أجمع أهلُ حرمة- وهي بلدة في المجمعة- الغدرَ بأميرهم عثمان بن عبد الله، وكان رئيسُهم في الغدر جويسرَ الحسيني الذي اتَّفَق مع سويد بن محمد صاحب جلاجل وأحمد بن عثمان أمير المجمعة على الغدر بأتباع الدعوة في بلدانِهم, فلمَّا أجمعوا على إنجازِ ما اتَّفَقوا عليه، أرسلوا إلى كبار أتباع الدعوةِ في المجمعة ليأتوا إلى حرمة؛ ليُعَلِّموا أهلَها، فلما جاء بعضُهم حرمة، كان أمير حرمة عثمان في نخلٍ له خارِجَ البلدةِ، فأرسل جويسر من يخبِرُه بقدوم ضيوفٍ مِن المجمعة، فلما رجع اجتمع عليه ستةُ رجال منهم أخوه خضير بن عبد الله، وابن عمه عثمان بن إبراهيم، فقَتَلوه، ثم بادروا لمن جاء من المجمعة فحَبَسوهم, ثم ساروا إلى المجمعة ليستولوا على قلعتِها وقَتل من فيها من أتباع الدعوة، لكِنَّ أهل المجمعة تنبَّهوا لهم فتحصَّنوا في القلعة، فلم يستطيعوا اقتحامَها، فرجعوا خائبين, ثم أرسلَ أهل المجمعة إلى عبد العزيز لإخبارِه بما وقع لهم على يدِ أهل حرمة, فأمرَ ابنَه سعودًا أن يسيرَ إلى حرمة، فسار معه جميعُ أهل البلدان من العارض، فنزل بالهضبة المحيطة بحرمة، وبقي يقاتل أهلَها ليلًا ونهارًا مدَّةَ أيام، وقُتِلَ من الفريقين رجالٌ, فلما أجهد الحصارُ أهل حرمة طلبوا الصلحَ مِن سعود فقَبِلَ بشرط أن يُطلِقوا الأسرى الذين عندهم من أهلِ المجمعة وأن يرحَلَ جويسر الحسيني عن البلدة, فأطلقوا سراح المحبوسين ورحل جويسر إلى بغداد، ثم انتقل إلى مكة بعد أن ظهر ابنُ سعود في نجدٍ وما حولها، وصار جويسر مدافعًا عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوتِه عند شريفِ مكة. واستعمل عليهم الأميرَ ناصر بن إبراهيم. ثم اتَّجه سعود إلى المجمعة واستلحق أحمدَ بن عثمان ورحل به وبعيالِه واستعمل على المجمعة أميرًا هو عثمان بن عثمان، ولما وصل جلاجل استلحقَ سويدًا بعياله، وأمر الجميع أن يقصدوا بلدَ القصب ثم نزلوا شقراء إلى أن أمَرَهم الإمام عبد العزيز أن ينزلوا جميعًا الدرعية بعيالهم.
وُلِدَ الشيخ محمَّد أيوب بن محمد يوسف بن سليمانَ عمر في مَكَّةَ المكرمةِ عامَ 1372ه، وهو من أصلٍ بورميٍّ، حفِظَ القرآنَ عام 1386 هـ في جامعِ بن لادن في حيِّ الحفاير بمكةَ، والتحقَ بالجامعةِ الإسلاميَّة، وتخرَّج في كليَّةِ الشريعةِ عامَ 1396هـ، ثمَّ تَخَصَّصَ في التفسيرِ وعلومِ القرآن، فحصَلَ على درجةِ الماجستير من كليَّةِ القرآنِ، وحصَلَ على درجةِ الدكتوراه من الكليَّةِ نَفسِها عامَ 1408هـ، وإضافةً إلى دِراستِه في المدارسِ الحُكوميَّةِ والجامعةِ؛ فقد تتلمذَ على العديدِ مِن المَشايخِ والعُلماء في المدينةِ المنورة، وحصَل على إجازةٍ بروايةِ حفصٍ عن طريق القراءةِ على المشايخِ، وهم شيخُ قُرَّاءِ المدينةِ: حسن بن إبراهيم الشاعر، والشيخُ أحمد عبد العزيز الزيَّات، والشيخُ خليل بن عبد الرحمن القارئ، ومن شيوخِه في القراءةِ: الشيخُ زكي داغستاني. ومن شُيوخِه الذين درَسَ عليهم ألوانًا من العلومِ الشرعيَّةِ: عبدُ العزيز محمد عثمان، ومحمد سيد طنطاوي، وأكرم ضياء العمري، ومحمد الأمين الشنقيطي، وعبدُ المحسن العبَّاد، وعبد الله محمد الغنيمان، وأبو بكرٍ الجزائريُّ، وعَمِل بعد تخرُّجِه في المرحلةِ الجامعيَّةِ الأولى مُعيدًا بكليةِ القرآنِ، وكُلِّفَ بأمانةِ امتحاناتِ الكليَّةِ لمدَّةِ عشْرِ سنَواتٍ، وأصبَحَ عُضوَ هيئةِ التَّدريسِ في قسمِ التَّفسير منذ حُصولِه على الدكتوراه. وكان أيضًا عُضوًا فى اللَّجْنةِ العِلميَّةِ بمَجمَعِ الملكِ فهدٍ لطباعةِ المُصحَفِ الشريفِ. وتولَّى الإمامةَ والخَطابةَ في عَددٍ مِن مساجدِ المدينةِ، وعُيِّنَ إمامًا مُتعاوِنًا في المَسجدِ النبويِّ عامَ 1410هـ واستمَرَّ فيه حتى عامِ 1417هـ، ثمَّ انقطعَ عن إمامةِ المسجدِ النبويِّ تِسعةَ عشَرَ عامًا ليعودَ ويُصلِّيَ في المَسجدِ النبويِّ مُجدَّدًا في رمضانَ 1436هـ، ويُعَدُّ الشيخُ من القُرَّاءِ المشهورين في المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ والعالَمِ الإسلاميِّ، وقد توفِّي -رحمه الله- عن عمرٍ ناهزَ 64 عامًا في اليومِ التاسعِ من هذا الشهرِ، وشُيِّعَتْ جَنازتُه والصلاةُ عليه بعد صلاةِ الظُّهرِ في المَسجدِ النبويِّ.
ذُكِرَ ليَمينِ الدَّولة الغزنويِّ أنَّ بناحيةِ تانشير فِيَلةً مِن جنسِ فِيَلةِ الصيلمان الموصوفةِ في الحربِ، وأنَّ صاحِبَها غالٍ في الكُفرِ والطُّغيان، والعِنادِ للمُسلِمينَ، فعَزَم على غَزوِه في عُقرِ دارِه، فسار في الجنودِ والعساكِرِ والمتطَوِّعة، فلَقِيَ في طريقِه أوديةً بعيدةَ القَعرِ، وَعْرةَ المسالِك، وقِفارًا فسيحةَ الأقطارِ والأطراف، بعيدةَ الأكنافِ، والماءُ بها قليلٌ، فلَقُوا شِدَّةً، وقاسَوا مَشقَّةً إلى أن قطَعُوها، فلَمَّا قارَبوا مَقصِدَهم لَقُوا نهرًا شديدَ الجريةِ، صَعْبَ المخاضةِ، وقد وقف صاحِبُ تلك البلادِ على طَرفِه، يمنَعُ مِن عُبورِه، ومعه عساكِرُه، وفِيَلَتُه التي كان يتعالى بها. فأمر يمينُ الدَّولةِ شُجَعانَ عَسكَرِه بعبورِ النَّهرِ، وإشغالِ الكُفَّارِ بالقتالِ ليتمَكَّنَ باقي العسكَرِ مِن العبور، ففعلوا ذلك، وقاتلوا الهنودَ، وشَغَلوهم عن حِفظِ النَّهرِ، حتى عبَرَ سائِرُ العسكَرِ في المخاضات، وقاتلوهم من جميعِ جِهاتِهم إلى آخِرِ النَّهارِ، فانهزم الهِندُ، وظَفِرَ المُسلِمونَ، وغَنِموا ما معهم من أموالٍ وفِيَلةٍ، وعادوا إلى غزنةَ مُوفرينَ ظافِرينَ.
كان نور الدين قبل أن يمرَضَ قد أرسل إلى البلاد الشرقيَّة- الموصل وديار الجزيرة وغيرها- يستدعي العساكِرَ منها للغَزاة، والمراد غيرها، وقد تقدَّمَ ذِكرُه، فسار سيفُ الدين غازي بن قطب الدين مودود بن زنكي، صاحب الموصل، في عساكره، وعلى مُقَدِّمتِه الخادم سعد الدين كمشتكين الذي كان قد جعله نورُ الدين بقلعة الموصل مع سيف الدين، فلما كانوا ببعضِ الطريق وصلت الأخبار بوفاة نور الدين، فأمَّا سعد الدين فإنَّه كان في المقَدِّمة، فهرب جريدة. وأما سيفُ الدين فأخذ كلَّ ما كان له من برك وغيره، وعاد إلى نصيبين فملَكَها، وأرسل الشحنَ إلى الخابور فاستولوا عليه، وأقطَعَه، وسار هو إلى حرَّان فحصرها عدَّةَ أيام، وبها مملوكٌ لنور الدين يقال له قايماز الحراني، فامتنع بها، وأطاع بعد ذلك على أن تكون حرَّان له، ونزل إلى خدمة سيف الدين، فقبض عليه وأخذ حران منه، وسار إلى الرَّها فحصرها ومَلَكَها، وكان بها خادِمٌ خَصِيٌّ أسود لنور الدين فسَلَّمَها وطلب عِوَضَها قلعة الزعفران من أعمالِ جزيرة ابن عمر، فأُعطِيَها، ثم أُخِذَت منه، ثم صار يستعطي ما يقوتُه، وسيَّرَ سيف الدين إلى الرقة فمَلَكها، وكذلك سروج، واستكمل ملك جميع بلاد الجزيرة سوى قلعة جعبر، فإنَّها كانت منيعة، وسوى رأس عين، فإنَّها كانت لقطب الدين، صاحب ماردين، وهو ابنُ خال سيف الدين، فلم يتعَرَّض إليها. وكان شمس الدين علي بن الداية، وهو أكبَرُ الأمراء النورية، بحَلَب مع عساكرها، فلم يقدِرْ على العبور إلى سيف الدين ليمنَعَه من أخذ البلاد، لفالج كان به، فأرسل إلى دمشقَ يطلب المَلِكَ الصالح، فلم يُرسَل إليه، ولَمَّا ملك سيف الدين الديار الجزرية قال له فخر الدين عبد المسيح، وكان قد وصل إليه من سيواس بعد موتِ نور الدين، وهو الذي أقَرَّ له الملك بعد أبيه قطب الدين، فظَنَّ أن سيف الدين يرعى له ذلك، فلم يجنِ ثمرة ما غرس، وكان عنده كبعضِ الأمراء، قال له: الرأيُ أن تعبر إلى الشام فليس به مانعٌ، فقال له أكبَرُ أمرائه، وهو أميرٌ يقال له عز الدين محمود المعروف بزلفندار: قد ملكتَ أكثَرَ ما كان لأبيك، والمصلحةُ أن تعود، فرجع إلى قولِه، وعاد إلى الموصل.
لمَّا احْتَرَقت الكَعبةُ حين غَزا أهلُ الشَّامِ عبدَ الله بن الزُّبير أيَّام يَزيدَ تَرَكها ابنُ الزُّبير يُشَنِّع بذلك على أهلِ الشَّام، فلمَّا مات يَزيدُ واسْتَقَرَّ الأمرُ لابنِ الزُّبير شرَع في بِنائِها، فأَمَر بِهَدْمِها حتَّى أُلْحِقَت بالأرضِ، وكانت قد مالت حيطانُها مِن حِجارَةِ المَنْجنيقِ، وجَعَل الحَجَرَ الأسودَ عنده، وكان النَّاسُ يَطوفون مِن وراءِ الأساسِ، وضرَب عليها السُّورَ وأدخل فيها الحِجْرَ، واحْتَجَّ بأنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال لعائشةَ: (لولا حَدَثانُ عَهْدِ قَومِك بالكُفْرِ لرَدَدْتُ الكَعبةَ على أساسِ إبراهيمَ، وأَزيدُ فيها الحِجْرَ). فحفَر ابنُ الزُّبير فوجَد أساسًا أمثال الجِمالِ، فحَرَّكوا منها صَخرةً فبَرِقَت بارِقَة، فقال: أَقِرُّوها على أساسِها وبِنائِها، وجعَل لها بابَيْنِ يُدْخَل مِن أحدِهما ويُخْرَج مِن الآخر.
هو حبيب الله خان عبد الرحمن خان بن محمد أفضل خان بن دوست محمد خان، ولِدَ سنة 1872م، تولى إمارة أفغانستان عام 1901م، وفي عهدِه اعترفت كلٌّ من إنجلترا وروسيا باستقلال بلاد الأفغان، عندما احتلت إيطاليا ليبيا دعا حبيب الله شعبَه لدعم جهاد الليبيين ضِدَّ الاحتلال الإيطالي، وافتتح التبرعاتِ بعشرين ألف روبية، ولَمَّا اندلعت الحرب العالمية الأولى التزم الحيادَ في أفغانستان في الحرب العالمية الأولى، على الرغم من الجهود المضنية التي بذلها السلطان العثماني والألمان لحشد أفغانستان على جانبها. وهذا ما أزعج الأفغانيين الذين قاموا باغتيالِه في 1338هـ، ثم تسلَّم السلطةَ بعده ابنه الثالث أمان الله خان، وتسمى باسم ملك، وحاول التخلصَ من النفوذ الإنجليزي.
لَمَّا قَدِمَ أسامةُ بنُ زيدٍ مِن بَعْثِه للرُّومِ استخلفه أبو بكرٍ على المدينةِ، وأمره ومن معه أن يُريحوا ظَهْرَهم، ثم ركب أبو بكر في الذين كانوا معه من المسلمين، فقالوا له: لو رجعتَ إلى المدينةِ وأرسلْتَ رجلًا، فقال: واللهِ لا أفعَلُ، ولأواسِيَنَّكم بنفسي، فخرج في تعبئتِه النُّعمانُ وعبدُ اللهِ وسُوَيدُ بنو مُقرنٍ على ما كانوا عليه في الوقعةِ السابقةِ، حتى نزل على أهلِ الربذةِ بالأبرَقِ، وهناك جماعةٌ من بني عَبسٍ وذبيانَ، وطائفةٌ من بني كِنانةَ، فاقتتلوا، فهزم اللهُ الحارِثَ وعَوفًا، وأُخِذ الحُطَيئةُ أسيرًا، فطارت بنو عبسٍ وبنو بكرٍ، وأقام أبو بكرٍ على الأبرَقِ أيَّامًا، وقد غَلَب بني ذُبيان على البلادِ، وقال: حرامٌ على بني ذُبيانَ أن يتمَلَّكوا هذه البلادَ؛ إذ غَنَّمَناها اللهُ، وحمى الأبرَقَ بخيولِ المسلمينَ، وأرعى سائِرَ بلادِ الربذةِ، ولَمَّا فَرَّت عبسٌ وذبيانُ صاروا إلى مؤازرةِ طَلحةَ وهو نازلٌ على بزاخةَ.
هو الشريفُ غالبُ بن مساعد بن سعيد بن سعد بن زيد بن محسن بن حسين بن حسن بن أبي نُمي، شريفُ مكَّةَ، تولَّى الإمارةَ في مكة بعد أخيه الشريف سرور بن مساعد منذ سنة 1202هـ حتى نَفْيه سنة 1228هـ. نشأ الشريفُ غالب في كنف والده ملازمًا له مشاركًا معه في حروب, وبعد موت الشريفِ سرور بن مساعد في رجب سنة 1202 قام مقامَه أخوه عبد المعين، ثمَّ رغب عن الأمرِ لأخيه غالب بعد أيام يسيرة من ولايتِه، وكان غالبٌ في سِنِّ الشباب، فكان له قتالٌ عظيم مع صاحبِ نجدٍ الإمام عبد العزيز بن سعود، ثم ابنه سعود، ولَمَّا فتح سعود مكَّةَ صارت بينهما صحبةٌ وودٌّ، فكان غالبٌ يتردد على سعود إذا كان في مكَّةَ يدخل عليه في كلِّ حين كأنَّه أحد أمرائه ويتبادلان الهدايا, وبقيَ أميرًا لمكة إلى أن نفاه محمد علي إلى مصرَ، ثمَّ منها نُفِي إلى سلانيك وتوفي فيها بعد أن حكم مكة 26 سنة منها 19 سنة تابعًا للعثمانيين و7 سنين أميرًا للإمام سعود بن عبد العزيز, وكان لغالبٍ من الأبناء يحيى وحسين وعبد الله وعلي وعبد المطلب.
استمَرَّ محمَّدُ بنُ هشامِ بنِ عبدِ الجبَّار بن عبد الرحمن النَّاصر المهدي في خِلافةِ الأندلُسِ، إلى أن خرجَ عليه سُلَيمانُ بنُ الحَكَم بنِ سليمان بن عبد الرحمن النَّاصر، فهرب المهديُّ مُحمَّدُ بنُ هشام، واستولى سُلَيمانُ على الخلافة في أوائِلِ شوَّال سنة 400هـ، ثم جمع المهديُّ مُحمَّدُ بنُ هشامٍ جمعًا وقصَدَ سُلَيمانَ بقُرطُبةَ، فهَرَب سُلَيمانُ وعاد المهديُّ إلى الخلافةِ في منتصف شوال، ثم اجتمَعَ كِبارُ العَسكَرِ وقبضوا على المهديِّ، وأخرجوا المؤيَّدَ مِن الحَبسِ، وأعادوه إلى الخلافةِ في سابِعَ ذي الحِجَّة من هذه السَّنة، وأحضروا المهديَّ بين يَدَيه، فأمَرَ بقَتلِه، فقُتِلَ، واستمَرَّ المؤيَّدُ في الخلافة، وقام بتدبيرِ أمْرِه واضِحُ العامريُّ، ثمَّ قبض المؤيَّدُ على واضحٍ العامريِّ وقَتَله، فكَثُرَت الفِتَنُ على المؤَيَّد، واتَّفَقَت البربرُ مع سليمانَ بنِ الحَكَمِ بنِ سُلَيمان بن عبد الرحمن الناصر، وسار وحَصَر المؤيَّدَ بقُرطُبة، ومَلَكَها سليمانُ عَنوةً، وأخرَجَ المُؤَيَّدَ من القَصرِ، ولم يتحَقَّقْ للمُؤَيَّد خَبَرٌ بعد ذلك، وبُويع لسُلَيمانَ بالخلافةِ في منتصف شوال من سنة ثلاث وأربعمِئَة، وتلَقَّب بالمستعين باللهِ.
لحق الحسنُ بن يحيى آخِرُ ملوك بني زيري بعد استيلاءِ النصارى على المهدية، بالعَرَبِ مِن رياح، وكبيرُهم محرز بن زياد الفادعي صاحِبُ القلعة، فلم يجِدْ لديهم مصرخًا، وأراد الرحيل إلى مصر للحافظ عبد المجيد الفاطمي, لكنَّه ارتحل إلى المغرب، وأجاز إلى بونة وبها الحارث بن منصور وأخوه العزيز. ثم توجه إلى قسنطينة وبها سبع بن العزيز أخو يحيى صاحب بجاية، فبعث إليه من أجازه إلى الجزائر. ونزل على ابن العزيز فأحسن نُزُلَه وجاوره إلى أن فتح الموحدون الجزائر سنة 547 بعد تملكهم المغرب والأندلس، فخرج إلى عبد المؤمن فلقَّاه تكرمةً وقبولًا. ولحق به وصَحِبَه إلى إفريقية في غزاته الأولى، ثم الثانية سنة 557 فنازل المهدية وحاصرها عبد المؤمن أشهرًا، وأسكن بها الحسنَ وأقطعه فيها, فأقام هنالك ثمانيَ سنين. ثم استدعاه يوسف بن عبد المؤمن فارتحل بأهلِه يريد مراكش. وهلك بتامسنا في طريقه إلى بابارولو، واللهُ وارثُ الأرض ومَن عليها وهو خير الوارثين، ورب الخلائق أجمعين.
أخذ الرَّشيدُ لوَلَدِه عبدِ الله المأمونِ وِلايةَ العَهدِ، من بعد أخيه محمَّد الأمين بن زُبيدة، وذلك بالرقَّةِ بعد مَرجِعِه من الحَجِّ- للمَرَّة الثانية؛ حيث كانت الأولى عام 175هـ- وضَمَّ ابنَه المأمونَ إلى جعفر بن يحيى البرمكي، وبعثه إلى بغدادَ ومعه جماعةٌ من أهل الرشيدِ خِدمةً له، وولَّاه خراسان وما يتَّصِلُ بها، وسمَّاه المأمون.
حدثت وقعة وادي درنة بتادلا بين الأشراف السعديين والوطاسيين، وقد أُسِرَ فيها الأمير أبو زكريا الوطاسي، ومات في تلك الليالي القريبة غمًّا وأسفًا، وكان سلطانُ السعديين يومئذ أبا عبد الله محمد الشيخ الملقَّب بالمهدي؛ فإنَّه تغلَّب على أخيه أبي العباس أحمد الملقب بالأعرج وانتزَع منه المُلكَ وسجَنَه.
قام أوَّلُ مَجمَعٍ لُغويٍّ في العالَم العربي، واتَّخَذَ من قصر "محمد توفيق البكري" بمصرَ مقرًّا له، وقد ضَمَّ هذا المجمَعَ أعيانَ اللغة، وغيرَهم، مثلُ: محمد توفيق البكري، ومحمد عبده، والشنقيطي، وحفني ناصف، وحمزة فتح الله، والمويلحي. ولم يستمِرَّ هذا المجمع لمدةٍ طويلة؛ فقد أُسدلَ الستار عليه بعد شهورٍ قليلة.
تَمَّ إطلاقُ عمليَّة عاصفةِ الحَزْم ضدَّ الانقلابيِّين الحوثيِّين في اليمنِ، بقيادةِ المملكةِ العربية السعودية، ومشاركةِ تِسْعِ دُول، أبرزُها: الإماراتُ والكُويت والبحرَين وقطرُ والأردنُّ. وتُعْتبَرُ عاصِفةُ الحزمِ إعلانَ بدايةِ العمليَّاتِ العسكريَّةِ بقيادةِ السُّعودية في اليمن. وقد تَمَّ فيها السَّيطرةُ على أجواءِ اليمنِ وتدميرِ الدِّفاعاتِ الجويَّة ونُظُم الاتِّصالات العسكريَّة للحوثيِّين والرئيسِ المخلوع علي عبد الله صالح. وجاءت العملِيَّاتُ بعد طلبٍ تَقدَّم به الرئيسُ اليمني عبدُ ربِّه منصور هادي لإيقافِ الحوثيِّين، الذين بدؤوا هُجومًا واسعًا على المُحافظاتِ الجنوبيَّة، وأصبحوا على وَشْكِ الاستيلاءِ على مدينة عَدَن، التي انْتَقَلَ إليها الرئيسُ هادي بعد انقلابِ (2014م).