الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3431 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 755 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1354
تفاصيل الحدث:

بعد أن اتَّفَق الأمراءُ بأن يكون الأمرُ كُلُّه للسلطان وأنَّه هو الذي يديرُ السَّلطنةَ بنَفسهِ مِن رأيه، استبَدَّ بالأمر وقَرَّبَ إليه الأمير طاز، وكان قد شُغِفَ بأخيه جنتمر كثيرًا، واستبعد الأميرَ شيخون كليًّا، بل زاد الأمرُ أنَّ السلطان قد اتفق مع إخوة طاز على أن يقبِضَ عليه وعلى صرغتمش يومَ العيد، وكان طاز قد توجَّه إلى البُحيرة في هذه الأيام للصيدِ، بعد ما قرر مع السلطان ما ذُكر، فركب السلطانُ في يوم الأحد أوَّلَ شوال لصلاة العيد في الإسطبل على العادةِ، وقَرَّر مع كلتاي وجنتمر وأصَرَّ على ما يفعلونَه، وأمَرَ بمائة فرس فشُدَّت وأوقِفَت، فلم يحضُرْ شيخو صلاةَ العيد، وكان قد بلغه جميعُ ما تقرر من نيَّة السلطان القبضَ عليه، فباتوا ليلة الاثنين على حَذَر، وأصبحوا وقد اجتمع مع الأميرِ شيخو من الأمراء صرغمتش وطقطاي، ومَن يلوذ بهم، وركبوا إلى تحت الطبلخاناه، ورسموا للآصر علم بضَرب الكوسات، فضُرِبت حربيًّا، فركب جميعُ العسكر تحت القلعة بالسلاحِ وصَعِدَ الأمير تنكربغا والأمير أسنبغا المحمودي إلى القلعة، وقبضا على السلطانِ الصالح صلاح الدين وسَجَناه مقيَّدًا، فزال ملكُه في أقل من ساعةٍ، وصَعِدَ الأمير شيخو ومن معه من الأمراء إلى القلعة، وأقامت أطلابُهم على حالها تحت القلعة، وقَبَضَ الأميرُ شيخو على إخوة الأمير طاز، واستشار فيمن يقيمُه للسلطنة، وصَرَّح هو ومن معه بخلع المَلِك الصالح صلاح الدين، فكانت مدة سلطنته ثلاث سنين وثلاثة أشهر وثلاثة أيام، فاقتضى رأي الأمير شيخو وسائر الأمراء إعادة السلطان الناصر حسن؛ لِما كان يبلغُهم عنه من ملازمتِه في مُدَّةِ حَبسِه للصلوات الخمس والإقبال على الاشتغالِ بالعِلم ِ،حتى إنَّه كتب بخَطِّه كِتابَ دلائل النبوة للبيهقي، فاستدَعَوا الخليفة وقُضاة القضاة، وأحضَروا السلطان من مَحبَسِه، وأركَبوه بشعار المملكة، ومشى الأمراء كلهم وسائر أرباب الدولة في رِكابِه، حتى جلَسَ على تخت الملك، وبايعه الخليفةُ، فقَبَّلوا له الأرضَ على العادة، وذلك في يوم الاثنين ثاني شهر شوال، وبات الأمراءُ في الأشرفية من القلعة، وسُجِنَ المَلِكُ الصَّالِحُ صلاح الدين حيث كان أخوه الملك الناصر حسن مَسجونًا!!

العام الهجري : 741 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1341
تفاصيل الحدث:

كتب السُّلطانُ النَّاصِرُ بتَجهيزِ عساكِرِ دمشق وحَلَب وغيرهما للتجريدةِ إلى توريز، صحبة الأمير طشتمر نائب حلب، ويكونُ معه عامَّةُ أمراء التركمان والعربان، فتجَهَّزَ الأمراء والأجناد بمماليك الشام، وبَرَز نائب حلب بمخيَّمِه إلى ظاهر المدينة وأقام ينتَظِرُ قدومَ عساكِرِ مصر، فأصبح السلطان في مستهَلِّ ذي الحجة وبه وَعكٌ من قرف حدث عنه إسهالٌ لزم منه الفِراشَ خمسةَ أيام، فتصَدَّقَ بمال جزيل، وأفرَجَ عن المسجونينَ بسِجنِ القُضاة والولاة بالقاهرة ومصر وسائر الأعمال، ثم قَدِمَ إدريس القاصد بصُحبة مملوك صاحب ماردين بكتابِه يتضَمَّنُ أن أولاد دمرداش بن جوبان بن تلك المغولي لَمَّا بلغهم طلَبُ الشيخ حسن الكبير بن أقبغا أيلخان سبط أرغون المغولي وطغاي بن سونتاي المغولي من السلطان أن يجَهِّزَ لهم عسكرًا ليأخُذَ البلاد، وأنَّهما حلفا له وحلفا أهلُ البلاد وخَطَبا باسمه على منابر بغداد والموصل، وركبوا إلى محاربتِهما، فطَلَب منهم الشيخ حسن الكبير الصُّلحَ، وحلف لهم وسار إليها طائعًا، فأكرموه وكتبوا لطغاي بن سونتاي أمانًا، واتَّفَقوا على أن يعدوا الفرات إلى الشام، وأشار صاحب ماردين ألا تخرُجَ التجريدة إلى توريز؛ فإنَّه ليس لِسَيرِها فائدة، فتفَرَّقت الأجنادُ من القلعة بغيرِ عرض، وبَعَث السلطان من ليلته بجوابِ صاحب ماردين، واقتضى رأيُه أن يكشِفَ عما ذكره، فإنَّ برهشين بن طغاي اتَّهَمه في ذلك، ثم قَدِمَ البريد من حلب بصحَّة الخبر بصُلح الشيخ حسن الكبير وطغاي مع أولاد دمرداش، فانزعَجَ السلطان لذلك انزعاجًا شديدًا، واضطرب مزاجُه.

العام الهجري : 414 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1023
تفاصيل الحدث:

لَمَّا انهَزَم البربر عن قُرطُبةَ مع أبي القاسِمِ، اتَّفَق رأيُ أهل قُرطُبة على رَدِّ الأمرِ إلى بني أميَّة، فاختاروا منهم ثلاثةً، وهم: عبدُ الرَّحمنِ بنُ هِشامِ بنِ عبد الجبَّار بن عبد الرَّحمن الناصر أخو المهديِّ، وسُليمانُ بنُ المرتضى، ومحمَّدُ بنُ عبد الرحمن بن هشام بن سليمان القائمُ على المهدي بن الناصر، ثم استقَرَّ الأمر لعبدِ الرَّحمنِ بن هشامِ بنِ عبد الجبَّار، فبويع بالخلافةِ لثلاثَ عَشرةَ ليلةً خلت لرمضان سنة 414هـ، وله اثنتان وعشرون سنةً، وتلَقَّبَ بالمُستَظهر، ثم قام عليه أبو عبدِ الرَّحمنِ مُحمَّدُ بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر مع طائفةٍ مِن أراذِلِ العَوامِّ فقُتِلَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ هشام، وذلك لثلاثٍ بَقِينَ مِن ذي القَعدةِ سَنةَ 414هـ، وتلَقَّب محمَّدُ بنُ عبد الرحمن هذا بالمُستكفي، وبويعَ له بالخِلافةِ.

العام الهجري : 803 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1401
تفاصيل الحدث:

لما قدم خبر أخْذ حلب وما ارتكبه المغول في أهلها نودِيَ بدمشق في الناس بالتحوُّل إلى المدينة والاستعداد للعدوِّ، فاختبط الناس وعظُم ضجيجهم وبكاؤهم، وأخذوا ينتقلون في يوم الأربعاء نصفه من حوالي المدينة إلى داخلها، واجتمع الأعيانُ للنظر في حفظ المدينة، فقدم في سابع عشر ربيع الأول المنهزمون من حماة، فعظُمَ الخوف، وهمَّ الناس بالجلاء، فمُنِعوا منه، ونودِيَ: من سافر نُهب، فورد في الثامن العشر منه الخبر بنزول طائفة من العدو على حماة، فحُصِّنت مدينة دمشق، ووقف الناسُ على الأسوار، وقد استعدُّوا، ونُصِبت المجانيق على القلعة، وشُحِنت بالزاد، وهمَّ نائب الغيبة بالفرار، ولكن العامة ردته ردًّا قبيحًا، وهاج الناس وماجوا ونادوا بتسليم البلد من غير قتال، وكل هذا وعسكر مصر لم يخرجُ منها بعدُ، ثم في ربيع الآخر بدأ جيش مصر بالخروج منها متوجِّهين إلى دمشق، هذا وجيش تيمورلنك قد وصل قريبًا من حمص؛ فبدأ الناس بالهرب وخاصة أن أهل بعلبك أيضًا هربوا لنزول تيمورلنك عليهم، ثم في سادس جمادى الأولى قدم السلطان دمشق بعساكره، وقد وصل أصحاب تيمورلنك إلى البقاع، وفي يوم السبت الخامس عشر من هذا الشهر نزل تيمورلنك إلى قطا، فملأت جيوشه الأرض، وركب طائفةٌ منهم إلى العسكر وقاتلوهم، فخرج السلطان من دمشق يوم الثلاثاء الثامن عشر إلى يلبغا، فكانت وقعة انكسرت ميسرةُ العسكر، وانهزم أولاد الغزاوي وغيرهم إلى ناحية حوران، وجُرح جماعة، وحَمل تيمورلنك حملةً منكرة؛ ليأخُذَ بها دمشق، فدفعته عساكِرُ السلطان، ونزل كلٌّ من العسكرين بمعسكره، وبعث تيمورلنك إلى السلطان في طلب الصلح وإرسال أطلمش أحد أصحابه إليه، وأنه هو أيضًا يبعث من عنده من الأمراء المقبوض عليهم في وقعة حلب، فأشار تغري بردي ودمرداش وقطلوبغا الكركي في قبول ذلك؛ لما يعرفون من اختلاف كلمتهم، لا لضعف عسكرهم، فلم يقبلوا وأبوا إلا القتال، ثم أرسل تيمور رسولًا آخر في طلب الصلح وكرَّر القول ثانيًا، وظهر للأمراء ولجميع العساكر صحةُ مقالته، وأن ذلك على حقيقتِه، فأبى الأمراء ذلك، هذا والقتال مستمرٌّ بين الفريقين في كل يوم، فلما كان ثاني عشر جمادى الآخرة اختفى من أمراء مصر والمماليك السلطانية جماعة، منهم الأمير سودون الطيار، وقاني باي العلائي رأس نوبة، وجمق، ومن الخاصكية يشبك العثماني، وقمش الحافظي، وبرسبغا الدوادار، وطرباي، في جماعة أخر، فوقع الاختلافُ عند ذلك بين الأمراء، وعادوا إلى ما كانوا عليه من التشاحُن في الوظائف والإقطاعات والتحكُّم في الدولة، وتركوا أمر تيمورلنك كأنه لم يكن، وأخذوا في الكلام فيما بينهم بسببِ من اختفى من الأمراء وغيرهم، هذا وتيمورلنك في غاية الاجتهاد في أخذ دمشق، وفي عمل الحيلة في ذلك، ثم أُعلِمَ بما الأمراء فيه، فقَوِيَ أمرُه واجتهاده بعد أن كان عزم على الرحيل، واستعدَّ لذلك، فلما كان آخر ليلة الجمعة الحادي والعشرين جمادى الأولى ركب الأمراء وأخذوا السلطان الملك الناصر فرج على حين غفلة، وساروا به من غير أن يعلم العسكر به مِن على عقبة عمر يريدون الديارَ المصرية، وتركوا العساكِرَ والرعية من المسلمين غَنَمًا بلا راعٍ، وأما بقية أمراء مصر وأعيانها من القضاة وغيرهم لما علموا بخروج السلطان من دمشق خرجوا في الحال في إثره طوائف طوائف يريدون اللحاق بالسلطان، فأخذ غالبهم العشير وسلبوهم، وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، وأما العساكر الذين خُلِّفوا بدمشق من أهل دمشق وغيرها، فإنه كان اجتمع بها خلائق كثيرة من الحلبيين والحمويين والحمصيين وأهل القرى ممن خرج جافلًا من تيمور، ولما أصبحوا يوم الجمعة، وقد فقدوا السلطانَ والأمراء والنائب، غلَّقوا أبواب دمشق، وركبوا أسوار البلد، ونادَوا بالجهاد، فتهيَّأ أهل دمشق للقتال وزحف عليهم تيمورلنك بعساكره، فقاتله الدمشقيون من أعلى السور أشدَّ قتال، وردوهم عن السور والخندق، وأسروا منهم جماعة ممن كان اقتحم باب دمشق، وأخذوا من خيولِهم عدَّةً كبيرة، وقتلوا منهم نحو الألف، وأدخلوا رؤوسهم إلى المدينة، وصار أمرُهم في زيادة، فأعيا تيمورلنك أمرهم، وعلم أن الأمر يطول عليه، فأخذ في مخادعتهم، وعمل الحيلة في أخذِ دمشق منهم، وبينما أهل دمشق في أشدِّ ما يكون من القتال والاجتهاد في تحصين بلدهم، قَدِمَ عليهم رجلان من أصحاب تيمورلنك من تحت السور وصاحا مِن بُعدٍ: الأميرُ يريد الصلح، فابعثوا رجلًا عاقلًا حتى يحدِّثَه الأمير في ذلك، ولما سمع أهل دمشق كلام أصحاب تيمورلنك في الصلح وقع اختيارُهم في إرسال قاضي القضاة تقي الدين إبراهيم بن مفلح الحنبلي، فأرخى من سور دمشق إلى الأرض، وتوجَّه إلى تيمورلنك واجتمع به وعاد إلى دمشق وقد خدعه تيمورلنك بتنميق كلامه، وتلطَّف معه في القول، وترفَّق له في الكلام، وقال له: هذه بلدة الأنبياء والصحابة وقد أعتقتُها لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقةً عني وعن أولادي، ولولا حنقي من سودون نائب دمشق عند قتله لرسولي ما أتيتُها، وقد صار سودون المذكور في قبضتي وفي أسري، وقد كان الغرض في مجيئي إلى هنا، ولم يبقَ لي الآن غرض إلا العود، ولكِنْ لا بد من أخذ عادتي من التقدمة من الطقزات، وكانت هذه عادته: إذا أخذ مدينةً صلحًا يُخرِجُ إليه أهلها من كل نوع من أنواع المأكول والمشروب والدواب والملابس والتحف تسعة؛ يسمون ذلك طقزات، والطقز باللغة التركية: تسعةٌ، وهذه عادة ملوك التتار، فعاد ابن مفلح يثني على تيمورلنك ويحثُّ الناس على عدم القتال وإعطائِه ما يريد، وكاد يحصل بسبب ذلك فتنةٌ إلى أن جمع ابن مفلح ما يريده تيمورلنك وحمله إليه وعاد هو ومن معه ومعهم فرمان من تيمورلنك لهم، وهو ورقة فيها تسعة أسطر يتضمن أمانَ أهل دمشق على أنفُسِهم وأهليهم خاصة؛ فقرئ الفرمان المذكور على منبر جامع بني أمية بدمشق، وفُتح من أبواب دمشق باب الصغير فقط، وقدم أمير من أمراء تيمور جلس فيه لِيَحفَظَ البلد ممن يعبر إليها من عساكر تيمور، فمشى ذلك على الشاميين وفرحوا به، لكن تيمورلنك لم يرضَ بالمال الذي أُحضِرَ له، بل طلب أضعافه، فحصل من الغلاء في دمشق ما لا يُصَدَّق بسبب ذلك، ثم إن الجمعة قد دُعِيَ فيها لابن تيمورلنك في الخطبة، ثم قدم شاه ملك أحد أمراء تيمورلنك إلى مدينة دمشق على أنه نائبها من قِبَل تيمور، ثم بعد جمعتين منعوا من إقامة الجمعة بدمشق لكثرة غلبة أصحاب تيمورلنك بدمشق، كل ذلك ونائب القلعة ممتنع بقلعة دمشق، وأعوان تيمورلنك تحاصِرُه أشد حصار، حتى سَلَّمها بعد تسعة وعشرين يومًا، وقد رمي عليها بمدافع ومكاحل لا تدخل تحت حصر، هذا وليس بالقلعة المذكورة من المقاتلة إلا نفر قليل دون الأربعين نفرًا، وطال عليهم الأمر، ويئسوا من النجدة، وطلبوا الأمان، وسلموها بالأمان، وكان تيمورلنك لما اتفق أولًا مع ابن مفلح على ألف ألف دينار يكون ذلك على أهل دمشق خاصة، والذي تركته العساكر المصرية من السلاح والأموال يكون لتيمور، فخرج إليه ابن مفلح بأموال أهل مصر جميعها، فلما صارت كلها إليه وعلم أنه استولى على أموال المصريين ألزمهم بإخراج أموال الذين فرُّوا من دمشق، فسارعوا أيضًا إلى حمل ذلك كله، وتدافعوا عنده حتى خلص المال جميعه، فلما كمل ذلك ألزمهم أن يخرجوا إليه جميع ما في البلد من السلاح: جليلِها وحقيرِها، فتتبعوا ذلك وأخرجوه له حتى لم يبقَ بها من السلاح شيءٌ، فلما فرغ ذلك كله قبض على ابن مفلح ورفقته، وألزمهم أن يكتبوا له جميعَ خِطَط دمشق وحاراتها وسككها، فكتبوا فلكًا ودفعوه إليه، ففرقه على أمرائه، وقسم البلد بينهم، فساروا إليها بمماليكهم وحواشيهم، ونزل كل أمير في قسمه، وطلب من فيه، وطالبهم بالأموال، فحينئذ حلَّ بأهل دمشق من البلاء ما لا يوصف، وأجرى عليهم أنواع العذاب من الضرب والعصر والإحراق بالنار، والتعليق منكوسًا، وغم الأنف بخرقة فيها تراب ناعم، كلما تنفَّس دخل في أنفه حتى تكاد نفسُه تُزهَق؛ فكان الرجل إذا أشرف على الهلاك يخلَّى عنه حتى يستريح، ثم تعاد عليه العقوبة أنواعًا، فكان المعاقَبُ يحسُدُ رفيقَه الذي هلك تحت العقوبة على الموت، ويقول: ليتني أموت وأستريح مما أنا فيه! ومع هذا تؤخذ نساؤه وبناته وأولاده الذكور، وتُقَسَّم جميعهم على أصحاب ذلك الأمير، فيشاهد الرجل المعذَّب امرأته أو بنته وهي توطأ، وولده وهو يلاطُ به، فيصرخ هو من ألم العذاب، والبنت والولد يصرخان من إزالة البكارة واللواط!! وكل ذلك من غير تستُّر في النهار بحضرة الملأ من الناس، ورأى أهل دمشق أنواعًا من العذاب لم يُسمَع بمثلها، واستمرَّ هذا البلاء والعذاب بأهل دمشق تسعة عشر يومًا، آخرها يوم الثلاثاء ثامن عشرين شهر رجب، فهلك في هذه المدة بدمشق بالعقوبة والجوع خلق لا يعلم عددَهم إلا الله تعالى، فلما علم أمراء تيمورلنك أنه لم يبق بالمدينة شيء، خرجوا إلى تيمورلنك فسألهم هل بقي لكم تعلُّق في دمشق؟ فقالوا: لا، فأنعم عند ذلك بمدينة دمشق أتباع الأمراء، فدخلوها يوم الأربعاء آخر رجب، ومعهم سيوف مسلولة مشهورة وهم مشاة، فنهبوا ما قدروا عليه من آلات الحرب وغيرها، وسبَوا نساء دمشق وساقوا الأولاد والرجال، وتركوا من الصغار مَن عُمُره خمس سنين فما دونها، وساقوا الجميعَ مربوطين في الحبال، ثم طرحوا النار في المنازل والدور والمساجد، وكان يومًا عاصف الريح، فعم الحريقُ جميع البلد حتى صار لهيب النار يكاد أن يرتفع إلى السحاب، وعملت النار في البلد ثلاثة أيام بلياليها آخرها يوم الجمعة، وكان تيمورلنك -لعنه الله- سار من دمشق في يوم السبت ثالث شهر شعبان بعدما أقام على دمشق ثمانين يومًا، وقد احترقت كلها وسقطت سقوف جامع بني أمية من الحريق، وزالت أبوابه وتفطَّر رخامه، ولم يبق غيرُ جُدُرِه قائمة، وذهبت مساجد دمشق ودورها وقياسرها وحماماتها وصارت أطلالًا بالية ورسومًا خالية، ولم يبقَ بها دابة تدب إلا أطفال يتجاوز عددهم آلاف، فيهم من مات، وفيهم من سيموت من الجوع!!

العام الهجري : 239 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 853
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الحافِظُ الكبيرُ المفَسِّر: أبو الحسن عثمانُ بن محمد بن القاضي بن أبي شيبة إبراهيم خواستى العبسي مولاهم الكوفي، صاحب التصانيفِ، وأخو الحافظ أبي بكرِ بن أبي شيبة، صاحب كتاب "المصنَّف" والقاسِم بن أبي شيبة الضعيف. فهم من بيت علم, وأبو بكر: أجلُّهم. وهو شيخُ البخاري ومسلم، وقد أكثَرَ عنه البخاري في (صحيحه).

العام الهجري : 740 العام الميلادي : 1339
تفاصيل الحدث:

والى ألفونسو الحادي عشر مَلِكُ قشتالة غزواتِه على مملكةِ غرناطة؛ مما اضطر أبا الحَجَّاج يوسف ملك غرناطة أن يستنجِدَ بملك بني مرين أبي الحَسَنِ علي بن عثمان، فأرسل إليه الأخيرُ جَيشًا بقيادة ابنه أبي مالك، فواجه هذا الجيشُ جيش ثلاث دول هي قشتالة وأراغون والبرتغال، فكانت نهايةُ المعركة موتَ أبي مالك وانهزام الجيش المُسلِم.

العام الهجري : 248 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 862
تفاصيل الحدث:

هو بغا الكبير أبو موسى التركي، مُقَدَّمُ قُوَّادِ المتوكِّل وأكبَرُهم، كان شجاعًا مِقدامًا وله همَّةٌ عالية وهيبة، ووقْعٌ في النُّفوسِ، وكان مملوكًا للحسن بن سهل الوزير، وكان يُحمَّق ويجهَّل في رأيه، أسهم في اغتيالِ الخليفة المتوكِّل، ثم سيطر على الخليفة المستعين الذي لم يكُنْ له من الأمر شيءٌ غير الاسم، فغَلَب على المستعين هو ووصيفُ الأمير، حتى قيل: خليفةٌ في قفصٍ بين وصيف وبغا ** يقول ما قالا له كما يقولُ البَبَّغا. له عِدَّةُ فتوحات ووقائع، باشر الكثيرَ من الحروب فما جُرِح قط، وخلَّف أموالًا عظيمة، وكان بغا دَيِّنًا من بين الأتراك، وكان من غِلمانِ المعتصم، يشهد الحروبَ العظام، ويباشِرُها بنفسه، فيخرجُ منها سالِمًا، ويقول: الأجَلُ جوشن، مرض بغا الكبير في جمادى الآخرة فعاده المستعينُ في النصف منها، ومات بغا من يومِه عن سن ستين سنة، فعقد المستعين لموسى بن بغا على أعمالِه وعلى أعمالِ أبيه كلِّها، وولي ديوانَ البريد.

العام الهجري : 350 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 961
تفاصيل الحدث:

مَرِضَ مُعزُّ الدولة بن بُوَيه بانحصارِ البَولِ، فقَلِقَ من ذلك وجمَعَ بين صاحبه سبكتكين ووزيره الحسَن المهلبي، وأصلح بينهما ووصَّاهما بوَلَدِه بختيار خيرًا، ثم عوفيَ مِن ذلك فعزم على الرَّحيلِ إلى الأهواز لاعتقادِه أنَّ ما أصابه مِن هذه العِلَّة بسبَبِ هواءِ بغداد ومائِها، فأشاروا عليه بالمُقام بها، وأن يبني بها دارًا في أعلاها حيث الهواءُ أرَقُّ والماءُ أصفى، فبَنى له دارًا غرِمَ عليه ثلاثة عشر ألف ألف درهم، فاحتاج لذلك أن يصادِرَ بعضَ أصحابِه، ويقال أنفقَ عليها ألفي ألف دينار. قال ابن كثير: " ومات وهو يبني فيها ولم يَسكُنْها، وقد خَرَّبَ أشياءَ كثيرةً مِن معالم الخُلَفاءِ ببغداد في بنائها، وكان ممَّا خَرَّب المعشوق من سُرُّ مَن رأى، وقَلَعَ الأبواب الحديد التي على مدينة المنصورِ والرَّصافة وقصورها، وحَوَّلها إلى داره هذه لا تمَّتْ فَرحتُه بها، فإنَّه كان رافضيًّا خبيثًا "

العام الهجري : 926 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1520
تفاصيل الحدث:

هو السلطان سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح الغازي الملقب بياوز، أي: القاطع, وهو تاسع سلاطين الدولة العثمانية، وأول من تلقَّب بأمير المؤمنين من سلاطين بني عثمان. تولى سلطنة الدولة العثمانية سنة 918 بعد نزاع مع والده بايزيد، انتهى النزاع بتنازل والده له بالحكم بدعم من الانكشارية, وقد أظهر سليم منذ بداية حكمه ميلًا إلى تصفية خصومه ولو كانوا من إخوته أو أبنائهم, فبعد توليه السلطة عيَّنَ ابنه سليمان حاكمًا للقسطنطينية، وسافر بجيوشه إلى بلاد آسيا لمحاربة إخوته وأولادهم، فاقتفى أثر أخيه أحمد إلى أنقرة ولم يتمكن من القبض عليه؛ لوجود علاقات بينه وبين الوزير مصطفى باشا الذي كان يخبره بمقاصد السلطان, ولما علم السلطان بهذه الخيانة قتَلَ الوزير شَرَّ قِتلة جزاءً له وعبرة لغيره، ثم توجه بكل سرعة إلى صاروخان مقر أخيه كركود فقبض عليه ثم قتله، أما أحمد الذي كان يتلقى دعمًا من إسماعيل شاه الصفوي فقتله بالقرب من مدينة يكى شهر, ولما اطمأنَّ خاطره من جهة داخليته عاد إلى مدينة أدرنه؛ حيث كان بانتظار سفراء من قبِلَ البندقية والمجر وموسكو وسلطنة مصر، فأبرم معهم جميعًا هدنة لمدد طويلة, وفي عهده تغيرت وِجهة الدولة العثمانية الجهادية من أوروبا إلى البلاد العربية الإسلامية؛ وذلك لحمايتها من الخطرين الصفوي والبرتغالي، والمحافظة على تماسك وحدتها خاصة بعد ضعف الدولة المملوكية وشدة الضربات الإسبانية والبرتغالية في عدد من البلدان الإسلامية في المغرب والخليج العربي إلى الهند, فاتجه سليم لبلاد الفرس لمحاربة الصفويين الشيعة، وانتصر عليهم في معركة جالديران، ثم اتجه إلى المماليك في الشام ومصر، وقضى على دولتهم بعد الانتصار عليهم في معركتي مرج دابق والريدانية، وبهذه الانتصارات ضمَّ سليم معظم البلاد العربية لدولته بما فيها بلاد الحرمين، كما نقل الخلافة الإسلامية إلى دولته وتسمى بأمير المؤمنين وخادم الحرمين الشريفين، وهو أول من تسمى بهذا الاسم من حكام المسلمين، وذلك بعد أن بايعه أشراف مكة، ثم تنازل الخليفة العباسي محمد المتوكل على الله آخر ذرية الدولة العباسية عن حقه في الخلافة الإسلامية إلى السلطان سليم العثماني وسلمه الآثار النبوية الشريفة، وهي البيرق والسيف والبردة، وسلمه أيضًا مفاتيح الحرمين الشريفين، ومن ذلك التاريخ صار كل سلطان عثماني أميرًا للمؤمنين وخليفة لرسول رب العالمين اسمًا وفعلًا, ثم بعد ذلك عَمِل على ضم اليمن لحمايتها من البرتغاليين وبسط نفوذ الدولة على بلاد المغرب وشمال إفريقيا لحمايتها من الخطر الإسباني. في التاسع من شوال ليلة السبت توفي السلطان سليم فأخفى موته الوزراءُ، وأرسلوا يُعلِمون ولده السلطان سليمان المعروف بسليمان القانوني، فلما وصل إلى القسطنطينية أعلنوا موت السلطان سليم، بمجرد وصول القسطنطينية يوم 16 شوال كان في انتظاره على إفريز السراي جنود الانكشارية فقابلوه بالتهليل وطلب الهدايا المعتاد توزيعها عليهم عند تولية كل ملك، وفي صبيحة 17 شوال جرت رسوم المقابلات السلطانية فوفد الأمراء والوزراء والأعيان يعزون السلطان بموت والده ويهنؤونه بالخلافة في آن واحد، وعند الظهر وصلت جثة والده فسار في الجنازة وصلوا عليه في جامع السلطان محمد، ثم حملوه ودفنوه في محل قبره، وأمر السلطان سليمان خان ببناء جامع عظيم، وعمارة لطعام الفقراء صدقة على والده، توفي وله من العمر أربع وخمسون سنة، وكانت مدة ملكه تسعة أعوام وثمانية أشهر.

العام الهجري : 54 العام الميلادي : 673
تفاصيل الحدث:

كان هذا الحِصارُ في هذه المَرَّةِ بقِيادَة فَضالَةَ بن عُبيدٍ الأنصاريِّ، وعلى الأُسْطولِ البَحريِّ عبدُ الله بن قيسٍ الحارثيُّ، وجُنادةُ بن أبي أُمَيَّة، وأمَّا أسطولُ الشَّام فكان بإمْرَةِ يَزيدَ بن شَجَرَة الرُّهاويِّ، ودام هذا الحِصارُ إلى عام 57 هـ، احْتَلُّوا فيها عِدَّةَ جُزُرٍ قريبة كأَرْواد وكزيكوس، واتُّخِذَت قَواعِد عَسكريَّة, ولم تَسْتطِعْ هذه الحَمْلةُ الثَّانية اقْتِحامَ القُسطنطينيَّة بسببِ مَناعَةِ أسوارِها، وما كان يُطْلِقُهُ البِيزَنطيُّون على سُفُنِ الأُسْطولِ الإسلاميِّ مِن نِيران، فانْتَهى الأمرُ بعَقْدِ صُلْحٍ بين المسلمين والبيزَنْطيِّين.

العام الهجري : 353 العام الميلادي : 964
تفاصيل الحدث:

أقبل من الرُّومِ خَلقٌ كثير، ومن الفرنجِ ما يقارِبُ مائةَ ألفٍ، فبعث أهلُ صقليَّةَ إلى المُعِزِّ الفاطمي يستنجِدونَه، فبعث إليهم جيوشًا كثيرة في الأسطول، وكانت بين المسلمينَ والروم وقعةٌ عظيمة صبر فيها الفريقانِ مِن أوَّلِ النهار إلى العصر، ثم قُتِلَ أميرُ الروم منويل، وفَرَّت الروم وانهزموا هزيمةً قبيحةً، فقتل المسلمون منهم خلقًا كثيرًا وسقط الفرنجُ في وادٍ مِن الماء عميقٍ، فغرق أكثَرُهم وركب الباقونَ في المراكب، فبعث الأميرُ أحمد بن الحسن الكلبي صاحِبُ صقليَّةَ في آثارِهم مراكِبَ أُخَرَ، فقتلوا أكثَرَهم في البحر أيضًا، وغَنِموا في هذه الغزوة كثيرًا من الأموالِ والحيوانات والأمتعة والأسلحة, وهذه الوقعةُ معروفةٌ بوقعةِ المختار، وقيل: وقعة المجاز.

العام الهجري : 1209 العام الميلادي : 1794
تفاصيل الحدث:

وبعد وفاة كريم خان الكردي حاكم دولة الزنديين في إيران، انتفضَ على الحُكم زكي خان فقام في وجهه القاجار بقيادة آغا محمد، فبعث إليهم جيشًا إلى أصفهان بقيادةِ علي مراد خان الذي لم يلبثْ أن انقلب ضِدَّه واغتِيلَ زكي خان، وانطلق القاجار بقيادةِ زعيمِهم آغا محمد، ودخَلوا أصفهان غيرَ أنهم في البداية هُزموا أمام البختيار، ثمَّ إنَّ لطف الله خان الكردي استسلم للقاجار فقتلوه, وأبادوا أسرةَ الزندي، وهكذا انتهى الزنديون وقبلَهم الأفشار وتفرَّد القاجار بالحُكمِ متَّخِذين طهران عاصمةً لهم، وكان أوَّلَ أمرائهم آغا محمد حسن قاجار، الذي سار إلى تفليس في عام 1210هـ واحتلَّها كما احتلَّ أيضًا أريفان عاصمة أرمينيا.

العام الهجري : 1293 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1876
تفاصيل الحدث:

ظنَّ السلطان عبد العزيز بن محمود الثاني أنَّه إذا تقرَّب إلى الروس فإن ذلك سيؤثِّرُ على الدول الأوربية الغربية لتقديمِ تساهلاتٍ أكثَرَ للدولة العثمانية، فخافت الدولُ الأوربية فأشاعت عنه التبذيرَ والإسرافَ، وتولى رئيسُ مجلس الشورى أحمد مدحت باشا فكرةَ عَزلِه، كما تواطأ معه شيخُ الإسلام حسن خير الله أفندي -المنتمي لحركة تركيا الفتاة- فأصدر فتوى شرعية تفيدُ بعَزلِه, فعُزِلَ السلطان عبد العزيز في هذا العام بعد أن أمضى في الحكم ست عشرة سنة وأربعة أشهر كان يسعى خلالها إلى تقويةِ الدولةِ، ثم قُتِلَ بعد ذلك وأُشيعَ أنَّه انتحر، وتولى الخلافةَ بعده ابنُ أخيه مراد الخامس بن عبد المجيد في اليوم السابع من هذا الشهر في هذه السنة.

العام الهجري : 1434 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 2012
تفاصيل الحدث:

تُوفِّي الشيخُ عبدُ السلام ياسين رحمه الله الزَّعيمُ الرُّوحيُّ لجماعة العدلِ والإحسان، بعد إصابتِه بوعكةٍ صحِّيَّة حادَّةٍ. وقد وُلد الشيخ عامَ (1928)، وعَمِل في سِلكِ التَّعليم لمدَّةِ (20) عامًا تدرَّج خلالَها في مجموعةٍ من المناصب التربويَّةِ والإدارية العالية. وفي سنةِ (1974) بَعث ياسين بنصيحةٍ إلى الملكِ الراحل الحسن الثاني، وهي عبارةٌ عن رسالةٍ حَوَت أكثرَ من (100) صفحةٍ سمَّاها: «الإسلامُ أو الطُّوفان»، واعتُقِل بسببِها لمدَّةِ ثلاثِ سنواتٍ وستَّةِ أشهُرٍ دُونَ محاكَمة. ودُفن الشيخُ يومَ الجمعةِ بالعاصمة الرباط، وصُلِّي عليه صلاةَ الجنازةِ بمسجِدِ السُّنة بنفس المدينةِ. وأعلن عبدُ الإله بن كيران رئيسُ الحُكومةِ المغربية عن حضورِه رسميًّا جنازةَ تشيِيعِ الشيخِ.

العام الهجري : 514 العام الميلادي : 1120
تفاصيل الحدث:

سار ابنُ تومرت بعد أن أخرجه أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين من مراكش، إلى أغمات, ثم لحق بالجبل، فسار فيه، حتى التحق بالسوس وتسامع به أهل تلك النواحي، فوفدوا عليه، وحضر أعيانُهم بين يديه، وجعل يَعِظُهم، ويذكِّرُهم بأيام الله، ويذكر لهم شرائع الإسلام، وما غيِّر منها، وما حدث من الظلم والفساد، وأنه لا يجب طاعة دولة من هذه الدول؛ لاتباعهم الباطل، بل الواجب قتالهم، ومَنْعُهم عما هم فيه، وسمَّى أتباعَه الموحدين، فانتهى خبره إلى أمير المسلمين ابن تاشفين، فجهز جيشًا من أصحابه وسيَّرهم إليه، فنزلوا من الجبل، ولقُوا جيش أمير المسلمين، فهزموهم، وأخذوا أسلابهم، وأقبلت إليه أفواج القبائل، من الحلل التي حوله شرقًا وغربًا، وبايعوه، وأطاعته قبيلة هنتانة، وهي من أقوى القبائل، فأقبل عليهم، واطمأن إليهم، وأتاه رسل أهل تينمليل بطاعتهم، وطلبوه إليهم، فتوجه إلى جبل تينمليل واستوطنه، وألَّف لهم كتابًا في التوحيد، وكتابًا في العقيدة، ونهج لهم طريق الأدب بعضهم مع بعض، والاقتصار على القصير من الثياب، القليل الثمن، وهو يحرضهم على قتال عدوهم، وإخراج الأشرار من بين أظهرهم، ثم إن أمير المسلمين أرسل إليهم جيشًا قويًّا، فحصروهم في الجبل، وضيقوا عليهم، ومنعوا عنهم الميرة، فقلَّت عند أصحاب ابن تورمت -الذي تلقَّب بالمهدي- الأقواتُ، فاجتمع أهل تينمليل، وأرادوا إصلاح الحال مع أمير المسلمين، فبلغ الخبر بذلك المهدي بن تومرت، ولم يزل أمر ابن تومرت يعلو إلى أن قُتِلَ سنة 524.