الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1175 ). زمن البحث بالثانية ( 0.011 )

العام الهجري : 612 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1215
تفاصيل الحدث:

انهزم منكلي صاحب همذان وأصفهان والري وما بينهما من البلاد، ومضى هاربًا، فقُتِلَ، وسَبَبُ ذلك أنَّه كان قد ملكَ البلاد، وقتل إيدغمش فأُرسلَ إليه من الديوان الخليفي رسولٌ ينكِرُ ذلك عليه، وكان قد أوحش الأمير أوزبك بن البهلوان، صاحب أذربيجان، فأرسل الخليفةُ إليه يحَرِّضُه على منكلي ويَعِدُه النصرةَ، وأرسل أيضًا إلى جلال الدين الإسماعيلي، صاحِبِ قلاع الإسماعيلية ببلاد العجم، ألموت وغيرها، يأمرُه بمساعدة أوزبك على قتال منكلي، واستقرت القواعد بينهم على أن يكون للخليفةِ بعضُ البلاد، ولأوزبك بعضُها، ويعطى جلال الدين بعضَها، فلما استقَرَّت القواعد بينهم على ذلك جهَّزَ الخليفة عسكرًا كثيرًا، وجعل مُقَدَّمَهم مملوكَه مُظفَّر الدين سنقر، الملقب بوجه السبع، فساروا إلى همذان، فاجتمعت العساكرُ كلها فانزاح منكلي من بين أيديهم وتعلَّق بالجبال، وتبعوه، فنزلوا بسفحِ جبل هو في أعلاه بالقرب من مدينة كرج، وضاقت الميرة والأقوات على العسكر الخليفي جميعِه ومن معهم، فحَمَلوا عليه، فلم يثبُت أوزبك، ومضى منهَزِمًا، فعاد أصحابُ منكلي وصَعِدوا الجبَلَ، وعاد أوزبك إلى خيامِه، فطَمِعَ منكلي حينئذ، ونزل من الغدِ في جميع عسكرِه، واصطَفَّت العساكر للحرب، واقتتلوا أشدَّ قتال يكون، فانهزم منكلي وصعد الجبل، واستولى عسكرُ الخليفة وأوزبك على البلاد، فأعطى جلال الدين، ملك الإسماعيلية، من البلاد ما كان استقَرَّ له، وأخذ الباقي أوزبك، فسَلَّمَه إلى أغلمش مملوكِ أخيه. أمَّا منكلي فإنَّه مضى منهزمًا إلى مدينة ساوة، وبها شحنة هو صديقٌ له، فأرسل إليه يستأذنُه في الدخول إلى البلد، فأذن له، وخرج إليه فلقيه وقبَّل الأرضَ بين يديه، وأدخله البلد، وأنزله في داره، ثم أخذ سلاحَه، وأراد أن يقيِّدَه ويُرسِلَه إلى أغلمش، فسأله أن يقتُلَه هو ولا يرسلَه، فقتله، وأرسل رأسَه إلى أوزبك، وأرسله أوزبك إلى بغداد، وكان يومُ دخولها يومًا مشهودًا, ولم يتمَّ فرحة الخليفة ذلك اليوم لموت ولَدِه وولي عهده أبو الحسَنِ علي.

العام الهجري : 617 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1220
تفاصيل الحدث:

لَمَّا ثبت الفرنج في دمياط بثُّوا سراياهم في القرى يقتلون ويأسرون، فعظُم الخطب واشتدَّ البلاء، وندب السلطانُ الملك الكامل الناسَ وفَرَّقهم في الأرض، فخرجوا إلى الآفاق يستصرخون النَّاسَ لاستنقاذ أرض مصر من أيدي الفرنج، وشرع الكاملُ في بناء الحور –خيام من جلد أبيض- والفنادق والحمامات والأسواق بمنزلة المنصورةِ، وجهَّزَ الفرنج من حصل في أيديهم من أسارى المسلمين في البحرِ إلى عكا وبرزوا من مدينةِ دمياط يريدون أخذَ مصرَ والقاهرة، فنازلوا السلطان تجاه المنصورة، واجتمع الناسُ من أهل مصر وسائر النواحي ما بين أسوان إلى القاهرة، ونودِيَ بالنفير العام، وألَّا يبقى أحد, وذكروا أن مَلِكَ الفرنج قد أقطع ديارَ مصر لأصحابه, وأنزل الكامِلُ على ناحية شار مساح ألفي فارس، في آلاف من العربان، ليحولوا بين الفرنج وبين مرادِهم، وسارت الشواني- ومعها حراقة كبيرة- إلى رأس بحر المحلة، وعليها الأميرُ بدر الدين بن حسون، فانقطعت الميرةُ عن الفرنج من البر والبحر، وقَدِمَت النجدات للملك الكافي من بلاد الشام، وخرجت أمم الفرنج من داخل البحر تريد مدَدَ الفرنج على دمياط فوافى دمياط منهم طوائفُ لا يحصى لهم عدد فلما تكاملَ جمعُهم بدمياط خرجوا منها، وقد زُيِّنَ لهم سوءُ عمَلِهم أن يملكوا أرض مصر، ويستولوا منها على مماليكِ البسيطة كلها، فلما قدمت النجدات من المسلمين هال الفرنجَ ما رأوا، وكان قدومُ هذه النجدات في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة، وتتابع قدوم النجدات حتى بلغ عدد فرسان المسلمين نحو الأربعين ألفًا، فحاربوا الفرنج في البر والبحر، وأخذوا منهم ست شواني وجلاسة وبطسة- سفن حربية ضخمة- وأسروا منهم ألفين ومائتي رجل، ثم ظفروا أيضًا بثلاث قطائع فتضعضع الفرنجُ لذلك، وضاق بهم المقام، وبعثوا يسألون في الصُّلحِ.

العام الهجري : 686 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1288
تفاصيل الحدث:

في سادس ذي الحجة توجَّه الأميرُ عَلَم الدين سنجر المسروري المعروف بالخياط متولي القاهرة، والأميرُ عز الدين الكوراني، إلى غزوِ بلاد النوبة، وجرَّدَ السلطانُ قلاوون معهما طائفةً مِن أجناد الولايات بالوجهِ القبلي والقراغلامية، وكتب إلى الأمير عز الدين أيدمر السيفي السلاح دار متولِّي قوص أن يسيرَ معهما بعُدَّته ومن عنده من المماليك السلطانية المركزين بالأعمال القوصيَّة، وأجناد مركز قوص، وعُربان الإقليم: وهم أولاد أبي بكر وأولاد عمر، وأولاد شيبان وأولاد الكنز وبني هلال، وغيرهم، فسار الخياط في البَرِّ الغربي بنصف العسكرِ، وسار أيدمر بالنصفِ الثاني من البر الشرقي، وهو الجانبُ الذي فيه مدينُة دنقلة، فلما وصل العسكرُ أطرافَ بلاد النوبة أخلى ملك النوبةِ سمامون البلادَ، وكان صاحِبَ مكرٍ ودهاء، وعنده بأس، وأرسل سمامون إلى نائبه بجزائر ميكائيل وعمل الدو واسمه جريس، ويُعرف صاحب هذه الولاية عند النوبة بصاحب الجبل، يأمره بإخلاء البلادِ التي تحت يده أمامَ الجيش الزاحف، فكانوا يرحلونَ والعسكَرُ وراءهم منزلةً بمنزلة، حتى وصلوا إلى مَلِك النوبة بدنقلة، فخرجَ سمامون وقاتلَ الأمير عز الدين أيدمر قتالًا شديدًا، فانهزم ملكُ النوبة وقُتِلَ كثيرٌ ممن معه، واستشهد عدَّةٌ من المسلمين، فتبع العسكَرُ مَلِكَ النوبةِ مَسيرةَ خَمسةَ عَشَر يومًا من رواءِ دنقلة إلى أن أدركوا جريس وأسروه، وأسَرُوا أيضًا ابنَ خالة الملك، وكان من عظمائِهم، فرتَّبَ الأميرُ عِزُّ الدين في مملكة النوبةِ ابنَ أختِ الملك، وجعل جريس نائبًا عنه، وجرَّد معهما عسكرًا، وقرَّرَ عليهما قطعةً يَحمِلانها في كلِّ سَنةٍ، ورجع بغنائم كثيرة ما بين رقيق وخيول وجمال وأبقار وأكسية.

العام الهجري : 737 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1336
تفاصيل الحدث:

أُفرِجَ عن الخليفة من سِجنه بالقلعة يوم الأربعاء من ربيع الأول، فكانت مُدَّةُ اعتقاله خمسة أشهر وسبعة أيام، ثم أُمِرَ به فأخرج إلى قوص، ومعه أولادُه وابنُ عَمِّه، وكُتِبَ لوالي قوص أن يحتَفِظَ بهم، وكان سَبَبُ ذلك أن السلطان لما نزل عن المُلكِ في سنة 708، وحصل الاجتماعُ على المظَفَّر بيبرس وقَلَّدَه المستكفي بالسلطنة، نَقَمَها عليه السلطانُ النَّاصِرُ وأسَرَّها له، ثم لما قام السلطانُ لاسترجاع مُلكِه، جَدَّد المستكفي للمظَفَّر الولاية، ونُسِبَت في السلطان أقوالٌ إليه حَمَلت السلطان على التحامُل عليه، فلما عاد السلطانُ إلى الملك في سنة 709 أعرض عن المستكفي كلَّ الإعراض، ولم يزَلْ يكَدِّرُ عليه المشارب حتى تَرَكه في برج بالقلعة في بَيتِه وحَرَمِه وخاصَّتِه، فقام الأميرُ قوصون في أمره، وتلَطَّف بالسلطان إلى أن أنزله إلى داره، ثم نُسِبَ إلى ابنه صَدَقة أنه تعَلَّق ببعض خاصة السلطان، وأن ذلك الغلام يتردَّدُ إليه، فنُفِيَ الغلام وبلغ السلطان أنَّه هو يكثر من اللهو في داره التي عَمَرها على النيل بخَطِّ جزيرة الفيل، وأن أحد الجمدارية- حامل ملابس السلطان- يقال له أبو شامة جميل الوجهِ ينقطع عنده ويتأخَّرُ عن الخدمة، فقُبِضَ على الجمدار وضُرب، ونفي إلى صفد، وضُرِبَ رجل من مؤذني القلعة- اتُّهِمَ أنه كان السفير بين الجمدار وبين الخليفة- حتى مات، واعتُقِلَ الخليفة، ثمَّ لَمَّا أُفرِجَ عنه اتُّهِمَ أنه كتب على قصة رُفِعَت إليه "يحمل مع غريمه إلى الشرع"، فأحضره السلطان إلى القلعة ليجتَمِعَ به بحضرة القضاء، فخيله قاضي القضاة جلال الدين القزويني من حضوره أن يَفرُطَ منه كلامٌ في غَضَبِه يَصعُبُ تَدارُكُه، فأعجَبَ السلطان ذلك، وأمر به أن يخرُجَ إلى قوص، فسار بصحبة الأمير سيف الدين قطلوا تمرقلي في يوم السبت تاسع عشر ذي الحجة، بجميع عيالِه وهم مائة شخص، وكان مُرَتَّبُه في كل شهر خمسة آلاف درهم، فعُمِلَ له بقوص ثلاثة آلاف درهم، ثم استقَرَّ ألف درهم، فاحتاج حتى باع نساؤُه ثيابَهنَّ.

العام الهجري : 743 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1342
تفاصيل الحدث:

أهلَّت هذه السَّنةُ والنَّاسُ في أمرٍ مَريجٍ؛ لغيبة السلطانِ النَّاصِرِ أحمد بالكرك، وعند الأمراءِ تشوُّش كبير، ثمَّ قَدِمَ كِتابُ السلطان إلى الأمراءِ يُطَيِّبُ خواطِرَهم، ويُعَرِّفُهم أنَّ مِصرَ والشام والكرك له، وأنَّه حيث شاء أقام، ورسم أن تُجهَّزَ له الأغنامُ مِن بلاد الصعيد، وأكَّد في ذلك، وأوصى آقسنقر بأن يكون مُتَّفِقًا مع الأمراءِ على ما يكون من المصالحِ، فتنكَّرَت قلوبُ الأمراء ونفَرَت خواطرهم، واتَّفَقوا على خَلعِ السلطان وإقامة أخيه إسماعيل في يومِ الأربعاء حادي عشر المحرم، فكانت مدة ولايته ثلاثةَ أشهر وثلاثة عشر يومًا، منها مدَّةُ إقامته بالكرك ومراسيمُه نافذة بمصرَ أحد وخمسون، وإقامته بمصرَ مدة شهرين وأيام، وكانت سيرتُه سيئة، نَقَم الأمراءُ عليه فيها أمورًا، منها أنَّ رُسُلَه التي كانت تَرِدُ مِن قِبَلِه إلى الأمراء برسائِلِه وأسرارِه أوباشُ أهل الكرك، فلما قَدِموا معه إلى مصر أكثَروا من أخذِ ولاياتٍ ومِناصِبَ وهم غيرُ أهل لها، ومنها تحكُّمهم على الوزيرِ وغَيرِه، وحَجْبُهم السلطانَ حتى عن الأمراءِ والمماليك وأربابِ الدولة، فلا يمكِنُ أحدًا من رؤيتِه سوى يومي الخميس والاثنين نحو ساعة، ومع ذلك فإنَّه جمع أموالَ أبيه وغيرها من الأموال والحيواناتِ والمتاع ونَقَله كُلَّه إلى الكرك، ثم جلس السلطانُ الجديدُ الصالحُ إسماعيلُ على تخت الملك يوم الخميسِ ثاني عشر المحرم، بعد خَلْعِ أخيه باتِّفاقِ الأمراء على ذلك؛ لأنَّه بلَغَهم عنه أنَّه لَمَّا أخرجه الأميرُ قوصون فيمن أُخرِجَ إلى قوص أنَّه كان يصومُ يومي الاثنين والخميس، ويشغَلُ أوقاته بالصَّلاةِ وقراءة القرآن، مع العِفَّة والصيانة عمَّا يُرمَى به الشباب من اللهو واللعب، وحَلَف له الأمراءُ والعساكر، وحَلَف لهم السلطانُ ألَّا يؤذيَ أحدًا، ولا يقبِضَ عليه بغير ذنب يُجمَعُ على صِحَّتِه، ودُقَّت البشائِرُ، ولُقِّبَ بالملك الصالح عماد الدين، ونودي بالزِّينة.

العام الهجري : 757 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1356
تفاصيل الحدث:

في السابِعِ والعشرين من جمادى الأولى ورَدَ الخبَرُ إلى دمشق بأن الفرنجَ استحوذوا على مدينة صفد، قدموا إليها في سبعة مراكب وقتلوا طائفةً مِن أهلها ونهبوا شيئًا كثيرًا وأسَرُوا أيضًا، وهجموا على الناس وقت الفجرِ يوم الجمعة، وقد قَتَل منهم المسلمون خلقًا كثيرًا وكَسَروا مركبًا من مراكبهم، وجاء الفرنجُ في عشية السبت قبل العصر، وقَدِمَ الوالي وهو جريحٌ مُثقَلٌ، وأمر نائِبَ السلطنة عند ذلك بتجهيز الجيش إلى تلك الناحية، فساروا تلك الليلة ولله الحمد، وتقَدَّمهم حاجب الحجاب وتحدَّر إليه نائب صفد الأمير شهاب الدين بن صبح، فسبق الجيشُ الدمشقيُّ، ووجد الفرنجَ قد برزوا بما غَنِموا من الأمتعة والأسارى إلى جزيرةٍ تِلقاءَ صيدا في البحر، وقد أسر المسلمونَ منهم في المعركة شيخًا وشابًّا من أبناء أشرافهم، وهو الذي عاقهم عن الذَّهاب، فراسلهم الجيشُ في انفكاك الأُسارى من أيديهم، فبادرهم عن كلِّ رأس بخمسمائة فأخذوا من ديوان الأسارى مبلغ ثلاثين ألفًا، ولم يبقَ معهم- ولله الحمد- أحَدٌ، واستمر الصبيُّ من الفرنج مع المسلمين، وأسلم ودفَعَ إليهم شيخ الجريح، وعطش الفرنج عطشًا شديدًا، وأرادوا أن يرووا من نهر هناك فبادرهم الجيش إليه، فمنعوهم أن ينالوا منه قطرة واحدةً، فرحلوا ليلة الثلاثاء منشمرينَ بما معهم من الغنائم، وبُعِثَت رؤوس جماعة من الفرنج ممَّن قتِلَ في المعركة فنُصِبَت على القلعة بدمشق، وجاء الخبَرُ في هذا الوقت بأن إيناس قد أحاط بها الفرنج، وقد أخذوا الربيضَ وهم محاصِرونَ القلعة، وفيها نائب البلد، وذكروا أنهم قتلوا خلقًا كثيرًا من أهلها وذهب صاحِبُ حلب في جيشٍ كثيف نحوَهم، وفي يوم السبت رابع جمادى الآخرة قَدمَ رؤوس من قتلى الفرنج على صيدا، وهي بضعٌ وثلاثون رأسًا، فنُصِبَت على شرافات القلعة، ففرح المسلمون بذلك، ولله الحمد.

العام الهجري : 768 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1367
تفاصيل الحدث:

لَمَّا كان يومُ الأحد سابع شوال بلغ الأميرَ أسندَمُر الناصريَّ أميرَ كبير أتابك العساكر ومُدَبِّر المملكة ونائِبَ السلطنة- وهو الذي أصبح المقَدَّمَ بعد قَتلِ يلبغا- أنَّ جماعةً من الأمراء قد اتَّفَقوا على الفتكِ به وبالأجلاب، وهم أعضادُه وبهم يصولُ، فخرج ليلًا من داره إلى دار الأمير قجماس الطازي، وبذل له مالًا كبيرًا حتى استماله إليه، ثم فارَقَه، وفي ظَنِّه أنه قد صار معه، ولم يكن كذلك، وعاد إلى مَنزِلِه بالكبش واستدعى خواصَّه من اليلبغاوية، وقَرَّرَ معهم أنه إذا ركب للحرب يَقتُل كُلُّ واحد منهم أميرًا، أو يَقبِض عليه، وبذل لهم مالًا كبيرًا حتى وافَقوه، وما هو إلا أن خرج أسنَدمر من عند قجماس ليُدَبِّرَ ما قد ذكَرَ مع الأجلاب، ركب قجماس إلى جماعة من الأمراء، وقَرَّر معهم القبضَ على أسنَدمُر، فركبوا معه للحرب، ووقَفوا تحت القلعة، فنزل السلطانُ في الحال إلى الإسطبل، ودُقَّت الكوسات حربيًّا، وأما أسندمر فإنَّه بات هذه الليلة في إسطبله، حتى طلعت الشمس، ركب من الكبش بمن معه من اليلبغاويَّة وغيرهم، ومضى نحو القرافة، ومَرَّ من وراء القلعة، حتى وافاهم من تحت دار الضيافة، ووقف تحت الطبلخاناه فالتقى مع الأمراء، واقتتلوا فهَزَمَهم بمن كان قد دبَّر معهم من اليلبغاوية في الليل قَبْضَ الأمراء أو قَتْلَهم، وثبت الأمير ألجَاي اليوسفي والأمير أرغون ططر، وقاتلا أسندمر إلى قبيل الظهر، فلما لم يجدا مُعينًا ولا ناصرًا انكسرا إلى قبة النصر، وانفَضَّ الجمع بعد ما قتل الأمير ضروط الحاجب، وجرح الأمير قجماس والأمير أقبغا الجلب، وكثيرٌ من الأجناد والعامة، فقَبَض الأمير أَسَندَمر على الأمير قجماس، والأمير أَقبغا الجلب والأمير أقطاي، والأمير قُطْلُوبغا جركس، وهؤلاء أمراءُ ألوف، وقبض من أمراء الطبلخاناه على قرابغا شاد الأحواش، واختفى كثيرٌ من الأمراء، ومرت مماليك أَسَندَمُر وطائفة من الأجلاب في خلقٍ كثير من العامة، فنَهَبوا بيوت الأمراء، فكانت هذه الواقعةُ من أشنع حوادث مصر وأعظَمِها فسادًا.

العام الهجري : 775 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1373
تفاصيل الحدث:

وقع بين المَلِك الأشرَفِ وبين زوج أمِّه ألجاي اليوسفي كلامٌ مِن أجل التَّرِكة المتعَلِّقة بخوند-السيدة- بركة والدة الأشرف, وكان ذلك يومَ الثلاثاء سادس المحرَّم مِن هذه السنة، وكَثُرَ الكلام بين السلطان وبين ألجاي اليوسفي، حتى غضب ألجاي، وخرج عن طاعةِ المَلِك الأشرف، ولبس هو ومماليكُه آلة الحرب، ولَبِسَت مماليلك السلطان أيضًا، وركِبَ السلطان بمن معه مِن أمرائه وخاصكيته، وباتوا الليلةَ لابسين السلاحَ إلى الصَّباحِ، فلمَّا كان نهارُ الأربعاء سابِعَ المحرم كانت الوقعةُ بينهما، فتواقعوا إحدى عشرة مرة، وعَظُمَ القتال بينهما حتى كانت الوقعةُ الحادية عشرة انكسر فيها ألجاي اليوسفي وانهزم إلى بركة الحبش، ثم تراجع أمرُه وعاد بمن معه مِن على الجبل الأحمر إلى قُبَّة النصر، فطلبه السلطانُ الملك الأشرف فأبى، فأرسل إليه خِلعةً بنيابة حماة فقال: أنا أروحُ بشرط أن يكونَ كُلُّ ما أملِكُه وجميعُ مماليكي معي، فأبى السلطانُ ذلك، وباتوا تلك الليلة، فهرب جماعةٌ من مماليك ألجاي في الليل وجاؤوا إلى المَلِك الأشرف، فلما كان صباحُ يوم الخميس ثامن المحرم، أرسل السلطان الأمراء والخاصكيَّة ومماليك أولادِه وبَعضَ المماليك السلطانية إلى قُبَّة النصر إلى حيث ألجاي، فلما رآهم ألجاي هرب، فساقوا خلْفَه إلى الخرقانيَّة، فلما رأى ألجاي أنه مُدرَكٌ رمى بنَفسِه وفرسه إلى البَحرِ؛ ظنًّا أنه يُعَدِّي به إلى ذلك البَرِّ، وكان ألجاي عوَّامًا، فثَقُل عليه لِبسُه وقماشه، فغرق في البَحرِ وخرج فرَسُه، وبلغ الخبَرُ السلطانَ الملك الأشرف فشَقَّ عليه موتُه وتأسَّفَ عليه، ثمَّ أمَرَ بإخراجه من النيل، فنزل الغوَّاصون وطَلَعوا به وأحضروه إلى القلعة في يوم الجمعة تاسع المحرم في تابوت وتحته لبادٌ أحمر، فغُسِّلَ وكُفِّن وصَلَّى عليه الشيخ جلال الدين التباني، ودفن في القبة التي أنشأها بمدرسته برأس سويقة العزي خارج القاهرة.

العام الهجري : 830 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1427
تفاصيل الحدث:

كان صاحب غرناطة ومالقة والمرية ورندة ووادي آش وجبل الفتح من الأندلس، وهو أبو عبد الله محمد التاسع الملقَّب بالأيسر ابن السلطان أبي الحجاج يوسف الأنصاري الخزرجي الأرجوني الشهير بابن الأحمر- قد خرج من غرناطة دار ملكه يريد النزهةَ في فحص غرناطة في نحو مائتي فارس في مستهَلِّ ربيع الآخر، وكان ابن عمه أبو عبدالله محمد الثامن بن نصر بن محمد بن يوسف محبوسًا في الحمراء، وهي قلعة غرناطة، فخرج الجواري السُّودُ إلى الحرَّاس الموكلين به، وقالوا لهم: تخلَّوا عن الدار حتى تأتيَ أم مولاي تزوره وتتفقَّد أحواله، فظنوا أن الأمر كذلك، فخلَّوا عن الدار، فخرج في الحال شابان من أولاد صنايع أبي المحبوس، وأطلقوه من قيده وأظهروه من الحبس، وأغلقوا أبواب الحمراء، وذلك كلُّه ليلًا، وضربوا الطبول والأبواق على عادتهم، فبادر الناس إليهم ليلًا، وسألوا عن الخبر، فقيل لهم من الحمراء: قد ملَّكْنا السلطان أبا عبد الله محمد بن نصر، فأقبل أهل المدينة وأهل الأرباض فبايعوه محبةً فيه وفي أبيه، وكرهًا في الأيسر، فما طلع النهار حتى استوسق له الأمر، وبلغ الخبر إلى الأيسر فلم يثبُتْ، وتوجه نحو رندة وقد فرَّ عنه مَن كان معه من جنده، حتى لم يبقَ معه منهم إلا نحو الأربعين، وخرجت الخيل من غرناطة في طلبه، فمنعه أهل رندة، وأبوا أن يسلموه، وكتبوا إلى المنتصب بغرناطة في ذلك فآل الأمر إلى أن ركب سفينة وسار في البحر، وليس معه سوى أربعة نفر، وقدم تونس متراميًا على متملِّكها أبي فارس عبد العزيز الحفصي، وبلغ ألفونسو متملك قشتالة ما تقدَّم ذكره، فجمع جنوده من الفرنج، وسار يريد غرناطة في جمع موفور، فبرز إليه القائم بغرناطة وحاربه، فنصره الله على الفرنج، وقتل منهم خلقًا كثيرًا، وغَنِمَ ما يجلُّ وصفُه!

العام الهجري : 892 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1487
تفاصيل الحدث:

لما استخلص ملك قشتالة الملك فرديناند مدينة بلش سار بحملته نحو مدينة مالقة فنزل عليها وقاتلها قتالًا شديدًا وحاصرها حصارًا عظيمًا لم يُرَ مثلُه، وأحاط بها من كل جانب ومكان برًّا وبحرًا، فتحصن أهل مالقة ببلدهم وأظهروا ما كان عندهم ومعهم من السلاح والعدة والأنفاط، وكان فيهم جملة من نجدة الفرسان فقاتلوا الروم قتالًا شديدًا، وقتلوا منهم خلقًا كثيًرا، حتى إنه قُتل من الروم في يوم واحد اثنا عشر ألفًا وسبع مئة، ومع ذلك بقي العدو يفتح عليهم أبوابًا من الحرب والحيل، والمسلمون قائمون بحراسة بلدهم ويغلبون عدوهم ويقتلون من قَرُب إليهم منهم، وهم صابرون محتسبون مدة طويلة حتى ضيق عليهم العدو ودوَّر بالمدينة سورًا من تراب وسورًا من خشب وحفيرًا مانعًا، ومنع عليهم الداخل والخارج في البر، ومنع عليهم في البحر بالمراكب من الداخل والخارج، وشد عليهم في الحصار والقتال، وهم مع ذلك صابرون محتسبون يقاتلون أشد القتال ولا يظهرون جزعًا ولا هلعًا ولا يُطمعون العدوَّ في شيء مما يرومُه منهم، حتى نفد ما عندهم من الأطعمة والزاد وأكلوا ما كان عندهم من المواشي من خيل وبغال وحمير وكلاب وجلود وورق الشجر وغير ذلك من الأشياء التي يمكن أكلها، حتى فني ذلك كله، وأثَّر فيهم الجوع أثرًا عظيمًا ومات كثير من نجدة رجالهم الذين كانوا يوالون الحرب والقتال، فحينئذ أذعنوا وطلبوا الأمان فاحتال عليهم العدو حتى دخل البلد بمكرٍ ومكيدة وأسرهم كلَّهم وسبى نساءهم وأولادهم واحتوى على جميع أموالهم، وفرَّقهم على أهل دخلته وقواده، وكان مصابهم مصابًا عظيمًا تحزن له القلوب وتذهل له النفوس وتذوب، وتبكي مصابَهم العيون بالدماء, وكان استيلاء العدو على مدينة مالقة في أواخر شعبان من هذا العام, فحين خلصت للعدو مدينة مالقة وبلش وجميع الغربية ولم يبقَ في تلك النواحي للمسلمين موضع واحد، ارتحل الطاغية إلى بلده من قشتالة.

العام الهجري : 897 العام الميلادي : 1491
تفاصيل الحدث:

تدفقت بعض القبائل المغربية وخاصة قبائل لمطة إلى الضفة اليسرى لنهر النيجر عند مدينة دندي، وسيطرت هذه القبائل على الزرَّاع من أهل صنغي الذين رحَّبوا بهم ليحموهم من الصيادين الذين كانوا يعتدون عليهم، ونجح هؤلاء الوافدون الجدد في تكوين أسرة حاكمة استفادت من علاقاتها التجارية مع غانة وشمال أفريقيا، وكان لهذه العلاقة أثر بعيد في تحويل ملوك صنغي إلى الإسلام وانتشاره في غربي قارة أفريقيا. كانت صنغاي في بداية أمرها دويلة صغيرة تحت حكم مالي غرب نهر النيجر في المنطقة الواقعة شمال بنين وغربي نيجيريا، ثم انتقلت مع نهر النيجر إلى الشمال وانتقلت معها عاصمتها، فكانت في البداية في دندي ثم كوكيا ثم رأى ملوك الصنغاي أن ينقلوا حاضرة ملكهم إلى جاو لتكون على مقربة من طرق القوافل الرئيسية, ولما كانت الصنغاي تحت حكم مالي قد قدمت رهائن لضمان بقاء خضوعها، ولكن لم يلبث الرهائن وهما ولدا الملك صنغاي زايا سبيًا- وولداه هما علي كولن وسليمان نار- وكانا طفلين يوم أخذا كرهائن، ثم لما كَبِرا استطاعا الفرار من مالي ووصلا إلى جاو وأنقذا مدينتهما من الحامية المالية، وأسَّسا مملكة جديدة أخذت تتوسع على حساب مملكة مالي التي بدأ الضعف يدب فيها، وكان علي كولن أول ملوك الدولة الجديدة، لكنه مات فخلفه أخوه سليمان نار، ثم عادت مملكة صنغاي تتبع اسميًّا لمالي، ولكن ما زال أمر الصنغاي يقوى، وقام ملكهم محمد دوغو بحملة ضد مالي واستطاع أن يتخلص من سيطرة الماليين عليهم، ثم خلفه ابنه سني علي الذي يعد مؤسس مملكة صنغاي المنفصلة؛ حيث احتل مدينة تومبكتو وطرد الطوارق منها، كما أخضع منطقة النيجر كلها مستوليًا على مدينة جني باسطًا نفوذه على منطقة ياتنغا مقر قبائل الموش، فكان هذا العمل إعلان قيام مملكة صنغاي المنفصلة.

العام الهجري : 1160 العام الميلادي : 1747
تفاصيل الحدث:

كانت وقعةُ دلقة من غير رضاء أمير العُيينة ابن معمر ولم يشاوَرْ فيها؛ لذلك لم يحضُرْها. يقول ابن غنام: "لما رأى ابنُ معمر عودةَ الجماعة من الحرب خَشِيَ أن ينكشف نفاقُه وأن تظهر خيانته, فأرسل إلى الشيخ وإلى محمد بن سعود يستشفع إليهما, ويطلب منهما الصفحَ عن تخلُّفِه، فقبلا عذره رجاءً منهما ألا يعودَ إلى مكره, ثم قَدِمَ عليهما ومعه وجوهُ أهل حريملاء والعُيينة، وعاهدهما على الجهاد والقيام بنصرة الدين، ولو في أي مكان, فتوهَّما فيه الصدق والوفاء، فرأَّسوه ورفعوه على المسلمين وأمَّروه, وكان من أعظم ما أظهر نفاق عثمان بن معمر أنَّه أرسل إلى إبراهيم بن سليمان أمير ثرمداء وأمَرَه أن يركب إلى دهام بن دواس مع جماعتِه ويزين له الاتِّفاقَ مع عثمان والقدوم عليه إلى العُيينة على أن يُظهِرَ في أحاديثه بمجالِسِه أنه اهتدى وانضم إلى الجماعة, فقدم مع دهام مع إبراهيم بن عثمان، وكان ذلك من غير مشورة الشيخ وابن سعود، فحين رأى أهل العيينة  دهامًا وعَلِموا بما حدث شَقَّ عليهم ذلك واجتمعوا جميعًا وساروا إلى عثمان, فلما رأى حالَهم مَوَّه عليهم وقال لهم: ليس لي مرادٌ إلا الإرسال للشيخ ليحضُرَ عقد الصلح ويدخُلَ دهام في دائرة الإسلامِ، فاطمأنت نفوسُ القوم, ثم أرسل  إلى الشيخ وألحَّ عليه في القدوم، ولكن الله ألقى في رُوعِ الشيخ ما استبان به خيانةَ عثمان وغدره، فامتنع عن الذهاب فلمَّا رجع الرسول وأخبرهم بذلك عرف أهل البلد مكرَ عثمان، فحصروا ابن دواس في القصرِ وهَمُّوا أن يفتكوا به، لكن دهام هرب منهم تحت جنح الظلام، وعاد إبراهيم بن سليمان إلى ثرمداء وفارق منهج الحق, وكان هذا كلُّه قبل أن يفِدَ عثمان على الشيخ وابن سعود ويأخذ منهما العهد المجدد, ولكنه مع ذلك لم يخلِصِ النية ولم يعقِدْ على الوفاء، وسيتبين غدرُه "

العام الهجري : 1283 العام الميلادي : 1866
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ العلَّامة الفقيه الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سلطان بن خميس، الملقَّب كأسلافه أبا بُطَيْن -بضم الباء وفتح الطاء وسكون الياء- من عوائل قحطان، العائذي نسبًا، الحنبلي مذهبًا، النجدي بلدًا، فقيه الديار النجديَّة في عصرِه، وإمامٌ من أئمة العلم في زمنه, ولِدَ الشيخ في بلدة الروضة من بلدان سدير، لعشر بقين من ذي القعدة سنة 1194هـ, ونشأ بها وقرأ على عالمها محمد بن الحاج عبد الله بن طراد الدوسري الحنبلي، فمَهَر في الفقه، ثم رحل إلى شقراء عاصمةِ الوشم بنجد واستوطنها، وقرأ على قاضيها الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله الحُصين تلميذِ شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، قرأ عليه في التفسير والحديث والفِقهِ وأصول الدين، حتى برع في ذلك كله، وأخذ عن العلَّامة أحمد بن حسن بن رشيد العفالق الأحسائي الحنبلي، وعن الشيخ العلامة حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر التميمي. رحل إلى الشام، ثمَّ عاد في عهد الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، فولَّاه قضاء الطائفِ، وبقي فيها مدة ثم رجع إلى شقراء وصار قاضيًا لها ولجميع بلدان الوشم، ولَمَّا تولى الإمام فيصل الحكمَ رغب إليه أهلُ القصيم أن يبعَثَ إليهم الشيخ أبا بطين قاضيًا لهم ومدرسًا، فبعثه الإمام فيصل وبَقِيَ عندهم إلى سنة 1370هـ حين رجع من عنيزة إلى شقراء، ومكث فيها إلى أن توفي فيها سنة 1383هـ. له "مجموعة رسائل وفتاوى" و"مختصر بدائع الفوائد" و"الانتصار للحنابلة" و"تأسيس التقديس في كشف شبهات ابن جرجيس". وقد أخذ عنه العلمَ بالقصيم وشقراء كثيرٌ من طلبة العلم.

العام الهجري : 1336 العام الميلادي : 1917
تفاصيل الحدث:

قامت الثورة البلشفية في روسيا عام 1335هـ / 1917م، حيث تظاهر العمَّالُ نتيجة المفاسد وانهيار الأوضاع الاقتصادية وكثرة البطالة، فتشكَّلت حكومةٌ مؤقتة اشترك فيها الاشتراكيون والحزب الديمقراطي الدستوري، كان من نتيجتها تنازُلُ القيصر نقولا الثاني عن العرش لأخيه الأكبر ميخائيل، الذي سرعان ما تنازل هو أيضًا، وخوَّل الحكومةَ المؤقَّتة تسييرَ شؤون البلاد، ولم يجِدِ المسلمون لهم ناصرًا بين الروس، وقد حضروا المؤتمرات وأسَّسوا الجمعيات، لكن دون جدوى، ثم عاد لينين إلى روسيا في جمادى الأولى من العام نفسه / آذار 1917م بعد أن كان في سويسرا، وأخذ ينادي بمبدأ تقرير المصير للأقليَّات؛ ممَّا حدا ببعض المسلمين الانضمام لهذه الثورة البلشفية، بدافِعِ كرههم للروس وما فعلوه بهم، واتحد الزعماءُ المسلِمون المؤيِّدون وقرروا في مؤتمر موسكو التوفيقَ بين الإسلام والاشتراكية!، ثم أعطى لينين عام 1336هـ / 1917م أوامِرَه بصراحة لجماعته البلاشفة، فتسلَّموا السلطة دون مقاومة، ودعمها الطلاب الضبَّاط في الكلية الحربية ثم تشكَّلت الحكومة الجديدة برئاسة لينين، وهرب رئيس الحكومة المؤقتة، ثم تمَّ تأميمُ الأراضي وطلب الصلح فورًا مع الألمان، وتمَّ إلغاء المِلْكية الشخصية، ووقف المسلمون بجانب البلاشفة، أما تركستان فقد أعلنت استقلالَها بعد الانقلاب البلشفي حيث أعلن مجلِسُ الشعب الإسلامي في مدينة خوقند استقلالَ تركستان الذاتي، فسار إليها سوفييت طاشقند فاقتحموا المدينةَ ونهبوها وحرَّقوها وقَتَلوا أكثَرَ من مئة ألف من سكانها، وأما شمال القفقاس أو القوقاز فأعلن اتحادُ الجبلين أن بلادَ القفقاس جزءٌ من روسيا البيضاء، أما الداغستان والشيشان فأعلنوا قيامَ حكومة مستقلة، وأما أذربيجان فتأخَّر صدامُهم مع البلاشفة لِبُعدِ الشُّقَّة، ولكن بعد أن وقع جرت المذابِحُ التي ذهب ضحيَّتها ثلاثة آلاف مسلم، وهكذا لم يبق للمسلمين نفوذٌ ولا سلطةٌ إلا في أربعة مراكز، هي: داغستان، وشيشان، وحكومة غاندكا في أذربيجان، وإمارة بخارى، وإمارة خوارزم.

العام الهجري : 1337 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1919
تفاصيل الحدث:

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى توقَّعت إنجلترا بدءَ مستعمراتها في طلب الاستقلال، فأخذت تظهِرُ اللينَ، وأبدت استعدادَها للموافقة، وأوحت إلى سعد زغلول ورفاقه بالتحرك، فبدأ في عقد اجتماعات ولقاءات أسفرت عن طلب الاستقلالِ، وتم تشكيلُ وفد للسفر إلى الخارج لعرض القضية على العالم، وتشكَّل هذا الوفد من سعد زغلول، وعلي شعراوي، وعبد العزيز فهمي، وطلبوا مقابلةَ المندوب السامي البريطاني «وينجت» وطلبوا منه السماح لهم بالسفر إلى إنجلترا؛ لعرض طلباتهم باستقلال مصر، فرفض المندوبُ ذلك الطلب، فاستعدَّ سعد زغلول ورفاقُه إلى السفر إلى جهة أخرى، وهي باريس؛ وذلك لعرض قضية مصر على مؤتمر الصلح، فاعتبرت إنجلترا هذا تمردًا منهم، فألقت القبضَ عليهم، ومعهم آخرون، منهم: محمد محمود، وحمد الباسل، وإسماعيل صدقي، ثم ما لبثت أن أفرجت عنهم، فلما لم يحقِّقْ هذا القبضُ الهدفَ منه -ألا وهو أن يُتوَّجَ هؤلاء زعماءَ جُددًا لمصر- وكان مصطفى كامل وخليفته محمد فريد ما زالا يمثِّلان الزعامة الوطنية للمصريين، قامت إنجلترا بالقبضِ عليهم مرة أخرى ونفيِهم إلى مالطة. وعندما وصلت أخبار النفي للشعب المصري ثار ثورةً عارمة يملؤها الإحساسُ بالعدوان والطغيان الصليبي الذي أرهق المصريين لسنوات طويلة، وبدأت الثورةُ يوم 7 جمادى الآخرة 9 مارس بتظاهُرِ طلبة كلية الحقوق والهندسة والزراعة والطب والتجارة، وتصدى الجنودُ الإنجليز للمظاهرات، وأوقعوا عددًا كبيرًا من القتلى والجرحى. امتدت الثورةُ بعد ذلك لتشمل جميعَ شرائح وقطاعات الشعب المصري من محامين وعمال وموظفين وصحفيين ونساء، وتحوَّلت من ثورة سِلمية إلى ثورة عنيفة وقعت خلالها أعمالُ تخريب وسلب ونهب، ونجحت الثورةُ في تحقيق أهدافها الخفيَّة، وأصبح سعد زغلول هو زعيمَ الأمة المتحَدِّث باسمها؛ ليبدأ فصلًا جديدًا في مصرَ تختفي فيه الشعاراتُ والهُوية الإسلامية، وتحلَّ محلَّها الوطنيةُ والقوميَّةُ!!