بقي الاستعمارُ الفرنسي في الجزائر قائمًا، وأخذ أشكالًا جديدة، فبدأ ينشر الجهلَ، ويحارب اللغة العربية، وينشر الرذيلة والفواحش بين المسلمين، ولكِنْ أبقى الله في الأمة بقيةً تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فكان من المصلحين الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي كان يُلقي دروسًا في التفسير في مسجد سيدي الأخضر بقسنطينة، والتفَّ حوله الكثير واشتد ساعده، وقام بدعوة العلماء لتوحيد الكلمة، فحضر 190 من علماء الجزائر، واتَّفق الجميع على تأسيس جمعية العلماء المسلمين، وتولى هو رئاسَتَها، وفَتَحت هذه الجمعية المدارسَ للناشئة، وأصدرت جريدة المرصاد، وأخذ الشيخ عبد الحميد الحملَ على الفرنسيين، وبالمقابل جهدت فرنسا للإيقاع بالجمعية؛ حيث كانت تغتالُ سِرًّا بعض العلماء المعارضين لهذه الجمعية، وتتهم بهذا الفعل الجمعية، ثم انشَقَّ عن الجمعية بعضُ الذين استاؤوا من محاضرة الطيب العقبي التي تكَلَّم فيها على أصحاب الطرق، فانشقوا وألَّفوا جمعية علماء أهل السنة وجريدتهم البلاغ الجزائري، وارتفع أمرُ ابن باديس في الجزائر، وقد قام وفدٌ برئاسته بالذَّهاب إلى فرنسا وتقديم مطالب الشعب الجزائري للحكومة الفرنسية، ومنها: إلغاء كافة القوانين والقرارات الاستثنائية بالجزائر، وإلغاء الحكم العامِّ في الجزائر، واشتراك الجزائريين في الهيئة الانتخابية، ويكون لهم نوابٌ في المجلس النيابي الفرنسي، وعدمُ التمييز بين الفرنسيين والجزائريين، مع الاحتفاظ بالهُوية الإسلامية، واستقلال الدين الإسلامي عن الحكومة الفرنسية، وجَعْل اللغة العربية لغةَ الدراسة، ورُفِضَت مطالبهم جملة، وزادت فرنسا من توسيعِ الشِّقاق بمساعدة أصحاب الطُّرُق الصوفية، والاغتيالات السرية واتهام جمعية المسلمين بها، كما فعلت بالشيخ عمر بن دالي الذي جعلَتْه إمام الجامع الكبير في قسنطينة ثم طلَبَت منه الهجوم على الوفد الذي سافر لفرنسا، ثم دفعت من قَتَله حيث سَلَّم نفسه بعد فترةٍ واعترف بكُلِّ المخطَّط، ثم لَمَّا توفي ابن باديس 1359هـ تولى محمد بشير الإبراهيمي رئاسةَ الجمعية.
هو بابَك الخُرَّمي (بابک خرمدین) زعيمٌ ديني فارسيٌّ، وقائدُ فرقة الخُرَّميَّة ظهر سنة 201هـ الموافق 816 م، في خلافةِ المأمون العباسي, وكثُرَ أتباعهُ، وقاد ثورةً على العباسيِّينَ بعد مصرعِ أبي مسلم الخراساني، استمَرَّت حوالى عشرينَ سنة، وكان أحد الشُّجعانِ، أخاف الإسلامَ وأهلَه، وهزم الجيوشَ العباسيَّة عشرين سنة، وغلبَ على أذربيجانَ وغَيرِها، وأراد أن يقيم المِلَّةَ المجوسيَّة، وعَظُم البلاء. فأنفق المأمونُ والمعتَصِمُ على حربِ بابك قناطيرَ مُقنطرةً مِن الذهَبِ والفِضَّة، وفي هذه السنة بعث المعتَصِمُ نفقاتٍ إلى جيشِه مع الأفشين، فكانت ثلاثينَ ألف ألف درهم، فكانت الحربُ مع بابك الخرمي فطَحَنه الأفشين، واستباح عسكَرَه، وأُخِذَت البذُّ- مدينةُ بابك- وهرب واختفى في غيضةٍ، ثم أُسِرَ بعد فصولٍ طويلة, ولَمَّا أُحضِرَ بابك بين يدي المعتَصِمَ، أمَرَ بقطع يَدَيه ورِجلَيه وجَزِّ رأسِه وشَقِّ بَطنِه، ثم أمَرَ بحَملِ رأسِه إلى خراسانَ، وصَلْبِ جُثَّتِه على خشبةٍ بسامِرَّا، فقُطِعَ دابِرُ الخرَّميَّة.
خَرجَت خارِجَة مِن الحَرورِيَّة بالعِراق، يَتَزَعَّمُهم شَوْذَب واسْمُه بِسْطام مِن بَنِي يَشْكُر في ثمانين فارِسًا أَكثرُهم مِن رَبيعَة، فبَعَث أَميرُ المؤمنين عُمَرُ بن عبدِ العزيز إلى عبدِ الحَميدِ نائِب الكوفَة يَأمُرهُ بأن يَدعوهم إلى الحَقِّ، ويَتَلَطَّف بِهم، ولا يُقاتِلهم حتَّى يُفسِدوا في الأَرضِ، فلمَّا فَعَلوا ذلك بَعَث إليهم جَيْشًا فكَسَرهُم الحَرورِيَّةُ، فبَعَث عُمَرُ إليه يَلومُه على جَيْشِه، وقد أَرسَل عُمَرُ إلى بِسْطام يَقولُ له: ما أَخْرَجَك عَلَيَّ؟ فإن كُنتَ خَرجتَ غَضَبًا لله فأنا أَحَقُّ بذلك مِنك، ولستَ أَوْلى بذلك مِنِّي، وهَلُمَّ أُناظِرُك; فإن رَأيتَ حَقًّا اتَّبَعْتَه، وإن أَبْدَيْتَ حَقًّا نَظَرْنا فيه. فبَعَث طائِفَةً مِن أَصحابِه إليه، فاخْتارَ منهم عُمَرُ رَجُلين فسَأَلهُما: ماذا تَنْقِمون؟ فقالا: جَعْلَكَ يَزيد بن عبدِ الملك مِن بَعدِك. فقال: إنِّي لم أَجْعَله أَبَدًا، وإنَّما جَعلَه غَيْري. قالا: فكيف تَرْضَى به أَمينًا للأُمَّةِ مِن بَعدِك؟ فقال: أَنْظِرْني ثَلاثَة. فيُقال: إنَّ بَنِي أُمَيَّة دَسَّتْ إليه سُمًّا فقَتَلوه; خَشْيَةَ أن يَخرُج الأَمرُ مِن أَيديهِم. فلمَّا مات عُمَرُ أراد عَبدُ الحَميد بن عبدِ الرحمن أن يَحْظَى عند يَزيد بن عبدِ الملك، فكَتَب إلى محمَّدِ بن جَريرٍ يَأمُرُه بمُحارَبَة شَوْذَب وأَصحابِه، فبَرَزَ له شَوْذَب فاقْتَتَلوا، وأُصِيبَ مِن الخَوارِج نَفَرٌ، وأَكثَروا في أَهلِ الكوفَة القَتْل، فوَلُّوا مُنْهَزِمين والخَوارِجُ في أَكتافِهم حتَّى بَلَغوا أَخْصاص الكوفَة، فأَقَرَّ يَزيدُ عبدَ الحَميد على الكوفَة، ووَجَّهَ مِن قِبَلِهِ تَميمَ بن الحُباب في أَلْفَيْنِ فقَتَلوه وهَزَموا أَصحابَه، فوَجَّهَ إليهم نَجْدَةَ بن الحَكَم الأَزْدِي في جَمْعٍ، فقَتَلوه وهَزَموا أَصحابَه، فبَعَث آخَر في أَلْفَيْنِ فقَتَلوه، فأَنْفَذَ يَزيدُ أَخاهُ مَسلمةَ بن عبدِ الملك، فنَزَل الكوفَة، ودَعا سَعيدَ بن عَمرٍو الحَرَشِي، فعَقَدَ له على عَشرَة آلافٍ ووَجَّهَهُ، فقال لأَصحابِه: مَن كان يُريدُ الله عَزَّ وجَلَّ فقد جاءَتْهُ الشَّهادَة، ومَن كان إنَّما خَرَج للدُّنيا فقد ذَهبَت الدُّنيا منه. فكَسَروا أَغْمادَ سُيوفِهِم وحَمَلوا على الخَوارِج حتَّى طَحَنوهُم وقَتَلوا شَوْذَبًا.
هو الشَّيخُ، الإمام، العلَّامة، المقرئ، الأصولي، الفقيه، النحوي، جمال الأئمَّة والمِلَّة والدين أبو عمرو بن الحاجب عثمانُ بن عُمَر بن أبي بكر بن يونس الدويني الكردي الأصل، الإسنائي المولد، ثمَّ المصري, المالكي. كان مولده في آخر سنة 570 بأسْنا وهي بلدة صغيرة بصعيد مصر، كان والده حاجبًا للأمير عز الدين موسك الصلاحي. اشتغل أبو عمرو بالقاهرة في صغره بالقرآنِ الكريم، ثم بالفقهِ على مذهب الإمام مالك، رضي الله عنه، ثم اشتغلَ بالعلم فحَرَّرَ النحو تحريرًا بليغًا، ثم قرأَ القراءات، وبرع في علومِه وأتقنها غايةَ الإتقان. تفقه فسادَ أهل عصرِه، وكان رأسًا في علوم كثيرة، منها الأصول والفروع والعربية والتصريف، والعروض والتفسير، وغير ذلك، وقد استوطن دمشق سنة 617، ودرَّس بها للمالكية جامعها وبالنورية المالكية، وتخرج به الأصحاب، حتى كان خروجُه من دمشق بصحبةِ الشيخ عز الدين بن عبد السلام سنةَ ثمان وثلاثين، فصارا إلى الدِّيار المصرية، وكان من أذكى الأئمَّة قريحةً، وكان حُجَّةً متواضعًا عفيفًا كثير الحياء منصفًا محبًّا للعلم وأهله، بارعًا في العلوم متقنًا لمذهب مالك بن أنس، وله مختصر في الفقه انتظم فيه فوائد ابن شاش، ومختصر في أصول الفقه، استوعب فيه عامة فوائد الإحكام لسيف الدين الآمدي، وشرح المفصل والأمالي في العربية، والمقدمة المشهورة في النحو، اختصر فيها مفصَّل الزمخشري وشَرَحَها، والتصريف وشرحه، وعروض على وزن الشاطبية. وسار بمصنفاته الركبانُ. قال القاضي ابن خلكان: " وصنَّفَ في أصول الفقه، وكلُّ تصانيفه في نهاية الحسن والإفادة، وخالف النحاةَ في مواضِعَ، وأورد عليهم إشكالاتٍ وإلزاماتٍ تَبعُد الإجابة عنها، وكان من أحسَنِ خَلقِ الله ذهنًا, ولما عاد إلى القاهرة جاءني مرارًا بسبب أداء شهاداتٍ، وسألته عن مواضِعَ في العربية مُشكِلة، فأجاب أبلغَ إجابة بسكونٍ كثيرٍ وتثَبُّت تام" توفي بالإسكندرية ضاحي نهار الخميس 26 شوال، ودفن خارج باب البحر بتربة الشيخ الصالح ابن أبي شامة.
وُلد الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 إبريل عامَ 1911م بقرية دقادوسَ مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وحفِظَ القرآنَ الكريمَ في الحاديةَ عَشْرةَ من عُمرِه. وفي عام 1916م التحَقَ بمعهدِ الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهَرَ نبوغًا منذُ الصغَرِ في حِفظِه للشعرِ والمأثورِ من القول والحِكَم، ثم حصَلَ على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنةَ 1923م، ودخَلَ المعهدَ الثانوي، وزاد اهتمامُه بالشعرِ والأدَبِ، وحَظِيَ بمكانةٍ خاصَّةٍ بينَ زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبةِ، ورئيسًا لجمعية الأدباءِ بالزقازيق، التحَقَ الشعراوي بكلية اللغة العربية سنةَ 1937م، وانشغَلَ بالحركة الوطنية، والحركة الأزهرية، فثورةُ سنةِ 1919م اندلَعت من الأزهر، ومن الأزهرِ خرَجَت المنشوراتُ التي تُعبِّرُ عن سُخطِ المصريين ضدَّ الإنجليز المحتلِّين، فكان الشيخ يزحَفُ هو وزملاؤُه إلى ساحاتِ الأزهرِ وأرْوِقَتِه، ويُلْقي بالخُطَب ممَّا عرَّضه للاعتقال أكثرَ من مرةٍ، وكان وقتَها رئيسًا لاتحاد الطلبةِ، تخرَّجَ الشيخُ عامَ 1940م، وحصل على العالِميَّةِ معَ إجازةِ التدريس عامَ 1943م. بعد تخرُّجِه عُيِّنَ الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقلَ بعد ذلك إلى المعهدِ الديني بالزقازيق، ثم المعهدِ الديني بالإسكندريةِ، ثم انتقلَ إلى العمل في السعودية عامَ 1950م؛ ليعمَلَ أستاذًا للشريعة بجامعة أُمِّ القُرى، ثم عُيِّنَ بعد ذلك في القاهرة مديرًا لمكتب شيخ الأزهر الشيخ حسن مأمون، ثم سافَرَ بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيسًا لبَعثة الأزهر هناك، ومكَثَ بالجزائر حوالَيْ سبعِ سَنواتٍ قضاها في التدريس، وأثناءَ وُجوده في الجزائر حدَثت نكسةُ يونيو 1967م، ثم عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة، وعُيِّنَ مديرًا لأوقاف محافظة الغربية فترةً، ثم وكيلًا للدعوة والفِكر، ثم وكيلًا للأزهر، ثم عاد ثانيةً إلى المملكة العربية السعودية، حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز، وفي نوفمبر 1976م اختار السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنَذاكَ أعضاءَ وزارتِه، وأسنَدَ إلى الشيخ الشعراوي وزارةَ الأوقاف وشؤون الأزهر، فظلَّ في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م. وفي سنةِ 1987م اختير عضوًا بمجمَع اللغة العربية (مجمَع الخالدينَ)، واختارته رابطةُ العالَم الإسلامي بمكَّة المكرَّمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، والسُّنة النبوية.
طلَب إبراهيمُ بن محمَّد بن عَلِيِّ بن عبدِ الله بن عَبَّاس مِن أبي مُسلِم أن يَحضُر إليه إلى مَكَّة لِيَعلَم منه أَخبارَ الدَّعوة، فجاءَه كِتابٌ منه أن يَرجِع إلى خُراسان ويُعلِن بالدَّعوة بعد أن كانت سِرِّيَّة، فأَظهَر أبو مُسلِم الدَّعوة وطلَب مِن سُليمان بن كَثير أن يُصلِّي بالنَّاس العيد، فأَرسَل إليهم نَصرُ بن سِيار قُوَّةً؛ ولكنَّ جُندَ أبي مُسلِم كانوا قد اسْتولَوا على هَراة، وكُشِفَ أمرُ إبراهيمَ مِن الرَّسائل وكان يُقيمُ بالحميمية فقُبِضَ عليه وسُجِن.
هو إمامُ النحو أبو العبَّاس محمَّدُ بنُ يزيدَ بنِ عبد الأكبر الأزديُّ الثمالي المعروف بالمُبَرِّد، النحويُّ البصري. ولِدَ بالبصرة عام 210 إمامٌ في اللغة العربية، أخذ ذلك عن المازنيِّ وأبي حاتم السِّجستاني، وكان إمامًا علَّامةً، جميلًا وسيمًا، فَصيحًا مُفَوَّهًا، ثقةً ثَبتًا فيما ينقُلُه, كان المبَرِّدُ مناوِئًا وزميلًا لأبي العبَّاسِ أحمد بن يحيى المشهور بثَعلب. والمبرد يحِبُّ مناظرتَه والاستكثارَ منها، بينما ثعلب كان يكرهُ ذلك ويمتَنِعُ عنه لتفَوُّقِه عليه, وله كتابُ "الكامِلُ في الأدَب".
هو الإمامُ الفاضل، نحويُّ زمانِه، أبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ مُحمَّد بنُ السري بن سهل الزَّجَّاج، مصنِّفُ كتاب "معاني القرآن" و"الاشتقاق" و"القوافي" و"العَروض" و"فعلتُ وأفعلتُ" ومختصرًا في النحو وغير ذلك، وقد كان أوَّل أمرِه يَخرِطُ الزُّجَاج فأحَبَّ عِلمَ النَّحوِ، فذهب إلى المبَرِّد، وكان يعطي المُبَرِّدَ كلَّ يومٍ دِرهمًا، ثم استغنى الزَّجَّاجُ وكثُرَ مالُه ولم يقطَعْ عن المبَرِّدْ ذلك الدِّرهَم حتى مات، وقد كان الزجَّاجُ مُؤدِّبًا للقاسم بن عُبيد الله الوزير، توفِّيَ عن 75 عامًا.
ظلَّت الكتابةُ في مصرَ تعتَمِدُ على النَّسخِ اليدوي حتى نهايةِ القرن الثامن عشر، فلم يعرِفْ وادي النيل المطابعَ إلَّا مع قدوم نابليون بونابرت لمصر، الذي جلب معه من الفاتيكان أوَّلَ مطبعة أنشأها في بولاق بالقاهرة، وكان قد حَمَل معه ثلاث مطابع مجَهَّزة بحروف عربية ويونانية وفرنسية، وكان الهدفُ الأساسي لهذه المطابع هو طباعةَ المنشورات والأوامر، وكانت تقومُ بعملها في عُرض البحر، حتى دخلت الحملةُ القاهرة، فنُقِلت إليها، وعُرِفَت بالمطبعة الأهلية، وتوقَّفت هذه المطبعة بانتهاءِ الحملة الفرنسية عام 1801م.
وُلِدَ الحجِّي في المقداديَّةِ إحدى مُدُنِ محافظةِ ديالى عام 1935م،وهو مؤرِّخٌ عراقيٌّ وأستاذُ التاريخِ الإسلاميِّ والأندلُسيِّ وحضارتِه في العديدِ من الجامعاتِ، وأحَدَ مُؤَسِّسي جامعةِ الإماراتِ العربيَّةِ المتَّحِدةِ، وعميدٌ أسبقُ لكليَّةِ العلومِ الإنسانيَّةِ بها.
حصَل على دكتوراه في العَلاقاتِ الدُّبلوماسيَّةِ الأندَلُسيَّةِ مع أوروبَّا الغربيَّةِ من جامعةِ كامْبِريدج في بريطانيا عام 1966. نال دَرَجةَ الأُستاذيَّةِ من جامعةِ بغدادَ عام 1979.
من أهمِّ كُتُبِه كتابُ: ((التاريخُ الأندلسيُّ من الفتحِ الإسلاميِّ حتى سُقوطِ غَرناطة)).
تُوفِّيَ في مدريد بسَبَبِ أزمةٍ قَلبيَّةٍ أصابته.
استولى العثمانيون على تلمسان بقيادة حسن بن خير الدين بربروسا، وذلك في أواسط شعبان، وأخرج منها الأمير أحمد ابن الأمير عبد الله ووزيره منصور بن أبي غانم ولَحِقا بدبدو، واستمرَّت تلمسان في يد العثمانيين إلى أواسط صدر المائة الثالثة عشرة.
بدأت العملياتُ العسكريةُ لدَولةِ الدرعية ضِدَّ الأحساء على يدِ الأمير سعود بن عبد العزيز، وذلك ردًّا على العداءِ السَّافِرِ من بني خالد لدولةِ الدرعية، فسار الأميرُ سعود بقواتِه حتى وصل قرية العيون في الأحساءِ، فغَنِمَ جَيشُه غنائمَ كثيرةً، ثم قفل راجعًا إلى بلادِه.
قُتل خميس القذافي نجلُ العقيد الليبي الهالِكِ مُعَمَّر القذافي في مدينة بني وليد، أحدِ معاقِلِ أنصارِ القذافي، على يدِ مجموعةٍ من كتيبةِ حِطِّين التابعةِ لثُوار مصراتة، وتم نقلُه إلى مدينةِ مصراتة، متأثِّرًا بجِراحِه التي أُصيب بها خلالَ معارِكَ دارَت للقبضِ عليه مع مُوالين للقذَّافي.
مَلَكَ قِوامُ الدَّولةِ أبو سَعيدٍ كربوقا التُّركيُّ مَدينةَ المَوصِل، فأَسَرَهُ تاجُ الدولةِ تتش لمَّا قَتَلَ أتسز وبوزان، فلمَّا أَسَرَهُ أَبقَى عليه، ولم يكُن له بلدٌ يَملِكُه إذا قَتلَه، كما فَعلَ الأُميرُ بوزان، فإنه قَتَلَهُ واستَولَى على بِلادِه الرها وحران. ولم يَزَل قِوامُ الدولةِ مَحبوسًا بحَلَب إلى أن قُتِلَ تتش، ومَلَكَ ابنُه المَلِكُ رضوان حَلَب فأَرسلَ السُّلطانُ بركيارق رَسولًا يَأمُرهُ بإطلاقِه وإطلاقِ أَخيهِ التونتاش، فلمَّا أُطلِقَا سارا واجتَمَع عليهما كَثيرٌ من العَساكِر البَطَّالين، فأَتَيَا حران فتَسَلَّماها، وكاتَبَهُما محمدُ بنُ شَرفِ الدولةِ مُسلمِ بنِ قُريشٍ العُقيليُّ، وهو بنصيبين، ومعه ثروانُ بنُ وهيب، وأبو الهَيْجاءِ الكُرديُّ، يَستَنصِرونَ بهما على الأَميرِ عليِّ بنِ شَرفِ الدولةِ العُقيليِّ، وكان بالمَوصِل قد جَعلَهُ بها تاجُ الدولةِ تتش بعدَ وَقعَةِ المُضَيَّع, فسار قِوامُ الدولةِ إليهم، فلَقِيَهُ محمدُ بنُ شَرفِ الدولةِ على مَرحَلتَينِ من نصيبين، واستَحلَفَهُما لِنَفسِه، فقَبَضَ عليه قِوامُ الدولةِ بعدَ اليَمينِ، وحَمَلَهُ معه، وأَتَى نصيبين، فامتَنَعت عليه، فحَصَرَها أربعين يومًا، وتَسَلَّمها، وسار إلى المَوصِل فحَصَرَها، فلم يَظفَر منها بشيءٍ، فسار عنها إلى بلدٍ، وقَتَلَ بها محمدَ بنَ شَرفِ الدولةِ، وغَرَّقَهُ، وعاد إلى حِصارِ المَوصِل، ونَزلَ على فَرسَخٍ منها بقَريَةِ باحلافا، وتَركَ التونتاش شَرقيَّ المَوصِل، فاستَنجَد عليُّ بنُ مُسلمِ بن قُريشٍ العُقيليُّ صاحِبُها بالأَميرِ جكرمش، صاحِبِ جَزيرَةِ ابنِ عُمَرَ، فسار إليه نَجدَةً له، فلمَّا عَلِمَ التونتاش بذلك سار إلى طَريقِه، فقاتَلَهُ، فانهَزَم جكرمش، وعاد إلى الجَزيرَةِ مُنهَزِمًا، وصار في طاعَةِ قِوامِ الدولةِ، وأَعانَهُ على حَصْرِ المَوصِل، وعُدِمَت الأَقواتُ بها وكلُّ شيءٍ، حتى ما يُوقِدونَه، فأَوقَدوا القِيرَ، وحَبَّ القُطنِ. فلمَّا ضاقَ بصاحِبِها عليٍّ الأَمرُ وفارَقَها وسار إلى الأَميرِ صَدقَةَ بن مزيد الأَسَديِّ، أَميرِ العَربِ بالحِلَّةِ، وتَسَلَّم قِوامُ الدولةِ البلدَ بعدَ أن حَصَرَهُ تِسعةَ أَشهُر، وخافَهُ أَهلُه لأنه بَلَغَهم أن التونتاش يُريدُ نَهبَهم، وأن قِوامَ الدولةِ يَمنَعهُ من ذلك، فاشتَغَل التونتاش بالقَبضِ على أَعيانِ البَلدِ، ومُطالَبَتِهم بوَدائِع البلدِ، واستَطالَ على قِوامِ الدولةِ، فأَمَرَ بقَتْلِ التونتاش، فقُتِلَ في اليومِ الثالثِ، وأَمِنَ الناسُ شَرَّهُ، وأَحسَنَ قِوامُ الدولةِ السِّيرَةَ فيهم، وسارَ نحوَ الرَّحبَة، فمُنِعَ عنها، فمَلَكَها ونَهَبَها واستَنابَ بها وعاد.
هو الشيخ الإمام العالم المحدِّث المفنن، عمدة المؤرخين، ورأس المحدثين: تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن تميم بن عبد الصمد البعلبكي الأصل, المصري المولد والوفاة، المقريزي الحنفي ثم الشافعي، ولد في القاهرة 764 نشأ بالقاهرة، وتفقه على مذهب الحنفية، وهو مذهب جده العلامة شمس الدين محمد بن الصائغ، ثم تحول شافعيًّا بعد مدة طويلة. تفقه وبرع، وصنف التصانيف المفيدة النافعة الجامعة لكل علم، وكان ضابطًا مؤرخًا، مفننًا، محدِّثًا، معظَّمًا في الدول. وَلِيَ حسبة القاهرة غيرَ مرة، أوَّلُ ولاياته مِن قِبَل السلطان برقوق في الحادي والعشرين رجب سنة 801 عوضًا عن شمس الدين محمد النجانسي، وولي عدة وظائف دينية، مثل القضاء والحِسبة، وعُرِضَ عليه قضاء دمشق في أوائل الدولة الناصرية، فرَدَّ وأبى أن يَقبَل ذلك، وكان إمامًا مفننًا، كتب الكثير بخطه، وانتقى أشياء، وحصَّل الفوائد، واشتهر ذكره في حياته وبعد موته في التاريخ وغيره، حتى صار به يُضرَبُ المَثَل، وكان له محاسن شتى، ومحاضرة جيدة إلى الغاية لا سيما في ذكر السلف من العلماء والملوك وغير ذلك، وكان منقطعًا في داره، ملازمًا للعبادة والخلوة، قلَّ أن يتردد إلى أحد إلا لضرورة، قال ابن تغري بردي الحنفي: "قرأت عليه كثيرًا من مصنَّفاته، وكان يرجِعُ إلى قولي فيما أذكره له من الصواب، ويغيِّرُ ما كتبه أولًا في مصنفاته، وأجاز لي جميع ما يجوز له وعنه روايته من إجازة وتصنيف وغير ذلك، وسمعت عليه كتاب فضل الخيل للحافظ شرف الدين الدمياطي بكماله في عدة مجالس". وقال عنه ابن تغري في كتابه النجوم الزاهرة: "أملى علي نسبَ المقريزي الناصري محمد ابن أخيه بعد وفاته، إلى أن رفعه إلى علي بن أبي طالب من طريق الخلفاء الفاطميين". وهذا يفسِّرُ سِرَّ الدفاع الشديد من المقريزي عن نسب الفاطميين ويصحِّحُ نَسَبَهم, قال ابن حجر العسقلاني: "والعجب أن صاحبنا المقريزي كان يُفرِطُ في تعظيم ابن خلدون؛ لكونه كان يجزم بصحة نسب بني عُبيد -الذين كانوا خلفاء بمصر، وشُهِروا بالفاطميين- إلى عليٍّ، ويخالف غيرَه في ذلك، ويدفع ما نقل عن الأئمة في الطعن في نَسَبِهم، ويقول: إنما كتبوا ذلك المحضرَ مراعاة للخليفة العباسي. وكان المقريزي ينتمي إلى الفاطميين فأحبَّ ابن خلدون؛ لكونه أثبت نِسبَتَهم، وغفل عن مراد ابن خلدون؛ فإنه كان لانحرافه عن آل علي يُثبِتُ نسبة الفاطميين إليهم، لما اشتهر من سوء معتقد الفاطميين، وكون بعضهم نُسِب إلى الزندقة، وادعى الألوهية كالحاكم، وبعضُهم في الغاية من التعصب لمذهب الرفض، حتى قُتِلَ في زمانهم جمعٌ من أهل السنة, وكانوا يصرِّحون بسب الصحابة في جوامعهم ومجامعهم، فإذا كانوا بهذه المثابة وصحَّ أنهم من آل علي حقيقة، التصق بآل عليٍّ العيبُ، وكان ذلك من أسباب النفرة عنهم، والله المستعان". له عدة مصنفات في التاريخ، أشهرها: السلوك في معرفة دول الملوك, وله كتاب الخطط المشهور، واسمه المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار، يَذكُرُ فيه ما بمصر من الآثار، وله كتاب اتعاظ الحنفاء في تاريخ الفاطميين الخلفاء، وله الدرر المضيئة في التاريخ، وله إمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأحوال والحفدة والمتاع، وغيرها من الكتب. كانت وفاته في يوم الخميس السادس عشر رمضان، ودفن من الغد بمقابر الصوفية خارج باب النصر.