الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2032 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 544 العام الميلادي : 1149
تفاصيل الحدث:

غزا نورُ الدين محمودُ بن زنكي بلادَ الفِرنجِ مِن ناحيةِ أنطاكيةَ، وقَصَد حِصنَ حارم، وهو للفِرنجِ، فحَصَره وخَرَّب رَبضَه، ونهَبَ سَوادَه، ثمَّ رحل إلى حِصنِ أنب فحَصَرَه أيضًا، فاجتمع الفرنجُ مع البرنس صاحبِ أنطاكية وحارم وتلك الأعمال، وساروا إلى نورِ الدين لِيُرحِلوه عن إنب، فلَقِيَهم واقتتلوا قتالًا عظيمًا، وباشَرَ نور الدين القِتالَ ذلك اليوم، فانهزم الفرنجُ أقبَحَ هَزيمةٍ، وقُتِلَ منهم جمعٌ كثيرٌ، وأُسِرَ مِثلُهم، وكان ممَّن قُتِلَ الأميرُ ريمون بواتيه صاحِبُ أنطاكية، وكان عاتيًا مِن عُتاةِ الفرنج، وعظيمًا مِن عُظَمائِهم، ولَمَّا قُتِلَ البرنس مَلَكَ بعده ابنُه بيمند، وهو طفل، فتزوَّجَت أمُّه بأميرٍ آخَرَ ليُدَبِّرَ البَلَدَ إلى أن يكبَرَ ابنُها، وأقام معها بأنطاكية، ثمَّ إنَّ نور الدين غزاهم غزوةً أخرى، فاجتَمَعوا ولَقُوه، فهزَمَهم وقَتَل فيهم وأسَرَ، وكان فيمن أُسِرَ البرنس الثاني زوجُ أم بيمند، فتمَكَّنَ حينئذٍ بيمند بأنطاكيةَ، وأكثَرَ الشُّعَراءُ بمَديحِ نور الدين وتهنِئَتِه بهذا الظَّفَرِ؛ فإنَّ قَتلَ البرنسِ كان عظيمًا عند الطائِفَتينِ.

العام الهجري : 603 العام الميلادي : 1206
تفاصيل الحدث:

توفِّيَ حُسامُ الدين أردشير، صاحِبُ مازندران، وخَلَّفَ ثلاثة أولاد، فمَلَك بعده ابنُه الأكبَرُ، وأخرج أخاه أسامةَ وهو الأوسَطُ مِن البلاد، فقَصَد جرجان، وبها المَلِك علي شاه بن خوارزم شاه تكش، أخو خوارزم شاه محمد، وهو ينوبُ عن أخيه فيها، فشكا إليه ما صنَعَ به أخوه من إخراجِه مِن البلاد، وطَلَب منه أن يُنجِدَه عليه، ويأخُذَ له البلاد؛ ليكون في طاعته، فكتَبَ علي شاه إلى أخيه خوارزم شاه في ذلك، فأمر بالمسيرِ معه إلى مازندران، وأخْذ البلاد له، وإقامة الخُطبة لخوارزم شاه فيها، فساروا عن جرجان، فاتَّفق أن ابن حسام الدين، الأخَ الأكبر صاحب مازندران، مات في ذلك الوقت، وملك البلادَ بعده أخوه الأصغَرُ، واستولى على القلاعِ والأموال، فدخل علي شاه البلادَ، ومعه أسامةُ الأخ الأوسط، فنَهَبوها وخَرَّبوها، وامتنع منهم الأخُ الصغير بالقلاع، وأقام بقلعةِ كور، وهي التي فيها الأموالُ والذخائر، وحصروه فيها بعد أن ملَّكوا أسامة البلادَ، مثل: سارية وآمل وغيرهما من البلاد والحصون، وخُطِبَ لخوارزم شاه فيها جميعها، سوى القلعة التي فيها أخوه الأصغَرُ، وهو يراسله، ويستميله، ويستعطِفُه، وأخوه لا يردُّ جوابًا، ولا يَنزِلُ عن حِصنِه.

العام الهجري : 644 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1246
تفاصيل الحدث:

بعد وفاة "جنكيز خان" سنة 624 (1226م)، ظل مكانُه خاليًا مدَّة عامين، كان يقومُ خلالها الابنُ الأصغرُ "تولوي" بحكمِ الإمبراطوريَّة المغوليَّة بصفتِه وصيًّا على العرش، إلى أن اجتمَعَ كبار أمراء البيت الحاكم، وأجمعوا على اختيار "أوكتاي" خاقانًا للمغول خلفًا لأبيه جنكيز خان. واستمر أوكتاي يحكمُ المغول ثلاثَ عشرة سنة إلى أن تُوفي سنة 639 (1241م) بعد أن أتمَّ المغول في عهده فتحَ الصين الشمالية وجنوب روسيا وبلاد فارس؛ حيث قضى المغول على الدولة الخوارزميَّة. وبعد وفاته تمكَّنَت زوجته النصرانية "توراكينا خاتون" من أن تحافِظَ على عرش المغولِ لابنها "كيوك" الابنِ الأكبر لأوكتاي، وعَمِلَت في الفترة التي باشرت فيها الحكم بعد وفاة زوجِها على تحقيق هذا الغرض، فاستمالت قلوبَ كبارِ أمراء البيتِ الحاكِمِ، حتى إذا أدركت أن الفرصة قد سنحت لتحقيقِ ما تصبو إليه، دَعَت إلى عقد مجلس الشورى (القوريلتاي) لانتخابِ الخان الجديد، وحضر حفلَ تنصيب الخان في "قرا قورم" وفودٌ من مختَلِف أرجاء مملكتِهم. وفي هذا الاجتماعِ انتُخِبَ كيوك خانًا أعظَمَ للمغول، وذلك في التاسع من ربيع الآخر 644 (24 من أغسطس 1246م).

العام الهجري : 699 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1300
تفاصيل الحدث:

في يومِ الجمعة العشرين من شوَّالٍ ركِبَ نائب السلطنة جمال الدين آقوش الأفرم في جيش دمشقَ إلى جبال الجرد وكسروان (وهي من مناطق الساحل اللبناني كان يسكنُها الدروز والروافض) وخرج الشيخُ تقي الدين ابن تيميَّة ومعه خلقٌ كثير من المتطَوِّعة والحوارنة لقتال أهل تلك الناحية؛ بسبب فساد نيَّتِهم وعقائدِهم وكُفرِهم وضَلالِهم، وما كانوا عامَلوا به العساكِرَ لَمَّا كسرهم التَّتَرُ، وهربوا حين اجتازوا ببلادهم، ووثَبوا عليهم ونهَبوهم وأخذوا أسلحتَهم وخيولهم، وقتلوا كثيرًا منهم، فلما وصلوا إلى بلادِهم جاء رؤساؤُهم إلى الشيخ تقي الدين ابن تيمية فاستتابَهم وبيَّنَ للكثيرِ منهم الصوابَ وحصل بذلك خيرٌ كثيرٌ، وانتصارٌ كبير على أولئك المُفسِدين، والتزموا بردِّ ما كانوا أخَذوه من أموال الجيش، وقَرَّر عليهم أموالًا كثيرة يحملونَها إلى بيت المال، وأُقطِعَت أراضيهم وضياعُهم، ولم يكونوا قبل ذلك يدخُلونَ في طاعة الجُندِ ولا يلتَزِمونَ أحكام المِلَّة، ولا يدينونَ دينَ الحَقِّ، ولا يحَرِّمونَ ما حرم اللهُ ورسوله، وعاد نائبُ السلطنة يوم الأحد ثالث عشر ذي القعدة وتلقاه الناسُ بالشموع إلى طريق بعلبك وسطَ النَّهار.

العام الهجري : 820 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1417
تفاصيل الحدث:

أمر السلطان المؤيد شيخ المحمودي ولده المقام الصارمي إبراهيم ليتوجه إلى أبلستين ومعه الأمير جقمق الأرغون شاوي الدوادار، وجماعة من الأمراء؛ لكبس الأمير ناصر الدين محمد بن دلغادرة فساروا مجِدِّين، فصبَّحوا أبلستين وقد فرَّ منها ابن دلغادر، وأجلى البلاد من سكانها، فجدوا في السير خلفه ليلًا ونهارًا حتى نزلوا بمكان يقال له كل دلي في يوم الخامس عشر من ربيع الآخر وأوقعوا بمن فيه من التركمان، وأخذوا بيوتهم وأحرقوها، ثم مضَوا إلى خان السلطان، فأوقعوا أيضًا بمن كان هناك وأحرقوا بيوتهم وأخذوا من مواشيهم شيئًا كثيرًا، ثم ساروا إلى مكان يقال له صاروس ففعلوا بهم كذلك، وباتوا هناك، ثم توجهوا يوم السادس عشر فأدركوا ناصر الدين بك بن دلغادر وهو سائر بأثقاله وحريمه، فتتبعوه وأخذوا أثقاله وجميع ما كان معه، ونجا ابن دلغادر بنفسه على جرائد الخيل، ووقع في قبضتهم عدة من أصحابه، ثم عادوا إلى السلطان المؤيد بالغنائم، ومن جملتها مائة جمل بختي وخمسمائة جمل نفر، ومائة فرس، هذا سوى ما نهب وأخذه العسكر من الأقمشة الحرير، والأواني الفضية ما بين بلور وفضيات وبسط وفرش، وأشياء كثيرة لا تدخل تحت حصر.

العام الهجري : 891 العام الميلادي : 1486
تفاصيل الحدث:

بعد القتال الذي دار بين أمراء بني نصر على الملك، بقيت هذه الفتنة بينهم إلى أن تم الاتفاق على أن تنقسمَ المملكة إلى قسمين؛ القسم الأول: وهو غرناطة ومالقة، يكون تحت ملك أبي عبد الله محمد بن سعد المعروف بالزغل، والقسم الثاني: وهو القسم الشرقي يكون تحت ملك ابن أخيه محمد بن علي المعروف بأبي عبد الله الصغير، ولكن هذا الأخير لم يلبث أن نقض الاتفاق وظهر فجأة في ساحة البيازين بغرناطة، وأذاع عقده للصلح مع الإسبان، وأنهم أمدوه بالرجال والعتاد، وبينما كان الأمير محمد بن سعد الزغل في طريقه إلى غرناطة بلغه خبر أن غرناطة قد قامت بدعوة ابن أخيه محمد بن علي, وأنه دخل البلد بقيام البيازين معه وملكه لها، وقتل القواد الذين كانوا بالبلد يقاتلونه، فرجع الأمير محمد بن سعد عند ذلك على عَقِبه يريد البشرة، فسار إلى وادي آش ممتنعًا بقواته فيها، وبعد هذا الاستيلاء انقسم ما تبقى من غرناطة إلى قسمين؛ الأول: ويحوي غرناطة وأعمالها اختص به أبو عبد الله محمد الصغير، الثاني: يضم وادي آش وأعماله اختص به عمه أبو عبد الله محمد الزغل.

العام الهجري : 1204 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1790
تفاصيل الحدث:

هو الملك محمد الثالث بن عبد الله بن إسماعيل ملك العلويين في المغرب الأقصى، وكانت عاصمتُه مراكش، ولد بمكناس سنة 1134. تولى الحكم سنة1171 في ظروف صعبة بعد اضطراباتٍ، وقد تميَّزَ بالعقل والرزانة وبُعدِ النظر، اجتهَدَ في المحافظة على بلادِه ووَحدتِها وتأمينِ الشواطئ المغربية من العدوان الأوروبي، وحرَّر مازاغان من يد البرتغاليين، وانتصر على الجيش الفرنسي في معركة العرائش سنة1179, وكان أول حاكمٍ يعترف باستقلالِ وسيادة الولايات المتحدة الأمريكية, ورفَضَ ربطَ علاقات دبلوماسية مع روسيا؛ بسبب محاربتها للدولة العثمانية، وبعث بالعديدِ مِن السفراء لاسترجاعِ المخطوطات العربية من إسبانيا, وداخليًّا كان دائمَ التنقُّل بين جهات مملكته الواسعة؛ ليطمئِنَّ على أحوال البلاد, وشَهِدَ عهدُه أوجَ الازدهار السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي للمغرب الأقصى. تمرد وثار عليه عدةَ مراتٍ ابنُه وولي عهده يزيد، فنفاه في مشرق البلاد. توفِّيَ محمد الثالث في طريقِه إلى ابن عمه الذي خرج عن طاعتِه، فلما توفِّيَ تنازع أبناؤه الأربعة على خلافتِه، وهم هشام، ويزيد، وسليمان، ومَسلمة، حتى تمكَّن يزيد الأول أن يَخلُف أباه في الحُكم.

العام الهجري : 449 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1057
تفاصيل الحدث:

هو شَيخُ الآدابِ، أبو العلاء أَحمدُ بن عبدِ الله بن سُليمانَ المَعَرِّي التَّنوخي الشاعر، اللُّغويُّ، صاحبُ الدَّواوين والمُصَنَّفات في الشِّعرِ واللُّغةِ، المشهور بالزَّندقَةِ، وُلِدَ سنة 363هـ, وأصابهُ جُدَري وله أربعُ سِنين أو سَبع، فذَهبَ بَصرهُ، وقال الشِّعْرَ وله إحدى أو ثنتا عشرة سَنة، ودخلَ بغداد سنةَ تِسعٍ وتسعين وثلاثمائة، فأقام بها سنةً وسبعةَ أَشهُر، ثم خَرجَ منها طَريدًا مُنهزِمًا، لمَّا عَزَم الفُقهاءُ على أَخذِه ببَعضِ أَشعارهِ الدَّالةِ على فِسْقِه، هَرَب ورَجَع إلى بَلدِه، ولَزِمَ مَنزِلَه فكان لا يَخرُج منه، وسَمَّى نَفسَه: رَهينَ المَحْبَسَينِ لذلك ولِذهابِ بَصرِه, وقد كان المَعَرِّي غايةً في الذَّكاءِ المُفرِط، ومَكَثَ المَعَرِّي خمسًا وأربعين سنةً من عُمُرِه لا يأكلُ اللَّحمَ ولا اللَّبَنَ ولا البَيْضَ، ولا شيئًا مِن حَيوانٍ، على طَريقَةِ البَراهِمَة الفَلاسِفَة، ويُقال: "إنَّه اجتَمَع بِراهبٍ في بَعضِ الصَّوامِع في مَجيئِه من بَعضِ السَّواحِل آواهُ اللَّيلَ عنده، فشَكَّكَهُ في دِينِ الإسلام" فكان لا يَتَقَوَّتُ إلَّا بالنَّباتِ وغَيرِه، وأَكثرُ ما كان يأكلُ العَدسَ، ويَتَحَلَّى بالدِّبْسِ وبالتِّينِ، وكان لا يأكل بِحَضرَةِ أَحدٍ، ويقول: أَكْلُ الأعمى عَورةٌ وسَترُه واجب. قال ابنُ كَثيرٍ: "كان  ذَكِيًّا ولم يكن زَكِيًّا، وله مُصنفاتٌ كَثيرةٌ أَكثرُها في الشِّعْرِ، وفي بَعضِ أَشعارِه ما يَدلُّ على زَندَقتِه، وانحِلالِه مِن الدِّين، ومن الناسِ مَن يَعتَذِر عنه ويقول: إنَّه إنمَّا كان يقول ذلك مُجونًا ولَعِبًا، ويقول بلِسانِه ما ليس في قَلبِه، وقد كان باطنُه مُسلِمًا"، قال أبو الوفاء ابن عَقيلٍ شيخُ الحنابلة: "مِن العجائبِ أنَّ المَعَرِّي أَظهرَ ما أَظهرَ مِن الكُفرِ الباردِ، وسَقَطَ مِن عُيونِ الكُلِّ، ثم اُعتُذِرَ بأن لِقَولهِ باطِنًا، وأنَّه مُسلمٌ في الباطنِ، فلا عَقلَ له ولا دِينَ، لأنَّه تَظاهَر بالكُفرِ وزَعَم أنَّه مُسلمٌ في الباطنِ، وهذا عَكسُ قضايا المُنافِقين والزَّنادِقة، حيث تَظاهَروا بالإسلامِ وأَبطَنوا الكُفرَ، فهل كان في بلادِ الكُفَّارِ حتى يحتاج إلى أن يُبطِنَ الإسلام، فلا أَسخَف عَقلًا ممَن سَلكَ هذه الطَّريقَة التي هي أَخَسُّ مِن طَريقةِ الزَّنادِقة والمُنافِقين، إذا كان المُتَدَيِّن يَطلُب نَجاةَ الآخِرةِ، والزِّنديق يَطلُب النَّجاةَ في الدُّنيا، وهو جَعلَ نَفسَه عُرضةً لإهلاكِها في الدنيا حين طَعَنَ في الإسلامِ في بلادِ الإسلامِ، وأَبطَن الكُفرَ، وأَهلكَ نَفسَه في المَعادِ، فلا عَقلَ له ولا دِينَ" قال ابنُ الجوزيُّ: "وقد رَأيتُ لأبي العَلاءِ المَعَرِّي كِتابًا سَمَّاهُ (الفُصول والغايات)، يُعارض به السِّور والآيات، وهو كَلامٌ في نِهايةِ الرَّكَّةِ والبُرودةِ، فسبحان مَن أَعمَى بَصرَهُ وبَصيرتَهُ، وقد ذَكرهُ على حُروفِ المُعجَم في آخرِ كِلماتِه"، قال ابنُ كَثيرٍ: "وقد أَورَد ابنُ الجوزي من أَشعارِه الدَّالَّةِ على استِهتارِه بِدِينِ الإسلامِ أَشياءً كَثيرةً تَدُلُّ على كُفرِه؛ بل كلُّ واحدةٍ مِن هذه الأشياءِ تَدُلُّ على كُفرِه وزَندقَتِه وانحِلالِه، وقد زَعمَ بعضُهم أنَّه أَقلَع عن هذا كُلِّه وتاب منه وأنَّه قال قَصيدةً يَعتذِر فيها مِن ذلك كُلِّه، ويَتنَصَّل منه، ومنهم مَن قال: بل كلُّ ذلك مَدسوسٌ عليه مِن قِبَلِ حُسَّادِه وَهُم كُثُر. بل أَلَّفَ ابنُ العديم كِتابًا في الدِّفاعِ عنه، وللمَعَرِّي (دِيوانُ اللُّزومِيَّات)، و(سِقْطُ الزَّنْدِ) و(رِسالةُ الغُفران)"، قال الباخرزي: "أبو العلاء ضَريرٌ ما له ضَريبٌ، طال في ظِلِّ الإسلامِ آناؤهُ، ورَشَحَ بالإلحاد إناؤهُ، وعندنا خَبرُ بَصرِه، والله العالم بِبَصيرَتِه والمُطَّلِع على سَريرَتِه، وإنمَّا تَحدَّثت الأَلسُنُ بإساءتِه بكِتابِه الذي عارَضَ به القُرآنَ، وعَنْوَنَهُ: (الفُصولُ والغايات في مُحاذاةِ السُّوَرِ والآيات)", وقال غَرسُ النِّعمَة محمدُ بن هلالِ بن المُحسِن بن إبراهيمَ الصابئ عنه: "له شِعْرٌ كَثيرٌ، وأَدَبٌ غَزيرٌ، ويُرمَى بالإلحادِ، وأَشعارُه دَالَّةٌ على ما يُتَّهَمُ به" قال أبو زكريا التِّبريزي: "لمَّا قَرأتُ على أبي العَلاءِ بالمَعَرَّةِ قوله:
تَناقُضٌ ما لنا إلَّا السُّكوتُ له
وأن نَعوذُ بمولانا مِن النَّارِ
يَدٌ بِخَمسِ مِئٍ مِن عَسْجَدٍ وُدِيَت
ما بالُها قُطِعَت في رُبعِ دِينارِ؟
سَألتُه، فقال: هذا كَقولِ الفُقهاءِ: عِبادَةٌ لا يُعقَل مَعناها". قال الذَّهبيُّ: لو أراد ذلك؛ لقال: تَعَبُّد، ولَمَا قال: تَناقُض, ولِمَا أَردَفهُ ببَيتٍ آخرَ يَعترِض على رَبِّه, وبإسنادي قال السَّلفيُّ: إن كان قاله مُعتَقِدًا مَعناهُ، فالنَّارُ مَأْواهُ، وليس له في الإسلامِ نَصيبٌ". تُوفِّي في المَعَرَّةِ مَعَرَّةِ النُّعمانِ، وفيها دُفِنَ عن عُمُرٍ 86 عامًا.

العام الهجري : 324 العام الميلادي : 935
تفاصيل الحدث:

هو عليُّ بنُ إسماعيلَ بنِ إسحاق بنِ سالم بن إسماعيلَ بنِ عبد الله بن موسى ابنِ أمير البصرةِ بلال بن أبي بُردة ابن صاحبِ رَسولِ اللهِ- صلَّى الله عليه وسلَّم- أبي موسى عبد الله بن قيس بن حضار الأشعري، اليماني، البصري. أبو الحسَن الأشعريُّ المتكلِّم المشهور، وُلِدَ بالبصرة سنة 260، وقيل: ولد سنة سبعين. كان عجبًا في الذَّكاء وقُوَّةِ الفَهمِ. يقولُ الذهبي: "لأبي الحسن ذكاءٌ مُفرِطٌ، وتبحُّرٌ في العِلمِ، وله أشياءُ حَسَنةٌ، وتصانيفُ جمَّة تقضي له بسَعةِ العلم" كان أوَّلَ أمرِه مع المعتزلةِ وتعَلَّم معهم، وعنهم أخذ حتى برع وصار إمامًا فيهم، حتى كان يتولَّى الجدلَ عن شيخِه الجُبَّائي، ولَمَّا برع في معرفةِ الاعتزال، كَرِه الجبَّائي وتبرَّأ منه، فأعلن رجوعَه عن الاعتزالِ وعمَّا كان يعتَقِدُه من معتقداتِهم، فمال إلى الفُقَهاءِ والمُحَدِّثين ثم أخذ يرُدُّ على المعتزلة، ويهتك عَوارَهم. قال الفقيه أبو بكر الصيرفي: "كانت المعتزلةُ قد رفعوا رؤوسَهم، حتى نشأ الأشعريُّ فحَجَرَهم في أقماعِ السِّمسِم" ولكنَّه لم يكُنْ كذلك على مِثلِ ما كان عليه المحَدِّثون من الاعتقادِ، فأصبح يشكِّلُ لنَفسِه مذهبًا مستقلًّا عُرِفَ إلى اليوم بالأشعريَّة، ثم بعد أن ظَلَّ فترةً على هذا المنوال مال بالكليَّة إلى مذهب المحَدِّثين كالإمام أحمد، والبربهاري، وغيرهم في الاعتقاد، ورجع عمَّا كان عليه, وألَّفَ لذلك كتابه الشهيرَ ((الإبانة عن أصول الدِّيانة))، فكانت مراحِلُه ثلاثة: الاعتزالُ، ثم الأشعريَّة، ثم رجع إلى أهل الحديثِ والأثَرِ، ومن مؤلَّفاتِه أيضًا: مقالات الإسلاميين، والرد على المجسمة وغيرها. قال زاهر بن أحمد السرخسي: "لَمَّا قَرُبَ حضورُ أجَلِ أبي الحسن الأشعري في دارِي ببغداد، دعاني فأتيتُه، فقال: اشهَدْ عليَّ أنِّي لا أكَفِّرُ أحدًا من أهل القِبلةِ؛ لأنَّ الكُلَّ يشيرونَ إلى معبودٍ واحدٍ، وإنَّما هذا كُلُّه اختلافُ العبارات" قلت- والكلام للذهبي-: "وبنحو هذا أدينُ، وكذا كان شيخُنا ابنُ تيميَّةَ في أواخِرِ أيَّامِه يقول: أنا لا أكَفِّرُ أحدًا مِن الأمَّةِ"

العام الهجري : 488 العام الميلادي : 1095
تفاصيل الحدث:

الإمامُ، القُدوَةُ، الأَثَرِيُّ المُتقِنُ، الحافِظُ، شَيخُ المُحَدِّثينَ، أبو عبدِ الله محمدُ بنُ أبي نَصرٍ فتوح بن عبدِ الله بن فتوحِ بن حُميدِ بن يصل الأزديُّ، الحُمَيدِيُّ، الأندلسيُّ؛ الميورقيُّ، الفَقِيهُ، الظاهِريُّ، مُؤَرِّخٌ ومُحَدِّثٌ أَندلسيٌّ من أَهلِ الجَزيرَةِ، صاحِبُ ابنِ حَزمٍ وتِلميذُه. وُلِدَ قبلَ سَنةِ 420هـ، بَدأَ بِطَلَبِ العِلمِ صَغيرًا قال عن نَفسِه: "كُنتُ أُحمَلُ للسَّماعِ على الكَتِفِ، وذلك في سَنةِ 425هـ، فأَوَّلُ ما سَمِعتُ مِن الفَقيهِ أَصبغَ بنِ راشِدٍ، وكُنتُ أَفهمُ ما يُقرأُ عليه، وكان قد تَفَقَّهَ على أبي محمدِ بن أبي زَيدٍ، وأَصلُ أبي من قُرطبة مِن مَحِلَّةٍ تُعرفُ بالرصافة، فتَحوَّل وسَكَنَ جَزيرةَ ميورقة، وميورقة جَزيرةٌ فيها بَلدَةٌ حَصينَةٌ تِجاهَ شَرقِ الأَندلسِ، فوُلِدتُ بها". رَحلَ إلى مكَّةَ ومصر والشامِ والعِراقِ واستَوطَنَ بغداد وفيها تُوفِّي، له تَصانيفٌ أَشهرُها: ((الجَمْعُ بين الصحيحين))، و((تاريخ الأندلس)) المُسَمَّى ((جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس)) و((الذهب المسبوك في وعظ الملوك)) وغَيرُها من المُصنَّفاتِ، قال يحيى بنُ إبراهيمَ السلماسيُّ: قال أبي: "لم تَرَ عَيناي مِثلَ الحُميديِّ في فَضلِه ونُبلِه، وغَزارَةِ عِلمِه، وحِرصِه على نَشرِ العِلمِ، وكان وَرِعًا تَقِيًّا، إمامًا في الحَديثِ وعِلَلِهِ ورُواتِه، مُتَحَقِّقًا بعِلمِ التَّحقيقِ والأُصولِ على مَذهبِ أَصحابِ الحَديثِ بمُوافَقَةِ الكِتابِ والسُّنَّةِ، فَصيحَ العِبارَةِ، مُتَبَحِّرًا في عِلمِ الأَدبِ والعَربيَّةِ والتَّرَسُّلِ" قال القاضي عِياض: "محمدُ بنُ أبي نَصرٍ الحُمَيدِيُّ الأَزديُّ الأَندلسيُّ، سَمِعَ بميورقة من ابنِ حَزمٍ قَديمًا، وكان يَتَعَصَّب له، ويَميلُ إلى قَولِه، وأَصابَتهُ فِيه فِتنَةٌ، ولمَّا شُدِّدَ على ابنِ حَزمٍ، خَرجَ الحُميدِيُّ إلى المَشرقِ" تُوفِّي الحُميديُّ: في سابع عشر ذي الحجَّةِ، عن 68 عامًا، وصَلَّى عليه أبو بكرٍ الشاشيُّ، ودُفِنَ بمَقبرَةِ بابِ أبرز، ثم إنهم نَقَلوهُ بعدَ سَنتَينِ إلى مَقبرَةِ بابِ حَربٍ، فدُفِنَ عندَ بِشْرٍ الحافي.  وقد اختُلِفَ في تاريخِ وَفاتِه؛ فقِيلَ: في هذه السَّنَةِ. وقِيلَ: 491هـ.

العام الهجري : 502 العام الميلادي : 1108
تفاصيل الحدث:

كان حِصنُ عرقة، وهو من أعمال طرابلس، بيد غلام للقاضي فخر الملك أبي علي بن علي بن عمار، صاحب طرابلس، وهو من الحصون المنيعة، فعجز غلام ابن عمار عن حمايته، فضاق به القوت وانقطعت عنه الميرة؛ لِطولِ مُكث الفرنج في نواحيه، فأرسل إلى أتابك طغتكين، صاحب دمشق، وقال له: أرسل من يتسلمُ هذا الحصن مني؛ قد عجزت عن حفظه، ولأن يأخذَه المسلمون خيرٌ لي دنيا وآخرة من أن يأخُذَه الفرنج. فبعث إليه طغتكين صاحبًا له اسمه إسرائيل في ثلاثمائة رجل، فتسلم الحصن، فلما نزل غلام ابن عمار منه رماه إسرائيل في الأخلاط بسهمٍ فقَتَله، وكان قصده بذلك ألَّا يَطَّلِعَ أتابك طغتكين على ما خلفه بالقلعة من المال، وأراد طغتكين قَصْدَ الحِصنِ للاطلاع عليه، وتقويته بالعساكر والأقوات وآلات الحرب، فنزل الغيث والثلج مدة شهرين ليلًا ونهارًا فمنعه، فلما زال ذلك سار في أربعة آلاف فارس ففتح حصونًا للفرنج، منها حصن الأكمة. فلما سمع السرداني الفرنجي ابن أخت صنجيل بمجيء طغتكين، وهو على حصار طرابلس، توجَّه في ثلاثمائة فارس، فلما أشرف أوائل أصحابه على عسكر طغتكين انهزموا، وخلوا ثقلهم ورحلهم ودوابَّهم للفرنج، فغنموا وقَوُوا به، وزاد في تجمُّلِهم، ووصل المسلمون إلى حمص على أقبح حال من التقطُّع، ولم يُقتَل منهم أحد لأنه لم تجرِ حربٌ، وقصد السرداني إلى عرقة، فلما نازلها طلب من كان بها الأمان، فأمنهم على نفوسهم، وتسلم الحصن، فلما خرج من فيه قبض على إسرائيل، وقال: لا أطلقه إلا بإطلاق فلان، وهو أسير كان بدمشق من الفرنج منذ سبع سنين، ففودي به وأُطلقا معًا، ولما وصل طغتكين إلى دمشق بعد الهزيمة أرسل إليه ملك القدس يقول له: لا تظن أنني أنقض الهدنة لِلَّذي تمَّ عليك من الهزيمة، فالملوك ينالهم أكثرُ مما نالك، ثم تعود أمورُهم إلى الانتظام والاستقامة، وكان طغتكين خائفًا أن يقصِدَه بعد هذه الكسرة فينالَ من بلده كلَّ ما أراد.

العام الهجري : 672 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1274
تفاصيل الحدث:

هو جلال الدين محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي البكري, وعرف أيضًا باسم مولانا جلال الدين الرومي شاعر، عالمٌ بفقه الحنفيَّة. من فحولِ شعراء الصوفية في الإسلام. وُلد ببلخ في 6 من ربيع الأول 604هـ (30 من سبتمبر 1207م) لأسرةٍ قيل: إن نسَبَها ينتهي إلى أبي بكر الصديقِ رضي الله عنه، وتحظى بمصاهرة البيت الحاكم في خوارزم، وأمُّه كانت ابنة خوارزم شاه علاء الدين محمد, وما كاد يبلغُ الثالثة من عمره حتى انتقل مع أبيه إلى بغداد سنة 607هـ (1210م) على إثر خلاف بين أبيه والوالي محمد قطب الدين خوارزم شاه, وفي بغداد نزل أبوه في المدرسة المستنصريَّة، ولكنه لم يستقِرَّ بها طويلًا؛ إذ قام برحلة واسعة ومعه ابنه جلال الدين زار خلالها دمشق ومكة وملطية وأرزبخان ولارند، ثم استَقَرَّ آخر الأمر في قونية في عام 632هـ (1226م) حيث وجَدَ أبوه الحماية والرعاية في كنف الأمير السلجوقي علاء الدين قبقباذ، واختير للتدريس في أربع مدارس بقونية حتى توفي سنة 628هـ (1231م)، فخلفه ابنه جلال الدين في التدريس بتلك المدارس. وقد عُرف جلال  الدين بالبراعة في الفقه إلا أنه لم يستمر كثيرًا في التدريس؛ فقد كان للقائه بالصوفي المعروف شمس الدين تبريزي أعظَمُ الأثر في حياته العقليَّة والأدبية، فمنذ أن التقى به حينما وفد على قونية في إحدى جولاته، تعلق به جلال الدين، وأصبح له سلطانٌ عظيمٌ عليه ومكانةٌ خاصة لديه. وانصرف جلال الدين بعد هذا اللقاء عن التدريس، وانقطع للتصوُّفِ ونظْمِ الأشعار وإنشادها، وأنشأ طريقةً صوفية عُرفت باسم المولويَّة نسبة إلى مولانا جلال الدين.اهتم جلال الدين الرومي بالرياضة وسماع الموسيقى، وجعل للموسيقى مكانةً خاصة في محافِلِ تلك الطريقة. توفِّي جلال الدين عن عمر بلغ نحو سبعين عامًا، ودُفن في ضريحه المعروف في "قونية" في تلك التكية التي أنشأها لتكون بيتًا للصوفيَّة.

العام الهجري : 748 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1348
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ الإمامُ العلَّامة الحافِظُ شَمسُ الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي خاتمةُ الحُفَّاظ، كان من أسرة تُركمانيَّة الأصل، تنتهي بالولاءِ إلى بني تميم، سكنت مدينة ميافارقين من أشهَرِ مدن ديار بكر، ولِدَ في كفر بطنا قرب مدينة دمشق في شهرِ ربيع الآخر سنة 673, وهو حافِظٌ لا يُجارَى ولافِظٌ لا يُبارى، أتقَنَ عِلمَ الحديث ورجالَه، ونظَرَ عِلَلَه وأحوالَه، وعرف تراجم الناس وأزال الإبهام في تواريخهم, واشتهَرَ بالعِلمِ والورع؛ قال السيوطي: "حُكِيَ عن شيخ الإسلام أبي الفضلِ ابنِ حَجَر أنَّه قال: شَرِبتُ ماء زمزم لأصِلَ إلى مرتبة الذهبيِّ في الحفظِ, ثم قال السيوطي: والذي أقولُه: إن المحَدِّثين عيالٌ الآن في الرجالِ وغَيرِها من فنونِ الحديث على أربعةٍ: المِزِّي، والذَّهَبي، والعِراقي، وابن حجر" ومُصَنَّفاته كثيرةٌ جِدًّا تُنبِئ عن عِلمِه الزاخر في الحديث والرجال والتاريخ، فله كتب مشهورة، منها: كتاب تاريخ الإسلام وطبقات مشاهير الأعلام، وكتاب سير أعلام النبلاء، وله في الرجال كتب كثيرة أشهرها: ميزان الاعتدال في أحوال الرجال، وتذكرة الحُفَّاظ، وطبقات القُراء، وله تعليقات على المستدرك، وله كتاب الكبائر، والطب النبوي، وغيرها كثير يصعُب حَصرُه هنا، وقف الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني على تاريخه الكبير المسمى بتاريخ الإسلام جزءًا بعد جزء إلى أن أنهاه مطالعةً وقال: "هذا كتابُ عَلَمٍ اجتمَعْتُ به وأخذتُ عنه وقرأتُ عليه كثيرًا من تصانيفه، ولم أجِدْ عنده جمودَ المحدِّثين، ولا كَودَنة النَّقلة، بل هو فقيهُ النَّظَر، له دُربة بأقوالِ النَّاسِ ومذاهِبِ الأئمة من السلف وأرباب المقالاتِ، وأعجبني منه ما يعانيه في تصانيفِه مِن أنه لا يتعدى حديثًا يورده حتى يبيِّنَ ما فيه من ضَعفِ مَتنٍ أو ظَلامِ إسنادٍ أو طَعنٍ في رواتِه، وهذا لم أرَ غَيرَه يراعي هذه الفائدةَ فيما يورده. توفي في ليلة الاثنين ثالث شهر ذي القعدة، وصُلِّيَ عليه يوم الاثنين صلاة الظهر في جامع دمشق ودُفِنَ بباب الصغير.

العام الهجري : 753 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1352
تفاصيل الحدث:

في ليلة الاثنين سادس عشر صفر في هذه السنة وقَعَ حَريقٌ عظيم عند باب جيرون شرقيَّه فاحترق به دكان القفاعي الكبيرة المزخرفة وما حولها، واتَّسع اتساعًا عظيمًا، واتَّصَل الحريق بالباب الأصفر من النحاس، فبادر ديوان الجامع إليه فكَشَطوا ما عليه من النحاس ونقلوه من يومه إلى خزانة الحاصل، بمقصورة الحلبية، بمشهد علي، ثم عَدَوا عليه يكَسِّرون خشبه بالفؤوس الحداد، والسواعد الشداد، وإذا هو من خشب الصنوبر الذي في غاية ما يكونُ مِن القوة والثبات، وتأسَّفَ الناس عليه؛ لكونه كان من محاسِنِ البلد ومعالمه، وله في الوجودِ ما ينَيِّفُ عن أربعة آلاف سنة، وباب جيرون المشهور بدمشق هو باب سر في جامع دمشق لم يُرَ باب أوسع ولا أعلى منه، فيما يُعرَفُ من الأبنية في الدنيا، وله عَلَمان من نحاس أصفر بمسامير نحاس أصفر أيضًا بارزة، من عجائبِ الدنيا، ومحاسن دمشق ومعالِمها، وقد تم بناؤها، وقد ذكَرَته العَرَبُ في أشعارها والناس، وهو منسوب إلى ملك يقال له جيرون بن سعد بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وهو الذي بناه، وكان بناؤه له قبل الخليلِ عليه السلام، بل قبل ثمود وهود أيضًا، على ما ذكره الحافِظُ ابن عساكر في تاريخه وكان فوقه حصنٌ عظيم، وقَصرٌ منيف، ويقال: بل هو منسوب إلى اسم المارد الذي بناه لسليمان عليه السلام، وكان اسمُ ذلك المارد جيرون، والأولُ أظهَرُ وأشهَرُ، فعلى الأول يكونُ لهذا الباب من المُدَد المتطاولة ما يقارب خمسة آلاف سنة، ثم كان انجعاف هذا الباب لا من تلقاء نفسِه بل بالأيدي العاديةِ عليه، بسبب ما ناله من شَوطِ الحريق، وذكر ابن كثير: "أن أبواب دمشق كانت سبعةً كُلٌّ منها يُتَّخَذُ عنده عيدٌ لهيكل من الهياكل السبعة، فبابُ القمر باب السلامة، وكانوا يسمونَه باب الفراديس الصغير، ولعطارد باب الفراديس الكبير، وللزهرة باب توما، وللشمس الباب الشرقي، وللمريخ باب الجابية، وللمشتري باب الجابية الصغير، ولزحل باب كيسان"

العام الهجري : 890 العام الميلادي : 1485
تفاصيل الحدث:

هو السلطان الغالب بالله أبو الحسن علي بن سعد بن محمد بن الأحمر الأرجواني، الأندلسي، الغرناطي، الأنصاري، المصري ملك الأندلس وصاحب غرناطة. ومولده قبيل سنة840. خرج على والده سعد واستولى على ملك غرناطة سنة 868 ونفا والده إلى المرية ومات من سنته، ومنذ البداية، دخل أبو الحسن في حروب مع أخويه، أبو الحجاج يوسف وأبو عبد الله محمد الزغل، اللذين نازعاه الملك، كل على حدة. ولما توفي أبو الحجاج بقي أبو عبد الله الزغل منازعًا لأخيه حتى إنه خرج إلى ملك قشتالة يستنصره على أخيه، ثم ثار عليه ولده محمد أبو عبد الله الصغير، ومع هذا الصراعات قام أبو الحسن أول أمره بتحصين الحصون وتنظيم شؤون البلاد، وتولى وزارته وزير أبيه أبو القاسم بن رضوان. كان ملكًا جليلًا عارفًا مدبِّرًا. لكنه في آخر أيامه اشتغل باللذات والانهماك في الشهوات واللهو بالنساء المطربات وركن إلى الراحة والغفلات, ومن ذلك افتتانه بجارية رومية نصرانية اسمها ثريا قيل إنها أسلمت وإنها ابنة القائد القشتالي سانشو خمينس دي سوليس، وولدت منه ولدين: سعدًا ونصرًا, وقد فضل أبو الحسن ثريا وولديها ونفى ابنة عمه عائشة الحرة وولديها في برج قمارش بقصر الحمراء, فثار به ولده محمد أبو عبد الله الصغير ابن عائشة الحرة، وجرت بينهما خطوب، وكان الوزير أبو القاسم بن رضوان يوافق الأمير أبا الحسن على إظهار الصلاح والعفاف للناس, وانصرف الأمير أبو الحسن عن تقوية عساكره فأهمل كل من فيه نجدة وشجاعة من الفرسان ولم يزل الأمير مستمرًّا على حاله والجيش في نقص والملك في ضعف إلى أن فقد أبو الحسن بصره، وتنازل بالحكم لابنه أبي عبد الله الصغير، فلما أسره الفرنج استدعى الأمير أبو الحسن أخاه أبا عبد الله الملقب بالزغل، وسلمه حكم غرناطة.