بتشجيعٍ مِن البُويهيِّينَ عَمِلَت الشيعةُ في العاشر من محرَّم مآتِمَهم وبِدعَتَهم، وغُلِّقَت الأسواقُ وعُلِّقَت المُسوحُ، وخَرَجت النساءُ سافراتٍ ناشراتٍ شُعورَهنَّ، يَنُحْنَ ويلطمْنَ وجوهَهنَّ في الأسواقِ والأزِقَّة على الحسين، وهذا تكُلُّفٌ لا حاجة إليه في الإسلامِ، ولو كان هذا أمرًا محمودًا لفعله خيرُ القرون وصَدرُ هذه الأمة وخِيرتُها، وهم أولى به، وأهلُ السنة يَقتَدونَ ولا يَبتَدِعونَ، ثمَّ تسَلَّطَ أهلُ السنةِ على الرَّوافِضِ فكَبَسوا مَسجِدَهم مسجد براثا الذي هو عشُّ الروافضِ، وقتلوا بعضَ من كان فيه من القَوَم.
عَظُمَ خَطبُ العيَّارينَ (وهم طائفة من أهل الدعارة والنهب واللصوصية)، وعاثُوا ببغداد فسادًا، وأخذوا الأموالَ والعُملاتِ الثِّقالَ ليلًا ونهارًا، وحَرَقوا مواضِعَ كثيرةً، وأخذوا من الأسواقِ الجباياتِ، وتطَلَّبَهم الشُّرَطُ، فلم يُفِدْ ذلك شيئًا ولا فَكَّروا في الدولة، بل استمَرُّوا على ما هم عليه من أخذِ الأموالِ، وقَتْلِ الرِّجالِ، وإرعابِ النِّساءِ والأطفال، في سائِرِ المحالِّ، فلمَّا تفاقم الحالُ بهم تطَلَّبَهم السلطانُ بهاء الدولة وألحَّ في طلبهم فهربوا بين يديه واستراح النَّاسُ مِن شَرِّهم.
جهَّزَ السلطان عسكرًا إلى الشقيف، ثم سار إليها بنفسه فنزل عليها في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رجب، وقدم الفقهاءُ للجهاد، ونصب السلطانُ عليها ستة وعشرين منجنيقًا، وألح عليها حتى أخذها يوم الأحد آخر رجب، وأخرج منها نساء الفرنجِ وأولادهم إلى صور، وقيَّدَ الرجال كلهم وسَلَّمَهم للعساكر، وهدم السلطان قلعةً استجدها الفرنجُ هناك، واستناب على القلعة الأخرى الأميرَ صارم الدين قايماز الكافري، ورتب بها الأجناد والرجالة، وقرر فيها قاضيًا وخطيبًا.
كان عبدُ الله بن سلامٍ رَضي اللهُ عنه حَبْرًا من أحبارِ يَهودَ، عالِمًا، قال: لمَّا سَمِعتُ برسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَرَفتُ صِفَتَه واسمَه وزَمانَه الذي كنا نتوقَّعُ له، فكنتُ مُسِرًّا لذلك، صامِتًا عليه، حتى قَدِمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ، فلمَّا نزل بقُباءٍ، في بني عَمرِو بنِ عَوفٍ، أقبل رجلٌ حتى أخبَرَ بقُدومِه، وأنا في رأسِ نَخلةٍ لي أعمَلُ فيها، وعمَّتي خالِدةُ بنتُ الحارِثِ تحتي جالِسةٌ، فلما سمعتُ الخبرَ بقُدومِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَبَّرتُ، فقالت لي عَمَّتي حين سَمِعَت تكبيري: خيَّبَك اللهُ! واللهِ لو كُنتَ سَمِعتَ بموسى بنِ عِمرانَ قادِمًا ما زِدتَ! قال: فقلتُ لها: أيْ عمَّةُ، هو واللهِ أخو موسى بنِ عِمرانَ، وعلى دينِه، بُعِث بما بُعِث به. قال: فقالت: أيِ ابنَ أخي، أهوَ النبيُّ الذي كُنَّا نُخبَرُ أنه يُبعَثُ مع نَفَسِ السَّاعةِ؟ قال: فقلتُ لها: نعم. قال: فقالت: فذاك إذن. قال: ثم خرجتُ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأسلَمتُ، ثم رَجَعتُ إلى أهلِ بيتي، فأمرتُهم فأسلموا.
قال: وكَتمتُ إسلامي من يهودَ، ثم جِئتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقلتُ له: يا رسولَ الله، إنَّ يهودَ قومٌ بُهتٌ، وإنِّي أُحِبُّ أن تُدخِلَني في بعضِ بُيوتِك، وتُغيِّبَني عنهم، ثم تَسألَهم عني، حتى يُخبِروك كيف أنا فيهم، قَبْلَ أن يعلَموا بإسلامي؛ فإنَّهم إنْ عَلِموا به بَهَتوني وعابوني. قال: فأدخَلَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بعضِ بُيوتِه، ودَخَلوا عليه، فكلَّموه وساءَلوه، ثم قال لهم: "أيُّ رجلٍ عبدُ الله بنُ سَلامٍ فيكم؟" قالوا: سيِّدُنا وابنُ سيِّدِنا، وحَبرُنا وعالِمُنا. قال: فلمَّا فَرَغوا من قولِهم خرجتُ عليهم، فقلتُ لهم: يا مَعشرَ يهودَ، اتَّقوا اللهَ واقبَلوا ما جاءكم به، فواللهِ إنَّكم لَتعلمون إنَّه لَرسولُ الله، تَجِدونَه مَكتوبًا عِندكُم في التَّوراةِ باسمِهِ وصِفَتِه، فإنِّي أشهَدُ أنَّه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأُومِن به وأُصدِّقُه وأعرِفُه. فقالوا: كَذَبْتَ. ثم وَقَعوا بي، قال: فقلتُ لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألَمْ أُخبِرْك يا رسولَ الله أنهم قومٌ بُهتٌ، أهلُ غدرٍ وكذبٍ وفُجورٍ! قال: فأظهَرتُ إسلامي وإسلامَ أهلِ بيتي، وأسلَمَت عمَّتِي خالِدةُ بنتُ الحارِثِ، فحَسُن إسلامُها.
كان الفِداءُ بين المُسلِمينَ والروم، بعد أن قَتَلَت تدورة- ملكةُ الرُّومِ- من أسرى المسلمينَ اثني عشر ألفًا، فإنَّها عَرَضت النصرانيَّة على الأسرى، فمن تنَصَّرَ جعَلَتْه أسوةَ مَن قَبلَه من المتنصِّرة، ومن أبى قتَلَتْه، وأرسلت تطلُبُ المفاداةَ لِمَن بقي منهم، فأرسل المتوكِّلُ شنيفًا الخادم، فأذِنَ له فحضره واستخلف على القضاءِ ابنَ أبي الشوارب، وهو شابٌّ، ووقع الفداءُ على نهر اللامس، فكان أسرى المُسلمينَ مِن الرجال سبعمائة وخمسة وثمانين رجلًا، ومن النساء مائة وخمسًا وعشرينَ امرأة.
نَزلَ جَمْعٌ من الإسماعيليَّةِ من قِلاعِهم وهُم ألفٌ وسبعمائة رَجلٍ. على طائفةٍ من الغُزِّ الأَتراكِ التُّركمانِ كانوا بنَواحِي قهستان، فأَوقَعوا بهم، فلم يَجِدوا الرِّجالَ، وكانوا قد فارَقوا بُيوتَهم، فنَهَبوا الأَموالَ، وأَخَذوا النِّساءَ والأَطفالَ، وأَحرَقوا ما لم يَقدِروا على حَملِه، وعادَ التُّركمانُ ورَأوا ما فُعِلَ بهم، فتَبِعوا أَثرَ الإسماعيليَّةِ، فأَدرَكوهُم وهُم يَقتَسِمون الغَنيمةَ، فكَبَّرُوا وحَمَلوا عليهم، ووَضَعوا فيهم السَّيفَ، فقَتَلوهُم كيف شاءوا، فانهَزَم الإسماعيليَّةُ وتَبِعَهم التُّركمانُ حتى أَفنوهُم قَتْلًا وأَسْرًا، ولم يَنجُ إلا تِسعةُ رِجالٍ.
ارتكَبَت وَحدة كوماندوز صهيونية بقيادة "موشيه ديان" مجزرةً في مدينة اللُّد بفلسطين؛ حيث اقتحمت المدينة وقت المساء تحت وابل من القذائف المدفعية. واحتمى المواطِنون من الهجوم في مسجد دهمش، وقُتِلَ في الهجوم 426 فلسطينيًّا. ولم يتمَّ الاكتفاء بذلك بل بعد توقُّف عمليات القتل اقتِيدَ المدنيون إلى ملعب المدينة؛ حيث تم اعتقال الشباب، وأعطيَ الأهالي مهلة نصف ساعة فقط لمغادرة المدينة سيرًا على الأقدام دون ماء أو طعام؛ مما تسبَّب في وفاة الكثير من النساء والأطفال والشيوخ.
قامت حُكومةُ بشار الأسد بمَجزرةٍ مروِّعةٍ في الغوطة الشرقيَّةِ بريفِ دِمَشقَ، استُخدِم فيها السلاحُ الكيماوِيُّ المُحرَّمُ دوليًّا والغازاتُ السامَّةُ في قَتلِ الأبرياءِ والأطفالِ والنِّساءِ والرِّجال؛ وكانت ضحيةُ هذه المجزرةِ المُروِّعة (2300) قتيلًا وأكثرَ من (5000) آلاف جريحٍ. كانت أعراضُ الإصابةِ بالكيماويِّ واضحةً على الضحايا، وعددُ القتلى في ازديادٍ بسبب قلَّةِ الأدوِيَة الطبية لعلاج المُصابين. وقد حدث ذلك في أثناءِ زيارةِ البَعثةِ الدَّولية من الأُمم المتحدة لسوريةَ من أجلِ التحقيقِ في استخدامِ نظامِ بشار الأسد للسِّلاح الكيماويِّ من عدمِه.
انْتدَب ثلاثةٌ مِن الخَوارجِ، وهُم: عبدُ الرَّحمنِ بن مُلْجِمٍ المُراديُّ، والبَرْكُ بن عبدِ الله التَّميميُّ، وعَمرُو بن بكرٍ التَّميميُّ، فاجتمعوا بمكَّةَ، فتَعاهَدوا وتَعاقَدوا لَيَقْتُلَنَّ هؤلاء الثَّلاثةُ: عَلِيَّ بن أبي طالبٍ رضِي الله عنه، مُعاويةَ بن أبي سُفيانَ، وعَمرَو بن العاصِ، ويُريحوا العِبادَ منهم، فقال ابنُ مُلْجِمٍ: أنا لِعَلِيٍّ. وقال البَرْكُ: أنا لِمُعاويةَ، وقال الآخرُ: أنا أَكْفِيكُم عَمْرًا، فتَواثَقوا أن لا يَنكُصوا، واتَّعَدوا بينهم أن يَقَعَ ذلك ليلةَ سبعَ عشرةَ مِن رمضانَ، ثمَّ تَوجَّه كلُّ رجلٍ منهم إلى بلدٍ بها صاحِبُه، فقَدِمَ ابنُ مُلْجِمٍ الكوفةَ، وبَقِيَ ابنُ مُلْجِمٍ في اللَّيلةِ التي عزَم فيها على قَتْلِ عَلِيٍّ يُناجي الأشعثَ بن قيسٍ في مَسجدِه حتَّى طلَع الفجرُ، فقال له الأشعثُ: ضَحِكَ الصُّبحُ، فقام وشَبِيبٌ فأخَذا أَسْيافَهُما، ثمَّ جاءا حتَّى جلَسا مُقابِلَ السُّدَّةِ التي يَخرُج منها عَلِيٌّ، فضرَب عَلِيًّا بسَيْفِه المَسمومِ على رَأسِه، فلمَّا قُتِلَ أَخَذوا عبدَ الرَّحمنِ بن مُلْجِمٍ وعَذَّبوهُ فقَتَلوهُ. وكانت مُدَّةُ خِلافةِ عَلِيٍّ خمسَ سنين، فجَزاهُ الله عن المسلمين خيرًا، ورضِي عنه وأَرضاهُ، وهو أحدُ العشرةِ المُبَشَّرين بالجنَّةِ.
ظهر إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بمكَّة، فهرب منه نائبُها جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى، فانتَهَبَ مَنزِلَه ومنازلَ أصحابه وقَتَلَ جماعةً من الجند وغيرهم من أهل مكة، وأخَذَ ما في الكعبة من الذَّهَب والفِضَّة والطِّيب وكسوة الكعبة، وأخَذَ من الناس نحوًا من مائتي ألف دينار، ثم خرج إلى المدينةِ النبويَّة فهرب منها نائبُها أيضًا علي بن الحسين بن علي بن إسماعيل، ثم رجع إسماعيل بن يوسف إلى مكَّةَ في رجب فحصر أهلَها حتى هلكوا جوعًا وعَطشًا، فبِيعَ الخُبزُ ثلاثُ أواقٍ بدِرهم، واللَّحمُ الرِّطل بأربعة، وشربة الماء بثلاثة دراهم، ولقي منه أهلُ مكَّة كلَّ بلاء، فترحَّلَ عنهم إلى جُدَّة بعد مُقامِه عليهم سبعة وخمسين يومًا، فانتهب أموال التجَّار هنالك وأخذ المراكِبَ وقطع الميرة عن أهلِ مكَّة، ثم عاد إلى مكَّة لا جزاه الله خيرًا عن المسلمين. فلما كان يومُ عرفة لم يمكِّن النَّاسَ من الوقوف نهارًا ولا ليلًا، وقتَلَ من الحجيج ألفًا ومائة، وسلَبَهم أموالَهم، ولم يقف بعرفةَ عامَئذٍ سواه ومن معه من الحرامية، ثم توفِّي في السنة التالية.
كان بمصر غَلاءٌ شَديدٌ، ومَجاعةٌ عَظيمةٌ حتى أَكلَ الناسُ بَعضُهم بَعضًا، وفارَقوا الدِّيارَ المِصريَّة، فوَرَدَ بغدادَ منهم خَلْقٌ كَثيرٌ هَرَبًا مِن الجوعِ، ووَرَدَ التُّجَّارُ، ومعهم ثِيابُ صاحبِ مصر وآلاتُه، نُهِبَت مِن الجوعِ، وكان فيها أشياءُ كَثيرةٌ كانت قد نُهِبَت من دارِ الخِلافةِ وقتَ القَبضِ على الطائعِ لله سنة 381هـ، وممَّا نُهِبَ أيضًا في فِتنةِ البساسيري وخَرَجَ من خَزائنِهم ثمانون ألف قِطعةِ بِلَّوْر كِبار، وخمسة وسبعون ألف قِطعةٍ من الدِّيباج، وعشرون ألف سَيفٍ مُحَلًّى، وغيرُ ذلك كثيرٌ ممَّا يَتَعَجَّبُ المرءُ مِن سَماعِه لِكَثرَتِه وعِظَمِه، وكُلُّه كان في قُصورِ المُستَنصِر، وأَكلَ أهلُ مصر الجِيَفَ والمَيْتَةَ والكِلابَ، فكان يُباع الكَلبُ بخَمسةِ دنانير، وماتت الفِيَلَةُ فأُكِلَت مَيتَتُه، وأُفْنِيَت الدَّوابُّ فلم يَبقَ لصاحبِ مصر سوى ثلاثةُ أَفراس، بعدَ أن كان له العددُ الكثيرُ من الخَيْلِ والدَّوابِّ، ونَزلَ الوزيرُ يومًا عن بَغلتِه فغَفَلَ الغُلامُ عنها لِضَعْفِه من الجوعِ فأَخذَها ثلاثةُ نَفَرٍ فذَبَحوها وأَكلوها فأُخِذُوا فصُلِبُوا فما أَصبَحوا إلَّا وعِظامُهم بادِيَةٌ، قد أَخذَ الناسُ لُحومَهم فأَكَلوها، وظُهِرَ على رَجُلٍ يَقتُل الصِّبيانَ والنِّساءَ ويَدفِن رُؤوسَهم وأَطرافَهم، ويَبيع لُحومَهم، فقُتِلَ وأُكِلَ لَحمُه، وكانت الأعرابُ يَقدَمون بالطعامِ يَبيعونَه في ظاهرِ البلدِ، لا يَتجاسرون يَدخلون لِئلَّا يُخطَف ويُنهَب منهم، وكان لا يَجسُر أَحدٌ أن يَدفِن مَيِّتَهُ نهارًا، وإنَّما يَدفِنه ليلًا خُفيةً، لِئلَّا يُنبَش فيُؤكَل، وبِيعَت ثِيابُ النِّساءِ والرِّجالِ وغيرُ ذلك بأَرخصِ ثَمَنٍ، وكذلك الأملاكُ وغيرُها.
بعد أداء صلاة الجمعة والناس غافلون مُنهَمِكون في أسواقهم وأشغالهم وحقولهم، إذ بالجنودِ الصهاينة يقتَحِمون قريةَ الدوايمة التي تبعُدُ عن الخليل نحو 24 كيلو متر ويحاصِرونَها، فقتلوا المئات من الشيوخ والشباب، وحطَّموا رؤوس الأطفال بالهراوات أمام أمهاتهم، ثم قتلوا الأمهات. واعتدَوا على النساء أمام ذويهن دون أن يعبؤوا بصياحهنَّ واستنجادهن، يقول أحد قادة حزب المابام الصهيوني (إسرائيل جاليلي) إنه شاهَدَ مناظِرَ مُروِّعة من قَتلِ الأسرى، واغتصاب النساء، وغير ذلك من أفعال مَشينة. وبعد ذلك قيَّدوا الرجال الذين تم الإمساك بهم بالحبال والسلاسل، وقادوهم كما تقاد الأغنامُ ووضعوهم في أحد المنازل ومنَعوا عنهم الماء، وفجَّروا المنزل بالديناميت على رؤوسهم. وكان الملاذ الأخير لأهل القرية (الجامع) اعتقادًا منهم أن الجنودَ سيحترمون المسجد، فدخلوا المسجدَ وهم يكَبِّرون، ويقرؤون القرآن الكريم، وما هي إلا لحظات قليلة، وتمَّ قتلهم جميعًا، وكان عددهم (75) شخصًا معظَمُهم من كبار السن والعَجَزة، حيث أُحرِقَ المسجد بمن فيه بعد إغلاقِه بإحكام خوفًا من خروج الجرحى، إذا كان هناك جرحى!! يقول المؤرخ الصهيوني بني موريس: لقد تمت المجزرة بأوامِرَ من الحكومة (الإسرائيلية)، وإن فقرات كاملة حُذِفَت من محضر اجتماع لجنة (حزب المابام) عن فظائع ارتُكِبَت في قرية الدوايمة، وأن الجنود قاموا بذبح المئات من سكان القرية؛ لإجبار البقية على المغادرة. وبلغ عدد قتلى مذبحة الدوايمة ما بين 700 إلى 1000، عدا الذين كانوا يحاوِلون التسلُّل للقرية لأخذ أمتعتهم وطعامهم بعد أيامٍ مِن حصول المجزرة.
سار الحُجَّاجُ من بغداد، فقَدِموا الكُوفةَ، ورَحَلوا منها، فخَرَجت عليهم خَفاجَةٌ، وقد طَمِعوا بمَوتِ السُّلطانِ وبُعْدِ العَسكرِ، فأَوقَعوا بهم، وقَتَلوا أَكثرَ الجُندِ الذين معهم، وانهَزمَ باقيهم، ونَهَبوا الحُجَّاجَ، وقَصَدوا الكوفةَ فدَخَلوها، وأغاروا عليها، وقَتَلوا في أَهلِها، فرَماهُم الناسُ بالنُّشَّابِ، فخَرَجوا بعدَ أن نَهَبوا، وأَخَذوا ثِيابَ مَن لَقوهُ من الرِّجالِ والنِّساءِ، وَصَلَ الخَبرُ إلى بغداد، فسُيِّرَت العَساكرُ منها، فلمَّا سَمِعَ بَنُو خَفاجَةَ انهَزَموا، فأَدرَكَهم العَسكرُ، فقُتِلَ منهم خَلْقٌ كَثيرٌ، ونُهِبَت أَموالُهم، وضَعُفَت خَفاجَةُ بعدَ هذه الوَقعَةِ.
بدأت هذه السنة والوباءُ يتزايد في الشام والموتى بالمئات، وبدأ يتزايد شيئًا فشيئًا، ثم في شهر رجب تناقص الوباء ببلاد الشام، بعدما عم كورة دمشق وفلسطين والساحل، وبلغت عدة من مات بصالحية دمشق زيادة على خمسة عشر ألف إنسان، وأُحصي من ورد ديوان دمشق من الموتى فكانوا نحو الثمانين ألفًا، وكان يموت من غزة في كل يوم مائة إنسان وأزيد، وكان معظم من مات الصغار والخدم والنساء، فخلت الدور منهم إلا قليلًا، وفي رجب وقع الوباء ببلاد الخليل عليه السلام، ثم وقع بدمياط.
بدأت حربُ الـ 33 يومًا بين العدو الصِّهْيَوْني وحزبِ اللهِ، وذلك بعد ما قام الحزب بأسر جنديَّيْنِ وقَتل 8 عندَ موقع تلة الراهب في مشارفِ بلدةِ عيتا الشعب في جنوبِ لُبنانَ، وتمَّ بهذه الحرب قتلُ أكثرَ من 1200 لُبنانيٍّ، وجُرحَ أكثرُ من 4000 مواطنٍ من الجنوب وكافَّة الأراضي اللُّبنانية، كما قام الصهاينةُ بقصف جميع الجسور في لُبنانَ من الجنوب إلى الشمال إلى البقاع، والوسط، والجبل، وقامت أيضًا بأكثرَ من مجزرةٍ كان أعظمُها مجزرةً ثانيةً في قانا، وكان ضحيتها ما لا يقِلُّ عن 55 قتيلًا معظمُهم من الأطفال والنساء.