الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1185 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 528 العام الميلادي : 1133
تفاصيل الحدث:

عَهِدَ الحافظ إلى ولده سليمان، وكان أسَنَّ أولاده وأحبَّهم إليه، وأقامه ليسُدَّ مكان الوزير، فمات بعد ولاية العهد بشهرين، ثم جعل ابنه حيدرة أبا تراب وليَّ عهده ونصبه للنظر في المظالم، فشَقَّ ذلك على أخيه أبي علي حسن؛ لأنه كان يروم ذلك؛ لكثرة أمواله وأولاده وحواشيه وموكبه، بحيث كان له ديوان مفرد. وما زالت عقارب العداوة تدب بينهما حتى وقعت الفتنة بين الطائفية الجيوشية أصحاب حسن، وكان مائلًا لنصرة أهل السنة، والطائفة الريحانية أصحاب حيدرة يميل لنصرة الإسماعيلية، وكانت شوكة الريحانية قوية والجند يشنؤونهم خوفًا منهم، فاشتعلت نيران الحرب بين الفريقين، والتقى العسكران؛ فقتل بينهم ما يزيد على خمسة آلاف رجل. فكانت أول مصيبة نزلت بالدولة العبيدية بمصر من فَقْدِ رجالها ونقص عدد عساكرها، ولم يسلم من الريحانية إلا من ألقى نفسه في بحر النيل من ناحية المقس. واستظهر حسن وصار الأمر إليه، فانضم له أوباش العسكر وزعَّارهم، وفرَّق فيهم الزرد وسماهم صبيان الزرد، وصاروا لا يفارقونه ويحفون به إذا ركب، ويلازمون داره إذا نزل، فقامت قيامةُ الناس، وقبَضَ على ابن العساف وقَتَله واختفى منه الحافظ وحيدرة، وجَدَّ في طلب حيدرة. وهتك بالأوباش الذين اختارهم حرمة القصر وخرق ناموسه من كونه نغَّص على أبيه وأخيه، وصاروا يحسِّنون له كل رذيلة، ويحرِّضونه على أذى الناس، فأخذ الحافظ في تلافي الأمر مع حسن لينصلح؛ وعهد إليه بولاية العهد في يوم الخميس لأربع بقين من شهر رمضان، وأركبه بالشعار، ونُعِت بولي عهد المؤمنين. وكتب له بذلك سجلًّا قرئ على المنابر، فلم يزده ذلك إلا شرًّا وتعدِّيًا، فضيق على أبيه وبالغ في مضرته. فسير الحافظ وفيَّ الدولة إسحاق، أحد الأستاذين المحنكين، إلى الصعيد ليجمع ما قدر عليه من الريحانية، فمضى واستصرخ على حسن، وجمع من الأمم ما لا يعلمه إلا الله، وسار بهم، فبلغ ذلك حسنًا فجهز إليه عسكرًا عرمرمًا وخرج؛ فالتقى الجمعان، وهبت ريح سوداء في وجوه الواصلين، وركبهم عسكر حسن، فلم يفلت منهم إلا القليل، وغرق أكثرهم في البحر وقُتلوا، وأُخذ الأستاذ إسحاق وأُدخل إلى القاهرة على جمل برأسه طرطور لبد أحمر. فلما وصل بين القصرين رُمي بالنشاب حتى مات، ورُمي إليهم من القصر الغربي أستاذ آخر فقتلوه، وقُتِل الأمير شرف الأمراء، فاشتدت مصيبة الدولة بفقد من قُتل من الأمراء الذين كانوا أركان الدولة، وهم أصحاب الرأي والمعرفة، فوهت واختلت لقلة الرجال وعدم الكفاءة، ومن حينِ قَتلَ حسن الأمراءَ تخوَّفه باقي الجند ونفرت نفوسُهم منه؛ فإنه كان جريئًا عنيفًا بحاثًا عن الناس، يريد إقلاب الدولة وتغييرها لتقدُّم أصحابه، فأكثر من مصادرة الناس. أورد الذهبي في تاريخه خبر الخلاف بين الأخوين بقوله: "جاءت الأخبار من مصر بخلف ولدَيِ الحافظ لدين الله عبد المجيد، وهما: حيدرة، والحسن. وافترق الجند فرقتين؛ إحداهما مائلة إلى الإسماعيلية، والأخرى إلى مذهب السنة. فاستظهرت السنة، وقتلوا خلقًا من أولئك، واستحرَّ القتل بالسودان، واستقام أمر ولي العهد حسن، وتتبَّع من كان ينصر الإسماعيلية من المقدَّمين والدعاة، فأبادهم قتلًا وتشريدًا".

العام الهجري : 1394 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1974
تفاصيل الحدث:

هو الحاجُّ محمد أمين بنُ محمد طاهر بن مصطفى الحُسيني مفتي القدس. وُلد في القدسِ سنة 1897م، تربَّى في بيت والدِه الشيخِ طاهر الحسينيِّ مفتي القدس، عُرِف بالحاج أمين الحسينيِّ بعد أن حجَّ برفقة والدتِه. تلقَّى علومه الابتدائيَّة والثانوية في مدارسِ القدسِ، ثم التحق بكلية الفرير بالقدس لتعلُّم اللغةِ الفرنسية، بعدها التحق بجامعة الأزهر، وكان يتردَّد على (دار الدعوة والإرشاد) التي أنشأها الشيخُ محمد رشيد رضا حيث تأثَّر به وبفكره الإصلاحيِّ، ومن خلال معرفته به عرف الكثير عنِ الصهيونية وأطماعِها في فلسطين، وبعدَ نُشوب الحرب العالمية الأولى التحق بكلية الأستانةِ العسكرية وتخرَّج منها ضابطًا، والتحق بالجيش العثماني في ولاية أزمير، وعمل فيه حتى نهاية الحرب؛ مما أكسبه خبرة جيِّدة كان لها الأثرُ الأكبر في شخصيتِه وحياتِه. بعدَ نهاية الحرب عاد الحسينيُّ إلى القدس وهو برتبة ضابطٍ، ملِمًّا بالفكر الإسلاميِّ، والعلوم المفيدةِ، والخبرة العسكريةِ، ويعرفُ منَ اللغات الأجنبية التركيةَ والفرنسيةَ، بالإضافة إلى ذلك كلِّه كان بحكم انتمائه إلى أسرة آل الحسيني مهيَّأً ليكون زعيمًا وداعيةً مسموع الكلمةِ. عندما احتلَّ الإنجليز فلسطين انصرف الحُسينيُّ إلى تنظيم الفلسطينيين في حركة وطنية شاملة ضدَّ الاستعمار والصهيونية، فكوَّنوا في القدس أوَّل منظمة سياسيَّة عرفتها فلسطين هو (النادي العربي)، وانتُخب الحسينيُّ رئيسًا له، وكان لهذا النادي أثر كبير في انطلاق الحركة الوطنية الفلسطينية، وقيام المظاهرات ضد الاحتلالِ. تسلَّم الحسينيُّ منصبَ الإفتاء رسميًّا، فأعاد تنظيم المحاكم الشرعية، واختار لها القضاة، ونظَّم الأوقاف، وأخذ يعمل على تقوية المدارس الإسلامية وتنظيم أمورها، كما شارك في تأسيس مجلس شرعي إسلامي لفلسطين تألَّف من مجموعة من العلماء، وعُين الحسيني رئيسًا لهذا المجلس الذي سُمي (المجلس الإسلامي الأعلى) الذي أصبح على مرِّ الأيام أقوى قوة وطنية إسلامية فلسطينية. كان الحاج أمين القوة الدافعة للحركة الوطنية، ومركز الثقل في المقاومة الفلسطينية؛ مما حفَّز الإنجليز واليهود إلى مقاومته والتخلُّص منه، فخرج الحاجُّ من فلسطين إلى لبنانَ بعد رفضه لقرار التقسيم 1937م وتحريضه للفلسطينيين ضدَّ الاحتلالِ، ومكث في لبنان عامين، ثم فرَّ منها إلى العراق، ولما سمع الحاج بالمآسي التي حلَّت بالشعب البوسني المسلم اجتمع بزعماءِ البوسنة والهرسك في ألمانيا؛ للعمل على منع وقوع المذابحِ فيهم، فحصَل على موافقةِ الحكومة الألمانية على تجنيدِ الشبَّان منهم وتسليحِهم للدفاع عن أنفسهِم وعائلاتهم، وكذلك اتَّفق مع السلطات الألمانية على إنشاء معهد للأئمة؛ لتوزيعِهم على وَحدات الفرق البوسنيَّة الذين زاد عددُهم عن 100 ألف مقاتل مع دول المحورِ، ولما زحف الحلفاء على ألمانيا عام 1945م انتقل الحاج أمين إلى باريس، ومنها إلى مصر، وفي مصر شكَّل الهيئة العربية العليا لفلسطين برئاسته؛ حيثُ نظَّم الحركة الوطنية الفلسطينية تنظيمًا حديثًا، بل ومدَّ نشاطه إلى الدائرة الإسلامية؛ حيث كان يرأس مؤتمرات إسلامية في مكة نشأت عنها مؤسسة دائمة باسم (مؤتمر العالم الإسلامي) برئاسته، وظل يشغل هذا المنصب طيلة حياته إلى أن تُوفي رحمه الله في بيروت ودُفن في مقبرة الشهداء بالحرج.

العام الهجري : 1343 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1925
تفاصيل الحدث:

في عام 1924 ألَّف الدكتور عبد الرحمن الشهبندر بدمشق حزبًا سياسيًّا سمَّاه حزب الشعب، وتولى رئاسته، وأطلق على نفسِه لقب الزعيم، وأخذ يعمَلُ في تنظيم العمل السياسي ويدعو إلى الوَحدة العربية، ويطالِبُ بإلغاء الانتداب، وإقامة جمهورية سورية في نطاق الاتحاد مع جميع البلدان العربية المستقِلَّة؛ ولتحقيق ذلك بدأ الدكتور عبد الرحمن الشهبندر الاتصالَ بزعماء ووجهاء المدن السورية يحثُّهم على الثورة ضِدَّ الاستعمار الفرنسي ويشحَذُ هِمَمهم ويعزِّز شعورهم الوطني، ويطلب منهم بدء الكفاح المسلَّح لنيل الاستقلال، وتحقيق الحلم الوطني العربي بإقامة الجمهورية السورية العربية، وقد جاءت الثورةُ السورية الكبرى كرَدِّ فعلٍ على السياسات الدكتاتورية العسكرية التي اتبعَتْها السلطات الفرنسية الاستعمارية، والمتمثِّلة في تمزيق سوريا إلى عدَّة دويلات، وإلغاء الحريات، وملاحقة الوطنيين، وإثارة النزعات الطائفية، ومحاربة الثقافة والطابع العربي للبلاد، ومحاولة إحلال الثقافة الفرنسية، بالإضافة إلى رفضِ سُلُطات الانتداب عَقْدَ اتفاق مع القوى الوطنية السورية لوضع برنامج زمني لاستقلال سوريا، انطلقت ثورة سوريا الكبرى في 29 ذي الحجة الموافق 21 تموز / يوليو، وانضَمَّ تحت لوائها عددٌ من المجاهدين من مختَلِف مناطق سوريا ولبنان والأردن، ومنهم دروز الجبل، وقد شَهِدت سوريا خمسًا وثلاثين ثورة قبل الثورة الكبرى، وقُتِلَ في تلك الثورات ما يقرُبُ من خمسة آلاف جندي فرنسي، وكان الدروز غائبين تمامًا عن كل تلك الثورات 35 ثورة، وبعد وفاة سليم الأطرش حاكِمِ جبل الدروز وتعيين حاكم فرنسي بدلًا عنه ناقضين اتفاقَهم مع زعماء الجبل الذين نفاهم الجنرال سراي بعد ذلك، فتمرد الدروز ووقعت معركةُ المزرعة؛ مما اضطر سراي أن يدخُلَ في مفاوضات مع الدروز لوقف القتال وإطلاق سراح الزعماء، ثم اتصل أعضاءُ حزب الشعب بزعماء الدروز في الجبل وقرَّروا التعاونَ للدفاع عن استقلال البلاد، وحثَّ الدكتور عبد الرحمن الشهبندر زعيمَ الدروز الجديدَ سلطانَ الأطرش على التقدُّم نحو دمشق ضِدَّ السلطات الفرنسية، فاشتعلت المعارِكُ حول دمشق وغوطتها والجبل وقراه، فأرسلت فرنسا الجنرالَ جاملان وعيَّنوه قائدًا عامًّا لجيش الشرق، فزحف نحو الجبل ولم يستطِع احتلال عاصمة الجبل السوداء، ثم نشبت ثورة حماة في تشرين الأول 1925م وانتشرت إلى دمشق وعمَّت أنحاء سوريا، وقُصفت قوات فرنسا في دمشق بعد أن اتَّسع نطاق حرب العصابات، فأطلق الفرنسيون نيرانَ مدافِعِهم وقنابل طائراتِهم على دمشق وأسواقها وأحيائها أيامًا وشهورًا خلال الثورة، واشتركت في هذه الثورة جميعُ الطوائف بما فيهم البدوُ، إلَّا أنَّ بعضَ الطوائف لم تشترك بالثورة، مثل النصيريين وسكان سنجق إسكندرون، وأغلبهم نصيرية، وكانت القواتُ الفرنسية تستعين في إخماد الثورات على الأقليات الذين جنَّدَتْهم للثورة، كالأرمن وبعض الشراكسة وبعض البدو الذين كان لهم ثأرٌ مع الدروز، ولكِنْ في أواخر أيام الثورة انضمَّ الدروز إلى السلطات الفرنسية تحت لواء قيادتهم عبد الغفار الأطرش ومتعب الأطرش، وتطوعوا في الجيش الفرنسي وأجهزة الأمن الفرنسية، وقد كانوا قبل ذلك في اللجنة العليا للثورة السورية التي أعلن المجاهِدونَ حَلَّها بعد هذه الخيانة، وأمَّا عموم النصارى فكان غالِبُهم وقف موقف المتفَرِّج، غير الذين كانوا يعملون في أجهزة الأمنِ الفرنسي، وكان النصارى في دمشق يضعون على منازلهم أقمشةً بيضاء عليها صليبٌ أحمر لِيَعرِفَ الطيارون أنها بيوت للنصارى فلا يقصِفونها، وأما الغوطة فقد كانت ملجأً للمجاهدين، فقام الفرنسيون بإحراق معظَمِ بساتينها، وفرضت السلطاتُ الفرنسية غراماتٍ مالية على الأهالي فوق القَصفِ العشوائي الذي استنكرته القناصِلُ، وهاجر كثيرٌ من أهل دمشق إلى بيروت ومصر وغيرها، واستمر مسلسل العنف والدمار إلى أيار 1926م، ثم حدثت مفاوضاتٌ مع بعض المسؤولين السوريين بَقِيَت قرابة التسعة أشهر، لكِنْ دون نتيجة، فعادت سياسةُ العنف والقصف والنهب للأحياء كما كانت.

العام الهجري : 12 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 633
تفاصيل الحدث:

كتَب هُرمُز إلى أَرْدَشِير وشِيرَى بخبرِ مَسِيرِ خالدٍ إليه مِن اليَمامةِ، فأَمَدَّهُ بقارَن بن قِرْيانِس، فخرَج قارَنُ مِن المدائن حتَّى إذا انتهى إلى المَذارِ بَلَغَتْهُ الهَزيمةُ، فعَسْكَرَ قارَنُ وفُلولُ الفُرْس بالمَذارِ بالقُربِ مِن نهرِ دِجْلة، واستعمَل على مُجَنِّبَتِهِ قُباذَ وأَنُوشَجان، ولمَّا انتهى الخبرُ إلى خالدٍ عن قارَن قسَمَ الفَيءَ على مَن أفاءَهُ الله عليه، ونَفَّلَ مِن الخُمُسِ ما شاء الله، وبعَثَ ببَقِيَّتِهِ وبالفتحِ إلى أبي بكرٍ. ثمَّ خرَج خالدٌ سائرًا حتَّى نزَل المَذارَ على قارَن في جُموعِه، فالتقَوْا وخالدٌ على تَعْبِيَتِهِ، فاقتتلوا على حَنَقٍ وحَفِيظَةٍ، وخرَج قارَنُ يدعو للبِرازِ، فبرَز له خالدٌ وأبيضُ الرُّكْبان مَعْقِلُ بن الأَعْشى فابْتدَراهُ، فَسَبَقَهُ إليه مَعْقِلٌ فقَتَلَهُ، وقتَل عاصمُ بن عَمرٍو الأَنُوشَجانَ، وقتَل عَدِيُّ بن حاتم قُباذَ, وقُتِلَت فارسٌ مَقتَلةً عظيمةً، فرَكِبَ الفُرْسُ السُّفُنَ، ومنعت المياهُ المسلمين مِن طَلَبِهم، وأقام خالدٌ بالمَذارِ، وسَلَّمَ الأسلابَ لمن سَلَبَها بالغةً ما بَلغَت، وقَسَم الفَيْءَ، ونَفَّلَ مِن الأخماسِ أهلَ البَلاءِ، وبعَث ببَقِيَّةِ الأخماسِ،  وقِيلَ: قُتِلَ ليلةَ المَذارِ ثلاثون ألفًا سِوَى مَن غرَق، ولولا المياهُ لأُتِيَ على آخرِهم، ولم يُفْلِتْ منهم مَن أَفْلَت إلَّا عُراةً وأشباهَ العُراةِ. ثمَّ أخَذ خالدٌ يَسْبِي ذَراريَّ المُقاتِلة ومَن أعانهم، وأَقرَّ الفلَّاحين ومَن أجاب إلى الخَراجِ مِن جميعِ النَّاسِ بعدَ ما دُعوا، وكلُّ ذلك أُخِذَ عَنْوَةً ولكن دُعوا إلى الجزاءِ، فأجابوا وتَراجَعوا، وصاروا أهلَ ذِمَّةٍ، وصارت أرضُهم لهم. وكان في السَّبْيِ حبيبٌ أبو الحسنِ -يعني أبا الحسنِ البَصْريَّ- وكان نَصرانِيًّا.

العام الهجري : 12 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 633
تفاصيل الحدث:

كان الآزاذِبَةُ مَرْزُبان الحِيرَةِ أي حكام الحيرة, فلمَّا أَخرَب خالدٌ أَمْغِيشِيا عَلِم الآزاذبةُ أنَّه غيرُ مَتروكٍ، فأخذ في أَمْرهِ وتَهيَّأ لحربِ خالدٍ، لمَّا تَوجَّه خالدٌ إلى الحِيرَةِ وحمَل الرِّحالَ والأثقالَ في السُّفُنِ أَرسلَ الآزاذبةُ ابنَهُ لِيقطَعَ الماءَ عن السُّفُنِ, فتعَجَّلَ خالدٌ في خَيلٍ نحو ابنِ الأزاذبةِ فلَقِيَهُ على فُراتِ بادِقْلَى، فقتَلهُ وقتَل أصحابَهُ، وسار نحو الحِيرَةِ، فهرَب منه الآزاذبةُ، وكان قد بَلغَهُ مَوتُ أَرْدَشِير وقتلُ ابنِه، فهرَب بغيرِ قِتالٍ، فتَحصَّنَ أهلُ الحِيرَةِ فحصَرهُم في قُصورِهم. دخل خالدٌ الحِيرَةَ، وأَمَر بكلِّ قَصْرٍ رجلًا مِن قُوَّادِه يُحاصِر أهلَهُ ويُقاتِلهم، فعَهِدَ خالدٌ إلى أُمرائِهِ أن يَبدءوا بِدَعوَتِه إحدى ثلاثٍ، فإن قَبِلوا قَبِلوا منهم، وإن أَبَوْا أن يُؤَجِّلوهم يومًا، وقال: لا تُمَكِّنوا عَدُوَّكُم مِن آذانِكُم فيَتربَّصوا بِكُم الدَّوائرَ، ولكن ناجِزوهُم ولا تُرَدِّدوا المسلمين عن قِتالِ عَدُوِّهِم. فلمَّا دَعَوْهُم أَبَوْا إلَّا المُنابذَةِ, فنَشَبَ القِتالُ وأَكثرَ المسلمون القتلَ فيهم، فنادى القِسِّيسون والرُّهْبانُ: يا أهلَ القُصورِ، ما يقتلنا غيرُكم. فنادى أهلُ القُصورِ: يا مَعشرَ العربِ، قد قَبِلْنا واحدةً مِن ثلاثٍ، فادعوا بنا وكُفُّوا عَنَّا حتَّى تُبلِّغونا خالدًا. فخرَج قائدٌ مِن كلِّ قصرٍ، فأُرسلوا إلى خالدٍ، مع كلِّ رجلٍ منهم ثِقَةٌ، لِيُصالح عليه أهلَ الحِصْن، فخلا خالدٌ بأهلِ كلِّ قصرٍ منهم دون الآخرين، وقد حاوَر خالدُ بن الوَليد أحدَ رُؤسائِهم وهو عَمرُو بن عبدِ المَسيحِ ابنُ بُقَيْلَةَ، وكان مع خادمِه كِيسٌ فيه سُمٌّ، فأخَذهُ خالدٌ ونَثَرَهُ في يَدِهِ وقال: لِمَ تَستَصْحِب هذا؟ قال: خشيتُ أن تكونوا على غيرِ ما رأيتُ، فكان الموتُ أحبَّ إليَّ مِن مَكروهٍ أُدْخِلُه على قَومي.

العام الهجري : 305 العام الميلادي : 917
تفاصيل الحدث:

هو عُمَرُ بنُ حَفصون بن عمر بن جعفر بن دميان بن فرغلوش بن أذفونش القس, وينتمي عمر بن حفصون لأسرة من المولَّدين قوطيَّة الأصل, فجَدُّه الأعلى وقت الفتح هو القِسُّ ألفونسو، وأوَّلُ من أسلَمَ مِن أسرته هو جدُّه الرابع جعفر, وابنُ حفصون هو رأس الخوارجِ بجزيرة الأندلس, وأحدُ أشهَرِ معارضي سُلطة الدولة الأمويَّة في الأندلس، وكاد أن يغلِبَ على الأندلس، وأتعبَ السَّلاطينَ، وطال أمرُه، وعظُم البلاءُ به، وكان جَلْدًا شُجاعًا فاتكًا، وكان يتحصَّن بقلعةٍ منيعةٍ في جبل ببشتر، فتح باب الشِّقاقِ والخلاف في الأندلس، نُعِت باللَّعينِ والخبيثِ ورأسِ النفاق، أوَّل ما ثار على الأمير محمد بن عبد الرحمن عام 270 واستفحل أمرُه، ثمَّ أظهر النصرانيَّة سنة 286 فاتَّصلَت عليه المغازي. أظهَرَ الطاعات مراتٍ وقُوبِلَ بالعفوِ، ولكنه لم يلبَثْ أن يتمَرَّدْ مَرَّةً أخرى، وكان عُبيد اللهِ الفاطمي العُبَيدي اعترف به وبزعامته وأمَدَّه بالذخائرِ والأسلحة ودعا له في المساجدِ؛ كلُّ ذلك أملًا منه أن ينضمَّ للفاطميِّينَ، عاصَرَ ابنُ حفصون في ثورته أربعةً مِن الأمراء الأمويين، بدأ في عهدِ الأمير محمد بن عبد الرحمن وحتى عهد عبد الرحمن الناصر لدين الله، وسيطر خلالَها على مناطِقَ كبيرةٍ في جنوبِ الأندلس، ولاقت حركتُه ترحيبًا من أعداد كثيرةٍ مِن سُكَّانِ تلك المناطِقِ من المولَّدين والمُستعربين، وقاومتها سُلُطاتُ الدولة بحزمٍ إلى أن أنهى عبدُ الرحمن الناصِرُ لدين الله حركةَ ابن حفصون وخلفائِه تمامًا عام 316، بعد عشرِ سَنواتٍ على وفاة عُمَرَ بنِ حفصون نفسِه, ولما توفِّيَ خَلَفَه ابنُه سُلَيمانُ.

العام الهجري : 311 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 923
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ العلَّامةُ الحافِظُ الفقيهُ، شيخ الحنابلةِ وعالِمُهم، أبو بكر أحمدُ بنُ محمَّد بن هارون بن يزيد البغدادي المعروفُ بالخَلَّال. ولِدَ سنة 234، أو في التي تليها، ويجوز أن يكون رأى الإمامَ أحمد، ولكنَّه أخذ الفقهَ عن خلقٍ كثيرٍ مِن أصحابه، رحل إلى فارس وإلى الشَّام والجزيرةِ يتطلَّبُ فِقهَ الإمامِ أحمدَ وفتاويَه وأجوبتَه، وكتب عن الكِبارِ والصِّغارِ، حتى كتب عن تلامذتِه، ثمَّ إنَّه صَنَّف كتابَ "الجامِع في الفقه" من كلام الإمام. قال الخطيب: "جمعَ الخَلَّالُ علومَ أحمدَ وتطَلَّبَها، وسافر لأجلِها، وكَتَبَها، وصنَّفَها كُتبًا، لم يكن فيمن ينتحِلُ مذهب أحمد أحدٌ أجمَعُ لذلك منه". له التصانيفُ الدائرة والكتُب السائرة، من ذلك الجامِعُ، والعِلَل، والسُّنَّة، والعِلم، والطبقات، وتفسير الغريب، والأدب، وأخلاق أحمد، وغير ذلك. سمع مِن الحسَنِ بنِ عَرَفةَ، وسعدانَ بنِ نصر، ومحمد بن عوف الحمصي وطبقته، وصحِبَ أبا بكر المروذي إلى أن مات، وسمع جماعةً من أصحاب الإمام أحمد، منهم صالح وعبدالله ابناه، وإبراهيم الحربي، والميموني، وبدر المغازلي، وأبو يحيى الناقد، وحنبل، والقاضي البرني، وحرب الكرماني، وأبو زرعة، وخَلقٌ سواهم سمع منهم مسائِلَ أحمدَ، ورحل إلى أقاصي البلاد في جَمعِها وسماعِها ممَّن سَمِعَها من الإمامِ أحمد وممن سَمِعَها ممَّن سَمِعَها منه، وشَهِدَ له شيوخُ المذهبِ بالفَضلِ والتقَدُّم، حدَّث عنه جماعةٌ منهم أبو بكر عبدالعزيز، ومحمد بن المظفر، ومحمد بن يوسف الصيرفي، وكانت له حلقة بجامع المهدي، ومات يوم الجمعة لليلتين خلتا من شهر ربيعٍ الآخر.

العام الهجري : 363 العام الميلادي : 973
تفاصيل الحدث:

لَمَّا استقَرَّ المعِزُّ الفاطميُّ بالدِّيارِ المصرية وابتنى فيها القاهرةَ والقصرينِ وتأكَّدَ مُلكُه، سار إليه الحُسَين بن أحمد القرمطي من الأحساءِ في جمعٍ كثيفٍ مِن أصحابه، والتَفَّ معه أميرُ العرب ببلادِ الشَّامِ وهو حَسَّان بنُ الجراح الطائي، في عربِ الشَّامِ بكَمالِهم، فلمَّا سَمِعَ بهم المعِزُّ أُسقِطَ في يده لكَثرتِهم، وكتب إلى القرمطيِّ يَستَميلُه ويقولُ: إنَّما دعوةُ آبائك كانت إلى آبائي قديمًا، فدَعْوتُنا واحدةٌ، ويذكُرُ فيه فَضلَه وفَضل َآبائه، فردَّ عليه الجواب: وصل كتابُك الذي كثُرَ تفضيلُه وقَلَّ تَحصيلُه، ونحن سائِرونَ إليك على إثْرِه. والسَّلامُ، فلمَّا انتَهَوا إلى ديار مصرَ عاثُوا فيها قتلًا ونَهبًا وفسادًا، وحار المعِزُّ فيما يصنَعُ وضَعُفَ جَيشُه عن مقاومتِهم، فعدل إلى المَكيدةِ والخديعة، فراسَلَ حَسَّان بن الجرَّاحِ أميرَ العرب ووَعَده بمائةِ ألف دينارٍ إن هو خذَّلَ بين النَّاسِ، فبعث إليه حسَّان يقولُ: أنِ ابعَثْ إليَّ بما التزمْتَ وتعالَ بمَن معك، فإذا لَقِيتَنا انهَزَمْتُ بمن معي، فلا يبقى للقَرمطيِّ قُوَّةٌ، فتأخذُه كيف شِئتَ، فأرسل إليه بمائةِ ألفِ دينارٍ في أكياسِها، ولكِنَّ أكثَرَها زغلٌ ضَربُ النُّحاسِ وألبَسَه ذهبًا وجعَلَه في أسفَلِ الأكياسِ، وجعل في رؤوسِها الدنانيرَ الخالصةَ، ولَمَّا بعَثَها إليه رَكِبَ في إثرِها في جيشِه، فالتقى النَّاسُ فانهزم حسَّانُ بمن معه، فضَعُفَ جانِبُ القرمطي وقَوِيَ عليه الفاطميُّ فكَسَره، وانهزمت القرامطةُ ورجعوا إلى أذرِعاتٍ في أذَلِّ حالٍ وأرذَلِه، وبعث المعِزُّ في آثارهم القائِدَ أبا محمود بن إبراهيم في عشرةِ آلاف فارس، ليحسِمَ مادَّةَ القرامطة ويُطفِئَ نارَهم عنه.

العام الهجري : 444 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1053
تفاصيل الحدث:

الإمامُ، الحافظُ، المُجَوِّدُ، المُقرِئُ، الحاذِقُ، عَالِمُ الأندلُس، أبو عَمرٍو عُثمانُ بن سَعيدِ بن عُثمان الدَّاني، المعروف بابنِ الصَّيْرَفِيِّ، وبأبي عَمرٍو الدَّاني، مالِكي المَذهَب، وُلِدَ سنة 371هـ بدأ بِطَلَبِ العِلمِ في قُرطبة سَنةَ 386هـ, ثم رَحلَ إلى المَشرِق وسَمِعَ الحَديثَ في القَيروان ومصر، وهو أَحدُ الأَئِمَّة في عِلمِ القُرآن رِواياتِه، وقِراءاتِه، وتَفسيرِه، ومَعانِيه، وطُرُقِه، وإعرابِه، وإليه انتهى عِلمُ القِراءات وإتقانُ القُرآن، وجَمعَ في ذلك كُلِّهِ تَواليفَ حِسانًا مُفيدةً، وله مَعرِفَة بالحَديثِ وطُرُقِه، وأسماء رِجالِه ونَقَلَتِهِ، وكان حَسَنَ الخَطِّ، جَيِّدَ الضَّبطِ، مِن أهلِ الذَّكاءِ والحِفظِ، والتَّفنُّنِ في العِلمِ، دَيِّنًا فاضِلًا، وَرِعًا مُجابَ الدَّعوةِ. لم يكُن في عَصرِه ولا بَعدَ عَصرِه أحدٌ يُضاهيهِ في حِفظهِ وتَحقيقِه، وكان يقول: "ما رأيتُ شَيئًا قط إلا كَتبتُه، ولا كَتبتُه إلا وحَفِظتُه، ولا حَفِظتُه فنَسيتُه". وكان يُسألُ عن المَسأَلةِ مما يَتعلَّق بالآثارِ وكلامِ السَّلفِ، فيُورِدها بجميعِ ما فيها مُسنَدَةً من شُيوخِه إلى قائلِها. وله مُؤلَّفاتٌ تُعتَبر هي المرجِعُ في القِراءات مثل: ((التَّيسير في القِراءاتِ السَّبْعِ))، و((المقنع في رَسْمِ المصاحِف)) و((المُحكَم في نَقْطِ المصاحِف)) و((الاهتداء في الوقفِ والابتداء)) وغيرها، قال الذهبي: " كان بين أبي عَمرٍو الدَّاني، وبين أبي محمد بن حَزمٍ وَحشَةٌ ومُنافرَةٌ شَديدةٌ، أَفضَت بهما إلى التَّهاجي، وهذا مَذمومٌ مِن الأَقرانِ، مَوفورُ الوُجودِ، نَسألُ اللهَ الصَّفحَ, وأبو عَمرٍو أَقْوَمُ قِيلًا، وأَتْبَعُ للسُّنَّةِ، ولكنَّ أبا مُحمدٍ أَوسعُ دَائِرةً في العُلومِ، بَلغَت تَواليفُ أبي عَمرٍو مائةً وعِشرين كِتابًا". تُوفِّي في الأَندلُس عن 73 عامًا. ودُفِنَ ليومِه بعدَ العَصرِ بِمَقبرةٍ دانِيَةٍ، ومَشى سُلطانُ البَلدِ أمامَ نَعشِه، وشَيَّعَهُ خَلْقٌ عَظيمٌ.

العام الهجري : 536 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1141
تفاصيل الحدث:

سار خوارزم شاه إلى خراسانَ بعد أن هزم سنجر، فقصد سرخس، فلمَّا وصَلَ إليها لَقِيَه الإمامُ أبو محمد الزيادي، وكان قد جمَعَ بين الزُّهدِ والعلم، فأكرَمَه خوارزم شاه إكرامًا عظيمًا، ورحل مِن هناك إلى مَرْو الشاهجان، فقصده الإمامُ أحمد الباخرزي، وشَفِعَ في أهلِ مَروٍ، وسأل ألَّا يتعَرَّضَ لهم أحَدٌ من العسكَرِ، فأجابه إلى ذلك، ونزل بظاهرِ البلد، واستدعى أبا الفَضلِ الكرمانيَّ الفقيهَ وأعيان أهلَها، فثار عامَّةُ مرو وقتلوا بعضَ أهل خوارزم شاه، وأخرجوا أصحابَه من البلد، وأغلقُوا أبوابه، واستعَدُّوا للامتناع، فقاتَلَهم خوارزم شاه، ودخل مدينةَ مَرْوٍ سابِعَ عَشرَ ربيع الأول، وقتل كثيرًا من أهلِها، ثم سارَ في شوال إلى نيسابور، فخرج إليه جماعةٌ مِن فُقَهائِها وعلمائها وزهَّادها، وسألوه ألَّا يفعلَ بأهلِ نيسابور ما فعل بأهلِ مَرو، فأجابهم إلى ذلك لكِنَّه استقصى في البَحثِ عن أموالِ أصحاب السُّلطان فأخذها، وقطع خُطبةَ السُّلطان سنجر، أوَّلَ ذي القعدة، وخطبوا له؛ فلمَّا تَرَك الخطيبُ ذِكْرَ السُّلطانِ سنجر وذَكَرَ خوارزم شاه، صاح النَّاسُ وثاروا، وكادت الفِتنةُ تثور والشَّرُّ يعود جديدًا، وإنما منع النَّاسَ مِن ذلك ذوو الرأي والعَقلِ؛ نظرًا في العاقبةِ، فقُطِعَت إلى أوَّلِ المحرم سنةَ سَبعٍ وثلاثين ثم أعيدَت خطبة السُّلطانِ سنجر، ثمَّ سَيَّرَ خوارزم شاه جيشًا إلى أعمالِ بيهق، فأقاموا بها يُقاتِلونَ أهلَها خمسةَ أيام، ثمَّ سار عنها ذلك الجيشُ يَنهبونَ البلاد، وعَمِلوا بخراسان أعمالًا عظيمةً، ومنع السُّلطانُ سنجر من مقاتلة أتسز خوارزم شاه خوفًا من قوةِ الخطا بما وراءَ النَّهرِ، ومجاورتهم خوارزمَ وغيَرها من بلادِ خُراسان.

العام الهجري : 600 العام الميلادي : 1203
تفاصيل الحدث:

في هذه السنة كان ابتداءُ ملك تيموجين (جنكيز خان) ملك التتار، وهو صاحِبُ الياسق وَضَعَه ليتحاكَمَ إليه التتارُ ومن معهم من أمراء الترك, وهو والِدُ تولي، وجَدُّ هولاكو بن تولي. وُلِدَ تيموجين في غُرَّة محرم سنة 550 في منغوليا على الضفة اليمنى لنهر الأونون في مقاطعة دولون بولداق، وهذه المقاطعةُ توجَدُ اليوم في الأراضي الروسيَّة، وكان أبوه بسوكاي رئيسًا لقبيلة قيات المغولية الذي كان وقت ولادة ابنه غائبًا في قتال مع قبيلة أخرى، واستطاع أن يقتُلَ زَعيمَها واسمه تيموجين، وحينما عاد منتصرًا فَرِحَ بمولوده واستبشر به فسَمَّاه باسم القائد الذي صرعه؛ لأنَّه كان معجبًا به؛ لفرط شجاعتِه، ولما بلغ تيموجين من العمر حوالي ثلاثة عشر عامًا مات أبوه بسوكاي سنة 563 فحَلَّ محَلَّه في رئاسة القبيلة إلَّا أن رجال قبيلته استصغروا سِنَّه واستضعفوه فانفَضُّوا عنه وتفَرَّقوا ورفضوا طاعتَه. ولكن حينما بلغ السابعة عشرة من عمره استطاع بقُوَّةِ شَخصيَّتِه وحِدَّة ذكائه أن يعيدَ رِجالَ قبيلته إلى طاعتِه وأن يُخضِعَ المناوئين له، حتى تمت له السيطرةُ عليها, واصل تيموجين خطَّتَه في التوسُّعِ على حساب جيرانه، فبَسَط سيطرتَه على منطقة شاسعة من إقليم منغوليا، تمتَدُّ حتى صحراء جوبي، حيث مَضارِبُ عدد كبير من قبائل التتار، ثم دخل في صراع مع حليفِه رئيس قبيلة الكراييت، وكانت العلاقات قد ساءت بينهما بسبب الدسائس والوشايات، وتوجَّس "أونك خان" زعيمُ الكراييت من تَنامي قوَّة تيموجين وازديادِ نفوذِه؛ فانقلب حُلَفاءُ الأمس إلى أعداء وخصوم، واحتكما إلى السيف، وكان الظَّفَرُ في صالح تيموجين سنة 600, فاستولى على عاصمتِه "قره قورم" وجعَلَها قاعدةً لملكه، وأصبح تيموجين بعد انتصارِه أقوى شخصيَّة مغولية، فنودي به خاقانا، وعُرِفَ باسم "جنكيز خان" أي: إمبراطور العالم.

العام الهجري : 698 العام الميلادي : 1298
تفاصيل الحدث:

لَمَّا رجعت طائفةٌ مِن الجيش من بلاد سيس بسَبَبِ المرض الذي أصاب بعضَهم، فجاء كتابُ السلطان بالعَتبِ الأكيدِ والوعيد الشديد لهم، وأن الجيش يخرج جميعًا صحبةَ نائِبِ السلطنة قبجق إلى هناك، ونصَبَ مَشانِقَ لِمن تأخر بعُذرٍ أو غيره، فخرج نائبُ السلطنة الأميرُ سيف الدين قبجق وصحبته الجيوش، وخرج أهل البلد للفرجة على الأطلابِ على ما جرت به العادة، فبرز نائبُ السَّلطنة في أبَّهة عظيمة، فدعت له العامة وكانوا يحبُّونَه، واستمَرَّ عسكر الجيش سائرين قاصدين بلاد سيس، فلمَّا وصلوا إلى حمص بلغ الأميرَ سيفَ الدين قبجق وجماعةً من الأمراء أنَّ السلطانَ قد تغَلَّت خاطرُه بسببِ سَعيِ منكوتمر فيهم؛ فإن السلطان لاجين لَمَّا تولى السلطنة خلَفَ بوَعدِه للأمراء أنَّه لن يلي مملوكُه منكوتمر شيئًا، ولكنه أمَّرَه بل جعَلَه نائبَه الأوَّلَ، بل انقاد لرأيِه في الأمراءِ؛ حيث إنَّ منكوتمر أمَّلَ أن يكونَ وليَّ عهد السلطان لاجينَ خاصَّةً أن السلطان كان قد مَرِضَ ولم يكن له ولَدٌ ذكَرٌ وليًّا لعهده، فعَمِلَ على إبعاد مُنافِسيه من الأمراء الذين بمصرَ، وتمكَّنَ من السعي بهم والقَبض ِعليهم، وبدا أنَّ السلطانَ يميلُ إلى الاحتجاب وتفويضِ أمورِ السلطنة إلى منكوتمر، وبَقِيَ عليه إزاحةُ أمراء الشامِ وإقامةِ غَيرِهم من مماليك السلطانِ في مصر والشام ليتمكَّنَ مِن مراده، وعَلِموا أن السُّلطانَ لا يخالفه لمحبَّتِه له، فاتفق جماعةٌ منهم على الدخول إلى بلاد التتر والنجاةِ بأنفُسِهم، فساقوا من حمص فيمن أطاعهم، وهم قبجق وبزلي وبكتمر السلحدار (رتبة عسكرية) والأيلي، واستمرُّوا ذاهبين، فرجع كثيرٌ من الجيش إلى دمشق، وتخبَّطَت الأمور وتأسَّفَت العوامُّ على قبجق لحسن سيرته، وذلك في ربيع الآخِر من هذه السَّنة.

العام الهجري : 922 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1516
تفاصيل الحدث:

هو السلطان الأشرف أبو النصر قانصوه بن بيبردى الغوري الجركسي الجنس, وهو من سلاطين المماليك البرجية. ولِدَ سنة 850 امتلكه الأشرف قايتباي وأعتقه وعيَّنه في عدة وظائف في خدمته. كان في أوائل الأمر أميًّا لا يعرف شيئًا؛ لأنه جُلب من بلاده وهو كبير قد شَرَع فيه الشيب، وصار السلطان قايتباي يرقِّيه لكونه أخًا لزوجته، وهي التي بذلت الأموال للجند ومكَّنَته من الخزائن حتى ملَّكوه بعد السلطان قايتباي، فاستمر سلطانًا سنة وسبعة أشهر، ثم خلعوه وكان قد تلقب بالأشرف وأخرجوه من المملكة سنة 905 وولي بعده أميران لم يثبت قدمُهما في السلطنة، ثم أجمع الأجناد على تولية السلطان قانصوه الغوري، وكان من أقَلِّ الأمراء شأنًا وأحقرهم مكانةً، لكن الأمراء الكبار تحامَوا الإقدام على السلطنة خوفًا من بعضهم البعض، فولوا قانصوه فقَبِلَ بعد أن شرَطَ عليهم أنهم لا يقتلونه إذا أرادوا خلعَه، فقبلوا منه ذلك فولي السلطنة سنة 906 وكان عظيم الدهاء قويَّ التدبير، فثبت قدمه في السلطنة ثباتًا عظيمًا، وما زال يقتل أكابِرَ الأمراء حتى أفناهم وصَفَت له المملكة ولم يبقَ له فيها منازعٌ، ولكنه مال إلى الظلم والعسف وانتهب أموال الناس وانقطعت بسببه المواريثُ، فضجَّ أهلُ مصر ومَن تحت طاعتِه؛ مِن أخذِه لأموالهم، فسلط الله عليه السلطان سليم الأول سلطانَ العثمانيين؛ فإنه غزاه إلى دياره ووقع بينهما مصاف، فقُتِل قانصوه الغوري تحت سنابك الخيل في معركةِ مرج دابق وعمرُه إذ ذاك يقارب الثمانين عامًا، وكانت مدة سلطنته ستة عشر سنة وعدة أشهر، فاختار المصريون سلطانًا جديدًا هو نائبه الذي تركه السلطان قانصوه على مصر: طومان باي، الذي تلقَّب بالملك الأشرف بعد أن أقسَمَ له الأمراء بالطاعة وبايعوه، وبايعه الخليفة كذلك.

العام الهجري : 1049 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1640
تفاصيل الحدث:

هو السلطان مراد الرابع بن أحمد بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول، هو السلطان العثماني السابع عشر، ولد بإستانبول سنة 1021 جلس للحكم بعد عمه باتفاق من الأركان على عزل عمه مصطفى الأول، يوم الأحد الرابع عشر ذي القعدة سنة 1032 وله من العمر أحد عشر عامًا، فبايعه الأعيان، ثم فرق إنعامات الجلوس عليهم, وقد عمل السلطان مراد على استعادة هيبة الدولة وقوتها، فتولى هو ووزراؤه قيادة الجيوش وحقق عددًا من الانتصارات, وكان السلطان مراد يجيد التحدث باللغة العربية والفارسية فضلًا عن التركية، ويكتب قصائد تحت اسم مرادي. مرض السلطان مراد الرابع بن أحمد الأول سنة 1640م, وكان يُخشى عليه من الموت ولكن شفي, ثم مرض من جديد وتوفي في هذا العام؛ بسبب مرض النقرس بعد أن دام حكمه 16 سنة و11 شهرًا، ولم يكن قد عقب ولدًا ذكرًا، ولم يكن بقي من نسل آل عثمان غير أخيه إبراهيم بن أحمد الأول، فتولى الخلافة بعده، والذي كان مسجونًا مدة سلطنة أخيه، ولما توفي أخوه أسرع كبار المملكة إلى مكان الحبس ليخبروه بذلك، فعندما قدموا عليه ظنَّ أنهم قادمون لقتله، فخاف وذعر ولم يصدِّقْ ما قالوه له؛ ولذلك لم يفتح لهم باب السجن، فكسروه ودخلوا عليه يهنئونه، فظن أنهم يحتالون عليه للاطِّلاع على ضميره، فرفض قبَول الملك بقوله: إنه يفضل الوَحدةَ التي هو بها على مُلك الدنيا، ولَمَّا أن عجزوا عن إقناعه حضرت إليه والدته وأحضرت له جثة أخيه دليلًا على وفاتِه، وحين ذلك جلس على سرير السلطنة، ثم أمر بدفن جثة أخيه باحتفال وافر.

العام الهجري : 1209 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1795
تفاصيل الحدث:

قام أهل بلبيس بالحضور إلى الشيخ وشكَوا إليه محمد بيك الألفي وظُلم أتباعه، فذهب الشيخ الشرقاوي للأزهر وجمع المشايخ وقفَّلوا أبواب الجامع، وذلك بعدما خطب مراد بيك وإبراهيم بيك، وفعلوا مثل ذلك اليوم الثاني، وأمروا الناسَ بغلق الأسواق والحوانيت، ثمَّ ركبوا مع جمعٍ كبير من العامَّةِ إلى بيت الشيخ السادات، وازدحم الناسُ فحضر الدفتردار أيوب بيك، فقالوا له إنَّ مرادهم هو رفعُ الظلم والجَور، وتطبيقُ العدل وإقامة الشرع وإبطال الحوادث والمكوس المبتدعة، فقال: الدفتردار: إن ذلك لا يمكِنُ لأنَّه يضيِّقُ على معيشة المماليك، فقيل له: هذا ليس بعذرٍ عند الله ولا عند الناسِ، ولا داعي للإكثارِ مِن النفقات وشراء المماليك، ثم عاد المشايخ إلى الأزهر ومعهم أهل الأطراف وباتوا في المسجد، وأرسل إبراهيم بيك يشجعهم وأرسل إلى أيوب بيك يخوِّفه عاقبة الأمر، فأجاب إلى جميع ما ذكروه إلَّا شيئين: ديوان بولاق، وطلب المنكسر من الجامكية، وما عدا ذلك من المكوس والحوادث والظلم فيُرفع، ثم اجتمع الأمراءُ وأرسلوا إلى المشايخ، فحضر الشيخ الشرقاوي والبكري والنقيب والسادات، ودار الكلام بينهم والتزموا بما شرطه العلماءُ عليهم وانعقد الصلحُ على أن يدفعوا سبعمائة وخمسين كيسًا موزعة وأن يرسِلوا غلال الحرمين ويَصرِفوا غلالَ الشون وأموال الرزق، ويُبطلوا المظالم المحدَثة والتفاريدَ والمكوس ما عدا بولاق، وأن يكفُّوا أتباعهم عن مدِّ أيديهم إلى أموالِ الناس وأن يسيروا في الناس سيرةً حسنة، وكتب حجَّةً بذلك وفرمن عليها الباشا، وختم عليها إبراهيم بيك وأيوب بيك، وانجَلَت الفتنة، ولكنَّ الحالَ لم يدُمْ أكثر من شهر حتى عاد ما كان على ما كان وزيادة.