَمرِو بنِ موسى بن عياض بن محمد بن موسى بن عِياض اليحصبي الأندلسي، ثمَّ السبتي، المالكيُّ، قاضي سبتة. أحدُ مشايخ العُلَماءِ المالكيَّة، أصلُه من الأندلُسِ انتَقَلَ جَدُّه عَمرٌو مِن الأندلُسِ إلى مدينة فاس، ثمَّ مِن فاس إلى سبتة, ووُلِدَ القاضي عياض بسبتة في النِّصفِ مِن شعبان سنة 476, لم يَحمِل القاضي العِلمَ في الحداثة، وأوَّلُ شَيءٍ أخذه عن الحافِظِ أبي علي الغساني إجازةً مُجَرَّدة، وكان يُمكِنُه السَّماعُ منه. بدأ بطلب العلمِ في الثانية والعشرين مِن عُمُرِه, ثمَّ رحل إلى الأندلس سنة 503، فاستبحَرَ مِن العُلومِ، وجمَعَ وألَّف، وسارت بتصانيفِه الرُّكبانُ، واشتُهِرَ اسمُه في الآفاقِ، حتى أصبح إمامَ وَقتِه في الحديثِ وعُلومِه، والفِقهِ واللُّغةِ والأدَبِ، وأيَّامِ الناس، وله مُصَنَّفات كثيرةٌ مُفيدةٌ شاهِدةٌ على إمامتِه، منها: الشَّفا بتعريف حقوق المصطفى، وشَرحُ مُسلِم، ومشارِقُ الأنوار، وشَرحُ حديث أم زرع، وغير ذلك، وله شِعرٌ حَسَنٌ. قال خلف بن بشكوال تلميذُه: "هو مِن أهلِ العِلمِ والتفَنُّنِ والذَّكاءِ والفَهمِ، استُقضِيَ بسبتةَ مُدَّةً طويلةً، حُمِدَت سِيرتُه فيها، ثمَّ نُقِلَ عنها إلى قضاءِ غِرناطة سنة 532، فلم يُطَوِّلْ بها، وقَدِمَ علينا قُرطُبةَ، فأخَذْنا عنه". قال الفقيهُ محمد بن حماده السبتي: "جلس القاضي للمُناظرة وله نحوٌ مِن ثمان وعشرين سنة، ووَلِيَ القضاءَ وله خمس وثلاثون سنة، كان هيِّنًا مِن غَيرِ ضَعفٍ، صُلبًا في الحَقِّ، تفَقَّه على أبي عبدِ الله التميمي، وصَحِبَ أبا إسحاق بن جعفر الفقيه، ولم يكُنْ أحَدٌ بسبتة في عَصرِه أكثَرَ تواليفَ مِن تواليفِه" ذكره الذهبي بقوله: "تواليفُه نَفيسةٌ، وأجَلُّها وأشرَفُها كِتابُ (الشَّفا) لولا ما قد حشاه بالأحاديثِ المُفتَعَلةِ عَمَلَ إمامٍ لا نَقْدَ له في فَنِّ الحديثِ ولا ذَوْقَ، واللهُ يُثيبُه على حُسنِ قَصْدِه، وينفَعُ بـ (شِفائِه) وقد فَعَل، وكذا فيه من التأويلاتِ البَعيدةِ ألوانًا، ونبيُّنا صَلَواتُ الله عليه وسلامُه غَنِيٌّ بمِدحةِ التَّنزيلِ عن الأحاديثِ، وبما تواتَرَ مِن الأخبارِ عن الآحادِ، وبالآحادِ النَّظيفةِ الأسانيدِ عن الواهياتِ، فلماذا يا قومِ نتشَبَّعُ بالموضوعاتِ؟ فيتطَرَّق إلينا مقالُ ذَوي الغِلِّ والحَسَدِ، ولكِنْ مَن لا يعلَمُ مَعذورٌ، فعليك يا أخي بكتاب (دلائل النبوة) للبَيهقيِّ؛ فإنَّه شِفاءٌ لِما في الصُّدور، وهُدًى ونُور" مات بمراكش يومَ الجُمُعةِ في جمادى الآخرةِ، وقيل في رمضانَ، بمدينة سبتة, ودُفِنَ بباب إيلان داخِلَ المَدينةِ.

العام الهجري : 20 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 641
تفاصيل الحدث:

كما أصاب الشَّامَ طاعونُ عَمْواس فقد أُصِيبَتْ الحِجازُ بقَحْطٍ شديدٍ جِدًّا وجَفافٍ عامٍّ، وسُمِّيَ ذلك اليومُ بعامِ الرَّمادَةِ، حتَّى طلَب عُمَرُ الغَوْثَ مِن مِصْرَ ومِن الشَّامِ، فأرسل له عامِلَاهُ عليها المَؤونَةَ التي خَفَّفَتْ عن النَّاسِ.

العام الهجري : 210 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 825
تفاصيل الحدث:

كان إبراهيمُ المهديُّ قد خرج على المأمونِ وبايعه أهلُ بغداد إلَّا أنَّ الأمرَ لم يدُمْ في يدِه طويلًا، حتى انفَضَّ عنه الناسُ وتركوه، فاختفى مدةَ سِتِّ سنين وشهور، ثم ظَفِرَ به المأمون, فاستعطفه إبراهيمُ فعفا عنه وترَكَه.

العام الهجري : 422 العام الميلادي : 1030
تفاصيل الحدث:

كان المُعتَدُّ بالله أبو بكر هِشامُ بنُ مُحمَّدِ بنِ عبدِ المَلِك بن عبد الرحمن النَّاصر الأمويُّ أميرَ قُرطُبةَ، لكنَّه لم يَقُمْ بها إلا يسيرًا حتى قامت عليه طائفةٌ مِن الجُندِ فخُلِعَ، وجَرَت أمورٌ مِن جُملتِها إخراجُ المُعتَدِّ بالله مِن قَصرِه هو وحشَمُه والنِّساءُ حاسراتٍ عن أوجُهِهنَّ حافيةً أقدامُهنَّ إلى أن أُدخِلوا الجامِعَ الأعظَمَ على هيئةِ السَّبايا، فأقاموا هنالك أيامًا يُتعَطَّفُ عليهم بالطَّعامِ والشَّرابِ إلى أن أُخرِجوا عن قُرطُبةَ، ولَحِقَ هِشامٌ ومَن معه بالثُّغورِ بعد اعتقاله بقُرطُبةَ، فلم يزَلْ يجولُ في الثغور إلى أن لَحِقَ بابن هود المتغَلِّب على مدينة لاردة وسرقسطة وأفراغة وطرطوشة وما والى تلك الجهاتِ، فأقام عنده هشامٌ إلى أن مات في سنة 427 ولا عَقِبَ له، فهِشامٌ هذا آخِرُ مُلوكِ بني أميَّة بالأندلُسِ، وبخَلْعِه انقطَعَت الدَّعوةُ لبني أميَّةَ وذِكرُهم على المنابِرِ بجَميعِ أقطارِ الأندلس، ولَمَّا انقَطَعَت دعوةُ بني أمية استولى على تدبيرِ مُلكِ قُرطُبةَ أبو الحزم جهورُ بنُ مُحمَّدِ بنِ جهور وهو قديمُ الرِّياسةِ شَريفُ البيتِ، كان آباؤه وزراءَ الدَّولةِ الحَكَميَّة والعامريَّة، فلمَّا خلا له الجوُّ وأصفَرَ الفِناءُ وأقفَرَ النادي من الرُّؤساءِ وأمكَنَتْه الفرصةُ؛ وثَبَ عليها فتولى أمْرَها واضطلَعَ بحِمايتِها، ولم ينتَقِلْ إلى رتبةِ الإمارةِ ظاهرًا بل دَبَّرَها تدبيرًا لم يُسبَقْ إليه؛ وذلك أنَّه جعَلَ نَفسَه مُمسِكًا للمَوضِعِ إلى أن يجيءَ مَن يتَّفِقُ النَّاسُ على إمارتِه فيُسَلِّم إليه ذلك، ورتَّبَ البوَّابينَ والحَشَم على تلك القُصورِ على ما كانت عليه أيامَ الدَّولةِ، ولم يتحَوَّلْ عن دارِه إليها، وجعَلَ ما يرتَفِعُ مِن الأموالِ السُّلطانيَّةِ بأيدي رجالٍ رَتَّبَهم لذلك، وهو المُشرِفُ عليهم، وصَيَّرَ أهلَ الأسواقِ جُندًا له وجَعَلَ أرزاقَهم رُؤوسَ أموالٍ تكونُ بأيديهم مُحصاةً عليهم، يأخذونَ رِبحَها، ورُؤوسُ الأموالِ باقيةٌ مَحفوظةٌ يُؤخَذونَ بها ويُراعَونَ في كُلِّ وَقتٍ كيف حِفظُهم لها، وفَرَّقَ السِّلاحَ عليهم واستمَرَّ أمْرُه على ذلك إلى أن مات في غُرَّةِ صَفَر سَنةَ 435، ثم ولِيَ ما كان يتولَّى مِن أمر قُرطُبةَ بَعدَه ابنُه أبو الوليدِ مُحَمَّدُ بنُ جهور فجرى في السياسةِ وحُسنِ التدبيرِ على سَنَنِ أبيه غيرَ مُخِلٍّ بشيءٍ مِن ذلك إلى أن مات أبو الوليدِ في شوَّال من سنة 443.

العام الهجري : 127 العام الميلادي : 744
تفاصيل الحدث:

كان سَببُ ذلك أنَّه لمَّا قَدِمَ الأندَلُس أَميرًا أَظهَر العَصبِيَّة لليَمانِيَّة على المُضَرِيَّة، فاتَّفَق في بعضِ الأيَّام أنَّه اختَصَم رَجلٌ مِن كِنانَة ورَجلٌ مِن غَسَّان، فاسْتَعان الكِنانيُّ بالصُّمَيلِ بن حاتِم بن ذي الجَوْشَن الضَّبابي، فكلَّم فيه أبا الخطَّار، فاسْتَغلَظ له أبو الخطَّار، فأجابه الصُّمَيل، فأُمِرَ به فأُقِيمَ وضُرِب قَفاهُ، فمالَت عِمامتُه، فلمَّا خرَج قِيلَ له: نَرَى عِمامَتك مالَت! فقال: إن كان لي قومٌ فسَيُقِيمُونَها. وكان الصُّمَيْلُ مِن أَشرافِ مُضَر، فلمَّا جَرى له ذلك جَمَعَ قَومَه وأَعلمَهم، فقالوا له: نحن تَبَعٌ لك. قال: أُريدُ أن أُخرِجَ أبا الخَطَّار مِن الأندَلُس. فقال له بعضُ أَصحابِه: افْعَل واسْتَعِن بمَن شِئتَ ولا تَسْتَعِن بأبي عَطاء القَيسي. وكان مِن أَشرافِ قَيس، وكان يَنظُر الصُّميلَ في الرِّياسَة ويَحسُده. وقال له غيرُه: الرَّأيُ أنَّك تأتي أبا عَطاء وتَشُدُّ أَمرَك به فإنَّه تُحرِّكُه الحَمِيَّة ويَنصُرك، وإن تَركتَه مال إلى أبي الخَطَّار وأَعانَه عليك لِيَبلُغ فيك ما يُريد، والرَّأيُ أيضًا أن تَستَعِينَ عليه بأَهلِ اليَمن فَضلًا عن مَعْد. ففَعَل ذلك وسار مِن لَيلتِه إلى أبي عَطاء، وكان يَسكُن مَدينَة إسْتِجَة، فعَظَّمَه أبو عَطاء وسَألَه عن سَببِ قُدومِه، فأَعلمَه، حتَّى قام فرَكِبَ فَرسَه ولَبِسَ سِلاحَه وقال له: انهَض الآنَ حيث شِئتَ فأنا معك. وأَمَر أَهلَه وأَصحابَه باتِّباعِه، فساروا إلى مَرْو، وبها ثَوابَة بن سَلامَة الحُداني، وكان مُطاعًا في قَومِه، وكان أبو الخطَّار قد استَعمَله على إشبيلية وغيرها، ثمَّ عَزلَه ففَسَد عليه، فدَعاهُ الصُّمَيل إلى نَصرِه ووَعَدَهُ أنَّه إذا أخرجوا أبا الخطَّار صار أَميرًا، فأجاب إلى نَصرِه ودَعا قَومَه فأجابوه فساروا إلى شدونة، وسار إليهم أبو الخطَّار مِن قُرطُبة، فالتقوا واقْتَتَلوا في رَجب مِن هذه السَّنَة، وصَبَر الفَريقان ثمَّ وَقَعت الهزيمةُ على أبي الخطَّار وقُتِلَ أَصحابُه أَشدَّ قَتْلٍ وأُسِرَ أبو الخطَّار. ولمَّا انهَزَم أبو الخطَّار سار ثَوابةُ بن سَلامَة والصُّمَيل إلى قُرطُبة فمَلكاها، واسْتَقَرَّ ثَوابةُ في الإمارة فثارَ به عبدُ الرحمن بن حَسَّان الكلبي وأَخرَج أبا الخطَّار مِن السِّجْن، فاسْتَجاش اليَمانِيَّة فاجْتَمَع له خَلْقٌ كثيرٌ، وأَقبلَ بهم إلى قُرطُبة، وخَرَج إليه ثَوابةُ فيمَن معه مِن اليَمانِيَّة والمُضَريَّة مع الصُّمَيل. فلمَّا تَقاتَل الطَّائفتان نادى رَجلٌ مِن مُضَر: يا مَعشرَ اليَمانِيَّة، ما بالُكُم تَتَعرضون للحَربِ على أبي الخطَّار وقد جعلنا الأَميرَ منكم؟ يعني ثَوابَة، فإنَّه مِن اليَمَن... فلمَّا سَمِع النَّاسُ كَلامَه قالا: صَدَق والله، الأَميرُ مِنَّا فما بالُنا نُقاتِل قَومَنا؟ فتَركوا القِتالَ وافتَرقَ النَّاسُ، فهرَب أبو الخطَّار فلَحِقَ باجة، ورَجَع ثَوابةُ إلى قُرطُبة، فسُمِّيَ ذلك العَسكَر عَسكَر العافِيَة.

العام الهجري : 546 العام الميلادي : 1151
تفاصيل الحدث:

جمعَ نُورُ الدِّينِ مَحمود بن زنكي عَسكَرَه وسار إلى بلادِ جوسلين الفرنجي، وهي شَماليَّ حَلَب منها تل باشر، وعين تاب، وإعزاز وغيرها، وعَزَمَ على مُحاصَرتِها وأخْذِها، وكان جوسلين فارِسَ الفِرنجِ غَيرَ مُدافَعٍ، قد جمع الشَّجاعةِ والرَّأيَ، فلَمَّا عَلِمَ بذلك جَمَعَ الفِرنجَ فأكثَرَ، وسار نحوَ نور الدين فالتَقَوا واقتتلوا، فانهزم المُسلِمونَ وقُتِلَ منهم وأُسِرَ جمعٌ كثيرٌ، وكان في جُملةِ مَن أُسِرَ سلاحُ دار نور الدين محمود، فأخذه جوسلين، ومَعَه سلاحُ نور الدين، فسَيَّرَه إلى الملك مسعود بن قلج أرسلان، صاحِبِ قونية، وأقصرا، وقال له: هذا سِلاحُ زَوجِ ابنَتِك، وسيأتيك بعده ما هو أعظَمُ منه، فلمَّا عَلِمَ نور الدين محمود الحالَ، عَظُمَ عليه ذلك، وأعمَلَ الحيلةَ على جوسلين، وهَجَرَ الراحةَ ليأخُذَ بثَأرِه، وأحضَرَ جَماعةً مِن أمراء التركمان، وبذَلَ لهم الرَّغائِبَ إن هم ظَفِروا بجوسلين وسَلَّموه إليه إمَّا قتيلًا أو أسيرًا؛ لأنَّه عَلِمَ أنَّه متى قَصَدَه بنفسه احتمى بجُموعِه وحُصونِه، فجعل التُّركمانُ عليه العُيونَ، فخرج مُتصَيِّدًا، فلَحِقَت به طائفةٌ منهم وظَفِروا به فأخذوه أسيرًا، فصانَعَهم على مالٍ يُؤدِّيه إليهم، فأجابوه إلى إطلاقِه إذا حضَرَ المالُ، فأرسل في إحضارِه، فمضى بعضُهم إلى أبي بكر بن الداية، نائِبِ نورِ الدين بحَلَب، فأعلَمَه الحالَ، فسَيَّرَ عَسكرًا معه، فكَبَسوا أولئك التُّركمانَ وجوسلين معهم، فأخذوه أسيرًا وأحضَروه عنده، وكان أسْرُه من أعظَمِ الفُتوحِ؛ لأنَّه كان شَيطانًا عاتيًا، شديدًا على المُسلِمينَ، قاسيَ القَلبِ، وأُصيبَت النصرانيَّةُ كافَّةً بأسْرِه، ولَمَّا أُسِرَ سار نور الدين إلى قلاعِه فمَلَكَها، وهي تل باشر، وعين تاب، وإعزاز، وتل خالد، وقورس، والراوندان، وبرج الرصاص، وحصن البارة، وكفرسود، وكفرلاثا، ودلوك، ومرعش، ونهر الجوز، وغير ذلك من أعمالِه، في مُدَّةٍ يسيرةٍ، وكان نورُ الدين كلَّما فتح منها حِصنًا نقل إليه مِن كُلِّ ما تحتاجُ إليه الحُصونُ؛ خَوفًا من نَكسةٍ تَلحَقُ بالمُسلِمينَ من الفِرنجِ، فتكون بلادُهم غيرَ مُحتاجةٍ إلى ما يَمنَعُها من العَدُوِّ.

العام الهجري : 614 العام الميلادي : 1217
تفاصيل الحدث:

وصلت أمداد الفرنج في البحر من روميَّة الكبرى وغيرها من بلاد الفرنج في الغرب والشمال، إلَّا أن المتولي لها كان صاحب رومية؛ لأنَّه يتنزل عند الفرنج بمنزلة عظيمةٍ، لا يرون مخالفةَ أمره ولا العُدولَ عن حُكِمهِ فيما سَرَّهم وساءهم، فجهَّز العساكرَ مِن عنده مع جماعةٍ مِن مقَدَّمي الفرنج، وأمَرَ غيرَه من ملوكِ الفرنج إمَّا أن يسير بنفسِه، أو يرسِلَ جيشًا، ففعلوا ما أمَرَهم، فاجتمعوا بعكَّا من ساحل الشام، وكان الملك العادلُ أبو بكر بن أيوب بمصر، فسار منها إلى الشامِ، فوصل إلى الرملة، ومنها إلى لد، وبرز الفرنج من عكَّا ليقصدوه، فسار العادلُ نحوَهم، فوصل إلى نابلس عازمًا على أن يسبِقَهم إلى أطراف البلاد ممَّا يلي عكا ليحميَها منهم، فساروا هم فسَبَقوه، فنزل على بيسان من الأردن، فتقدَّم الفرنجُ إليه في شعبان عازمينَ على محاربته؛ لعلمهم أنَّه في قلة من العسكر، لأنَّ العساكِرَ كانت متفرقةً في البلاد، فلمَّا رأى العادلُ قُربَهم منه لم يرَ أن يلقاهم في الطائفةِ التي معه، خوفًا من هزيمة تكونُ عليه، وكان حازمًا كثير الحذر، ففارق بيسان نحو دمشق ليُقيمَ بالقرب منها، ويرسِلَ إلى البلاد ويجمعَ العساكر، فوصل إلى مرج الصفر فنزل فيه، فأخذ الفرنجُ كلَّ ما في بيسان من ذخائِرَ قد جُمِعَت، وكانت كثيرةً، وغنموا شيئًا كثيرًا، ونَهَبوا البلاد من بيسان إلى بانياس، وبثوا السرايا في القرى فوصلت إلى خسفين، ونوى وأطراف البلاد، ونازلوا بانياس، وأقاموا عليها ثلاثة أيام، ثم عادوا عنها إلى مرج عكا، ومعهم من الغنائم والسبي والأسرى ما لا يحصى كثرةً، سوى ما قتلوا وأحرقوا وأهلكوا، فأقاموا أيامًا استراحوا خلالها، ثم جاؤوا إلى صور، وقَصَدوا بلد الشقيف، ونزلوا بينهم وبين بانياس مقدار فرسخين، فنهبوا البلاد: صيدا والشقيف، وعادوا إلى عكا، وكان هذا من نصف رمضان إلى العيد، والذي سَلِمَ من تلك البلاد كان متخفيًا حتى قَدَر على النجاة، ولما نزل العادِلُ على مرج الصفر سيَّرَ ولده الملك المعظم عيسى، وهو صاحِبُ دمشق في قطعةٍ صالحة من الجيش إلى نابلس ليمنَعَ الفرنجَ عن بيت المقدس.

العام الهجري : 795 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1393
تفاصيل الحدث:

هو منطاش الأشرفي نسبةً إلى الأشرف شعبان بن حسين، كان اسمُه تمربغا، ويقال له أخو تمربيه، وكانت لتمربيه منزلةٌ من الأشرف، وتنقل منطاش إلى أنْ ولاه الظاهر برقوق نيابةَ السلطنة بملطية في سنة 788 فجمع كثيرًا من التركمان وأظهر العِصيانَ وانضوى إليه كثيرٌ مِن الأشرفيَّة الذين شَرَّدَهم برقوق لَمَّا تسَلْطَنَ في البلادِ، فلما بلغ الظاهِرَ ذلك جهَّزَ إليه عسكَرَ حلب مع أربعة أمراء من مقَدَّمي الألوف بالقاهرة، فانضوى منطاش إلى برهان الدين صاحب سيواس فحوصر، ثم آل الأمر إلى رجوع العسكر وقد فر منطاش، واتفق أنَّ الناصريَّ عصى على برقوق وكاتبَ نواب البلاد، فوافقوه فراسَلَ منطاش فجمع من أطاعَه، وحضر إلى حلب وذلك سنة 91 فجهَّزَه الناصري إلى حماة فمَلَكَها إلى أن قَدِمَ الناصري بالعسكر، فتوجهوا إلى القاهرة واستولى الناصريُّ على المملكة وأعاد السلطان حاجي، واستقر منطاش أميرًا كبيرًا، ثم استولى منطاش على المملكة، فطاش وكان أهوجَ كثيرَ العطايا، كما قيل نهابًا وهَّابًا، فاعتقل الناصِرَ والجوباني وغيرَهما بالإسكندرية، وفي غضون ذلك بعد دخول سنة 92 بلغه أن الظاهرَ برقوق خلَصَ مِن سجن الكرك وانضَمَّ إليه جماعة، فجهز العسكر وتوجَّه إلى جهته، فوقعت لهم الوقعة الشهيرة، فانهزم منطاش واحتوى الظاهِرُ على المملكةِ وعلى غالب من كان معه مِن رؤوس المملكة, وفي سنة 93 توجه منطاش من جهة العمق إلى أن وصل إلى قربِ دمشق، ولما لم يحصُلْ للعسكر السلطاني منه غَرَضٌ رجعوا إلى أوطانهم، ونازل منطاش دمشقَ فجَهَّزَ له الناصريُّ من هزمه، فتوجه إلى بلاد نعير فأقام عنده ثم راسَلَ الظاهِرُ نعيرًا في أمر منطاش واسترضاه ورَدَّ عليه إمرتَه، وأوسَعَ له في الوعدِ، فغدر بمنطاش وقَبَضَ عليه وجَهَّزَه إلى حلب فاعتقل بقلعَتِها إلى أن جاء الأمرُ بقَتلِه وتجهيز رأسِه، ففُعِلَ به ذلك في سنة 795 وطِيفَ برأسِه بالقاهرةِ، ثم عُلِّقَ على باب زويلة، وكان شجاعًا قَتَّالًا عاليَ الهِمَّة كثيرَ البَذلِ، أهلك جميعَ ما كان الظاهِرُ حَصَّلَه من الأموال في أيسَرِ مُدَّةٍ.

العام الهجري : 1324 العام الميلادي : 1906
تفاصيل الحدث:

في يومِ الأربعاء الثالث عشر من يونيو 1906م كانت قرية دنشواي تعيشُ في هدوء حتى دخَلَها على غير موعدٍ عددٌ من أفرادِ كتيبةٍ إنجليزيَّةٍ كانت تتحَرَّك من القاهرة إلى الإسكندرية، وبدؤوا في اصطياد الحمام الذي يربِّيه الأهالي، وبجوارِ أجران القمح -موضع يُداس فيه القَمحُ- التي لا تخلو من وجودِ أصحابها بجوارِها، وبينما هم كذلك أصابت رصاصةٌ زوجةَ مؤذِّن القرية (صاحب أحدِ الأجران) وأشعلت رصاصةٌ ثانيةٌ النَّارَ في جرن القمحِ، فهبَّت القريةُ كُلُّها في وجهِ الغُرَباءِ الذين اعتَدَوا على قريتِهم وأشعلوا فيها النيرانَ، وجرت مواجهةٌ محدودةٌ بين الأهالي والغرباءِ أصيب على إثرِها عددٌ من الأهالي، بينما فرَّ أحَدُ الضباطِ هاربًا تحت الشمسِ الحارقة وأصابته ضربةُ شمس أودت بحياتِه. طار الخبَرُ إلى أهل الحُكمِ وبلغت الأنباءُ الكتيبةَ الإنجليزيةَ التي كانت على مَقرُبة من موقع الحادث، فصدرت الأوامِرُ إليها بالتحرُّكِ لنجدة أفرادها، وتقدَّموا إلى دنشواي في هجومٍ انتقاميٍّ على أهالي القرية العزَّلِ، وجرت الاعتقالاتُ العشوائيةُ، وتم نصبُ المشانِقِ قبل المحاكَمةِ نَفسِها، وتجلَّت مظاهرُ انتقام جيشِ الاحتلال من قريةٍ مِصرية عَزلاءَ حاولت الدفاعَ عن نفسها ضِدَّ غرباءَ دخلوها بلا استئذانٍ، وعاثوا فيها فسادًا ولهوًا وعبثًا! حتى صدر في العشرين من يونيو قرارُ وزير الحقَّانية النَّصراني بطرس غالي باشا بتشكيل المحكمة لمحاكمة 59 متهمًا وترأَّس المحاكَمةَ بُطرس غالي نفسُه، وكان عضوًا بها أحمد فتحي بك زغلول (شقيق سعد زغلول) مع ثلاثة قضاة من الإنجليز، وقام إبراهيمُ الهلباوي بدور المدَّعي العام، وبعد أسبوع من تاريخه صدرت الأحكامُ القاسية بإعدامِ أربعةٍ مِن أهالي دنشواي والسجنِ المؤبَّد لاثنين، والأشغال الشاقة لمُدَد أخرى مع جَلدِ عدَدٍ من المتهمين، وتم التنفيذ بطريقةٍ غاية في البشاعةِ والهمجيَّة؛ حيث تمَّ حَشدُ الأهالي لمشاهدة المجزرة البَشِعة، ثمَّ إن مصطفى كامل قام بأكبر حملةٍ في أوروبا يفضحُ فيها جرائِمَ الإنجليز في مصرَ، ويطالب بالجلاءِ والاستقلال، ومِمَّا كتبه في هذه الفترة مقالٌ نشرته (الفيجارو) الفرنسية.