الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2508 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 1377 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1958
تفاصيل الحدث:

بعد أن قامت الوحدة بين سوريا ومصر في رجب من عام 1377هـ / 1 شباط 1958م،كان لهذه الوحدةِ أثَرٌ على العراق والأردن، فاقترح وزيرُ الخارجية البريطانية سلوين لويد إقامةَ اتحاد بين العراق والأردن، واجتمع فعلًا الوفدان العراقي والأردني في عمان، وكان الأردن قد اشترط لتحقيقِ الاتحاد أن تنسَحِبَ العراق من حلف بغداد، لكِنَّ العراق رفض ذلك، فبَقِيَ العراق في حلفه وبقيت الأردن في هدنتها مع إسرائيل، وتم الاتفاقُ بين الطرفين على إنشاء اتحادٍ عربي بين المملكة العراقية والمملكة الأردنية الهاشمية، باسم الاتحاد العربي اعتبارًا من 24 رجب 1377هـ الموافق 14 شباط، ويكون مفتوحًا لأي دولة عربية تريد الانضمامَ إليه، ويكون مَلِكُ العراق رئيسًا لحكومة الاتحاد، ومقر الاتحاد بغداد ستة أشهر، وفي عمان ستة أشهر، وغيرها من البنود، علمًا أن دول حلف بغداد لم تكن راضيةً عن هذا الاتحاد.

العام الهجري : 707 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1307
تفاصيل الحدث:

اجتمع القضاةُ بالشيخِ تقي الدين ابن تيميَّة في دار الأوحدي من قلعةِ الجبل بمصر، وطال بينهما الكلامُ ثمَّ تفَرَّقا قبل الصلاة، والشيخُ تقيُّ الدين مُصَمِّمٌ على عدم الخروجِ من السجن، فلما كان يومُ الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الأوَّل جاء الأميرُ حسام الدين مهنا بن عيسى مَلِك العرب إلى السجنِ بنَفسِه وأقسم على الشيخِ تقي الدين ليخرجَنَّ إليه، فلما خرجَ أقسَمَ عليه ليأتيَنَّ معه إلى دار نائبِ السلطانِ الأميرِ سيف الدين سلار المغولي، فاجتمعَ به بعضُ الفقهاء بدار سلار وجَرَت بينهم بحوثٌ كثيرة، ثم فَرَّقَت بينهم الصلاة، ثم اجتمعوا إلى المغربِ وبات الشيخ تقي الدين عند سلار، ثم اجتمعوا يومَ الأحد بمرسومِ السلطان جميعَ النهار، ولم يحضُرْ أحدٌ من القضاة بل اجتمع من الفقهاءِ خلقٌ كثير، أكثَرُ من كل يوم، منهم الفقيه نجم الدين بن رفع، وعلاء الدين التاجي، وفخر الدين ابن بنت أبي سعد، وعز الدين النمراوي، وشمس الدين بن عدنان، وجماعة من الفقهاء، وطلبوا القضاةَ فاعتذروا بأعذار، بعضُهم بالمرض، وبعضُهم بغيره؛ لمعرفتهم بما ابنُ تيميَّة منطوٍ عليه من العلومِ والأدلَّةِ، وأنَّ أحدًا من الحاضرين لا يطيقُه، فقَبِلَ عذرَهم نائِبُ السلطنةِ ولم يكَلِّفْهم الحضورَ بعد أن رسم السلطانُ بحضورهم أو بفَصلِ المجلس على خير، وبات الشيخُ عند نائب السلطنة، وجاء الأميرُ حسام الدين مهنا يريد أن يستصحِبَ الشيخ تقي الدين معه إلى دمشق، فأشار سلار بإقامةِ الشيخِ بمصر عنده ليرى الناسُ فَضلَه وعِلمَه، وينتَفِعَ الناسُ به ويشتغلوا عليه، فكتب الشيخُ كتابًا إلى الشام يتضَمَّنُ ما وقع له من الأمورِ.

العام الهجري : 540 العام الميلادي : 1145
تفاصيل الحدث:

سار بوزابة، صاحِبُ فارِسَ وخوزستان، وعساكِرُه إلى قاشان، ومعه المَلِكُ محمد بن السُّلطان محمود، ووصل إليهما المَلِكُ سُليمان بن السُّلطان محمَّد، واجتمع بوزابة والأميرُ عَبَّاس صاحِبُ الري، واتَّفَقا على الخروجِ عن طاعة السُّلطان مسعودٍ ومَلَكا كثيرًا مِن بلادِه، ووصل الخبَرُ إليه وهو ببغداد ومعه الأميرُ عبد الرحمن طغايرك، وهو أميرٌ حاجِبٌ، حاكِمٌ في الدولة، وكان ميلُه إليهما، فسار السُّلطانُ في رمضانَ عن بغداد، ونزل بها الأميرُ مُهلهل، ونظر وجماعةً من غلمان بهروز؛ وسار السُّلطانُ وعبد الرحمن معه، فتقارب العَسكَران، ولم يبقَ إلَّا المصافُّ، فلَحِقَ سُلَيمانُ بأخيه مسعود، وشرع عبدُ الرحمن في تقريرِ الصُّلحِ على القاعدةِ التي أرادوها، وأُضيفَ إلى عبدِ الرَّحمنِ ولايةُ أذربيجان وأرانية إلى ما بيده، وصار أبو الفتح ِبنُ دارست وزيرَ السُّلطان مسعود، وهو وزيرَ بوزابة، فصار السُّلطانُ معهم تحت الحجر، وأبعدوا بك أرسلان بن بلنكري المعروف بخاص بك، وهو ملازِمُ السُّلطان وتربيته، وصار في خدمةِ عبد الرحمن لِيَحقِنَ دَمَه، وصار الجماعةُ في خدمة السُّلطان صورةً لا معنى تحتَها.

العام الهجري : 461 العام الميلادي : 1068
تفاصيل الحدث:

هو الصَّدرُ الأَنبلُ الرَّئيسُ القُدوةُ أبو منصورٍ عبدُ المَلِكِ بن محمدِ بن يُوسُفَ البغداديُّ، سِبْطُ الإمامِ أبي الحسينِ أحمدَ بن عبدِ الله السوسنجردي, وُلِدَ سنةَ 395هـ وكان يُلقَّب بالشَّيخِ الأَجَلِّ، كان أَوْحَدَ زَمانِه في الأمرِ بالمَعروفِ والنهيِ عن المُنكرِ، والمُبادَرةِ إلى فِعلِ الخَيراتِ، واصطِناعِ الأَيادي عند أَهلِها، مِن أَهلِ السُّنَّةِ، مع شِدَّةِ القِيامِ على أَهلِ البِدَعِ ولَعْنِهِم، قال الخَطيبُ البغداديُّ: كان أَوْحَدَ وَقتِه في فِعلِ الخَيرِ، وافتِقادِ المَستُورِينَ بالبِرِّ، ودَوامِ الصَّدقَةِ، والإفضالِ على أَهلِ العِلمِ، والقِيامِ بأُمورِهم والتَّحَمُّلِ لِمُؤَنِهِم، والاهتمامِ بما عادَ مِن مَصالِحِهم، والنُّصرَةِ لأَهلِ السُّنَّةِ، والقَمعِ لأَهلِ البِدَعِ" تُوفِّي عن خمسٍ وسِتِّين سنةً، وكان يومُ مَوتِه يومًا مَشهودًا، حَضرَهُ خَلْقٌ لا يَعلمُ عَددَهم إلَّا الله عز وجل. قال أبي النرسي: "لم أرَ خَلْقًا قَطُّ مِثلَ مَن حَضرَ جَنازَتَه" دُفِنَ بمَقبَرَةِ بابِ حَربٍ إلى جَنْبِ جَدِّهِ لأُمِّهِ أبي الحُسينِ ابن السوسنجردي. قال الذهبيُّ: "كان ذا جاهٍ عَريضٍ واتِّصالٍ بالخَليفَةِ, وأَرَّخَ له ابنُ خيرون، وقال: دُفِنَ عند جَدِّهِ لأُمِّهِ، وحَضرَهُ جَميعُ الأَعيانِ، وكان صالحًا، عَظيمَ الصَّدقَةِ، مُتعصِّبًا للسُّنَّةِ، قد كَفَى عامَّةَ العُلماءِ والصُّلَحاءِ".

العام الهجري : 485 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1092
تفاصيل الحدث:

هو الوَزيرُ الكَبيرُ، نِظامُ المُلْكِ، قِوامُ الدِّينِ، أبو عليٍّ الحَسنُ بن عليِّ بن إسحاقَ الطُّوسيُّ، وَزيرُ السُّلطانِ ملكشاه السلجوقي، عاقِلٌ، سائِسٌ، خَبيرٌ، سَعيدٌ، مُتَدَيِّنٌ، مُحتَشِمٌ، عامِرُ المَجلِس بالقُرَّاءِ والفُقَهاءِ. أَنشأَ المَدرسةَ النِّظامِيَّة الكُبرى ببغداد، ثم أَنشأَ مَدارسَ أُخرى في عَددٍ من البُلدانِ, ورَغَّبَ في العِلمِ، وأَدَرَّ على الطَّلَبَةِ الصِّلاتِ، وأَملَى الحَديثَ، وبَعُدَ صِيتُه. وُلِدَ سَنةَ 408هـ بنوقان، إحدى مَدينَتي طُوس، وكان من أَولادِ الدَّهَّاقِين بناحِيَةِ بيهق، وكان فَقيرًا مَشغولًا بسَماعِ الحَديثِ والفِقْهِ، وقَرأَ النَّحْوَ، خَتَمَ القُرآنَ وله إحدى عشرة سَنَةً، وعَمِلَ بالكِتابَةِ والدِّيوانِ، وخَدَمَ بغزنةَ، ثم بعدَ حينٍ اتَّصَلَ بداود بن ميكائيل السلجوقيِّ فظَهَرَ له منه النُّصْحُ والمَحَبَّةُ،، فأَخذَهُ بِيَدِهِ وسَلَّمَهُ إلى وَلَدِه ألب أرسلان، وقال له: يا محمد، هذا حَسَنٌ الطُّوسيُّ اتَّخِذهُ والِدًا ولا تُخالِفهُ. فلمَّا وَصَلَ المُلْكُ إلى ألب أرسلان استَوزَرَهُ، فدَبَّرَ مُلكَه عشر سنين. ولمَّا ماتَ ألب أرسلان، ازدَحَم أَولادُه على المُلْكِ، فقام بأَمْرِ ملكشاه حتّى تَمَّ أَمرُه ومَلَكَ السَّلطَنَةَ. كان نِظامُ المُلْكِ عاليَ الهِمَّةِ، وافِرَ العَقلِ، عارِفًا بتَدبيرِ الأُمورِ، وخَفَّفَ المَظالِمَ، ورَفَقَ بالرَّعايا، وبَنَى الوُقوفَ، وهاجَرَت الكِبارُ إلى جَنابِه، وازدادَت رِفعَتُه. قال الذهبيُّ: "كان شافِعيًّا أَشعَريًّا. سار إلى غزنة، فصار كاتِبًا نَجيبًا، إليه المُنتَهى في الحِسابِ، وبَرَعَ في الإنشاءِ، وكان ذَكِيًّا، لَبيبًا، يَقِظًا، كامِلَ السُّؤدَدِ. قيل: إنه ما جَلَسَ إلا على وُضوءٍ، وما تَوضَّأ إلا تَنَفَّلَ، ويَصومُ الاثنين والخميس، جَدَّدَ عِمارةَ خوارزم، ومَشهدَ طوس، وعَمِلَ بيمارستانا، وبَنَى مَدارِسَ بمَرو، وهراة، وبلخ، والبَصرَة، وأصبهان، وكان حَلِيمًا رَزينًا جَوادًا، صاحِبَ فُتُوَّةٍ واحتِمالٍ ومَعروفٍ كَثيرٍ إلى الغايَةِ، ويُبالِغ في الخُضوعِ للصَّالِحين". قال ابنُ عَقيلٍ: "بَهَرَ العُقولَ سِيرَةُ النِّظامِ جُودًا وكَرمًا وعَدلًا، وإحياءً لِمَعالِمِ الدِّين، كانت أيامُه دَولةَ أَهلِ العِلمِ، ثم خُتِمَ له بالقَتلِ وهو مارٌّ إلى الحَجِّ، في رمضان، فماتَ مَلِكًا في الدنيا، مَلِكًا في الآخرة" في عاشر رمضان قُتِلَ نِظامُ المُلْكِ أبو عليٍّ الحَسنُ بن عليِّ بن إسحاقَ الوَزيرُ بالقُرْبِ من نهاوند، وكان هو والسُّلطانُ في أصبهان، وقد عاد إلى بغداد، فلمَّا كان بهذا المكان، بعد أن فَرَغَ من إفطارِه، وخَرجَ في مَحِفَّتِه إلى خَيمةِ حَرَمِه، أَتاهُ صَبِيٌّ دَيلميٌّ من الباطِنيَّةِ، في صورة مُستَميحٍ، أو مُستَغيثٍ، فضَرَبَهُ بِسِكِّينٍ كانت معه، فقَضَى عليه وهَرَبَ، فعَثَرَ بطُنُبِ خَيمَةٍ، فأَدرَكوهُ فقَتَلوهُ، فسَكَنَ عَسكرُه وأَصحابُه، وقيل: إن قَتْلَهُ كان بتَدبيرِ السُّلطانِ، فلم يُمهَل بعدَه إلا نحوَ شَهرٍ، وبقي كانت وِزارتُه لبَنِي سلجوق أربعًا وثلاثين سَنةً- وقيل: أربعين سَنةً- تُوفِّي عن سِتٍّ وسبعين سَنةً.

العام الهجري : 751 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1350
تفاصيل الحدث:

قال ابنُ كثير: من العجائب والغرائب التي لم يتَّفِقْ مِثلُها ولم يقَعْ مِن نحو مائتي سنة وأكثر، أنَّه بطل الوقيدُ بجامع دمشق في ليلة النصف من شعبان، فلم يَزِدْ في وقيده قنديلٌ واحد على عادة لياليه في سائر السنة، ولله الحمد والمنة. وفرح أهلُ العلم بذلك، وأهلُ الديانة، وشكَرَ الله تعالى على تبطيل هذه البدعة الشنعاء، التي كان يتولَّدُ بسببها شرور كثيرة بالبلد، والاستئجار بالجامع الأموي، وكان ذلك بمرسومِ السلطان الملك الناصر حسن بن الملك الناصر محمد بن قلاوون

العام الهجري : 9 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:

هو أَصْحَمَةُ بنُ أَبْجَرَ مَلِكُ الحَبشةِ، والنَّجاشيُّ لَقبٌ له ولمُلوكِ الحَبشةِ، ومَعْنى: أَصْحَمَةَ: عَطِيَّةُ، وقِيلَ: عَطِيَّةُ الله، وقِيلَ: عَطاءٌ.
تَوَلَّى الحُكمَ بعدَ مَوتِ عَمِّهِ، وبعدَ سَنواتٍ مِن حُكمِهِ وانْتِشارِ عَدْلِه أَسلمَ في عَهدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأَحسنَ إلى المسلمين الذين هاجَروا إلى أَرضِه، قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأَصحابِه عن النَّجاشيِّ: لو خَرجتُم إلى أرضِ الحَبشةِ فإنَّ بها مَلِكًا لا يُظْلَمُ عنده أحدٌ، وهي أرضُ صِدْقٍ، حتَّى يَجعلَ الله لكم فَرَجًا. ولمَّا ماتَ صلَّى عليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالمدينةِ صَلاةَ الغائِبِ، فعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَعى لهم النَّجاشيَّ صاحِبَ الحَبشةِ، في اليَومِ الذي مات فيه، وقال: «اسْتَغْفِروا لأَخيكُم». وعن جابرٍ رضي الله عنه: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حين مات النَّجاشيُّ: «مات اليَومَ رَجلٌ صالِحٌ، فقوموا فصَلُّوا على أَخيكُم أَصْحَمَةَ».

العام الهجري : 161 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 778
تفاصيل الحدث:

هو شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، أميرُ المؤمنين في الحديث، أبو عبد الله سفيانُ بنُ سعيد بن مسروق الثوريُّ التميميُّ، وُلِدَ سنة 97 بالكوفة, وهو سيِّدُ أهل زمانه في العِلم والدين، من كبارِ تابعي التابعينَ, وأحدُ الأئمة المجتهدينَ الذين كان لهم أتباعٌ، مصنف كتاب (الجامع) ولد: سنة 98 اتفاقا، وطلب العلم وهو حدث باعتناء والده المحدث الصادق سعيد بن مسروق الثوري، وكان والده من أصحاب الشعبي، وخيثمة بن عبد الرحمن، ومن ثقات الكوفيين، وعداده في صغار التابعين, ولا يُختلف في إمامة سفيان وأمانته وحفظه وعلمه وزهده. قال يونس بن عبيد: "ما رأيت أفضل من سفيان الثوري، فقيل له: يا أبا عبد الله رأيت سعيد بن جبير، وإبراهيم، وعطاء، ومجاهدا وتقول هذا؟ قال: هو ما أقول، ما رأيت أفضل من سفيان" قال عبد الرحمن بن مهدي: "ما رأيت رجلاً أحسن عقلاً من مالك بن أنس، ولا رأيت رجلاً أنصح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن مبارك، ولا أعلم بالحديث من سفيان، ولا أقشف من شعبة". وقد ساق الذهبي جملة من اقوال الأئمة والعلماء في الثوري منها: قال ابن المبارك: "كتبت عن ألف ومائة شيخ، ما كتبت عن أفضل من سفيان, وما نعت لي أحد فرأيته، إلا وجدته دون نعته، إلا سفيان الثوري. قال أبو حنيفة: لو كان سفيان الثوري في التابعين، لكان فيهم له شأن. وقال أيضا: لو حضر علقمة والأسود، لاحتاجا إلى سفيان. وقال المثنى بن الصباح: سفيان عالم الأمة، وعابدها. وقال ابن أبي ذئب،: ما رأيت أشبه بالتابعين من سفيان الثوري. وقال شعبة: ساد سفيان الناس بالورع والعلم, وهو أمير المؤمنين في الحديث. وقال ابن عيينة،: ما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري. وقال أحمد بن حنبل: قال لي ابن عيينة: لن ترى بعينيك مثل سفيان الثوري حتى تموت. وعن حفص بن غياث، قال: ما أدركنا مثل سفيان، ولا أنفع من مجالسته. وقال أبو معاوية: ما رأيت قط أحفظ لحديث الأعمش من الثوري، كان يأتي، فيذاكرني بحديث الأعمش، فما رأيت أحدا أعلم منه بها. وقال يحيى بن سعيد: سفيان أعلم بحديث الأعمش من الأعمش. وقال ابن عرعرة: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سفيان أثبت من شعبة، وأعلم بالرجال. وقال محمد بن زنبور: سمعت الفضيل يقول: كان سفيان والله أعلم من أبي حنيفة. وقال بشر الحافي: سفيان في زمانه، كأبي بكر وعمر في زمانهما.". يقال: إن عدد شيوخه ستمائة شيخ، وكبارهم الذين حدثوه عن: أبي هريرة، وجرير بن عبد الله، وابن عباس، وأمثالهم. وقد قرأ الختمة عرضا على: حمزة الزيات أربع مرات. وأما الرواة عنه فقد حدث عنه من القدماء من مشيخته وغيرهم خلق، منهم: الأعمش، وأبان بن تغلب، وابن عجلان، وخصيف، وابن جريج، وجعفر الصادق، وجعفر بن برقان، وأبو حنيفة، والأوزاعي، ومعاوية بن صالح، وابن أبي ذئب، ومسعر، وشعبة، ومعمر وكلهم ماتوا قبله, وغيرهم كثير. قال يحيى بن أيوب العابد: حدثنا أبو المثنى، قال: "سمعتهم بمرو يقولون: قد جاء الثوري، قد جاء الثوري. فخرجت أنظر إليه، فإذا هو غلام قد بقل وجهه - خرج شعر وجهه-. قلت (الذهبي): "كان ينوه بذكره في صغره، من أجل فرط ذكائه، وحفظه، وحدث وهو شاب قال أبو بكر بن عياش: إني لأرى الرجل يصحب سفيان، فيعظم في عيني. وقال ورقاء، وجماعة: لم ير سفيان الثوري مثل نفسه." كان سفيان رأسا في الزهد، والتأله، والخوف، رأسا في الحفظ، رأسا في معرفة الآثار، رأسا في الفقه، لا يخاف في الله لومة لائم, وهو من أئمة الدين، وكان يكثر من ذكر الآخرة, واغتفر له غير مسألة اجتهد فيها، وفيه تشيع يسير، كان يثلث بعلي، وهو على مذهب بلده أيضا في النبيذ. ويقال: رجع عن كل ذلك، وكان ينكر على الملوك، ولا يرى الخروج أصلا ومن أقوله رحمه الله: ما أودعت قلبي شيئا فخانني. قال وكيع، سمعت سفيان يقول: ليس الزهد بأكل الغليظ، ولبس الخشن، ولكنه قصر الأمل، وارتقاب الموت. وقال يحيى بن يمان: سمعت سفيان يقول: المال داء هذه الأمة، والعالم طبيب هذه الأمة، فإذا جر العالم الداء إلى نفسه، فمتى يبرئ الناس وقال عبد الرزاق: دعا الثوري بطعام ولحم، فأكله، ثم دعا بتمر وزبد، فأكله، ثم قام، وقال: أحسن إلى الزنجي، وكده. أبو هشام الرفاعي: سمعت يحيى بن يمان، عن سفيان، قال: إني لأرى الشيء يجب علي أن أتكلم فيه، فلا أفعل، فأبول دما. وقال سفيان: ما وضع رجل يده في قصعة رجل، إلا ذل له. قيل: إن عبد الصمد عم المنصور دخل على سفيان يعوده، فحول وجهه إلى الحائط، ولم يرد السلام. فقال عبد الصمد: يا سيف! أظن أبا عبد الله نائما. قال: أحسب ذاك أصلحك الله. فقال سفيان: لا تكذب، لست بنائم. فقال عبد الصمد: يا أبا عبد الله! لك حاجة؟ قال: نعم، ثلاث حوائج: لا تعود إلي ثانية، ولا تشهد جنازتي، ولا تترحم علي. فخجل عبد الصمد، وقام، فلما خرج، قال: والله لقد هممت أن لا أخرج، إلا ورأسه معي. دعاه المنصور لتولِّي القضاءِ فأبى، ثم طلَبَه المهدي لذلك, فأبى ثم أتي به للمهدي، فلما دخل عليه سلم تسليم العامة ولم يسلم بالخلافة، والربيع قائم على رأس المهدي متكئاً على سيفه يرقب أمر الثوري، فأقبل عليه المهدي بوجه طلق، وقال له: يا سفيان، تفر منا ها هنا وها هنا وتظن أنا لو أردناك بسوء لم نقدر عليك، فقد قدرنا عليك الآن، أفما تخشى أن نحكم فيك بهوانا قال سفيان: إن تحكم فيّ يحكم فيك ملك قادر يفرق بين الحق والباطل، فقال له الربيع: يا أمير المؤمنين، ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا إيذن لي أن أضرب عنقه، فقال له المهدي: اسكت ويلك، وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم اكتبوا عهده على قضاء الكوفة على أن لا يُعترض عليه في حكم، فكتب عهده ودفع إليه، فأخذه وخرج فرمى به في دجلة وهرب، فطلب في كل بلد فلم يوجد. هرب إلى مكَّة أولًا، ثم خرج إلى البصرة وبقي فيها متواريًا حتى مات فيها", وأُخرِجَت جنازتُه على أهلِ البصرة فجأةً، فشَهِدَه الخلقُ، وصلَّى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر، ونزل في حُفرتِه هو وخالد بن الحارث. مات وله ثلاث وستون سنة.

العام الهجري : 7 ق هـ العام الميلادي : 615
تفاصيل الحدث:

بلغ المهاجرين في الحَبشةِ أنَّ قُريشًا قد أسلمتْ، فرجعوا إلى مكَّة في شوَّالٍ من نفسِ السَّنةِ التي هاجروا فيها، فلمَّا كانوا دون مكَّة ساعةً من نهارٍ وعرفوا جلية الأمرِ رجع منهم مَنْ رجع إلى الحَبشةِ، ولم يدخلْ في مكَّة مِن سائرهِم أحدٌ إلَّا مُستخفِيًا، أو في جِوارِ رجلٍ من قُريشٍ‏.‏ ثم اشتدَّ عليهِم وعلى المسلمين البلاءُ والعذابُ من قُريشٍ، وسَطَتْ بهِم عشائرُهُم، فقد كان صعبًا على قُريشٍ ما بلغها عَنِ النَّجاشيِّ من حُسنِ الجِوارِ، ولم يرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بُدًّا من أن يُشيرَ على أصحابهِ بالهجرةِ إلى الحَبشةِ مَرَّةً أُخرى‏.‏ واستعدَّ المسلمون للهجرةِ مَرَّةً أُخرى، حاولتْ قُريشٌ إحباطَ عمليَّةِ الهجرةِ الثَّانيةِ بَيْدَ أنَّ المسلمين كانوا أسرعَ، فانحازوا إلى نَجاشيِّ الحَبشةِ قبلَ أن يُدركوا‏.‏ هاجر مِنَ الرِّجالِ ثلاثةٌ وثمانون رجلًا، وثماني عشرةَ أو تسعَ عشرةَ امرأةً. فأرسلتْ قُريشٌ عَمرَو بنَ العاصِ، وعبدَ الله بنَ أبي رَبيعةَ قبلَ أن يُسلِما، وأرسلوا معهُما الهدايا المُستطرَفةَ للنَّجاشيِّ ولبَطارِقتِهِ، وبعد أن حضرا إلى النَّجاشيِّ قدَّما له الهدايا، ثمَّ كلَّماهُ فقالا له‏:‏ أيُّها الملكُ، إنَّه قد ضَوَى إلى بلدِك غِلمانٌ سُفهاءُ، فارقوا دينَ قومهِم، ولم يدخلوا في دينِك، وجاءوا بدينٍ ابتدعوه، لا نعرفُه نحن ولا أنت، وقد بعثَنا إليك فيهِم أشرافُ قومهِم من آبائهِم وأعمامهِم وعشائرهِم؛ لِتردَّهُم إليهِم، فَهُمْ أعلى بهِم عينًا، وأعلمُ بما عابوا عليهِم. وعاتبوهُم فيهِ،‏ وقالت البَطارِقةُ‏:‏ صَدقا أيُّها الملكُ، فأسلِمْهُم إليهِما، فليردَّاهُم إلى قومهِم وبلادهِم‏.‏ فأرسل النَّجاشيُّ إلى المسلمين، ودعاهُم، فحضروا، وكانوا قد أجمعوا على الصِّدقِ كائنًا ما كان،‏ فقال لهم النَّجاشيُّ‏:‏ ما هذا الدِّينُ الذي فارقتُم فيه قومَكُم، ولم تدخلوا به في ديني ولا دينِ أحدٍ من هذه المِلَلِ ‏؟‏ قال جعفرُ بنُ أبي طالبٍ -وكان هو المُتكلِّمُ عَنِ المسلمين‏:‏ أيُّها الملكُ، كُنَّا قومًا أهلَ جاهليَّةٍ؛ نعبدُ الأصنامَ، ونأكلُ المَيتةَ، ونأتي الفواحشَ، ونقطعُ الأرحامَ، ونُسِئُ الجِوارَ، ويأكلُ مِنَّا القويُّ الضَّعيفَ، وعدَّد له مَحاسنَ ما جاءهُم به صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال: فصدَّقناهُ، وآمنَّا بهِ، واتَّبعناهُ على ما جاءنا بهِ من دينِ الله، فعبدنا الله وحدَه، فلم نُشركْ به شيئًا، وحرَّمنا ما حُرِّمَ علينا، وأحللنا ما أحلَّ لنا، فعدا علينا قومُنا، فعذَّبونا وفَتنونا عن ديننا؛ لِيردُّونا إلى عِبادةِ الأوثانِ من عِبادةِ الله تعالى، وأن نَستحِلَّ ما كُنَّا نَستحِلُّ مِنَ الخبائثِ، فلمَّا قَهرونا وظَلمونا وضيَّقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادِك، واخترناك على مَنْ سِواكَ، ورغِبنا في جِوارِك، ورَجوْنا ألَّا نُظْلَمَ عندك أيُّها الملكُ‏.‏ فقال له النَّجاشيُّ‏:‏ هل معك ممَّا جاء به عن الله من شيءٍ‏؟‏ فقال له جعفرٌ‏:‏ نعم‏.‏ فقال له النَّجاشيُّ‏:‏ فاقْرأْهُ عليَّ، فقرأ عَليهِ صدرًا من: (سورة مريم) فبكى النَّجاشيُّ حتَّى اخْضَلَّتْ لِحيتُه، وبكتْ أساقِفتُه حتَّى أخْضَلُوا مصاحِفَهُم حين سمِعوا ما تلا عليهِم، ثمَّ قال لهم النَّجاشيُّ‏:‏ إنَّ هذا والذي جاء به عيسى لَيخرجُ من مِشكاةٍ واحدةٍ، انطلقا، فلا والله لا أُسلِمُهُم إليكُما، ولا يُكادونَ -يُخاطِبُ عَمرَو بنَ العاصِ وصاحبَه- فخرجا، فلمَّا خرجا قال عَمرُو بنُ العاصِ لعبدِ الله بنِ أبي رَبيعةَ‏:‏ والله لآتينَّهُ غدًا عنهُم بما أَسْتَأْصِلُ به خَضراءَهُم‏.‏ فقال له عبدُ الله بنُ أبي رَبيعةَ‏:‏ لا تفعلْ، فإنَّ لهم أرحامًا، وإنْ كانوا قد خالفونا. ولكنْ أصرَّ عَمرٌو على رأيِهِ‏.‏ فلمَّا كان الغدُ قال للنَّجاشيِّ‏:‏ أيُّها الملكُ، إنَّهم يقولون في عيسى ابنِ مريمَ قولًا عظيمًا، فأرسل إليهم النَّجاشيُّ يسألهُم عن قولِهم في المَسيحِ ففَزِعوا، ولكنْ أجمعوا على الصِّدقِ، كائنًا ما كان، فلمَّا دخلوا عَليهِ وسألهم، قال له جعفرٌ‏:‏ نقولُ فيه الذي جاءنا به نبيُّنا صلى الله عليه وسلم‏:‏ هو عبدُ الله ورسولُه ورُوحهُ وكَلِمتُه ألقاها إلى مريمَ العذراءِ البَتُولِ‏.‏ فأخذ النَّجاشيُّ عودًا مِنَ الأرضِ ثمَّ قال‏:‏ والله ما عَدا عيسى ابنُ مريمَ ما قلتَ هذا العودَ. فتَناخَرتْ بَطارِقتُه، فقال‏:‏ وإنْ نَخَرْتُم ‏.‏ ثمَّ قال للمسلمين‏:‏ اذهبوا فأنتم شُيُومٌ بأرضي -والشُّيومُ‏:‏ الآمِنونَ بلسانِ الحَبشةِ- مَنْ سَبَّكم غَرِم، مَنْ سَبَّكم غَرِم، مَنْ سَبَّكم غَرِم، ما أُحِبُّ أنَّ لي دَبْرًا من ذهبٍ وإنِّي آذيتُ رجلًا منكُم -والدَّبْرُ‏:‏ الجبلُ بلسانِ الحَبشةِ-‏ ثمَّ قال لِحاشِيَتِهِ‏:‏ رُدُّوا عليهِما هَداياهُما فلا حاجةَ لي بها، فوالله ما أخذَ الله مِنِّـي الرِّشـوةَ حين رَدَّ عليَّ مُلكي، فآخذُ الرِّشـوةَ فيــه، وما أطاع النَّاسَ فِيَّ فأُطيعَـهُم فيهِ‏.‏ قالتْ أمُّ سَلمةَ: فخرجا من عندِه مَقبوحينَ مَردودًا عليهِما ما جاءا بهِ، وأقمنا عندهُ بخيرِ دارٍ مع خيرِ جارٍ‏.‏

العام الهجري : 744 العام الميلادي : 1343
تفاصيل الحدث:

كان الأميرُ أقسنقر السلاري في نيابتِه لا يَرُدُّ قصَّةً تُرفَعُ إليه، فقصده الناسُ مِن الأقطار وسألوه الرِّزقَ والأراضيَ التي أنْهَوا أنها لم تكنْ بيَدِ أحَدٍ، وكذلك نيابات القلاع وولايات الأعمالِ والرواتب وإقطاعات الحلقة. فلم يرُدَّ أحدًا سأله شيئًا من ذلك سواءٌ كان ما أنهاه صحيحًا أم باطلًا. فإذا قيل له: هذا الذي أنهاه يحتاجُ إلى كَشفٍ، تغَيَّرَ وَجهُه وقال: ليش تقطع رزق الناسِ؟ فإذا كتَبَ بالإقطاعِ لأحدٍ وحضَرَ صاحِبُه مِن سَفَرِه أو تعافى مِن مَرَضِه وسألَه في إعادتِه، قال له: رحْ خذ إقطاعَك، أو يقول له: نحن نعَوِّضُك. ففسدت الأحوالُ ولا سيَّما بالمملكة الشاميَّة، فكتب النوابُ بذلك للسُّلطانِ، فكَلَّمه السلطانُ فلم يرجِعْ وقال: كلُّ من طلب مني شيئًا أعطيتُه وما أردُّ قَلمي عن أحدٍ، بحيث إنَّه كانت تُقَدَّمُ له القصَّةُ وهو يأكُلُ فيترُكُ أكلُه ويكتُبُ عليها من غيرِ أن يعرِفَ ما فيها، فأغلظَ له بسَبَبِ ذلك آقسنقر الناصري أمير أخور. واتَّفَق مع ذلك أنَّه وشى به أنه يباطنُ للنَّاصِرِ أحمد ويواصِلُ كُتُبَه إليه، فقرر أرغون العلائي مع السلطانِ مَسْكَه، فمُسِكَ هو وحاشيتُه، وفي يوم الجمعة ثاني عَشَرِه خَلَعَ السلطانُ آقسنقرَ السلاري. وكان العلائيُّ قد قرَّرَ مع السلطانِ أن يَعرِضَ على الأمراءِ نيابةَ السلطنة، فأوَّلُ مَن عُرِضَت عليه الأميرُ بدر الدين جنكلي بن البابا فامتنع، فقالوا بعده للأميرِ الحاج آل ملك الجوكندار، فأظهر البِشْرَ وأجاب لها إن قُبِلَت شُروطُه، فلما طلع الأميرُ الحاج آل ملك لصلاة الجمعةِ على العادة اشترط على السلطانِ ألَّا يفعَلَ شَيئًا في المملكة إلَّا برأيه وأنه يَمنَعُ الخمرَ مِن البيعِ ويُقيمُ مَنارَ الشَّرعِ، وأنَّه لا يُعارَضُ فيما يفعَلُه، فقَبِلَ السلطان شروطَه ولبس الأميرُ الحاج آل ملك تشريفَ النيابة بجامِعِ القلعة بعد صلاة الجمعة. وأنعم عليه السلطانُ زيادةً على إقطاعِ النيابة بناحيتي المطرية والخصوص ومتحَصَّلهما أربعمائة ألف وخمسين ألف درهم. وفي يوم السبت ثالث عَشَرِه: خلع السلطانُ علي منكلي بغا الفخري واستقَرَّ أمير جندار عوضًا عن بيغرا. وفيه فتح شباك النيابة وجَلَس فيه الأمير الحاج آل ملك للمُحاكَماتِ.

العام الهجري : 16 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 637
تفاصيل الحدث:

كتَب أبو موسى الأَشعريُّ إلى عُمَر: إنَّه يأتينا منك كُتُبٌ ليس لها تاريخٌ، فجمَع عُمَرُ النَّاسَ للمَشُورَةِ، فقال بعضُهم: أَرِّخْ لِمَبْعَثِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. وقال بعضُهم: لمُهاجرَةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. فقال عُمَرُ: بل نُؤَرِّخُ لمُهاجرَةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فإنَّ مُهاجَرتَه فَرْقٌ بين الحَقِّ والباطلِ. قاله الشَّعْبِيُّ، وقال مَيمونُ بن مِهْرانَ: وقِيلَ: رُفِعَ إلى عُمَرَ صَكٌّ مَحِلُّهُ شَعبان، فقال: أَيُّ شَعبان؟ أَشَعبان الذي هو آتٍ، أم شَعبان الذي نحن فيه؟ ثمَّ قال لأصحابِ رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم: ضَعوا للنَّاسِ شيئًا يَعرِفونه. فقال بعضُهم: اكْتُبوا على تاريخ الرُّومِ، فإنَّهم يُؤَرِّخون مِن عَهدِ ذي القَرْنينِ. فقال: هذا يَطُول. فقال: اكْتُبوا على تاريخ الفُرْسِ. فقِيلَ: إنَّ الفُرْسَ كُلمَّا قام مَلِكٌ طَرَحَ تاريخَ مَن كان قَبلَهُ. فاجتمع رَأيُهم على أن يَنظروا كم أقام رسولُ الله بالمدينةِ، فوَجدوه عشرَ سِنين، فكتبوا التَّاريخَ مِن هِجرَةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. قال محمَّدُ بن سِيرينَ: قام رجلٌ إلى عُمَر فقال: أَرِّخُوا. فقال عُمَرُ: ما أَرِّخُوا؟ فقال: شيءٌ تَفعلُه الأعاجمُ في شهرِ كذا مِن سَنَةِ كذا. فقال عُمَرُ: حَسَنٌ، فأَرِّخُوا. فاتَّفَقوا على الهِجرَةِ، ثمَّ قالوا: مِن أيِّ الشُّهورِ؟ فقالوا: مِن رَمضان. ثمَّ قالوا: فالمُحَرَّمُ هو مُنْصَرَفُ النَّاسِ مِن حَجِّهِم، وهو شهرٌ حرامٌ. فأَجْمَعوا عليه.

العام الهجري : 664 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1266
تفاصيل الحدث:

سار الملك المنصور صاحب حماة ومن معه، إلى حصن دير بساك ودخلوا الدربند، وقد بنى التكفور هيتوم بن قسطنطين بن باساك ملك الأرمن على رؤوس الجبال أبراجًا وهو الذي تزهَّد فيما بعد، وترك المُلكَ لولده ليفون فاستعد ووقف في عسكره، فعندما التقى الفريقان أُسِرَ ليفون بن ملك سيس، وقُتِلَ أخوه وعمه، وانهزم عمه الآخر، وقتل ابنه الآخر، وتمزق الباقي من الملوك, وكانوا اثني عشر ملكًا وقُتِلَت أبطالهم وجنودهم، وركب العسكر أقفيتهم وهو يقتل ويأسر ويحرق، وأخذ العسكر قلعة حصينة للداوية، فقُتِلَت الرجال وسُبِيت النساءُ وفُرِّقَت على العسكر وحُرِقت القلعة بما فيها من الحواصل، ودخلوا سيس فأخربوها وجعلوا عاليها سافلها، وأقاموا أيامًا يحرقون ويقتلون ويأسرون، وسار الأمير أوغان إلى جهة الروم، والأمير قلاوون إلى المصيصة وأذنة وأياس وطرسوس، فقتلوا وأسروا وهَدَموا عِدَّةَ قلاع وحرقوا، هذا وصاحب حماة مقيم بسيس، ثم عادوا إليه وقد اجتمع معهم من الغنائم ما لا يعد ولا يحصى، وذلك أن أهل سيس كانوا أضرَّ شيء على المسلمين زمن التتار، لما أخذوا مدينة حلب وغيرها أسروا من نساء المسلمين وأطفالهم خلقًا كثيرًا، ثم كانوا بعد ذلك يغيرون على بلاد المسلمين في زمن هولاكو، فكبته الله وأهانه على يدي أنصار الإسلام، هو وأميره كتبغا، وكان أخذ سيس يوم الثلاثاء العشرين من ذي القعدة من هذه السنة، وطلب صاحب سيس أن يفادي ولده، فقال السلطان لا نفاديه إلا بأسير لنا عند التتار يقال له سنقر الأشقر، فذهب صاحب سيس إلى ملك التتار فتذلل له وتمسكن وخضع له، حتى أطلقه له، فلما وصل سنقر الأشقر إلى السلطان أطلق ابن صاحب سيس.

العام الهجري : 573 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1177
تفاصيل الحدث:

لما رأى الفرنج الخلافَ الذي في  قلعةِ حارم وقَتْل الملك الصالحِ صاحِبَها سعد الدين كمشتكين، ساروا إلى حارم من حماة في جمادى الأولى، ظنًّا منهم أنَّهم لا ناصِرَ لهم، وأنَّ الملك الصالح صبيٌّ قليل العسكر، وصلاحُ الدين بمصر، فاغتنموا هذه الفرصةَ ونازلوها وأطالوا المقامَ عليها مدة أربعة أشهر، ونَصَبوا عليها المجانيقَ والسلالم، فلم يزالوا كذلك إلى أن بذل لهم المَلِكُ الصالح مالًا، وقال لهم: إنَّ صلاح الدين واصِلٌ إلى الشام، وربما أُسَلِّمُ القلعة ومن بها إليه، فأجابوه حينئذٍ إلى الرحيل عنها، فلما رحلوا عنها سيَّرَ إليها الملك الصالح جيشًا فحَصَروها، وقد بلغ الجهدُ منهم بحصارِ الفرنج، وصاروا كأنَّهم طلائع، وكان قد قُتِلَ من أهلها وجُرح الكثير، فسلَّموا القلعةَ إلى الملك الصالح، فاستناب بها مملوكًا كان لأبيه، اسمُه سرخك.

العام الهجري : 163 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 780
تفاصيل الحدث:

تجهَّزَ المهدي لغزو الروم، فخرج وعسكرَ بالبردان، وجمع الأجناد من خراسان وغيرها، وسار عنها، وكان قد توفِّي عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس في جمادى الآخرة، وسار المهدي من الغد، واستخلفَ على بغداد ابنَه موسى الهادي، واستصحَبَ معه ابنه هارون الرشيد، وسار على الموصِل والجزيرة، وعزل عنها عبد الصمد بن علي في مسيرِه ذلك، ولما حاذى قصرَ مسلمة بن عبد الملك، قال العباس بن محمد بن علي للمهدي: إنَّ لِمَسلمةَ بن عبد الملك في أعناقنا مِنَّة، كان محمد بن علي مَرَّ به، فأعطاه أربعةَ آلاف دينار، وقال له: إذا نَفِدَت فلا تحتَشِمْنا, فأحضر المهديُّ ولدَ مَسْلمة ومواليَه، وأمرَ لهم بعشرين ألفَ دينار، وأجرى عليهم الأرزاقَ، وعبَرَ الفُرات إلى حلب، وأرسل وهو بحلب فجَمَع مَن بتلك الناحية من الزَّنادقة، فجُمِعوا فقَتَلهم، وقطَّعَ كُتُبَهم بالسَّكاكين، وسار عنها مشيِّعًا لابنه هارون الرشيد، حتى جاز الدربَ وبلغ جيحان، فسار هارون، ومعه عيسى بن موسى، وعبد الملك بن صالح، والربيع، والحسن بن قحطبة، والحسن وسليمان ابنا برمك، ويحيى بن خالد بن برمك، وكان إليه أمرُ العَسكر، والنَّفَقات، والكتابة وغير ذلك، فساروا فنزلوا على حصنِ سمالوا، فحصره هارونُ ثمانية وثلاثين يومًا، ونصَبَ عليه المجانيقَ، ففتحه الله عليهم بالأمانِ، ووفى لهم، وفتحوا فتوحًا كثيرةً.

العام الهجري : 1039 العام الميلادي : 1629
تفاصيل الحدث:

هو السلطان أبو المعالي زيدان بن أحمد المنصور الذهبي السعدي، زعيم الأشراف في المغرب الأقصى. كان في أيام أبيه مقيمًا بتادلا أميرًا عليها، تولى بعد وفاة والده المنصور سنة 1012حيث اجتمع أهل الحَل والعقد من أعيان فاس وكبرائها والجمهور من جيش المنصور على بيعة ولده زيدان، وقالوا إن المنصور استخلفه في حياته ومات في حجره، وكان المنصور قد عزل ابنه الكبير الشيخ المأمون وسجنه في مراكش لفساده وتمرده، فلما تمت البيعة لزيدان انتفض عليه أخواه أبو فارس ومحمد الشيخ المأمون، فحارباه وهزما جيشه. فلحق زيدان بتلمسان. وجعل يتنقل بين سجلماسة ودرعة والسوس ومعه فلول من جيشه، يدعو الناس إلى مناصرته على أخويه، حتى استجاب له أهل مراكش، فنادوا به سلطانًا سنة 1015, ولكن لم يلبث أن أخرجه منها أخوه المأمون سنة 1016 فلجأ إلى الجبال مدة يسيرة، وعاد فامتلك مراكش في السنة نفسها. وقويت شوكته، فاستولى على فاس سنة 1017 وأخرجه منها أنصار المأمون سنة 1018 واستمر السلطان زيدان مالكًا مراكش وأطرافها إلى أن توفي بعد أن أمضى قرابة السبع وعشرين سنة في الملك، وخلفه بعده ابنه أبو مروان عبد الملك الذي تقاتل مع أخويه الأميرين الوليد وأحمد وهزمهما.