الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1885 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 720 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1320
تفاصيل الحدث:

في يومِ الخميس الثاني والعشرين من رجب عُقِدَ مجلس بدار السعادة للشَّيخِ تقي الدين ابن تيمية بحضرة نائب السَّلطنةِ، وحضر فيه القضاةُ والمُفتُونَ من المذاهب، وحضر الشيخُ وعاتبوه على العَودِ إلى الإفتاء بمسألةِ الطلاقِ، ثمَّ حُبِسَ في القلعةِ فبَقِيَ فيها خمسة أشهر وثمانية عشر يومًا، ثمَّ ورد مرسوم من السلطانِ بإخراجه يوم الاثنين يوم عاشوراء من سنةِ إحدى وعشرين، وكان الشيخُ قد عُقِدَ له أكثَرُ من مجلسٍ ومُنِعَ من الإفتاء في هذه المسألة في الطلاقِ، وهو أنَّ مَن حلف بالطلاقِ غَيرَ ناوٍ للطلاقِ فإنَّه لا يَقَعُ، ومسألة طلاقِ الثلاثِ في مجلسٍ واحدٍ تُعتبَرُ طلقةً واحدة، وقد أُصدِرَ مرسومٌ من السلطان بمَنعِه من الفتوى بهذه المسألةِ، وكان قد امتنع أوَّلًا، ثم في هذه السنة حصل اعتقالُه.

العام الهجري : 758 العام الميلادي : 1356
تفاصيل الحدث:

لما طلب البيزنطيون المساعدةَ من العثمانيين ضِدَّ الصرب، أدرك بذلك العثمانيون ضَعفَ البيزنطيين، فرأى أورخان سلطانُ العثمانيين أن ينتَقِلَ إلى الضفة الغربية من مضيقِ الدردنيل ليتقَدَّمَ بعدها إلى أوروبا فيتمَكَّنَ من الإحاطة بالقسطنطينية والهجومِ عليها من الغرب؛ حيث عجز المسلمون عن فتحها من الشرقِ، فأرسل ابنه الكبير سليمان لدراسة هذه الخطة، وفي هذا العام اجتاز سليمانُ مضيق الدردنيل ليلًا مع أربعين رجلًا من أبطالِه، ولما وصلوا إلى الضفة الغربية استولوا على الزوارق الروميَّة الراسية هناك وعادوا بها إلى الضفة الشرقيَّة؛ إذ لم يكن للعثمانيين أسطول، ثم انتقلوا إلى الشاطئِ الأوربيِّ فاحتلوا قلعة تزنب وغاليبولي التي فيها قلعة جنا- القلعة المشهورة- وأبسالا ورودستو، وهذه كلها تقع على مضيق الدردنيل من الجنوب إلى الشمال حتى تصبح رودستو على بحر مرمرة.

العام الهجري : 1102 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1691
تفاصيل الحدث:

هو الصدر الأعظم فاضل مصطفى باشا ابن الصدر الأعظم محمد علي باشا كوبريلي، رئيس وزراء الدولة العثمانية، وسليل عائلة كوبريلي الشهيرة وأخو الصدر الأعظم أحمد كوبريلي، كان عظيم النفع للدولة العثمانية. لما رأى السلطان إبراهيم الأول توالي المصائب على الدولة عزل الصدر الأعظم مصطفى باشا, وعيَّن مكانه مصطفى باشا بن محمد باشا كوبريلي الكبير, ولم يكن مصطفى أضعفَ همة من والده، بل كان يشبهه في علو المكانة ومَضاء العزيمة. استشهد أثناء الحرب مع ألمانيا، عن عمر يناهز 53 عامًا، وقد استمر في رئاسة الوزراء مدة 12 عامًا و9 أشهر أعاد خلالها هيبة الدولة وقوتها.

العام الهجري : 1229 العام الميلادي : 1813
تفاصيل الحدث:

هو الأميرُ إبراهيم بن سليمان بن عفيصان أميرُ الأحساء، ومِن أبرزِ قادةِ وأمراء الدولة السعودية الأولى حقَّق عددًا من الانتصاراتِ في معاركَ مع خصومِ الدَّولةِ خاصَّةً في مناطِقِ شرقيَّ الجزيرة العربية, وقد تولَّى ابن عفيصان إمرةَ عددٍ مِن البلدان التي خضعت لحُكمِ الدولة السعودية؛ فقد تولى إمارةَ الأحساء في عهد الإمامِ عبد العزيز بن محمد بعد أن تمكَّن من فتحِها سنة  1210هـ/ 1795م، ثم أصبح إبراهيم أميرَ البحرين بعد أن أرسلَه الإمامُ عبد العزيز لمساعدة آلِ خليفة في التخلُّصِ من حُكمِ سلطان بن سعيد حاكمِ عمان، ثمَّ أميرَ قطر، ثم أمير عمان، ثمَّ أمير المدينة المنورة، ثم أخيرًا أميرًا لعنيزة إلى أن توفِّي فيها هذا العامَ

العام الهجري : 1254 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1838
تفاصيل الحدث:

وصلت حملةُ خورشيد باشا إلى الرياض في رجب من هذه السنة، وطُلِب من الإمام فيصل بن تركي -الموجود في الدلم- الاستسلام، وإلا فإنه سيواجِهُ الحرب، ولما رفض الإمام فيصل الإنذار، وقع القتالُ بين الطرفَين في معركة الخراب، في جهة الدلم، وتغلبت فيه قواتُ خورشيد باشا على الإمام فيصل وأتباعه. وانتهى الأمرُ باستسلام فيصل بن تركي في رمضان من هذا العام، بعد أن حصل على الأمان للبلدة. وفي اليوم الثاني من شوال أُخِذ إلى مصر ومعه ولداه: عبد الله ومحمد، وأخوه جلوي بن تركي، وابن أخيه عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله؛ حيث انضموا إلى بقية آل سعود هناك. وكانت تلك نهايةَ الفترة الأولى من حكم الإمام فيصل بن تركي.

العام الهجري : 1293 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1876
تفاصيل الحدث:

ظنَّ السلطان عبد العزيز بن محمود الثاني أنَّه إذا تقرَّب إلى الروس فإن ذلك سيؤثِّرُ على الدول الأوربية الغربية لتقديمِ تساهلاتٍ أكثَرَ للدولة العثمانية، فخافت الدولُ الأوربية فأشاعت عنه التبذيرَ والإسرافَ، وتولى رئيسُ مجلس الشورى أحمد مدحت باشا فكرةَ عَزلِه، كما تواطأ معه شيخُ الإسلام حسن خير الله أفندي -المنتمي لحركة تركيا الفتاة- فأصدر فتوى شرعية تفيدُ بعَزلِه, فعُزِلَ السلطان عبد العزيز في هذا العام بعد أن أمضى في الحكم ست عشرة سنة وأربعة أشهر كان يسعى خلالها إلى تقويةِ الدولةِ، ثم قُتِلَ بعد ذلك وأُشيعَ أنَّه انتحر، وتولى الخلافةَ بعده ابنُ أخيه مراد الخامس بن عبد المجيد في اليوم السابع من هذا الشهر في هذه السنة.

العام الهجري : 1337 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1919
تفاصيل الحدث:

دفعت أحداث تربة والخرمة (من محافظات منطقة مكة المكرمة) والصراع الحجازي النجدي الحكومة البريطانية إلى الطلب من الملك عبدالعزيز إرسال وفد إلى لندن فكلف ابنه فيصل البالغ من العمر 14 سنة للقيام بهذه الزيارة نيابة عنه وأرسل معه وفدا ضم مستشاره للشؤون الخارجية أحمد بن ثنيان ولحق بهم فيلبي سكرتير برسي كوكس المعتمد البريطاني في الخليج ليكون وسيطا بين حكومته والوفد، وقد حضر فيصل والوفد المرافق له احتفالات انتصارات بريطانيا في الحرب العظمى ثم قام بجولة على مشاهد آثار المعارك والخراب من جراء الحرب العالمية ووقف على معالم الحضارة الغربية والتطور العسكري ثم زار فرنسا وإيرلندا وويلز، وعاد من رحلته بعد ستة أشهر.

العام الهجري : 1430 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 2009
تفاصيل الحدث:

وُلِد الشيخُ محمد سليمان الأشقر في قريةِ بَرقَة التَّابعةِ لمُحافظة نابُلُس في الثلاثينات من القرن الماضي، وهو من بيتِ علمٍ، وكان رحمه الله المدرِّسَ الأولَ لأخيه الدكتور المعروف الشَّيخِ عمر سليمان الأشقر... وخَرَج الشيخُ الأشقر من فِلَسطين إلى المملكة العربية السعودية، وعَمِل مدرِّسًا في جامعةِ الإمام محمد بن سعود في الرِّياض مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى، ثم انتَقَل إلى المدينةِ سنةَ (1382هـ) مع الشيخِ ابن باز أيضًا، ثم رَحَل إلى الأردُنِّ، ومنها إلى الكُوَيت قبلَ أن يَحُطَّ رحاله أخيرًا في عَمَّان حيث قُبض، رحمة الله عليه. وللشيخِ الأشقر تفسيرٌ مُختصَر للقرآن الكريم وهو ((زُبدة التفسير))، وكتاب ((الواضح في أصول الفقه))، وغيرُها من الكتب.

العام الهجري : 767 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1365
تفاصيل الحدث:

كان الكنزُ أمير العرب بنواحي أسوان، وهو من الشيعة العَلَوية بمصر، فعصى الكنز الدولةَ واجتمَعَ إليه العرب والسودان، وطالت أيَّامُه واشتهر منذ أيام صلاح الدين، وفي هذا العام كثُرَ فسادُ أولاد الكنز وطائفة العكارمة بأسوان وسواكن، ومَنَعوا التجارَ وغَيرَهم من السفر؛ لِقَطعِهم الطريق، وأخْذِهم أموالَ الناس، وأنَّ أولاد الكنز قد غلبوا على ثغر أسوان، وصحراء عيذاب وبرية الواحات الداخلة، وصاهَروا ملوك النوبةِ، وأمراء العكارمة، واشتَدَّت شوكتُهم، ثم قَدِمَ ركن الدين كرنبس من أمراء النوبةِ، والحاج ياقوت ترجمانُ النوبة، وأرغون مملوك فارس الدين، برسالة متملك دنقلة بأن ابنَ أخته خرج عن طاعته، واستنجد ببني جعد من العرب، وقصدوا دنقلةَ فاقتتلا قتالًا كثيرًا، قُتِلَ فيه الملك وانهزم أصحابُه، ثم أقاموا عِوَضَه في المملكة أخاه، وامتَنَعوا بقلعة الدو فيما بين دنقلة وأسوان، فأخذ ابنُ أخت المقتول دنقلةَ، وجلس على سرير المملكة، وعمل وليمةً جمع فيها أمراء بني جعد وكبارَهم، وقد أعَدَّ لهم جماعةً مِن ثقاته ليفتِكوا بهم، وأمر فأُخلِيَت الدور التي حول دارِ مُضَيِّفِهم، وملأها حَطَبًا، فلما أكَلوا وشَرِبوا، خرجت جماعةٌ بأسلِحَتِهم، وقاموا على باب الدار، وأضرم آخرونَ النَّارَ في الحطب، فلما اشتعلت بادر العُربان بالخروج من الدار، فأوقع القومُ بهم، وقتلوا منهم تسعةَ عشر أميرًا في عِدَّةٍ مِن أكابرهم، ثم ركب إلى عَسكَرِهم، فقَتَل منهم مقتلةً كبيرة، وانهزم باقيهم، فأخذ جميعَ ما كان معهم واستخرج ذخائِرَ دنقلة وأموالها، وأخلاها من أهلِها، ومضى إلى قلعة الدو، وسألا أن ينجِدَهما السلطان على العَرَب، حتى يستردُّوا مُلكَهما، والتزما بحَملِ مال في كل سنة إلى مصر، فرسم السُّلطانُ بنجدتهم وأخَذَ في تجهيز العسكر من سادس عشر شهر ربيع الأول، وساروا في الرابعِ والعشرين، وهم نحوُ الثلاثة آلاف فارس، فأقاموا بمدينةِ قوص ستة أيام، واستدعوا أمراءَ أولاد الكنز من ثغر أسوان ورغَّبوهم في الطاعة، وخَوَّفوهم عاقِبةَ المعصية، وأمَّنوهم، ثم ساروا من قوص، فأتَتْهم أمراء الكنوز طائعينَ عند عقبة أدفو، فخلع عليهم الأميرُ أَقتمر عبد الغني وبالغَ في إكرامهم، ومضى بهم إلى أسوان، وسارت العساكِرُ تريدُ النوبة على محاذاتها في البَرِّ يومًا واحدًا، وإذا برُسُل متمَلِّك النوبة قد لاقَتْهم، وأخبروهم بأنَّ العَرَب قد نازلوا المَلِكَ وحصروه بقلعة الدو، فبادر الأمير أقتمر عبد الغني لانتقاء العسكر، وسار في طائفةٍ منهم جريدة، وترك البقيَّةَ مع الأثقال، وجَدَّ في سيره حتى نزل بقلعة أبريم، وبات بها ليلَتَه، وقد اجتمع بمَلِك النوبة وعرب العكارمة، وبقية أولاد الكنز، ووافاه بقية العسكر فدَبَّرَ مع مَلِكِ النوبة على أولاد الكنز، وأمراء العكارمة، وأمسكهم جميعًا، ورَكِبَ مُتَمَلِّك النوبة في الحالِ، ومعه طائفةٌ من المماليك، ومضى في البَرِّ الشَّرقيِّ إلى جزيرة ميكائيل؛ حيث إقامة العكارمة، وسار الأمير خليل بن قوصون في الجانب الغربي ومعه طائفة، فأحاطوا جميعًا بجزيرة ميكائيل عند طلوع الشمس، وأسَرُوا من بها من العكارمة، وقَتَلوا منهم عِدَّةً بالنشَّاب والنفط، وفَرَّ جماعة نجا بعضُهم وتعلق بالجبال وغرق أكثرهم، وساق ابن قوصون النساء والأولاد والأسرى والغنائم إلى عند الأمير أَقتمر، ففَرَّقَ عِدَّة من السَّبيِ في الأمراء، وأطلق عِدَّةً، وعين طائفةً للسُّلطانِ، ووقع الاتفاقُ على أن يكون كرسي ملك النوبة بقلعة الدو؛ لخراب دنقلة، ولأنَّه يخافُ من عرب بني جعد أيضًا إن نزل المَلِك بدنقلة أن يأخذوه، فكتب الأمير أقتمر عبد الغني محضرًا برضاء مَلِك النوبة بإقامته بقلعةِ الدو، واستغنائه عن النجدة، وأنَّه أذِنَ للعسكر في العود إلى مصر، ثم ألبَسَه التشريف السلطاني، وأجلسه على سرير الملك بقلعة الدو، وأقام ابنَ أخته بقلعة أبريم، فلمَّا تَمَّ ذلك جَهَّزَ مَلِكُ النوبة هديةً للسلطان، وهديةً للأمير يَلْبُغا الأتابك، ما بين خيل وهجن ورقيقٍ وتُحَف، وعاد العسكَرُ ومعهم أمراء الكنز، وأمراء العكارمة في الحديد، فأقاموا بأسوان سبعة أيام، ونودي فيها بالأمانِ والإنصاف من أولاد الكنز، فرُفِعَت عليهم عِدَّةُ مُرافعات، فقُبِضَ على عدة مِن عبيدهم وقُتلوا، ورحل العسكَرُ من أسوان، ومرُّوا إلى القاهرة، فقَدِموا في ثاني شهر رجب، ومعهم الأسرى، فعُرِضوا على السُّلطانِ، وقُيِّدوا إلى السجن، وخُلِعَ على الأمير عبد الغني، وقُبِلَت الهديَّةُ.

العام الهجري : 4 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 625
تفاصيل الحدث:

عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: «بعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عشرةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عينًا، وأَمَّرَ عليهم عاصمَ بنَ ثابتٍ الأَنصاريَّ، جَدَّ عاصمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخطاَّبِ، فانطلقوا حتَّى إذا كانوا بالهَدَأَةِ، وهو بين عُسْفانَ ومكَّةَ، ذُكِروا لِحَيٍّ مِن هُذيلٍ يُقالُ لهم: بنو لَحْيانَ، فنَفَروا لهم قريبًا مِن مائتي رجلٍ كُلُّهم رامٍ، فاقْتَصُّوا آثارَهُم حتَّى وجدوا مَأكلَهُم تمرًا تَزوَّدوهُ مِنَ المدينةِ، فقالوا: هذا تمرُ يَثْرِبَ. فاقْتَصُّوا آثارَهُم، فلمَّا رآهُم عاصمٌ وأصحابُه لَجَئُوا إلى فَدْفَدٍ وأحاط بهم القومُ، فقالوا لهم: انزلوا وأَعْطونا بِأَيديكُم، ولكم العهدُ والميثاقُ، ولا نقتُل منكم أحدًا، قال عاصمُ بنُ ثابتٍ أَميرُ السَّرِيَّةِ: أمَّا أنا فَوَالله لا أنزِلُ اليومَ في ذِمَّةِ كافرٍ، اللَّهمَّ أَخبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فرَمَوْهُم بالنَّبْلِ فقَتلوا عاصمًا في سَبعةٍ، فنزل إليهِم ثلاثةُ رَهْطٍ بالعهدِ والميثاقِ، منهم خُبَيْبٌ الأَنصاريُّ، وابنُ دَثِنَةَ، ورجلٌ آخرُ، فلمَّا اسْتمكَنوا منهم أطلقوا أَوتارَ قِسِيِّهِم فأَوثَقوهُم، فقال الرجلُ الثَّالثُ: هذا أوَّلُ الغَدْرِ، والله لا أَصحَبُكُم، إنَّ لي في هؤلاءِ لِأُسْوَةً يُريدُ القَتلى، فجَرَّروهُ وعالَجوهُ على أن يَصحبَهُم فأَبى فقَتلوهُ، فانطلقوا بخُبَيْبٍ، وابنِ دَثِنَةَ حتَّى باعوهُما بمكَّةَ بعدَ وَقعةِ بدرٍ، فابتاع خُبَيْبًا بنو الحارثِ بنِ عامرِ بنِ نَوفلِ بنِ عبدِ مَنافٍ، وكان خُبَيْبٌ هو قَتَلَ الحارثَ بنَ عامرٍ يومَ بدرٍ، فلَبِثَ خُبَيْبٌ عندهم أَسيرًا، فأخبرني عُبيدُ الله بنُ عِياضٍ، أنَّ بنتَ الحارثِ أخبرتْهُ: أنَّهم حين اجتمعوا اسْتَعار منها موسى يَسْتَحِدُّ بها، فأعارتْهُ، فأخذ ابنًا لي وأنا غافلةٌ حين أتاهُ قالت: فوجدتُه مُجْلِسَهُ على فَخِذِهِ والموسى بيدِه، ففَزِعْتُ فَزْعَةً عرَفها خُبَيْبٌ في وجهي، فقال: تَخْشَيْنَ أن أَقتُلَهُ؟ ما كنتُ لأَفعلَ ذلك. والله ما رأيتُ أَسيرًا قَطُّ خيرًا مِن خُبَيْبٍ، والله لقد وجدتُهُ يومًا يأكلُ مِن قِطْفِ عِنَبٍ في يدِه، وإنَّه لَمُوثَقٌ في الحديدِ، وما بمكَّةَ مِن ثَمَرٍ، وكانت تقولُ: إنَّه لَرزقٌ مِنَ الله رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فلمَّا خرجوا مِنَ الحَرَمِ لِيقتُلوه في الحِلِّ، قال لهم خُبَيْبٌ: ذَروني أَركعُ رَكعتينِ. فتركوه، فركَع رَكعتينِ، ثمَّ قال: لولا أن تَظنُّوا أنَّ ما بي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُها، اللَّهمَّ أَحْصِهم عددًا، ثمَّ ارْتَجز يقولُه: لا أُبالي حين أُقتَلُ مُسلمًا... على أيِّ شِقٍّ كان لله مَصرعي، وذلك في ذاتِ الإلهِ وإن يشأْ... يُبارِك على أَوصالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ. فقتَله ابنُ الحارثِ، فكان خُبَيْبٌ هو سَنَّ الرَّكعتينِ لِكُلِّ امرئٍ مُسلمٍ قُتِلَ صَبرًا، فاستجاب الله لعاصمِ بنِ ثابتٍ يومَ أُصيبَ، فأَخبرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه خبرَهُم، وما أُصيبوا، وبعَث ناسٌ مِن كُفَّارِ قُريشٍ إلى عاصمٍ حين حُدِّثوا أنَّه قُتِلَ، لِيُؤْتَوْا بشيءٍ منه يُعرفُ، وكان قد قتَل رجلًا مِن عُظمائهِم يومَ بدرٍ، فبُعِثَ على عاصمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فحَمَتْهُ مِن رسولهِم، فلم يَقدِروا على أن يَقطعَ مِن لَحمِه شيئًا.

العام الهجري : 635 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1238
تفاصيل الحدث:

هو أبو المعالي محمد بن الملك العادل، الملقب بالملك الكامل ناصر الدين، ولد سنة 576، وكان أكبر أولاد العادل بعد مودود، وإليه أوصى العادل لعلمه بشأنه وكمال عقله، وتوفُّر معرفته، ملك مصر ثلاثينَ سنة، وكانت الطرقاتُ في زمانه آمنة، والرعايا متناصفة، لا يتجاسَرُ أحد أن يظلم أحدًا، وكانت له اليد البيضاء في رد ثغرِ دمياط إلى المسلمين بعد أن استحوذ عليه الفرنج، فرابطهم أربعَ سنين حتى استنقذه منهم، وكان يومُ أخْذِه له واسترجاعه إياه يومًا مشهودًا، مع أنه هو من سلم القدسَ مرة أخرى للفرنج بصلحٍ معهم. قال ابن خلكان: "رأيت الكامل والأشرف، وكانا يركبان معًا ويلعبان بالكرةِ في الميدان الأخضر الكبير كلَّ يوم، ولقد كنت أرى من تأدب كل واحد منهما مع الآخر شيئًا كثيرًا، ثمَّ وقعت بينهما وحشة، وخرج الأشرفُ عن طاعة الكامل، ووافقَته الملوكُ بأسرها على الخروج على الملك الكامل، ولم يبقَ مع الملك الكامل سوى ابن أخيه الملك الناصر صاحبِ الكرك؛ فإنه توجه إلى خدمته بالديار المصرية. فتحالفوا وتحزَّبوا واتفقوا وعزموا على الخروج على الملك الكامل" لما استراح خاطرُ الملك الكامل من جهة الفرنج تفرَّغ للأمراء الذين كانوا متحاملين عليه فنفاهم عن البلاد، وبدَّد شملهم وشَرَّدَهم، ثم دخل إلى القاهرة, وشرع في عمارة البلاد وبنى بها دار حديث ورتَّب لها وقفًا جيدًا، واستخرج الأموال من جهاتها، وكان سلطانًا عظيم القدر جميل الذكر محبًّا للعلماء متمسكًا بالسنة النبوية، حسن الاعتقاد معاشرًا لأرباب الفضائل، حازمًا في أموره، لا يضع الشيءَ إلا في موضعه من غير إسراف ولا إقتار، وكانت تبيت عنده كل ليلة جمعة جماعة من الفضلاء، ويشاركهم في مباحثاتهم، ويسألهم عن المواضع المشكلة من كل فنٍّ، وهو معهم كواحد منهم. في سنة 629 قصد آمد، وأخذها مع حصن كيفا من الملك المسعود ركن الدين مودود بن الملك الصالح, قال ابن خلكان: "لقد رأيتُه بدمشق في سنة 633 عند رجوعه من بلاد الشرق واستنقاذه إياها من يد علاء الدين بن كيخسرو السلجوقي صاحب بلاد الروم، في خدمته يومئذ بضعةَ عشر ملكًا، منهم أخوه الملك الأشرف. ولم يزَلْ في علو شأنه وعظم سلطانه إلى أن مَرِضَ بعد أخذ دمشق ولم يركَبْ بعدها", وقد تملك الكامل دمشق سنة 635 مدة شهرين بعد وفاة الأشرف صاحبها، ثم أخذته أمراض مختلفة، من ذلك سعال وإسهال ونزلة في حلقه، ونقرس في رجليه، فاتفق موتُه في بيت صغير من دار القصبة، وهو البيت الذي توفِّيَ فيه عمه الملك الناصر صلاح الدين، ولم يكن عند الكامل أحد عند موته من شدة هيبته، بل دخلوا فوجدوه ميتًا، وقيل: بل حدث له زكام، فدخل في ابتدائه إلى الحمام، وصبَّ على رأسه الماء الحار، فاندفعت المراد إلى معدته، فتورم وعرضت له حمى، فنهاه الأطباء عن القيء، وحذروه منه، فاتفق أنه تقيأ لوقته، في آخر نهار الأربعاء حادي عشر شهر رجب، وكانت وفاته في ليلة الخميس الثاني والعشرين من رجب من هذه السنة، ودفن بالقلعة حتى كملت تربته التي بالحائط الشمالي من الجامع، فنقل إليها ليلة الجمعة الحادي والعشرين من رمضان من هذه السنة، وكان قد عهد لولده العادل- وكان صغيرًا- بالديار المصرية، وبالبلاد الدمشقية، ولولده الصالح أيوب ببلاد الجزيرة، فأمضى الأمراء ذلك، فأما دمشق فاختلف الأمراء بها.

العام الهجري : 785 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1383
تفاصيل الحدث:

في أوَّلِ شَهرِ رَجَب من هذه السنة طلع الأميرُ صلاح الدين محمد بن محمد بن تنكز نائب الشام إلى السلطانِ ونقل له عن الخليفة المتوكل على الله أبي عبد الله محمد أنَّه اتفق مع الأمير قرط بن عمر التركماني المعزول عن الكشوفيَّة ومع إبراهيم بن قطلوقتمر العلائي أمير جاندار ومع جماعةٍ من الأكراد والتركمان، وهم نحو من ثمانمائة فارس، أنَّهم يَثِبون على السلطان إذا نزل من القَلعةِ إلى الميدان في يوم السَّبتِ لِلَّعِبِ بالكرة يقتلونَه ويمكنون الخليفةَ مِن الأمرِ والاستبدادِ بالمُلكِ، فحَلَّف السلطانُ ابن تنكز على صِحَّة ما نقل، فحلف له، وطلب أن يحاقِقَهم على ذلك، فبعث السلطانُ إلى الخليفة وإلى قرط وإلى إبراهيم بن قطلقتمر، فأحضرهم وطلب سودون النائب وحَدَّثه بما سمع، فأخذ سودون ينكِرُ ذلك ويستبعد وقوعَه منهم، فأمر السلطان بالثلاثة فحضروا بين يديه وذكر لهم ما نُقِلَ عنهم فأنكروا إلا قرط، فإنه خاف من تهديد السلطان، فقال: الخليفةُ طَلَبني وقال: هؤلاء ظَلَمةٌ وقد استولوا على هذا المُلكِ بغير رضائي، وإني لم أقلِّدْ بَرقوقًا السلطنةَ إلَّا غصبًا، وقد أخذ أموال الناسِ بالباطل، وطلب مني أن أقومَ معه وأنصُرَ الحَقَّ، فأجبْتُه إلى ذلك ووعدتُه بالمساعدة، وأن أجمع له ثمانمائة واحد من الأكراد والتركمان وأقوم بأمره، فقال السلطان للخليفة: ما قولُك في هذا؟ فقال: ليس لِما قاله صحة، فسأل إبراهيم بن قطلقتمر عن ذلك، فقال: ما كنت حاضرًا هذا الاتِّفاق، لكِنَّ الخليفة طلبني إلى بيته بجزيرة الفيل وأعلمني بهذا الكلامِ وقال لي: إن هذا مصلحةٌ، ورغَّبني في موافقته والقيام لله تعالى ونُصرة الحق، فأنكر الخليفةُ ما قاله إبراهيم أيضًا، وصار إبراهيمُ يذكُرُ له أمارات والخليفةُ يَحلِفُ أن هذا الكلام ليس له صِحَّة، فاشتَدَّ حَنَق الملك الظاهر وسَلَّ السيف ليضرَبَ عنق الخليفة، فقام سودون النائب وحال بينه وبين الخليفةِ، وما زال به حتى سكَنَ بعضُ غضبه، فأمر الملك الظاهِرُ بقرط وإبراهيم يسفرا، واستدعى القضاة ليُفتُوه بقتل الخليفة، فلم يُفتُوه بقتله، وقاموا عنه، فأخذ برقوق الخليفةَ وسَجَنَه بموضع في قلعة الجبل وهو مقَيَّد، وسَمَرَ قرط وإبراهيم وشُهِرَا في القاهرة ومصر، ثم أُوقِفا تحت القلعة بعد العصر، فنزل الأمير أيدكار الحاجب وسار بهما ليوسَّطا خارج باب المحروق من القاهرة، فابتدأ بقرط فوُسِّط، وقبل أن يُوسَّط إبراهيم جاءت عدَّةٌ من المماليك بأن الأمراء شَفَعوا في إبراهيم، ففُكَّت مساميره وسُجِنَ بخزانة شمائل، وطَلَب السلطانُ زكريا وعمر ابني إبراهيم عم المتوكل، فوقع اختيارُه على عمر بن الخليفة المستعصم بالله أبي إسحاق إبراهيم بن المستمسك بالله أبي عبد الله محمد بن الإمام الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن أبي علي إسحاق ابن علي القبي، فولَّاه الخلافة، وخلع عليه، فتلقَّبَ بالواثق بالله، ثم في يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة أفرج السلطانُ عن الخليفة المتوكل على الله، ونُقِلَ من سجنه بالبرج إلى دار بالقلعةِ وأحضَرَ إليه عيالَه.

العام الهجري : 841 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1438
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ الخبر بأن إسكندر بن قرا يوسف نزل قريبًا من مدينة تبريز، فبرز إليه أخوه جهان شاه، المقيم بها من قِبَل القان معين الدين شاه رخ بن تيمورلنك المغولي ملك المشرق، فكانت بينهما وقعة انهزم فيها إسكندر إلى قلعة يلنجا من عمل تبريز، فنازله جهان شاه وحصره بها، وأن الأمير حمزة بن قرا يلك متملك ماردين وأرزنكان أخرج أخاه ناصر الدين علي باك من مدينة آمد، وملكها منه، فقلق السلطان من ذلك، وعزم على أن يسافر بنفسه إلى بلاد الشام، وكتب بتجهيز الإقامات بالشام، ثم أبطل ذلك، ثم رسم بخروج تجريدة إلى بلاد الشام، وعيَّن من الأمراء المقدمين ثمانية، وكتب لنائب الشام الأمير أينال الجكمى أن يتوجه بمن معه صحبة الأمراء إلى حلب، ويستدعوا حمزة باك بن قرا يلك صاحب ماردين وأرزنكان، فإن قدم إليهم خلع عليه بنيابة السلطة فيما يليه، وإلا مشوا بأجمعهم عليه وقاتلوه وأخذوه، ثم رحل الأمراء المجرَّدون من أبلستين، ومعهم نواب الشام وعساكرها من غزة إلى الفرات، وجميع تركمان الطاعة، وتوجهوا في جمع كبير يريدون مدينة آقشهر، حتى نزلوا عليها وحصروها، وكان من خبرهم أن العسكر المجرد لما قصد مدينة آقشهر تلقَّاهم سلطان أحمد بن قليج أرسلان صاحب تلى صار وقد رغب في الطاعة السلطانية، وسار معهم حتى نازلوا مدينة أقشهر في أول ذي الحجة، فهرب متملكها حسن الأيتاقى في ليلة الثلاثاء ثانيه إلى قلعة برداش، فملك العسكر المدينة وقلعتها، وقبضوا على عدة من أعيانها، وبعثوا بسلطان أحمد بن قليج أرسلان على عسكر، فملك قلعتي فارس وتمشلي، فأقروه على نيابة السلطة بهما، وساروا لمحاصرة حسن بقلعة برداش ففر منها إلى قلعة بزطلش، فنزل من العسكر عليها حتى أخذها في الثامن عشر الأمير قرقماس أمير سلاح، بعد أن قاتل أهلها بضعة عشر يومًا، ثم هدمها حتى سوَّى بها الأرض، وقد فرَّ منها حسن أيتاقي، ثم سار الأمير قرقماس بمن معه مع بقية العساكر يريدون أرزنكان، فقدم عليهم الأمير مرزا بن الأمير يعقوب ابن الأمير قرا يلك رسولًا من أبيه يعقوب صاحب أرزنكان وكماخ، وقد خرج عن أرزنكان ونزل كماخ، وقدم مع مرزا زوجة أبيه وعدة من القضاة والأعيان بأرزنكان، يسألون العفو عن الأمير يعقوب وإعفاءه من قدومه إليهم، وأن يُجهَّز لنيابة السلطنة بأرزنكان الأمير جهان كير ابن الأمير ناصر الدين علي باك بن قرا يلك، فأُجيبوا إلى ذلك كله، وخُلِع على الأمير مرزا، ودُفِع إليه خِلعة لأبيه الأمير يعقوب، وأُعيد وصحبته الأمير جهان كير، وقد خُلِع عليه بنيابة أرزنكان، وساروا وقد جهز إلى أرزنكان بالأمير سودون النوروزى دوادار نائب حلب، ومعه نائب دوركى ونائب بهنسنى، فتسلموا أرزنكان بلا مانع، وأقاموا بها، ثم توجه القاضي معين الدين عبد اللطيف ابن القاضي شمس الدين الأشقر كاتب السر بحلب، حتى حلف أهل أرزنكان بالإقامة على طاعة السلطان، ثم سارت العساكر من أقشهر في الثاني والعشرين حتى نزلت على أرزنكان، وعسكروا هناك، فخرج إليهم أهلها، وباعوا عليهم ما أرادوا منهم، وفُتِحت أبواب المدينة، والعساكر يدخل منها المدينة من أراد ذلك، من غير ضرر ولا نهب، واستمروا على ذلك إلى آخر الشهر.

العام الهجري : 1300 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1883
تفاصيل الحدث:

هو الأميرُ عبدُ القادر ناصِرُ الدين بن محيي الدين الحسني المعروف بعبد القادر الجزائري, اشتهرَ بمناهضته للاحتلالِ الفرنسيِّ للجزائر. وُلِدَ في 23 رجب 1222هـ / مايو 1807م، بقرية "القيطنة" بوادي الحمام من منطقة معسكر "المغرب الأوسط" بالجزائر، ثم انتقل والِدُه إلى مدينة وهران. كان لوالِدِه محيي الدين صِدامٌ مع الحاكِمِ العثماني لمدينة "وهران"، وأدَّى هذا إلى تحديدِ إقامة الوالد في بيته، فاختار أن يخرُجَ من الجزائر كلها في رحلةٍ طويلة. وكان الإذنُ له بالخروج لفريضةِ الحَجِّ عام 1241هـ/ 1825م، فخرج مصطحبًا ابنَه عبدالقادر معه، وفي رحلتِهم للحجِّ تعَرَّفوا على الطريقة الشاذلية والقادرية، فالتَقَوا في دمشق وبغداد ببعض شيوخِ الطريقتين وقرؤوا كتُبَهم، ثمَّ عادوا إلى الجزائِرِ عام 1244هـ/ 1828م، فلمَّا تعَرَّضت الجزائرُ لحَملةٍ عسكرية فرنسية شرسة، وتمكَّنَت من احتلال العاصمة. بحث أهالي وعلماء "غريس" عن زعيمٍ يأخذ اللواء ويبايعونه على الجهادِ تحت قيادته، استقَرَّ الرأيُ على "محيي الدين الحسني" والدِ عبد القادر، وعَرَضوا عليه الأمر، ولكِنَّ الرجل اعتذر عن الإمارة وقَبِلَ قيادة الجهاد، فأرسلوا إلى صاحبِ المغرب الأقصى ليكونوا تحت إمارته، فقَبِلَ السلطان "عبد الرحمن بن هشام" سلطان المغرب، وأرسل ابنَ عمه "علي بن سليمان" ليكونَ أميرًا على وهران، وقبل أن تستقِرَّ الأمور تدخَّلَت فرنسا مهَدِّدةً سلطان المغرب بالحرب، فانسحَبَ السلطان واستدعى ابنَ عَمِّه فعاد، ولَمَّا كان محيي الدين قد رضِيَ بمسؤولية القيادة العسكرية، والتفَّتْ حوله الجموعُ مِن جديد، وخاصةً أنَّه حقَّق عدَّةَ انتصاراتٍ على العدوِّ، وكان عبد القادر على رأس الجيشِ في كثير من هذه الانتصارات، اقترح الوالِدُ أن يتقدم "عبد القادر" لهذا المنصِبِ، فقَبِلَ الحاضرون، وقبل الشابُّ ذلك، وتمت البيعةُ، ولقبه والده بـ "ناصر الدين" واقترحوا عليه أن يكون "سلطانًا" ولكنه اختار لقب "الأمير"، وبذلك خرج إلى الوجود "الأمير عبد القادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسني"، وكان ذلك في 13 رجب 1248هـ الموافق 20 نوفمبر 1832. فلمَّا بايعه الجزائريون وولَّوه القيامَ بأمرِ الجهاد، نهَضَ بهم، وقاتَلَ الفرنسيين خمسةَ عشر عامًا، ضرب في أثنائها نقودًا سَمَّاها " المحمَّدية " وأنشأ معامِلَ للأسلحة والأدوات الحربية وملابِسِ الجند. وعَقَدت فرنسا اتفاقيةَ هدنة معه، وهي اتفاقية "دي ميشيل" في عام 1834، وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأميرِ عبد القادر، وبذلك بدأ الأميرُ يتَّجِهُ إلى أحوال البلاد وتنظيم شؤونها. وقبل أن يمُرَّ عام على الاتفاقية نقضَ القائد الفرنسي الهدنةَ، وناصره في هذه المرة بعضُ القبائل في مواجهةِ الأمير عبد القادر، ونادى الأميرُ في قومِه بالجهادِ ونَظَّم الجميعُ صُفوفَ القتال، حتى نجح في إحراز النصر؛ مما أجبر الفرنسيين على عقد معاهدةِ هُدنةٍ جديدة عُرفت باسم "معاهد تافنة" في عام 1837م. وعاد الأميرُ لإصلاح حال بلاده وترميم ما أحدَثَته المعارك بالحصون والقلاع، وتنظيم شؤون البلاد، ثمَّ كرر الفرنسيون نقضَ المعاهدة في عام 1839م، ورأى بعد حينٍ أنَّ من الصواب الجنوحَ للسِّلمِ، وشاور أعيانَ المجاهِدينَ في ذلك، لكِنَّ الفرنسيين أسَرُوه سنة 1263هـ/1847م وأنهَوا دورَه القياديَّ، توفي رحمه الله ليلة 19 رجب عام 1300هـ، 1883م عن عمر يناهز 76 عامًا. 

العام الهجري : 365 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 976
تفاصيل الحدث:

هو المُعِزُّ لدين الله أبو تميمٍ مُعدُّ بن المنصور بالله إسماعيل بن القائم بأمر الله أبي القاسم محمد بن المهدي أبي محمد عبيد الله، العُبَيديُّ المهدويُّ صاحِبُ المغرب. بُنِيَت له القاهرة, وكان وليَّ عَهدِ أبيه. ولي سنة 341، وسار في نواحي إفريقيَّةَ يمَهِّدُ مُلكَه، فذَلَّل الخارجين عليه، واستعمل مماليكَه على المدُنِ، واستخدم الجُندَ، وأنفق الأموالَ، وجهَّز مملوكَه جوهرًا القائِدَ في الجيوشِ. فسار فافتتح سجلماسة، وسار إلى أن وصل البحرَ الأعظمَ، فلمَّا مات كافور بَعَث المعِزُّ جَيشَه لِمِصر بقيادةِ جَوهر, فأخذها له ثمَّ انتقل لها المعِزُّ ودخلها سنة 362. قال الذهبي: " كان المعِزُّ عاقِلًا لبيبًا حازمًا، ذا أدبٍ وعِلمٍ ومعرفةٍ وجَلالةٍ وكَرَمٍ، يرجِعُ في الجملةِ إلى عَدلٍ وإنصافٍ، ولولا بِدعتُه ورَفضُه، لكان من خيارِ المُلوكِ ". كان موتُه سابع عشر من شهر ربيع الآخر، وكان سبب موته الحُمَّى؛ لشدَّة ما وجد من كلامٍ على مُلكِه ومملكتِه، واتَّصَل مرضُه حتى مات، وكانت ولايتُه ثلاثًا وعشرين سنة وخمسة أشهر وعشرة أيام، منها مُقامُه بمصر سنتان وتسعة أشهر، والباقي بإفريقيَّة، وهو أوَّلُ حُكَّام العُبَيديِّين مَلَك مصر، وخرج إليها، وكان مُغرمًا بالنجوم، ويعمل بأقوالِ المنجِّمينَ، قال له منجِّمُه: إنَّ عليه قطعًا في وقتِ كذا، وأشار عليه بعمَلِ سردابٍ يختفي فيه إلى أن يجوزَ ذلك الوقت، ففعل ما أمَرَه وأحضر قوَّادَه، فقال لهم: إنَّ بيني وبين الله عهدًا أنا ماضٍ إليه، وقد استخلفتُ عليكم ابني نزارًا، يعني العزيز، فاسَمَعوا له وأطيعوا، ونزَل السردابَ، فغاب سنةً ثم ظهر، وبقِيَ مدَّةً، ومرِضَ وتوفِّيَ، فستَرَ ابنُه العزيز موتَه إلى عيد النَّحرِ مِن السنة، فصلى بالنَّاسِ وخَطَبَهم، ودعا لنفسِه، وعزَّى بأبيه، ولَمَّا استقَرَّ العزيزُ في الملك أطاعه العسكرُ، فاجتمعوا عليه، وكان هو يدبِّرُ الأمورَ منذ مات أبوه إلى أن أظهَرَه، ثم سيَّرَ إلى الغرب دنانيرَ عليها اسمُه، فُرِّقَت في النَّاسِ.