بعد هزيمةِ جَيشِ مَلِك المرينيين أمام تحالُفِ الأسبان، تشَجَّع مَلِكُ قشتالةَ للعَودِ إلى غزو غرناطةَ فتابعَ حُروبَه عليها واستولى على قلعةِ بني سعيدٍ، فأثار هذا الحميَّةَ لدى مَلِك بني مرين أبي الحَسَن علي بن عثمان، فأراد الانتقامَ مِن هزيمتِه الماضية، فأرسل أسطولًا بحريًّا إلى بحرِ الزقاق من مضيقِ جَبل طارق، فالتقى بجيش قشتالة في معركةٍ بحرية كانت فيها هزيمةُ جيش مَلِك بني مرين مرة أخرى، وتمَزُّق أسطوله الذي أرسله، ثم توجَّه الجيش الفرنجي إلى غرناطة فنَصَبوا عليها أكثَرَ مِن عَشرةِ مجانيق حتى صالحهم مَلِكُ غرناطة على مالٍ يؤدِّيه كُلَّ عام، وأن يكون الصلحُ بينهم عشرَ سنين.
اجتمع في الدرعية الشيخ محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود، بالإضافة إلى كبار أنصار الدعوة الذين قدموا من مختلف البلدان للتباحث في شؤون الدعوة والمواقف اللازم اتخاذها ضد أعدائها، وكان دهام بن دواس قد تضجَّر من الحرب مع آل سعود، فلما سمع بهذا التجمع مال إلى المهادنة، وطلب من الشيخ محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود عقدَ صُلحٍ بينه وبين الدرعية، وتعهد باعتناق مبادئ الدعوة السلفية، إلَّا أنه نكث هذا العهد في العام التالي سنة 1168 هـ، وسانده على ذلك محمد بن فارس رئيس منفوحة، وهكذا تجددت الاشتباكاتُ بين الدرعية والرياض.
لَمَّا تمكَّنَت قوات الدولة السعودية من دخولِ البحرين والزبارة قصدَ أبناء آل خليفة صاحِبَ مسقط سعيد بن سلطان فاستنصروه وأرسلوا إلى العجم الفُرس واستصرخوهم, وكانت مراكِبُ الإنجليز عند سعيد في مسقط، فاستعانوا بهم فأقبلوا بجموعٍ عظيمة في مراكِبَ كثيرة، وبندروا عند الزبارة بالليل، فأظهر آلُ خليفة منها بقيَّة رجالهم وما فيها من المتاع والمال ودمَّروها جملة, ثم ساروا إلى البحرين ونازلوا فهد بن عفيصان والمرابِطة الذين في قصر المنامة، وهم نحو ثلاثمائة رجل، فحاصروهم وأقاموا على ذلك أيامًا، ثم أخرجوهم بالأمانِ على دمائِهم، فأمسكوا منهم فهد بن عفيصان ومعه ستة رجال، واعتقلوهم رهينةً مقابِلَ رجالهم الذين في الدرعية وتركوا الباقين.
هو الشاعرُ المشهور محمد بن جمد بن محمد ابن لعبون بن مدلج الوايلي البكري العنزي، أمير شعراء النبط، ولِدَ في بلدة حرمة بنجد سنة 1205هـ وحَفِظَ بها القرآن وتعَلَّم الكتابة، وكان خطُّه فائقًا. ونَظَم الشعرَ في صغرِه. ومال إلى اللهوِ والبطالة. ورحل إلى الزبير في العراق، ساعده ذكاؤه الشِّعري وشخصيتُه المَرِحة الطَّرِبة في توطيدِ علاقاته مع كثيرٍ مِن وجهاءِ وأعيان نجد والزبير والكويت والأحساء والبحرين والهند، وورد في شعره ذِكرُ كِبارِ شخصيات عصره، كان شعره جيدًا إلَّا أن فيه تخبيطًا في العقيدةِ، وقيل: إنه أنشأ قصيدةً تاب فيها وتضَرَّع إلى الله. قصَدَ الكويت فمات فيها بالطاعون.
اعترفت النمسا بالإسلامِ كدين رسمي في البلاد في عهد القيصر فرانس جوزيف، وهو ما منحهم ميزاتٍ كبيرة استنادًا إلى نصوص الدستور الذي يساوي بين الجالية المسلِمة وغيرها من معتنقي الديانات الأخرى. وضَمِنَ الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي حقوقَ الجالية المسلمة في مواضِعَ مختلفة، مثل حرية ممارسة الشعائر الدينية، وحرية المسلمين في تنظيم الرعاية الدينية الخاصة بهم، وحصول مؤسَّساتهم على حق حماية جميع أنشطتها الاجتماعية والثقافية والمالية. واستنادًا إلى هذه الحقوق تمكَّنت الأقلية المسلمة من رعاية أبنائها بالمدارس؛ ليصل عدد المستفيدين من دعم الدولة لدروس الدين الإسلامي حوالي 40 ألف تلميذٍ في مراحل التعليم المختلفة.
كانت حكومة بريطانيا قد وعدت بالاعترافِ باستقلال الأردن ومضت خمسُ سنوات قبل أن تنَفِّذَ بريطانيا هذا الوعدَ استجابة لمساعي الأمير عبد الله وضغوط لجنة الانتداب التابعة لعُصبة الأمم، وفي 20 شباط 1928م تمَّ في القدس التوقيعُ على المعاهدة ومن بنودها وضع قانون أساسي للبلاد (الدستور) وتنازُل حكومة الانتداب للأمير عبد الله عن السُّلطتين التشريعية والتنفيذية، ويبقى لحكومة بريطانيا حقُّ الاحتفاظ بقوات مسلَّحة في شرق الأردن، وتقَدِّم بريطانيا معونة مالية للأردن سنويًّا، ثم صدر الدستور في نيسان من نفس العام، ثم في عام 1934م أُدخِلَ تعديل على المعاهدة يقضي بأحقية الأمير تعيينَ الممثِّلين القُنصليِّين في الخارج.
دعا الملِكُ عبد العزيز ذوي الرأيِ من شيوخ وقادة القبائل إلى اجتماعٍ في قرية الشعراء، وطلب منهم أن يأتوه بآرائِهم وآراءِ قبائلهم في شأنِ المتمَرِّدين من الإخوان (إخوان من طاع الله)، وفي اليوم التالي انعقد الاجتماعُ واتفقوا على عددٍ مِن المقررات، منها: 1/ كل من شارك في الفتنة وبقي حيًّا يؤخذ مالُه ورِكابُه وسلاحُه وتحكَّمُ الشريعة في رقبته. 2/ كل من كان متهمًا بممالأة أهل الفساد ولم يجاهِدْ مع المسلمين تؤخذ منه شوكة الحرب (ركابه وسلاحُه). 3/ كل ما يؤخذ من المفسدين يُمنَحُ للمجاهدين الصادقين. 4/ كل هجرة غلب على أهلها الفسادُ يُطرَدون من هجرتهم، ويفَرَّقون ولا يُسمَحُ لفريق منهم الاجتماعُ في مكان واحد.
في نهايةِ القرن الثالث عشر الهجري وصل الفرنسيُّون إلى الغابون، فاشتَرَوا قطعة من الأرض، وأقاموا عليها مستعمرةً صغيرة وبعد مضي عشر سنوات أقاموا مركزًا لتجارة الرقيق قُربَ الساحل، ثم امتَدَّ نفوذهم إلى داخل الغابون، وضَمُّوها إلى الكنغو الفرنسي، ثم فُصِلَت الجابون لتصبِحَ مُستعمَرةً قائمة بذاتها، وفي هذا العام نالت الغابون استقلالَها، وفي ظِلِّ الاستقلال هاجر العديدُ من المسلمين من مالي، وبنين، والسنغال إلى الجابون، وفي سنة 1973هـ / 1393م اعتنق رئيسُ الجمهورية (البرت برنارد بونجو) الإسلامَ وسُمِّي (عمر بونجو) وأسلمت معه أسرتُه ومعظم أفراد قبيلة البونجوي، ويوجد عددٌ كبير من الوزراء المسلمين بالجابون.
جهز إبراهيم الشريف باي تونس مراكب صغارًا للغزو في سبيل الله، فغَنِمت إحداها غنيمةً بها ثلاثون نصرانيًّا وعدة صناديق بها أموال جزيلة، فدخلوا طرابلس فأحضرها خليل باي الجزائر بين يديه واغتصب منها أحد عشر نصرانيًّا واحتاط على الأموال بأسرها، فلم يُبقِ منها ولم يذرْ، واغتصب عدة صناديق بها آلات حرب وطردهم، فلما علم بذلك إبراهيم الشريف ورأى تجرؤَ خليل جمع جموعه ونصب ديوانًا في شأن تعدي خليل، فكان اتفاق الديوان على المدافعة والذب عن المال، فتجهز إبراهيم الشريف للخروج على طرابلس لمقاتلة خليل باي، فقدم قهواجي عثمان من الجزائر يحرضه على النهوض لطرابلس، وأرسل عساكر الجزائر مركبين لإبراهيم الشريف يطلبون منه الميرة؛ لقحط بلادهم تلك السنة، فتعلل إبراهيم الشريف باشتغاله بالسفر وعدم حصول الذخيرة، وأرسل لهم مائتي قنطار بشماطا، فلما جاءهم ذلك جمعوا ديوانًا، وقال حاكمهم: ألا ترون إلى إبراهيم الشريف يعطي القمح للنصارى ويمنع المسلمين، فما يريد إلا توهين عساكر الجزائر ليتقوى عليها، فخرج إبراهيم الشريف إلى طرابلس في العشر الأواخر من جمادى الآخرة من هذه السنة، فالتقى الجمعان في الثاني عشر من شعبان, فلم تكن إلا ساعة وانهزم خليل باي وأُخِذ منه مِدفَعا نحاس وثماني رايات وبغلان محملان مالًا، ومات من قوم خليل أزيد من ألف نفس وأُسر منه مثلُها، وفر خليل هاربًا فتبعته خيول إبراهيم الشريف فتنكر ودخل المدينة خائفًا من قومه حيث أوردهم هذه الموارد وما فعل بأهاليهم، ومكث إبراهيم محاصرًا لهم فضايق البلد أشدَّ مضايقة فطلبوا العفوَ وبذلوا المال، فأبى وامتنع، فتجدَّدت الحرب بين الفريقين ولم يزل متماديًا حتى قام الطاعون في المحلة ومات منها خلق كثير وفرَّ عنه العرب.
هو الأمير بايزيد (بالتركية شاهزاده بايزيد) بن سليمان بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح, هو الابنُ الرابع من أبناء سليمان القانوني، والابن الثالث من زوجته الثانية روكسلان. قاد جيشًا متمردًا على الدولة اعتراضًا على ولاية العهد لأخيه سليم الثاني الذي يصغُرُه بسنة ونصف، فهُزم في معركة قونية الميدان سنة 966, فاضطرَّ بايزيد أن يلجأ لإيران عند شاه, ولكن بموجب المعاهدة بين الطرفين قام الشاه طهماسب الصفوي بتسليم بايزيد وأبنائه مقابل مال دُفع له أيضًا، فقام سليمان القانوني بقتل ولده بايزيد وقَتَل معه أبناءَه الخمسة في قزوين, وكان بايزيد يبلُغُ من العمر سبعًا وثلاثين سنة!!
التحالفُ الإسلاميُّ العسكريُّ لمحاربة الإرهابِ هو حِلفٌ عسكريٌّ مكوَّنٌ من 40 دولةً إسلاميَّةً تقودُه المملكةُ العربيَّةُ السعوديَّة، من أصلِ سبعٍ وخمسين دولةً مِن الدُّولِ الأعضاءِ في «منظمة التعاونِ الإسلاميِّ»، يسعَى هذا التحالُفُ إلى مُحارَبةِ الإرهابِ بجميعِ أشكالِه ومظاهرِه، كما جاء في بيانِ إعلانِ التحالُفِ. ومن الدُّوَل العربيَّة التي انضمَّت إلى هذا التحالُفِ: الأردُنُّ، والإماراتُ، والبحرَينِ، وتونُسُ، والسودان، والصومالُ، وفِلَسطينُ، وقطر، والكويت، ولُبنانُ، وليبيا، ومصر، والمغرب، وموريتانيا، واليمن، وجمهوريةُ القمر. أمَّا الدُّوَل غيرُ العربية، فمِثلُ: باكستانَ، وبنغلاديش، وتركيا، وتشاد، وتوغو، وجيبوتي، والسنغالِ، وسيراليون، والغابون، وغينيا، وكوت دي فوار، والمالديف، ومالي، وماليزيا، والنيجَرِ، ونيجيريا.
أنفذ أبو محمَّدٍ عبيدُ الله الملقَّبُ بالمهديِّ جيشًا من إفريقية مع قائدٍ مِن قوَّادِه يقال له حُباسةُ، إلى الإسكندريَّةِ، فغلب عليها وكان مسيرُه في البحر، ثمَّ سار منها إلى مصر، فنزل بين مصر والإسكندريَّة، فبلغ ذلك المُقتَدِر، فأرسل مؤنِسًا الخادِمَ في عسكرٍ إلى مصر لمحاربةِ حُباسة، وأمدَّه بالسلاح والمال، فسار إليها، فالتقى العسكرانِ، فاقتتلوا قتالًا شديدًا فقُتِلَ مِن الفريقَيْن جمعٌ كثير، وجُرِحَ مِثلُهم، ثمَّ كان بينهم وقعةٌ أخرى بنحوها، ثمَّ وقعة ثالثة ورابعة، فانهزم فيها المغاربةُ أصحابُ المهديِّ، وقُتلوا وأُسِروا، فكان مبلغُ القتلى سبعةَ آلاف مع الأسرى، وهرب الباقون، وكانت هذه الوقعةُ في نهاية جمادى الآخرة، وعادوا إلى الغَربِ، فلمَّا وصلوا إلى الغربِ قتَلَ المهديُّ حُباسةَ.
اختار الإدريسيُّ الانتقالَ إلى صقلية بعد سقوط الحكومة الإسلامية؛ لأنَّ الملك النورماني في ذلك الوقت روجر الثاني كان محبًّا للمعرفة، شرح الإدريسي لروجر موقعَ الأرض في الفضاء مستخدِمًا في ذلك البيضةَ لتمثيل الأرض، شبَّهَ الإدريسي الأرضَ بصفار البيضة المحاط ببياضها تمامًا كما تهيم الأرضُ في السماء محاطة بالمجرَّات. أمر الملك الصقلي روجر الثاني له بالمال لينقُشَ خارطة العالم والمعروف باسم لوح الترسيم على دائرة من الفضة تزن 400 رطل رومي في كل رطل 112 درهمًا. ويُعرَف لوح الترسيم أيضًا عند العرب بخريطة الإدريسي، ويقال: إنها أول خريطة سليمة (أي صحيحة) نعرف عنها. ساعده في ذلك رسَّام رافقه في كل رحلاته الاستكشافية المموَّلة من روجر الثاني للحصول على معلومات جغرافية.
سار صلاحُ الدين إلى بزاعة فحصرها، وقاتَلَه مَن بالقلعة، ثم تسلَّمَها وجعل بها من يحفَظُها، وسار إلى مدينة منبج فحصَرها آخِرَ شوال، وبها صاحِبُ قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، وكان شديدَ العداوة لصلاح الدين والتَّحريضِ عليه، والإطماع فيه، والطَّعن فيه، فحَنِقَ عليه صلاح الدين وهَدَّده، ثم مَلَك منبج، ولم تمتنِعْ عليه إلا قلعَتُها وبها صاحِبُها اسمه ينال، قد جمع إليها الرجال والذخائر والسلاح، فحصره صلاحُ الدين وضَيَّق عليه وزَحَف إلى القلعة، فوصل النقَّابون إلى السور فنَقَبوها ومَلَكوها عَنوةً، وغَنِمَ العسكر الصلاحي كلَّ ما بها، وأخذ صاحِبَها ينال أسيرًا، فأخذ صلاحُ الدين كُلَّ ماله، ثم أطلقه صلاح الدين فسار إلى الموصل، فأقطعه سيفُ الدين غازي مدينةَ الرقَّةِ.
لما أحسَّ محمد الشيخ الوطاسي حاكم آصيلا من نفسه القدرة على الاستيلاء على كرسي فاس وتنحية الشريف أبي عبد الله الحفيد الإدريسي عنه- لا سيما مع ما كان الناس فيه من افتراق الكلمة- فجمع جندًا صالَحَها وزحف إلى فاس فبرز إليه الشريف والتقوا بأحواز مكناسة، فوقعت بينهما حرب عظيمة كانت الكرَّة فيها على الوطاسي، ثم جمع عسكرًا آخر وزحف به إلى فاس وحاصرها نحو سنتين والشريف فيها مع أرباب دولته، وفي أثناء الحصار ورد عليه الخبر باستيلاء البرتغال على آصيلا وعلى بيت ماله الذي كان بها وعلى حظاياه وأولاده، فأفرج عن فاس ورجع مبادرًا إلى آصيلا فحاصرها، ولما امتنعت عليه عقد مع البرتغال هدنة وعاد سريعًا إلى فاس فحاصرها وضيق على الشريف بها حتى خرج فارًّا بنفسه وأسلمها إليه.