الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 450 ). زمن البحث بالثانية ( 0.005 )

العام الهجري : 727 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1327
تفاصيل الحدث:

في يومِ الخميس خامِس رجب كانت الفتنةُ بالإسكندرية وملَخَّصُها أنَّ بعض تجار الفرنج فاوض رجلًا من المسلمينَ وضَرَبه بخُفٍّ على وجهه، فثار المسلمون بالإفرنجيِّ وثار الفرنجُ لتحميه، فوقع الشَّرُّ بين الفريقين، واقتتلوا بالسلاحِ، فركب ركن الدين الكركي متولِّي الثغر، فإذا النَّاسُ قد تعصبوا وأخرجوا السلاحَ، وشهدوا على الفرنجيِّ ممَّا يوجب قَتْلَه، وحملوه إلى القاضي وغُلِّقَت أسواق المدينة وأبوابها، فلما كان بعد عشاء الآخرة فُتِحَت الأبواب ليدخُلَ من كان خارِجَ البلد، فمِن شِدَّة الزحام قُتِلَ عَشرةُ أنفس، وتَلِفَت أعضاء جماعة، وذهبت عمائمُ وغيرها لكثير منهم، وتبيَّنَ للكركي تحامُلُ الناس على الفرنج، فحمَلَ بنفسه وأجنادِه عليهم ليدفَعَهم عن الفرنج، فلم يندفِعوا وقاتلوه إلى أن هَزَموه، وقصدوا إخراج الأمراء المعتَقَلين بالثغر، بعدما سُفِكَت بينهما دماءٌ كثيرة، فعند ذلك بادر الكركي بمطالعة السلطانِ بهذه الحادثة، فسَرَّح الطائر بالبطائِقِ يُعلِمُ السلطان، فاشتَدَّ غضبه، وخشي السلطانُ خُروجَ الأمراءِ مِن السجن، وأخرج السلطانُ الوزير مغلطاي الجمال وطوغان شاد الدواوين، وسيف الدين ألدمر الركني أمير جندار، في جماعةٍ مِن المماليك السلطانيَّة، ومعهم ناظر الخاص إلى الإسكندرية، ومعهم تذاكِرُ مما يُعمَلُ مِن تتَبُّع أهل الفساد وقَتْلِهم، ومُصادرة قَومٍ بأعيانهم، وتغريمِ أهل البلد المالَ، والقبض على أسلحة الغزاة، ومَسْك القاضي والشهود، وتجهيز الأمراء المسجونين إلى قلعة الجَبَل، فساروا في عاشِرِه، ودخلوا المدينة، وجلس الوزيرُ والناظر بديوان الخُمُس وفرض الوزيرُ على الناس خمسَمائة ألف دينار، وقَبَض على جماعةٍ مِن أذلهم ووسطِهم، وقطع أيديَ بَعضِهم وأرجُلَهم، وتطَلَّب ابن رواحة كبيرَ دار الطراز ووسطه، من أجلِ أنَّه وُشِيَ به أنه كان يُغري العامَّةَ بالفرنج ويَمُدُّهم بالسلاح والنفقة، فحَلَّ بالناس من المُصادرة بلاء عظيم، وكتب السلطانُ كتُبًا ترد شيئًا بعد شيءٍ تتضَمَّنُ الحثَّ على سفك دماء المفسدين وأخذ الأموال، والوزير يجيبُ بما يُصلِحُ أمْرَ الناس، ثم استدعى الوزير بالسلاح المعَدِّ للغزاة، فبلغ ستةَ آلاف عدة، وضعها كُلَّها في حاصل وخَتَم عليها، واستمَرَّ نحو العشرين يومًا في سَفكِ دماء وأخذِ أموال، حتى جمع ما يُنَيِّف على مائتين وستين ألف دينار، وقُدِّمَ الوزير عماد الدين محمد بن إسحاق بن محمد البلبيسي قاضي الإسكندرية لِيُشنَق، ثم أخره، وكاتب السلطانَ بأنه كَشَف عن أمرِه فوجد ما نُقِلَ عنه غيرُ صحيح، وبعث الوزير المسجونينَ إلى قلعة الجبل في طائفةٍ معهم لحِفظِهم، فقَدِموا في الثامن عشر، وقدم الوزيرُ من الإسكندرية بالمال، وجلس في آخر رجب بالمال بقاعةِ الوزارة المستجَدَّة بالقلعة، وقد سكنها، وحفر النظار والمستوفون من خارج الشباك، فنفذ الوزيرُ الأمور، وصرفَ أحوال الدولة، وفي أول شعبان قَدِمَت رسل بابا الفرنج من مدينةِ رومة بهديَّة، وكتاب فيه الوصيَّةُ بالنصارى وأنَّه مهما عُمِلَ بهم بمصرَ والشام عاملوا مَن عندهم من المسلمين بمِثلِه، فأجيبوا وأُعيدوا، ولم تَقدَمْ رسُلٌ من عند البابا إلى مصر منذ أيام الملك الصالحِ نجمِ الدين أيوب.

العام الهجري : 754 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1353
تفاصيل الحدث:

خرج عن الطاعةِ قراجا بن دلغادر أمير ألبستان وكان ممن ساعد الأمير بيبغا روس نائب حلب على الخروج أولًا ثمَّ سَلَّمه بنفسِه، وكان نائب حلب الجديد أرغوان الكاملي قد حلف له أنَّه لا يقاتِلُه إن سَلَّم له بيبغا، فلما طلب من أرغون المسيرَ إلى قراجا للقضاء عليه لعصيانِه امتنع واعتذر بأنَّه حلف له ألَّا يُقاتِلَه، ثم ألزم الأمير أرغون الكاملي نائِبَ حلب حتى سار لحرب ابن دلغادر وأتاه نوابُ القلاع حتى صار في عشرة آلاف فارس، سوى الرَّجَّالة والتركمان، ونزل الأميرُ أرغون الكاملي على الأبلستين، فنهبها وهدمها، وتوجَّه إلى قراجا بن دلغادر، وقد امتنع بجبلٍ عالٍ، فقاتلوه عشرين يومًا، فقُتِلَ فيها وجُرِحَ عدد كثير من الفريقين، فلما طال الأمرُ نزل إليهم قراجا بن دلغادر، وقاتَلَهم صدرًا من النهار قتالًا شديدًا، فاستمَرَّ القتل في تركمانه، وانهزم إلى جهة الروم، فأُخِذَت أمواله ومواشيه، وصَعِدَ العسكر إلى جبل، فوجدوا فيه من الأغنام والأبقار ما لا يكاد ينحَصِرُ، فاحتووا عليها، بحيث ضاقت أيديهم عنها، وبِيعَ الرأسُ من البقر بعشرينَ إلى ثلاثين درهمًا، والرأسُ من الضأن بثلاثةِ دراهم، والإكديش- حصان غير أصيل، أبوه من جنسٍ وأمُّه من جنس- من أربعين إلى خمسين درهمًا، وسُبِيَت نساؤه ونِساءُ تركمانه وأولاده، وبِيعوا بحَلَب وغيرها بالهوان، فكانت خيارُ بناته تباع بخمسمائة درهم، وظَفِروا بدفائنَ فيها مال كبير، وكان ابن دلغادر لَمَّا انهزم تبعه العسكر، وأسروا ولَدَيه ونحو الأربعين من أصحابِه، ونجا بخاصَّة نفسه إلى ابن أرتنا، وقد سبق الكتابُ إليه بإعمال الحيلة في قبضِه، فأكرَمَه ابن أرتنا وأواه، ثم قبض عليه وحمله إلى حلب، فدخلها وسُجِنَ بقلعتها في ثاني عشر شعبان، فكتب السلطانُ إلى الأمير أرغون الكاملي نائب حلب بحَملِه إلى مصر، وأنعم عليه بخمسمائة ألف درهم، منها ثلاثمائة ألف من مالِ دمشق، وباقيه من مال حلب، وأعفيَ الأمير أرغون من تسيير القَوَد الذي جرت عادةُ نواب حلب بحَملِه إلى السلطان من الخَيلِ والجِمال البخاتي والهجن والعراب، ومن البغال والقماش والجواري والمماليك، وقيمتُه خمسمائة ألف درهم، فعَظُم بذلك شأن الأمير أرغون الكاملي نائبُ حلب، فإنَّه مع صِغَرِ سِنِّه كان له أربعة مماليك أمراء، وله ولد عمره ثلاث سنين أميرُ مائة مقَدَّم ألف، فلما مات هذا الولد أضيفت تقدمتُه إلى إقطاع النيابة، وكان لأربعة من أخوته القادمين من البلاد وأقاربه أربع إمرات، وفي يوم الخميس خامس عشر رمضان وصل مقدم التركمان الأمير قراجا بن دلغادر، وهو مقيَّدٌ في زنجير، فأقيم بين يدى السلطان، وعُدِّدَت ذنوبه، ثم أُخرِجَ إلى الحبس، فلم يَزَل به إلى أن قَدِمَ البريد من حلب بأن جبار بن مهنا استدعى أولادَ ابن دلغادر في طائفةٍ كبيرة من التركمان، ليُنجِدوه على سيف، وكان سيف قد التجأ إلى بني كلاب، فالتقى الجمعانِ على تعبئة، فانكسر التركمانُ وقُتِلَ منهم نحو سبعمائة رجل، وأُخِذَ منهم ستمائة إكديش، فكتب السلطان من سرياقوس-وكان بها- إلى النائب قبلاي بقتل ابن دلغادر، فأخرجه من السجنِ إلى تحت القلعة ووسَّطه-قتله- في يوم الاثنين رابع عشر ذي القعدة، بعد ما أقام مسجونًا ثمانية وأربعين يومًا.

العام الهجري : 158 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 775
تفاصيل الحدث:

هو الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي الهاشمي العباسي, وأمه: سلامة البربريَّة. وُلِدَ سنة 95, وكان أسمرَ, طويلًا, نحيفًا, مَهيبًا, خفيفَ العارِضَينِ, مُعرق الوجه, رحْبَ الجبهة, كأنَّ عينيه لسانان ناطقان, تخالِطُه أبَّهة المُلك بِزِيِّ النسَّاك, تَقبَلُه القلوبُ، وتَتبَعُه العيون, وكان فحْلَ بني العباس؛ هيبةً وشجاعةً، ورأيًا وحزمًا، ودهاءً وجبروتًا، وكان جمَّاعًا للمال, حريصًا تاركا للَّهوِ واللَّعب, كامِلَ العقلِ بعيدَ الغَورِ، حسَن المشاركةِ في الفقهِ والأدب والعِلم. أباد جماعةً كبارًا حتى توطَّدَ له المُلك، ودانت له الأمَمُ على ظُلمٍ فيه، وقُوَّةِ نَفسٍ، ولكنَّه يرجِعُ إلى صِحَّة إسلامٍ وتديُّنٍ في الجُملة، وتَصَوُّنٍ وصلاةٍ وخيرٍ، مع فصاحةٍ وبلاغةٍ وجَلالةٍ، وعظَ المنصور عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة فأبكاه، وكان المنصورُ يهابُ عَمرًا ويُكرِمُه، وقد كان المنصورُ يُصغي إلى أقوال المنجِّمين، وهذا من هناتِه مع فضيلتِه. كان حاكمًا على ممالك الإسلام بأسرِها, سوى جزيرة الأندلس، وكان ينظُرُ في حقيرِ المال، ويثَمِّرُه، ويجتهد بحيث إنَّه خلَّفَ في بيوت الأموالِ مِن النقدين أربعة عشر ألف ألف دينار، وستمئة ألف ألف درهم، وكان كثيرًا ما يتشبَّه بالثلاثة في سياسته وحَزمِه، وهم: معاوية، وعبد المَلِك، وهشام. لَمَّا رأى المنصورُ ما يدلُّ على قُربِ مَوتِه سار للحَجِّ، فلمَّا وصل إلى بئر ميمون مات بها مع السحَرِ قبل أن يصِلَ مكة، ولم يحضُرْه عند وفاتِه إلَّا خَدَمُه، والربيعُ مولاه، فكتم الربيعُ مَوتَه، واشتغلوا بتجهيزِ المنصور، ففرغوا منه العصرَ، وكُفِّنَ، وغطِّيَ وجهُه وبدَنُه، وجُعِلَ رأسُه مكشوفًا لأجل إحرامِه، وصلَّى عليه عيسى بن موسى، وقيل: إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ودُفِنَ في مقبرة المُعَلَّاة، وحَفَروا له مائة قبرٍ ليغُمُّوا على النَّاسِ، ودُفِنَ في غيرها، عاش أربعًا وستِّينَ سنة، وكانت مدة خلافته اثنتين وعشرين سنة إلَّا أربعة وعشرين يومًا.

العام الهجري : 497 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1104
تفاصيل الحدث:

في هذه السنة وقع الصلح بين الأخوين السلطانين بركيارق ومحمد ابني ملكشاه. وكان سببه أن الحروب تطاولت بينهما، وعمَّ الفساد، فصارت الأموال منهوبة، والدماء مسفوكة، والبلاد مخربة، والقرى محرقة، والسلطنة مطموعًا فيها، محكومًا عليها، فلما رأى السلطانُ بركيارق المالَ عنده معدومًا، والطمع من العسكر زائدًا، أرسل القاضي أبا المظفر الجرجاني الحنفي، وأبا الفرج الهمذاني، المعروف بصاحب قراتكين، إلى أخيه محمد في تقرير قواعد الصلح، فسار إليه وهو بالقرب من مراغة، فذكرا له ما أُرسِلا فيه، ورغَّباه في الصلح وفضيلته، وما شمل البلادَ من الخراب، وطَمَع عدوِّ الإسلام في أطراف الأرض، فأجاب إلى ذلك، وأرسل فيه رسلًا، واستقر الأمر، وحلف كلُّ واحد منهما لصاحبه، وتقررت القاعدة: أن السلطان بركيارق لا يعترض أخاه محمدًا في الطبل -كان من شعائر السلطنة أن تضرب الطبلخانات للسلطان خمس مرات في اليوم- وألَّا يُذكَر معه على سائر البلاد التي صارت له، وألَّا يكاتب أحدهما الآخرَ، بل تكون المكاتبة من الوزيرين، ولا يعارض أحدٌ من العسكر في قصد أيِّهما شاء، فأجاب بركيارق إلى هذا، وزال الخلاف والشغب، وأرسل السلطان محمد إلى أصحابه بأصبهان يأمرهم بالانصراف عن البلد، وتسليمه إلى أصحاب أخيه، وسار السلطان بركيارق إلى أصبهان، فلما سلمها إليه أصحاب أخيه دعاهم إلى أن يكونوا معه وفي خدمته، فامتنعوا ورأوا لزوم خدمة صاحبهم، فسمَّاهم أهل العسكرين جميعًا: أهل الوفاء، وتوجهوا من أصبهان، ومعهم حريم السلطان محمد إليه، وأكرمهم بركيارق، وحمل لأهل أخيه المالَ الكثير، ومن الدواب ثلاثمائة جمل، ومائة وعشرين بغلًا تحمِلُ الثِّقلَ، وسَيَّرَ معهم العساكر يخدمونهم. ولما وصلت رسل السلطان بركيارق إلى الخليفة المستظهر بالله بالصلح، وما استقرت القواعد عليه، حضر إيلغازي بالديوان، وسأل في إقامة الخطبة لبركيارق، فأجيب إلى ذلك، وفي ذي القعدة سُيِّرَت الخِلَع من الخليفة للسلطان بركيارق، وللأمير إياز، ولوزير بركيارق، والعهد بالسلطنة، وحلفوا جميعهم للخليفة وعادوا.

العام الهجري : 546 العام الميلادي : 1151
تفاصيل الحدث:

جمعَ نُورُ الدِّينِ مَحمود بن زنكي عَسكَرَه وسار إلى بلادِ جوسلين الفرنجي، وهي شَماليَّ حَلَب منها تل باشر، وعين تاب، وإعزاز وغيرها، وعَزَمَ على مُحاصَرتِها وأخْذِها، وكان جوسلين فارِسَ الفِرنجِ غَيرَ مُدافَعٍ، قد جمع الشَّجاعةِ والرَّأيَ، فلَمَّا عَلِمَ بذلك جَمَعَ الفِرنجَ فأكثَرَ، وسار نحوَ نور الدين فالتَقَوا واقتتلوا، فانهزم المُسلِمونَ وقُتِلَ منهم وأُسِرَ جمعٌ كثيرٌ، وكان في جُملةِ مَن أُسِرَ سلاحُ دار نور الدين محمود، فأخذه جوسلين، ومَعَه سلاحُ نور الدين، فسَيَّرَه إلى الملك مسعود بن قلج أرسلان، صاحِبِ قونية، وأقصرا، وقال له: هذا سِلاحُ زَوجِ ابنَتِك، وسيأتيك بعده ما هو أعظَمُ منه، فلمَّا عَلِمَ نور الدين محمود الحالَ، عَظُمَ عليه ذلك، وأعمَلَ الحيلةَ على جوسلين، وهَجَرَ الراحةَ ليأخُذَ بثَأرِه، وأحضَرَ جَماعةً مِن أمراء التركمان، وبذَلَ لهم الرَّغائِبَ إن هم ظَفِروا بجوسلين وسَلَّموه إليه إمَّا قتيلًا أو أسيرًا؛ لأنَّه عَلِمَ أنَّه متى قَصَدَه بنفسه احتمى بجُموعِه وحُصونِه، فجعل التُّركمانُ عليه العُيونَ، فخرج مُتصَيِّدًا، فلَحِقَت به طائفةٌ منهم وظَفِروا به فأخذوه أسيرًا، فصانَعَهم على مالٍ يُؤدِّيه إليهم، فأجابوه إلى إطلاقِه إذا حضَرَ المالُ، فأرسل في إحضارِه، فمضى بعضُهم إلى أبي بكر بن الداية، نائِبِ نورِ الدين بحَلَب، فأعلَمَه الحالَ، فسَيَّرَ عَسكرًا معه، فكَبَسوا أولئك التُّركمانَ وجوسلين معهم، فأخذوه أسيرًا وأحضَروه عنده، وكان أسْرُه من أعظَمِ الفُتوحِ؛ لأنَّه كان شَيطانًا عاتيًا، شديدًا على المُسلِمينَ، قاسيَ القَلبِ، وأُصيبَت النصرانيَّةُ كافَّةً بأسْرِه، ولَمَّا أُسِرَ سار نور الدين إلى قلاعِه فمَلَكَها، وهي تل باشر، وعين تاب، وإعزاز، وتل خالد، وقورس، والراوندان، وبرج الرصاص، وحصن البارة، وكفرسود، وكفرلاثا، ودلوك، ومرعش، ونهر الجوز، وغير ذلك من أعمالِه، في مُدَّةٍ يسيرةٍ، وكان نورُ الدين كلَّما فتح منها حِصنًا نقل إليه مِن كُلِّ ما تحتاجُ إليه الحُصونُ؛ خَوفًا من نَكسةٍ تَلحَقُ بالمُسلِمينَ من الفِرنجِ، فتكون بلادُهم غيرَ مُحتاجةٍ إلى ما يَمنَعُها من العَدُوِّ.

العام الهجري : 181 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 797
تفاصيل الحدث:

هو عبدالله بن المبارك بن واضح، أبو عبد الرحمن الحنظليُّ، مولاهم التركيُّ، ثمَّ المروزي، الحافِظُ الغازي، أحدُ الأعلامِ، كان أبوه تركيًّا وأمُّه تركيَّةً، مِن خوارزمَ، وُلِدَ سنة ثماني عشرة ومائة. وطلبَ العِلمَ وهو ابنُ عشرين سنة، أفنى عمُرَه بالأسفارِ، صَنَّفَ الكتُبَ، وجاهَدَ في سبيلِ اللهِ، وجمَعَ الحديثَ والفقهَ والعربيَّةَ وأيَّامَ النَّاسِ، أوَّلُ مَن صنَّفَ في الجهادِ، اشتهَرَ بالزُّهدِ والورعِ، مع تجارتِه، وكان يُنفِقُ على أهلِ العبادةِ والزُّهدِ مِن مالِه، توفِّيَ في مدينة هيت- بين الرحبة وبغداد- مُنصَرِفًا من غزو الرومِ، وعمره 63 سنة، قال أبو عمر بن عبد البَرِّ: "أجمع العُلَماءُ على قَبولِه وجَلالتِه، وإمامتِه وعَدْلِه"، فرَحِمه الله تعالى، وجزاه عن الإسلامِ والمسلمينَ خَيرًا.

العام الهجري : 359 العام الميلادي : 969
تفاصيل الحدث:

اختَطَّ جوهرُ الصِّقليُّ القائِدُ الفاطميُّ القصرَ وحفَرَ أساسَه في أوَّلِ ليلةِ نُزولِه القاهرة، وأدخل فيه ديرَ العظام، وبنى مكانها مَسجِدًا من داخل السور، وأدخل أيضًا قصرَ الشَّوك في القصر المذكور، وجعل للقَصرِ أبوابًا، وقيل دخل جوهر مِصرَ بعَسكرٍ عظيمٍ ومعه ألفُ حمل مال، ومن السِّلاح والعُدَد والخيل ما لا يُوصَف. فلما انتظم حالُه ومَلَك مِصرَ ضاقت بالجُندِ والرعيَّة، واختَطَّ سورَ القاهرة وبنى بها القُصورَ، وسمَّاها المنصوريَّة، فلمَّا قَدِمَ المُعِزُّ العُبيدي من القيروان غيَّرَ اسمَها وسمَّاها القاهرة، وقيل سبَبُ تسميتِها بالقاهرةِ عائِدٌ لطالِعِ المنَجِّمينَ فيها وأنَّ الأتراك سيَملِكونَها، واتَّفَقَ ذلك في طلوعِ كوكَبِ المريخِ، وهو يُسمَّى عندهم القاهِرَ، فسُمِّيَت بذلك، وقيل: بل لأنَّ فيها قُبَّةً كانت تُعرَفُ بقُبَّة القاهر فسُمِّيَت بها.

العام الهجري : 417 العام الميلادي : 1026
تفاصيل الحدث:

كَثُرَ تسَلُّطُ الأتراك الجُندِ ببغداد، فأكثَروا مُصادراتِ النَّاسِ، وأخذوا الأموالَ، حتى إنَّهم فَرَضوا على الكَرخِ خاصَّةً مِئَة ألف دينار، وعَظُم الخَطبُ، وزاد الشَّرُّ، وأُحرِقَت المنازِلُ والدُّروبُ والأسواقُ، ودخل في الطَّمَعِ العامَّةُ والعيَّارون- والعَيَّارون: لصوصٌ يَمتَهِنونَ النَّهبَ والدعارةَ -، فكانوا يدخُلونَ على الرَّجُلِ فيُطالِبونَه بذخائِرِه، كما يفعَلُ السُّلطانُ بمن يُصادِرُه، فعَمِلَ النَّاسُ الأبوابَ على الدروب، فلم تغْنِ شيئًا، ووقَعَت الحربُ بين الجُندِ والعامَّةِ، فظَفِرَ الجُندُ التُّركُ، ونَهَبوا الكرخَ وغَيرَه، فأُخِذَ منه مالٌ جليلٌ، وهلك أهلُ السِّترِ والخَيرِ، فلمَّا رأى القُوَّادُ وعُقَلاءُ الجُندِ أنَّ المَلِكَ أبا كاليجار لا يَصِلُ إليهم، وأنَّ البلادَ قد خَرِبَت، وطَمِعَ فيهم المُجاوِرونَ مِن العَرَب والأكراد، راسَلوا جلالَ الدَّولة في الحضورِ إلى بغداد، فحَضَر في السَّنةِ التالية.

العام الهجري : 426 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1035
تفاصيل الحدث:

كان مَسعودُ الغزنوي قد أقرَّ دارا بن منوجهر بن قابوس على جرجانَ وطبرستان، وتزوَّج أيضًا بابنةِ أبي كاليجار القوهي، مقدَّم جيشِ دارا، فلمَّا سار إلى الهند منعوا ما كان استقَرَّ عليهم من المال، وراسلوا علاءَ الدَّولة بن كاكويه وفرهاذ بالاجتماعِ على العصيان والمخالفة، وقَوِيَ عزمُهم على ذلك ما بلَغَهم من خروج الغز بخراسان، فلما عاد مسعودٌ من الهند وأجلى الغزَّ وهَزَمهم سار إلى جرجان فاستولى عليها وملَكَها، وسار إلى آمل طبرستان، وقد فارقها أصحابُها، واجتمعوا بالغياضِ والأشجارِ الملتَفَّةِ، الضيَّقة المدخَل، الوَعرةِ المسلَكِ، فسار إليهم واقتحَمَها عليهم فهَزَمهم وأسَرَ منهم وقتل، ثم راسَلَه دارا وأبو كاليجار، وطلبوا منه العَفوَ وتقريرَ البلاد عليهم، فأجابَهم إلى ذلك، وحملوا من الأموالِ ما  كان عليهم، وعاد إلى خراسان.

العام الهجري : 475 العام الميلادي : 1082
تفاصيل الحدث:

وَرَدَ إلى بغداد الشَّريفُ أبو القاسمِ البكريُّ، المغربيُّ، الواعظُ، وكان أَشعريَّ المَذهبِ، وكان قد قَصَدَ نِظامَ المُلْكِ، فأَحَبَّهُ ومالَ إليه، وسَيَّرَهُ إلى بغداد، وأَجرَى عليه الجِرايةَ الوافِرةَ، فوَعظَ بالمدرسةِ النِّظاميَّةِ، وكان يَذكُر الحَنابِلَةِ ويَعِيبُهم، ويقول: "وما كَفَرَ سُليمانُ ولكنَّ الشياطين كَفَروا، والله ما كَفَرَ أَحمدُ ولكنَّ أَصحابَه كَفَروا، ثم إنَّه قَصَدَ يومًا دارَ قاضي القُضاةِ أبي عبدِ الله الدَّامغاني بنَهرِ القلائين، فجَرَى بين بَعضِ أَصحابِه وبين قَومٍ من الحَنابلةِ مُشاجرةٌ أَدَّت إلى الفِتنَةِ، وكَثُرَ جَمعُه، فكَبَسَ دُورَ بَنِي الفَرَّاءِ الحَنابلةِ، وأَخذَ كُتُبَهم، وأَخذَ منها كِتابَ ((الصِّفاتِ)) لأبي يَعلَى، فكان يَقرأُ بين يدي البَكريِّ وهو جالسٌ على الكُرسيِّ للوَعظِ، فيُشَنِّعُ به عليهم، وجَرَى له معهم خُصوماتٌ وفِتَنٌ. ولُقِّبَ البَكريُّ من الدِّيوانِ بِعَلَمِ السُّنَّةِ.

العام الهجري : 592 العام الميلادي : 1195
تفاصيل الحدث:

سار شِهابُ الدين الغوري، صاحِبُ غُزنةَ، إلى بلد الهند، وحصَرَ قلعة بهنكر، وهي قلعةٌ عظيمةٌ منيعةٌ، فطلب أهلُها منه الأمان على أن يُسَلِّموها إليه، فأمَّنَهم وتسَلَّمها، وأقام عندها عشرة أيام حتى رتَّب جندَها وأحوالها، وسار عنها إلى قلعة كوالير، وبينهما مسيرةُ خمسة أيام، وفي الطريق نهرٌ كبيرٌ، فجازه، ووصل إلى كوالير، وهي قلعةٌ منيعة حصينة على جبلٍ عالٍ لا يَصِلُ إليها حَجَرُ منجنيق ولا نشاب، وهي كبيرة، فأقام عليها صَفرًا جميعَه يُحاصِرُها، فلم يبلغ منها غَرَضًا، فراسله مَن بها في الصُّلحِ، فأجابهم إليه على أن يُقِرَّ القلعةَ بأيديهم على مالٍ يحمِلونَه إليه، فحَمَلوا إليه فيلًا حِملُه ذَهَب، فرحل عنها إلى بلاد آي وسور، فأغار عليها ونَهَبها، وسبى وأسر ما يعجِزُ العادُّ عن حصره، ثم عاد إلى غُزنةَ سالِمًا.

العام الهجري : 595 العام الميلادي : 1198
تفاصيل الحدث:

لما استقَرَّت أمورُ خوارزم شاه في الريِّ اشتغَلَ بقتالِ الملاحدة، فافتتح قلعةً على باب قزوين تسمَّى أرسلان كشاه، وانتقل إلى حصارِ قلعة ألموت، فقُتِلَ عليها صدرُ الدين محمد بن الوزان رئيس الشافعية بالري، وكان قد تقَدَّم عنده تقدمًا عظيمًا، قَتَله الملاحدة، وعاد خوارزم شاه إلى خوارزم، فوثَب الملاحِدةُ على وزيره نظام الملك مسعود بن علي فقَتَلوه في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، فأمر تكش ولَدَه قطب الدين بقَصدِ الملاحدة، فقَصَد قلعة ترشيش وهي من قلاعِهم، فحصرها فأذعنوا له بالطاعة، وصالحوه على مائة ألف دينار، ففارَقَها، وإنما صالحهم لأنَّه بلَغَه خبَرُ مَرَضِ أبيه، وكانوا يراسِلونَه بالصلح فلا يفعَلُ، فلما سمع بمرض أبيه لم يرحَلْ حتى صالَحَهم على المال المذكور والطاعة ورحل.

العام الهجري : 692 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1293
تفاصيل الحدث:

في ليلةِ أوَّلِ المحَرَّم أخرَجَ مَن في الجُبِّ مِن الأمراء، وقد كان اعتقَلَهم قبل ذلك لأمورٍ رآها منهم، ومنهم من اعتُقِلَ قبل هذا وأُطلِقَ ثمَّ اعتُقِلَ ثانيًا، وهم سنقر الأشقر وجرمك والهاروني وبكتوت وبيبرس وطقصوا ولاجين، وأمر بخَنقِهم أمامَ السلطان، فخُنِقوا بأجمعِهم حتى ماتوا، وتولى خنقَ لاجين الأميرُ قرا سنقر، فلمَّا وضع الوتَرَ في عنقِه انقطع، فقال: "يا خوند، مالي ذنب إلا حميي طقصوا وقد هلك، وأنا أطَلِّقُ ابنته، وكان قرا سنقر له به عناية، فتلطَّف به ولم يعجَلْ عليه، لما أراد الله من أن لاجين يقتُلُ الأشرفَ ويَملِكُ مَوضِعَه، وانتظر أن تقَعَ به شفاعة، فشفَعَ الأمير بدر الدين بيدرا في لاجين، وساعَدَه مَن حضر من الأمراء، فعفا عنه ظنًّا أنه لا يعيشُ!

العام الهجري : 880 العام الميلادي : 1475
تفاصيل الحدث:

عرض السلطان محمد الفاتح سنة 878 على أمير البغدان استيفان الرابع الجزيةَ؛ حتى لا يحاربه، فلم يقبل الأمير فأرسل إليه جيشًا وانتصر عليه بعد حروب عنيفة، ولكن لم يستطع فتح الإقليم، فعزم السلطانُ على دخول القرم للإفادة من فرسانها في قتال البغدان، وتمكَّن من احتلال أملاك الجنويين الممتدة على شواطئ شبه جزيرة القرم ويطردهم منها، ولم يقاوم التتار سكان القرم العثمانيين، بل دفعوا لهم مبلغًا من المال سنويًّا، وأقلعت السفن البحرية العثمانية من القرم إلى مصب نهر الدانوب، فدخلت وكان السلطان يدخل بلاد البغدان عن طريق البر، فانهزم استيفان الرابع فتبعه السلطان في طريق مجهولة، فانقض عليه استيفان الرابع وانهزم السلطان، فارتفع بذلك اسم استيفان الرابع، وكان هذا في سنة 881.

العام الهجري : 980 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1573
تفاصيل الحدث:

عقدت الدولةُ العثمانية معاهدةَ إستانبول مع البندقية, فالدولة العثمانية لم يُقعِدْها هزيمة معركة ليبانتو القاسية سنة 979هـ ولم تضعُفْ هِمَّةُ الصدر الأعظم محمد باشا صقللي، فانتهز فرصة الشتاء وعدم إمكانية استمرار الحرب لتجهيز أسطول جديد، وبذَلَ النَّفس والنفيس في تجهيزِه وتسليحه، حتى إذا أقبل صيف سنة 1572م كان قد تمَّ بناء 250 سفينة، وأعلم الصدرُ الأعظم البنادقةَ باستعداده للجولة الثانية، ففضَّلت البندقية أن تجنحَ للسلام، ووقَّعت مع الدولة العثمانية معاهدةَ إستانبول هذه السنة, والتي تتكوَّن من سبعة بنود، منها: أن تسدِّد البندقية غرامات مالية لتركيا، وأن تبقى جزيرةُ قبرص في حوزة الدولة العثمانية, فتفرَّغَ على إثرها العثمانيون لمحاربة إسبانيا التي عادت لاحتلال تونس، وكذلك هزموا أمير البغدان الذي تمرَّد على الدولة طلبًا للاستقلال.