الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1781 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 365 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 976
تفاصيل الحدث:

هو المُعِزُّ لدين الله أبو تميمٍ مُعدُّ بن المنصور بالله إسماعيل بن القائم بأمر الله أبي القاسم محمد بن المهدي أبي محمد عبيد الله، العُبَيديُّ المهدويُّ صاحِبُ المغرب. بُنِيَت له القاهرة, وكان وليَّ عَهدِ أبيه. ولي سنة 341، وسار في نواحي إفريقيَّةَ يمَهِّدُ مُلكَه، فذَلَّل الخارجين عليه، واستعمل مماليكَه على المدُنِ، واستخدم الجُندَ، وأنفق الأموالَ، وجهَّز مملوكَه جوهرًا القائِدَ في الجيوشِ. فسار فافتتح سجلماسة، وسار إلى أن وصل البحرَ الأعظمَ، فلمَّا مات كافور بَعَث المعِزُّ جَيشَه لِمِصر بقيادةِ جَوهر, فأخذها له ثمَّ انتقل لها المعِزُّ ودخلها سنة 362. قال الذهبي: " كان المعِزُّ عاقِلًا لبيبًا حازمًا، ذا أدبٍ وعِلمٍ ومعرفةٍ وجَلالةٍ وكَرَمٍ، يرجِعُ في الجملةِ إلى عَدلٍ وإنصافٍ، ولولا بِدعتُه ورَفضُه، لكان من خيارِ المُلوكِ ". كان موتُه سابع عشر من شهر ربيع الآخر، وكان سبب موته الحُمَّى؛ لشدَّة ما وجد من كلامٍ على مُلكِه ومملكتِه، واتَّصَل مرضُه حتى مات، وكانت ولايتُه ثلاثًا وعشرين سنة وخمسة أشهر وعشرة أيام، منها مُقامُه بمصر سنتان وتسعة أشهر، والباقي بإفريقيَّة، وهو أوَّلُ حُكَّام العُبَيديِّين مَلَك مصر، وخرج إليها، وكان مُغرمًا بالنجوم، ويعمل بأقوالِ المنجِّمينَ، قال له منجِّمُه: إنَّ عليه قطعًا في وقتِ كذا، وأشار عليه بعمَلِ سردابٍ يختفي فيه إلى أن يجوزَ ذلك الوقت، ففعل ما أمَرَه وأحضر قوَّادَه، فقال لهم: إنَّ بيني وبين الله عهدًا أنا ماضٍ إليه، وقد استخلفتُ عليكم ابني نزارًا، يعني العزيز، فاسَمَعوا له وأطيعوا، ونزَل السردابَ، فغاب سنةً ثم ظهر، وبقِيَ مدَّةً، ومرِضَ وتوفِّيَ، فستَرَ ابنُه العزيز موتَه إلى عيد النَّحرِ مِن السنة، فصلى بالنَّاسِ وخَطَبَهم، ودعا لنفسِه، وعزَّى بأبيه، ولَمَّا استقَرَّ العزيزُ في الملك أطاعه العسكرُ، فاجتمعوا عليه، وكان هو يدبِّرُ الأمورَ منذ مات أبوه إلى أن أظهَرَه، ثم سيَّرَ إلى الغرب دنانيرَ عليها اسمُه، فُرِّقَت في النَّاسِ.

العام الهجري : 526 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1131
تفاصيل الحدث:

هو الأفضل أبو علي بن الأفضل بن بدر الجمالي وزير الحافظ لدين الله العلوي، صاحب مصر. ولد بعسقلان. كان داهيةً، تغلَّب على المُلك وحَجَر على الحافظ وردَّ على المصادِرين أموالهم، فحَمِد له المصريون ذلك. وكتَبَ اسمه على السكة، ودعا على المنابر للقائم في آخر الزمان، واستمر إلى أن قتله أحد مماليك الحافظ، بظاهر القاهرة. وسبب قتله: أنه كان قد حجر على الحافظ، ومنعه أن يحكُمَ في شيء من الأمور؛ قليل أو جليل، وأخذ ما في قصر الحافظ إلى داره، وأسقط من الدعاء ذكر إسماعيل الذي هو جدهم، وإليه تُنسَب الإسماعيلية، وأسقط من الأذان حي على خير العمل، ولم يخطب للحافظ، وأمر الخطباء أن يخطبوا له بألقاب كتبها لهم، وهي: "السيد الأفضل الأجَلُّ، سيد مماليك أرباب الدول، والمُحامي عن حوزة الدين، وناشر جناح العدل على المسلمين الأقربين والأبعدين، ناصر إمام الحق في حالتي غيبته وحضوره، والقائم بنصرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره، أمين الله على عباده، وهادي القضاة إلى اتباع شرع الحق واعتماده، ومرشد دعاة المؤمنين بواضح بيانه وإرشاده، مولي النعم، ورافع الجور عن الأمم، ومالك فضيلتي السيف والقلم، أبو علي أحمد بن السيد الأجل الأفضل، شاهنشاه أمير الجيوش"، وكان إماميَّ المذهب، يُكثِرُ ذم الآمر والتناقص به، فنفرت منه شيعة العلويين ومماليكهم، وكرهوه، وعزموا على قتله، فخرج في العشرين من المحرم إلى الميدان يلعب بالكرة مع أصحابه، فكمن له جماعة منهم مملوك فرنجي كان للحافظ، فخرجوا عليه، فحمل الفرنجي عليه فطعنه فقتله، وحزُّوا رأسه، وخرج الحافظ من الخزانة التي كان فيها، ونهب الناس دارَ أبي علي، وأخذوا منها ما لا يُحصى، وركب الناس والحافظ إلى داره، فأخذ ما بقي فيها وحمله إلى القصر وجُدِّدت يومئذ البيعة للحافظ بالحكم، فلما بويع استوزر أبا الفتح يانس الحافظي في ذلك اليوم بعينه، ولقب أمير الجيوش، وكانت مدة حكم أبي علي بن الأفضل سنة وشهرًا وعشرة أيام؛ ثم حُمِل بعد قتله ودُفن بتربة أمير الجيوش، ظاهر باب النصر.

العام الهجري : 543 العام الميلادي : 1148
تفاصيل الحدث:

فارق السُّلطانُ مَسعودًا جماعةٌ مِن أكابِرِ الأمراءِ، وهم من أذربيجان: إيلدكر المسعودي، صاحِبُ كنجة وأرانية، وقيصر، ومن الجبل: البقش كون خر، وتتر الحاجب، وهو من مماليك مسعود أيضًا، وطرنطاي المحمودي، شحنة واسط، والدكز، وقرقوب وابن طغايرك، وكان سَبَبُ ذلك مَيلَ السُّلطانِ إلى خاص بك واطِّراحَه لهم، فخافوا أن يَفعَلَ بهم مِثلَ فِعلِه بعبدِ الرَّحمنِ وعَبَّاس وبوزابة، ففارقوه وساروا نحو العراق، ووصل إليهم عليُّ بن دبيس صاحِبُ الحلة، فنزل بالجانب الغربيِّ، فجند الخليفةُ أجنادًا يحتمي بهم، ووقع القتالُ بين الأمراء وبين عامَّةِ بغداد ومَن بها مِن العَسكَرِ، واقتتلوا عِدَّةَ دَفعاتٍ، ففي بَعضِ الأيَّامِ انهزَمَ الأمراءُ الأعاجِمُ مِن عامَّةِ بغدادَ مَكرًا وخَديعةً، وتَبِعَهم العامة، فلما أبعدوا عادوا عليهم وصار بَعضُ العسكَرِ مِن ورائهم، ووضعوا السَّيفَ فقُتِلَ مِن العامَّةِ خَلقٌ كثير، ولم يُبقُوا على صغيرٍ ولا كبيرٍ، وفَتَكوا فيهم، فأصيبَ أهلُ بغداد بما لم يصابوا بمِثلِه، وكَثُرَ القتلى والجرحى، وأُسِرَ منهم خلقٌ كثيرٌ، فقُتِلَ البعضُ وشُهر البَعضُ، ودفَنَ النَّاسُ مَن عرفوا، ومَن لم يُعرَفْ تُرِكَ طريحًا بالصَّحراءِ، وتفَرَّقَ العَسكَرُ في المحالِّ الغربية، فأخذوا مِن أهلِها الأموالَ الكثيرة، ونهَبوا بلدَ دجيل وغيره، وأخذوا النِّساءَ والولدان، ثمَّ إن الأمراءَ اجتَمَعوا ونزلوا مقابِلَ التاج وقَبَّلوا الأرضَ واعتَذروا، وتَردَّدَت الرُّسُلُ بينهم وبين الخليفةِ إلى آخِرِ النَّهارِ، وعادوا إلى خيامِهم، ورَحَلوا إلى النهروان، فنَهَبوا البلادَ، وأفسَدوا فيها، وعاد مسعود بلال شحنة بغداد من تكريت إلى بغداد، ثمَّ إنَّ هؤلاء الأمراءَ تفَرَّقوا وفارَقوا العراقَ، وتوفِّيَ الأميرُ قيصر بأذربيجان، هذا كُلُّه والسُّلطانُ مَسعود مُقيمٌ ببَلَدِ الجبل، والرسُلُ بينه وبين عَمِّه السُّلطان سنجر مُتَّصِلة، فسار السُّلطانُ سنجر إلى الريِّ، فلَمَّا عَلِمَ السُّلطان مسعود بوصولِه سار إليه وترَضَّاه، واستنزله عمَّا في نَفسِه فسَكَنَ. وكان اجتماعُهما سنة 544.

العام الهجري : 546 العام الميلادي : 1151
تفاصيل الحدث:

جمعَ نُورُ الدِّينِ مَحمود بن زنكي عَسكَرَه وسار إلى بلادِ جوسلين الفرنجي، وهي شَماليَّ حَلَب منها تل باشر، وعين تاب، وإعزاز وغيرها، وعَزَمَ على مُحاصَرتِها وأخْذِها، وكان جوسلين فارِسَ الفِرنجِ غَيرَ مُدافَعٍ، قد جمع الشَّجاعةِ والرَّأيَ، فلَمَّا عَلِمَ بذلك جَمَعَ الفِرنجَ فأكثَرَ، وسار نحوَ نور الدين فالتَقَوا واقتتلوا، فانهزم المُسلِمونَ وقُتِلَ منهم وأُسِرَ جمعٌ كثيرٌ، وكان في جُملةِ مَن أُسِرَ سلاحُ دار نور الدين محمود، فأخذه جوسلين، ومَعَه سلاحُ نور الدين، فسَيَّرَه إلى الملك مسعود بن قلج أرسلان، صاحِبِ قونية، وأقصرا، وقال له: هذا سِلاحُ زَوجِ ابنَتِك، وسيأتيك بعده ما هو أعظَمُ منه، فلمَّا عَلِمَ نور الدين محمود الحالَ، عَظُمَ عليه ذلك، وأعمَلَ الحيلةَ على جوسلين، وهَجَرَ الراحةَ ليأخُذَ بثَأرِه، وأحضَرَ جَماعةً مِن أمراء التركمان، وبذَلَ لهم الرَّغائِبَ إن هم ظَفِروا بجوسلين وسَلَّموه إليه إمَّا قتيلًا أو أسيرًا؛ لأنَّه عَلِمَ أنَّه متى قَصَدَه بنفسه احتمى بجُموعِه وحُصونِه، فجعل التُّركمانُ عليه العُيونَ، فخرج مُتصَيِّدًا، فلَحِقَت به طائفةٌ منهم وظَفِروا به فأخذوه أسيرًا، فصانَعَهم على مالٍ يُؤدِّيه إليهم، فأجابوه إلى إطلاقِه إذا حضَرَ المالُ، فأرسل في إحضارِه، فمضى بعضُهم إلى أبي بكر بن الداية، نائِبِ نورِ الدين بحَلَب، فأعلَمَه الحالَ، فسَيَّرَ عَسكرًا معه، فكَبَسوا أولئك التُّركمانَ وجوسلين معهم، فأخذوه أسيرًا وأحضَروه عنده، وكان أسْرُه من أعظَمِ الفُتوحِ؛ لأنَّه كان شَيطانًا عاتيًا، شديدًا على المُسلِمينَ، قاسيَ القَلبِ، وأُصيبَت النصرانيَّةُ كافَّةً بأسْرِه، ولَمَّا أُسِرَ سار نور الدين إلى قلاعِه فمَلَكَها، وهي تل باشر، وعين تاب، وإعزاز، وتل خالد، وقورس، والراوندان، وبرج الرصاص، وحصن البارة، وكفرسود، وكفرلاثا، ودلوك، ومرعش، ونهر الجوز، وغير ذلك من أعمالِه، في مُدَّةٍ يسيرةٍ، وكان نورُ الدين كلَّما فتح منها حِصنًا نقل إليه مِن كُلِّ ما تحتاجُ إليه الحُصونُ؛ خَوفًا من نَكسةٍ تَلحَقُ بالمُسلِمينَ من الفِرنجِ، فتكون بلادُهم غيرَ مُحتاجةٍ إلى ما يَمنَعُها من العَدُوِّ.

العام الهجري : 604 العام الميلادي : 1207
تفاصيل الحدث:

عبر علاء الدين محمد خوارزم شاه نهر جيحون لقتال الخطا، وسبب ذلك أن الخطا كانوا قد طالت أيامهم ببلاد تركستان، وما وراء النهر، وثقُلت وطأتُهم على أهلها، ولهم في كل مدينة نائب يجبي إليهم الأموال، فاتفق أن سلطان سمرقند وبخارى، أنف وضجر من تحكُّم الكفار على المسلمين، فراسل خوارزم شاه يقول له: إن اللهَّ عزَّ وجلَّ قد أوجب عليك بما أعطاك مِن سَعة الملك وكثرة الجنود أن تستنقِذَ المسلمين وبلادهم من أيدي الكفار، فسيَّرَ إليه صاحبُ سمرقند وجوه أهل بخار وسمرقند، بعد أن حلفوا صاحبهم على الوفاء بما تضمنه، وضمنوا عنه الصدق والثبات على ما بذل، وجعلوا عند خوارزم رهائن، فشرع في إصلاح أمر خراسان، وتقرير قواعدها، وجمع عساكره جميعها، وسار إلى خوارزم، وتجهَّزَ منها، وعبر جيحون، واجتمع بسلطان سمرقند، ولَمَّا سمع الخطا به حشدوا وجمعوا وجاؤوا إليه، فجرى بينهم وقعات كثيرة ومغاورات، فتارة له وتارة عليه، ثم دخل خوارزم شاه نيسابور، وأصلح أمرها، وجعل فيها نائبًا، وسار إلى هراة، فنزل عليها مع عسكره الذين يحاصرونه، وزحف إليه بعسكره، فلم يكن فيه حيلة، فاتفقَ جماعة من أهل هراة وقالوا: هلك الناسُ من الجوع والقلة، وقد تعطلت علينا معايشنا، وقد مضى سنة وشهر، وكان الوزير يعِدُ بتسليم البلد إلى خوارزم شاه إذا وصل إليه، وقد حضر خوارزم شاه ولم يسَلِّم، ويجب أن نحتال في تسليم البلد والخلاص من هذه الشدة التي نحن فيها، فانتهى ذلك إلى الوزير، فبعث إليهم جماعة من عسكره، وأمرهم بالقبضِ عليهم، فمضى الجند إليهم، فثارت فتنة في البلد عظُمَ خَطبُها، فاحتاج الوزير إلى تداركها بنفسه، فمضى لذلك، فكتب من البلد إلى خوارزم شاه بالخبر، وزحف إلى البلد وأهله مختلطون، فخربوا برجين من السور، ودخلوا البلد فملكوه، وقبضوا على الوزير، فقتله خوارزم شاه، وملَكَ البلد، وذلك سنة 605، وأصلح حاله، وسلمه إلى خاله أمير ملك، وهو من أعيان أمرائه، فلم يزل بيده حتى هلك خوارزم شاه.

العام الهجري : 693 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1293
تفاصيل الحدث:

وقع الطَّلَبُ على الأمراء الذين كانوا مع بدر الدين بيدرا في قَتلِ السلطان الأشرف، فأوَّلُ من وُجِدَ منهم الأميرُ سيف الدين بهادر رأسُ نوبة، والأميرُ جمال الدين أقش الموصلي الحاجب، فضُرِبَت أعناقُهما وأُحرِقَت أبدانُهما في المجاير ثامِنَ يوم سلطنة الناصر، ثمَّ أخذ بعدهما سبعة أمراء: وهم حسام الدين طرنطاي الساقي، ونوغاي السلاح دار، وسيف الدين الناق الساقي السلاح دار، وسيف الدين أروس الحسامي السلاح دار، وعلاء الدين ألطبغا الجمدار، وأقسنقر الحسامي، وناصر الدين محمد بن خوجا، ثم قُبِضَ على قوش قرا السلاح دار، وذلك في العشرين من المحرم فسُجِنوا بخزانة البنود من القاهرة، وتولى بيبرس الجاشنكير عقوبتَهم ليُقِرُّوا على من كان معهم، ثم أُخرِجوا يوم الاثنين الثامن عشر، وقُطِعَت أيديهم بالساطور على قرم خشب بباب القلعة، وسُمروا على الجمال وأيديهم معلَّقة، وشقُّوا بهم- ورأس بيدرا على رمح قدامهم- القاهرةَ ومصرَ، واجتمع لرؤيتِهم من العالَم ما لا يمكِنُ حصرُه، بحيث كادت القاهرة ومصر أن تُنهَبا، ومَرُّوا بهم على أبوابِ دُورِهم، فلما جازوا على دار علاء الدين الطنبغا خرجت جواريه حاسراتٍ يَلطِمنَ، ومعهن أولادُه وغِلمانُه قد شَقُّوا الثياب وعَظُم صياحُهم، وكانت زوجتُه بأعلى الدار، فألقت نفسَها لتقع عليه فأمسَكْنْها جواريها، وهي تقولُ: ليتني فداك، وقَطَّعَت شعرَها ورمَتْه عليه فتهالك النَّاسُ من كثرةِ البكاءِ رحمة لهم، واستمَرُّوا على ذلك أيامًا: فمنهم من مات على ظهور الجمال، ومنهم من فُكَّت مساميرُه وحُمِلَ إلى أهلِه ثمَّ أُخِذَ مَرَّةً ثانية وأعيد تسميرُه فمات، هذا وجواري المَلِك الأشرف وسيال حواشيه قد لَبِسنَ الحِدادَ وتذرَّعنَ السخام، وطفن في الشوارع بالنواحات يُقِمن المأتم، فلم يُرَ بمصر أشنع من تلك الأيام، ثم أُخِذَ بعد ذلك الأمير سيف الدين قجقار الساقي فشُنِقَ بسوق الخيل، ولم يوقف لقراسنقر ولا للاجين على خبرٍ البتةَ، ثم في أواخر رمضان ظهر الأميرُ حسام الدين لاجين، فاعتذر له عند السلطانِ فقَبِلَه وخَلَع عليه وأكرَمَه، وأنه لم يكن قتَلَه باختيارِه.

العام الهجري : 760 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1359
تفاصيل الحدث:

كانت قريةٌ بحوران- وهي خاص لنائب الشام وهم حلبية يمن، ويقال لهم بنو لبسة وبنو ناشي- وهي حصينة منيعة يضوي إليها كلُّ مُفسدٍ وقاطع ومارق، ولجأ إليهم أحَدُ شياطين رويمن العشير، وهو عمر المعروف بالدنيط، فأعدوا عددًا كثيرة ونهبوا ليغنَموا العشير، وفي هذا الحين بدَرَهم والي الولاة المعروف بشنكل منكل، فجاء إليهم ليرُدَّهم ويهديهم، وطلب الوالي منهم تسليمَ عمر الدنيط، فأبوا عليه وراموا مقاتلَتَه، وهم جمع كثير وجَمٌّ غفير، فتأخَّرَ عنهم وكتب إلى نائب السلطنة ليمُدَّه بجيشٍ عونًا له عليهم وعلى أمثالهم، فجهَّزَ له جماعة من أمراء الطبلخانات والعشراوات ومائة من جند الحلقة الرماة، فلمَّا بغَتَهم في بلدهم تجمَّعوا لقتال العسكر ورموه بالحجارة والمقاليع، وحَجَزوا بينهم وبين البلد، فعند ذلك رمَتْهم الأتراك بالنبال من كل جانب، فقتلوا منهم فوق المائة، فَفَرُّوا على أعقابهم، وأَسَر منهم والي الولاة نحوًا من ستين رجلًا، وأمر بقطع رؤوس القتلى وتعليقها في أعناق هؤلاء الأَسرى، ونُهِبَت بيوت الفلَّاحين كلهم، وسُلِّمَت إلى مماليك نائب السلطنة، لم يفقَدْ منها ما يساوي ثلاثمائة درهم، وكرَّ راجِعًا إلى بصرى وشيوخ العشيرات معه، فأخبر ابن الأمير صلاح الدين ابن خاص ترك، وكان من جملةِ أمراء الطبلخانات الذين قاتلوهم بمبسوط ما يخصُّه، وأنه كان إذا أعيا بعض تلك الأسرى من الجرحى أمر المشاعلي بذبحِه وتعليق رأسِه على بقية الأسرى، وفعل هذا بهم غيرَ مَرَّة حتى إنه قطع رأس شاب منهم وعَلَّقَ رأسه على أبيه، شيخٍ كبير، حتى قَدِمَ بهم بصرى، فشنكل طائفة من أولئك المأسورين، وشنكل آخرين، وقتل الآخرين وحبس بعضهم في القلعة، وعلَّق الرؤوسَ على أخشابٍ نَصَبها حول قلعة بصرى، فحصل بذلك تنكيلٌ شديد لم يقع مثلُه في هذا الأوان بأهل حوران، وهذا كلُّه سُلِّطَ عليهم بما كسَبَت أيديهم، وما ربُّك بظَلَّامٍ للعبيدِ!

العام الهجري : 795 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1393
تفاصيل الحدث:

هو منطاش الأشرفي نسبةً إلى الأشرف شعبان بن حسين، كان اسمُه تمربغا، ويقال له أخو تمربيه، وكانت لتمربيه منزلةٌ من الأشرف، وتنقل منطاش إلى أنْ ولاه الظاهر برقوق نيابةَ السلطنة بملطية في سنة 788 فجمع كثيرًا من التركمان وأظهر العِصيانَ وانضوى إليه كثيرٌ مِن الأشرفيَّة الذين شَرَّدَهم برقوق لَمَّا تسَلْطَنَ في البلادِ، فلما بلغ الظاهِرَ ذلك جهَّزَ إليه عسكَرَ حلب مع أربعة أمراء من مقَدَّمي الألوف بالقاهرة، فانضوى منطاش إلى برهان الدين صاحب سيواس فحوصر، ثم آل الأمر إلى رجوع العسكر وقد فر منطاش، واتفق أنَّ الناصريَّ عصى على برقوق وكاتبَ نواب البلاد، فوافقوه فراسَلَ منطاش فجمع من أطاعَه، وحضر إلى حلب وذلك سنة 91 فجهَّزَه الناصري إلى حماة فمَلَكَها إلى أن قَدِمَ الناصري بالعسكر، فتوجهوا إلى القاهرة واستولى الناصريُّ على المملكة وأعاد السلطان حاجي، واستقر منطاش أميرًا كبيرًا، ثم استولى منطاش على المملكة، فطاش وكان أهوجَ كثيرَ العطايا، كما قيل نهابًا وهَّابًا، فاعتقل الناصِرَ والجوباني وغيرَهما بالإسكندرية، وفي غضون ذلك بعد دخول سنة 92 بلغه أن الظاهرَ برقوق خلَصَ مِن سجن الكرك وانضَمَّ إليه جماعة، فجهز العسكر وتوجَّه إلى جهته، فوقعت لهم الوقعة الشهيرة، فانهزم منطاش واحتوى الظاهِرُ على المملكةِ وعلى غالب من كان معه مِن رؤوس المملكة, وفي سنة 93 توجه منطاش من جهة العمق إلى أن وصل إلى قربِ دمشق، ولما لم يحصُلْ للعسكر السلطاني منه غَرَضٌ رجعوا إلى أوطانهم، ونازل منطاش دمشقَ فجَهَّزَ له الناصريُّ من هزمه، فتوجه إلى بلاد نعير فأقام عنده ثم راسَلَ الظاهِرُ نعيرًا في أمر منطاش واسترضاه ورَدَّ عليه إمرتَه، وأوسَعَ له في الوعدِ، فغدر بمنطاش وقَبَضَ عليه وجَهَّزَه إلى حلب فاعتقل بقلعَتِها إلى أن جاء الأمرُ بقَتلِه وتجهيز رأسِه، ففُعِلَ به ذلك في سنة 795 وطِيفَ برأسِه بالقاهرةِ، ثم عُلِّقَ على باب زويلة، وكان شجاعًا قَتَّالًا عاليَ الهِمَّة كثيرَ البَذلِ، أهلك جميعَ ما كان الظاهِرُ حَصَّلَه من الأموال في أيسَرِ مُدَّةٍ.

العام الهجري : 814 العام الميلادي : 1411
تفاصيل الحدث:

قبض السلطانُ الناصِرُ فرج على جماعةٍ من كبار المماليك الظاهرية -مماليك برقوق- وحبسهم بالبرج من القلعة، ثم قتَلَهم بعد شهر، وكانوا جمعًا كبيرًا، ثم في شهر رجب نزل السلطان من القلعة إلى الصيد، فبات ليلةً وعزم على مبيت ليلة أخرى بسرياقوس، فبلغه أن طائفة من الأمراء والمماليك اتفقوا على قتله، فعاد إلى القاهرة مسرعًا، وأخذ يتتبَّعُ ما قيل حتى ظفر بمملوكين عندهما الخبر، فعاقبهما في ثامن عشر شهر رجب، فأظهرا ورقةً فيها خطوط جماعة كبيرة، كبيرُهم الأمير جانم، وكان جانم قد سافر قبل تاريخه إلى منية ابن سلسيل، وهي من جملة إقطاعه، فندب السلطان الأمير بكتمر جلق، والأمير طوغان الحسني الدوادار؛ لإحضار جانم ومَسَك السلطان بعد خروجهما جماعةً كبيرةً من الأمراء والمماليك الظاهرية ووسَطَ منهم خمسةً، فنفرت القلوب منه، ووجد شيخ ونوروز للوثوب عليه سبيلًا. ذبح السلطان في ليلة الأربعاء مُستهلَّ شعبان عشرين مملوكًا ممن قُبِض عليهم، ثم وَسَط من الأمراء في يوم الأربعاء الثامن عشر آخر تحت القلعة، وفي ليلة الأربعاء قتل السلطان أيضًا بالقلعة من المماليك الظاهرية زيادة على مائة مملوك من الشراكسة من مماليك أبيه، ثم إن السلطان نادى في أول شهر رمضان بالقلعة بالأمان، وأنهم عتقاء شهر رمضان، فظهر منهم جماعة، فأَمِنوا، وتتابع بقيتهم حتى ظهر قريب من ثلاثين مملوكًا في عدة أيام، فوُعدوا بخير، وأن يُعطَوا الخيل، ورُسِم لهم بيوم يجتمعون فيه لأخذ خيولهم فاغترُّوا وحضروا، فقُبِض عليهم كلهم وحبسوا، وتتبع المماليك السلطانية، وجلس السلطان لتفريق القرقلات برسم الرسم عليهم، فقبض على جماعة كثيرة منهم وسَجَنهم، فما انقضى شهر رمضان حتى زادت عدة المسجونين من المماليك السلطانية على أربعمائة رجل، ثم ذبح السلطان في ليلة ثالث شوال أزيدَ من مائة نفس من المماليك السلطانية الظاهرية المحبوسين بالبرج، ثم أُلقوا من سور القلعة إلى الأرض، ورُموا في جبٍّ مما يلي القرافة، واستمر الذبحُ فيهم.

العام الهجري : 848 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1444
تفاصيل الحدث:

في يومِ السبت سادس عشر شهر ربيع الأول خرج الغُزاة من القاهرة، فنزلوا في المراكبِ من ساحل بولاق؛ وقصدوا الإسكندرية ودمياط؛ ليركبوا من هناك البحرَ المالح، والجميعُ قصْدُهم غزو رودس، وكانوا جمعًا موفورًا، ما بين أمراء وخاصكية ومماليك سلطانية ومطوعة، وكان مقَدَّمَ الجميع في هذه الغزوة الأميرُ إينال العلائي الدوادار الكبير، وكانت المماليك السلطانية في هذه الغزوة تزيد عدتهم على ألف مملوك، هذا خارجٌ عمَّن سافر من المطوِّعة، وأضاف إليهم السلطان جماعةً كبيرة من أمراء البلاد الشامية، ورسمَ لهم أن يتوجَّهَ الجميع إلى طرابلس، ليضافَ إليهم العسكر الشامي، ويسير الجميع عسكرًا واحدًا، ففعلوا ذلك، وفي يوم الخميس حادي عشر شهر ربيع الآخر سار الجميع من ثغر الإسكندرية ودمياط إلى طرابلس، ثم من طرابلس إلى رودس، حتى نزلوا على برِّها بالقرب من مدينتها في الخيم، وقد استعدَّ أهلها للقتال، فأخذوا في حصار المدينة، ونصبوا عليها المجانيق والمكاحل، ورمَوا على أبراجها بالمكاحل والمدافع، واستمرُّوا على قتال أهل رودس في كل يوم، هذا ومنهم فرقةٌ كبيرة قد تفرَّقت في قرى رودس وبساتينها ينهَبون ويسبون، واستمَرُّوا على ذلك أيامًا، ومدينة رودس لا تزداد إلَّا قوة؛ لشدة مقاتليها ولعِظَم عمارتِها، وقد تأهَّبوا للقتال وحصَّنوا رودس بالآلات والسلاح والمقاتلة، وصار القتالُ مستمرًّا بينهم في كل يوم، وقُتل من الطائفتين خلائقُ كثيرة، هجم عليهم الفرنج في عدة كبيرة من المراكب، فبرز إليهم يلخجا ومن معه، وقاتلوهم قتالًا عظيمًا، حتى نصر اللهُ المسلمين، وانهزم الفرنجُ وغنم المسلمون منهم، كل ذلك وقتال رودس مستمرٌّ في كل يوم، والعساكرُ في غاية ما يكون من الاجتهاد في قتال رودس، غير أن رودس لا يزداد أمرُها إلا قوة؛ لعِظَمِ استعداد أهلها للقتال، ولما كان في بعض الأيام وقع للمسلمين محنة عظيمة، قُتِلَ فيها جماعة كبيرة من أعيان الغزاة من الخاصكية وغيرهم؛ حيث كانوا بائتين في كنيسةٍ فطرقهم الفرنج وقتلوهم، ودام القتالُ بعد ذلك في كلِّ يوم بين عساكر الإسلام وبين فرنج رودس أيامًا كثيرة، فعند ذلك أجمع المسلمون على العود، وركبوا مراكبَهم، وعادوا إلى أن وصلوا إلى ثغر الإسكندرية ودمياط، ثم قَدِموا إلى القاهرة.

العام الهجري : 1234 العام الميلادي : 1818
تفاصيل الحدث:

بعد سفر الإمام عبد الله بن سعود إلى مصر ارتحل إبراهيم باشا بنفسِه وحاشيتِه وقبوسه وقنبره ومدافِعِه من سمحان، ولم يلتزم الباشا بشروطِ الصُّلحِ التي نصَّت على عدمِ المساس بالبَلدةِ وأهلِها بسوءٍ, فنزل إبراهيم باشا في نخل تركي بن سعود المعروفِ بالعويسية أسفلَ الدرعية، وباقي عساكِرِه فَرَّقَها في نخيلِها وأطرافِها ودروبِها، وكان إبراهيم باشا بعث عساكِرَ مِن حاشيته وخَدَمِه وفَرَّقَهم في نواحي نجدٍ وأمَرَهم بهدمِ أسوار البلدان وحُصونِها، فنزلوا البلدانَ وهَدَموا الحُصونَ والأسوارَ، وصادروا أهلَها بخَراجِهم وعلَف الخيل وعليقها بالليل والنهار، وجمعوا ما فيها من الحِنطةِ والشَّعيرِ إلَّا ما قَلَّ، ثمَّ إن الباشا أخذ خَيلَ آل سعودٍ وشَوكةَ الحَربِ وما وجد عليه اسمَهم في بندُقٍ أو سَيفٍ، وأكثَرَت العساكِرُ مِن العَبَثِ في أسواقِ الدِّرعية بالضَّربِ والتسخيرِ لأهلِها، فكانوا يجمَعون الرِّجالَ من الأسواق، ويُخرِجونَهم من الدُّورِ ويَحمِلون على ظُهورِهم ما تَحمِلُه الحيوانات، فيُسَخِّرونهم لهَدمِ البيوت والدكاكين، ويحمِلون خشَبَها ويَكسِرونَه ويَرِدونَ لهم الماءَ ويَحمِلونَه ولا يَعرِفونَ لفاضلٍ فَضْلَه ولا لعالمٍ قَدْرَه، وصار السَّاقِطُ الخَسيسُ في تلك الأيام هو الرَّئيسَ. أقام الباشا في الدرعية نحو تسعة أشهر بعد المصالحةِ، وأمَرَ جميعَ آل سعود وأبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأبنائهم أن يرحَلوا من الدرعية إلى مصرَ، فارتحلوا منها بنسائِهم وذراريِّهم، ولم يبقَ منهم إلا من اختفى أو هرب، مِثلُ تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، والشيخ علي بن حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، هربا إلى قطر  وعمان. ثم جاء الأمرُ من محمد علي باشا لابنه إبراهيم بهَدمِ الدرعية وتدميرِها، فأمر أهلَها أن يرحَلوا عنها ثمَّ أمر العسكرَ أن يهدموا دُورَها وقُصورَها ويَقطَعوا نَخْلَها وشجَرَها ولا يرحَموا صَغيرَها ولا كبيرَها، فابتدر العسكَرُ إلى هدمِها مُسرِعين، وهدموها وبَعضُ أهلِها فيها مقيمون، وأشعلوا النار في بيوتِها، وأخرجوا جميعَ من كان فيها من السكان، فتركوها خاليةً مِن السكان، وتفَرَّق أهلُها في النواحي والبلدانِ، فحسبنا الله ونعم الوكيل.

العام الهجري : 1259 العام الميلادي : 1843
تفاصيل الحدث:

استعمرت فرنسا جُزُرَ القمر الكبرى وأنجوان ومايوت وموهيلي، ما بين عامي 1843 و1920م، وقد وضعَتْها فرنسا تحت إدارةِ الحاكم العام في مدغشقر. وفي سنوات لاحقةٍ أقام فيها المقيمون الفرنسيون والشركاتُ الفرنسية وبعضُ التجار العرب الأغنياء اقتصادًا زراعيًّا يعتَمِدُ على المزارع التي كانت تصدِّرُ ثلث الإنتاج. وفي سنة 1947م أصبحت جزرُ القمر واحدةً من الأقاليم الفرنسية فيما وراء البحار، وأعطيت تمثيلًا في البرلمان الفرنسي. وقيل: عُرِفَت جزر القمر دوليًّا لأول مرة عندما ظهرت على خريطةِ العالم التي رسَمَها الرحالة البرتغالي ديوجو ريبير عام 934هـ 1527م، ورغم سيطرةِ النفوذ الإسلامي والعربي على الجزرِ، فإنَّ الاضطرابات كانت تسودها، واستطاعت فرنسا أن تفرِضَ سيطرتها على جزيرة مايوت هذا العام، وقام وفدٌ من سكان جزيرة أنجوان بمقابلةِ قائد القوات المصرية في شرق إفريقيا رضوان باشا في 1292هـ  1875م، وطلبوا منه دخولَ الجزيرة تحت الحمايةِ المصرية، إلَّا أن الحكومة المصرية كانت مشغولةً بتدعيم سيطرتها على مناطِقَ أخرى أكثَرَ مِن اهتمامِها بتلك الجزر الصغيرة؛ لذلك لم تعطَ هذه الدعوةُ أيَّ اهتمام، فوقَّع حكام أنجوان معاهدة مع الإنجليز سنة 1300هـ 1882م نصَّت على إلغاء تجارة الرقيق في الجزيرة، فثار تجَّارُ الرقيق على هذه المعاهدة، واندلعت حروب أهلية، فطلب حكامُ الجزيرة فَرْضَ الحماية الفرنسية عليهم، ووقِّعَت معاهدة بذلك في 1304هـ 1887م، أما جزيرة موهيلي فاحتلتها فرنسا سنة 1303هـ 1886م. ورغم وجودِ أغلبية مسلمة في الجُزُر الأربع فإنَّهم لم يكن لهم دور فعَّالٌ في مقاومة النفوذ الفرنسي، كما لم يحاولوا تنظيم أنفسهم، وانشغلوا بالحروبِ الأهلية فيما بينهم. وصدر قرارٌ فرنسي سنة 1330هـ 1912م أصبحت بموجِبِه هذه الجزر مستعمرةً فرنسية، وأُلحِقَت بمدغشقر، وبَقِيَت تتبعها عامين، ثم انفصلت وأصبحت مستعمَرةً مستقلةً حتى الحرب العالمية الثانية. وفَرَضَت بريطانيا سيطرتَها على الجزر أثناء الحربِ بعد هزيمة فرنسا أمام ألمانيا، واتخذتها قاعدةً لسفنها الحربية في المحيط الهندي، ثم عادت هذه الجزرُ إلى فرنسا بعد انتهاء الحرب.

العام الهجري : 1320 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1902
تفاصيل الحدث:

رفضَ السلطانُ عبد الحميد الثاني اقتراحًا من "تيودور هرتزل" مؤسِّس الحركة الصهيونية بإنشاء جامعة يهودية في القدس. وهرتزل يهوديٌّ نمساوي رأَسَ أوَّلَ مؤتمر صهيوني في بازل بسويسرا عام 1879م. يقول السلطان عبد الحميد: "لليهودِ قُوَّةٌ في أوروبا أكثَر مِن قوَّتِهم في الشرق؛ لهذا فان أكثَرَ الدول الأوربية تحبِّذُ هجرة اليهود إلى فلسطين؛ لتتخَلَّصَ من العِرق السامي الذي زاد كثيرًا، ولكنْ لدينا عددٌ كاف من اليهود، فإذا كنَّا نريد أن يبقى العنصرُ العربيُّ متفوقًا، فعلينا أن نصرِفَ النظرَ عن فكرةِ توطين المهاجرين في فلسطين، وإلَّا فإن اليهودَ إذا استوطنوا أرضًا تملَّكوا كافة قدراتِها خلال وقتٍ قصيرٍ، وبذا نكون قد حكَمْنا على إخواننا في الدينِ بالموتِ المحتَّم، لن يستطيعَ رئيس الصهاينة (هرتزل) أن يقنِعَني بأفكارِه، وقد يكونُ قوله: (ستُحَلُّ المشكلةُ اليهودية يوم يقوى فيه اليهوديُّ على قيادة محراثِه بيده) صحيحًا في رأيه أنه يسعى لتأمينِ أرض لإخوانه اليهودِ، لكنه ينسى أن الذكاءَ ليس كافيًا لحل جميعِ المشاكِلِ، لن يكتفي الصهاينةُ بممارسة الأعمال الزراعية في فلسطين، بل يريدون أمورًا أخرى، مثل: تشكيل حكومة، وانتخاب ممثِّلين. إنَّني أدرك أطماعَهم جيدًا، لكنَّ اليهود سطحيُّون في ظنِّهم أنني سأقبَلُ بمحاولاتهم، وكما أنني أقدِّرُ في رعايانا من اليهود خِدْماتهم لدى الباب العالي، فإني أعادي أمانيَّهم وأطماعَهم في فلسطين" انتهى كلامه رحمه الله، فصار هرتزل دائمًا يبعث على لسانِ كلِّ مؤتمر يهودي برقيةً للسلطان عبد الحميد يحيِّيه فيها ويؤكِّدُ له ولاء اليهود باعتبارِهم من رعاياه، وكان يعلَمُ حَقَّ العلم أنه لا وزنَ له ولا لليهودِ عند عبد الحميد، فرأى هرتزل دعْمَ مركزه عن طريق تبنِّي دولة أوربية كبرى تقبَلُ الضغط على السلطانِ من أجل الإذن لليهودِ بإقامة وطنٍ لهم في فلسطين، فراسل مسؤولين إنجليزًا يطلُبُ منهم تبنِّي فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

العام الهجري : 725 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1325
تفاصيل الحدث:

سأل المَلِكُ المجاهِدُ صاحِبُ اليمن إنجادَه بعسكَرٍ من مصر، وأكثَرَ من ترغيب السلطان الناصر محمد بن قلاوون في المالِ الذي باليمن، وكان قدومُ رُسُلِه في مستَهَلِّ صفر، فرسم السلطانُ بتجهيز العسكر صحبة الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب، وهو مُقَدَّم العسكر، فسار إلى مكَّةَ، فوصل في السادس والعشرين من جمادى الأولى، ودخلها وأقامَ بها حتى قَدِمَت المراكِبُ بالغلال وغيرِها من مصر إلى جُدَّة، وتقَدَّم الخادِمُ كافور الشبيلي خادِمُ الملك المجاهد إلى زَبيد لِيُعلِمَ مولاه بالعساكر، وكتب الأميرُ ركن الدين بيبرس بن الحاجب، وهو مُقَدَّم العسكر إلى أهل حلي بني يعقوب بالأمان، وأن يجلِبوا البضائِعَ للعسكَرِ، ورحل العسكَرُ في خامس جمادى الآخرة من مكَّة، ومعه الشَّريفُ عطفة والشريف عقيل، وتأخَّر الشريف رميثة، فوصل العسكَرُ إلى حلي بني يعقوب في اثني عشر يومًا، فتلقَّاهم أهلُها، ودُهِشوا لرؤية العساكر، فنودي فيهم بالأمانِ، ورحل العسكَرُ بعد ثلاثة أيام في العشرين منه، فقَدِمَت الأخبار باجتماعِ رأي أهل زبيد على الدخولِ في طاعة المَلِك المجاهد خوفًا من مَعَرَّة قدوم العسكر المصري، وأنهم ثاروا بالمتمَلِّك عليهم وهو المَلِك الظاهِر، ونهبوا أموالَه ففَرَّ عنهم، وكتَبوا إلى المجاهد بذلك، فقَوِيَ ونزل من قلعة تعز يريدُ زبيدَ، فكتب أمراءُ العسكر المصري إليه، وهم قُربَ حدود اليمن، بأن يكون على أُهْبةِ اللقاء، ونزل العسكَرُ على زبيد، ووافاهم المجاهِدُ بجُندِه، فسَخِرَ منهم الناسُ من أجل أنَّهم عراةٌ، وسلاحُهم الجريدُ والخَشَبُ، وسيوفُهم مشدودةٌ على أذرِعَتِهم، ويقادُ للأميرِ فَرَسٌ واحِدٌ مُجَلَّل، وعلى رأسِ المجاهِدِ عِصابةٌ مُلَوَّنةٌ فوقَ العمامة، وعندما عاين المجاهِدُ العساكِرَ المصريَّةَ وهي لابسةٌ آلة الحَربِ رُعِبَ، ومضى العسكَرُ صَفَّين والأمراءُ في الوسط حتى قَرُبوا منه، فألقى المجاهِدُ نَفسَه ومن معه إلى الأرضِ، وترجل له أيضًا الأمراء وأكرموه وأركبوه في الوَسَطِ، وساروا إلى المخَيَّم، وألبسوه تشريفًا سلطانيًّا وقُرِئَ كتاب السلطان، فقَبَّلوا بأجمعِهم الأرض، وقالوا سمعًا وطاعةً، وكتب الأميرُ بيبرس الحاجِبُ لممالك اليمَنِ بالحضور، فحضروا، ولم يُجَهِّز المَلِكُ المجاهد للعسكَرِ شيئًا من الإقامات، وعَنَّفه الأمير بيبرس على ذلك، فاعتذر بخرابِ البلاد، وكَتَب لهم على البلاد بغنمٍ وأذرة، وسار المجاهِدُ إلى تعز لتجهيز الإقاماتِ، ومعه الأميرانِ سيف الدين ططر العفيفي السلاح الدار وسيف الدين قجمار في مائتي فارس، وتأخَّر العسكر بزبيد، وعادت قُصَّاد الأمراء بغير شيءٍ فرحل العسكَرُ من زبيد في نصف رجب يريدون تعز، فتلقَّاهم المجاهد، ونزلوا خارجَ البلد، وشكَوا ما هم فيه من قِلَّة الإقامات، فوعد بخير، وكتب الأمراءُ إلى الملك الظاهر المقيم بدملوة -حصن عظيم باليمن من بلاد الحجرية تعز-، وبعَثوا إليه الشريفَ عطفة أميرَ مكَّةَ وعِزَّ الدين الكوندكي، وكتب إليه المجاهِدُ أيضًا يحُثُّه على الطاعة، وأقام العسكَرُ في جَهدٍ، فأغاروا على الضياع، وأخذوا ما قَدَروا عليه، واتُّهِم أن ذلك بمواطأة المجاهِد خوفًا من العسكَرِ أن يَملِكَ منه البلاد، ثمَّ إنَّ أهل جبل صبر قطَعوا الماء عن العسكر، وتخَطَّفوا الجمال والغِلمان، وزاد أمرُهم إلى أن ركب العسكَرُ في طَلَبِهم، فامتنعوا بالجَبَلِ، ورموا بالمقاليعِ على العسكر، فرَمَوهم بالنشاب، وأتاهم المجاهِدُ فخَذَّلَهم عن الصُّعودِ إلى الجبل، فلم يعبؤوا بكلامه، ونازلوا الجبَلَ يَومَهم، ففُقِدَ من العسكر ثمانيةٌ من الغلمان، وبات العسكَرُ تحته، فبلغ الأميرَ بيبرس أن المجاهدَ قَرَّر مع أصحابه بأن العسكرَ إذا صَعِدَ الجَبَل يُضرِمونَ النار في الوطاقِ وينهبون ما فيه، فبادر بيبرس وقَبَض على بهاء الدين بهادر الصقري وأخذ موجودَه، ووسَّطَه قطعتينِ وعَلَّقه على الطريق، ففَرِحَ أهل تعز بقَتلِه، وكان بهادر قد تغَلَّب على زبيد، وتسَمَّى بالسلطنة، وتلَقَّب بالملك الكامل، وظَلَّ متسَلِّطًا عليها، حتى طرده أهلُها عند قدوم العسكر، وقَدِمَ الشريف عطفة والكوندكي من عند الملك الظاهر صاحب دملوة، وأَخبَرا بأنَّه في طاعة السلطان الناصر ابن قلاوون، وطلب بيبرس من المجاهِدِ ما وَعَد به السلطان، فأجاب بأنه لا قُدرةَ له إلا بما في دملوة فأشهَدَ عليه بيبرس قضاةَ تَعز بذلك، وأنه أذِنَ للعسكر في العود، لخرابِ البلاد وعَجْزِه عمَّا يقومُ به للسُّلطانِ، وأنَّه امتَنَع بقلعة تعز، ورحل العسكَرُ إلى حلي بني يعقوب، فقَدِمَها في تاسع شعبان، ورحلوا منها أوَّلَ رمضان إلى مكَّة، فدخلوها في حادي عشره بعد مشقةٍ زائدة، وساروا من مكَّةَ يوم عيد الفطرِ.

العام الهجري : 512 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1118
تفاصيل الحدث:

هو أميرُ المؤمنين الخليفة العباسي المستظهر بالله أبو العباس أحمد بن المقتدي بأمر الله أبي القاسم عبد الله بن الذخيرة محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر الهاشمي، العباسي، البغدادي. ولد في شوال سنة 470، وأمه أمُّ ولدٍ، واستُخلِف عند وفاة أبيه في تاسع عشر المحرم وله ست عشرة سنة وثلاثة أشهر، وذلك في سنة 487. كان خيِّرًا فاضلًا ذكيًّا بارعًا كريم الأخلاق، ليِّن الجانب، سخيَّ النفس، مؤثرًا للإحسان، حافظًا للقرآن، محبًّا للعلم، منكرًا للظلم، فصيح اللسان، كتب الخط المنسوب, وكانت أيامه ببغداد كأنها الأعياد، وكان راغبًا في البر والخير، مسارعًا إلى ذلك، لا يرُدُّ سائلًا، وكان جميل العشرة لا يُصغي إلى أقوال الوُشاة من الناس، ولا يثق بالمباشرين، وقد ضبط أمور الخلافة جيدًا، وأحكمها وعلمها، وكان لديه علم كثير، وله شِعر حسن. قال ابن النجار: "كان المستظهر موصوفًا بالسخاء والجود، ومحبة العلماء، وأهل الدين، والتفقد للمساكين، مع الفضل والنُّبل والبلاغة، وعلو الهمة، وحسن السيرة، وكان رضي الأفعال، سديد الأقوال". ولما بويع بالخلافة استوزر أبا منصور ابن جهير، وقال له: "الأمور مفوَّضة إليك، والتعويل فيها عليك؛ فدبِّرها بما تراه. فقال: هذا وقتٌ صعب، وقد اجتمعت العساكر ببغداد مع السلطان الذي عندنا، ولا بد من بذل الأموال التي تستدعي إخلاصهم وطاعتهم. فقال له: الخزائن بحُكمك؛ فتصرَّفْ فيها عن غير استنجاز ولا مراجعة ولا محاسبة. فقال: ينبغي كتمان هذه الحال إلى أن يصلح نشرها". توفي المستظهر بالله سحرَ ليلة الخميس سادس عشرين ربيع الآخر؛ مَرِض ثلاثة عشر يومًا من تراقي –دمَّل يطلع في الحلق- ظهر به، وبلغ إحدى وأربعين سنة وستة أيام، وكانت خلافته أربعًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وأحد عشر يومًا، وقد ولي غسله ابن عقيل أبو الوفا الحنبلي، وابن السني، وصلى عليه ولده أبو منصور الفضل، ودفن في حجرة كان يسكنها، ومن غريب الاتفاق أنه لما توفي السلطان ألب أرسلان توفي بعده الخليفة القائم بأمر الله، ولما توفي السلطان ملكشاه توفي بعده الخليفة المقتدي بأمر الله، ولما توفي السلطان محمد توفي بعده الخليفة المستظهر بالله. لما توفي المستظهر بالله بويع ولدُه المسترشد بالله أبو منصور الفضل بن أبي العباس أحمد بن المستظهر بالله، وكان وليَّ عهد أبيه, وقد خُطب له وليًّا للعهد ثلاثًا وعشرين سنة، فبايعه أخواه ابنا المستظهر بالله، وهما أبو عبد الله محمد، وأبو طالب العباس، وعمومته بنو المقتدي بأمر الله، وغيرهم من الأمراء والقضاة والأئمة والأعيان، وكان المتولي لأخذ البيعة القاضي أبو الحسن الدامغاني، وكان نائبًا عن الوزارة فأقرَّه المسترشد بالله عليها.