الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1781 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 1120 العام الميلادي : 1708
تفاصيل الحدث:

نجح الأتراك في استعادة مدينة وهران من أيدي النصارى الأسبان الذين أخذوها سنة 1114هـ فنكبوا أهلها، فكانوا ما بين أسير وقتيل إلى أن أعادها الله عز وجل للإسلام والمسلمين على يد الأتراك هذه السنة.

العام الهجري : 1222 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1807
تفاصيل الحدث:

تم توقيع معاهدة دمنهور بين محمد علي والي مصر والإنجليز، وقد تمَّ بمقتضاها جلاءُ حملة فريزر عن مصر بعد فشلِها الذريع في تحقيقِ أغراضها وإصابتِها بهزيمةٍ فادحةٍ على يد المصريين.

العام الهجري : 262 العام الميلادي : 875
تفاصيل الحدث:

كانت وقعة للزنوج مع أحمد بن ليثويه، وكان سببَها أنَّ مسرورًا البلخيَّ وجه أحمد بن ليثويه إلى كور الأهواز، فنزل السوس، وكان يعقوبُ الصفَّار قد قلَّدَ محمد بن عبيد الله بن هزارمرد الكردي كورَ الأهواز، فكاتَبَ محمد قائدَ الزنجِ يُطمِعُه في الميلِ إليه، وأوهَمَه أنَّه يتولى له كور الأهواز. وكان محمَّد يكاتِبُه قديمًا، وعزم على مداراة الصفَّار، وقائد الزِّنج، حتى يستقيمَ له الأمرُ فيها، فكاتبه صاحِبُ الزنج يجيبه إلى ما طلبَ، على أن يكون عليُّ بن أبان المتوليَ للبلاد، ومحمد بن عبيد الله يخلُفُه عليها، فقَبِلَ محمد ذلك، فوجه إليه عليُّ بن أبان جيشًا كثيرًا وأمَدَّهم محمد بن عبيد الله، فساروا نحو السوس، فمنعهم أحمدُ بن ليثويه ومن معه من جندِ الخليفة عنها وقاتَلَهم فقَتَل منهم خلقًا كثيرًا وأسَرَ جماعة. وسار أحمد حتى نزل جنديسابور، وسار علي بن أبان من الأهواز ممدًّا محمد بن عبيد الله على أحمد بن ليثويه، فلقِيَه محمد في جيشٍ كثير من الأكراد والصعاليك، ودخل محمَّد تسترَ، فانتهى إلى أحمد بن ليثويه الخبَرُ بتضافُرِهما على قتاله، فخرج عن جنديسابور إلى السوس. ودخل أحمد تستر، وأتت الأخبارُ عليَّ بن أبان بأنَّ أحمد على قَصْدِك، فسار إلى لقائِه ومحاربته، فالتقيا واقتتل العسكران، فاستأمن إلى أحمد جماعةٌ من الأعراب الذين مع علي بن أبان، فانهزم باقي أصحابِ علي، وثبَتَ معه جماعةٌ يسيرة، واشتد القتالُ، وترجَّلَ علي بن أبان وباشر القتالَ راجلًا، فعرفه بعضُ أصحاب أحمد فأنذر النَّاسَ به، فلما عرفوه انصرف هاربًا وألقى نفسَه في نهر المسرقان، فأتاه بعضُ أصحابه بسميرية (سفينة حربيَّة صغيرة) فركِبَ فيها ونجا مجروحًا وقُتِلَ من أبطال أصحابِه جماعةٌ كثيرة.

العام الهجري : 1234 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1818
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، آخِرُ أئمَّةِ الدولة السعودية الأولى، وآخِرُ حاكمٍ اتَّخَذ من الدرعية عاصمةً للدولة السعودية، وكان عبدُ الله بن سعود ذا سيرةٍ حسنةٍ مقيمًا للشرائع آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكرِ كثيرَ الصَّمتِ حَسَن السَّمتِ، باذِلَ العطاء موقِّرًا للعلماء، وكان صالحَ التدبير في مغازيه، ثبت في مواطِنِ اللقاء وهو أثبَتُ مِن أبيه في مصابرةِ الأعداء، وكانت سيرتُه في مغازيه وفي الدرعية في مجالس الدروس، وفي قضاء حوائجِ الناس وغير ذلك على سيرةِ أبيه سعود. بعد أن تمَّت المصالحةُ بينه وبين إبراهيم باشا بيومين على أن يسَلِّمَ نفسَه مقابِلَ حَقنِ دماءِ أهل الدرعية أمر الباشا إبراهيمُ الإمامَ عبدَ الله بن سعود أن يتجهَّز للمسير إلى السلطانِ، ثم أمر رشوان أغا ومن معه من العساكِرِ والدويدار ومن معه من العسكر أن يتجهَّزوا للمسير معه، ورحل عبدُ الله من الدرعية وليس معه من قومِه إلَّا ثلاثة رجال أو أربعة، وقابل في مِصرَ محمد علي باشا، ثم بعد يومين سافر إلى استانبول، حيث قُتِل هناك في آيا صوفيا بعد وصولِه بقليلٍ، ولم يفِ السُّلطانُ بوعودِه، ورجع إبراهيمُ من الجزيرة في الحادي والعشرين من صفر من عام 1235هـ بعد أن استمَرَّ حُكمُه أربعَ سنوات, ثم إنَّ إبراهيم باشا لم يفِ بشروط الصُّلحِ التي أعطاها لعبد الله مقابِلَ استسلامِه، وسَفَّره للسلطان، فبعد سفر الإمام إلى مصر استمرَّ الباشا وجنودُه في الدرعية لتخريبِها، ففَرَّق قواتِه في نواحي الدرعية لهَدمِ الأسوارِ والحُصونِ ومصادرة الأرزاق، ثم إحراقها وتدميرِها وقطْع نخيلها قبل المغادرة، وبعد مغادرة الباشا الدرعية خلى الجو لمحمد بن مشاري بن معمر، وكان من أغنياء الدرعية، فاستولى على أكثر مناطِقِها، فقدم مشاري بن سعود فتولَّى الحكمَ في سنة 1235هـ ثمَّ بعد عدةِ أشهرٍ قَبَض عليه ابنُ معمر وسَلَّمه للعثمانيين فقَتَلوه، وعاد هو لحكم الدرعيةِ.

العام الهجري : 5 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 627
تفاصيل الحدث:

وقعَت هذه الغَزوةُ بعدَ غَزوةِ الأحزابِ مُباشرةً، وكان سببُها نقضَ بني قُريظةَ العهدَ الذي بينهم وبين النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بتَحريضٍ مِن حُيَيِّ بنِ أَخطبَ النَّضْريِّ. وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد أَرسلَ الزُّبيرَ لِمعرفةِ نِيَّتِهم، ثمَّ أَتبَعهُ بالسَّعدَيْنِ –سَعدِ بنِ عُبادةَ وسَعدِ بنِ مُعاذٍ- وابنِ رَواحةَ، وخَوَّاتِ بنِ جُبيرٍ لِذاتِ الهدفِ ليَتأكَّدَ مِن غَدرِهم. وقد أمَر الله تعالى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، بقِتالِهم بعدَ عَودتِه مِنَ الخَندقِ ووَضْعِهِ السِّلاحَ، فأَوْصى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أصحابَهُ أن يَتوجَّهوا إلى بني قُريظةَ، وقال لهم: (لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم العَصرَ إلَّا في بني قُريظةَ). كما في رِوايةِ البُخاريِّ، أو (الظُّهرَ) كما في رِوايةِ مُسلمٍ. فضرَب الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم الحِصارَ على بني قُريظةَ لمُدَّةِ خمسٍ وعِشرين ليلةً على الأرجحِ، حتَّى نزلوا على حُكمِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، فأَحَبَّ أن يَكِلَ الحُكمَ عليهم إلى واحدٍ مِن رُؤساءِ الأَوْسِ؛ لأنَّهم كانوا حُلفاءَ بني قُريظةَ، فجعل الحُكمَ فيهم إلى سعدِ بنِ مُعاذٍ، فلمَّا دَنا مِنَ المسلمين قال الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم للأنصارِ: قوموا إلى سَيِّدِكُم -أو خَيرِكُم- ثمَّ قال: إنَّ هؤلاءِ نزلوا على حُكمِك. قال -أي سعدُ بنُ مُعاذٍ-: تُقْتَلُ مُقاتِلَتُهم، وتُسْبى ذَرارِيُّهُم، وتُقْسَمُ أَموالُهم. فقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: قَضيتَ بحُكمِ الله تعالى. ونَفَّذَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم هذا الحُكمَ فيهم، وكانوا أَربعمائةٍ على الأرجحِ. ولم يَنْجُ إلَّا بعضُهم، ثمَّ قَسَّمَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم أَموالَهم وذَراريَّهُم بين المسلمين.

العام الهجري : 6 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 627
تفاصيل الحدث:

بنو لِحيانَ: هم الذين غدروا بخُبَيبِ بنِ عَديٍّ رَضي اللهُ عنه وأصحابِه يومَ الرَّجيعِ، ولمَّا كانت ديارُهم مُتوغِّلةً في بلاد الحِجازِ إلى حدودِ مكةَ، ولوُجودِ ثاراتٍ بين المسلمين من جهةٍ، وقُريشٍ والأعرابِ من جهة أُخرَى، رأى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ألَّا يَتوغَّلَ في البلادِ القريبةِ من العَدوِّ الأكبَرِ والرَّئيسيِّ قُريشٍ، فلمَّا تَخاذَلَتِ الأحزابُ، وانكَسَرَت عزائِمُهم، رأى أنَّ الوقتَ قد حان لغَزوِ بني لِحيانَ وأخذِ الثَّأرِ لأصحابِ الرَّجيعِ؛ فخَرَج إليهمُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طالِبًا بدِماءِ أصحابِه في مِائَتين من أصحابِه، ومعهم عِشرون فَرَسًا، واستَخلَف على المدينةِ عبدَ اللهِ بنَ أُمِّ مَكتومٍ رَضي اللهُ عنه، وأظهَر رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه يُريدُ الشَّامَ ليُصيبَ بني لِحيانَ غِرَّةً، ثم أسرَع السَّيرَ حتى انتَهَى إلى وادي غُرانَ بين أمَجَّ -مَوضِعٍ بين مكةَ والمدينةِ- وعُسفانَ -قريةٍ بين مكةَ والمدينةِ-، وهي منازِلُ بني لِحيانَ، وفيها كان مُصابُ أصحابِه، فتَرَحَّم عليهم ودعا لهم. وسَمِعت به بنو لِحيانَ، فهَرَبوا واحتَمَوا في رؤوسِ الجِبالِ؛ فلم يَقدِر رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أحدٍ منهم؛ فأقام رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأرضِهم يَومًا أو يومَين، وبَعَث السَّرايا في كلِّ ناحيةٍ فلم يَقدِروا على أحدٍ. ثم سار رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأصحابِه إلى عُسفانَ لتَسمَعَ به قُرَيشٌ فيُداخِلَهمُ الرُّعبُ، وليُريَهم من نَفسِه قُوَّةً؛ فبَعَث أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رَضي اللهُ عنه في عَشَرةِ فَوارِسَ إلى كُراعِ الغَميمِ -مَوضِعٍ بين مكةَ والمدينةَ-، ثم رَجَع أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضي اللهُ عنه ولم يَلْقَ أحدًا.

العام الهجري : 12 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 633
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ خالدٌ العِراقَ لِمُساندَةِ المُثَنَّى بأَمْرٍ مِن أبي بكرٍ ومعه عشرةُ آلافِ مُقاتِل، ومع المُثَنَّى وأصحابِه ثَمانيةُ آلافٍ، وجعل على مُقَدِّمَتِه المُثَنَّى وبَعدَهُ عَدِيَّ بن حاتم، وجاء خالدٌ بَعدهُما، وواعدهما الحَفِيرَ ليُصادِموا عَدُوَّهُم، وكان ذلك الفَرْجُ أعظمَ فُروجِ فارِسَ وأشدَّها شَوْكةً، وكان صاحبُهُ هُرْمَزَ، وهو سيِّئُ المُجاورةِ للعربِ، فكلُّهم عليه حنق، وكانوا يَضرِبونه مثلًا فيقولون: أَكْفر مِن هُرمُزَ, فلمَّا سمِع أنَّهم تواعدوا الحَفِيرَ، سبَقهُم إليه ونزَل به، وجعَل على مُقدِّمتِه قُباذُ وأَنُوشَجَان، وكانا مِن أولادِ أَرْدَشِير الأكبر، واقترنوا في السَّلاسِل، لذلك سُمِّيَت بذلك، فسمِع بهم خالدٌ، فَمالَ بالنَّاس إلى كاظمةٍ، فسبَقهُ هُرمُزُ إليها، وقَدِم خالدٌ فنزَل على غيرِ ماءٍ فقال له أصحابُه في ذلك: ما تفعل؟ فقال لهم: لعَمْري ليَصيرَنَّ الماءُ لأَصْبَرِ الفريقين. فحطّوا أثقالَهُم، وتَقدَّم خالدٌ إلى الفُرْس فلاقاهُم، وأرسل الله سحابةً فأغدَرَت وراءَ صَفِّ المسلمين، فقَوِيَت قلوبُهم، وخرَج هُرمُز ودعا خالدًا إلى البِرازِ، وأَوْطأ أصحابُه على الغَدْرِ بخالدٍ، فبرَز إليه خالدٌ ومَشى نحوه راجلًا، ونزَل هُرمُز أيضًا وتَضارَبا، فاحتَضنَهُ خالدٌ، وحمَل أصحابُ هُرمُز، فما شَغَلهُ ذلك عن قتلِه، وحمَل القَعْقاعُ بن عَمرٍو فأَزاحَهُم، وانهزم أهلُ فارس ورَكِبَهم المسلمون، وسُمِّيَت الوقعة ذات السَّلاسِل، ونجا قُباذُ وأَنُوشَجَان، وأخَذ خالدٌ سَلَبَ هُرمُز، وكانت قَلنسوتُه بمائة ألف. كان أهلُ فارس يجعلون قَلانِسهم على قدر أحسابِهم فمَن تمَّ شَرفُه فقيمةُ قَلنسوتِه مائةُ ألفٍ، فكان هُرمُز ممَّن تمَّ شَرفُه، وبعَث خالدٌ بالفَتح والأخماسِ إلى أبي بكرٍ.

العام الهجري : 12 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 633
تفاصيل الحدث:

كتَب هُرمُز إلى أَرْدَشِير وشِيرَى بخبرِ مَسِيرِ خالدٍ إليه مِن اليَمامةِ، فأَمَدَّهُ بقارَن بن قِرْيانِس، فخرَج قارَنُ مِن المدائن حتَّى إذا انتهى إلى المَذارِ بَلَغَتْهُ الهَزيمةُ، فعَسْكَرَ قارَنُ وفُلولُ الفُرْس بالمَذارِ بالقُربِ مِن نهرِ دِجْلة، واستعمَل على مُجَنِّبَتِهِ قُباذَ وأَنُوشَجان، ولمَّا انتهى الخبرُ إلى خالدٍ عن قارَن قسَمَ الفَيءَ على مَن أفاءَهُ الله عليه، ونَفَّلَ مِن الخُمُسِ ما شاء الله، وبعَثَ ببَقِيَّتِهِ وبالفتحِ إلى أبي بكرٍ. ثمَّ خرَج خالدٌ سائرًا حتَّى نزَل المَذارَ على قارَن في جُموعِه، فالتقَوْا وخالدٌ على تَعْبِيَتِهِ، فاقتتلوا على حَنَقٍ وحَفِيظَةٍ، وخرَج قارَنُ يدعو للبِرازِ، فبرَز له خالدٌ وأبيضُ الرُّكْبان مَعْقِلُ بن الأَعْشى فابْتدَراهُ، فَسَبَقَهُ إليه مَعْقِلٌ فقَتَلَهُ، وقتَل عاصمُ بن عَمرٍو الأَنُوشَجانَ، وقتَل عَدِيُّ بن حاتم قُباذَ, وقُتِلَت فارسٌ مَقتَلةً عظيمةً، فرَكِبَ الفُرْسُ السُّفُنَ، ومنعت المياهُ المسلمين مِن طَلَبِهم، وأقام خالدٌ بالمَذارِ، وسَلَّمَ الأسلابَ لمن سَلَبَها بالغةً ما بَلغَت، وقَسَم الفَيْءَ، ونَفَّلَ مِن الأخماسِ أهلَ البَلاءِ، وبعَث ببَقِيَّةِ الأخماسِ،  وقِيلَ: قُتِلَ ليلةَ المَذارِ ثلاثون ألفًا سِوَى مَن غرَق، ولولا المياهُ لأُتِيَ على آخرِهم، ولم يُفْلِتْ منهم مَن أَفْلَت إلَّا عُراةً وأشباهَ العُراةِ. ثمَّ أخَذ خالدٌ يَسْبِي ذَراريَّ المُقاتِلة ومَن أعانهم، وأَقرَّ الفلَّاحين ومَن أجاب إلى الخَراجِ مِن جميعِ النَّاسِ بعدَ ما دُعوا، وكلُّ ذلك أُخِذَ عَنْوَةً ولكن دُعوا إلى الجزاءِ، فأجابوا وتَراجَعوا، وصاروا أهلَ ذِمَّةٍ، وصارت أرضُهم لهم. وكان في السَّبْيِ حبيبٌ أبو الحسنِ -يعني أبا الحسنِ البَصْريَّ- وكان نَصرانِيًّا.

العام الهجري : 146 العام الميلادي : 763
تفاصيل الحدث:

في هذا العام تكاملَ بناءُ بغداد، وكان السببُ الباعث للمنصور على بنائها أنَّ الراونديَّة لَمَّا وثبوا عليه بالكوفةِ ووقاه اللهُ شَرَّهم، بَقِيَت منهم بقيَّةٌ فخشيَ على جندِه منهم، فخرج من الكوفةِ يرتادُ لهم موضعًا لبناء مدينة، فسار في الأرض حتى بلغ الجزيرةَ، فلم يرَ موضعًا أحسنَ لوضعِ المدينة من موضعِ بغدادَ الذي هي فيه الآن؛ وذلك بأنه موضِعٌ يُغدى إليه ويُراحُ بخيراتِ ما حوله في البَرِّ والبحر، وهو مُحصَّنٌ بدجلة والفرات من هاهنا وهاهنا، لا يقدِرُ أحدٌ أن يتوصَّل إلى موضع الخليفة إلَّا على جسرٍ، وقد بات به المنصورُ قبل بنائِه لياليَ فرأى الرياحَ تهُبُّ به ليلًا ونهارًا من غير انجعارٍ ولا غبار، ورأى طِيبَ تلك البقعة وطِيبَ هوائها، وقد كان في موضِعها قُرًى ودُيور لعُبَّاد النصارى وغيرِهم، فحينئذ أمر المنصور باختطاطِها فرسموها له بالرَّمادِ، فمشى في طرقِها ومسالِكِها فأعجبه ذلك، ثم سلَّمَ كلَّ رَبعٍ منها لأميرٍ يقوم على بنائه، وأحضَرَ مِن كلِّ البلاد عمَّالًا وصنَّاعًا ومهندسين، فاجتمع عنده ألوفٌ منهم، ثم كان هو أوَّل من وضع لَبِنةً فيها بيده، وقال: بسمِ الله والحمد لله، والأرضُ لله يورثُها من يشاء من عبادِه، والعاقبة للمتَّقينَ. ثم قال: ابنُوا على بركةِ الله. وأمَرَ ببنائها مُدَوَّرةً سُمكُ سُورِها من أسفلِه خمسون ذراعًا، ومن أعلاه عشرونَ ذراعًا، وجعل لها ثمانيةَ أبواب في السُّور البرَّاني، ومثلها في الجُوَّاني، وليس كل واحد تجاهَ الآخر، ولكن جعَلَه أزْوَرَ عن الذي يليه، ولهذا سمِّيت بغداد الزَّوراء، لازوِرارِ أبوابِها بعضِها عن بعضٍ، وقيل: سمِّيت بذلك لانحرافِ دجلةَ عندها. وبنى قصرَ الإمارة في وسط البلد؛ ليكون الناسُ منه على حدٍّ سواءٍ، واختطَّ المسجِدَ الجامِعَ إلى جانب القصر، وكان الذي وضعَ قبلتَه الحجَّاجَ بن أرطأة.

العام الهجري : 148 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 765
تفاصيل الحدث:

هو الإمام، الصَّادق، شيخ بني هاشم، أبو عبدالله جعفرُ بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، القرشي، الهاشمي، العلوي، النبوي، المدني، أحد الأعلام من التابعين, وكان يلقَّبُ بالصابر، والفاضِلِ، والطاهر، وأشهرُ ألقابه الصادِقُ، ولد سنة 80, وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق, وأمها: هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولهذا كان يقول: ولدني أبو بكر الصديق مرتين. قال الذهبي: "كان يغضب من الرافضة، ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر ظاهرا وباطنا, ثم قال: هذا لا ريب فيه، ولكن الرافضة قوم جهلة، قد هوى بهم الهوى في الهاوية، فبعدا لهم" وقال: "أن الصادق رأى بعض الصحابة، أحسبه رأى: أنس بن مالك، وسهل بن سعد".حاول المنصورُ أن يظفَرَ به، لكنَّه لم يقدِرْ عليه وانثنى عن ذلك، كان من أجلَّاء التابعين؛ فقيهًا عالِمًا جوادًا كريمًا زاهدا عابدا، قال ابن خلكان: " أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، وكان من سادات أهل البيت ولقب بالصادق لصدقه في مقالته وفضلُه أشهر من أن يذكر، وله كلام في صنعة الكيمياء والزجر والفأل". أورد الذهبيُّ بإسنادٍ قال إنه صحيح، عن سالم بن أبي حفصة قال: "سألتُ أبا جعفرٍ محمدَ بنَ عليٍّ وابنَه جعفرًا عن أبي بكرٍ وعمر، فقالا: يا سالمُ، تولَّهَما وابرأْ مِن عدُوِّهما؛ فإنهما كانا إمامَيْ هُدًى. وقال لي جعفرٌ: يا سالم، أيسُبُّ الرجُلُ جَدَّه؟! أبو بكرٍ جَدِّي، فلا نالَتني شفاعةُ محمَّدٍ يومَ القيامة إن لم أكنْ أتولَّاهما وأبرأُ من عدوِّهما!" توفِّي في المدينة ودُفِنَ في البقيعِ.  

العام الهجري : 180 العام الميلادي : 796
تفاصيل الحدث:

خرج حمزةُ بن أترك السجستاني الخارجيُّ في خراسان، فجاء إلى بوشنج، فخرج إليه عَمرَوَيه بن يزيد الأزدي، وكان على هراة، في ستةِ آلاف، فقاتَلَه فهزمه حمزة، وقتَلَ مِن أصحابه جماعةً، ومات عَمرَويه في الزحام، فوجَّه عليُّ بن عيسى- وهو أميرُ خراسان- ابنَه الحُسَينَ في عشرة آلاف، فلم يحارِبْ حمزة، فعَزَله وسَيَّرَ عِوَضَه ابنَه عيسى بن علي، فقاتل حمزة، فهَزَمه حمزةُ، فرَدَّه أبوه إليه أيضًا فقاتله بباخرز، وكان حمزةُ بنيسابور، فانهزم حمزةُ، وبَقِيَ أصحابه، وبقي في أربعينَ رَجُلًا فقَصَد قهستان. وأرسل عيسى أصحابَه إلى أوق وجوين، فقَتَلوا مَن بها من الخوارج، وقصَدَ القرى التي كان أهلُها يُعِينون حمزة، فأحرَقَها وقتَلَ مَن فيها حتى وصل إلى زرنج، فقتَلَ ثلاثين ألفًا ورجَعَ عيسى بن علي، وخلف بزرنج عبد الله بن العباس النسفي، فجبى الأموالَ وسار بها، فلَقِيَه حمزةُ بنُ أترك بأسفزار، فقاتله، فصبَرَ له عبد الله ومن معه من الصغد، فانهزم حمزةُ، وقُتِل كثيرٌ من أصحابه، وجُرِحَ في وجهه، واختفى هو ومن سَلِمَ من أصحابه في الكروم، ثم خرج وسار في القُرى يَقتُل ولا يُبقي على أحدٍ. وكان علي بن عيسى قد استعمَلَ طاهر بن الحسين على بوشنج، فسار إليه حمزةُ، وانتهى إلى مكتبٍ فيه ثلاثون غلامًا فقَتَلهم وقتَلَ مُعَلِّمَهم، وبلغ طاهرًا الخبَرُ، فأتى قريةً فيها قُعَّدُ الخوارجِ- وهم الذين لا يُقاتِلونَ، ولا ديوانَ لهم- فقَتَلهم طاهِرٌ وأخذ أموالَهم، وكان يشُدُّ الرجُلَ منهم في شجرتين، ثم يجمَعُهما ثمَّ يرسِلُهما، فتأخذ كلُّ شَجرةٍ نِصفَه، فكتب القُعَّدُ إلى حمزةَ بالكَفِّ، فكَفَّ وواعَدَهم، وأمِنَ النَّاسُ مدَّةً، وكانت بينه وبين أصحابِ عليِّ بنِ عيسى حروبٌ كثيرةٌ، حتى غُلِبَ وفَرَّ إلى كابل.

العام الهجري : 252 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 866
تفاصيل الحدث:

اجتمع الشَّاكرية وأصحابُ الفروض إلى دار محمَّد بن عبدالله بن طاهر أميرِ العراق يطلبونَ أرزاقَهم، فكتب إلى أمير المؤمنين بذلك، فكتب الخليفة في الجواب: إن كنتَ تريد الجندَ لنفسِك فأعطِهم أرزاقَهم، وإن كنتَ تريدُهم لنا فلا حاجة لنا فيهم؛ فشَغَّبوا عليه، وأخرجَ لهم ألفي دينارٍ، ففُرِّقَت فيهم فسكتوا، ثم اجتمعوا مرَّةً أخرى بالسِّلاح والأعلام والطبول، وجمع محمَّد أصحابَه في داره, واجتمع إلى أولئك (المشغِّبين) خلقٌ كثير، وكان رئيسَهم أبو القاسم عبدون بن الموفَّق، وكان من نوَّاب عبيدالله بن يحيى بن خاقان، فحثَّهم على طلب أرزاقِهم، فحصل بينهم وبين أصحابِ محمدٍ قتالٌ، وظهروا على أصحابِه، ولَمَّا رأى ابن طاهر أنَّ الجندَ قد ظهروا على أصحابِه أمرَ بالحوانيت التي على باب الجِسرِ أن تُحرَق، فاحترق للتجَّار متاعٌ كثير، فحالت النارُ بين الفريقين، ورجع الجندُ إلى مُعسكرهم, ثم إنَّ ابنَ طاهر أتاه في بعض الأيامِ رجُلان من الجند، فدلَّاه على عورةِ القومِ، فأمر لهما بمئتي دينارٍ، وأمر الشاه بن ميكال وغيرَه من القواد في جماعةٍ بالمسيرِ إليهم، فسار إلى تلك الناحية، وكان أبو القاسم، وابن الخليل- وهما المقَدَّمان على الجند- قد خافا مُضِيَّ ذَينك الرجُلين، وقد تفرق الناسُ عنهما، فسار كلُّ واحد منهما إلى ناحية، وأما ابن الخليل فإنَّه لقي الشاه بن ميكال ومن معه، فصاح بهم، وصاح أصحابُ محمد، وصار في وسَطِهم، فقُتِل، وأما أبو القاسم فإنَّه اختفى فدُلَّ عليه، فأُخذ وحُمل إلى ابن طاهر، وتفَرَّق الجند من باب حرب، ورجَعوا منازِلَهم، وقُيِّدَ أبو القاسِم وضُرِبَ ضربًا مبرِّحًا فمات منه.

العام الهجري : 408 العام الميلادي : 1017
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ إلى مصرَ داعٍ عَجميٌّ اسمُه مُحَمَّدُ بنُ إسماعيلَ الدرزيُّ المعروفُ بأبي عبدِ اللهِ أنوشتكين النجري الدرزيِّ، وهو أوَّلُ رَجُلٍ تكَلَّمَ بدَعوى ألوهيَّةِ الحاكِمِ، وأمَرَ برَفعِ ما جاء به الشَّرعُ، وسيَّرَ مذهبَه إلى بلادِ الشَّامِ والسَّاحلِ، ولهم مذهَبٌ في كتمانِ السِّرِّ لا يُطلِعونَ عليه مَن ليس منهم, وكان الدرزيُّ يُبيحُ البَناتِ والأمَّهاتِ والأخواتِ, واتَّصَل بالحاكِمِ فأنعَمَ عليه، ودعا النَّاسَ إلى القَولِ بإلهيَّةِ الحاكِمِ، فأنكر النَّاسُ عليه ذلك، فقاموا عليه بمِصرَ فقَتَلوه، وَثَبَ به أحدُ الأتراكِ وهو في مَوكِبِ الحاكِمِ فقَتَلَه، وثارَت الفتنةُ، فنُهِبَت دارُه، وغُلِّقَت أبوابُ القاهرةِ، واستمَرَّت الفتنةُ ثلاثةَ أيَّامٍ، قُتِلَ فيها جماعةٌ مِن الدرزيَّة، وقُبِضَ على التركيِّ قاتِلِ الدرزيِّ وحُبِسَ ثمَّ قُتِل, وقُتِلَ معه سبعونَ رَجُلًا بالدرزيِّ، ثمَّ ظهَرَ داعٍ آخَرُ اسمُه حمزةُ بنُ أحمد، وتلَقَّب بالهادي، وأقام بمَسجدِ تبر خارِجَ القاهرة، ودعا إلى مقالةِ الدرزيِّ، وبثَّ دُعاتَه في أعمالِ مِصرَ والشَّامِ، وترخَّصَ في أعمالِ الشَّريعةِ، وأباح الأمَّهاتِ والبناتِ ونَحوَهنَّ، وأسقَطَ جميعَ التَّكاليفِ في الصَّلاةِ والصَّومِ ونحو ذلك، فاستجاب له خَلقٌ كَثيرٌ، فظهر مِن حينِئذٍ مَذهَبُ الدرزيَّةِ ببلادِ صِيدا وبيروت وساحِلِ الشام، وقيل: إنَّ حمزةَ هو الدرزيُّ، كان درازًا فنُسِبَ ذلك إليه مع أنَّ أصلَ الفِكرةِ مِن مُحمَّدِ بنِ إسماعيلَ، وقيل: قَدِمَ رَجُلٌ يقال له يحيى اللبَّاد، ويُعرَفُ بالزوزني الأخرم، فساعده على ذلك. ونَشِطَ اللبَّادُ وجَماعةٌ معه على الخروجِ عن الشَّريعةِ. فرَكِبَ يومًا من القاهرة في خمسينَ رجُلًا من أصحابِه إلى مصر، ودخل الجامِعَ بدابَّتِه، وأصحابُه كذلك، فسَلَّمَ إلى القاضي رُقعةً فيها باسمِ الحاكم الرحمن الرحيم، فأنكر القاضي ذلك، وثار النَّاسُ بهم وقَتَلوهم، وشاع هذا في النَّاسِ فلَعَنوه.

العام الهجري : 413 العام الميلادي : 1022
تفاصيل الحدث:

عالمُ الرَّافِضةِ، صاحِبُ التَّصانيفِ: أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ محمد بن القاضي النعمان البغدادي الكَرْخي بن محمد المغربي، المعروفُ بابنِ المعَلِّم أو الشَّيخ المُفيد شيخ الإماميَّة الرَّوافض، والمُصَنِّف لهم، والمُحامي عن حوزتِهم، صاحِب فُنونٍ وبحوثٍ وكلام، واعتزالٍ وأدبٍ. قال الذهبي: "ذكَرَه ابن أبي طي في "تاريخ الإماميَّة"، فأطنب وأسهب، وقال: كان أوحَدَ في جميعِ فُنونِ العلم: الأصلينِ، والفِقه، والأخبار، ومعرفة الرِّجال، والتفسير، والنحو، والشعر". كانت له وَجاهةٌ عند ملوك الأطرافِ، وكان مَجلِسُه يَحضُرُه خَلقٌ كَثيرٌ مِن العُلَماءِ مِن سائر الطوائِفِ، وكان من جُملةِ تلاميذِه الشَّريفُ الرَّضِيُّ، والمرتضى، له تصانيفُ؛ منها: الإرشادُ، والرسالة المُقنِعة، والإعلام فيما اتَّفَقَت عليه الإماميَّة من الأحكامِ وغيرها. كان يُناظِرُ أهلَ كُلِّ عقيدةٍ مع ما له من العَظَمةِ في الدَّولة البُويهيَّة، والرُّتبة الجَسيمة عند الخُلَفاء، وكان قويَّ النَّفسِ، كثيرَ البِرِّ، عظيمَ الخُشوعِ، كثيرَ الصَّلاة والصَّوم، يَلبَسُ الخَشِنَ من الثياب، وكان مُديًما للمطالعةِ والتَّعليمِ، ومن أحفَظِ الناس. قيل: "إنَّه ما ترك للمُخالفينَ كِتابًا إلَّا وحَفِظَه، وبهذا قَدَرَ على حَلِّ شُبَهِ القَومِ، وكان مِن أحرَصِ النَّاسِ على التَّعليم؛ يدورُ على المَكاتبِ وحوانيتِ الحاكَةِ، فيتلَمَّحُ الصبيَّ الفَطِنَ، فيستأجرُه من أبويه- يعني فيُضِلُّه- وبذلك كَثُر تلامِذتُه". ربما زاره عَضُدُ الدَّولة، وكان يقضي حوائجَه ويقول له: اشفَعْ تُشَفَّع، وكان يقومُ لتلامذتِه بكُلِّ ما يحتاجونَ إليه. وكان الشَّيخُ المفيد ربعةً نحيفًا، أسمرَ، وما استغلَقَ عليه جوابٌ إلَّا فَزِعَ إلى الصلاة، ثم يسألُ اللهَ فيُيَسِّرُ له الجواب. عاش ستًّا وسبعين سنة، وصَنَّف أكثَرَ من مِئَتي مُصَنَّف، وشَيَّعَه ثمانون ألفًا، وكانت جنازتُه مشهودة. قال الذهبي: "بلَغَت تواليفُه مِئَتين، لم أقِفْ على شيءٍ منها، ولله الحَمدُ"

العام الهجري : 473 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1081
تفاصيل الحدث:

هو أبو الحَسنِ عليُّ بن محمدِ بن عليٍّ المُلقَّب بالصليحيِّ، كان أَبوهُ قاضِيًا باليَمنِ سُنِّيًّا، أمَّا الصليحيُّ فتَعلَّم العِلمَ وبَرعَ في أَشياءَ كَثيرةٍ من العُلومِ، وكان شِيعِيًّا على مَذهبِ القَرامِطَةِ، ثم كان يَدُلُّ بالحَجِيجِ مُدَّةَ خمس عشرة سَنَةً، استَحوذَ على بلادِ اليمنِ بكمالها بكاملها في أَقصرِ مُدَّةٍ، واستَوثقَ له المُلْكُ بها سَنةَ خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وخَطبَ للمُستَنصِر العُبيديِّ صاحبِ مصر، وقد حَجَّ في سَنةِ 473هـ، واستَخلفَ مَكانَه وَلدَه المَلِكَ المُكرَّمَ أحمدَ. فلمَّا نَزلَ بظاهرِ المهجم وَثَبَ عليه جَيَّاشُ بن نَجاحٍ وأَخوهُ سَعيدٌ فقَتَلاهُ بأَبيهِما نَجاحٍ الذي سَمَّهُ الصُّليحيُّ بواسطةِ جاريةٍ كان قد أَهداهُ إيَّاها لهذا الغَرضِ، فانذَعرَ الناسُ، وكان الأَخَوانِ قد خَرَجا في سبعين راجِلًا بلا مَركوبٍ ولا سِلاحٍ بل مع كلِّ واحدٍ جَريدةٌ - سَعَفةٌ طويَلة تُقَشَّر من خُوصِها- في رَأسِها مِسمارُ حَديدٍ، وساروا نحوَ السَّاحلِ. وسَمِعَ بهم الصُّليحيُّ فسَيَّرَ خمسةَ آلافِ حَربةٍ مِن الحَبشَةِ الذين في رِكابِه لِقِتالِهم فاختَلَفوا في الطريقِ. ووَصلَ السبعون إلى طَرفِ مُخيَّمِ الصُّليحيِّ، وقد أَخذَ منهم التَّعَبُ والحَفَا، فظَنَّ الناسُ أنَّهم مِن جُملةِ عَبيدِ العَسكرِ، فتَمَكَّنا من قَتلِه وقَطْعِ رَأسِه, ثم أَرسلَ ابنُ نَجاحٍ إلى الخَمسةِ الآفٍ فقال: إنَّ الصُّليحيَّ قد قُتِلَ، وأنا رَجلٌ منكم، وقد أَخذتُ بثَأرِ أبي، فقَدِموا عليه وأَطاعُوهُ. فقَاتلَ بهم عَسكرَ الصُّليحيِّ، فاستَظهرَ عليهم قَتْلًا وأَسْرًا، ورَفعَ رَأسَ الصُّليحيِّ على رُمحٍ، وقَرأَ القارئُ: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممَّن تشاء} ورَجعَ ابنُ نَجاحٍ فمَلَكَ زبيد، وتهامة.