الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1781 ). زمن البحث بالثانية ( 0.015 )

العام الهجري : 1297 العام الميلادي : 1879
تفاصيل الحدث:

كان للخديوي إسماعيل خصومٌ في مصر وفي الأستانة، مع تزايُدِ التدخل الأوربي السافِرِ في شؤون مصر، فكانت القناصِلُ الأوربية يضغطون عليه ليُقيل نفسَه، وفي استانبول كان بعضُ السفراء يحثُّون السلطان على إصدار قرار العزلِ، ومن الأسباب التي اتخذتها الحكوماتُ الأوربية للمطالبة بعزلِه الانقلاب السياسي الذي قام به إسماعيل سنة 1879م (سنة عزله) وأنهى به عهدَ حُكمِ حملة السندات، باستقالة النظارة المصرية الإنجليزية الفرنسية، وتأليف نظارة مصرية صميمة، كما حَقَدت عليه فرنسا لبيعه أسهُمَ قناة السويس لإنكلترا دون أن يبيعَها لفرنسا، وأما بريطانيا فكان هدفُها من عزله هو تمهيدَ الطريق لها للانفرادِ باحتلال مصر عسكريًّا وبسط حماية مقنعة عليها، وباقي الدول كانت تتذرَّع بالديون التي لها عليه، ثم صدر المرسومُ السلطاني بعزل إسماعيل وتولَّى الصدر الأعظم خيرُ الدين التونسي إبلاغَ إسماعيل بالقرار في ضحى يوم 26 حزيران سنة 1879م وأبلغ بذلك أيضًا ولي العهد توفيق بن إسماعيل، وأمَّا القنصلان الفرنسي والبريطاني فطلبا من إسماعيل التنازُلَ قبل أن يَصِلَ الأمر التام من السلطان، وهَدَّده القنصل الفرنسي بالنفيِ دون أن يحمل معه شيئًا، وكان المرشَّح للجلوس مكانه هو حليم باشا عَمَّ إسماعيل، لكنَّ تحت الضغط البريطاني ألغي ترشيحَه، ثمَّ تم تعيين ابنه توفيق مكانه، ثم تحدَّد يوم الاثنين 30 حزيران 1879م موعدًا لمغادرة الخديوي إسماعيل عن مصر، ثم أبحرت به الباخرة المحروسة إلى إيطاليا التي امتنعت من استقبالِه، وظلَّ شهرًا في البحر هو وأهله ثم أُذِنَ لهم بعد ذلك بالنزول إلى البرِّ!

العام الهجري : 1334 العام الميلادي : 1915
تفاصيل الحدث:

رأى السنوسيون في برقةَ مؤازرةَ الدولة العثمانية استجابةً لدواعي الجهاد الديني والتضامن الإسلامي، وذلك بالهجوم على القوات البريطانية في مصر، وكان كلٌّ من العثمانيين والإنجليز يحاولون كسبَ السيد أحمد الشريف السنوسي لصَفِّه، ولكن رغم ما قدَّمه هنري مكماهون للسنوسي من أجل كسبِه إلى طرفه إلَّا أنه آثر البقاءَ مع العثمانيين، فقام بمهاجمة الحدود المصرية الغربية، وتوغَّل داخِلَ الأراضي المصرية، ونازل القوات البريطانية المنتشِرة في المنطقة وبنفس الوقت كان العثمانيون يحاولونَ التوغل على الحدود الشرقية، واستطاع السنوسي مع عددٍ مِن المقاتلين قرابة الخمسة آلاف من القوات النظامية وبعض القوَّات التركية أن يستولوا على مدينة السلُّوم وسيدي براني بمصر، وتوغلوا حتى وصلوا زاوية أم الوخم غربي مرسى مطروح، واعتصم البريطانيون في المرسى واتخذوه مقرًّا لقيادتهم، وانضمَّ بعضُ الضباط المصريين إلى السنوسيين في هذا القتال، وانتشرت الثورة من قِبَل هؤلاء الضباط؛ مما فاجأ البريطانيين، ودارت المعارك العنيفة بين السنوسيين والبريطانيين من طرَفٍ، وبين المصريين ومعهم السودانيين من جهة أخرى على البريطانيين، حتى لقي البريطانيون الهزيمةَ في وقعة وادي ماجد، وكانت الحرب سِجالًا؛ فقد هُزم السنوسيون في وقعة بير تونس، ومما حقَّقته الحملة السنوسية أنها احتجزت قوات بريطانية كبيرة على الحدود الغربية لمصر وفي صحراء مصر في وقت كانت تحتاجُهم فيه بريطانيا في أماكن أخرى، ولكِنَّ المجاهدين لم يكن لهم من الإمدادات ما يؤهِّلُهم للبقاء طويلًا في القتال فبدأ انسحابهم تدريجيًّا، وانسحب السنوسيون إلى الجفرة، ثم تحولوا إلى مقاتلة الإيطاليين.

العام الهجري : 1351 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1932
تفاصيل الحدث:

آلُ رِفادةَ هم شُيوخُ قَبيلةِ بَلِيٍّ من قُضاعةَ اليَمانِيَةِ مِن سُكَّانِ شَمالِ الحِجازِ، كان حامِدُ بنُ سالِمِ بنِ رِفادةَ البَلَويُّ أحَدَ شُيوخِ قَبيلةِ بَلِيٍّ ومِن فُرْسَانِها المشهورينَ، ومَعروفٌ بحامِدٍ العورِ، وكانت له صَولاتٌ وجَولاتٌ في المنطقةِ، وله كَلِمةٌ مَسموعةٌ وثِقلٌ كَبيرٌ وإن لم تكُنْ له رِئاسةُ قَبيلةِ بَلِيٍّ، كانت علاقَتُه بالأشرافِ قَوِيَّةً ومِن الموالِينَ لهم، وبعد دُخولِ المَلِكِ عَبدِ العَزيزِ الحِجازَ بايَعَه الشَّيخُ إبراهيمُ بنُ رِفادةَ بوصْفِه شَيخَ مَشايِخِ بَلِيٍّ، في حينِ رَفَضَ الشَّيخُ حامِدٌ التسليمَ والدُّخولَ تحتَ حُكمِ ابنِ سُعودٍ، وقام بالتحَصُّنِ في مدينةِ الوَجهِ، فقام الشَّيخُ إبراهيمُ بنُ رِفادةَ بمُحاصَرتِه وإخراجِه مِنَ الوَجهِ، فخرج ثائرًا، واتَّجَه إلى شَرقِ الأُرْدُنِّ ثمَّ استقَرَّ به المقامُ بمِصرَ، وهو يفكِّرُ في العَودةِ إلى الحِجازِ لإخراجِ المَلِكِ عَبدِ العزيزِ منها، فأخَذَ يُحَرِّضُ الباديةَ في شَمالِ الحِجازِ عليه، ويَجمَعُ الأنصارَ حَولَه، وانضَمَّ إلى حرَكَةِ رابطةِ الدِّفاعِ عن الحِجازِ التي أسَّسَها مجموعةٌ من الشَّخْصِيَّاتِ الحِجازيَّةِ، ثمَّ انتَقَل ابنُ رِفادةَ مِن مِصرَ إلى شَمالِ الحِجازِ بقُوَّةٍ نحوِ 400 رجُلٍ، ولَمَّا عَلِمَ المَلِكُ عبدُ العزيزِ بتحَرُّكاتِه أرسل وَحَداتٍ عَسْكَريةً لتطويقِه، وكان ابنُ رِفادةَ قد وصَلَ إلى جَبَلِ شار بضِبَا واحتَمى فيه هو وأنصارُه، فتمكَّنَ المَلِكُ عبدُ العزيزِ مِن استدراجِه مِنَ الجَبَلِ هو وقُوَّاتِه، وأوقع بهم هزيمةً قُتِلَ فيها ابنُ رِفادةَ وثلاثةٌ مِن أبنائِه ومُعظَمُ قُوَّاتِه، وبذلك انتَهَت هذه الحَرَكةُ.

العام الهجري : 564 العام الميلادي : 1168
تفاصيل الحدث:

لما توفي أسد الدين شيركوه كان معه صلاح الدين بن أخيه أيوب بن شاذي قد سار معه على كُرهٍ منه للمسير، وأما كيفيَّة ولايته، فإنَّ جماعة من الأمراء النورية الذين كانوا بمصر طلبوا التقدُّمَ على العساكر، وولاية الوزارة العاضدية بعده، منهم عينُ الدولة الياروقي، وقطب الدين، وسيف الدين المشطوب الهكاري، وشهاب الدين محمود الحارمي، وهو خالُ صلاح الدين، وكُلُّ واحد من هؤلاء يخطُبها، وقد جمع أصحابه ليغالَ عليها، فأرسل العاضد إلى صلاح الدين فأحضرَه عنده، وخلعَ عليه، وولَّاه الوزارة بعد عَمِّه، وكان الذي حمله على ذلك أن أصحابَه قالوا: ليس في الجماعة أضعَفُ ولا أصغَرُ سنًّا من يوسف بن أيوب (صلاح الدين)، والرأيُ أن يولَّى، فإنَّه لا يخرجُ من تحت حُكمِنا، ثم نضَعُ على العساكر من يستميلُهم إلينا، فيصير عندنا من الجنود من نمنَعُ بهم البلاد، ثم نأخذ يوسف أو نخرِجُه، فلما خلع عليه لقب الناصر لم يُطِعْه أحد من أولئك الأمراء الذين يريدونَ الأمرَ لأنفُسِهم، ولا خَدَموه، وكان الفقيهُ عيسى الهكاري مع صلاح الدين، فمَيَّل الأمراء الذين كانوا قد طمعوا بالوزارة إلى الانقيادِ إليه، فأجابوا سوى عين الدولة الياروقي؛ فإنه امتنع، وثبتَ قَدَمُ صلاح الدين، ومع هذا فهو نائب عن نور الدين محمود، واستمال صلاحُ الدين قلوبَ النَّاسِ، وبذل الأموال، فمالوا إليه وأحبُّوه وضَعُف أمر العاضد، ثم أرسل صلاحُ الدين يطلُب من نور الدين أن يرسِلَ إليه إخوتَه وأهلَه، فأرسلهم إليه، وشرعَ عليهم طاعتَه والقيامَ بأمره ومساعدته، وكلُّهم فعل ذلك، وأُخِذت إقطاعات الأمراء المصريين فأعطاها أهله والأمراء الذين معه، وزادهم، فازدادوا له حبًّا وطاعةً.

العام الهجري : 1397 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1977
تفاصيل الحدث:

وقعت مظاهرات عنيفة في باكستان ضد الرئيس بوتو سقط خلالها حوالي 350 قتيلًا، مع آلاف الجَرْحى من جرَّاء العُنف السياسي؛ فدعا الرئيس بوتو الجيش إلى التدخُّل لمواجهة أعمال العنف، وقَمْع المظاهرات، وتأييد نظامه، إلَّا أن بعض ضُبَّاط الجيش -خاصة القادمين من إقليم البنجاب- رفضوا قمع المظاهرات والاصطدام بالشَّعْب وإطلاق النار على المتظاهرين، وكانت تلك النواة التي هيَّأت لضياء الحق -الذي كان قائدًا عامًّا للجيش- فرصةَ القيام بانقلابٍ عسكريٍّ ضد الرئيس وأعلن ضياء الحق أنَّ الجيش قام لوضع حد لحالة التدهور التي تجتاحُ البلاد، والتي عجز الرئيس بوتو عن حلِّها، وخشيةً من إقحام بوتو للجيش في السياسة واستِخْدامه في عمليات القمع. أعلن ضياء الحق أن عودة الحُكم المَدَني لباكستان ستكون بأسرَعَ ما يمكِنُ، وأكَّد أن الجيش ليست له مطامِعُ سياسية، وأنه سيحتفظ بالسُّلطة لحين إجراء الانتخابات في أكتوبر القادم. وفرَضَ ضياء الحق الأحكام العُرفية في البلاد، وحلَّ الجمعية الوطنيَّة والمجالس التشريعيَّة الإقليميَّة، وأقال حكومات الأقاليم، وشكَّل مجلسًا عسكريًّا من قادة الأسلحة الثلاثة البَريَّة والبحريَّة والجويَّة تحت رئاسته، وعندما ثبَّت ضياء الحق أقدامه بعد انقلابه ضمَّ رئاسة الدولة إلى رئاسة الحكومة، وتسلَّمهما في شوال 1398هـ / سبتمبر 1978م، وقُدم الرئيس ذا الفقار علي بوتو إلى المحاكمة بتُهمة الأمر بقتل أحد المعارضين، وانتهى الأمر بإعدام بوتو في 7 جمادى الأولى 1399هـ / 4 إبريل 1979م رغم الاستياء العالمي الشديد خاصة "إيران الخميني"؛ لأن بوتو من عائلة شيعية، ولم تُفلح محاولات طهران للوساطة مع إسلام آباد للعفو عن بوتو.

العام الهجري : 597 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1201
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ العلَّامةُ المفَسِّر، شيخُ الإسلام، مَفخَر العراق، الحافِظُ الواعِظُ جمالُ الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي الجوزي- نسبة إلى فرضة نهر البصرة- المشهور بابن الجوزي، القُرَشي التيمي البكري البغدادي الفقيهُ الحنبلي. ينتهي نسبُه إلى أبي بكر الصديقِ رَضِيَ الله عنه. كان علَّامة عصره وإمامَ وَقتِه في الحديث وصناعة الوعظ. ولد سنة تسع- أو عشر- وخمسمائة، كان والده واعظًا ويعمَلُ في الصفر بنهر القلايين. برز أبو الفرج في علوم كثيرة. وقد جمع من المصنَّفات الكبار والصغار نحوًا من ثلاثمائة مصنف، وكتب بيده نحوًا من مائتي مجلَّدة وتفَرَّد بفن الوعظ الذي لَمْ يُسْبَقْ إليه ولا يُلحَق شأوُه فيه، وفي طريقتِه وشَكلِه، وفي فصاحته وبلاغتِه وعذوبتِه وحلاوةِ ترصيعِه ونفوذِ وعظِه، وغَوصِه على المعاني البديعة، وتقريبِه الأشياءَ الغريبة، هذا وله في العلومِ كُلِّها اليدُ الطولى، والمشاركاتُ في سائِرِ أنواعها من التفسير والحديث والتاريخ والحساب، والنظر في النجوم، والطب والفقه، وغير ذلك من اللغة والنحو. قال الذهبي: "كان رأسًا في التذكير بلا مُدافعة، يقول النَّظمَ الرائق، والنثرَ الفائق بديهةً، ويُسهِب ويعجب ويطرب ويطنب، لم يأت قبله ولا بعده مثلُه، فهو حامِلُ لواء الوعظ، والقَيِّم بفنونه، مع الشكل الحسن، والصوت الطيب، والوقع في النفوس، وحُسن السيرة، وكان بحرًا في التفسير، علَّامةً في السير والتاريخ، موصوفًا بحسن الحديث، ومعرفة فنونه، فقيهًا عليمًا بالإجماع والاختلاف، جيِّدَ المشاركة في الطب، ذا تفنُّن وفَهمٍ وذكاء وحِفظٍ واستحضار، وإكبابٍ على الجمع والتصنيف، مع التصوُّن والتجمُّل، وحسن الشارة، ورشاقة العبارة، ولطف الشمائل، والأوصاف الحميدة، والحُرمة الوافرة عند الخاص والعام، ما عرفتُ أحدًا صَنَّفَ ما صنف".  ومن مصنفاته كتابُه في التفسير المشهور بزاد المسير، وله تفسير أبسط منه ولكنه ليس بمشهور، وله جامع المسانيد استوعب فيه غالب مسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وجامع الترمذي، وله كتاب المنتظم في تواريخِ الأُمَم من العرب والعَجَم، وله الأحاديث الموضوعة، وله العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، وغير ذلك، وبالجملة فكُتُبه أكثر من أن تُعَدُّ, وكَتَب بخطه شيئًا كثيرًا. كانت وفاته ليلة الجمعة بين العشاءين الثاني عشر من رمضان، وله من العمر سبع وثمانون سنة، وحملت جنازته على رؤوس الناس، وكان الجمعُ كثيرًا جِدًّا، ودفن بباب حرب عند أبيه بالقرب من الإمام أحمد، وكان يومًا مشهودًا. كان له من الأولاد الذكور ثلاثة: عبد العزيز- وهو أكبرهم- مات شابًّا في حياته سنة 554، ثم أبو القاسم علي، وقد كان عاقًّا له إلبًا عليه في زمن المحنةِ وغيرها، وقد تسَلَّط على كتُبِه في غيبته بواسط فباعها بأبخَسِ الأثمان، ثمَّ محيي الدين يوسف، وكان أنجَبَ أولادِه وأصغَرَهم، جلس للوعظ بعد أبيه، واشتغل وحَرَّر وأتقن وساد أقرانه، ثم باشر محيي الدين الحِسبةَ ببغداد، وتولى التدريسَ بالمدرسة المستنصريَّة لطائفة الحنابلة، ثم صار رسولَ الخلفاء إلى الملوك بأطرافِ البلاد، ولا سيما بني أيوب بالشام، وصار أستاذ دار الخلافة، وتوفي في وقعة التتر قتيلًا سنة 653. وكان لابنِ الجوزي عدة بنات منهن رابعة أم سبطِه شمس الدين أبي المظفر بن قزغلي الواعظ المشهور والمعروف بسبط ابن الجوزي، وهو حنفي المذهب، وله صيت وسمعة في مجالس وعظه، وقبول عند الملوك وغيرهم، وصنف تاريخًا كبيرًا في أربعين مجلدًا سماه مرآة الزمان.

العام الهجري : 721 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1321
تفاصيل الحدث:

كان عَقيبَ هَدمِ الكنائِسِ وقوعُ الحريق بالقاهرة ومصر، فابتدأ يومَ السبت خامس عشر جمادى الأولى، وتواتَرَ إلى آخره، بدأ الحريقُ في رَبعٍ من أوقاف المارستان المنصوري، واشتد الأمرُ، والأمراءُ تُطفِئُه إلى عصر يوم الأحد، فوقع الصوتُ قبل المغرب بالحريقِ في حارة الديلم بزُقاق العريسة، قريب من دار كريم الدين الكبير، ودخل الليلُ واشتد هبوب الرياح، فسَرَت النار في عِدَّة أماكن، وبعث كريمُ الدين بولده علم الدين عبد الله إلى السلطان يُعَرِّفُه، فبعث عِدَّةً من الأمراء والمماليك لإطفائِه خوفًا على الحواصِلِ السلطانية ثم تفاقم الأمرُ، واحتاج أقسنقر شاد العمائر إلى جمع سائرِ السائقينَ والأمراء، ونزلت الحُجَّاب وغيرهم، والنار تَعظُمُ طُولَ نهار الأحد، وباتوا على ذلك، وأصبحوا يوم الاثنينِ والنار تُتلِفُ ما تمُرُّ به، والهَدٌّ واقع في الدور التي تجاور الحريق خشيةً مِن تعَلُّقِ النار فيها وسَرَيانها في جميع دور القاهرة، فلما كانت ليلة الثلاثاء خرج أمر الحريقِ عن القُدرة البَشَرية، وخرجت ريحٌ عاصِفةٌ ألقت النخيلَ وغَرَّقت المراكب، ونَشَرت النار، فنزل النائب بسائر الأمراء وجميعِ مَن في القلعة وجميعِ أهل القاهرة، ونُقِل الماءُ على جمال الأمراء، ولحِقَه الأمير بكتمر الساقي وأُخرِجَت جمالُ القرى السلطانية، ومُنِعَت أبواب القاهرة أن يخرج منها سقاء، ونُقِلَت المياه من المدارس والحمَّامات والآبار، وجُمِعَت سائر البنائين والنجارين، فهُدَّت الدور من أسفلِها والنار تحرِقُ في سقوفها، وعَمَل الأمراء الألوف وعِدَّتُهم أربعة وعشرون أميرًا بأنفُسِهم في إطفاء الحريقِ، بحيث صار من باب زويلة إلى حارة الروم بحرًا، ثم خَمِدَت النار وعاد الأمراء، فوقع الصياحُ في ليلة الأربعاء بربع الملك الظاهِرِ خارج باب زويلة وبقيسارية الفقراء، وهبَّت الرياح مع ذلك، فرَكِبَ الحُجَّاب والوالي وعملوا في إطفائها إلى بعد الظهر من يوم الأربعاء وهدموا دورًا كثيرةً مِمَّا حوله، فما كاد أن يفرغ العَمَلُ من إطفاء النار حتى وقعت النارُ في بيت الأمير سلار بخط القصرين، فأقبلوا إليه وإذا بالنار ابتدأت من أعلى البادهنج- المنفذ الذي يجيء منه الريح- وكان ارتفاعُه من الأرض زيادة على مائة ذراع- بذراع العمل- ورأوا فيه نِفطًا قد عُمِلَ فيه فتيلة كبيرة، فما زالوا بالنار حتى أُطفِئَت، من غير أن يكون لها أثرٌ كبير، ونُودِيَ بأن يُعمَلَ بجانِبِ كُلِّ حانوت بالقاهرةِ ومصرَ زيرُ ودن ملآن ماء، وكذلك بسائر الحارات والأزقَّة، فلما كانت ليلة الخميس: وقع الحريق بحارة الروم وبخارج القاهرة، وتمادى الحالُ كذلك، ولا تخلو ساعة من وقوعِ الحريق بموضع من القاهرة ومصر، وامتنع والي القاهرةِ والأمير بيبرس الحاجب من النَّومِ، فشاع بين الناس أنَّ الحريق من جهة النصارى لَمَّا أنكاهم هدم الكنائس ونهبها، وصارت النيرانُ توجَدُ تارة في منابر الجوامِعِ وتارة في حيطان المدارسِ والمساجد، ووُجِدَت النار بالمدرسة المنصورية، فزاد قلقُ النَّاسِ وكَثُر خوفهم، وزاد استعدادُهم بادِّخار الآلات المملوءة ماء في أسطُحِ الدور وغيرها، وأكثر ما كانت النارُ توجد في العلو، فتقع في زروب الأسطح والبادهنجانات، ويُوجَدُ النِّفطُ قد لُفَّ في الخِرَق المبَلَّلة بالزيت والقطران، فلما كانت ليلةُ الجمعة الحادي عشر جمادى الأولى قُبِضَ على راهِبَينِ خرجا من المدرسة الكهاريَّة بالقاهرة، وقد أضرما النارَ بها، وأُحضِرا إلى الأمير علم الدين سنجر الخازن والي القاهرة، فشَمَّ منهما رائحة الكبريت والزيت، فأحضرهما من الغدِ إلى السلطان، فأمر بعقوبتِهما حتى يعترفا، فلما نزل الأميرُ علم الدين بهما وجد العامَّةَ قد قبضت على نصرانيٍّ مِن داخل باب جامِعِ الظاهر بالحُسَينية، ومعه كعكة خِرَق بها نفط وقطران، وقد وضعها بجانِبِ المنبر، فلما فاح الدخانُ أنكروه, ووجدوا النصرانيَّ وهو خارج والأثَرُ في يديه، فعُوقِبَ قبل صاحبيه، فاعترف النصرانيُّ أنَّ جماعة من النصارى قد اجتمعوا وعَمِلوا النفط، وفَرَّقوه على جماعة ليَدورُوا به على المواضع، ثم عاقَبَ الأمير علم الدين الراهبينِ، فأقرا أنَّهما من دير البغل، وأنهما هما اللذانِ أحرقا سائر الأماكن التي تقَدَّمَ ذِكرُها، وذلك أنَّه لَمَّا مر بالكنائس ما كان، حَنِقَ النصارى من ذلك وأقاموا النياحةَ عليها، واتَّفَقوا على نكاية المسلمين، وعملوا النفطَ وحَشَوه بالفتائِلِ وعَمِلوها في سهامٍ ورَموا بها، فكانت الفتيلة إذا خرجت من السَّهمِ تقَعُ على مسافة مائة ذراع، فلما أنفقوا ذلك فَرَّقوه في جماعة، فصاروا يدورون في القاهرة بالليل، وحيث وجدوا فرصة انتهزوها وألقَوا الفتيلةَ، حتى كان ما كان، فطالع الأميرُ علم الدين السلطانَ بذلك، واتَّفَق وصول كريم الدين الكبير ناظر الخاص من الإسكندريَّة، فعَرَّفه السلطان ما وقع من القَبضِ على النصارى، فقال البطرق: هؤلاء سُفَهاءُ قد فعلوا كما فَعَل سُفَهاؤُكم، والحُكمُ للسلطان، وأقام البطركُ ساعةً، وقام فرَكِبَ بغلةً كان قد رُسِمَ له منذ أيام بركوبِها، فشَقَّ ذلك على الناس، وهَمُّوا به لولا الخوف ممن حوله من المماليك، فلما رَكِب كريم الدين من الغد صاحت العامَّةُ به: "ما يحِلُّ لك يا قاضي تحامي للنصارى، وقد أخربوا بيوت المسلمين، وتُركِبُهم البغال، فانتكى كريمُ الدين منهم نكايةً بالغةً، وأخذَ يُهَوِّنُ من أمر النصارى الممسوكين ويَذكُرُ أنَّهم سفهاء، وعرف السلطان ما كان من أمْرِ البُطرُقِ، وأنه اعتُنيَ به، فأمر السلطانُ الواليَ بعقوبة النصارى، فأقروا على أربعة عشر راهبًا بدير البغل، فقُبِضَ عليهم من الدير، وعُمِلَت حفيرةٌ كبيرة بشارع الصليبة، وأُحرِقَ فيها أربعة منهم في يوم الجمعة، وقد اجتمع من الناس عالمٌ عظيم، فاشتدت العامَّةُ عند ذلك على النصارى، وأهانوهم وسَلَبوهم ثيابَهم، وألقَوهم من الدوابِّ إلى الأرض، وركب السلطانُ إلى الميدان يوم السبت الثاني عشر من جمادى الآخر، وقد اجتمع عالمٌ عظيم، وصاحوا: "نصر اللهُ الإسلامَ، انصر دينَ محمَّد بن عبد الله"، فلما استقَرَّ السلطان بالميدان حتى أَحضَرَ له الخازنُ والي القاهرة نصرانيَّينِ قد قُبِضَ عليهما، فأُحرِقا خارجَ الميدان، وخرج كريم الدين الكبير من الميدان وعليه التشريفُ، فصاحت به العامة: "كم تحامي للنصارى"، وسَبُّوه ورموه بالحجارة، فعاد إلى الميدان، فشَقَّ ذلك على السلطان، واستشار الأمراءَ في أمر العامة، فأشار عليه الأميرُ جمال الدين أقوش نائِبُ الكرك بعزل الكُتَّاب النَّصارى، فإنَّ النَّاسَ قد أبغضوهم، فلم يُرضِه ذلك، وتقَدَّمَ السلطان إلى ألماس الحاجب أن يَخرُجَ في أربعة أمراء ويضَعَ السَّيفَ في العامَّةِ حتى ينتهيَ إلى باب زويلة، ويمُرَّ إلى باب النصرِ وهو كذلك ولا يرفَع السَّيفَ عن أحد، وأمرَ والي القاهرة أن يتوجَّهَ إلى بابِ اللوق والبحر، ويَقبِضَ من وجده، ويحمِلَهم إلى القلعة، وعَيَّن لذلك مماليكَ تَخرُجُ من الميدان، فبادر كريمُ الدين وسأل السلطانَ العَفوَ، فقَبِلَ شَفاعتَه، ورسم بالقبضِ على العامَّةِ مِن غَيرِ قَتلِهم، وكان الخبَرُ قد طار، ففَرَّت العامَّةُ حتى الغلمان، وصار الأميرُ لا يجِدُ مَن يُركِبُه، وانتشر ذلك، فغُلِّقَت جميعُ أسواق القاهرة، فما وصل الأمر إلى باب زويلة حتى لم يجِدوا أحدًا، وشَقُّوا القاهرةَ إلى باب النصر، فكانت ساعةً لم يمُرَّ بالناس أعظَمُ منها، ومَرَّ الوالي إلى باب اللوق وبولاق وباب البحر، وقبض كثيرًا من الكلابزة- من يتولَّى تربية الكلاب وبَيعَها- والنواتية –الملَّاحين- وأراذل العامَّة، بحيث صار كلُّ من رآه أخَذَه، وجفَل الناسُ مِن الخوف، وعَدوا في المراكب إلى بر الجيزة، فلما عاد السلطانُ إلى القلعة لم يجد أحدًا في طريقه، وأحضر إليه الوالي بمن قبض عليه وهم نحو المائتين، فرسم أن يُصلَبوا، وأفرد جماعةً للشَّنقِ وجماعةً للتوسيطِ، وجماعةً لقطع الأيدي، فصاحوا: "يا خوند- يا سيد- ما يحِلُّ لك، فما نحن الغُرَماء"، وتباكوا فَرَّقَ لهم بكتمر الساقي، وقام معه الأمراءُ، وما زالوا بالسلطان حتى رسم بصَلبِ جماعةٍ منهم على الخَشَبِ من باب زويلة إلى سوقِ الخَيلِ، وأن يُعَلَّقوا بأيديهم، فأصبحوا يومَ الأحدِ صفًّا واحدًا من بابِ زويلة إلى سوقِ الخيل تحت القلعة، فتوجَّعَ لهم الناس، وكان منهم كثيرٌ مِن بياض الناس، ولم تُفتَح القاهرة، وخاف كريم الدين على نفسِه، ولم يَسلُكْ من باب زويلة، وصَعِدَ القلعة من خارج السور، فإذا السلطانُ قد قَدَّم الكلابزة وأخَذَ في قطع أيديهم، فكشف كريم الدين رأسَه وقَبَّل الأرض، وباس رِجلَ السُّلطانِ، وسأله العفو، فأجابه السلطانُ بمساعدة الأمير بكتمر، وأمَرَ بهم فقُيِّدوا وأُخرِجوا للعَمَلِ في الحفير بالجيزة، ومات ممَّن قُطِعَ يَدَه رَجُلان، وأُمِرَ بحَطِّ من عُلِّقَ على الخَشَب، فللحالِ وقع الصوتُ بحريقِ أماكِنَ بجوار جامع ابن طولون، وبوقوعِ الحريق في القلعةِ، وفي بيت الأحمدي بحارة بهاء الدين من القاهرة، وبفُندق طرنطاي خارج باب البحر، فدُهِشَ السلطان، وكان هذا الفندق برسم تجارِ الزيت الوارد من الشام، فعَمَّت النار كلَّ ما فيه حتى العُمُد الرُّخام، وكانت ستة عشر عمودًا، طولُ كل منها ستة أذرع، ودوره نحو ذراعين، فصارت كلُّها جيرًا، وقُبِضَ فيه على ثلاثة نصارى معهم فتائِلُ النفط، اعتَرَفوا أنهم فعلوا ذلك، فخاف السلطانُ الفتنةَ ورجع إلى مداراتِهم، وتقَدَّم إلى الحاجِبِ بأن يخرُجَ وينادي: "من وجد نصرانيًّا فدَمُه ومالُه حلالٌ"، فلما سمعوا النداءَ صرخوا صوتًا واحدًا: "نصرك الله يا ناصِرَ دين الإسلام"، فارتجَّت الأرض، ونودِيَ عَقيبَ ذلك بالقاهرة ومصر: "من وُجِدَ من النصارى بعمامةٍ بَيضاءَ حَلَّ دمه، ومن وُجِدَ من النصارى راكبًا باستواءٍ حَلَّ دمه" وكُتِبَ مرسومٌ بلُبس النصارى العمائِمَ الزرق، وألَّا يركبوا فَرَسًا ولا بغلًا، وأن يركبوا الحميرَ عَرضًا، ولا يدخلوا الحَمَّام إلَّا بجَرَس في أعناقهم، ولا يتزَيَّوا بزيِّ المسلمين هم ونساؤُهم وأولادهم، ورُسِمَ للأمراء بإخراج النصارى من دواوينِهم ومن دواوين السلطان، وكُتِبَ بذلك إلى سائر الأعمال، وغُلِّقَت الكنائس والأديرة، وتجرَّأت العامة على النصارى، بحيث إذا وجدوهم ضربوهم وعَرَّوهم ثيابَهم، فلم يتجاسَرْ نصرانيٌّ أن يخرُجَ من بيته، ولم يُتحَدَّثْ في أمرِ اليهودِ، فكان النصرانيُّ إذا طرأ له أمرٌ يتزيَّا بزيِّ اليهودِ، ويلبَس عمامة صفراءَ يكتريها من يهوديٍّ ليخرُجَ في حاجتِه! واحتاج عِدَّةٌ من النصارى إلى إظهارِهم الإسلام، فأسلم السني ابن ست بهجة في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة، وخُلِعَ عليه، وأسلم كثيرٌ منهم، واعترف بعضُهم على راهب بدير الخندق أنه كان يُنفِقُ المالَ في عَمَل النفطِ للحريق ومعه أربعة، فأُخِذوا وسُمِّروا.

العام الهجري : 916 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1510
تفاصيل الحدث:

من أقوى الأسباب التي هيأت للإسبان احتلال طرابلس الغرب ضعفُ الحامية فيها، وانصراف الناس إلى تنمية المال، وإلى مُتَع الحياة عن الاهتمام بتقوية الجيش وتحصين القلاع، ومن المناسبات التي انتهزها الإسبان للتعجيل باحتلال طرابلس، أنه في هذه سنة وقع خلاف بين أحمد الحفصي وبين والده الناصر، فذهب إلى الإسبان يستنجد بهم على أبيه، فاستعد الإسبان لغزو طرابلس، فجهزوا 120 قطعة بحرية، وانضم إليها سفن أخرى من مالطة، وشُحنت بخمسة عشر ألف جندي من الإسبان، وثلاثة آلاف من الإيطاليين والمالطيين. وفي 8 من ربيع الآخر أقلع الأسطول من فافينيانا، ومرَّ بجزيرة قوزو بمالطة فتزود منها بالماء، وانضمَّ إلى الجيش خبير مالطي اسمه جوليانو بيلا، له معرفة بطرابلس. وقد أعدت هذه الحملة بإشراف نائب ملك صقلية، وبإعانة الجيوش الصقلية والإيطالية. وقد تسربت أخبار هذه الحملة إلى طرابلس قبل تحركها بنحو شهر، فأخذ الناس في الهجرة منها إلى غريان، وتاجورة، ومسلاتة، وأخذوا معهم كل ما كان مهمًّا من أموالهم، وما أمكنهم من أثقال متاعهم، ولم يبقَ بالمدينة إلا المحاربون، وبعض السكان الذين لم يقدروا على الفرار، وانحازوا إلى قصر الحكومة والجامع الكبير، وصعد المحاربون فوق الأسوار وعلى القلاع.  نزلت جيوش الإسبان في القوارب وكانت بقيادة بييترو نافارو، وفي الصباح، بدأ الهجوم وأطلقت السفن مدافعها على الأسوار وقصر الحكومة. ونزل الجيش المكلف بمنع المسلمين من الاتصال بالمدينة إلى البر بجهة سيدي الشعاب لمنع الاتصال بالمدينة. واندفع الجيش الإسباني نحو المدينة تحميه مدافع الأسطول، فاحتل البرج القائم على باب العرب وبعض الأسوار، وتمكن الإسبان من فتح باب النسور، واتصل الجيش الخارجي بالجيش الداخلي واستبسل الطرابلسيون في الدفاع، وجاء في رسالة القائد نافارو أنه لم يخلُ موضِعُ قَدَمٍ في المدينة من قتيلٍ، ويقَدَّر عدد القتلى بخمسة آلاف، والأسرى بأكثر من ستة آلاف، وتغلَّب الإسبان على مقاومة المسلمين العنيفة، واحتُلَّ قصر الحكومة عَنوةً، وقد حَمِيَ وطيس المعركة حينما تمكَّن حامل العلم الإسباني من نصبِه على برج القصر. وأبدى من التجؤوا إلى الجامع الكبير مقاومة شديدة، فقُتِل منهم نحو ألفي طرابلسي بين رجال ونساء وأطفال. وقتل من الإسبان ثلاثمائة رجل، وكان من بين الموتى كولونيل كبير في الجيش، وأميرال الأسطول، وقبل أن تغرب شمس يوم 18 من ربيع الآخر من هذه السنة، سقطت مدينة طرابلس في يد الإسبان، بعد أن أريقت دماء الطرابلسيين في كل بقعةٍ منها، ولكثرة القتلى فقد أُلقيت جثثُهم في صهاريج الجوامع وفي البحر، وأُحرق بعضها بالنار. وأقام نائب البابا احتفالات الفرح بسقوط هذه المدينة العربية الإسلامية في أيدي النصارى. وأرسل القسيس أمريكو دامبواس رئيس منظمة فرسان القديس يوحنا إلى فرديناند ملك إسبانيا تهنئة، ويرجوه أن يتابع فتوحاته في إفريقية. وعلى الجانب الآخر فقد استاء المسلمون لهذا الاحتلال، وقابله الطرابلسيون المقيمون في الإسكندرية إذ ذاك بإحراق فندق للإسبان في المدينة. انتهز الطرابلسيون المعسكِرون خارج السور غياب القائد الإسباني نافارو وأسطوله، وانقضُّوا على المدينة وتسلَّقوا سورها، ولكنهم لم يوفَّقوا فرجعوا أدراجَهم, وهو ما دفع محمد بن حسن الحفصي إلى إعانة طرابلس، فجمع جيشًا كبيرًا بقيادة محمد أبي الحداد قائد توزر، وكان من أكبر قواده، ووصل طرابلس ونزل خارج السور، وانضم إلى هذا الجيش المحاربون الطرابلسيون، وهاجموا المدينة في ذي الحجة من هذه السنة, ولكنهم لم يظفروا منها بطائل. وظل يحكم طرابلس فرسان القديس يوحنا حتى سنة 936 (1530م) عندما منحها شارل الخامس إمبراطور الإمبراطورية الرومانية لهم، الذين صاروا يعرفون في ذلك الوقت بفرسان مالطا.

العام الهجري : 694 العام الميلادي : 1294
تفاصيل الحدث:

ورد الخبَرُ بأن كيختو بن أبغا بن هولاكو، الذي تسلطنَ بعد أخيه أرغون في سنة تسعين، قُتِل في سنة ثلاث وتسعين، وملَك بعده ابنُ عمه بيدو، وهو ابن طرغاي بن هولاكو، فخرج عليه قازان بن أرغون بن أبغا نائبُ خراسان، وكسَرَه وأخذ المُلكَ منه، ويقال: إن قازان أسلم على يدِ الشيخ صدر الدين بن حمُّويه الجويني، وقيل: على يد نائبه الأمير توزون، ودخلَت التتار أو أكثرُهم في الإسلام، ونثر قازان الذهبَ والفضَّةَ واللؤلؤ على رؤوس النَّاسِ يوم إسلامه، وتسَمَّى بمحمود، وشهِدَ الجمعةَ والخُطبة، وخَرَّب كنائسَ كثيرةً، وضرب على النصارى الجزيةَ ورَدَّ مظالمَ كثيرةً ببغداد وغَيرِها من البلادِ.

العام الهجري : 1441 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 2019
تفاصيل الحدث:

وُلِد في بلادِ شِنْقِيطَ بمُوريتانيا عام 1361 هـ، ونشَأ في بيتِ عِلمٍ، حيث كان والدُه عالمًا أُصوليًّا وعضوًا في هَيئة كبارِ العلماءِ بالسُّعوديةِ، وهو الشَّيخُ محمَّد الأمينُ الشِّنْقيطيُّ صاحب كتاب (أضْواء البَيان). وكانت وفاتُه رحمه الله في المدينة المنوَّرة عن عُمرٍ يُناهِزُ 77 عامًا، وصُلِّي عليه العصر في المسجد النَّبويِّ، وتمَّ دفْنُه في مقبرةِ البَقيع. 

العام الهجري : 410 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1020
تفاصيل الحدث:

هو الحافِظُ المُجَوِّدُ العلَّامة، مُحَدِّثُ أصبهان، أبو بكرٍ أحمَدُ بنُ موسى بن مَردَوَيهِ بنِ فَوْرَك بن موسى بن جعفر، الأصبهاني، المؤرِّخُ المُفَسِّرُ، مِن أهل أصبهان. مولِدُه سنة323. ويقالُ له ابنُ مَردَوَيهِ الكبير؛ لِيُمَيَّزَ عن حَفيدِه المحدِّثِ العالِمِ أبو بكرٍ أحمَدُ بنُ مُحمَّد بن أحمد بن مردويه. له عِدَّةُ تصانيفَ، منها: "التفسير الكبير"، و"التاريخ"، و"الأمالي" "الثلاثمئة مجلس"، و"المسند"، وكتاب "المُستخرَج على صحيحِ البُخاري"، بعُلُوٍّ في كثيرٍ مِن أحاديثِ الكِتابِ، حتى كأنَّه لَقِيَ البُخاريَّ. قال الذهبيُّ عنه: "كان مِن فُرسانِ الحَديثِ، فَهِمًا يَقِظًا مُتقِنًا، كثيرَ الحَديثِ جِدًّا، ومن نظَرَ في تواليفِه، عَرَفَ مَحَلَّه مِن الحفظ". قال أبو موسى: سَمِعتُ أبي يحكي عمَّن سَمِعَ أبا بكر بنَ مَرْدَوَيه يقول: "ما كتبتُ بعد العَصرِ شيئًا قَطُّ، وعَمِيتُ قبلَ كُلِّ أحدٍ- يعني من أقرانِه، وسَمِعتُ أنَّه كان يُملي حِفظًا بعدما عَمِيَ. ثم قال: وسَمِعتُ الإمامَ إسماعيلَ يقول: لو كان ابنُ مَردَوَيه خُراسانيًّا، كان صِيتُه أكثَرَ مِن صِيتِ الحاكِمِ". مات عن سبعٍ وثمانين سنةً

العام الهجري : 420 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1029
تفاصيل الحدث:

في الثَّامِنَ عَشَر مِن رَجَب جُمِعَ القُضاةُ والعُلَماءُ في دارِ الخلافة، وقُرِئَ عليهم كتابٌ كان القادِرُ بالله قد جمع فيه مواعِظَ وتفاصيلَ مذاهِبِ أهلِ البَصرةِ، وفيه الرَّدُّ على أهلِ البِدَع، وتَفسيقُ مَن قال بخَلقِ القُرآنِ، وصِفةُ ما وقع بين بِشرٍ المِريسيِّ وعبد العزيز بن يحيى الكِناني من المناظرة، ثمَّ خُتِمَ القَولُ بالمواعِظِ والقَولِ بالمعروفِ، والنَّهيِ عن المُنكَرِ، وأخَذَ خُطوطَ الحاضرينَ بالمُوافقةِ على ما سَمِعوه، وفي يومِ الاثنينِ غُرَّةَ ذي القَعدةِ جُمِعوا أيضًا كُلُّهم، وقُرِئَ عليهم كتابٌ آخَرُ طويلٌ يتضَمَّنُ بيانَ السُّنَّة، والرَّدَّ على أهلِ البِدَعِ، ومُناظرةَ بِشرٍ المِريسي والكناني أيضًا، والأمر بالمعروفِ والنَّهي عن المنكر، وفَضْل الصحابة، وذِكْر فضائلِ أبي بكرٍ الصِّديقِ وعُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ الله عنهما، ولم يَفرُغوا منه إلَّا بعد العَتَمةِ، وأُخِذَت خُطوطُهم بموافقةِ ما سَمِعوه، وعَزَلَ خُطَباءَ الشِّيعةِ، وولَّى خُطَباءَ السُّنَّة، وجَرَت فِتنةٌ بمَسجدِ براثا، وضَرَبَ الشِّيعةُ الخطيبَ السُّنِّيَّ بالآجُرِّ، حتى كَسَروا أنفَه وخَلَعوا كَتِفَه، فانتصر له الخليفةُ، وأهانَ الشِّيعةَ وأذَلَّهم، حتى جاؤُوا يَعتَذِرونَ ممَّا صنعوا، وأنَّ ذلك إنَّما تعاطاه السُّفَهاءُ منهم.

العام الهجري : 1346 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1927
تفاصيل الحدث:

هو سعدُ بنُ إبراهيم زغلول، لُقب بزعيم نهضة مصر السياسية، وكان من أبرز خطبائِها في عصره. ولِدَ في إبيانة من قرى الغربية في يوليو عام 1858م وتوفِّيَ والده وهو في الخامسة، التحق سعد زغلول في السابعة من عمره بكُتَّاب القرية، حيث مكث فيه خمس سنوات، تعلَّم فيه القراءة والكتابة، وحَفِظ القرآن الكريم في سنة 1873م. ثم انتقل سعد زغلول إلى القاهرة للالتحاق بالأزهر، وتتلمذ على يد الشيخ محمد عبده، ولازم جمالَ الدين الأفغاني مدة، واشتغل بالتحرير في جريدة الوقائع المصرية مع الشيخ محمد عبده، واشترك بالثورة العُرابية، وقُبِض عليه سنة 1299هـ بتهمة الاشتراك في جمعية سرية، قيل إنها تسعى لقلب نظام الحكومة، فسُجِن شهورًا، ثم أُفرِجَ عنه، وحصل على إجازة الحقوق، واشتغل بالمحاماةِ حتى اختيرَ قاضيًا ثم مستشارًا، ثم تولى وزارة المعارف، فالعدل، فوكالة رئاسة الجمعية التشريعية، وقاد مصر بعد الحرب العالمية الأولى فتسَلَّم رئاسة الوزراء، ورئاسة مجلس النواب، وقام بالثورات ضِدَّ الإنجليز وظهر في صورة البطل الذي عَمِلَ على استقلال البلاد، مع أنَّ كل ما كان يفعَلُه تحت مرأى ومسمع إنجلترا!! وكان منعه من العمل السياسي واعتقالُه ونفيُه أكثَرَ من مرة قد ساهم في جعله زعيمًا وطنيًّا نافس زعماء وطنيين مصريين، مثل: مصطفى كامل، وخليفته محمد فريد، بل قيل إن بريطانيا هي من كلَّفته بالعمل للسفر إلى باريس لعَرضِ قضية استقلال البلاد، ومع ذلك منعته من السفر، ثم نفته إلى مالطا؛ ليصبح بذلك بطلًا وزعيمًا وطنيًّا يُصَفِّق لكل قراراته الجمهورُ المصري!! وكانت زوجته صفية فهمي التي تُعرَف بصفية زغلول على مبدأ الغربِ، هي من قامت بحرق حجابها بعد أن خلعَتْه هي وهدى شعراوي في ميدان الإسماعيلية في إحدى المظاهرات المنَدِّدة بالاحتلال الإنجليزي لمصر خلال ثورة 1919م!! لَمَّا عاد سعد زغلول من بريطانيا سنة 1920م كبطل وزعيم قومي أُعِدَّ لاستقباله خيمتان كبيرتان: خيمة للرجال، وخيمة للنساء، ولَمَّا نزل من الطائرة بدلًا من أن يتجه إلى خيمة الرجال توجَّه إلى خيمة النساء، وكانت مليئة بالنساء المحجَّبات، فلما وصل الخيمة استقبلته هدى شعراوي أمام الناس جميعًا، وعليها حجابُها، فنزع حجابَها عن وجهها فصَفَّقَت هي وصَفَّق جميعُ النساء الحاضرات ونزَعْن حجابهن!!

العام الهجري : 868 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1464
تفاصيل الحدث:

في يوم الجمعة الثالث والعشرين جمادى الآخرة وصل رسول صاحب قبرص جاك، وأخبر أنه أخذ مدينة الماغوصة وقلعتها من يد الفرنج، وأنَّه سلمها للأمير جانبك الأبلق المقيم بجزيرة قبرص بمن بقيَ معه من المماليك السلطانية، فأساء جانبك السيرةَ في أهل الماغوصة، ومدَّ يده لأخذ الصبيان الحِسان من آبائهم وهم أعيانُ أهل الماغوصة، فشق ذلك عليهم، وقالوا: نحن سلَّمناكم البلد بالأمان، وقد حلفتم لنا أنَّكم لا تفعلوا معنا بعد أخذكم المدينة إلا كل خير، وأنتم مسلمون، فما هذا الحال؟ فلم يلتفت جانبك الأبلق إلى كلامِهم، واستمرَّ على ما هو عليه، فأرسل أهل الماغوصة إلى جاك عرفوه الخبر، فأرسل جاك إلى جانبك ينهاه عن هذه الفعلة، فضرب جانبك القاصِدَ بعد أن أوسعه سبًّا، فأرسل إليه قاصدًا آخر، فضربه جانبك بالنشَّاب، فركب جاك إليه من الأفقسية مدينة قبرص، وجاء إليه وكلَّمه، فلم يلتفت إليه، وخشَّن عليه الكلام، فكلمه جاك ثانيًا، فضربه بشيءٍ كان في يده، فسقط جاك مغشيًّا عليه، فلما رأت الفرنج ذلك مدَّت أيديها إلى جانبك ومن معه من المسلمين بالسيوفِ، فقُتِلَ جانبك وقُتِل معه خمسة وعشرون مملوكًا من المماليك السلطانية، واستولى جاك على الماغوصة على أنَّه نائب بها عن السلطان، فعيَّن السلطان سودون المنصوري الساقي وتوجَّه لقبرص مع يعقوب قاصد جاك.

العام الهجري : 255 العام الميلادي : 868
تفاصيل الحدث:

ظهر رجلٌ بظاهر البصرة زعمَ أنَّه عليُّ بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولم يكنْ صادِقًا، وإنما كان أجيرًا من عبد القيس، واسمُه علي بن محمد بن عبد الرحيم، وأمُّه قرَّة بنت علي بن رحيب بن محمد بن حكيم من بني أسد بن خزيمة، وأصلُه من قرية من قرى الريِّ، والتَفَّ عليه خلقٌ من الزنج الذين يكسحونَ السِّباخ، فعبَرَ بهم دجلةَ فنزل الديناري، وكان يزعُمُ لبعضِ من معه أنَّه يحيى بن عمر أبو الحسين المقتولُ بناحية الكوفة، وكان يدَّعي أنه يحفظُ سورًا من القرآن في ساعةٍ واحدة جرى بها لسانُه لا يحفَظُها غيره في مدَّة دهرٍ طويل، وهنَّ سبحان والكهف وص وعمَّ، وزعم أنَّه فكَّر يومًا وهو في البادية إلى أيِّ بلدٍ يسير فخوطِبَ من سحابة أن يقصِدَ البصرة فقصَدَها، فلمَّا اقترب منها وجد أهلَها متفرِّقينَ على شُعبَتين، سعدية وبلالية، فطَمِعَ أن ينضَمَّ إلى إحداهما فيستعينَ بها على الأخرى فلم يقدِرْ على ذلك، فارتحل إلى بغداد فأقام بها سنةً، وانتسب بها إلى محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد، وكان يزعُمُ بها أنَّه يعلم ما في ضمائِرِ أصحابه، وأنَّ الله يُعلِمُه بذلك، فتَبِعَه على ذلك جهلةٌ من الطَّغامِ، وطائفةٌ من الرَّعاعِ العوامِّ, ثم عاد إلى أرض البصرة في رمضان فاجتمع معه بشَرٌ كثيرٌ، ولكِنْ لم يكُنْ معهم عُدَدٌ يُقاتِلونَ بها فأتاهم جيشٌ من ناحية البصرة فاقتَتلوا جميعًا، ولم يكنْ في جيشه هذا الخارجي سوى ثلاثة أسياف، وأولئك الجيشُ معهم عَددٌ وعُدَدٌ ولَبُوسٌ، ومع هذا هزمَ أصحابُ الزنجي ذلك الجيشَ، وكانوا أربعةَ آلاف مقاتل، ثم مضى نحو البصرةِ بمن معه فأهدى له رجلٌ من أهل جبى فرسًا فلم يجِدْ لها سرجًا ولا لجامًا، وإنما ألقى عليها حبلًا وركِبَها، ثم صادرَ رجلًا وتهدَّده بالقتل فأخذ منه مئةً وخمسين دينارا وألف درهم، وكان هذا أوَّلَ مال نهبه من هذه البلاد، وأخَذَ من آخر ثلاثةَ براذين، ومِن موضعٍ آخرَ شيئًا من الأسلحة والأمتعة، ثم سار في جيشٍ قليل السلاح والخيول، ثم جرت بينه وبين نائبِ البصرة وقعاتٍ مُتعددةً يَهزِمُهم فيها، وفي كل مرة يقوى ويعظُم أمرُه ويزداد أصحابُه ويكثُر جيشُه، وهو مع ذلك لا يتعَرَّض لأموال الناس ولا يؤذي أحدًا، وإنما يُريدُ أخْذَ أموال السلطان. وقد انهزم أصحابُه في بعض حروبه هزيمةً عظيمة ثم تراجعوا إليه واجتَمعوا حولَه، ثمَّ كَرُّوا على أهل البصرة فهزموهم وقَتلوا منهم خلقًا وأسَروا آخرين، وكان لا يؤتى بأسيرٍ إلَّا قتله ثم قوِيَ أمرُه وخافه أهلُ البصرة، وبعث الخليفةُ إليها مددًا ليقاتلوا صاحِبَ الزنج قبَّحَه الله، ثم أشار عليه بعضُ أصحابه أن يهجُم بمن معه على البصرةِ فيَدخُلوها عَنوةً فهَجَّن آراءهم وقال: بل نكونُ منها قريبًا حتى يكونوا هم الذين يطلبونَنا إليها ويخطبونَنا عليها.