هو الأمير أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم بن عثمان بن يسار، بن شذوس بن جودرن من ولد بزرجمهر بن البختكان الخراساني الفارسي صاحب الدعوة، وهازم جيوش الدولة الأموية، والقائم بإنشاء الدولة العباسية. وقيل كان اسمه إبراهيم بن عثمان بن يسار غيره بطلب من الإمام إبراهيم بن محمد لمزيد من التخفي. قال الذهبي: "كان أبو مسلم من أكبر الملوك في الإسلام، كان ذا شأن عجيب، ونبأ غريب، من رجل يذهب على حمار بإكاف من الشام حتى يدخل خراسان، ثم يملك خراسان بعد تسعة أعوام، ويعود بكتائب أمثال الجبال، ويقلب دولة، ويقيم دولة أخرى! كان قصيرا، أسمرا، جميلا، حلوا، نقي البشرة، أحور العين، عريض الجبهة، حسن اللحية، طويل الشعر، طويل الظهر، خافض الصوت، فصيحا بالعربية وبالفارسية، حلو المنطق، وكان لا يكاد يقطب في شيء من أحواله، تأتيه الفتوحات العظام، فلا يظهر عليه أثر السرور، وتنزل به الفادحة الشديدة، فلا يرى مكتئبا, وكان إذا غضب، لم يستفزه الغضب, وكان لا يأتي النساء في العام إلا مرة واحدة، يشير إلى شرف نفسه وتشاغلها بأعباء الملك". كان مولده بأصبهان سنة 100, وضعته أمه يتيما فنشأ عند عيسى بن معقل، فلما ترعرع اختلف مع ولده إلى المكتب، فخرج أديباً لبيباً يشار إليه من صغره, وكان راوية للشعر، عارفا بالأمور، لم ير ضاحكا ولا مازحا إلا في وقته. كان بدء أمر أبي مسلم أنه قدم الكوفة جماعة من نقباء العباسيين، فصادفوا أبا مسلم، فأعجبهم عقله ومعرفته وكلامه وأدبه، ومال هو إليهم ثم عرف أمرهم وأنهم دعاة، ثم خرج معهم إلى مكة، فأهدوه للإمام إبراهيم بن محمد، فأُعجب به وبمنطقه وعقله وأدبه، وقال لهم: هذا عضلة من العضل. وأقام أبو مسلم عند الإمام إبراهيم يخدمه حضراً وسفراً. ثم إن النقباء عادوا إلى الإمام إبراهيم وسألوه رجلاً يقوم بأمر خراسان، فقال: إني قد جربت هذا الأصبهاني وعرفت ظاهره وباطنه فوجدته حجر الأرض، ثم دعا أبا مسلم وكان عمره ثمان عشر سنة وقلده الأمر وأرسله إلى خراسان, فأخذ يدعو الناس إلى رجل من بني هاشم وأقام على ذلك سنين, وبعد مقتل الإمام إبراهيم بن علي صار أبو مسلم يدعو الناس إلى أبي العباس عبد الله بن محمد الملقب السفاح. حتى مكن للعباسيين وقضى على الأمويين في الشرق وكان سفاكا للدماء قال ابن خلكان: "قتل أبو مسلم في دولته ستمائة ألف صبراً. قيل لعبد الله بن المبارك: أبو مسلم خير أو الحجاج قال: لا أقول إن أبا مسلم خيراً من أحد، ولكن الحجاج كان شراً منه", وقال الذهبي: "كان أبو مسلم سفاكا للدماء، يزيد على الحجاج في ذلك، وهو أول من سن للعباسيين لبس السواد, وكان بلاء عظيما على عرب خراسان، فإنه أبادهم بحد السيف". قال أحمد بن سيار: حدثنا الحسن بن رشيد العنبري، سمعت يزيد النحوي يقول: "أتاني إبراهيم بن إسماعيل الصائغ، فقال لي: ما ترى ما يعمل هذا الطاغية، إن الناس معه في سعة، غيرنا أهل العلم؟ قلت: لو علمت أنه يصنع بي إحدى الخصلتين لفعلت، إن أمرت ونهيت يقيل أو يقتل، ولكني أخاف أن يبسط علينا العذاب، وأنا شيخ كبير، لا صبر لي على السياط. فقال الصائغ: لكني لا أنتهي عنه. فذهب، فدخل عليه، فأمره ونهاه، فقتله" وكان أبو مسلم يجتمع قبل أن يعلن بدعوة العباسيين بإبراهيم الصائغ، ويعده بإقامة الحق, فلما ظهر وبسط يده، دخل عليه، فوعظه فقتله". لما خشي المنصور من خطر أبي مسلم على دولته قرر التخلص منه, وكان المنصورُ قد غضِبَ عليه لعدَّةِ أمورٍ؛ منها: أنَّه تقدَّمَ عليه في الحجِّ، وأكثَرَ مِن النفقةِ حتى قيل فيه ما قيل، ثم إنَّه خافه بعد أن صار أمرُه في خراسان قويًّا، فبعد أن هزمَ أبو مسلم جيش عبد الله بن علي، أمَرَه المنصور بالعودةِ إليه فأبى، فاحتال له أنَّه يوليه الشامَ ومصرَ فأبى عليه كلَّ ذلك، وأرسل له رسلًا وكُتُبًا، كلُّ ذلك وهو يأبى الرجوعَ؛ حيثُ شعر أنَّ هناك مكيدةً، ومن ذلك أن المنصور كاتب أبا مسلم ليقدم عليه، فكتب إليه أبو مسلم: "إنه لم يبق لك عدو إلا أمكنك الله منه، وقد كنا نروي عن ملوك آل ساسان: إن أخوف ما يكون الوزراء إذا سكنت الدهماء، فنحن نافرون من قربك، حريصون على الوفاء بعهدك ما وفيت، فإن أرضاك ذلك، فأنا كأحسن عبيدك، وإن أبيت نقضت ما أبرمت من عهدك، ضنا بنفسي، والسلام" فرد عليه الجواب يطمئنه ويمنيه، وكان المنصور داهية وقته، ثمَّ لَمَّا جاءه الخبَرُ أن المنصورَ سيقاتِلُه بنفسه إن أبى الرجوعَ إليه، عاد، وقيل: إنَّه قيل له أن يقتُلَ المنصور قبل أن يقتُلَه، لكنَّ المنصور احتال عليه وأمرَ بعضَهم بالاختباءِ وراء الستورِ، فإذا صفق بيده انقضُّوا عليه، فدعاه المنصور على غدائِه وعاتبه على أفعالِه، وكل ذلك يعتذِرُ أبو مسلم ويقَبِّلُ يدَه، ولكنه لم يرضَ عنه حتى صفق بيدِه، فخرجوا وقتلوه، فكانت تلك نهايةَ أبي مسلم الخراساني، الذي كان له الأثَرُ الكبيرُ في توطيدِ دعائمِ الدَّعوة العباسيَّة. قتله المنصور وله من العمر سبع وثلاثون سنة. قال الذهبي: " فرحنا بمصير الأمر إلى بني العباس، ولكن والله ساءنا ما جرى؛ لما جرى من سيول الدماء، والسبي، والنهب فإنا لله وإنا إليه راجعون فالدولة الظالمة مع الأمن وحقن الدماء، ولا دولة عادلة تنتهك دونها المحارم، وأنى لها العدل؟ بل أتت دولة أعجمية خراسانية جبارة، ما أشبه الليلة بالبارحة " وقال: "وقد كان بعض الزنادقة، والطغام من التناسخية، اعتقدوا أن الباري سبحانه وتعالى حل في أبي مسلم الخراساني المقتول، عندما رأوا من تجبره، واستيلائه على الممالك، وسفكه للدماء، فأخبار هذا الطاغية يطول شرحها". لما قُتل أبو مسلم الخرساني، خرج بخراسان سنباذ للطلب بثأر أبي مسلم، وكان سنباذ مجوسيا، فغلب على نيسابور والري، وظفر بخزائن أبي مسلم، واستفحل أمره, فجهز المنصور لحربه جمهور بن مرار العجلي، في عشرة آلاف فارس، فانهزم سنباذ، وقتل من عسكره نحو من ستين ألفا، وعامتهم كانوا من أهل الجبال، فسبيت ذراريهم، ثم قتل سنباذ بأرض طبرستان.
هو أبو الفَتحِ مَودود بن مسعود بن محمود بن سبكتكين الغزنويُّ، صاحِبُ غزنة، لَمَّا ملَكَ مودودٌ قَبَض على عمِّه عبدِ الرَّشيدِ بنِ محمود وسَجَنَه في قلعة ميدين، بطريقِ بست، وكاتَبَ أصحابَ الأطرافِ ودعاهم إلى نُصْرَتِه، وبذل لهم الأموالَ والإمرةَ على بلادِ خُراسان فأجابوه، منهم: أبو كاليجار صاحِبُ أصبهان، فإنَّه سار بجيوشِه في المفازة فهلك كثيرٌ مِن عسكره، ومَرِضَ هو ورجع، ومنهم خاقان التُّرك فإنَّه أتى ترمذ فنهَبَ وخَرَّب وصادَرَ، وسار مودودٌ مِن غزنة فاعتراه قولنج، فرجع وبَعَث وزيرَه لأخذ سجستان من الغز، وكان مَوتُه بغزنة, ومُدَّةُ مُلكِه تِسعَ سنين وعشرة أشهر،، ثم قام في المُلكِ بعده ولَدُه، فبقي خمسة أيام ثمَّ عَدَل النَّاسُ عنه إلى عَمِّه علي بن مسعود، فنزل عبدُ الرشيد إلى العَسكَرِ ودعاهم إلى طاعته، فأجابوه وعادوا معه إلى غزنة، فلمَّا قارَبَها هرب عنها عليُّ بنُ مسعود، ومَلَك عبد الرشيد، واستقَرَّ الأمر له، ولُقِّبَ شمس دين الله سيف الدَّولة، وقيل جمال الدَّولة، ودفع اللهُ شَرَّ مودود عن داود.
حضر جماعةٌ من المغول وافدينَ إلى بلاد الإسلام بعد إسلامِهم، نحو مائتي فارس بنسائِهم وأولادهم، وفيهم عِدَّةٌ من أقارب غازان وبعض أولاد سنقر الأشقر، الذي كتب يحُثُّ على إكرامهم، فقَدِموا إلى القاهرة في جمادى الأولى وقَدِمَ معهم أخوا سلار، وهما فخر الدين داود، وسيف الدين جبا، وقَدِمَت أيضًا أم سلار، فرُتِّبَت لهم الرواتب، وأُعطوا الإقطاعات، وفُرِّق جماعةٌ منهم على الأمراء، وأنشأ سلار لأمِّه دارًا بإسطبل الجوق الذي عَمِلَه العادل كتبغا ميدانًا، ثم عرف بحكر الخازن، ورقَّى أخويه وأعطاهما الإمريات، وقدم الأمير حسام الدين أزدمر المجيري، وعماد الدين على بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العلي بن معرف بن السكري، من بلاد الشرق إلى دمشقَ في الرابع عشر من شعبان، ودخلا القاهرةَ أول رمضان، ومعهما كتابُ خربندا وهديته، فتضَمَّن كتابُه جلوسَه على تخت الملك بعد أخيه محمود غازان، وخاطب السلطانَ بالأخوة، وسأل إخماد الفتن، وطلب الصلحَ، وقال في آخر كلامه: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}، فأُجيبَ وجُهِّزَت له الهَديَّةُ، وأُكرِمَ رَسولُه.
هو الخليفة أبو العباس عبدُ الله السَّفَّاح بن محمد الإمام بن علي السجاد بن عبد الله الحبر بن العباس، القرشيُّ الهاشمي أمير المؤمنين، وهو أول خلفاء العباسيين. ولِد السَّفاح سنة 105 بالحميمة ونشأ به وهي من أرض الشراة من أرض البلقاء بالشام. كان السَّفاح شابا، مليحا، مهيبا، أبيض، طويلا، وقورا. هرب أبو العباس مع أهله من جيش مروان الحمار، وأتوا الكوفة لما استفحل لهم الأمر بخراسان. حتى طُلِب أخوه إبراهيم، فقتَله مروان الحمارُ بحرَّان، فانتقلوا إلى الكوفة، فآواهم أبو سلمة الخلال في سرب بداره. بويع أبي العباس السفاح بالخلافةِ بعد مقتل أخيه إبراهيم في حياة مروان سنة ثِنتين وثلاثين ومائة، توفي بالجدري بالأنبار، وكان عمره ثلاثًا وثلاثين سنة. وقيل: ثمانيًا وعشرين سنة. وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر.
هو الحافِظُ الإمامُ المُجَوِّد العَلَّامة شيخُ الحرم: أبو ذر عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ مُحمَّد بن عبد الله بن غفير بن محمد، الأنصاريُّ الخُراساني الهَرَوي المالكي، صاحِبُ التصانيفِ، وراوي الصَّحيحِ عن الثلاثة: المستملي، والحَمَوي، والكشميهني. وُلِد سنة 355. سمع الكثيرَ ورحل إلى الأقاليم، وسكن مكَّة، ثمَّ تزوَّجَ في العرب، وكان يحُجُّ كلَّ سنة ويقيمُ بمكَّةَ أيَّام الموسم ويسمعُ النَّاس، ومنه أخذَ المغاربةُ مذهبَ الأشعريِّ عنه، وكان يقولُ إنَّه أخذ مذهَبَ مالكٍ عن الباقِلَّاني، كان حافِظًا، له تصانيفُ منها: تفسير القرآن، وله مُستدرَك على الصحيحين. قال أبو بكر الخطيب: "قَدِمَ أبو ذر بغداد، وحَدَّث بها وأنا غائب، وخرج إلى مكَّة، وجاور، ثم تزوَّجَ في العرب، وأقام بالسرواتِ، فكان يحُجُّ كل عام، ويحَدِّثُ، ثمَّ يرجع إلى أهله، وكان ثقةً ضابطًا دَيِّنًا، مات بمكَّةَ"
وُلد الشيخُ عبد الباسط بن محمد بن عبد الصمد بن سليم القارئُ المشهورُ سنةَ 1927م، بقرية المراعزة من عائلة كُرديَّة، بأرمنت-قنا بجنوبي صعيد مصر، حفِظ القرآنَ الكريم على يد الشيخ محمد الأمير شيخ كُتَّاب قريته، وأخذ القراءات على يد الشيخ المتقِن محمد سليم حمادة، دخل الإذاعة المصرية سنةَ 1951م، وكانت أول تلاواته من سورة فاطر، عُيِّن قارئًا لمسجد الإمام الشافعي سنةَ 1952م، ثم لمسجد الإمام الحُسين سنةَ 1985م خلفًا للشيخ محمود علي البنا، وترك للإذاعة ثروةً من التسجيلات إلى جانب المصحَفَيْنِ المرتَّلِ والمجَوَّدِ، وجاب بلاد العالَم سفيرًا لكتاب الله، وكان أوَّلَ نقيبٍ لقرَّاء مصر سنةَ 1984م، تُوفيَ -رحمه الله- في يوم الأربعاء 21 من ربيع الآخر سنةَ 1409م.
عبدُ الله الحبشيُّ الضالُّ زعيم فِرقةِ الأحباش، اسمُه عبدُ الله بن محمد من هرر بالحبشةِ، نَزَح من الحبشةِ إلى الشام بضَلالَتِه، وتنقَّل فيها حتى استقرَّ به المُقامُ في لُبنانَ، وأخَذ يدعو النَّاسَ إلى طريقَتِه، ويتعصَّب لها ويُناظِر من أجلِها، ويطبَعُ الكتبَ والصُّحُفَ الداعيةَ إليها؛ فانتشَرَ أَتباعُه وراجَت أفكارُه وهي أخلاطٌ من اعتقاداتِ الجهميةِ والمعتزِلَةِ والصوفيَّةِ القُبوريَّةِ، مع الوُقوعِ في بعضِ الصَّحابةِ والفتاوى الشاذَّة، وذلك بعد أنْ أثار الفِتنَ ضدَّ المسلمين في بلدِه؛ حيث تعاوَن مع حاكِمِ إندراجي صهر هيلاسيلاسي ضدَّ الجمعياتِ الإسلاميَّةِ لتحفيظ القرآن بمدينة هرر سنة (1367هـ) الموافق (1940م) فيما عُرف بفتنةِ بلاد كُلُب فتسبَّب في إغلاقِها، وكذلك تسبَّب في التضيِيقِ على الدُّعاةِ والمشايِخِ وسَجنِهم ونَفيِهم، حتى فرَّ الكثيرون منهم؛ ولذلك أطلَق عليه الناسُ هناك صفةَ (الفتَّان) أو (شيخ الفتنة).
وُلِد عبدُ اللهِ بنُ إدريسَ عام 1348هـ (1929 - 6 أكتوبر 2021)، في بلدة (حرْمَة) شمالَ مدينةِ الرِّياضِ، وهو أديبٌ وشاعرٌ سعوديٌّ، وكان رئيسًا لنادي الرِّياضِ الأدبيِّ، وعُضوًا في عدَدٍ من المؤسَّساتِ والهيئاتِ الثَّقافيَّةِ؛ كدارةِ المَلِكِ عبدِ العزيزِ،ورابطةِ الأدَبِ الحديثِ في مصرَ، وعُضوَ شَرَفٍ في رابطةِ الأدَبِ الإسلاميِّ العالَميَّةِ، إلى جانِبِ المناصِبِ التي شغلها في جامعةِ الإمامِ محمَّدِ بنِ سُعودٍ الإسلاميَّةِ.
شَغلَ مَنصِبَ الأمينِ العامِّ للمجلِسِ الأعلى لرعايةِ العُلومِ والفنونِ والآدابِ، والأمينِ العامِّ لجامعةِ الإمامِ محمَّدِ بنِ سُعودٍ الإسلاميَّةِ، ومديرًا فيها للثَّقافةِ والنَّشرِ، وعُضوًا لمجلِسِها العلميِّ، وهو أحدُ المُشاركين والمُكرَّمين في مؤتمرِ الأُدَباءِ السُّعوديِّينَ الأوَّلِ، مُنِح وِسامَ الرِّيادةِ والنُّوطَ الذَّهبيَّ عن كتابه (شُعَراء نَجدٍ المعاصِرون).
توفِّي -رحمه اللهُ-في مدينةِ الرِّياضِ عن عُمرٍ ناهز 92 عامًا.
هو عبدُ الرَّشيد بن محمود بن سُبُكْتِكِين، مِن مُلوكِ الدَّولة الغَزْنويَّة، كان ابنُ أخيهِ مَوْدودُ بن مسعود قد حَبسَهُ في قَلعةِ ميدين، ولما تُوفِّي مَودود سنة 441هـ خَلَفَهُ وَلدٌ له، فبَقِيَ خَمسةَ أيَّامٍ ثم قَصدَ بعضُ النَّاسِ القَلعةَ وأَخرَجوا عبدَ الرَّشييد وبايعوه ودَخلوا معه غَزنَة، ولَقَّبوهُ شَمسَ دِين الله، وكان ضَعيفًا قَليلَ الحِيلَة، فلم يَطُل عَهدُه, فقد قَتلَهُ حاجبٌ لِمَودود اسمهُ طُغْرُل، وكان مَودود قد قَدَّمَهُ، ونَوَّه باسمِه، وزَوَّجَهُ أُختَه، فلمَّا تُوفِّي مَودود ومَلَكَ عبدُ الرَّشيد أَجرَى طُغرُل على عادتِه في تَقدُّمِه، وجَعلهُ حاجبَ حُجَّابِه، فأشار عليه طُغرُل بِقَصدِ الغُزِّ وإجلائهِم مِن خُراسان، فسَيَّرَهُ إليها، فقَوِيَ أَمرُ طُغرُل هذا إلى أن حَدَّثَتهُ نَفسُه بِمُلْكِ غَزْنَة بدل عبدِ الرَّشيد، فأَعمَل الحِيلةَ وعاد بالجُيوش التي كانت معه، وقَتَلَ عبدَ الرَّشيد وتَزوَّج أُختَه كُرْهًا ومَلَكَ البَلدَ.
توسَّعت اتصالاتُ المَلِك عبد العزيز الخارجية بعد ضَمِّه للحجازِ؛ فقد كان في جُدَّة عددٌ من القناصل الأجنبيَّةِ، فأنشأ مديريةَ الشؤون الخارجية 1344هـ وأسهم فيها الدكتور عبد الله الدملوجي (عراقي) ويوسف ياسين (سوري) وحافظ وهبة (مصري)، ثم في هذا العام تحوَّلت إلى وزارةٍ للخارجية، وأُسنِدَت إلى الأمير فيصل بن عبد العزيز، فصار نائبًا للملك في الحجاز ووزيرًا للخارجية، وفي تلك الفترة أقامت الدولةُ علاقاتٍ دبلوماسيةً مع كلٍّ مِن الاتحاد السوفيتي في فبراير 1926م، وهي أوَّلُ دولةٍ اعترفت بدولةِ الحجاز وملحقاتِها، وفي مارس من نفسِ العام أقامت الدولةُ علاقةً مع بريطانيا وفرنسا وبولندا وتركيا وإيطاليا ومصر وإيران والولايات المتحدة.
طلب الشريفُ غالب بن مساعد شريفُ مكة من الإمام عبد العزيز بن محمد أن يبعثَ إليه عالِمًا ليناظِرَ علماء الحرم الشريف في شيءٍ من أمور الدين، فبعثَ إليه الإمامُ عبد العزيز الشيخَ حمد بن ناصر بن معمر على رأسِ ركبٍ من العلماء، فلمَّا وصلوا إلى الحرم الشريف أناخوا رواحِلَهم أمام قصرِ الشريف غالب فاستقبلَهم بالحفاوة والإكرام، وأنزلهم منزلًا محترمًا يليقُ بهم، فلما طافوا وسعَوا للعمرة ونحروا الجَزورَ التي أرسلها معهم الأمير سعودُ بن عبد العزيز هدْيًا للحرم، واستراحوا أربعة أيام من عناء السَّفر- جمعَ الشريفُ غالب علماءَ الحرم الشريف من أربابِ مذاهِبِ الأئمة الأربعة ما عدا الحنابلة، فوقع بين علماء الحرم ومقَدَّمِهم يومئذ في الكلام الشيخ عبد الملك القلعي الحنفي، وبين الشيخ حمد بن ناصر بن معمر في مناظرةٍ عظيمة في مجالِسَ عديدة بحضرةِ والي مكة الشريف غالب، وبمشهدٍ عظيمٍ من أهل مكة، فظهر عليهم الشيخ حمد بن ناصر بن معمر بالحجَّة وقهَرهم بالحقِّ، فسَلَّموا له وأذعنوا، وقد سألهم ثلاثَ مسائِلَ: الأولى: ما قولُكم فيمن دعا نبيًّا أو وليًّا، واستغاث به في تفريجِ الكرباتِ كقوله: يا رسول الله، أو يا ابن عبَّاس، أو يا محجوب، أو غيرهم من الأولياء الصَّالحين؟. والثانية: من قال لا إلهَ إلا الله، محمدٌ رسُول الله، ولم يصَلِّ ولم يزَكِّ، هل يكون مؤمِنًا؟. والثالثة: هل يجوز البناءُ على القبور؟
فعكس علماءُ الحرم هذه الأسئلةَ على الشيخ حمد، وطلبوا منه الإجابةَ عليها، فأجاب عنها بما يشفي الغليلَ، وأصَّلَ الإجابةَ وحرَّرها لهم في رسالةٍ سَمَّاها علماء الدرعية "الفواكهُ العِذاب في الردِّ على من لم يُحَكِّم السُّنَّة والكتاب" وهي رسالةٌ جليلةُ القدرِ عظيمةُ الفائدةِ.
هو الشيخُ العلامة أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدي، من بني تميم. وُلِدَ في عُنيزة في القصيم في 12 محرم سنة 1307هـ. نشأ الشيخُ يتيمًا؛ فقد توفِّيَت أمُّه وله من العمر أربع سنوات، ثم توفِّيَ والِدُه وهو في السابعة، لكنه نشأ نشأةً صالحة، وقد أثار إعجابَ مَن حوله فاشتهر منذ حداثته بفطنته، وذكائه، ورغبته الشديدةِ في طلب العلم وتحصيله، فحَفِظَ القرآن عن ظهر قلبٍ وعمُرُه أحد عشر عامًا، ثم اشتغل بالعلم على يد علماءِ بلَدِه حتى نال الحظَّ الأوفر من كل فَنٍّ من فنون العلم، ولَمَّا بلغ من العمر ثلاثًا وعشرين سنة جلس للتدريسِ، فكان يَتعلَّمُ ويُعلِّمُ، ، وكان من أحسَنِ الناس تعليمًا وأبلَغِهم تفهيمًا، حصل له من التلاميذ المحصلين عددٌ كثير. كان ذا معرفةٍ فائقة في الفقه وأصوله، وكان أوَّلَ أمره متمسِّكًا بالمذهب الحنبليّ تبعًا لمشايخه، ويحفظ بعضَ متون المذهب. وكان أعظَمُ اشتغاله وانتفاعه بكتُبِ شَيخِ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وحصل له خيرٌ كثير بسببهما في علم الأصول والتوحيد، والتفسير، وغيرها من العلوم النافعة. وبسبب استنارتِه بكُتُبِ الشيخين المذكورين صار لا يتقيَّدُ بالمذهب الحنبلي، بل يرجِّحُ ما تَرَجَّحَ عنده بالدليل الشرعي، أما مُصنَّفاتـه، فكان ذا عنايةٍ بالغة بالتأليف، فشارك في كثير من فنون العلم، فألَّف في التوحيد، والتفسير، والفقه، والحديث، والأصول، والآداب، وغيرها. وأغلَبُ مؤلَّفاته مطبوعة إلا اليسير منها؛ أشهرها: ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان))، طبعت مؤلفاته في مجموع بعنوان ((مجموع مؤلفات الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي)) في 27 مجلدًا.
توفي رحمه الله في عُنَيزة بالقصيم بعد عمر دام تسعًا وستين سنة قضاها في التعلُّم والتعليم والتأليف.
هو الشيخُ الزَّاهِدُ العابدُ، رسلان بن يعقوب بن عبد الله بن عبد الرحمن الجعبري، ثم الدمشقي، صوفي مشهورٌ تعتقد فيه العامَّةٌ كراماتٍ كما هو شأنُهم في المتصَوِّفة، فنَسَبوا له الطيرانَ في الهواء وأنه ما جلس تحت شجرةٍ يابسةٍ إلَّا اخضَرَّت، بل نسب جهلةُ العوامِّ إليه أنه هو السَّبَبُ في انحسار التتار عن دمشق وأنه هو حامي البَرِّ والشام، بل إن بعُضهم إلى اليوم يذكُرُ ذلك عنه!! توفي في دمشق ودُفِنَ فيها وقَبرُه فيها معروفٌ، وله عنده مسجدٌ يُعرَفُ به.
اعتُقِل الرئيسُ الموريتانيُّ سيدي ولد الشيخ عبد الله أولُ رئيسٍ منتخَب ديمقراطيًّا في نواكشوط إثرَ انقلابٍ قادَه قائدُ الحرسِ الرِّئاسي، كما اعتُقِل عددٌ من الوُزَراء المقرَّبين. ويأتي الانقلابُ بعدَ سنة ونصف من الانتخاباتِ الرئاسية مطلعَ (2007) وبعد ثلاثِ سنواتٍ من انقلابٍ عسكريٍّ في أغسطس (2005) أطاح بالرَّئيس معاوية ولد الطايع. وشكَّل الانقلابِيُّون مجلِسًا للحُكمِ برئاسةِ رئيسِ الأركانِ وقائدِ الحرسِ الرئاسيِّ الجنرال محمد ولد عبد العزيز.
هو الخليفةُ المُعتَضِد بالله أبو الفتح، واسمُه أبو بكر بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بن الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن أبي علي بن الحسن بن الخليفة الراشد بن المسترشد، توفِّيَ يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى ومدة خلافتِه عشرة أعوام، وعهد إلى ابنه محمد قبل وفاته بقليل، فاستدعي أبو عبد الله محمد ابن الخليفة المعتضد بالله أبي بكر، في يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى إلى قلعة الجبل، وجلس مع السلطانِ بالقصر، وقد حضر الأمراءُ فأقيمَ في الخلافةِ بعد وفاة أبيه، ولقِّبَ بالمتوكل على الله، وخُلِعَ عليه، وفُوِّضَ له نظَرُ المشهَدِ النَّفيسي؛ ليستعينَ بما يُحمَلُ إليه من النُّذورِ على حالِه، وركِبَ إلى منزله، وهنَّأَه الناسُ بالخلافةِ.