الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2032 ). زمن البحث بالثانية ( 0.006 )

العام الهجري : 124 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 742
تفاصيل الحدث:

هو محمَّدُ بن مُسلِم بن عُبيدِ الله بن شِهاب الزُّهري، أوَّلُ مَن دَوَّنَ الحَديثَ، أَحدُ كِبارِ الحُفَّاظ والفُقَهاء، حَدَّث عن عَددٍ مِن الصَّحابة كَأَنَسٍ وابنِ عُمَر، وأَرسَل عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَحاديثَ كَثيرَة، كان مِن مَشاهير القُرَّاء، له مُؤَلَّفات في المَغازي والتَّاريخ والقُرآن، اسْتَقَرَّ في الشَّام وبَقِيَ إلى أن قِيلَ ليس في الدُّنيا له نَظير، تُوفِّي في قَريَةِ شَغْب أوَّل حُدودِ فِلَسطين مع الحِجاز، فرَحِمَه الله تَعالى وجَزاهُ عن الإسلامِ والمسلمين خَيرًا.

العام الهجري : 334 العام الميلادي : 945
تفاصيل الحدث:

هو الإخشيدُ أبو بكر مُحمَّد بن طغج، صاحِبُ ديارِ مِصرَ، وكان مولِدُه سنة 268 ببغداد، وكان موتُه بدمشق، وقيل مات سنة 335، ووليَ الأمرَ بعدَه ابنُه أبو القاسم أنوجور، فاستولى على الأمرِ كافور الخادِمُ الأسود، وهو من خَدَمِ الإخشيد، ولَمَّا ثبت أمرُ أنوجور وكان صغيرًا، صار الخادم كافور الإخشيدي مدبِّرَ مَملكتِه، فكان كافور يُطلِقُ في كل سنة لأنوجور أربعَمائة ألف دينار ويتصَرَّفُ كافور فيما يبقى.

العام الهجري : 425 العام الميلادي : 1033
تفاصيل الحدث:

كانت قلعةُ بركوي المتاخِمةُ للأرمن في يَدِ أبي الهيجاء بن ربيب الدَّولة، ابنِ أخت وهسوذان بن مملان، فتنافَرَ هو وخاله، فأرسل خالُه إلى الرومِ فأطمعهم فيها، فسَيَّرَ مَلِكُ الروم إليها جمعًا كثيرًا فمَلَكوها، فبلغ الخبَرُ إلى الخليفة العباسي القائمِ بأمرِ الله، فأرسل إلى أبي الهيجاءِ وخالِه مَن يُصلِحُ بينهما ليتَّفِقا على استعادةِ القلعةِ، فاصطلحا، ولم يتمَكَّنا من استعادتِها، واجتمع إليهما خلقٌ كثيرٌ مِن المتطَوِّعة، فلم يقدروا على ذلك؛ لثباتِ قَدَمِ الرُّومِ بها.

العام الهجري : 438 العام الميلادي : 1046
تفاصيل الحدث:

مَلَكَ مُهلهَل بن محمد بن عناز مدينة قرميسين والدينور، وسبَبُ ذلك أنَّ إبراهيمَ ينال السلجوقي كان قد استعمل عند عودِه من حلوان على قرميسين بدرَ بنَ طاهر بن هلال، فلما ملَكَ مُهلهَل بعد موت أخيه أبي الشوك الذي كان يحكُمُ الدينور، سار إلى مايدشت، ونزل بها ثم توجَّهَ نحو قرميسين، فانصرَفَ عنها بدر فملكها مهلهل، وسيَّرَ ابنه محمدًا إلى الدينور، وبها عساكِرُ ينال، فاقتتلوا، فقُتِلَ بين الفريقينِ جماعة، وانهزم أصحاب ينال، وملَكَ محمَّدٌ البلد.

العام الهجري : 460 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1068
تفاصيل الحدث:

يومَ النِّصفِ من جُمادى الآخرة قُرِئَ الاعتقادُ القادريُّ الذي فيه مَذهبُ أَهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ، والإنكارُ على أَهلِ البِدَعِ، وقَرأَ أبو مُسلمٍ الكجيُّ البخاريُّ المُحَدِّثُ كِتابَ ((التَّوحيدِ)) لابنِ خُزيمةَ على الجَماعةِ الحاضرين، وذُكِرَ بمَحضرٍ مِن الوَزيرِ ابنِ جَهيرٍ وجَماعةِ الفُقهاءِ وأَهلِ الكَلامِ، واعتَرَفوا بالمُوافَقةِ، ثم قُرِئَ الاعتِقادُ القادريُّ على الشَّريفِ أبي جَعفرِ بن المُقتدِي بالله ببابِ البَصرةِ، وذلك لِسَماعِه له مِن مُصَنِّفِه الخَليفَةِ القادرِ بالله.

العام الهجري : 508 العام الميلادي : 1114
تفاصيل الحدث:

كان طغتكين أمير دمشق قد استوحش من السلطان محمد بن ألب أرسلان؛ لأنه نسب إليه قتل مودود، فاتفق هو وإيلغازي أمير ماردين على الامتناع والالتجاء إلى الفرنج، والاحتماء بهم، وإيلغازي كان ناقمًا على أتسز البرسقي لأسرِ ابنه إياز، فراسلا صاحب أنطاكية وحالفاه، فحضر عندهما على بحيرة قدس عند حمص، وجدَّدوا العهود، وعاد إلى أنطاكية، وعاد طغتكين إلى دمشق، وسار إيلغازي إلى الرستن قاصدًا ديار بكر، فتَمَّ أسرُه على يد حلفاء البرسقي.

العام الهجري : 612 العام الميلادي : 1215
تفاصيل الحدث:

أغارت الفرنج على بلاد الإسماعيلية فقتلوا ونهبوا ثم اصطلحوا، وأخذ مَلِكُ بلاد الروم عزُّ الدين كيكاوس بن كيخسرو مدينة إنطاكية من أيدي الفرنجِ، ثم أخَذَها منه ابنُ لاون ملك الأرمن، ثم منه إبريس طرابلس، وسار عزُّ الدين إلى بلاد الأرمن، وحاصرَ قلعة جابان، وهزم عندها جيوش الأرمن، ورجع إلى قيصريَّة قبل أن يستوليَ على قلعة جابان، ثم طلب الأرمنُ الصلحَ، وأجابهم إليه عزُّ الدين، فأخذ في مقابلِ الصلح من بلاد الأرمن قلعةَ لؤلؤة ولوزاد.

العام الهجري : 652 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1254
تفاصيل الحدث:

أخذ الشَّريفُ راجح بن قتادة مكَّةَ من الشريف جماز بن حسن، بغيرِ قتال، ثم أخذها ابنُه غانم بن راجح في ربيعٍ الأول بغير قتالٍ، فقام عليه الشَّريفُ أبو نمي بن أبي سعيد بن علي بن قتادة في شوال ومعه الشريفُ إدريس، وحارباه ومَلَكَا مكة، فقدم في خامس عشر ذي القعدة مبارز الدين الحسين بن علي بن برطاس من اليمن، وقاتَلَهما وغَلَبَهما، وحجَّ بالنَّاسِ.

العام الهجري : 697 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1298
تفاصيل الحدث:

هو شِهابُ الدين أحمد بن عثمان بن قايماز بن الشيخ عبد الله التركماني الفارقي الأصل ثم الدمشقي الذهبي. قال الذهبي: "والدي أحسَنَ اللهُ جزاءه ولد سنة 641 تقريبًا، وبرع في دقِّ الذَّهَب، وحصل منه ما أعتق منه خمسَ رقاب، وسَمِعَ الصحيح في سنة 666 من المقداد القيسي، وحجَّ في أواخر عمره، كان يقومُ مِن الليل". توفِّي في آخر جمادى الأولى ليلة الجمعة، وصلى عليه الخلقُ يؤُمُّهم قاضي القضاة ابنُ جماعة.

العام الهجري : 722 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1322
تفاصيل الحدث:

في مُستَهَلِّ جمادى الأولى قَدِمَ البريد بأن العسكَرَ أغار على بلاد سيس، وأخرَبَ وغَنِمَ وقتل جماعة، وأنَّ أوشين متمَلِّكَ سيس هلك، وقام مِن بعدِه ابنُه ليفون، وله من العُمرِ نحو اثنتي عشرة سنة، وأن العساكِرَ نازلت إياسَ وأخذوها عَنوةً بعد حصار، وقتلوا أهلَها وخَرَّبوها، وعادوا على الأرمن فغَنِموا وأسَروا منهم كثيرًا، وتوجَّهوا عائدين، فقَدِمَ الأمير جمال الدين أقوش بالعسكرِ إلى القاهرة في السابع عشر جمادى الآخرة، وخُلِع عليه.

العام الهجري : 1204 العام الميلادي : 1789
تفاصيل الحدث:

جرت موقعةُ غريميل (وهو جبل صغير تحته ماء، قربَ الأحساء) حيث التقت قواتُ الدرعية بقيادةِ الأمير سعود بن عبد العزيز، مع قواتِ بني خالد بقيادةِ عبد المحسن بن سرداح وابن أخته دويحس بن عريعر، وبعد نزال استمَرَّ ثلاثة أيام، انهزم جيش بني خالد وهرب عبد المحسن إلى المنتفق، وغَنِمَ جيشُ سعود غنائِمَ كثيرة، واستعمل الأمير سعود زيدَ بن عريعر أميرًا على بني خالد.

العام الهجري : 1213 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1799
تفاصيل الحدث:

حجَّ ركبٌ من أهل نجدٍ في هذا العام، فيهم عليٌّ ابنُ الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأخوه إبراهيم، وإبراهيمُ بن سدحان رئيس بلد شقراء، ورفقة معهم من أهل الوشم وأهل القصيم، وقَضَوا حجَّهم ورجعوا سالمين، وذلك أنَّ الشريف بعد وقعة الخرمة (من محافظات منطقة مكة المكرمة) سنة 1212 أرسل إلى الإمام عبد العزيز وطلب الصلحَ والمهادنة، فأجابه إلى ذلك وأذِنَ لأهل نجد بالحَجِّ بعد أن كانوا ممنوعين منه منذ عقودٍ.

العام الهجري : 1248 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1832
تفاصيل الحدث:

قال ابن بشر: "في ليلة الثلاثاء 19 جمادى الآخرة بعدما مضى نصفُ الليل تطايرت النجومُ في السماء كأنها الجرادُ، وكأنها شُعَل النار وقدح الزند من جميع جهاتِ السماء كلها شرقًا وغربًا، وشمالًا وجنوبًا، وصار فيها شهبٌ عظيمة تنقض وتضيء بالأرضِ، ويبقى موضع الشهاب ساعةً لا يزول، وانزعج الناس لذلك، واستمر إلى بعد اسفرارِ الصبحِ حتى ستره النهارُ، وأخبرني من أثِقُ به أنه رأى شهبًا تنقض بعدما طلعت الشمسُ يراها كأنَّها الدخان".

العام الهجري : 887 العام الميلادي : 1482
تفاصيل الحدث:

بدأ ملك الأمير أبي الحسن علي بن سعد ملك غرناطة في التقهقر والانتكاس والانتقاض. من وقت السيل العظيم سنة 883 الذي أصاب غرناطة؛ وذلك أن الأمير اشتغل باللذات والانهماك في الشهوات واللهو بالنساء المطربات، وركن إلى الراحة والغفلات، وضيع الجند وأسقط كثيرًا من نجدة الفرسان وثقَّل المغارم وكثَّر الضرائب في البلدان ومكَّس الأسواق ونهب الأموال وشحَّ بالعطاء، إلى غير ذلك من الأمور التي لا يثبت معها المُلك, وكان للأمير أبي الحسن وزير يوافقُه على ذلك ويُظهِرُ للناس الصلاحَ والعفاف وهو بعكس ذلك، وانصرف عن تقوية عساكره، فأهمل كل من فيه نجدة وشجاعة من الفرسان ويقطع عنهم المعروف والإحسان حتى باع الجند ثيابهم وخيلهم وآلات حربهم وأكلوا أثمانها، وقَتَل كثيرًا من أهل الرأي والتدبير والرؤساء والشجعان من أهل مدن الأندلس وحصونها، ولم يزل الأمير مستمرًّا على حاله والجيش في نقص والملك في ضعف إلى أن انقضى الصلح الذي كان بينه وبين النصارى في محرم سنة 887 فلم يشعر بهم أحد حتى دخلوا مدينة الحامة؛ وذلك أنهم طرقوها ليلًا على حين غفلة من أهلها فدخلوا قصبَتَها وكانت خالية، فلم يكن بها إلا عيال قائدها فملكوا القصبة والناس نيام مطمئنون، فلم يشعر أحد إلا والنصارى قد هبطوا من القصبة على البلد بالسيف والقتل والسبي الشديد حتى قتل من نفد أجَلُه وفَرَّ من قَدَر على الفرار واستولى النصارى على البلد وجميع ما كان فيه من الرجال والنساء والصبيان والأموال، وكان ذلك في التاسع عشر محرم، فلما بلغ أهل غرناطة ما فعل النصارى بإخوانهم المسلمين هاجت الرعية وقالوا: لا صبر لنا على هذه المصيبة العظمى ولا خير لنا في عيش بعد هذه النكبة الكبرى، إما أن نفك إخواننا أو نموت دونهم، فاجتمعوا مع الأمير أبي الحسن ووزيره فجعل الأمير والوزير يعجِّزانهم عن المسير ويتربصان بهم ويقولان لهم اصبروا حتى نأخذ أُهبَتَنا ونعمل على حال الحرب، فلم تزل بهم العامة حتى أخرجوهما فتقدم صدر الجيش فوجدوا النصارى قد أخرجوا من البلد ما سَبَوا من الرجال والنساء والصبيان والأموال، وقد أوقروا الدواب بذلك وهم عازمون على المسير إلى بلادهم، فلما رأوا خيل المسلمين قد أقبلت عليهم حطوا الأحمال ودخلوا البلد وتحصَّنوا بالأسوار ثم أقبل المسلمون بحملتهم واقتربوا منهم فقاتلوهم قتالًا شديدًا بجِدٍّ وعزم وقلوب محترقة وحزم، حتى دخلوا بعض أبواب المدينة وكسروه وحرقوه وتعلقوا بأسوار البلد وطمعوا في الدخول إليه، فبينما هم كذلك إذ وصل لهم أمر من الأمير أبي الحسن والوزير يأمرانهم فيه بالرجوع عن القتال، فأبى الناس عن الرجوع فقالا لهم: إذا كان غدًا ندخل عليهم أول النهار؛ لأن الليل قد أقبل ودخل علينا فترك الناس القتال ورجعوا إلى محلاتهم، أما النصارى فباتوا يصلحون شأنهم ويمنعون أسوارهم ويغلقون نقابهم، فلما أصبح الصباح ونظر المسلمون إلى البلد فإذا هو على صفة أخرى من المنعة والتحصين والاستعداد، فصَعُب عند ذلك على المسلمين الدخول إليه بل والدنو منه، ومع ذلك عزم المسلمون على حصار البلد والإقامة عليه فأقبلت وفود المسلمين من كل أرض من بلاد الأندلس، واجتمع في ذلك المحل محلة عظيمة وفتحوا الأسواق للبيع والشراء وجلبوا لأسواقهم كل ما يحتاجون إليه من الأطعمة والعلف والزاد وغير ذلك، وحاصروا العدو حصارًا شديدًا ومنعوا عليه الماء والحطب والداخل والخارج، والعامة في ذلك بحزم وعزم وجِدٍّ واجتهاد ونية صادقة وقلوب محترقة، والوزير يعد الناس بالدخول والقتال وعدًا بعد وعد، ويقول عن قريب نأخذهم عطشًا وها نحن نُعمل الحيلة في الدخول عليهم، وكان التقصير والتفريط والغش يبدو منه شيئًا بعد شيء حتى تبين لعامة الناس وخاصتهم ولاح لهم كالشمس، وظنوا بالملك والوزير ظنونَ السوء وكثر الكلام القبيحُ بينهم، فعند ذلك هاج شيطان الفتنة بينهم وتحدث الناس بعضهم مع بعض في مسائل غشِّهما للمسلمين، فبينما الناس كذلك في إساءة ظنهم بأميرهم وبوزيرهم إذا بهما قد استعملا حيلةً وكتبا كتبًا مزورة كأنها أتتهما من بعض من نصحهم من ناحية المسلمين المجاهدين المجاورين لبلاد الكفرة يعلمونَهم بها أن الطاغية ملك النصارى جمع جمعًا عظيمًا وحشد حشودًا كثيرة وعزم على نصرة النصارى المحصورين في بلد الحامة وهو قادم عن قريب، ولا طاقة لكم بملاقاته فحين أعلمهم الوزير بما ذُكر وخوفهم بذلك سُقِط في أيدي الناس فأمرهم حينئذ بالرحيل والإقلاع عن دار الحرب فرحل الناس كرهًا باكين متأسفين بحسرة وفجعة يا لها من حسرة!! وانصرف الناس كل واحد إلى وطنه.

العام الهجري : 456 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1064
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الأَوحدُ، البَحرُ، ذو الفُنونِ والمَعارِف، العَلَّامَةُ أبو مُحمدٍ عليُّ بن أحمدَ بن سَعيدِ بن حَزْمِ بن غالبِ بن صالحِ بن خَلَفِ بن معد بن سُفيانَ بن يَزيدَ (مَولى يَزيدَ بن أبي سُفيانَ) الأُمَويُّ الفَقيهُ الحافظُ، المُتَكَلِّمُ، الأَديبُ، الوَزيرُ، الظَّاهريُّ، صاحبُ التَّصانيفِ. أَصلُ جَدِّهِ يَزيدَ من فارس، وهو أَوَّلُ مَن أَسلَم من أَجدادِه، وجَدُّهُ خَلَفٌ أَوَّلُ مَن دَخَلَ بِلادَ المَغرِب من آبائهِ زَمنَ عبدِالرحمن الدَّاخِل، وكانت بَلدُهم قُرطبةَ، ووُلِدَ ابنُ حَزمٍ بها في رمضان، سنة 384هـ، وكان والِدُه من كُبَراءِ أَهلِ قُرطُبة؛ عَمِلَ في الوِزارةِ للدَّولةِ العامِريَّة، فنَشأَ ابنُ حَزمٍ في تَنَعُّمٍ ورَفاهِيَةٍ، ورُزِقَ ذَكاءً مُفرِطًا، وذِهْنًا سَيَّالًا. فقَرأَ القُرآنَ واشتَغَلَ بالعُلومِ النَّافِعَةِ الشَّرعيَّةِ، وبَرَزَ فيها وَفاقَ أَهلَ زَمانِه. كان حافِظًا عالِمًا بعُلومِ الحَديثِ وفِقْهِهِ، مُستَنبِطًا للأَحكامِ من الكِتابِ والسُّنَّةِ بعدَ أن كان شافِعيَّ المَذهبِ، انتَقلَ إلى مَذهبِ أَهلِ الظَّاهرِ، وكان مُتَفَنِّنًا في عُلومٍ جَمَّةٍ، عامِلًا بِعِلمِه، زاهِدًا في الدُّنيا بعدَ الرِّياسَةِ التي كانت له ولأَبيهِ مِن قَبلِه في الوزارةِ وتَدبيرِ المَمالِكِ، مُتواضِعًا ذا فَضائلَ جَمَّةٍ. قال الذَّهبيُّ: "كان قد مَهَرَ أوَّلًا في الأَدبِ والأَخبارِ والشِّعْرِ، وفي المَنطِقِ وأَجزاءِ الفَلسفَةِ، فأَثَّرَت فيه تَأثيرًا لَيْتَهُ سَلِمَ من ذلك، ولقد وَقفتُ له على تَأليفٍ يَحُضُّ فيه على الاعتِناءِ بالمَنطِقِ، ويُقَدِّمُه على العُلومِ، فتَألَّمتُ له، فإنَّه رَأسٌ في عُلومِ الإسلامِ، مُتَبَحِّرٌ في النَّقْلِ، عَديمُ النَّظيرِ على يُبْسٍ فيه، وفَرْطِ ظاهِريَّةٍ في الفُروعِ لا الأُصولِ". وله تَصانيفُ وكُتُبٌ مَشهورةٌ كَثيرةٌ أَهَمُّها ((المُحَلَّى))، و((الفَصلُ في المِلَل والنِّحَل)).  ويُقال: إنَّه صَنَّفَ أربعمائةَ مُجَلَّدٍ في قَريبٍ من ثمانين ألف وَرَقَةٍ. وكان أَديبًا طَبيبًا شاعِرًا فَصيحًا، له في الطِبِّ والمَنطِقِ كُتُبٌ، كان مُصاحِبًا للشَيخِ أبي عُمرَ بن عبدِ البَرِّ النمري، ومُناوِئًا للشيخِ أبي الوليدِ سُليمانَ بن خَلفٍ الباجيِّ، وقد جَرَت بينهما مُناظراتٌ كَثيرةٌ، وكان ابنُ حَزمٍ كَثيرَ الوَقيعةِ في العُلماءِ بِلِسانِه وقَلَمِه لا يَكادُ يَسلَمُ أَحَدٌ من لِسانِه من العُلماءِ المُتقَدِّمين والمُتأخِّرين، حتى قيلَ: "كان لِسانُ ابنِ حَزمٍ وسَيفُ الحَجَّاجِ بن يوسفَ شَقِيقَينِ, لكَثرةِ وُقوعِه في الأئمةِ" فنَفَرَت عنه القُلوبُ،، فتَمالَأَ العُلماءُ على بُغضِه ورَدُّوا قَولَه واجمَعوا على تَضليلِه وشَنَّعُوا عليه, وحَذَّروا السَّلاطِينَ من فِتنَتهِ, ونَهوا عَوامَّهُم عن الدُّنُوِّ إليه والأَخذِ منه, فأَورَثَهُ ذلك حِقدًا في قُلوبِ أَهلِ زَمانِه، وما زالوا به حتى بَغَّضوهُ إلى مُلوكِهم، فطَردوهُ عن بلادِه حتى تَشَرَّدَ في الباديةِ ومع ذلك لم يرجِع عن أَقوالِه وأَفعالِه. كان ظاهِريًّا لا يقولُ بشيءٍ من القِياسِ لا الجَلِيِّ ولا غَيرِه، وهذا الذي وَضَعهُ عند العُلماءِ، وأَدخَلَ عليه خَطأً كَبيرًا في نَظَرِه وتَصرُّفِه وكان مع هذا مِن أَشَدِّ الناسِ تَأويلًا في باب الأُصولِ، وآياتِ الصِّفاتِ وأحاديثِ الصِّفاتِ، لأنَّه كان أَوَّلًا قد تَضَلَّع من عِلْمِ المَنطِق، أَخذَهُ عن محمدِ بن الحسنِ المُذحجيِّ الكِناني القُرطُبي، ففَسَدَ بذلك حالُه في بابِ الصِّفاتِ، قال الذَّهبيُّ: "قيلَ: إنَّه تَفَقَّهَ أوَّلًا للشافعيِّ، ثم أَدَّاهُ اجتِهادُه إلى القَوْلِ بنَفْيِ القِياسِ كُلِّهِ جَلِيِّهِ وخَفِيِّهِ، والأَخْذِ بظاهرِ النَّصِّ وعُمومِ الكتابِ والحديثِ، والقَولِ بالبَراءةِ الأصليَّة، واستِصحابِ الحالِ، وصَنَّفَ في ذلك كُتُبًا كَثيرةً، وناظَرَ عليه، وبَسَطَ لِسانَه وقَلَمَه، ولم يَتأَدَّب مع الأئمةِ في الخِطابِ، بل فَجَّجَ العِبارةَ، وسَبَّ وجَدَّعَ، فكان جَزاؤُه من جِنْسِ فِعْلِه، بحيث إنَّه أَعرَض عن تَصانيفِه جَماعةٌ من الأئمةِ، وهَجرُوها، ونَفَروا منها، وأُحرِقَت في وَقتٍ، واعتَنَى بها آخرون من العُلماءِ، وفَتَّشُوها انتِقادًا واستِفادةً، وأَخْذًا ومُؤاخَذةً، ورَأوا فيها الدُّرَّ الثَّمينَ مَمْزوجًا في الرَّصْفِ بالخَرزِ المهينِ، فتارةً يطربون، ومَرَّةً يعجبون، ومِن تَفَرُّدِه يَهزَؤون. وفي الجُملةِ فالكمالُ عَزيزٌ، وكلُّ أَحَدٍ يُؤخذُ من قَولِه ويُتركُ، إلَّا رَسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم, وكان يَنهضُ بِعُلومٍ جَمَّةٍ، ويُجيدُ النَّقْلِ، ويُحسِن النَّظْمَ والنَثْرَ. وفيه دِينٌ وخَيْرٌ، ومَقاصِدُه جَميلةٌ، ومُصنَّفاتُه مُفيدةٌ، وقد زَهِدَ في الرِّئاسَةِ، ولَزِمَ مَنزِلَه مُكِبًّا على العِلْمِ، فلا نَغلُو فيه، ولا نَجفُو عنه، وقد أَثنَى عليه قَبلَنا الكِبارُ. قال أبو حامد الغزالي: "وجدتُ في أَسماءِ الله تعالى كِتابًا أَلَّفَهُ ابنُ حَزمٍ يَدُلُّ على عِظَمِ حِفظِه وسَيَلانِ ذِهْنِهِ". وقال الإمامُ أبو القاسمِ صاعدُ بن أحمدَ: "كان ابنُ حَزمٍ أَجْمَعَ أَهلِ الأندَلُسِ قاطِبةً لِعُلومِ الإسلامِ، وأَوْسَعَهُم مَعرِفَةً مع تَوَسُّعِهِ في عِلْمِ اللِّسانِ، ووُفورِ حَظِّهِ من البَلاغةِ والشِّعْرِ، والمَعرِفَةِ بالسِّيَرِ والأَخبارِ". قال الحافظُ أبو عبدِ الله محمدُ بن فتوح الحُميدي: "ما رأينا مِثلَه فيما اجتَمَع له من الذَّكاءِ وسُرعَةِ الحِفظِ وكَرَمِ النَّفْسِ والتَّدَيُّنِ، وما رأيتُ مَن يقولُ الشِّعْرَ على البَديهةِ أَسرعَ منه". قال أبو القاسمِ صاعدٌ: "كان أَبوهُ مِن وُزَراءِ المَنصورِ محمدِ بن أبي عامرٍ، ثم وَزَرَ للمُظَفَّرِ، ووَزَرَ أبو محمدٍ للمُسْتَظْهِر عبدِ الرحمن بن هشامٍ، ثم نَبَذَ هذه الطَّريقَة، وأَقبلَ على العُلومِ الشَّرعيَّة، وعَنِيَ بِعِلْمِ المَنطِقِ وبَرَعَ فيه، ثم أَعرَض عنه". قُلتُ (الذهبي): "ما أَعرَض عنه حتى زَرَعَ في باطِنِه أُمورًا وانحِرافًا عن السُّنَّةِ". وقد حَطَّ أبو بكر بن العربي على أبي محمدٍ وعلى الظاهريَّةِ في كِتابِ القَواصِم والعَواصِم، فقال: "هي أُمَّةٌ سَخِيفةٌ، تَسَوَّرَت على مَرتَبةٍ ليست لها، وتَكلَّمَت بكَلامٍ لم تفهَمهُ". قلتُ (الذهبي): "لم يُنصِف القاضي أبو بكرٍ شَيْخَ أَبيهِ في العِلْمِ، ولا تَكلَّم فيه بالقِسْطِ، وبالَغَ في الاستِخفافِ به، وأبو بكرٍ فعَلَى عَظَمَتِه في العِلْمِ لا يَبلُغ رُتْبَةَ أبي محمدٍ، ولا يَكادُ، فرَحِمَهُما الله وغَفَرَ لهُما". ثم قال (الذهبي): "وَلِي أنا مَيْلٌ إلى أبي محمدٍ لِمَحَبَّتِهِ في الحَديثِ الصَّحيحِ، ومَعرِفَتِه به، وإن كنتُ لا أُوافِقُه في كَثيرٍ مما يَقولُه في الرِّجالِ والعِلَلِ، والمَسائِلِ البَشِعَةِ في الأُصولِ والفُروعِ، وأَقطعُ بخَطَئِه في غيرِ ما مَسألةٍ، ولكن لا أُكَفِّرُه، ولا أُضَلِّلُه، وأرجو له العَفْوَ والمُسامَحةَ وللمسلمين. وأَخضَعُ لِفَرْطِ ذَكائِه وسِعَةِ عُلومِه، ورَأيتُه قد ذَكَرَ – أي ابن حزم- قولَ مَن يقول: أَجَلُّ المُصنَّفاتِ (المُوطَّأ). فقال: بل أولى الكُتُبِ بالتَّعظيمِ (صَحيحا) البُخاريِّ ومُسلمٍ" وكانت وَفاتُه شَريدًا في البادِيَةِ بعدَ أن أَقْصَتْهُ المُلوكُ وشَرَّدَتْهُ عن بِلادِه حتى انتهى إلى بادِيَةِ لبلة فتُوفِّي بها آخرَ نهارِ الأحدِ للَيلتينِ بَقِيَتا من شعبان، وقيلَ: إنَّه تُوفِّي في منت ليشم، وهي قَريةٌ له، وقد جاوَزَ التِّسعين.