الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1185 ). زمن البحث بالثانية ( 0.012 )

العام الهجري : 301 العام الميلادي : 913
تفاصيل الحدث:

هو أبو سعيدٍ الحسَنُ بنُ بهرام الجنابي القرمطي- قَبَّحه اللهُ- أخذ القرمطةَ عن حمدانَ بنِ قرمط, وهو رأسُ القرامطة، ظهر سنة 286 بالبحرين، فدعا الناسَ إلى مذهبِه القرمطي، واجتذب إليه اللُّصوصَ وقُطَّاعَ الطُّرُقِ، واشتَدَّ خَطَرُه، فاستولى على اليمامة وعمان وهَجَر والقَطيف، قاتَلَه جيشُ المعتَضِد فهَزَم الجيشَ وقَتَلَهم سوى قائِدِهم، ترَكَه ليُخبِرَ الخليفة بما رآه منه، كان موتُ أبي سعيد في الحمَّام، قتَلَه خادِمٌ صقلبيٌّ له كان قد أسَرَه فيمن أسَرَ، وكان شجاعًا قويًّا جَلْدًا, فحَسُنَت منزلتُه عنده حتى صار على طعامِه وشَرابِه. وكان الخادِمُ ينطوي على إسلامٍ، فلم يرَ أبا سعيدٍ يُصَلِّي صلاةً، ولا صام شهرَ رمضان. فأبغَضَه وأضمَرَ قَتْلَه، فخلَّاه وقد دخل حمامًا في الدار ووثب عليه بخِنجرٍ فذَبَحَه، ثم خرج ودعا بعضَ قُوَّادِ أبي سعيدٍ، فقال له: كَلِّم أبا سعيدٍ. فلمَّا دخل ذبَحَه، ثم استدعى آخَرَ، ففعل به كذلك حتى فعل ذلك بجماعةٍ مِن الكبارِ، ثم استدعى في الآخِرِ رجلًا، فدخل في أوَّلِ الحمام، فلما رأى الدماءَ تجري، أدبر مسرعًا وصاح، فصاح النساء واجتمعوا على الغُلامِ فقَتَلوه, دام حُكم أبي سعيد 16 عامًا, وقد خلَّف من الأموالِ شيئًا كثيرًا، فمن ذلك ألفُ ألفِ دينار، ومن آنية الذهب والفضة نحوُ مائة ألف دينار، ومن البقر ألف ثور، ومن الخيل والبغال والجمال ألفُ رأس, وكان قد عهِدَ بالأمر لابنه سعيدٍ، ولكنه كان ضعيفًا, فأوصى أبو سعيد أن يبقى سعيدٌ في الحكم حتى يكبر أخوه الأصغَرُ سُلَيمان أبو طاهرٍ، فيُسَلِّمُه الأمرَ، ففعل سعيد.

العام الهجري : 338 العام الميلادي : 949
تفاصيل الحدث:

هو أبو الحسَنِ عليُّ بنُ بُوَيه، وهو أكبر أولاد بُوَيه، وأوَّلُ مَن تمَلَّك منهم، وكان عاقلًا حاذقًا حميد السيرة رئيسًا في نفسه. كان أولُ ظهورِه في سنة 322, فلما كان في هذا العام 338 قَوِيَت عليه الأسقامُ وتواترت عليه الآلامُ، فأحسَّ من نفسه بالهلاك، ولم يُفادِه ولا دفَعَ عنه أمرَ اللهِ ما هو فيه من الأموالِ والمُلك وكثرةِ الرِّجال والأموالِ، ولا رَدَّ عنه جيشُه من الديلم والأتراك والأعجام، مع كثرةِ العَدَد والعُدد، بل تخَلَّوا عنه أحوجَ ما كان إليهم، فسُبحانَ اللهِ المَلِك القادِرِ، القاهرِ العلَّام! ولم يكن له ولدٌ ذكَرٌ، فأرسل إلى أخيه ركن الدولةِ يستدعيه إليه ووَلَده عَضُد الدولة، ليجعَلَه وليَّ عَهدِه من بعده، فلمَّا قدم عليه فرِحَ به فرحًا شديدًا، وخرج بنفسِه في جميع جيشِه يتلقَّاه، فلمَّا دخل به إلى دار المملكة أجلسَه على السريرِ وقام بين يديه كأحدِ الأُمَراء؛ ليرفَعَ مِن شأنه عند أمرائِه ووزرائِه وأعوانه. وكان يومًا عظيمًا مشهودًا. ثم عقَدَ لعَضُد الدولة البيعةَ على ما يملِكُه من البلدان والأموال، وتدبيرِ المَملكة والرجال. وفيهم مِن بعضِ رُؤوسِ الأمراءِ كراهةٌ لذلك، فشَرَعَ في القبضِ عليهم، وقَتَلَ مَن شاء منهم وسَجَنَ آخرين، حتى تمهَّدَت الأمورُ لعضد الدولة. ثم كانت وفاةُ عماد الدولة بشيراز في هذه السنة، عن سبعٍ وخمسين سنةً، وكانت مُدَّةُ مُلكِه ست عشرة سنة، وكان من أقوى الملوك في زمانِه، وكان ممن حاز قَصَبَ السَّبقِ دون أقرانه، وكان هو أميرَ الأمراء، وبذلك كان يكاتِبُه الخلفاءُ، ولكِنَّ أخاه معز الدولة كان ينوبُ عنه في العراق والسواد.

العام الهجري : 377 العام الميلادي : 987
تفاصيل الحدث:

أرسل العزيزُ بالله الفاطمي بمصرَ داعيًا له إلى كتامةَ، يقال له أبو الفهمِ، واسمُه حسَنُ بنُ نصر، يدعوهم إلى طاعتِه، وغَرَضُه أن تميلَ كتامة إليه وترسِلَ إليه جندًا يقاتِلونَ المنصور صاحِبَ إفريقيةَ، ويأخذون إفريقيةَ منه، لَمَّا رأى مِن قُوَّتِه، فدعاهم أبو الفهم، فكثر أتباعُه، وقاد الجيوشَ، وعَظُمَ شأنُه، وعزم المنصورُ على قَصدِه، فأرسل إلى العزيزِ بمصرَ يُعَرِّفُه الحال، فأرسل العزيزُ رَسولينِ إلى المنصور ينهاه عن التعرُّضِ لأبي الفهم وكتامة، وأمرهما أن يسيرا إلى كتامة بعد الفراغِ مِن رسالة المنصور، فلمَّا وصلا إلى المنصور وأبلغاه رسالةَ العزيز أغلَظَ القَولَ لهما وللعزيز أيضًا، وأغلَظا له، فأمَرَهما بالمُقامِ عنده بقية شعبان ورمضان، ولم يترُكْهما يَمضِيان إلى كتامة، ثم سارَ إلى كتامة والرَّسولانِ معه، فكان لا يمُرُّ بقصرٍ ولا مَنزلٍ إلا هَدَمه، حتى بلغ مدينة سطيف، وهي كرسيُّ عِزِّهم، فاقتتلوا عندها قتالًا عظيمًا، فانهزمت كتامة، وهرب أبو الفهم إلى جبلٍ وعرٍ فيه ناسٌ مِن كتامة يقال لهم بنو إبراهيم، فأرسل إليهم المنصورُ يتهَدَّدُهم إن لم يسَلِّموه، فقالوا: هو ضيفُنا ولا نسَلِّمُه، ولكن أرسِلْ أنت إليه فخُذْه ونحن لا نمنعُه. فأرسل فأخَذَه، وضربه ضربًا شديدًا، ثم قتَلَه وسلَخَه، وأكَلَت صنهاجةُ وعَبيدُ المنصور لحمَه، وقُتِلَ معه جماعةٌ مِن الدعاة ووجوهُ كتامة، وعاد إلى أشير، ورد الرسولينِ إلى العزيز فأخبَرَاه بما فُعِل بأبي الفهم، وقالا: جئْنا من عند شياطينَ يأكلونَ النَّاسَ، فأرسل العزيزُ إلى المنصورِ يطَيِّبُ قَلبَه، وأرسل إليه هديَّةً، ولم يذكر له أبا الفَهمِ.

العام الهجري : 413 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1022
تفاصيل الحدث:

الكاتِبُ المَشهورُ صاحِبُ الخَطِّ المنسوبِ أبو الحَسَنِ عليُّ بنُ هلالٍ البَغداديُّ، المعروف بابنِ البَوَّاب؛ ويقال له "ابن الستري" أيضًا؛ لأنَّ أباه كان بوَّابًا، والبَوَّاب ملازِمٌ سِترَ البابِ، فلهذا نُسِبَ إليهما. كان شَيخُه في الكتابةِ ابنَ أسَدٍ الكاتِبَ المَشهورَ، وهو أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ أسدِ بنِ عليِّ بنِ سَعيدٍ القارئ الكاتب البزَّاز البغدادي. قال ابن كثيرٍ: "وقد أثنى على ابنِ البوَّابِ غَيرُ واحد في دينِه وأمانته، وأمَّا خَطُّه وطريقتُه، فهي أشهرُ مِن أن نُنَبِّهَ عليها، وخَطُّه أوضَحُ تعريبًا من خط الوزيرِ أبي عليِّ بنِ مُقلةَ الكاتبِ المَشهورِ، ولم يكُنْ بعدَ ابنِ مُقلةَ أكتَبُ منه، وعلى طريقتِه النَّاسُ اليومَ في سائِرِ الأقاليمِ إلَّا القَليلَ". قال ابنُ خَلِّكانَ: "لم يوجَدْ في المتقَدِّمينَ ولا المتأخِّرينَ مَن كَتَبَ مِثلَه ولا قارَبَه، وإن كان أبو عليٍّ ابنُ مُقلةَ الوزيرُ أوَّلَ مَن نَقَل هذه الطريقةَ مِن خَطِّ الكوفيِّينَ، وأبرَزَها في هذه الصُّورةِ، وله بذلك فضيلةُ السَّبقِ، وخَطُّه أيضًا في نهايةِ الحُسنِ، لكِنَّ ابنَ البوَّابِ هَذَّبَ طريقةَ ابنِ مُقلةَ ونَقَّحَها وكَساها طلاوةً وبَهجةً. والكُلُّ مُعتَرِفٌ لابنِ البوَّابِ بالتفَرُّد، وعلى منوالِه يَنسجونَ، وليس فيهم من يَلحَقُ شَأوَه ولا يَدَّعي ذلك، مع أنَّ في الخَلقِ مَن يدَّعي ما ليس فيه، ومع هذا فما رأَينا ولا سَمِعْنا أنَّ أحدًا ادَّعى ذلك، بل الجميعُ أقَرُّوا له بالسَّابقةِ وعَدَمِ المشاركة". توفِّي ابنُ البوَّاب ببغداد، ودُفِنَ جوارَ الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ.

العام الهجري : 520 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1127
تفاصيل الحدث:

تراسل السلطان محمود والخليفة بشأن السلطان سنجر، وأن يكونا عليه، فلما علم بذلك سنجر كتب إلى ابن أخيه محمود ينهاه ويستميلُه إليه، ويحذِّره من الخليفة، وأنه لا تُؤمَنُ غائلتُه، وأنه متى فرغ مني دار إليك فأخَذَك، فأصغى إلى قول عمِّه ورجع عن عزمه، وأقبل ليدخل بغداد عامَه ذلك، فكتب إليه الخليفةُ ينهاه عن ذلك لقلةِ الأقوات بها، فلم يَقبَل منه، وأقبل إليه، فلما أزِفَ قدومُه خرج الخليفة من داره وتجهَّز إلى الجانب الغربي فشَقَّ عليه ذلك وعلى الناس، ودخل عيد الأضحى فخطب الخليفة الناسَ بنفسه خطبةً عظيمة بليغة فصيحة جدًّا، وكبَّر وراءه خطباء الجوامع، وكان يومًا مشهودًا، ولما نزل الخليفة عن المنبر ذبح البدنة بيده، ودخل السرادِقَ وتباكى الناس ودعوا للخليفة بالتوفيقِ والنصر، ثم دخل السلطان محمود إلى بغداد يوم الثلاثاء الثامن عشر من ذي الحجة، فنزلوا في بيوت الناس وحصل للناس منهم أذًى كثير في حريمهم، ثم إنَّ السلطان راسل الخليفة في الصلح فأبى ذلك الخليفة، وركب في جيشه وقاتل الأتراك ومعه شرذمةٌ قليلة من المقاتلة، ولكن العامةَ كلهم معه، وقتَلَ من الأتراك خلقًا، ثم جاء عماد الدين زنكي في جيشٍ كثيف من واسط في سفن إلى السلطان نجدةً، فلما استشعر الخليفةُ ذلك دعا إلى الصلح، فوقع الصلحُ بين السلطان والخليفة، وأخذ السلطان محمود يستبشر بذلك جدًّا، ويعتذر إلى الخليفة المسترشد بالله مما وقع، ثم خرج في أول السنة الآتية إلى همذان لمرضٍ حصل له.

العام الهجري : 598 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1201
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ العالمُ المعَمَّر، مُسنِدُ الديار المصرية، أمين الدين: أبو القاسم سيد الأهل هبة الله بن علي بن سعود بن ثابت بن هاشم بن غالب الأنصاري، الخزرجي، المنستيري الأصل، المصري المولِد والدار، المعروف بالبوصيري، الكاتب الأديب. كانت ولادته سنة 506 بمصر، وقيل: بل ولد يوم الخميس خامس ذي القعدة سنة 500, وله سماعاتٌ عاليةٌ وروايات تفَرَّد بها وألحَقَ الأصاغِرَ بالأكابرِ في علُوِّ الإسناد، ولم يكنْ في آخر عصره في درجتِه مِثلُه، وعاش اثنتين وتسعين سنة. وكان مُسنِدَ دِيارِ مِصرَ في وقتِه، سمع مع السِّلَفي، وبقراءته من أبي صادق المديني، وأبي عبد الله محمد بن بركات السعيدي، وأبي الحسن علي بن الحسين الفراء، وسلطان بن إبراهيم، والخفرة بنت مبشر بن فاتك، وغيرهم. وانفرد بالسَّماع منهم. وأجاز له أبو الحسن الفرَّاء، وابن الخطَّاب الرازي، وقد سمع منهما، وسمع من أبي طاهر السِّلَفي, وحدَّث بمصر والإسكندرية، ورحل إليه المحدِّثون، وقُصد من البلاد. فسمع عليه النَّاسُ وأكثروا، وكان جده مسعود قَدِمَ من المنستير إلى بوصير، فأقام بها إلى أن عُرِفَ فَضلُه في دولةِ المصريِّينَ، فطُلِبَ إلى مصر، وكُتِبَ في ديوان الإنشاء، ووُلِدَ له علي والد أبي القاسم بمصر، واستقَرُّوا بها وشُهِروا. وكان أبو القاسمِ يسمى سيدَ الأهل أيضًا، لكِنَّ هبة الله أشهر، وتوفِّيَ في الليلة الثانية من صفر سنة 598، ودُفِنَ بسَفحِ المقطم. وهذا البوصيري غيرُ البوصيري صاحب البردة المتوفى سنة 697.

العام الهجري : 623 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1226
تفاصيل الحدث:

وصل الخبَرُ إلى جلال الدين أن نائبه بكرمان، وهو أميرٌ كبير اسمه بلاق حاجب، قد عصى عليه، وطَمِعَ في أن يتملَّك البلاد ويستبِدَّ بها لبُعدِ جلال الدين عنها، واشتغاله بالكرج وغيرهم، وأنه أرسل إلى التتر يعَرِّفُهم قوة جلال الدين ومُلكَه كثيرًا من البلاد، وإن أخذ الباقي عَظُمَت مملكته، وكثُرَت عساكره، وأخذَ ما بأيديكم من البلاد. فلما سمع جلال الدين ذلك كان قد سار يريد خلاط، فتركها وسار إلى كرمان يطوي المراحِلَ، وأرسل بين يديه رسولًا إلى صاحِبِ كرمان، ومعه الخِلَع ليطمَئِنَّ ويأتيه وهو غيرُ محتاط ولا مستعِدٍّ للامتناع منه، فلما وصل الرسول عَلِمَ أن ذلك مكيدةٌ عليه لِما يَعرِفُه من عادته، فأخذ ما يعِزُّ عليه، وصعد إلى قلعةٍ منيعةٍ فتحَصَّن بها، وجعل من يثقُ به من أصحابه في الحصونِ يمتَنِعون بها، وأرسل إلى جلال الدين يقول: إنَّني أنا العبد والمملوك، ولما سمعت بمسيرك إلى هذه البلاد أخليتُها لك؛ لأنَّها بلادك، ولو علمتُ أنَّك تبقي علي لحضرتُ بابك، ولكنِّي أخاف هذا جميعَه، والرسولُ يحلف له أنَّ جلال الدين بتفليس، وهو لا يلتَفِتُ إلى قوله، فعاد الرسول، فعلم جلالُ الدين أنه لا يمكِنُه أخذ ما بيده من الحصونِ؛ لأنه يحتاج أن يحصُرَها مدة طويلة، فوقف بالقُربِ من أصفهان، وأرسل إليه الخِلَع، وأقرَّه على ولايته, فبينما الرسل تتردد إذ وصل رسولٌ مِن وزير جلالِ الدين إليه من تفليس يعَرِّفُه أن عسكر الملك الأشرفِ الذي بخلاط قد هَزَموا بعض عسكره وأوقعوا بهم، ويحثُّه على العود إلى تفليس فعاد إليهم مُسرعًا.

العام الهجري : 658 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1260
تفاصيل الحدث:

بعد اغتيالِ سيف الدين قطز حار الأمراءُ فيما بينهم فيمن يوَلُّون المُلك، وصار كل واحد منهم يخشى غائلة ذلك، وأن يصيبه ما أصاب غيرَه سريعًا، فاتفقت كلمتُهم على أن بايعوا بيبرس البندقداري، ولم يكن هو مِن أكابِرِ المقَدَّمين، ولكن أرادوا أن يجرِّبوا فيه، ولقَّبَوه الملك الظاهِرَ، فجلس على سريرِ المملكة وحكمه، ودقت البشائِرُ وضُرِبَت الطبول والبوقات, وزعقت الشاووشية بين يديه، وكان يومًا مشهودًا ثم دخل مصرَ والعساكرُ في خدمته، فدخل قلعةَ الجبل وجلَسَ على كرسِيِّها، فحكَمَ وعدل، وقطع ووصل، وولَّى وعزل، وكان شهمًا شجاعًا, وكان أولًا لَقَّب نفسه بالملك القاهر، فقال له الوزير: إن هذا اللَّقَب لا يُفلِحُ من يلَقَّب به، تلقَّبَ به القاهرَ بن المعتمد فلم تطل أيامه حتى خُلِعَ وسُمِلَت عيناه، ولقب به القاهِرُ صاحب الموصل فسُمَّ فمات، فعدل عنه حينئذ إلى الملك الظاهر، ثم شرع في مَسكِ من يرى في نفسه رئاسةً مِن أكابر الأمراء حتى مهَّد المُلكَ لنَفسِه، ويُذكَرُ أن مولد بيبرس كان بصحراء القِبجاق, والقبجاق قبيلة عظيمة في الترك، وهو بكسر القاف وسكون الباء ثانية الحروف، أما بيبرس بسكون الياء المثناة من تحتها ثم فتح الباء الموحدة وسكون الراء والسين المهملتين ومعناه باللغة التركية: أمير فهد. أُخذ بيبرس من بلادِه وبِيعَ بدمشق للعِمادِ الصائغ، ثم اشتراه الأميرُ علاء الدين أيدكين الصالحي البندقداري وبه سمي البندقداري، ثم صادره منه المَلِكُ الصالح نجم الدين الأيوبي ثم أعتَقَه وجعله من جملةِ مماليكِه، وقَدَّمَه على طائفة الجمدارية-  الجمدار حامِلُ ملابس السلطانِ- لِما رأى من فِطنتِه وذكائِه.

العام الهجري : 820 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1417
تفاصيل الحدث:

أخذ الأميرُ صارم الدين إبراهيم بن رمضان طرسوس, وصيَّرها في طاعة السلطان المؤيد، ولكنه لم يسلِّمْها، بل جعل الخطبة للسلطان، وفي هذه السنة قدم الأمير إبراهيم بن رمضان، وابن عمه حمزة بن أحمد بن رمضان، وسائر أمراء التركمان الأوحقية، في جمع كبير، ومعهم أم إبراهيم بن رمضان، وأولاده الصغار في خمسمائة من أمرائه وأقاربه وأزلامه، فقام السلطان لهم، وخلع على إبراهيم وعلى أخيه، وحلف التركمان على الطاعة، وخلع عليهم نحوًا من مائتي خِلعة، وألبس إبراهيم بن رمضان الكلوتة، وأنعم عليه، وعلى جماعته، ثم تقرر الحال على أن الأمير قجقار نائب حلب يتوجَّه بمن معه إلى مدينة طرسوس، ويسير السلطان على جهة مرعش إلى الأبلستين، ويتوجه مصلح الدين إلى ابن قرمان بجوابه، ويعود في مستهل جمادى الأولى بتسليم طرسوس، فسار مصلح الدين صحبة نائب حلب إلى طرسوس، وكان الأمير قجقار نائب حلب لما توجه إلى طرسوس، قدم بين يديه إليها الأمير شاهين الأيدكاري متولي نيابة السلطة بها، وقد بعث ابن قرمان نجدة إلى نائبه بطرسوس الأمير مقبل القرماني، فلما بلغ مقبل مسير عساكر السلطان إليه، رحل من طرسوس وبعث إلى شاهين الأيدكاري يخبره برحيله، فدخل شاهين طرسوس وقد امتنع مقبل بقلعتها، فنزل الأمير قجقار والأمير شاهين عليها، وكتب إلى السلطان بذلك، ثم في شهر رجب في السادس والعشرين كملت عمارة القصر بقلعة حلب، وجلس فيه السلطان واستدعى مقبل القرماني ورفاقه، وضربه ضربًا مبَرِّحًا، ثم صُلِبَ هو ومن معه.

العام الهجري : 923 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1517
تفاصيل الحدث:

بعد أن انتصر السلطانُ العثماني سليم الأول على السلطان المملوكي قانصوه الغوري وقتَلَه في معركة مرج دابق سنة 922، سار إلى مصر، وأرسل السلطان سليم إلى السلطان الجديد طومان باي يعرِضُ عليه الصلح مقابِلَ الاعتراف بسيادة العثمانيين على مصر، غيرَ أن طومان باي رفض ذلك واستعدَّ للقتال، والتقى الطرفان أولًا على حدود بلاد الشام في معركة أولى انهزم فيها المماليك، ثم دخل العثمانيون غزةَ ثم أكملوا مسيرَهم إلى مصر حتى وصلوا إلى الريدانية على أبواب القاهرة، فجرت بين الطرفين معركةٌ انطلق فيها السلطان طومان باي المملوكي إلى مقَرِّ السلطان سليم الأول العثماني ومعه بعضُ الفرسان وقتلوا مَن حوله وأسَروا الوزير سنان باشا وقتَلَه طومان بعد ذلك، ولكن المعركةَ انتهت بانتصار العثمانيين خاصةً؛ لوجود المدافع التي معهم ثمَّ في الثامن من محرم دخل العثمانيون القاهرة، وهرب طومان باي نحو الجيزة غيرَ أنه سقط أسيرًا بأيدي العثمانيين الذين قتلوه في الحادي والعشرين من ربيع الأول من هذا العام، فكان بنهايته نهاية الدولة المملوكيَّة، ثمَّ إنَّ السلطان العثماني سليم الأول بايعه أهلُ مصر، وتنازل له الخليفة العباسي المتوكل على الله محمد بن يعقوب عن الخلافة, وبذلك أيضًا انقضت الخلافة العباسية التي دامت تحت ظلِّ المماليك قرابة المائتين وأربع وستين سنة! وانطوت من التاريخ الخلافةُ في مصر لتبدأ الخلافة من جديدٍ في إستانبول, ولَقَّب السلطانُ سليم الأول نفسَه بخادم الحرمين الشريفين أثناء خطبة الجمعة التي أُلقِيت في الجامع الكبير بحلب.

العام الهجري : 1184 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1770
تفاصيل الحدث:

كانت الدولةُ الروسيةُ طامحةً إلى بولونيا، وكان ذلك ضِدَّ مصلحة فرنسا, فحرَّضت فرنسا تركيا على محاربة روسيا، وكان الصدر إذ ذاك محسن زاده محمد باشا فعارض هذا الأمرَ أشَدَّ المعارضة؛ لعلمه بضعف تركيا إذ ذاك وعدَمِ استعدادها لإعلانِ حربٍ كبيرة كهذه على روسيا، فعزله السلطان وعيَّنَ بدله سلحدار ماهر حمزة باشا فأعلن الحربَ على روسيا، وقاد باغلقجي محمد أمين باشا جيشًا تركيًّا وتصدى به لعبورِ نهر الدانوب وفي أثناء ذلك عبرت روسيا نهر الدنييستر وحاصرت (خوتن) ولكن مولدواني باشا وخان القرم تمكَّنا من طرد الروس من هناك، وفي هذا الحين وُشِيَ بالصدر فعُزل وقُتل وعُيِّن مكانه مولدواني علي باشا، فتقدم لعبور نهر الدنييستر فنُصِب عليه حرس من السفن، وبينما هو يستعد لمقاتلة الأعداء في أثناء ذلك فاضت مياه النهر فجأةً، فخاف الجنود أن ينكَسِرَ الجسران فمرُّوا بدون نظام وتراكموا على الجسرين فانقلبا في النهرِ وغرق أكثَرُ من كان عليهما. وكان القائدُ التركي قد وضع ستة آلاف جندي في الضفة الأخرى فدافعوا عن أنفسهم حتى قُتلوا جميعًا. ثم إن هذا القائد أخلى خوتين بعد أن جرَّدها من جميع الذخائر فاستولى عليها الروس. أما الجيوش الروسية التي كانت على حدود آسيا فكانت ظافرةً أيضًا فإنها استولت على قبارطاي وكرجستان وجزءٍ كبير من أرمنستان. وكانت روسيا أرسلت رجالَها لإثارة نصارى اليونان والصرب الجبل الأسود وغيرهم في الجهات التي يكثر فيها العنصر الأرثوذكسي، وبذلك صارت تركيا مغلولةَ إحدى اليدين عن مقارعة خصيمتِها؛ فإنها أرسلت جيوشًا كثيرة لقمعِ هذه الثورات الداخلية وأبقتها في تلك البلاد لعدمِ عودةِ أهلها إلى التمرُّد.

العام الهجري : 1213 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1798
تفاصيل الحدث:

كان أوَّل ما حضر إلى الإسكندرية في أوَّلِ هذه السنة مراكِب للإنجليز زعموا أنَّهم جاؤوا ليحمُوا الثغر من الفرنسيين، فإنَّهم في طريقهم لاحتلال مصر, ولكنَّ أهل الإسكندرية ظنُّوا أن هذه مخادعة وقالوا: هذه بلاد السلطان، لا سبيل للإنجليز ولا للفرنسيين عليها، فرحل الإنجليزُ، ومع ذلك لم يفعل أمراءُ البلد شيئًا، أما أهل الإسكندرية فجمعوا العُربان وتهيَّأ الناسُ لِمثل هذا الحدَثِ، ثم وصلت مراكبُ الفرنسيين وطلبوا القنصل وبعض أهالي البلد، فلما نزلوا إليهم عوَّقوهم، فلما دخل الليل طلعوا إلى البر ومعهم آلاتُ الحرب والعساكر، ولم يفجأ أهلَ الثغر صباحًا إلا وهم كالجراد المنتَشِر، فلم يستطع أهل الثغر ومن انضم إليهم من العُربان فِعلَ شيء أمامهم، فانهزموا إلى البيوت والحيطان، فطلبوا الأمانَ فأمَّنوهم وطلبوا جمعَ السلاح من الأهالي، ثم سار الفرنسيون إلى البر الغربي ووصلوا دمنهور ورشيد، وكان نابليون نشرَ في أنحاء مصر مع الرسُلِ قبل وصوله إلى كُلِّ بلد أنه ما جاء إلى مصر إلى ليخَلِّصَهم من ظلم المماليك والأتراك، وأنَّه يحترم الدينَ والنبيَّ صلَّى الله عليه وسلم والقرآنَ، ثمَّ في شهر صفر التقى العسكر المصريُّ مع الفرنسيين، فلم تكن ساعة إلا وانهزم مراد بيك ومن معه، وكان هذا في البحرِ، ثم ارتحل الناسُ إلى بولاق لعمل المتاريس، ثم وصل الفرنسيون إلى بر مصر، وسكن بونابرت ببيت محمد بيك الألفي بالأزبكية، ثم ملكوا مدينةَ بلبيس بغير مقاومة ولا قتال، ثم عَمِلوا ديوانًا من ستة أنفار من النصارى القبط وستة تجار من المسلمين للنظر في قضايا التجَّار والعامة.

العام الهجري : 1220 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1805
تفاصيل الحدث:

ولد محمد علي في مدينة قَوَلة الساحلية في جنوب مقدونيا عام 1769م، وهو تركي عثماني لا يمتُّ للألبانيين ولا لصقالبة مقدونية ولا يونانها بسببٍ ولا نسب، لكنَّه حين قدم مصر جاء مع الفرقة الألبانية التي أرسلها السلطانُ العثماني إلى مصر؛ ممَّا أشكَلَ أمره على البعض، فحسِبَ أنَّ له أصلًا ألبانيًّا! وكان محمد علي قد اختاره المصريون ليكون واليًا على مصر، فبعد جلاء الفرنسيين عن مصرَ استطاع محمد علي أن يسيطرَ على الوضع، وأن يحوز رضا العلماء والتجَّار والأعيان، حتى نادَوا به واليًا على مصر، وبعثوا برسالة للسلطان العثماني يطالبونه بتعيين محمد علي واليًا علي مصر، فاستجاب لرغبتهم، فتمَّ إعلانه واليًا على مصر في 17 مايو 1805م, كما كان لثورة عمر مكرم الشعبية أثرٌ في إبعاد خورشيد باشا عن حكم مصر وتهيئتها لمحمد علي الذي استقرَّ على أريكة الحكم في مصر هذا العام، وظل يحكمُها نحو 43 سنة، فقضى على المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة، وكانوا مراكِزَ القوى ومصدرَ القلاقل السياسية، ممَّا جعل البلد في فوضى. وقضى على الإنجليز في معركة رشيد، وأصبحت مصر تتسم بالاستقرار السياسي لأوَّلِ مرة تحت ظلالِ الخلافة العثمانية. وبدأ محمد علي بتكوين أولِ جيشٍ نظامي في مصر الحديثة. وكان بدايةً للعسكرية المصرية في العصر الحديثِ، تمكَّن محمد علي أن يبنيَ في مصر دولةً عصرية على النسَقِ الأوروبي، واستعان في مشروعاتِه الاقتصادية والعلمية بخُبراء أوروبيين، ومنهم بصفةٍ خاصة السان سيمونيون الفرنسيون، الذين أمضوا في مصر بضع سنوات في الثلاثينات من القرن التاسع عشر.

العام الهجري : 1222 العام الميلادي : 1807
تفاصيل الحدث:

في بداية حكم محمد علي لمصر دخل في مفاوضاتٍ مع الإنجليز استمرَّت أربعة أشهر أكَّدَ فيها جديَّتَه ورغبته المخلصة في الارتباطِ بهم، بل وطلب وضع نفسِه تحت حمايتهم، وهذا ما يؤكِّدُه تقرير القائد الإنجليزي فريزر قائد الحملة البريطانية على الإسكندرية، والذي تولى التفاوضَ مع محمد علي، الأمر الذي أدى- بعد اقتناعهم به- إلى تخلِّيهم عن أصدقائهم من المماليك. وقد تضمَّن التقرير الذي أعده فريزر ثم أرسلَه الى الجنرال مور في 16 أكتوبر من هذا العام أهمَّ جوانب هذه المفاوضات، وقد جاء فيه: "أرجو أن تسمحوا لي بأن أبسُطَ لكم ليكون... موضِعَ نظركم فحوى محادثة جرت بين باشا مصر والميجر جنرال شريروك والكابتن فيلوز أثناء قيامهما بمهمتهما لدى سمُوِّه. ولديَّ ما يجعلني أعتقد أن هذه المحادثة، ومن اتصالات خاصة كثيرة أخرى كانت لي معه، بأنه جادٌّ وصادقٌ فيما يقترحه. لقد أبدى محمد علي باشا والي مصر رغبته في أن يضع نفسه تحت الحماية البريطانية، ووعدناه بإبلاغ مقترحاتِه إلى الرؤساء في قيادة القوات البريطانية؛ كي يقوم هؤلاء بإبلاغها إلى الحكومة الإنجليزية للنظر فيها. ويتعهد محمد علي من جانبه بمنع الفرنسيين والأتراك أو أي جيش تابع لدولة أخرى من الدخولِ إلى الإسكندرية من طريقِ البحر وبعد الاحتفاظ بالإسكندرية كصديقٍ وحليف لبريطانيا العظمى، ولكنَّه لا مناص له من الانتظار أن تعاونَه إنجلترا بقواتها البحرية إذا وقع هجوم عليه من جهة البحر؛ لأنَّه لا يملك سفنًا حربية. ويوافق محمد علي باشا في الوقت نفسِه على تزويد كلِّ السفن البريطانية التي تقِفُ على بُعد من الاسكندرية بما قد تحتاج إليه من ماء النيل عند إعطائِها إشارةً يصير الاتفاق عليها"

العام الهجري : 1257 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1841
تفاصيل الحدث:

بادرت القواتُ الدرزية بزعامة أولاد بشير جنبلاط إلى محاصرة "دير القمر"؛ إيذانًا ببدء الحرب الأهلية الأولى. وعلى الرغم من استعداداتِ الموارنة وادِّعاءاتهم بما سيفعلونه بالدروز عندما تقع الحرب، تحوَّل القتال إلى كارثة مروِّعة نزلت بالموارنة في دير القمر؛ إذ دبَّت فيهم الفوضى، فأصبحوا أهدافًا سهلة للقوات الدرزية. وما إن سمع البطريرك بما حدث لدير القمر، حتى أغلق الكنائس، وطلب من كلِّ نصراني أن يحمِلَ السلاح. وهاجمت القواتُ المارونية بعضَ المواقع الدرزية المتفَرِّقة؛ لينتشر لهيبُ الحرب الأهلية بسرعة في البلاد. وتبادل الطرفانِ إحراق القرى وسلْب الأموال، والتمثيل بالأسرى والقتلى. ولكِنَّ كِفَّة الدروز كانت هي الراجحةَ؛ فبعد أن سيطروا على المناطق المارونية في الجنوب شرعوا يدقُّون أبواب النصف الشمالي الماروني عبْرَ نهر الكلب. وخلال هذه الحرب الأهلية وقف الأرثوذكس إلى جانب الدروز؛ لاعتقادهم أن تفوُّقَ الموارنة سيعَرِّضُهم لاضطهاد ماروني، حملًا لهم على ترْك عقيدتِهم. وحينما اشتَدَّ الضغط الدرزي على الموارنة وثبت لهؤلاء أن الحرب تسير في مصلحة خصومهم، وأن الجبهة المارونية هشة مفكَّكة؛ إذ كان رجال الدين الموارنة في جانب، والإقطاعيون في جانب آخر، فضلًا عن تعدد الخلافات بين الزعامات المارونية- سارَعَ الموارنةُ حينها إلى السلطاتِ العثمانية، والقناصل الأوروبيين -خاصة القنصل الفرنسي. وأسفرت الحربُ عن موافقة البطريرك الماروني على إبعادِ الأمير بشير الشهابي الصغير الدرزي عن الحُكم، على أن يحلَّ محلَّه الأميرُ بشير الشهابي الكبير؛ الأمر الذي ترك انطباعًا سيئًا لدى القنصل الإنجليزي عن رجالِ الدين الموارنة.