قام شارلِمان ملكُ الفرنجة بالإغارةِ على الأندلس شمالًا، وذلك بالاتِّفاق مع حليفِه سليمان بن يقظان ابن الأعرابي أمير سرقسطة، واستولى على بنبلونه، ثمَّ اتَّجه نحو سرقسطة، فخرج سليمان لاستقبالِه وتسليمه المدينةَ، لكنَّ المدينة أُغلِقَت بوجهِ الجيوشِ، وتسلَّمَ السلطة الحسين بن يحيى الأنصاري، وهو الذي أعان سليمان في الخروجِ على عبد الرحمنِ الداخِلِ، لكنه أحَبَّ الانفرادَ بإمارة سرقسطة، فاضطرَّ شارلمان بالانسحاب، وأخذ معه سليمانَ كرهينةٍ؛ لأنَّه ظَنَّ أنَّ هذه خُدعةٌ منه في إفشال حملتِه على الأندلس، فتَبِعَ ولداه الجيشَ واستنقذا والدَهما، وعادا ولكنْ بعد فترة قتله يحيى الأنصاري، وأصبح هو أميرَ سرقسطة.
هو أبو العبَّاس عبدالله بنُ إبراهيمَ بنِ أحمد بن الأغلب، الأميرُ الأغلبيُّ أميرُ تونُسَ والقيروان الحادي عشر من أمراء الدولةِ الأغلبيَّة، كان عاقلًا حكيمًا شجاعًا، قَرَّب إليه العلماءَ واستعان بهم على تطبيق العدلِ بين الناس، وسار بهم سيرةً حَسنةً، ولكِنَّ أمرَ الحُكمِ بدأ يضطرِبُ ويضعُفُ في أيَّامِه، وكان قد سجَنَ ابنًا له هو زيادة الله، سجنَه بسبب انحرافِه في الشهواتِ، وقيل: بل لأنَّه كان يتآمَرُ على والده، ثم وهو في السجنِ تآمر مع بعضِ الخدَمِ لقَتلِ أبيه، فقتل هؤلاءِ الخدَمُ الأميرَ عبدَالله وهو على سريرِه، فكانت مدة إمارته سنة وخمسون يومًا، فتولى ابنُه زيادةُ الله الإمارةَ من بعده.
وقعَ الفِداءُ بين سيفِ الدَّولةِ وبين الرومِ، فاستنقذ منهم أُسارى كثيرةً، منهم ابنُ عَمِّه أبو فِراس بن سعيد بن حمدان، وأبو الهيثم بن حصن القاضي، وذلك في رجب منها، ولَمَّا لم يبقَ مع سيف الدَّولةِ مِن أسرى الرومِ أحَدٌ اشترى الباقينَ مِن أسارى المسلمينَ كُلَّ نَفسٍ باثنينِ وسبعينَ دينارًا، حتى نفِدَ ما معه من المال, فاشترى الباقينَ ورهن عليهم بدَنَتَه الجوهرَ المعدومةَ المِثْل، فقد أنفق في سنةٍ وثلاثة أشهر نيفًا وعشرين ألف ألف درهم ومائتين وستين ألف دينار, فخلَّصَ مِن الأسر ما بين أميرٍ إلى راجلٍ ثلاثة آلاف ومئتان وسبعون نفسًا.
لَمَّا استولى باذ الكردي على الموصِل، اهتم صمصام الدولة ووزيرُه ابن سعدان بأمرِه، فوقع الاختيارُ على إنفاذِ زيار بن شهراكويه، وهو أكبَرُ قُوَّادهم، فأمره بالمسيرِ إلى قتاله، وجَهَّزه، وبالغ في أمرِه، وأكثَرَ معه الرجالَ والعُدَد والأموال، وسار إلى باذ، فخرج إليهم، ولَقِيَهم في صفر، فأجْلَت الوقعةُ عن هزيمةِ باذ وأصحابِه، وأُسِرَ كثيرٌ مِن عَسكرِه وأهْلِه، وحمُلِوا إلى بغداد فشُهِروا بها، ومَلَك الدَّيلمُ الموصِلَ، فراسل باذ الكردي زيارًا وسعدًا يطلبُ الصلح، فاستقَرَّ الحال بينهم، واصطلحوا على أن تكون ديارُ بكرٍ لباذ، والنِّصفُ من طور عبدين أيضًا، وانحدرَ زيار إلى بغداد، وأقام سعدٌ بالموصل.
اشتَدَّت الفِتنةُ ببغداد، وانتشَرَ العَيَّارون والمُفسِدون، فبَعَث بهاءُ الدَّولة بنُ بُوَيه الدَّيلمي, عميدَ الجُيوشِ أبا عليِّ بنَ أستاذ هرمز إلى العراقِ ليُدَبِّرَ أمْرَه، فوصل إلى بغداد، والفِتَنُ ثائرةٌ بها، فضبط العِراقَ بأتَمِّ سياسةٍ، وأباد الحَراميَّة، وقتل عِدَّةً منهم، فقَمَع الفَسادَ وأهلَه، ومنَعَ الرَّافضةَ مِن إحياءِ مآتِمِ يومِ عاشوراءَ بالنَّوحِ وتَعليقِ المُسوح ببغداد وغيرها، ومنَعَ أهلَ السُّنَّة مِمَّا كانوا ابتَدَعوه أيضًا في مُقابلةِ الرَّافِضةِ مِن التوجُّهِ إلى قَبرِ مُصعَبِ بنِ الزُّبيرِ وغَيرِه، ونفى بعد ذلك ابنَ المُعَلِّم المعروف بالشيخ المفيد، فَقيه الإماميَّة، فاستقام أمرُ البَلَدِ.
تطلَّع علي بن يوسف بن تاشفين إلى القضاء على مقاومة النصارى وخاصة ألفونسو السادس صاحب طليطلة الذي أصبح يُغيرُ على أطراف بلاد المسلمين في الأندلس بعد وفاة يوسف بن تاشفين، فولى أخاه تميمًا على غرناطة وجعله قائد جيش المرابطين في الأندلس، ثم قام تميم بمحاربة ألفونسو في معركة أقليش التي تعتبر من أكبر المعارك بعد الزلاقة، واستطاع تميم أن ينتصر على ألفونسو الذي قُتِل ابنه في هذه المعركة، كما قُتِل قائدُ جيشه ومُعظَمُ من كان معه من الأمراء ونحوُ عشرة آلاف من الجنود، وهذا الانتصار قوَّى من عزيمة علي للمسير إلى الأندلس للقضاء على شأفة النصارى فيها، حتى سار في السنة التالية وافتتح ثمانية وعشرين حصنًا.
لما علم ابن صباح صاحب قلعة ألموت بما جرى على أشياعه الإسماعيلية بدمشق، تنمَّر وندب طائفة لقتل تاج الملوك بوري بن طغتكين، صاحب دمشق، فعيَّن اثنين في زي الجند، ثم قدما فاجتمعا بناس منهم أجناد، وتحيلا على أن صارا من السلحدانة وضمنوهما، ثم وثبا عليه في خامس جمادى الآخرة، فضربه أحدهما بالسيف قَصَد رأسه، فجرحه في رقبته جرحًا سليمًا، وضربه الآخر بسكين في خاصرته، فمرت بين الجلد واللحم, فتعلَّل من ذلك بجرحين، برأ من أحدهما، ولم يبرأ من الآخر، وبقي فيه ألمه، إلا أنه يجلس للناس، ويركب معهم على ضعف فيه، ثم اشتد عليه جرحه وأضعفه، وأسقط قوته إلى أن توفي في رجب سنة 526.
حصر أتابك عماد الدين زنكي دمشقَ، وكان نزوله عليها أول جمادى الأولى، وسببُه إرسال شمس الملوك صاحبها إليه واستدعاؤه ليسلمها إليه، فقُتل شمس الملوك قبل وصول زنكي، وسار إلى دمشق فنازلها، وأجفل أهلُ السواد إلى دمشق، واجتمعوا فيها على محاربته ونزل أولًا شماليَّها، ثم انتقل إلى ميدان الحصار، وزحف وقاتل، فرأى قوةً ظاهرة وشجاعة عظيمة واتفاقًا تامًّا على محاربته، فبينما هو يحاصِرُها وصل رسول الخليفة المسترشد بالله، وهو أبو بكر بن بشر الجزري من جزيرة ابن عمر، بخِلَع لأتابك زنكي، ويأمرُه بمصالحة صاحب دمشق، فرحل عنها لليلتين بقيتا من جمادى الأولى.
هو خوارزم شاه تكش بن ألب أرسلان، صاحِبُ خوارزم وبعض خراسان والري وغيرها من البلاد الجبالية، بشهرستانة بين نيسابور وخوارزم، وكان قد سار من خوارزم إلى خراسان، وكان به خوانيق، فأشار عليه الأطباءُ بترك الحركة، فامتنع، وسار، فلما قارب شهرستانة اشتَدَّ مَرَضُه فأرسل إلى ابنِه قطب الدين محمد يستدعيه، ويعَرِّفُه شدة مرضه، فوصل بعد موتِ أبيه، فولِيَ الملك بعده، ثم تلقَّبَ بعلاء الدين، لَقَب أبيه، وكان لقَبُه قطب الدين، وأمَرَ فحُمِلَ أبوه ودُفِنَ بخوارزم في تربةٍ عَمِلَها في مدرسة بناها كبيرةٍ عظيمةٍ، وكان عادلًا حسن السيرة، له معرفةٌ حَسَنةٌ وعِلمٌ، يَعرِفُ الفِقهَ على مذهب أبي حنيفة، ويَعرِفُ الأصولَ.
هو الأديبُ المؤرِّخُ صلاحُ الدين أبو الصفاء، خليل ابن الأمير عز الدين أيبك بن عبد الله الألبكي الصفدي, ولد سنة 696 في صفد بفلسطين، وإليها نُسِبَ، وكان والِدُه أحد أمراء المماليك، وكان إمامًا بارعًا كاتبًا ناظمًا ناثرًا شاعرًا، له مصنفات كثيرة في التاريخ والأدب والبديع وغير ذلك، وتاريخه المسمى: الوافي بالوفيات، وهو مشهورٌ مُعتَمَد، وله تاريخ آخر أصغر من هذا سماه أعوان النصر في أعيان العصر، وله شَرحُ لامية العَجَم، ونكت الهميان في نكت العميان، وكتاب جناس الأجناس، وغيرها من كتب اللغة والتاريخ. توفي بدمشق في ليلة الأحد عاشر شوال.
بعد أن استطاع السلطان العثماني سليم الأول أن ينتصرَ على الصفويين في معركة جالديران، ترك جيشًا كان مهمتُه الاستيلاء على الرقَّة وأورفة وماردين والموصل، وقبل هذا قام السلطان بعد أن انتهى من استراحته حتى انتهى الشتاء بالرجوع إلى أذربيجان ففتح فيها بعض القلاع ودخل إمارة ذي القدر السلجوقية، وأميرُها علاء الدولة، التي كانت تعتبر تحت سيطرة المماليك، وهذه الإمارة تضم مدن أبلستين ومرعش وعينتاب، فأصبحت ضمن أراضي الدولة العثمانية، وقد عين عليها السلطانُ سليم ابنَ شاه سوار، وهذا الأمر أثار حفيظة السلطان المملوكي قانصوه الغوري الذي جهَّز جيشًا وتوجَّه به إلى الشام لقتال العثمانيين الذين توجهوا هم أيضًا إلى الشام.
هو السلطان الأشرف طومان باي آخر سلاطين الدولة المملوكية بمصر، ويُذكَر أن أصله من بلاد الغور، اشتراه قانصوه الغوري وقَدَّمه للملك الأشرف قايتباي، ثم وَرِثَه ابنُه الناصر محمد الذي أعتقه. تولى نيابة السلطنة المملوكية في عهد السلطان المملوكي الأشرف قونصوه الغوري، ثم بويع طومان باي بالسلطنة بعد معركة مرج دابق, لكِنَّ أيامه لم تطُلْ؛ فقد هُزم أمام العثمانيين في معركة الريدانية وسقط أسيرًا بأيديهم؛ حيث قتلوه في الحادي والعشرين من ربيع الأول من هذا العام، فكان بنهايته نهايةُ الدولة المملوكية التي دامت قرابة المائتين وخمس وسبعين سنة بقسميها المماليك البحرية والمماليك البرجية الشراكسة.
تجمَّع أهلُ الوشم وسدير في بلدة القرين في ناحية الوشم يريدون غزوَ أهل شقراء بعد أن انضمَّ أهلها للدعوة, فبَقُوا في القرائن ثلاثة أيام وهم يناوشون أهل شقراء الحربَ، فلما علم بذلك الأمير محمد بن سعود- وكان أهل شقراء من السابقين في متابعةِ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب- طلب منهم أن يخرُجوا إليهم ويشاغلوهم حتى يأتيَهم المددُ، ثم أرسل ابنَه الأمير عبد العزيز مع جنوده، الذي تمكن من هزيمة أهل الوشم وسدير، واضطرهم إلى الهروب إلى بلدة القرائن والاحتماء بها بعد أن قتلَ منهم 15 رجلًا، ثمَّ حصرهم في القرائن 20 يومًا حتى أيقنوا الهلاكَ، فخرجوا منها هاربين.
عزم الإمامُ عبد العزيز بن محمد بن سعود الحجَّ بالنَّاسِ الحَجَّةَ الثانية, وقد احتفلوا احتفالًا عظيما بالحَجَّة الأولى في السنة الماضية, وأجمل معه في الحجِّ غالب أهل نجد ومن تَبِعَهم من البوادي وغيرهم من النساء والأطفال، وخرج معه للحَجِّ ابنه الأمير سعود, ثمَّ إن الإمام عبد العزيز لما سار سبعة ووصل قرب الدوادمي المعروف في عالية نجد أيام، آنسَ من نفسه الملل والثِّقلَ فرجع للدرعية، وحَجَّ بالناس الأميرُ سعود واعتمروا وحجُّوا على أحسن حال، واجتمع سعود بالشَّريفِ غالب شريف مكة وبذل سعودٌ في مكة كثيرًا من الصدقات والعطاء، وكانت هذه حَجَّتَه الثانية.
هو الشاعرُ المشهور محمد بن جمد بن محمد ابن لعبون بن مدلج الوايلي البكري العنزي، أمير شعراء النبط، ولِدَ في بلدة حرمة بنجد سنة 1205هـ وحَفِظَ بها القرآن وتعَلَّم الكتابة، وكان خطُّه فائقًا. ونَظَم الشعرَ في صغرِه. ومال إلى اللهوِ والبطالة. ورحل إلى الزبير في العراق، ساعده ذكاؤه الشِّعري وشخصيتُه المَرِحة الطَّرِبة في توطيدِ علاقاته مع كثيرٍ مِن وجهاءِ وأعيان نجد والزبير والكويت والأحساء والبحرين والهند، وورد في شعره ذِكرُ كِبارِ شخصيات عصره، كان شعره جيدًا إلَّا أن فيه تخبيطًا في العقيدةِ، وقيل: إنه أنشأ قصيدةً تاب فيها وتضَرَّع إلى الله. قصَدَ الكويت فمات فيها بالطاعون.