الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1740 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 1319 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1902
تفاصيل الحدث:

عقَدَت جمعية الاتحاد والترقي مؤتمرًا لها في باريس بعنوان "مؤتمر أحرار العثمانية" استمَرَّ خمسة أيام، جمع فيه المعارضون لنظامِ السلطان عبد الحميد الثاني، واتخذ المؤتمَرُ عِدَّةَ قرارات؛ منها: أن تؤسَّسَ في الإمبراطورية العثمانية إداراتٌ محليةٌ مستقِلَّة على أساس القوميات. وجمعيةُ الاتحاد والترقي نشأت كجمعيَّةٍ سرية باسم (اتحاد عثماني جمعيت) في عام 1889 لمجموعةٍ من طلاب كلية الطب، وهم إبراهيم طمو، عبد الله جودت، إسحاق سكوتي، وحسين زاده علي. ثم أصبحت منظمةً سياسيةً أسَّسها بهاء الدين شاكر بين أعضاء تركيا الفتاة عام 1906م، وأثناء انهيارِ الدولة العثمانية سيطرت الجمعيَّةُ على السُّلطةِ بين عامي 1908 إلى 1918م.

العام الهجري : 1392 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1972
تفاصيل الحدث:

بعدَ أنْ وضَعَت الحربُ الثالثةُ أوزارها بين الدولتينِ: الهند وباكِستان، وفي 17 جُمادى الأولى / 28 حُزيران، بدَأت محادثاتُ القِمة بين الرئيسِ الباكستاني ذي الفقار علي بوتو، ورئيسةِ وُزراء الهندِ أنديرا غاندي في مدينة سيملا الهِنديةِ، وذلك في مُحاولةٍ للتوصُّل إلى تَسوية المشكِلات المعلَّقة والناجمةِ عن حَرْب شوَّال 1391هـ / ديسمبر 1971م، وعن تَقسيمِ باكستانَ، وانفصال الجَناح الشَّرقي، وقِيام دَولة بنغلادش فيه، وتمَّ الاتفاق على: استعادة باكستانَ كلَّ الأقاليمِ التي فقدَتْها في الحرب، باستثناءِ التي تقَعُ في كشمير، انسحاب القُوَّات الهِنْدية إلى مَوقعها قبل الحرْب، إعادة باكستانَ الأراضي التي احتلَّتْها في قِطاع البنجابِ للهند، إعادة التواصُل بين الدولتينِ والتعاوُن الاقتصاديِّ والتِّجاري.

العام الهجري : 1395 العام الميلادي : 1975
تفاصيل الحدث:

كان من مقرَّراتِ اتفاقيةِ الجزائر بين العراقِ وإيران التي كانت عام 1383هـ / 1963م أن يجتمعَ الطرفانِ في طهرانَ في 15 آذار 1975م / 1395هـ وبناءً على ما جاء من إعادة الثقةِ والعمل على حلِّ مسألة الحدودِ فقد قرَّر الطرفانِ عقدَ المعاهدة وعيَّنا مندوبيهما المفوَّضينِ: رئيسَ الوزراء سعدون حمادي، ووزيرَ خارجية العراق، وشاهِنشاه إيران عباس علي خلعتبري، ووزيرَ خارجية إيران، وبعدَ تبادل وثائق التفويض اتفقا على أحكام المعاهدة التي تدورُ حولَ تحديدِ الحدود البرية والنهريةِ، والرقابة على الحدودِ والملاحة والمسائل الداخليَّة والخارجيَّة، وعدم التدخُّلات في الشؤون الداخلية لكل بلدٍ، وضمَّت أيضًا ملحقًا بالمعاهدة يتعلَّق بموضوع الأمن، وغيرها من الموضوعاتِ.

العام الهجري : 1401 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1981
تفاصيل الحدث:

أُقْصِي الرئيس أبو الحسن بني صدر مِن قيادة القواتِ المسلَّحة، وأُغلِقَت جَريدتُه، وقامت المظاهراتُ عليه، فاختَفى عن الأنظارِ، فدَعاه الخُميني للظُّهور وإعلانِ تَوبته، ولكنه لم يَستجِبْ، فصدَرَ أمْرٌ بمنْعِه من السفرِ خارجَ البلاد، وفي 19 شعبان 1401هـ / 21 حزيران 1981م قرَّر المجلِسُ النِّيابي عدَمَ صلاحيتِه لرئاسة الدَّولةِ، وتَشكَّلَ مجلسٌ رئاسيٌّ من ثلاثةِ أعضاء، لكن حدَث انفجارٌ في مقرِّ حِزب الجمهورية قُتِل أحدُ هؤلاء الثلاثةِ، ثم في رمضان / تموز جرَت الانتخاباتُ الرئاسية، وفاز بالرِّئاسةِ محمد علي رجائي الذي كان رئيسَ الحكومة، وتمكَّن أبو الحسن بني صدر من الهرَبِ إلى فرنسا، وأخَذ مِن هناك يُعارِض الحكمَ القائم، وسُمِّيَ بالرئيسِ المؤقَّتِ.

العام الهجري : 1442 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 2020
تفاصيل الحدث:

وُلِدَ حسن محمد زيد عام ١٣٧٣هـ الموافق 1954م في مدينة صنعاء القديمة.
حصل على الماجستير في علومِ التربيةِ كما حصل على دراساتٍ عليا في بريطانيا بليفربول.
عُيِّن "وزير دولة" في حكومةِ خالد بحاح بتاريخ 14 محرم ١٤٣٦هـ الموافق 7 نوفمبر 2014م، وهو من مؤسِّسِي حزب الحق [الشِّيعي]، وكان أمينَه العامَّ، ومن مؤسِّسي تكتُّل أحزاب اللِّقاء المشترك، وتولى رئاسته طَوالَ فترة الحربِ السَّادسةِ على الحوثيِّينَ في صَعدة، وأحد الموقِّعين على المبادَرةِ الخليجيَّة التي أطاحت مع الثَّورةِ الشَّعبيَّة اليمنيَّة بحُكمِ علي عبد الله صالح.
قُتِلَ يوم الثلاثاء عن عمر 66 عامًا، بعد تعرُّضِه لإطلاق نار من قِبَل مُسَلَّحينَ في العاصمةِ اليَمنيَّةِ صَنعاء.

العام الهجري : 1443 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 2022
تفاصيل الحدث:

وُلِد أبو بكرٍ عام 1366هـ بمدينةِ أحور بمحافظةِ أَبْيَن في اليَمَنِ الجَنوبيِّ، ونشأ في كَنَفِ والِدِه علي بنِ أبي بكر، تلقَّى دراستَه الابتدائيَّةَ في مدينَتَي أحور والمحفد، وتلقَّى دراستَه الثَّانويَّةَ في مدينةِ عَدَن. وتخرَّج في جامعةِ عَدَنٍ من كليَّةِ التربيةِ قِسمِ اللُّغةِ العربيَّةِ، والتَحَق بسِلكِ التَّربيةِ والتَّعليمِ، ودرَّس في مدارِسِ أحور وعَدَن بَعدَ تخرُّجِه من الجامعةِ.
كان العَدَنيُّ من دُعاةِ التصَوُّفِ في اليَمَنِ، وهو ينتمي إلى أُسرةِ آل باعَلَوي الحُسَينيَّةِ، أنشأ عددًا من المعاهِدِ التَّربويَّةِ التَّعليميَّةِ في اليَمَنِ، ومراكِزَ للدِّراساتِ والأبحاثِ العِلميَّةِ، وله مُؤَلَّفاتٌ ومنظوماتٌ عديدةٌ.
توفِّي رحمه الله في عمّان الأردن عن عُمرٍ ناهز 77 عامًا.

العام الهجري : 322 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 934
تفاصيل الحدث:

هو سعيدُ بنُ حُسين بن أحمد بن محمَّد بن عبد الله بن عَمْرِو بن ميمون القدَّاح بن دَيصان الأهوازي. قال القاضي عبد الجَبَّار بن أحمد بن عبد الجبار البصري: "اسمُ جَدِّ الخلفاء المصريِّين سعيدٌ، ويلقَّبُ بالمهديِّ". المعروف بالمهديِّ أبو محمَّد عبيدالله، مؤسِّسُ الدولة الفاطمية العُبيدية الباطنيَّة في إفريقيا، كان أبوه يهوديًّا حدَّادًا بسَلَمية. زعم سعيدٌ هذا أنَّه ابنُ الحُسين بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن ميمون القدَّاح. وقال بعض دُعاة العُبَيديين: "إنَّ سعيدًا إنما هو ابنُ امرأة الحُسين بن محمد. وإنَّ الحُسين ربَّاه وعلَّمه أسرار الدَّعوة، وزوَّجه ببنت أبي الشَّلَغْلَغ فجاءه ابن سمَّاه عبد الرحمن، فلمَّا دخل المغرب وأخذ سِجِلماسة تسمَّى بعُبَيد الله وتكنى بأبي محمد، وسمَّى ابنَه الحسن". كانت طائفةٌ من أتباعه تزعُمُ أنَّه الخالق الرَّازق، وطائفةٌ تزعم أنَّه نبيٌّ، وطائفة تزعم أنَّه المهدي حقيقة. قال القاضي أبو بكر ابن الباقلَّانيِّ: "إنَّ القدَّاح جدُّ عُبَيد الله كان مجوسيًّا, ودخل عُبَيد الله المغرب، وادَّعى أنَّه علويٌّ، ولم يعرفْه أحد من علماء النَّسَب، وكان باطنيًّا خبيثًا، حريصًا على إزالة مِلَّة الإسلام. أعدَمَ العُلَماء والفقهاء ليتمكَّنَ مِن إغواء الخلْق. وجاء أولادُه على أُسلوبه. أباحوا الخُمور والفُرُوج، وأشاعوا الرَّفْضَ، وبثُّوا دُعاةً فأفسدوا عقائِدَ خلقٍ من جبالِ الشَّام كالنُّصَيْريَّة والدَّرزيَّة. وكان القدَّاح كاذبًا مُمَخْرقًا. وهو أصلُ دُعاة القرامطة. وجدُّ القدَّاح هو دَيصَان أحدُ الثَّنَويَّة. وعُبَيد الله المهدي صاحب القيروان، وجدُّ بني عُبَيدٍ الذينَ تُسَمِّيهم جَهَلَةُ النَّاسِ الخُلَفاء الفاطميِّين". قال الذهبي: "وأهلُ العلم بالأنسابِ المحقِّقينَ يُنكِرونَ دعواه في النَّسبِ لفاطمةَ رضي الله عنها، ويقولون: اسمُه سعيدٌ، ولَقَبه عُبَيدُ الله، وزوج أمِّه الحُسين بنُ أحمد القدّاح. وكان كحَّالًا يقدحُ العينَ". لَمَّا مات عُبيد الله بالمهديَّة أخفى ولدُه أبو القاسم القائِمُ مَوتَه سنةً؛ لتدبيرٍ كان له، وكان يخافُ أن يختَلِفَ النَّاسُ عليه إذا عَلِموا بموته، وكان عمرُ المهديِّ لمَّا توفِّيَ ثلاثًا وستِّينَ سنة، وكانت ولايتُه منذ دخل رقاده ودُعِيَ له بالإمامة إلى أن توفِّيَ أربعًا وعشرينَ سنة وشهرًا وعشرين يومًا، ولمَّا توفِّيَ مَلَك بعدَه ابنُه أبو القاسم محمَّد القائم، وكان أبوه قد عَهِدَ إليه، ولَمَّا أظهرَ وفاة والده كان قد تمكَّنَ وفرغ من جميعِ ما أراده، واتَّبَع سُنَّة أبيه، وثار عليه جماعةٌ، فتمكَّنَ منهم. وكان من أشدِّهم رجلٌ يقال له ابنُ طالوت القرشيُّ، في ناحية طرابلس، ويزعُمُ أنَّه ولد المهديِّ، وزحف بمن معه على مدينة طرابلس، فقاتَلَه أهلها، ثم تبيَّنَ للبربر كَذِبُه، فقتلوه وحملوا رأسَه إلى القائمِ.

العام الهجري : 463 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1071
تفاصيل الحدث:

في هذه السَّنَةِ خَرجَ أرمانوس مَلِكُ الرُّومِ في مائتي ألفٍ من الرُّومِ، والفِرنجِ، والغَربِ، والرُّوسِ، والبجناك، والكرج، وغَيرِهم، من طوائفِ تلك البِلادِ، فجاءوا في تَجَمُّلٍ كَثيرٍ، وزِيٍّ عَظيمٍ، وقَصدَ بِلادَ الإسلامِ، فوَصلَ إلى ملازكرد من أَعمالِ خلاط. فبَلغَ السُّلطانَ ألب أرسلان الخَبرُ. وهو بمَدينةِ خوي من أذربيجان، قد عاد من حَلَب. وسَمِعَ بكَثرَةِ الجُموعِ التي  مع مَلِكِ الرُّومِ، فلم يَتَمَكَّن من جَمْعِ العَساكرِ لبُعدِها وقُرْبِ العَدُوِّ، فسَيَّرَ الأَثقالَ مع زَوجتِه ونِظامِ المُلْكِ إلى همذان، وسار هو فيمن عنده من العَساكرِ، وهُم خَمسة عشر ألف فارس. وَجَدَّ في السَّيْرِ وقال لهم: إنَّني أُقاتِلُ مُحتَسِبًا صابرًا، فإن سَلِمْتُ فنِعمةٌ مِن الله تعالى، وإن كانت الشهادةُ فإنَّ ابني ملكشاه وَلِيُّ عَهْدِي. وساروا فلمَّا قارَبَ العَدُوَّ جَعلَ له مُقدِّمةً، فصادَفَت مُقدِّمَتُه، عند خلاط، مُقدِّمَ الرُّوسِيَّة في نَحوِ عشرة آلاف من الرُّومِ، فاقتَتَلوا، فانهَزمَت الرُّوسِيَّةُ، وأَسَرَ مُقدِّمَهم، وحُمِلَ إلى السُّلطانِ، فجَدَعَ أَنْفَهُ، وأَنْفَذَ بالسَّلَبِ إلى نِظامِ المُلْكِ، وأَمرَهُ أن يُرسِلَهُ إلى بغداد، فلمَّا تَقارَب العَسكرانِ أَرسلَ السُّلطانُ إلى مَلِكِ الرُّومِ يَطلُب منه المُهادَنة، فقال: لا هُدْنَةَ إلَّا بالرَّيِّ. فانزَعجَ السُّلطانُ لذلك، فقال له إِمامُه وفَقِيهُه أبو نصرٍ محمدُ بن عبدِ المَلِكِ البُخاريُّ، الحَنَفيُّ: إنَّك تُقاتِل عن دِينٍ وَعَدَ الله بِنَصْرِهِ وإِظهارِهِ على سائرِ الأديانِ، وأَرجو أن يكون الله تعالى قد كَتبَ باسمِك هذا الفَتحَ، فالْقِهِم يومَ الجُمعةِ، بعدَ الزَّوالِ، في الساعةِ التي تكون الخُطباءُ على المنابرِ، فإنَّهم يَدعُون للمُجاهِدين بالنَّصرِ، والدُّعاءُ مَقرونٌ بالإجابةِ. فلمَّا كانت تلك الساعةُ صلَّى بهم، وبَكَى السُّلطانُ، فبَكَى الناسُ لِبُكائِه، وَدَعا ودَعَوا معه وقال لهم: مَن أَرادَ الانصرافَ فليَنصَرِف، فما هاهنا سُلطانٌ يأمرُ ويَنهى، وأَلقَى القَوْسَ والنِّشابَ، وأَخذَ السَّيفَ والدَّبُّوسَ – الدَّبُّوس آلة من آلاتِ الحَربِ تُشبِه الإِبْرَة-، وعَقَدَ ذَنَبَ فَرَسِه بِيَدِه، وفَعلَ عَسكرُه مِثلَه، ولَبِسَ البَياضَ وتَحَنَّطَ، وقال: إن قُتِلتُ فهذا كَفَني. وزَحَفَ إلى الرُّومِ وزَحَفوا إليه، فلمَّا قارَبَهم نَزلَ السُّلطانُ عن فَرَسِه وسَجَدَ لله عزَّ وجلَّ، ومَرَّغَ وَجهَه في التُّرابِ وَدَعا الله واستَنصَرَهُ، فأَنزلَ الله نَصرَهُ على المُسلمينَ، ومَنَحَهم أَكتافَهم فقَتَلوا منهم خَلْقًا كَثيرًا، وأُسِرَ مَلِكُهم أرمانوس، أَسَرَهُ غُلامٌ رُومِيٌّ، فلمَّا أُوقِفَ بين يدي المَلِكِ ألب أرسلان ضَرَبَهُ بِيَدِه ثلاثَ مَقارِع وقال: لو كنتُ أنا الأَسيرَ بين يَديكَ ما كنتَ تفعل؟ قال: كلَّ قَبيحٍ. قال: فما ظَنُّكَ بي؟ فقال: إمَّا أن تقتل تَقتُلَني وتُشْهِرَني في بِلادِك، وإمَّا أن تَعفُو وتَأخُذ الفِداءَ وتُعيدَني. قال: ما عَزمتُ على غَيرِ العَفوِ والفِداءِ. فافتَدَى نَفسَه منه بألف ألف دِينارٍ وخمسمائة ألف دينار، فلما انتهى إلى بِلادِه وَجدَ الرُّومَ قد مَلَّكوا عليهم غَيرَه، فأَرسلَ إلى السُّلطانِ يَعتَذِر إليه، وبَعثَ من الذَّهبِ والجَواهِر ما يُقارِب ثلاثمائة ألف دينار، وتَزَهَّدَ ولَبِسَ الصُّوفَ ثم استغاث بملك الأرمن فأَخذَه وكحله وأَرسلَه إلى السُّلطانِ يَتَقَرَّبُ إليه بذلك.

العام الهجري : 483 العام الميلادي : 1090
تفاصيل الحدث:

جازَ يوسفُ بن تاشفين ثانِيةً وتَثاقَلَ أُمراءُ الطَّوائفِ عن لِقائِه لِمَا أَحَسُّوا مِن نَكيرِه عليهم أَخذَهُم المُكوسَ، فوَجَدَ عليهم، وعَهِدَ بِرَفعِ المُكوسِ وتَحرِّى العَدل، فلمَّا أَجازَ انقَبَضوا عنه إلا ابنَ عبَّادٍ فإنه بادَرَ إلى لِقائِه, وتَوافَقَ مُلوكُ الطَّوائفِ على قَطْعِ المَدَدِ عن عَساكرِه ومحلاتِه فساءَ نَظرُه، قال ابنُ خَلدون: "وأَفتاهُ الفُقهاءُ وأَهلُ الشُّورَى من المَغرِب والأَندَلُس بخَلعِهم وانتِزاعِ الأَمرِ من أَيدِيهم، وصارَت إليه بذلك فَتاوَى أَهلِ الشرقِ الأَعلامِ مثل: الغَزَالي والطَّرطوشي"، فاتَّجَهَ إلى غرناطة واستَنزَل صاحِبَها عُبيدَ الله بن بلكّين بن باديس وَأخاهُ تَميمًا من مالقة بعدَ أن كان منهما مُداخلةُ الطَّاغِيَة ألفونسو في عَداوَةِ يوسف بن تاشفين، وبَعَثَ بهما إلى المَغرِب فخافَ ابنُ عبَّادٍ عند ذلك منه وانقَبَضَ عن لِقائِه وفَشَت السِّعاياتُ بينهما. ونَهَضَ يُوسفُ بن تاشفين إلى سَبتَة فاستَقرَّ بها، وعَقَدَ للأَميرِ سير بن أبي بكر بن محمد وركوت على الأَندلسِ وأَجازَهُ فقَدِمَ عليها، وقَعَدَ ابنُ عبَّادٍ عن تَلَقِّيهِ ومَبَرَّتِه فأَحفَظَهُ ذلك، وطالَبَهُ بالطَّاعَةِ للأَميرِ يوسف والنُّزولِ عن الأَمرِ، ففَسَدَ ذاتُ بينِهما، وغَلَبَهُ على جَميعِ عَمَلِه. واستَنزَلَ أَولادَ المأَمونِ من قُرطبة، ويَزيدَ الرائضَ من رندة وقرمونة، واستَولَى على جَميعِها وقَتَلَهم. وصَمَدَ إلى إشبيليّة فحاصَرَ المُعتَمِد بها وضَيَّقَ عليه، واستَنجَدَ الطاغِيَة فعَمَدَ الى استِنقاذِه من هذا الحِصارِ، فلم يُغنِ عنه شَيئًا، وكان دِفاعُ لمَتونَة ممَّا فَتَّ في عَضُدِه، ودَخلَ المُرابِطون قُرطبة سَنةَ 484هـ, واقتَحمَ والمُرابِطون إشبيليّة عليه عُنوةً سَنةَ 484هـ وتقبّض وقَبَضَ على المُعتَمِد وقادَهُ أَسيرًا إلى مَراكش، فلم يَزَل في اعتِقالِ يوسف بن تاشفين إلى أن هَلَكَ في مَحبَسِه بأغمات سَنةَ 490هـ، ثم عَمَدَ إلى بطليوس وتقبّض وقَبَضَ على صاحبها عُمرَ بنَ الأَفطَس فقَتَلَه وابنَيْهِ يومَ الأضحى سَنةَ 489هـ بما صَحَّ عنده مِن مُداخَلَتِهم الطاغية، وأن يُمَلِّكوهُ مَدينةَ بطليوس، ثم أجازَ يوسفُ بن تاشفين الجوازَ الثالثَ سَنةَ 490هـ وزَحَفَ إليه الطاغية فبَعثَ عَساكرَ المُرابِطين لنظر محمد بن الحاج فانهَزمَ النَّصارَى أَمامَه، وكان الظهورُ للمُسلِمين. ثم أَجازَ الأَميرُ يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن تاشفين سَنةَ 493هـ، وانضَمَّ إليه محمدُ بن الحاج، وسيرُ بنُ أبي بكر، واقتَحَموا عامَّةَ الأندلسِ من أَيدِي مُلوكِ الطَّوائفِ، ولم يَبقَ منها إلا سرقسطة في يَدِ المُستَعينِ بن هود الذى كان قد أَبلَى بَلاءً حَسَنًا في جِهادِ النَّصارَى جَعلَت ابنُ تاشفين يُبقِيه في مُلكِه، وصار سَدًّا مَنيعًا في حِمايَةِ الثُّغورِ الشماليَّةِ من هَجَماتِ النَّصارَى, قال الذهبيُّ: "سالَمَ المُستَعِينُ بالله ابنُ هود صاحِبُ شَرقِ الأندلسِ ابنَ تاشفين، وكان يَبعَثُ إليه بالتُّحَفِ. وكان هو وأَجنادُه ممَّن يُضرَب بهم المَثَلُ في الشَّجاعَةِ، فلمَّا احتَضَر يوسفُ بن تاشفين أَوْصَى وَلَدَهُ عَلِيًّا بِبَنِي هود، وقال: اترُكهُم بينَك وبين العَدُوِّ، فإنَّهم شُجعانٌ" وغَزَا الأَميرُ مزدلي صاحِبُ بلنسية إلى بَلدِ برشلونة فأَثخَنَ بها وبَلَغَ إلى حيث لم يَبلُغ أَحدٌ قَبلَهُ، ورَجَعَ.

العام الهجري : 543 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1148
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ العلَّامةُ الحافِظُ القاضي: أبو بكر مُحمَّدُ بنُ عبد اللهِ بنِ مُحمَّد المعافري ابنُ العربيِّ الإشبيليُّ الأندلسيُّ المالكيُّ، صاحِبُ التَّصانيفِ, الحافِظُ المشهورُ مِن عُلَماءِ الأندلس، وُلِدَ ونشأ وتعلَّمَ بإشبيليَّة, كانت ولادتُه سنة 468, ثمَّ لَمَّا استولى المرابطونَ عليها رحل مع أبيه إلى المَشرِق, ثمَّ رجع إلى الأندلُسِ بعد أن دَفَنَ أباه في رِحلتِه إلى المشرق, ثم عاد مِن قُرطبةَ إلى مراكش وسُجِنَ فيها, ولَمَّا أُطلِقَ سَراحُه عاد إلى الأندلُسِ مَرَّةً أخرى. صَنَّفَ ابنُ العربيِّ وجَمَع، وبرَع في فُنونِ العِلمِ، وكان فصيحًا بليغًا خَطيبًا, واشتهر اسمُه، وكان رئيسًا مُحتَشِمًا وافِرَ الأموالِ، بحيث أنشأَ على إشبيليَّةَ سُورًا مِن ماله الخاصِّ، وهو أوَّلُ مَن أدخل بالأندلُسِ إسنادًا عاليًا، وعِلمًا جَمًّا, وكان ثاقِبَ الذِّهنِ، عَذْبَ المَنطِقِ، كريمَ الشمائلِ، كامِلَ السُّؤددِ، ولِيَ قَضاءَ إشبيليَّةَ، فحُمِدَت سياستُه، وكان ذا شِدَّةٍ وسَطوةٍ، فعُزِلَ وأقبَلَ على نَشرِ العِلمِ وتدوينِه, ذكَرَه ابنُ بشكوال فقال: "هو الحافِظُ المُستَبحِر، خِتامُ عُلَماءِ الأندلُسِ، وآخِرُ أئمَّتِها وحُفَّاظها، لَقِيتُه بمدينةِ إشبيليَّةَ ضَحوةَ يوم الاثنين لِلَيلتَينِ خَلَتا من جمادى الآخرة سنة 516 فأخبَرَني أنَّه رحل إلى المشرق مع أبيه يومَ الأحد مُستهَلَّ شَهرِ ربيع الأول سنة 485 وأنَّه دخل الشَّامَ ولَقِيَ بها أبا بكر مُحَمَّدَ بنَ الوليد الطرطوشي، وتفَقَّه عنده، ودخل بغدادَ وسمِعَ بها مِن جماعةٍ مِن أعيانِ مَشايخِها، ثمَّ دخَلَ الحِجازَ فحَجَّ في موسمٍ سنة 489، ثمَّ عاد إلى بغدادَ وصَحِبَ بها أبا بكرٍ الشاشيَّ وأبا حامدٍ الغزالي وغيرَهما مِن العُلَماءِ والأُدَباء، ثمَّ صَدَرَ عنهم، ولَقِيَ بمصر والإسكندريَّةٍ جماعةً مِن المحدِّثينَ فكَتَبَ عنهم واستفاد منهم وأفادهم، ثمَّ عاد إلى الأندلس سنة 493، وقَدِمَ إلى إشبيليَّةَ بعِلمٍ كَثيرٍ لم يُدخِلْه أحدٌ قبلَه مِمَّن كانت له رِحلةٌ إلى المشرق. وكان مِن أهلِ التفَنُّنِ في العلومِ والاستبحارِ فيها والجَمعِ لها، مُقَدَّمًا في المعارِفِ كُلِّها، مُتكَلِّمًا في أنواعِها، نافِذًا في جميعِها، حريصًا على أدائها ونَشرِها، ثاقِبَ الذِّهنِ في تمييزِ الصَّوابِ منها، ويجمَعُ إلى ذلك كُلِّه آدابَ الأخلاقِ مع حُسنِ المعاشرةِ ولِينِ الكَنَفِ وكثرةِ الاحتمالِ، وكَرَمِ النَّفسِ وحُسنِ العَهدِ وثَباتِ الوُدِّ. واستُقضِيَ ببلدةٍ فنَفَعَ اللهُ به أهلَها لصرامتِه وشِدَّتِه ونفوذِ أحكامِه، وكانت له في الظَّالِميَن سَوْرة مرهوبة، ثمَّ صُرِفَ عن القضاء، وأقبَلَ على نَشرِ العِلمِ وبَثِّه". قال الذهبي: "كان أبوه أبو مُحمَّدٍ مِن كِبار أصحابِ أبي محمَّد بن حزم الظاهريِّ بخلاف ابنِه القاضي أبي بكر؛ فإنَّه مُنافِرٌ لابنِ حَزمٍ، مُحِطٌّ عليه بنَفسٍ ثائرةٍ" ولابن العربي تصانيفُ عديدةٌ، منها، القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، وله أحكامُ القُرآنِ، والنَّاسِخُ والمنسوخ في القرآن، والمحصول في عِلْم الأصول، وله عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي، وغَيرُها من الكتب. توفِّيَ في طريقه في المغيلة بالقُربِ مِن فاس عند رجوعِه مِن مراكش، ونُقِلَ إلى فاس، ودُفِنَ بمقبرة الجيَّاني.

العام الهجري : 616 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1220
تفاصيل الحدث:

لما نشب القتالُ مع المغول أمر خوارزم شاه بتحصين بخارى وسمرقند, ثم قفل ليجمع العساكِرَ من الأنحاء لقتال المغول، فلما فرغ من ذلك رحل عائدًا إلى خراسان، فعبر جيحون، ونزل بالقرب من بلخ فعسكر هناك، وأمَّا الكُفَّار فإنهم رحلوا بعد أن استعدوا يطلبون ما وراء النهر، فوصلوا إلى بخارى بعد خمسة أشهر من وصول خوارزم شاه، وحصروها، وقاتلوها ثلاثة أيام قتالًا شديدًا متتابعًا، فلم يكن للعسكر الخوارزمي بهم قوة، ففارقوا البلد عائدين إلى خراسان، فلما أصبح أهلُ البلد وليس عندهم من العسكر أحد ضَعُفَت نفوسهم، فأرسلوا القاضي، وهو بدر الدين قاضي خان، ليطلب الأمانَ للناس، فأعطَوهم الأمان، وكان قد بقي من العسكر طائفةٌ لم يمكِنْهم الهرب مع أصحابهم، فاعتصَموا بالقلعة، فلما أجابهم جنكيزخان إلى الأمان فُتِحَت أبواب المدينة يوم الثلاثاء رابع ذي الحجة، فدخل الكفَّار بخارى، ولم يتعرضوا لأحدٍ بل قالوا لهم: كل ما هو للسلطان عندكم من ذخيرة وغيره أخرِجوه إلينا، وساعِدونا على قتال مَن بالقلعة؛ وأظهروا عندهم العَدلَ وحسن السيرة، ودخل جنكيزخان بنفسِه وأحاط بالقلعة، ونادى في البلدِ بأن لا يتخلف أحدٌ ومن تخلَّف قتل، فحضروا جميعُهم، فأمرهم بطم الخندق، فطمُّوه بالأخشاب والتراب وغير ذلك، حتى إن الكفار كانوا يأخذونَ المنابر وربعات القرآن فيلقونهم في الخندقِ- فإنا لله وإنا إليه راجعون- وبحَقٍّ سمَّى الله نفسَه صبورًا حليمًا، وإلا كان خسف بهم الأرض عند فِعل ِمثل هذا، ثم تابعوا الزحف إلى القلعة وبها نحو أربعمائة فارس من المسلمين، فبذلوا جهدهم، ومنعوا القلعة اثني عشر يومًا يقاتلون جميع الكفار وأهل البلد، فقتل بعضهم، ولم يزالوا كذلك حتى زحفوا إليهم، ووصل النقَّابون إلى سور القلعة فنَقَبوه، واشتد حينئذ القتال، ومن بها من المسلمين يرمونَ ما يجدون من حجارة ونار وسهام، فغَضِبَ اللعين، ورد أصحابَه ذلك اليوم، وباكرهم من الغد، فجَدُّوا في القتال، وقد تعب مَن بالقلعة ونصبوا، وجاءهم ما لا قِبَل لهم به، فقهرهم الكفار ودخلوا القلعة، وقاتلهم المسلمون الذين فيها حتى قُتِلوا عن آخرهم، فلما فرغ من القلعة نادى أن يُكتَبَ له وجوه الناس ورؤساؤهم، ففعلوا ذلك، فلما عرضوا عليه أمَرَ بإحضارهم فحضروا، فقال: أريد منكم النقرةَ -قطع مذابةٌ من الذَّهب أَو الفِضَّة- التي باعكم خوارزم شاه، فإنَّها لي، ومن أصحابي أُخِذَت، وهي عندكم، فأحضر كل من كان عنده شيء منها بين يديه، ثم أمرهم بالخروج من البلد، فخرجوا من البلد مجردين من أموالهم، ليس مع أحد منه غير ثيابه التي عليه، ودخل الكفار البلد فنهبوه وقتلوا من وجدوا فيه، وأحاط بالمسلمين، فأمر أصحابه أن يقتَسِموهم، فاقتَسَموهم، وكان يومًا عظيمًا من كثرة البكاءِ مِن الرجال والنساء والولدان، وتفَرَّقوا وتمزقوا كل ممزق، واقتسموا النساء أيضًا، وأصبحت بخارى خاويةً على عروشها كأنْ لم تغنَ بالأمس، وارتكبوا من النساء العظيم، والناس ينظرون ويبكون، ولا يستطيعون أن يدفعوا عن أنفسِهم شيئًا مما نزل بهم، فمنهم من لم يرضَ بذلك، واختار الموت على ذلك فقاتل حتى قُتِل، ومن استسلم أخذ أسيرًا، وألقوا النار في البلد، والمدارس، والمساجد، وعذبوا الناس بأنواع العذاب في طلب المالِ.

العام الهجري : 648 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1250
تفاصيل الحدث:

عِزُّ الدين أيبك الجاشنكير التركماني الصالحي تركي الأصلِ والجنس، انتقل إلى مِلكِ السلطان المَلِك الصالحِ نجم ِالدين أيوب من بعض أولاد التركماني، فعُرِفَ بين المماليك البحريَّة بأيبك التركماني، وترقى عنده في الخَدَم، حتى صار أحدَ الأمراء الصالحية، وعَمَلُه جاشنكيرا - متذوّق الطعام السُّلطان- وهو من أخَصِّ موظفي القصر السلطاني إلى أن مات الملك الصالح، وبعد قَتْلِ ابنه توران شاه توَلَّت شجرة الدر السلطنة ومعها عزُّ الدين أيبك، ولما وصل الخبَرُ بذلك بغداد، بعث الخليفةُ المستعصم بالله من بغداد كتابًا إلى مصر، وهو ينكِرُ على الأمراء ويقولُ لهم: إن كانت الرجالُ قد عَدِمَت عندكم، فأعلِمونا حتى نسَيِّرَ إليكم رجلًا، واتفق ورودُ الخبر باستيلاء الملك الناصِرِ على دمشق، فاجتمع الأمراءُ والبحريَّة للمشورة، واتَّفَقوا على إقامة الأمير عزِّ الدين أيبك مُقَدَّم العسكر في السلطنة، ولَقَّبوه بالملك المعز وكان مشهورًا بينهم بدينٍ وكَرَمٍ وجَودةِ رأي، فأركبوه في يومِ السبت آخر شهر ربيع الآخر، وحمل الأمراءُ بين يديه الغاشية –غطاءً للسرج من جلد مخروز بالذهب يُحمَل أمام السلطان- نوبًا واحدًا بعد آخَرَ إلى قلعة الجبل، وجلَسُوا معه على السماط، ونودي بالزينةِ فزُيِّنَت القاهرة ومصر، فورد الخبَرُ في يوم الأحد تاليه تسليم الملك المغيث عمر الكرك والشوبك، وبتسلُّم الملك السعيد قلعة الصبيبة، فلما كان بعد ذلك تجمَّع الأمراء، وقالوا: لا بد من إقامة شخصٍ مِن بيت الملك مع المعِزِّ أيبك ليجتَمِعَ الكل على طاعتِه ويطيعه الملوكُ مِن أهله، فاتفقوا على إقامة المَلِك شرف مظفر الدين موسى بن الملك المسعودِ- ويقال له الناصر صلاح الدين- يوسف بن الملك المسعود يوسف - المعروف باسم القسيس - بن الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب، وله من العمر نحو ستُّ سنين، شريكًا للمَلِك المعز أيبك، وأن يقوم المَلِك المعز بتدير الدولة، فأقاموه سلطانًا في ثالث جمادى الأولى، وجلس على السماط وحضر الأمراء، فكانت المراسيمُ والمناشير تخرج عن الملكين الأشرف والمعز، إلا أن الأشرف ليس له سوى الاسم في الشركة لا غير ذلك، وجميعُ الأمور بيد المعز أيبك، فلما ورد الخبَرُ بذلك نودي في القاهرة ومصر أن البلادَ للخليفةِ المستعصم بالله العباسي، وأن المَلِكَ المعز عز الدين أيبك نائبُه بها، وذلك في يوم الأحد سادسه، ووقع الحثُّ في يوم الاثنين على خروج العساكِر، وجُدِّدَت الأيمان للمَلِك الأشرف موسى والملك المعز أيبك، وأن يبرز اسمُهما على التواقيع والمراسيم، ويُنقَش اسمُهما على السكة، ويُخطَب لهما على المنابر، وكانت شجرةُ الدر قد تزوجت الأمير عز الدين أيبك، في تاسع عشر شهر ربيع الآخر، وخَلَعَت شجرة الدر نفسَها من مملكة مصرَ، ونزلت له عن المُلْك، فكانت مُدَّة دولتِها ثمانين يومًا.

العام الهجري : 652 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1254
تفاصيل الحدث:

هو الأميرُ الكبير فارس الدين التركي، أقطاي بن عبد الله الجمدار- حامل ملابس السلطان- الصالحي، النَّجمي، من كبار مماليك المَلِك الصالح نجم الدين أيوب. كان شجاعًا جَوادًا كريمًا مهابًا، وهابًا. ذكر شمس الدين الجزري في " تاريخه ": "أنه كان مملوكًا للزكي إبراهيم الجزري المعروف بالجبيلي، اشتراه بدمشق ورباه، ثم باعه بألف دينار، فلما صار أميرًا وأقطعوه الإسكندرية طَلَبَ من الملك الناصر إطلاقَ أستاذه المذكور، وكان محبوسًا بحمص، فأطلقه وأرسَلَه إليه، فبالغ في إكرامِه، وخلع عليه، وبعثَه إلى الإسكندرية، وأعطاه ألفي دينار. قلت(الذهبي): وكان طائشًا عاملًا على السلطنة، وانضاف إليه البحرية كالرشيدي وركن الدين بيبرس البندقداري الذي صار سلطانًا, وسار مرَّتين إلى الصعيد فظلم وعسَفَ وقتَلَ وتجَبَّرَ، وكان يركَبُ في دست يضاهي دست السَّلطنة ولا يلتفت على المَلِك المعز أيبك ولا يعده، بل يدخل إلى الخزائنِ ويأخُذُ ما أراد. ثمَّ إنه تزوج بابنة صاحب حماة، وبُعِثَت العروس في تجمُّل زائد، فطَلَب فارسُ الدين أقطاي القلعةَ من الملك المعز ليسكُنَ فيها وصَمَّم على ذلك، فقالت أم خليل شجرة الدر لزوجها المعِزِّ: هذا ما يجيءُ منه خير. فتعاملا على قَتلِه". فلما استفحل أمرُ الأمير الفارس أقطاي الجمدار وانحازت إليه البحريَّة، بحيث إذا ركب أقطاي من دارِه إلى القلعة شَغَل بين يديه جماعةً بأمره، ولا يُنكر هو ذلك منهم فكانوا يأخذون أموالَ الناس ونساءَهم وأولادَهم بأيديهم، فلا يقدِرُ أحدٌ على منعهم، وكانوا يدخُلونَ الحَمَّامات ويأخذون النِّساءَ منها غصبًا، وكَثُرَ ضَرَرُهم كثيرا، هذا والمعِزُّ يحَصِّل الأموال، وقد ثَقُل عليه أقطاي، فواعد طائفةً مِن مماليكه على قَتلِه، وبعث المعِزُّ إليه وقت القائلةِ مِن يوم الأربعاء ثالث شعبان، ليحضُرَ إليه بقلعة الجبل في مشورةٍ يأخذ رأيَه فيها، فركب أقطاي على غيرِ أُهبة ولا اكتراث، فعندما دخل من باب القلعة، وصار في القاعة أُغلِقَ باب القلعة، ومُنِعَ مماليكُه من العبور معه، فخرج عليه جماعةٌ بالدهليز قد أعدوا لقَتلِه وهم قطز وبهادر وسنجر الغنمي، فهبروه بالسُّيوفِ حتى مات، فوقع الصريخُ في القلعة والقاهرة بقَتلِه، فركب في الحالِ مِن أصحابه نحوُ السبعمائة فارس ووقفوا تحت القلعةِ، وفي ظنهم أنَّه لم يُقتَل وإنما قُبِضَ عليه، وأنهم يأخذونَه من المعِزِّ، وكان أعيانُهم بيبرس البندقداري، وقلاوون الألفي، وسنقر الأشقر، وبيسرى، وسكز، وبرامق، فلم يشعروا إلا ورأسُ أقطاي قد رمى به المعزُّ إليهم، فسُقِطَ في أيديهم وتفَرَّقوا بأجمعهم، وخرجوا في الليلِ مِن القاهرة وحَرَقوا باب القراطين، فعرف بعد ذلك بالباب المحروقِ، فمنهم من قصد المَلِكَ المغيث بالكرك، ومنهم من سار إلى الملك الناصِر بدمشق، ومنهم من أقام ببلاد الغورِ والبلقاء والكرك والشوبك والقدس، يقطَعُ الطريق ويأكل بقائِمِ سَيفِه. وهو غيرُ الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب نائب السلطنة بالشام.

العام الهجري : 795 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1393
تفاصيل الحدث:

في التاسع عشر من شوال قَدِمَ رسول الملك الظاهر مَجْد الدين عيسى صاحب ماردين بأن تَيْمورلنك أخذ تبريز، وبعث إليه يستدعيه إلى عنده بها، فاعتذر بمشاورة سلطان مصر، فلم يقبل منه، وقال: ليس لصاحب مصر عليك حكم، ولأسلافك دهر بهذا الإقليم، وأرسل إليه خِلعةً وصكة ينقُشُ بها الذهبَ والدنانير، ثم قدم رسول صاحب بسطام بأن تيمور قتل شاه منصور متملك أصفهان، وبعث برأسه إلى بغداد، وبعث بالخلعة والصكة إلى السلطان أحمد بن أويس متملك بغداد، فلبس الخِلعة وضرب الصكة، ثم إن تيمور مَلَكَ بغداد في يوم السبت الحادي والعشرين منه؛ وذلك أنَّ ابن أويس كان قد أسرف في قتل أمراء دولته، وبالغ في ظلم رعيته، وانهمك في الفجور؛ فكاتب أهلُ بغداد تيمور بعد استيلائه على تبريز يحثُّونه على المسير إليهم، فتوجه إليها بعساكره حتى بلغ الدربند، وهو عن بغداد مسيرة يومين، فبعث إليه ابن أويس بالشيخ نور الدين الخراساني، فأكرمه تيمور وقال: أنا أترك بغداد لأجلك, ورحل يريد السلطانية، فبعث الشيخ نور الدين كتُبَه بالبشارة إلى بغداد، وقَدِمَ في إثرها، وكان تيمور قد سار يريد بغداد من طريق آخر، فلم يشعر ابن أويس -وقد اطمأن- إلا تيمور قد نزل غربي بغداد، قبل أن يَصِلَ إليها الشيخ نور الدين، فدهش عند ذلك ابن أويس وأمر بقطع الجسر، ورحل بأمواله وأولاده وقت السَّحَر من ليلة السبت، وترك البلاد، فدخلها تيمور، وأرسل ابنه في إثر ابن أويس، فأدركه بالحلة، ونهب ماله، وسبى حريمه، وقتل وأسر كثيرًا ممن معه، ونجا ابن أويس في طائفةٍ وهم عراة، فقصد حلب وتلاحق به من تبقى من أصحابه، وأمَّا تيمور فإنه لما مَلَك بغداد صادر أهلها ثلاثَ مرات؛ في كل مرة منهم ألف تومان، وخمسمائة تومان، وكل تومان مبلغ ثلاثين ألف دينار عراقي، والدينار العراقي بقدر درهم مصر الفضة، حتى أفقرهم كلهم، وكان جملة ما أخذ منهم نحو مائة ألف ألف وخمسة وثلاثين ألف ألف درهم، بعد أن تنوَّع في عقوبتهم، وسقاهم المِلحَ والماء، وشواهم على النار، ولم يُبقِ لهم ما يستر عوراتهم، وصاروا يخرجون فيلتقطون الخِرَق من الطرقات حتى تُستَرَ عوراتهم وتُغطى رؤوسهم، ثم إنه بعث ابنه إلى الحلَّة، فوضع في أهلها السيف يومًا وليلة، وأضرم فيها النار حتى احترقت، وفني معظم أهلها ويقال: إنه قتل في العقوبة من أهل بغداد ثلاثة آلاف نفس، وبعث تيمور من بغداد العساكر إلى البصرة، فلَقِيَهم صاحبها الأمير صالح بن جولان، وحاربهم وأسر ابن تيمور، وقتل منهم خلقًا كثيرًا، فبعث إليه عسكرًا آخر في دجلة، فظفر بهم ابن جولان أيضًا، وفي التاسع عشر ذي الحجة أمر السلطان في القاهرة ومصر بتجهيز الناس للسفر لقتال تيمورلنك.

العام الهجري : 859 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1455
تفاصيل الحدث:

في يوم الاثنين التاسع والعشرين صفر من هذه السنة استقرَّ شمس الدين نصر الله بن النجار ناظر الدولة وزيرًا عِوَضًا عن سعد الدين فرج بن النحال بحكم عزلِه، وكان قد طرأ على أمر الوزارة من الضعفِ ما جعل ابن تغري بردي يقول عنها: "لم تَرَ عيني فيما رأيتُ ممن لبس خِلَعَ الوزارة أقبح زيًّا من ابن النجار، حتى إنَّه أذهب رونقَ الخِلعة مع حسن زيِّ خِلعةِ الوزارة وأبَّهة صفتها، ولو منَّ الله سبحانه وتعالى بأن يُبطِلَ اسمَ الوزير من الديار المصرية في هذا الزمانِ كما أبطلَ أشياء كثيرة منها، لكان ذلك أجودَ وأجمل بالدولة، ويصير الذي يلى هذه الوظيفة يسمَّى ناظر الدولة؛ لأنَّ اسم الوزارة عظيمٌ، وقد سمِّيَ به جماعةٌ كبيرة من أعيان الدنيا قديمًا وحديثًا في سائر الممالك والأقطار، مثل الصاحب إسماعيل بن عبَّاد، وهلَّم جرًّا، إلى القاضي الفاضل عبد الرحيم، ثم بني حنَّاء وغيرهم من العلماء والأعيان، إلى أن تنازلت ملوكُ مصر في أواخر القرن الثامن حتى ولِيَها في أيامهم أوباش النَّاسِ وأسافِلُ الكَتَبة الأقباط، وتغيَّرَ رسومها، وذهب بهم أبَّهة هذه الوظيفة الجليلة التي لم يكن في الإسلامِ بعد الخلافة أجَلُّ منها ولا أعظم، وصارت بهؤلاء الأصاغرِ في الوجود كلا شيء، وليت مع ذلك كان يلي هذه الوظيفةَ من هؤلاء الأسافلِ من يقوم بما هو بصَدَدِه، بل يباشر ذلك بعَجزٍ وضَعفٍ وظُلمٍ وعَسْفٍ، مع ما يمدُّه السلطانُ بالأموال من الخزانة الشريفة، فليت شعري لم لا كان ذلك مع من هو أهلٌ للوزارة وغيرِها، فلا قوة إلَّا بالله, وباشر ابن النجَّار الوزارة أشرَّ مباشرة، وأقبح طريقة، ولم تطُلْ أيَّامه، وعجز وبلغ السلطانَ عَجزُه، فلما كان يوم الخميس أول شهر ربيع الآخر طلب السلطان الوزراء الثلاثة ليختار منهم من يوليه، وهم: ابن النجَّار الذي عجز عن القيام بالكُلَف السلطانية، والصاحب أمين الدين بن الهيصم، وسعد الدين فرج بن النحَّال، فوقع في واقعة طريفةٍ، وهي أن السلطان لما أصبح وجلس على الدكَّة من الحوش استدعى أوَّلًا ابن النجَّار، فقيل له: هرب واختفى، فطلب أمينَ الدين بن الهيصم، فقيل له: مات في هذه الليلةِ، وإلى الآن لم يُدفَن، فطلب فرج بن النحَّال، فحضر، وهو الذي فَضَل من الثلاثة، فكلَّمه السلطان أن يستقرَّ وزيرًا على عادته، فامتنع واعتذر بقلَّة متحصَّل الدولة، وفي ظنِّه أن السلطان قد احتاج إليه بموتِ ابن الهيصم وتسحَّب ابن النجَّار، وشرع يكرِّرُ قوله بأنَّ لحم المماليكِ السلطانية المرتَّب لهم في كل يوم ثمانية عشر ألف رطل، خلا تفرقة الصُّرَر التي تعطى لبعض المماليك السلطانية وغيرهم، عوضًا عن مرتَّب اللحم، فلما زاد تمنُّعُه أمر به السلطان فحُطَّ إلى الأرض وتناولته رؤوسُ النوب بالضرب المبَرِّح إلى أن كاد يهلك، ثم أقيم ورُسِمَ عليه بالقلعة عند الطواشي فيروز الزمام والخازندار إلى أن عُمِلَت معه مصالحة وأعيد للوزارةِ"