الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3431 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 1202 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1788
تفاصيل الحدث:

هو الشَّريفُ سرورُ بنُ مساعد بن سعيد بن سعد بن زيد بن محسن بن حسين بن حسن بن أبي نُمي، الذي طار صيتُه في الآفاقِ وبلغ من المجدِ والسعيِ في أعمال الخيرِ وتأمين السُّبُل ما لم يبلُغْ إليه أحدٌ من آبائه، ولقد كانت أحاديثُ الوافدين للحجِّ إلى بيت الله الحرام تخبِرُ عنه بأخبار تسُرُّ القلوبَ وتشَنِّف الأسماعَ وترَوِّح الطباعَ، وكان عظيمَ السَّطوة شديدَ الصَّولة قامعًا للفساد راعيًا لمصالح العباد، كثيرَ الغزو لمَرَدة الأعراب الذين يتخطَّفون الناس في الطرقات، وتوفي في يوم 18 ربيع الثاني، وعمره 35 سنة، ومدَّة ولايته 15 سنة وخمسة أشهر وثمانية أيَّام، وصُلِّي عليه عند الكعبة ودُفن بالمعلَّاة. وقام مقامَه بعد وفاته أخوه عبد المعين، ثمَّ رغِبَ عن الأمرِ لأخيه غالب بعد أيامٍ يسيرةٍ مِن ولايته.

العام الهجري : 426 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1034
تفاصيل الحدث:

وَهَن أمرُ الخلافةِ والسَّلطَنةِ ببغداد، حتى إنَّ بَعضَ الجُندِ خَرَجوا إلى قريةِ يحيى، فلَقِيَهم أكراد، فأخَذوا دوابَّهم، فعادوا إلى حَقلِ الخليفةِ القائِمِ بأمر الله، فنَهَبوا شيئًا من ثَمَرتِه، وقالوا للعاملينَ فيه: أنتم عَرَفتم حالَ الأكرادِ ولم تُعلِمونا، فسَمِعَ الخليفةُ الحالَ، فعَظُمَ عليه، ولم يَقدِرْ جلال الدَّولة البويهيُّ على أخذِ أولئك الأكراد لعَجزِه ووَهَنِه، واجتهدَ في تسليمِ الجُندِ إلى نائبِ الخليفة، فلم يُمكِنْه ذلك، فتقَدَّم الخليفةُ إلى القُضاةِ بتَركِ القَضاءِ والامتناعِ عنه، وإلى الشُّهودِ بتَركِ الشهادةِ، وإلى الفُقَهاءِ بترك الفتوى، فلمَّا رأى جلالُ الدَّولة ذلك سأل أولئك الأجنادَ ليُجيبوه إلى أن يحمِلَهم إلى ديوانِ الخلافة، ففعلوا، فلمَّا وصلوا إلى دار الخلافةِ أُطلِقوا، وعَظُمَ أمرُ العيَّارين– العَيَّارون لصوصٌ يَمتَهِنونَ النَّهبَ والدعارةَ - وصاروا يأخُذونَ الأموالَ ليلًا ونهارًا، ولا مانِعَ لهم؛ لأنَّ الجُندَ يَحمونَهم على السُّلطانِ ونُوَّابه، والسلطان عاجِزٌ عن قَهرِهم، وانتشر العربُ في البلادِ فنهبوا النواحيَ، وقطعوا الطريقَ، وبلغوا إلى أطرافِ بغداد، حتى وصلوا إلى جامِعِ المنصور، وأخذوا ثيابَ النساءِ مِن المقابرِ.

العام الهجري : 716 العام الميلادي : 1316
تفاصيل الحدث:

رأى السلطانُ الناصر بن قلاوون أن يُقَدم برشنبو النوبي، وهو ابنُ أخت داود ملك النوبة، فجَهَّز صحبته الأميرَ عِزَّ الدين أيبك على عسكر، فلما بلغ ذلك كرنبس ملك النوبة بعَث ابن أختِه كنز الدولة بن شجاع الدين نصر بن فخر الدين مالك بن الكنز يسألُ السلطانَ في أمره، فاعتقل كنز الدولة، ووصل العسكَرُ إلى دنقلة، وقد فَرَّ كرنبس وأخوه أبرام، فقُبِضَ عليهما وحُملا إلى القاهرة، فاعتُقِلا، ومَلَك عبد الله برشنبو دنقلةَ، ورجع العسكَرُ في جمادى الأولى سنة سبع عشرة، وأفرج عن كنز الدولة، فسار إلى دنقلة وجمع النَّاسَ وحارب برشنبو، فخذله جماعتُه حتى قُتِلَ، وملك كنزُ الدولة، فلما بلغ السلطانَ ذلك أطلق أبرام وبعَثَه إلى النوبة، ووَعَدَه إنَّ بعث إليه بكنز الدولة مقيَّدًا أفرج عن أخيه كرنبس، فلما وصل أبرام خرج إليه كنز الدولة طائعًا، فقبض عليه ليرسِلَه، فمات أبرام بعد ثلاثة أيام من قَبضِه، فاجتمع أهلُ النوبة على كنزِ الدولة ومَلَّكوه البلادَ.

العام الهجري : 828 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1425
تفاصيل الحدث:

أخذ السلطان في تجهيز الغزاة وعيَّن جماعة كبيرة من المماليك السلطانية والأمراء، وقام السلطان في الجهاد أتمَّ قيام، ثم في العشرين من هذا الشهر سارت خيول الأمراء والأعيان من المجاهدين في البر إلى طرابلس، وعِدَّتُها نحو ثلاثمائة فرس؛ لتحمل من طرابلس صحبة غزاتها في البحر، ثم في يوم الخميس تاسع شوال ورد الخبر من طرابلس بنصرة المسلمين على الفرنج، وبينما الناس مستبشرون في غاية ما يكون من السرور والفرح بنصر الله قَدِمَ الخبر في يوم الاثنين الثالث عشر شوال بوصول الغُزاة المذكورين إلى الطينة من مصر، وكان من خبرهم أنهم لما توجهوا من ساحل بولاق إلى دمياط ساروا منه في البحر المالح إلى مدينة طرابلس فطلعوا إليها، فانضم عليهم بها خلائق من المماليك والعساكر الشامية وجماعة كبيرة من المطوعة إلى أن رحلوا عن طرابلس في بضعة وأربعين مركبًا، وفي يوم الجمعة ثاني رجب سار أربعة أمراء إلى الجهاد، وهم تغري بردي المحمودي رأس نوبة، وقد جُعِل مقدَّمَ عسكر البر، والأمير أينال الجكمي أمير مجلس، وجُعِل مقدَّمَ عسكر البحر، والأمير تغري برمش، والأمير مراد خجا، وتبعهم المجاهدون، وتوجهوا في النيل أرسالًا حتى كان آخرهم سفرًا في يوم السبت الحادي عشر، ثم في شهر شعبان في خامسه قدم الخبر بأن طائفة من الغزاة لما ساروا من رشيد إلى الإسكندرية وجدوا في البحر أربع قطع بها الفرنج، وهي قاصدة نحو الثغر، فكتبوا لمن في رشيد من بقيتهم بسرعة لحاقهم، وتراموا هم والفرنج يومهم، وباتوا يتحارسون، واقتتلوا من الغد، فما هو إلا أن قَدِمَت بقية الغزاة من رشيد، فولى الفرنج الأدبار بعدما استُشهد من المسلمين عشرة. وصلت في رجب عساكر المسلمين  الماغوصة لغزو قبرص، فنزلوا عليها بأجمعهم، وخيَّموا في برها الغربي، وقد أظهر متملك الماغوصة طاعة السلطان الأشرف برسباي وعرَّفهم تهيؤَ صاحب قبرص واستعداده لقتالهم وحربهم، فاستعدوا وأخذوا حِذْرَهم وباتوا بمخيمهم على الماغوصة، وهي ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان، ولما أصبحوا يوم الاثنين شنُّوا الغارات على ما بغربيِّ قبرص من الضِّياع، ونهبوا وأسروا وقتلوا وأحرقوا وعادوا بغنائم كثيرة، ثم ساروا ليلة الأربعاء يريدون الملاحة، وتركوا في البر أربعمائة من الرجَّالة يسيرون بالقرب منهم إلى أن وصلوا إليها ونهبوها وأسَروا وأحرقوا أيضًا، ثم ركبوا البحر جميعًا وأصبحوا باكر النهار فوافاهم الفرنج في عشرة أغربة -نوع من المراكب- وقرقورة كبيرة، فلم يثبتوا للمسلمين وانهزموا من غير حرب، واستمر المسلمون بساحل الملاحة وقد أرست مراكبهم عليها، وبينما هم فيما هم فيه كرَّت أغربة الفرنج راجعة إليهم، وكان قصد الفرنج بعودهم أن يخرج المسلمون إليهم فيقاتلوهم في وسط البحر، فلما أرست المسلمون على ساحل الملاحة كرَّت الفرنج عليهم، فبرز إليهم المسلمون وقاتلوهم قتالًا شديدًا إلى أن هزمهم الله تعالى، وعادوا بالخِزي، وبات المسلمون ليلة الجمعة الخامس والعشرين من رمضان، فلما كان بُكرة نهار الجمعة أقبل عسكر قبرص وعليهم أخو الملك، ومشى على المسلمين، فقاتله مقدار نصف عسكر المسلمين أشد قتال حتى كسروهم، وانجَلَت المعركة عن وقوع جينوس بن جاك متمَلِّك قبرص في الأسر بأمر من عند الله يُتعَجَّبُ منه؛ لكثرة مَن معه وقوتهم، وقلَّة من لَقِيَه، ووقع في الأسر عدة من فرسانه، فأكثر المسلمون من القتل والأسر، وانهزم بقية الفرنج، ووُجد معهم طائفة من التركمان قد أمدهم بهم علي بك بن قرمان، فقُتِل كثير منهم، واجتمع عساكر البر والبحر من المسلمين في الملاحة في يوم الاثنين ثانيه، وقد تسلم ملك قبرص الأمير تغري بردي المحمودي، وكثرت الغنائم بأيدي الغُزاة، ثم ساروا من الملاحة يوم الخميس خامسه يريدون الأفقسية، مدينة الجزيرة، ودار مملكتها، فأتاهم الخبر في مسيرهم أن أربعة عشر مركبًا للفرنج قد أتت لقتالهم، منها سبعة أغربة -نوع من المراكب- وسبعة مربعة القلاع، فأقبلوا نحوها وغنموا منها مركبًا مربعًا، وقتلوا عدة كثيرة من الفرنج، وتوجه الغزاة إلى الأفقسية وهم يقتلون ويأسِرون ويغنمون، حتى دخلوها، فأخذوا قصر الملك، ونهبوا جانبًا من المدينة، وعادوا إلى الملاحة بعد إقامتهم بالأفقسية يومين وليلة، فأراحوا بالملاحة سبعة أيام، وهم يقيمون شعائر الإسلام, وكان من خبر ذلك أن الغُزاة نازلوا قلعة اللمسون حتى أخذوها عَنوةً في يوم الأربعاء السابع والعشرين شعبان، وهدموها وقتلوا كثيرًا من الفرنج وغنموا، ثم ساروا بعد إقامتهم عليها ستة أيام، في يوم الأحد أول شهر رمضان وقد صاروا فرقتين؛ فرقة في البر، وفرقة في البحر، حتى كانوا فيما بين اللمسون والملاحة، إذا هم بجينوس بن جاك متملك قبرص قد أقبل في جموعِه، فكانت بينه وبين المسلمين حرب شديدة، ثم ركبوا البحر عائدين بالأسرى والغنيمة في يوم الخميس الثاني عشر، وقد بعث أهل الماغوصة يطلبون الأمان، ثم في يوم الاثنين الثالث والعشرين رمضان قدم الخبر في النيل بأخذ جزيرة قبرص وأسْر ملكها، وفي يوم الأحد سابع شهر شوال قَدِمَ الأمير تغري بردي المحمودي والأمير أينال الجكمي -مُقَدَّمَا الغُزاة المجاهدين- بمن معهما من العسكر، وصُحبتهم جينوس بن جاك متملك قبرص، وعاد ومن أسروه وسَبَوه من الفرنج، وما غنموه، وجميعهم في مراكبهم التي غزوا قبرص فيها، فمروا على ساحل بولاق حتى نزلوا بالميدان الكبير، فكان يومًا مشهودًا، ثم طال الكلام فيما يَفدي به نفسه، وطُلِبَ منه خمسمائة ألف دينار، فتقرر الصلح على مائتي ألف دينار، يقوم منها مائة ألف دينار، فإذا عاد إلى مُلكِه بعث بمائة ألف دينار، ويقوم في كل سنة بعشرين ألف دينار، واشترط على السلطان أن يكُفَّ عنه الطائفة البندقية وطائفة الكيتلان.

العام الهجري : 573 العام الميلادي : 1177
تفاصيل الحدث:

حضر قَومٌ مِن مُسلِمي المدائِنِ إلى بغداد، فشَكَوا من يهودِها، وقالوا: لنا مسجِدٌ نؤذِّنُ فيه ونصَلِّي، وهو مجاورُ الكنيسة، فقال لنا اليهودُ: قد آذيتُمونا بكثرةِ الأذان، فقال المؤذِّنُ: ما نبالي بذلك، فاختَصَموا، وكانت فتنةٌ استظهر فيها اليهودُ، فجاء المسلمون يشكونَ منهم، فأمَرَ ابنُ العطار، وهو صاحِبُ المخزن، بحَبسِهم، ثم أُخرِجوا، فقصدوا جامِعَ القصر، واستغاثوا قبلَ صلاةِ الجُمعةِ، فخَفَّف الخطيبُ الخُطبةَ والصلاة، فعادوا يستغيثونَ، فأتاهم جماعةٌ مِن الجند ومَنَعوهم، فلمَّا رأى العامَّةُ ما فعل بهم غَضِبوا نصرةً للإسلام، فاستغاثوا، وقالوا أشياءَ قبيحة، وقلعوا طوابيقَ الجامع، ورَجَموا الجندَ فهَرَبوا، ثم قصَدَ العامَّةُ دكاكين المخَلِّطين، لأنَّ أكثَرَهم يهود، فنَهَبوها، وأراد حاجِبُ الباب منعهم، فرجموه فهَرَب منهم، وانقلَب البلد وخَرَّبوا الكنيسة التي عند دار البساسيري، وأحرقوا التوراةَ فاختفى اليهود، وأمر الخليفة أن تُنقَضَ الكنيسةُ التي بالمدائن وتُجعَلَ مَسجِدًا ونُصِبَ بالرحبةِ أخشابٌ ليُصلَبَ عليها قومٌ من المفسدين، فظَنَّها العامةُ نُصِبَت تخويفًا لهم لأجلِ ما فعلوا، فعَلَّقوا عليها في الليلِ جِرذانًا ميتةً، وفي الصباح أُخرِجَ جماعةٌ مِن الحبسِ لُصوصٌ فصُلِبوا عليها.

العام الهجري : 982 العام الميلادي : 1574
تفاصيل الحدث:

لَمَّا هرب عبد الملك بن محمد المهدي أبو مروان وأحمد المنصور عمَّا المتوكل على الله محمد الثاني زعيم السعديين، بعد توليه الحكم في المغرب بسبب عدائه لهما- استنجدا بالدولة العثمانية في الجزائر، فوجدت الدولةُ العثمانية في انشغال مَلِك إسبانيا فيليب الثاني بأحداث أوروبا الغربية- حيث ثورة الأراضي المنخفضة- فرصةً مناسِبةً للتدخل في المغرب، فأمدُّوا عبد الملك بجيشٍ قوامه خمسة آلاف مقاتل مسلَّحين بأحسن الأسلحة، ودخل عبدالملك فاس بعد أن أحرز انتصارًا كبيرًا على ابن أخيه المتوكِّل على الله، وعاد الجيش أدراجه إلى الجزائر، وقام عبد الملك بإصلاحات في دولته، من أهمِّها أمَرَ بتجديد السفن، وبصُنع المراكب الجديدة، فانتعشت بذلك الصناعة، كما اهتمَّ بالتجارة البحرية، وكانت الأموال التي غَنِمَها من حروبه على سواحل المغرب سببًا في انتعاش ونمو الميزان الاقتصادي للدولة، أسَّس جيشًا نظاميًّا متطورًا واستفاد من خبرة الجندية العثمانية وتشبه بهم في التسليح والرُّتَب، كما استطاع أن يبنيَ علاقات متينة مع العثمانيين، وجعل منهم حُلَفاء وأصدقاء وإخوة مخلصين للمسلمين في المغرب، وفرض احترامَه على أهل عصره، حتى الأوروبيين، احترموه وأجلَّوه. اهتمَّ عبد الملك بتقوية مؤسسات الدولة ودواوينها وأجهزتها، واستطاع أن يشكِّلَ جهازًا شوريًّا للدولة أصبح على معرفة بأمور الدولة الداخلية، وأحوال السكان عامة، وعلى دراية بالسياسة الدولية وخاصةً الدول التي لها علاقةٌ بالسياسة المغربية، وكان أخوه أبو العباس أحمد المنصور بالله- الملقب في كتب التاريخ بالذهبي- ساعِدَه الأيمن في كل شؤون الدولة.

العام الهجري : 224 العام الميلادي : 838
تفاصيل الحدث:

سيَّرَ عبدُ الرحمن بن الحَكَم عبدَ اللهِ المعروفَ بابنِ البَلنسيِّ إلى بلادِ العَدُوِّ، فوصلوا إلى "ألبة" والقلاعِ، فخرج المشركونَ إليه في جَمعِهم، وكان بينهم حربٌ شديدة وقتالٌ عظيم، فانهزم المشركونَ، وقُتلَ منهم ما لا يُحصى، وجُمِعَت الرؤوس أكداسًا، وفي هذه السنة أيضًا خرج لذريق في عسكَرِه، وأراد الغارةَ على مدينةِ سالم من الأندلس، فسار إليه عبدُ الرحمن بن الحَكَم فوتون بن موسى في عسكَرٍ جرار، فلَقِيَه وقاتَلَه، فانهزم لذريقُ وكَثُر القتلُ في عسكَرِه، وسار فوتون إلى الحصنِ الذي كان بناه أهلُ ألبة بإزاء ثُغورِ المسلمين، فحَصَره، وافتَتَحه وهَدَمه.

العام الهجري : 265 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 878
تفاصيل الحدث:

حاصرَ أحمدُ بن طولون نائِبُ الدِّيارِ المصريةِ مدينةَ أنطاكيةَ وفيها سيما الطويلُ، فأخذها منه وجاءته هدايا مَلِكُ الروم، وفي جُملتِها أُسارى من أُسارى المسلمين، ومع كلِّ أسيرٍ مُصحَفٌ، منهم عبد الله بن رشيد بن كاوس، الذي كان عامِلَ الثغورِ، فاجتمع لأحمد بن طولون مُلكُ الشَّامِ بكمالِه مع الدِّيارِ المصريةِ؛ لأنَّه لَمَّا مات نائِبُ دمشق أماخور ركِبَ ابنُ طولون من مصرَ فتلقَّاه ابن أماخور إلى الرملة، فأقَرَّه عليها، وسار إلى دمشق فدخَلَها، ثمَّ إلى حمص فتسَلَّمَها، ثمَّ إلى حلب فأخذها، ثم أكملَ ابنُ طولون استيلاءَه على الشام باستيلائِه على أنطاكية.

العام الهجري : 690 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1291
تفاصيل الحدث:

بعد أن منَّ الله على المسلمينَ بفتح عكا، فُتِحَت صور وحيفا وعثليث وبعض صيدا بغيرِ قِتالٍ، وفَرَّ أهلُها خوفًا على أنفُسِهم، فتسَلَّمَها الأميرُ علم الدين سنجر الشجاعي، فقَدِمَت البشائرُ بتسليم مدينة صور في التاسع عشر، وبتسليم صيدا في العشرينَ منه، وأنَّ طائفةً مِن الفرنج عصَوا في برجٍ منها، فأمر السلطانُ بهدم صور وصيدا وعثليث وحيفا، فتوجَّه الأمير شمس الدين نبا الجمقدار بن الجمقدار لهدم صور، واتفق أمرٌ عجيب، وهو أن الفرنج لَمَّا قدموا إلى صور كان بها عزُّ الدين نبا واليًا عليها من قِبَل المصريين، فباع صور للفرنجِ بمالٍ، وصار إلى دمشقَ!

العام الهجري : 721 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1321
تفاصيل الحدث:

ثارت العامَّةُ يدًا واحدةً في يوم الجمعة تاسِعَ ربيع الآخر، وهَدَموا كنيستينِ مُتقابلتَينِ بالزهري، وكنيسة بستان السكري، وتعرف بالكنيسة الحمراء، وبعض كنيستين بمصرَ، ففي هذا اليوم الجمعة تاسع ربيع الآخر بطل العَمَلُ وقتَ الصلاةِ لاشتغالِ الأمراء بالصلاةِ، اجتمع من الغلمانِ والعامَّة طائفةٌ كبيرة، وصرخوا صوتًا واحدًا: اللهُ أكبر، ووقعوا في أركانِ الكنيسة بالمساحي والفُؤوسِ حتى صارت كُومًا، ووقع مَن فيها من النصارى، وانتهب العامَّةُ ما كان بها، والتفَتوا إلى كنيسة الحمراء المجاورة لها، وكانت من أعظَمِ كنائس النصارى، وفيها مالٌ كبير، وعِدَّةٌ من النَّصارى ما بين رجالٍ ونساءٍ مُتَرَهِّبات، فصعدت العامَّةُ فوقها، وفتحوا أبوابَها ونهبوا أموالَها وخُمورَها، وانتقلوا إلى كنيسةِ بومنا بجوار السبع سقايات، وكانت مَعبدًا جليلًا من معابد النصارى، فكَسَروا بابَها ونهبوا ما فيها، وقَتَلوا منها جماعة، وسَبَوا بنات كانوا بها تزيد عِدَّتُهن على ستين بكرًا، فما انقضت الصلاة حتى ماجت الأرضُ، فلما خرج الناسُ من الجامع رأوا غبارًا ودخانَ الحريق قد ارتفعا إلى السَّماءِ، وما في العامَّةِ إلَّا من بيده بنتٌ قد سباها أو جَرَّة خمرٍ أو ثوب أو شيء من النهب، فدُهِشوا وظنُّوا أنها الساعة قد قامت، وقَدِمَ مملوك والي مصر وأخبر بأن عامَّتَها قد تجمَّعَت لهدم كنيسة المعلَّقة حيث مسكَنُ البطرقِ وأموال النصارى، ويَطلُبُ نجدة، فلِشِدَّةِ ما نزل بالسلطان من الغَضَبِ هَمَّ أن يركَبَ بنَفسِه، ثم أردف أيدغمش بأربعةِ أمراء ساروا إلى مصر، وبعث بيبرس الحاجِبَ، وألماس الحاجب إلى موضع الحفر، وبعث طينالَ إلى القاهرة، ليضعوا السيف فيمن وَجَدوه، فقامت القاهرةُ ومصر على ساق، وفَرَّت النهَّابة، فلم تُدرِك الأمراءُ منهم إلا من غلب على نفسِه بالسُّكرِ مِن الخمر، وأدرك الأميرُ أيدغمش والي مصر وقد هزمته العامَّةُ من زقاق المعلقة، وأنكَوا مماليكَه بالرَّميِ عليهم، ولم يبقَ إلَّا أن يحرقوا أبوابَ الكنيسة، فجَرَّد هو ومن معه السيوفَ ليفتِكَ بهم، فرأى عالَمًا عظيمًا لا يحصيهم إلَّا خالِقُهم، فكفَّ عنهم خوفَ اتِّساعِ الخَرقِ، ونادى مَن وقَفَ فَدَمُه حلالٌ، فخافت العامَّةُ أيضًا وتفَرَّقوا، ووقف أيدغمش يحرُسُ المعَلَّقة إلى أن أُذِّنَ بالعصر، فصلى بجامع عمرو بن العاص، وعيَّنَ خمسينَ حارِسًا للمَبيتِ مع الوالي على بابِ الكنيسة، وعاد. وقيل كأنَّما نودي في إقليم مصر بهدمِ الكنائس، وأوَّل ما وقع الصوتُ بجامع قلعة الجبل, وذلك أنَّه لما انقضت صلاةُ الجمعة صرخ رجلٌ مُولَهٌ في وسط الجامع: "اهدِموا الكنيسةَ التي في القلعةِ"، وخرج في صراخه عن الحَدِّ واضطرب، فتعجَّب السلطانُ والأمراء منه، ونُدِبَ نقيب الجيش والحاجب لتفتيش سائر بيوت القلعة، فوجدوا كنيسةً في خرائب التتر قد أُخفِيَت، فهدموها، وما هو إلَّا أن فرغوا من هَدمِها والسلطانُ يتعَجَّبُ إذ وقع الصراخُ تحت القلعة، وبلغه هدمُ العامَّة للكنائس، وطُلِبَ الرجُلُ المُولَهُ فلم يُوجَدْ، وعندما خرج الناسُ من صلاة الجمعة بالجامع الأزهر من القاهرة رأوا العامةَ في هرج عظيم، ومعهم الأخشابُ والصُّلبان والثياب وغيرها، وهم يقولون: "السلطانُ نادى بخراب الكنائس"، فظنُّوا الأمر كذلك، وكان قد خُرِّبَ من كنائس القاهرة سوى كنيستي حارة الروم وحاره زويلة وكنيسة بالبندقانيين كنائس كثيرة، ثم تبيَّنَ أنَّ ذلك كان من العامة بغير أمر السلطان، فلما كان يومُ الأحد الحادي عشر سقط الطائِرُ من الإسكندرية بأنَّه لَمَّا كان الناس في صلاة الجمعة تجمَّع العامَّةُ وصاحوا هُدِمَت الكنائس، فركب الأميرُ بدر الدين المحسني متولي الثغر بعد الصلاةِ لِيُدرِك الكنائس، فإذا بها قد صارت كُومًا، وكانت عِدَّتُها أربع كنائس، ووقعت بطاقةٌ من والي البحيرة بأنَّ العامَّةَ هَدَمت كنيستين في مدينة دمنهور، والنَّاسُ في صلاة الجمعة، ثمَّ ورد مملوكُ والي قوص في يوم الجمعة السابع عشر، وأخبر بأنه لما كان يوم الجمعة هدم العامَّةُ سِتَّ كنائس بقوص في نحو نصف ساعة، وتواترت الأخبار من الوجه القبلي والوجه البحري بهدم الكنائس وقت صلاةِ الجمعة، فكثُرَ التعَجُّبُ من وقوع هذا الاتِّفاق في ساعةٍ واحدة بسائر الأقاليم، وكان الذي هُدِمَ في هذه الساعة من الكنائِسِ سِتُّونَ كَنيسةً!!

العام الهجري : 340 العام الميلادي : 951
تفاصيل الحدث:

رُفِعَ إلى وزيرِ مُعِزِّ الدولة الحسَنِ المهلَّبي أنَّ رجلًا يُعرَفُ بالبصريِّ مات ببغداد، وهم مُقَدَّم القراقرية، يدَّعي أنَّ رُوحَ أبي جعفرٍ محمَّد بن علي بن أبي القراقر قد حَلَّت فيه، وأنَّه خَلَّف مالًا كثيرًا كان يَجبيه من هذه الطائفةِ، وأنَّ له أصحابًا يعتَقِدونَ ربوبيَّته، وأنَّ أرواحَ الأنبياءِ والصِّديقينَ حَلَّت فيهم، فأمر بالختمِ على التَّرِكة، والقبضِ على أصحابه، والذي قام بأمرِهم بعده، فلم يجِدْ إلَّا مالًا يسيرًا، ورأى دفاتِرَ فيها أشياءُ مِن مذاهبهم، وكان فيهم غلامٌ شابٌّ يدَّعي أنَّ رُوحَ عليِّ بنِ أبي طالب حلَّت فيه، وامرأةٌ يقال لها فاطمة تدَّعي أنَّ رُوحَ فاطمةَ حَلَّت فيها، وخادِمٌ لبني بسطام يدَّعي أنه ميكائيل، فأمر بهم المهلبي فضُرِبوا ونالهم مكروهٌ، ثمَّ إنَّهم توصَّلوا بمن ألقى إلى مُعِزِّ الدولة أنَّهم من شيعة عليِّ بنِ أبي طالب، فأمر بإطلاقِهم، وخاف المهلَّبي أن يقيمَ على تشَدُّدِه في أمرِهم فيُنسَبَ إلى تَركِ التشَيُّع، فسكَت عنهم.

العام الهجري : 1389 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1969
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ العلَّامة محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب التميمي مفتي الديار السعودية. وُلِدَ يوم عاشوراء من عام 1311هـ، ونشأ نشأةً عِلميَّةً في بيتِ عِلمٍ ودين، فحَفِظَ القرآنَ مبكرًا، ثم بدأ الطلَبَ على العلماء قبل أن يبلُغَ السادسة عشرة، ثم أصيب بمرَضٍ في عينيه وهو في هذه السن ولازمه حتى فَقَد بصَرَه وهو في سن السابعة عشرة، وكان يَعرِفُ القراءة والكتابة قبل فَقدِه لبصرِه. كان متوسِّطَ الطول، مليءَ الجِسم، متوسِّط اللون، ليس بالأبيض ولا بالأسمر، خفيفَ شعرِ العارِضَين جدًّا، يوجَدُ شَعرٌ قليل على ذَقَنِه، إذا مشى يمشي بوقارٍ وسكينة، وكان كثيرَ الصَّمت، وإذا تكلَّم لا يتكلَّم إلَّا بما يفيد، وكان ذكيًّا، و كان صاحِبَ غَيرة شديدة على دين الله، مع حزمٍ وشِدَّة يرهب لها الجميع، وكان رغمَ شِدَّتِه وحزمه وهيبةِ الناسِ له صاحِبَ دُعابةٍ خُصوصًا مع خاصَّته، ومن مشايخِه الذين تعَلَّم عليهم عَمُّه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، والشيخُ سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع. ومن أعمالِه أنَّه تولى القضاءَ في الغطغط، وكان إمامًا وخطيبًا للجامع الكبير بالرياض، ولما افتُتِحَت رئاسةُ المعاهد والكليات كان هو الرئيسَ، ولما تأسَّسَت رئاسةُ القضاء عُمِّد رسميًّا برئاسةِ القضاء، ولما افتُتِحَت رئاسةُ البنات كان هو المشرفَ العامَّ عليها، وكان هو مفتي البلاد، ولما افتُتِحَت رابطةُ العالم الإسلامي كان هو رئيسَ المجلس التأسيسي لها، وكان أمينُ الرابطة وقتها محمد سرور الصبان، ولما افتُتِحَت الجامعة الإسلامية في المدينة كان هو المؤسِّسَ لها، وعَيَّن نائبًا له الشيخ عبد العزيز بن باز, وفي سنة 1373 هـ أنشأ المكتبةَ السعودية العامة في الرياض، وجمع فيها حوالي 15.000 كتابٍ مطبوعٍ، و 117 مخطوطًا، وأملى من تأليفِه كُتُبًا، منها: ((الجواب المستقيم))، و ((تحكيم القوانين))، ومجموعة من أحاديث الأحكام، والفتاوى في عدة مجلَّدات، وكان الملكُ عبد العزيز قد أمر بجَمعِها وطباعتها. ومن تلاميذه: الشيخ عبد الله بن حُمَيد، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ سليمان بن عبيد، والشيخ صالح بن غصون، والشيخ عبد الله بن جبرين. وقد أصيب الشيخُ بمرضٍ، فصدر أمرٌ ملَكيٌّ بنقله إلى لندن لمواصلة العلاج، فلما وصل لندن أجرَوا له الفحوصاتِ اللازمةَ فرأوا أنَّ المرضَ بلغَ غايةً لا ينفَعُ معها علاجٌ، ثم دخل في غيبوبة وهو هناك، فأُتيَ به إلى الرياضِ على طائرة خاصة، وبَقِيَ في غيبوبة حتى وافته المنيَّةُ -رحمه الله- صباحَ يوم الأربعاء 24 رمضان، وصلِّيَ عليه بعد صلاة الظهر من نفس اليوم، وأمَّ النَّاسَ عليه الشيخُ ابن باز، وامتلأ المسجِدُ وجميعُ الطُّرُقات المؤدية إليه، حتى إن كثيرًا من النَّاسِ لم يُدركوا الصلاةَ عليه، ودُفِن في مقبرة العود.

العام الهجري : 1422 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 2001
تفاصيل الحدث:

أبو عبدِ الرحمنِ مُقبلُ بنُ هادي بنِ مُقبلِ بنِ قايدةَ الوادعيُّ الهَمْدانيُّ، نشأ يتيمًا، ونشأ في بيئة مليئةٍ بالجهل والشركِ، وقد منَّ الله عليه بالهداية، فكان يأمُرُ بالمعروفِ ويَنْهى عن المنكرِ، فأُوذيَ بسبب ذلك كثيرًا، ثم عُنيَ بطلب العلم، وخاصَّةً الحديثَ، حتى برعَ فيه، وأجاد، وكان مشهورًا بحرصه على اتِّباع السُّنة، والرد على أصحاب الأهواء والبِدعِ، مع زهدٍ، وعزوفٍ عن الدنيا، وتواضعٍ، وكرمٍ، وسخاءٍ، ومؤلَّفاتُه تُبيِّن مدى براعته في علم الحديث، ومنها: ((الصحيح المسنَد ممَّا ليس في الصحيحَينِ))، و((الصحيح المسنَد من أسباب النزول))، و((الصحيح المسنَد من دلائل النبوة))، و((غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل))، و((أحاديث معلة ظاهرها الصحة))، و((أدلة الجمع بين الصلاتين في السفر))، وغيرها، كان الشيخ قد أُصيبَ بمرضٍ في الكبدِ اضطره للسفرِ للخارج لعمل زراعة للكبدِ، ثم بعد عدة سفراتٍ رجَعَ إلى جُدَّةَ، وبَقيَ في مَشفَى الملك فَيصلٍ بين غيبوبةٍ ويَقظةٍ، حتى كان بعد غروب يوم ليلة الأحد أول جمادى الأولى 1422هـ تُوفيَ، ولم يبلُغِ السبعينَ من عمرِه، ثم غُسِّلَ، وكُفِّنَ، وصُلِّيَ عليه بمكَّة المكرَّمة في المسجد الحرام، ودُفِنَ في مقبرة العدل، رحمه اللهُ تعالى، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا.

العام الهجري : 582 العام الميلادي : 1186
تفاصيل الحدث:

كان البرنس أرناط، صاحب الكرك، من أعظَمِ الفِرنجِ وأخبَثِهم، وأشدِّهم عداوةً للمُسلِمينَ، وأعظَمِهم ضررًا عليهم، فلمَّا رأى صلاح الدين ذلك منه قَصَدَه بالحَصرِ مَرَّةً بعد مرة، وبالغارة على بلاده كَرَّةً بعد أخرى، فذَلَّ وخضع، وطلب الصُّلحَ من صلاحِ الدين، فأجابه إلى ذلك، وهادنه وتحالفا، وترددت القوافل من الشامِ إلى مصر، ومِن مِصرَ إلى الشام، فلما كان هذه السَّنة اجتاز به قافلةٌ عظيمة غزيرة الأموال، كثيرةُ الرِّجالِ، ومعها جماعةٌ صالحةٌ من الأجناد، فغَدَر اللعينُ بهم، وأخَذَهم عن آخِرِهم، وغَنِمَ أموالَهم ودوابَّهم وسلاحَهم، وأودع السُّجونَ مَن أسَرَه منهم، فأرسل إليه صلاحُ الدين يلومُه، ويُقَبِّحُ فِعْلَه وغَدْرَه، ويتهَدَّدُه إن لم يُطلِقِ الأسرى والأموال، فلم يجِبْ إلى ذلك، وأصرَّ على الامتناع، فنذر صلاح الدين نذرًا أن يقتُلَه إن ظَفِرَ به.

العام الهجري : 584 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1188
تفاصيل الحدث:

لَمَّا رحل صلاحُ الدين مِن قلعةِ الشغر سار إلى قلعة برزية، وكانت قد وُصِفَت له، وهي تقابِلُ حِصنَ أفامية، وتناصِفُها في أعمالها، وبينهما بحيرةٌ تجتَمِعُ مِن ماءِ النهر العاصي وعيونٌ تتفَجَّرُ من جبل برزية وغيره، وكان أهلُها أضَرَّ شَيءٍ على المسلمين؛ يقطعونَ الطَّريقَ، ويبالِغونَ في الأذى، فلمَّا وصل إليها نزل شرقيَّها في الرابع والعشرين من جمادى الآخرة، ثم رَكِبَ من الغدِ وطاف عليها لينظُرَ مَوضِعًا يقاتِلُها منه، فلم يجِدْ إلَّا من جهةٍ، فنزله المسلمون ونصبوا عليه المجانيق، ونصب أهلُ القلعة عليها منجنيقًا بِطُولها، فلما رأى صلاح الدين أنهم لن ينتَفِعوا بالمنجنيق لارتفاعِ القلعة، عزمَ على الزَّحفِ ومكاثرةِ أهلِها بجُموعِه، فقسَّم عسكَرَه ثلاثة أقسام: يزحَفُ قِسمٌ، فإذا تَعِبوا وكلُّوا عادوا وزحف القِسمُ الثاني، فإذا تَعِبوا وضَجِروا عادوا وزحفَ القِسمُ الثَّالِثُ، ثم يدور الدورَ مَرَّةً بعد أخرى حتى يتعَبَ الفِرنجُ ويَنصَبوا، فإنَّهم لم يكن عندهم من الكثرةِ ما يتقَسَّمونَ كذلك، فإذا تَعِبوا وأعيَوا سَلَّموا القلعةَ، فلما كان الغدُ- وهو السابع والعشرون من جمادى الآخرة- تقَدَّم أحَدُ الأقسامِ، وخرج الفرنجُ مِن حصنهم، فقاتَلَهم على فصيلِهم، ورماهم المسلِمونَ بالسهام، ومَشَوا إليهم حتى قَرُبوا إلى الجبل، فلما قاربوا الفرنجَ عَجَزوا عن الدنوِّ منهم لخشونةِ المرتقى، وتسَلَّط الفرنجُ عليهم؛ لعُلوِّ مكانِهم، بالنشابِ والحجارةِ، فلمَّا تَعِبَ هذا القِسمُ انحدروا، وصَعِدَ القسم الثاني، وكانوا جلوسًا ينتظرونَهم، فقاتلوهم إلى قريبِ الظُّهرِ، ثمَّ تَعِبوا ورجعوا، فلما رآهم صلاح الدين قد عادوا تقَدَّم إليهم يردُّهم، وصاح في القسمِ الثالث، وهم جلوسٌ ينتظرون نوبَتَهم، فوثبوا مُلَبِّين، وساعدوا إخوانَهم، وزحفوا معهم، فجاء الفرنجُ ما لا قِبَلَ لهم به، وكان أصحابُ عماد الدين قد استراحوا، فقاموا أيضًا معهم، فحينئذٍ اشتَدَّ الأمرُ على الفرنجِ، وبلغت القلوبُ الحناجِرَ، وكانوا قد اشتَدَّ تَعَبُهم ونَصَبُهم، فظهر عجزُهم عن القتال، وضَعفُهم عن حَملِ السلاحِ؛ لشدَّةِ الحرِّ والقتال، فخالطهم المسلمونَ، فعاد الفرنجُ يدخلون الحِصنَ، فدخل المسلمون معهم، فملكوا الحِصنَ عَنوةً وقَهرًا، ودخل الفرنجُ القلة التي للحصن، وأحاط بها المسلمون، وأرادوا نَقبَها، وكان الفرنجُ قد رفعوا مَن عندهم من أسرى المسلمينَ إلى سطحِ القلة، وأرجلهم في القيود والخشب المنقوب، فلمَّا سَمِعوا تكبير المسلمين في نواحي القلعة كبَّروا في سطحِ القلة، وظنَّ الفِرنجُ أنَّ المسلمينَ قد صعدوا على السطحِ، فاستسلموا وألقوا بأيديهم إلى الأسرِ، فملكها المسلمونَ عَنوةً، ونَهَبوا ما فيها، وأسَرُوا وسَبَوا من فيها، وأخذوا صاحِبَها وأهلَها، وألقى المسلمونَ النار في بعض بيوتِهم فاحترقت، وأمَّا صاحِبُ برزية، فإنَّه أُسِرَ هو وامرأتُه وأولاده، فأطلقهم صلاحُ الدين.