الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1003 ). زمن البحث بالثانية ( 0.012 )

العام الهجري : 1369 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1950
تفاصيل الحدث:

وقَّعَت أعضاءُ دُول الجامعة العربية معاهدةَ دفاع وتعاون مشترك بينها، نصَّت على الآتي: إنَّ حكومات حضرة صاحب الجلالة مَلِك المملكة الأردنية الهاشمية، وحضرة صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السورية، وحضرة صاحب الجلالة ملك المملكة العراقية، وحضرة صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية، وحضرة صاحب الفخامة رئيس الجمهورية اللبنانية، وحضرة صاحب الجلالة ملك المملكة المصرية، وحضرة صاحب الجلالة ملك المملكة المتوكلية اليمنية رغبةً منها في تقوية وتوثيق التعاون بين دُول الجامعة العربية حِرصًا على استقلالِها والمحافظة على تراثها المشتركِ، واستجابةً لرغبة شعوبها في ضَمِّ الصفوف لتحقيق الدفاعِ المشتَرَك عن كيانها وصيانة الأمن والسلام وفقًا لمبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة ولأهدافِها، وتعزيزًا للاستقرار والطمأنينة وتوفير أسباب الرفاهية والعمران في بلادها: قد اتَّفَقَت على عقد معاهدة لهذه الغاية، وأنابت عنها مفوضين، وقد اتَّفَقوا على ما يأتي: المادة 1: تؤكِّدُ الدول المتعاقدة حرصًا على دوام الأمن والسلام واستقرارهما وعَزمِها على فَضِّ جميع منازعاتها الدولية بالطُّرُق السلمية سواءٌ في علاقاتها المتبادلة فيما بينهما أو في علاقاتها مع الدول الأخرى. المادة 2: وتطبيقًا لأحكام المادة السادسة من ميثاق جامعة الدول العربية والمادة الحادية والخمسين من ميثاقِ الأمم المتحدة يخطر على الفور مجلس الجامعة ومجلس الأمن بوقوعِ الاعتداء وما اتُّخِذ في صدده من تدابيرَ وإجراءات. المادة 3: تتشاور الدولُ المتعاقدة فيما بينها بناءً على طلب إحداها كلمَّا هددت سلامةَ أراضي أية واحدة منها أو استقلالها أو أمنها, وفي حالة خطر حرب داهم أو قيام حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها تبادر الدولُ المتعاقِدةُ على الفور إلى توحيدِ خطَطِها ومساعيها في اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية التي يقتضيها الموقف. المادة 4: رغبةً في تنفيذ الالتزامات السالفة الذكر على أكمل وجهٍ تتعاون الدول المتعاقدة فيما بينها لدعمِ مقوِّماتها العسكرية وتعزيزها وتشترك بحسَبِ مواردها وحاجاتها في تهيئة وسائلها الدفاعية الخاصة والجماعية؛ لمقاومة أي اعتداء مسلح. المادة 5: تُؤلَّف لجنة عسكرية دائمة من ممثِّلي هيئة أركان حرب جيوش الدول المتعاقدة لتنظيم خطط الدفاع المشترك، وتهيئة وسائله وأساليبه. وتحَدَّد في ملحق هذه المعاهدة اختصاصات هذه اللجنة الدائمة، بما في ذلك وضع التقارير اللازمة المتضَمِّنة عناصر التعاون والاشتراك المشار إليهما في المادة الرابعة، وتَرفَعُ هذه اللجنة الدائمة تقاريرَها عمَّا يدخل في دائرة أعمالها إلى مجلس الدفاع المشترك المنصوص عنه في المادة التالية. المادة 6: يُؤلَّفُ تحت إشراف مجلس الجامعة مجلِسٌ للدفاع المشترك يختَصُّ بجميع الشؤون المتعلِّقة بتنفيذ أحكام المواد 2،3،4،5 من المعاهدة، ويُستعان على ذلك باللجنة العسكرية الدائمة المشار إليها في المادة السابقة. ويتكَوَّن مجلس الدفاع المشترك المشار إليه من وزراء الخارجية والدفاع الوطني للدول المتعاقدة أو من ينوبون عنهم. وما يقرِّرُه المجلس بأكثرية ثلثي الدول يكون ملزِمًا لجميع الدول المتعاقدة. المادة 7: استكمالًا لأغراض هذه المعاهدة وما ترمى إليه من إشاعة الطمأنينة وتوفير الرفاهية في البلاد العربية ورفع مستوى المعيشة فيها تتعاون الدول المتعاقدة على النهوض باقتصاديات بلادِها، واستثمار مرافِقِها الطبيعية، وتسهيل تبادل منتجاتها الوطنية الزراعية والصناعية، وبوجهٍ عام على تنظيم نشاطها الاقتصادي وتنسيقِه، وإبرام ما تقتضيه الحال من اتفاقات خاصة لتحقيق هذه الأهداف. المادة 8: ينشأ مجلس اقتصادي من وزراء الدول المتعاقدة المختصِّين بالشؤون الاقتصادية، أو من يمثِّلونهم عند الضرورة؛ لكي يقترح على حكومات تلك الدول ما يراه كفيلًا بتحقيق الأغراض المبيَّنة في المادة السابقة. وللمجلس المذكور أن يستعينَ في أعماله بلجنة الشؤون الاقتصادية والمالية المشار إليها في المادة الرابعة من ميثاق جامعة الدول العربية. المادة 9: يعتبر الملحَقُ المرفق بهذه المعاهدة جزءًا لا يتجزَّأُ منها. المادة 10: تتعهد كل من الدول المتعاقدة بألَّا تعقد أي اتفاق دولي يناقضُ هذه المعاهدة. وبألَّا تسلك في علاقاتها الدولية مع الدول الأخرى مسلكًا يتنافى مع أغراض هذه المعاهدة. المادة 11: ليس في أحكامِ هذه المعاهدة ما يمَسُّ أو يقصد به أن يمس بأية حال من الأحوال الحقوق والالتزامات المترتبة، أو التي قد تترتب للدول الأطراف فيها بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة أو المسؤوليات التي يضطلع بها مجلس الأمن في المحافظة على السلام والأمن الدولي. المادة 12: يجوز لأية دولة من الدول المتعاقدة بعد مرور عشر سنوات من نفاذ هذه المعاهدة أن تنسحب منها في نهاية سنة من تاريخ إعلان انسحابها إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وتتولى الأمانةُ العامة إبلاغَ هذا الإعلان إلى الدول المتعاقدة الأخرى. المادة 13: يُصَدَّق على هذه المعاهدة وفقًا للأوضاع الدستورية المرعيَّة في كل من الدول المتعاقدة. وتُودَع وثائق التصديق لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وتصبح المعاهدة نافذةً من قِبَلِ من صدَّق عليها بعد انقضاء خمسة عشر يومًا من تاريخ استلام الأمانة العامة وثائق تصديق أربع دول على الأقل. وحُرِّرت هذا المعاهدة باللغة العربية في الإسكندرية بتاريخ 2 رمضان سنة 1369هـ الموافق 17 يونيو سنة 1950م من نسخة واحدة تُحفَظُ في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وتُسَلَّم صورة منها مطابِقة للأصل لكل دولة من الدول المتعاقدة.

العام الهجري : 372 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 983
تفاصيل الحدث:

سار الأميرُ أبو القاسم، أميرُ صقليَّة، من المدينةِ يريدُ الجِهادَ، وسببُ ذلك أنَّ مَلِكًا مِن مُلوكِ الفِرنجِ، يقال له بردويل، خرجَ في جموعٍ كثيرةٍ مِن الفرنجِ إلى صقليَّةَ، فحصَرَ قَلعةَ مَلطةَ ومَلَكَها، وأصاب سريتَينِ للمُسلمينِ، فسار الأميرُ أبو القاسم بعساكِرِه ليُرحِّلَه عن القلعة، فلمَّا قاربَها خاف وجَبُن، فجمع وجوهَ أصحابِه، وقال لهم: إنِّي راجِعٌ مِن مكاني هذا، فلا تكسروا عليَّ رأيي. فرجع هو وعساكِرُه، وكان أسطولُ الكُفَّارِ يُسايرُ المُسلِمينَ في البَحرِ، فلمَّا رأَوا المُسلِمينَ راجِعينَ أرسَلوا إلى بردويل، ملِكِ الرُّومِ، يُعلِمونَه ويقولونَ له: إنَّ المُسلِمينَ خائِفونَ منك، فالحَقْ بهم فإنَّك تظفَرُ. فجَرَّد الفرنجيُّ عَسكَرَه من أثقالِهم، وجَدَّ في السير، فأدركهم في العشرينَ مِن المحرم، فتعبَّأ المسلمون للقتال، واقتتلوا، واشتَدَّت الحرب بينهم، فحَمَلَت طائفةٌ مِن الفرنج على القلبِ والأعلام، فشَقُّوا العسكر ووصلوا إليها، وقد تفَرَّق كثيرٌ مِن المسلمين عن أميرِهم أبي القاسم، واختَلَّ نِظامُهم، فوصل الفرنجُ إليه، فأصابته ضربةٌ على أمِّ رأسِه فقُتِل، وقُتِلَ معه جماعةٌ مِن أعيانِ النَّاسِ وشُجعانِهم، ثم إنَّ المنهزمين من المسلمين رجعوا مُصَمِّمينَ على القتال ليظفَروا أو يموتوا، واشتَدَّ حينئذ الأمرُ، وعَظُمَ الخَطبُ على الطائفتين، فانهزم الفرنجُ أقبَحَ هَزيمةٍ، وقُتِلَ منهم نحوُ أربعة آلافِ قَتيلٍ، وأُسِرَ مِن بطارقتهم كثيرٌ، وتبعوهم إلى أن أدركَهم الليل، وغَنِموا من أموالِهم كثيرًا. وأفلَتَ مَلِكُ الفِرنجِ هاربًا ومعه رجلٌ يهوديٌّ كان خصيصًا به، فوقف فرَسُ الملك، فقال له اليهودي: اركَبْ فَرَسي، فإن قُتِلْتُ فأنت لوَلَدي. فرَكِبَه المَلِكُ وقُتِلَ اليهودي، فنجا المَلِكُ إلى خيامِه وبها زوجتُه وأصحابه فأخذهم وعاد إلى روميَّة، ولَمَّا قُتِلَ الأميرُ أبو القاسم كان معه ابنُه جابر، فقام مقامَ أبيه، ورحل بالمسلمينَ لِوَقتِهم، ولم يمكِّنْهم من إتمام الغنيمةِ، فتركوا كثيرًا منها، وسأله أصحابُه ليُقيمَ إلى أن يجمَعَ السِّلاحَ وغَيرَه ويَعمُرَ به الخزائِنَ، فلم يفعل، وكانت ولايةُ أبي القاسم على صقلية اثنتي عشرة سنة وخمسة أشهر وخمسة أيام. وكان عادلًا، حسنَ السيرة، كثيرَ الشَّفَقة على رعيَّتِه والإحسانِ إليهم، عظيمَ الصدقةِ، لم يُخَلِّفْ دينارًا ولا درهمًا ولا عقارًا؛ فإنه كان قد وقف جميعَ أملاكِه على الفُقَراء وأبوابِ البِرِّ.

العام الهجري : 496 العام الميلادي : 1102
تفاصيل الحدث:

كان الأفضلُ أمير الجيوش بمصر قد أنفذ مملوكًا لأبيه -لَقَبه سعد الدولة، ويعرف بالطواشي- إلى الشام لحرب الفرنج، فلقِيَهم بين الرملة ويافا، ومقَدَّم الفرنج يعرف ببغدوين، تصافوا واقتتلوا، فحملت الفرنج حملةً صادقة، فانهزم المسلمون، فلما كانت هذه الوقعة انهزم سعد الدولة، فتردى به فرسه فسقط ميتًا، وملك الفرنجُ خيمتَه وجميعَ ما للمسلمين. فأرسل الأفضلُ بعده ابنَه شرف المعالي في جمعٍ كثير، فالتقوا هم والفرنج بالقرب من الرملة، فانهزم الفرنج، وقُتِل منهم مقتلةٌ عظيمة، وعاد من سلم منهم مغلولين، فلما رأى بغدوين شدة الأمر، وخاف القتل والأسر؛ ألقى نفسه في الحشيش واختفى فيه، فلما أبعد المسلمون خرج منه إلى الرملة. وسار شرف المعالي بن الأفضل من المعركة، ونزل على قصر بالرملة، وبه سبعمائة من أعيان الفرنج، وفيهم بغدوين، فخرج متخفيًا إلى يافا، وقاتل ابن الأفضل من بقي من الفرنج خمسة عشر يومًا، ثم أخذهم، فقتل منهم أربعمائة صبرًا، وأسر ثلاثمائة إلى مصر. ثم اختلف أصحابُه في مقصدهم، فقال قوم: نقصِدُ بيت المقدس ونتملَّكُه، وقال قوم: نقصد يافا ونملكها، فبينما هم في هذا الاختلاف إذ وصل إلى الفرنج خلق كثير في البحر قاصدين زيارة البيت المقدس، فندبهم بغدوين للغزوِ معه، فساروا إلى عسقلان، وبها شرف المعالي فلم يكن يقوى بحربهم، فلطف الله بالمسلمين، فرأى الفرنجُ البحرية حصانة عسقلان، وخافوا البيات، فرحلوا إلى يافا، وعاد ولد الأفضل إلى أبيه، فسيَّرَ رجلًا يقال له تاج العجم في البر، وهو من أكبر مماليك أبيه، وجهز معه أربعة آلاف فارس، وسيَّر في البحر رجلًا يقال له القاضي ابن قادوس، في الأسطول على يافا، ونزل تاج العجم على عسقلان، فاستدعاه ابن قادوس إليه ليتفقا على حرب الفرنج، فقال تاج العجم: ما يمكنني أن أنزل إليك إلا بأمر الأفضل، ولم يحضر عنده ولا أعانه، فأرسل ابن قادوس إلى قاضي عسقلان وشهودها وأعيانها، وأخذ خطوطهم بأنه أقام على يافا عشرين يومًا، واستدعى تاج العجم فلم يأتِه ولا أرسل رجلًا، فلما وقف الأفضل على الحال أرسل من قبض على تاج العجم وأرسل رجلًا لقبه جمال الملك، فأسكنه عسقلان، وجعله متقَدِّم العساكِرِ الشامية.

العام الهجري : 623 العام الميلادي : 1226
تفاصيل الحدث:

جمع البرنس الفرنجي، صاحب أنطاكية، جموعًا كثيرة وقصد الأرمن الذين في الدروب بلاد ابن ليون، فكان بينهم حربٌ شديدةٌ، وسَبَبُ ذلك أنَّ ابن ليون الأرمني، صاحِبَ الدروب، توفِّيَ قبلُ ولم يخلف ولدًا ذكرًا، إنما خلف بنتًا، فملَّكَها الأرمنُ عليهم، ثمَّ عَلِموا أنَّ المُلكَ لا يقومُ بامرأة، فزوجوها من ولد البرنس، فتزوجَّها، وانتقل إلى بلَدِهم، واستقَرَّ في الملك نحو سنة، ثم نَدِموا على ذلك، وخافوا أن يستولي الفرنجُ على بلادهم، فثاروا بابن البرنس، فقَبَضوا عليه وسجنوه، فأرسل أبوه يطلبُ أن يُطلَق ويعاد في المُلك، فلم يفعلوا، فأرسل إلى بابا ملك الفرنجِ برومية الكبرى يستأذنُه في قصد بلادهم، ومِلك روميَّة، فمنعه عنهم، فخالفه وأرسلَ إلى علاء الدين كيقباذ ملك قونية وملطية وما بينهما من بلاد المسلمين، وصالحه، ووافقه على قصدِ بلاد ابن ليون، والاتفاق على قصدها، فاتفقا على ذلك، وجمع البرنس عساكره ليسير إلى بلاد الأرمن، فخالف عليه الداوية والاسبتارية، وهما جمرة الفرنج، فدخل أطراف بلاد الأرمن، وهي مضايق وجبال وعْرة، فلم يتمكَّن مِن فِعلِ ما يريد، وأمَّا كيقباذ، فإنه قصدَ بلاد الأرمن من جهتِه، وهي أسهَلُ من جهة الشام، فدخلها سنة 622، فنهبها، وأحرقها، وحصر عِدَّة حصون، ففتح أربعةَ حصون، وأدركه الشتاءُ فعاد عنها، فلما سَمِعَ بابا ملك الفرنج برومية أرسل إلى الفرنج بالشام يُعلِمُهم أنَّه قد أصدر صك حرمان بحق البرنس، فكان الداوية والاسبتارية وكثيرٌ من الفرسان لا يحضُرونَ معه، ولا يسمعون قوله، وكان أهل بلاده، وهي أنطاكية وطرابلس، إذا جاءهم عيد يخرجُ من عندهم، فإذا فرغوا من عيدهم دخل البلد، ثم إنه أرسل إلى ملك رومية يشكو من الأرمن، وأنَّهم لم يطلقوا ولده، ويستأذنه في أن يدخلَ بلادَهم ويحاربَهم إن لم يطلقوا ابنه، فأرسل إلى الأرمن يأمرُهم بإطلاق ابنه وإعادته إلى الملك، فإن فعلوا وإلَّا فقد أذن له في قصدِ بلادهم، فلما بلغَتْهم الرسالةُ لم يطلقوا ولده، فجمع البرنس وقصد بلادَ الأرمن، فأرسل الأرمن إلى الأتابك شهاب الدين بحلب يستنجدونَه، ويخيفونَه من البرنس إن استولى على بلادِهم لأنها تجاور أعمال حلب، فأمدهم بجند وسلاح، فلما سمع البرنس ذلك صمم العزمَ على قصد بلادهم، فسار إليهم وحاربَهم، فلم يحصل على غرض، فعاد عنهم.

العام الهجري : 642 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1244
تفاصيل الحدث:

جهَّزَ الملك الصالح نجمُ الدين أيوب عسكرًا من القاهرة عليه الأمير ركنُ الدين بيبرس، أحد مماليكِه الأخصَّاء الذين كانوا معه وهو محبوسٌ بالكرك، فسار إلى غزَّة، وانضم إلى الخوارزمية جماعةٌ من القميرية، كانوا قد قَدِموا معهم من الشرق، ثم خرج الأميرُ حسام الدين أبو علي بن محمد بن أبي علي الهذباني بعسكر، ليقيم على نابلس، وجهَّزَ الصالح إسماعيل عسكرًا من دمشق، عليه الملك المنصور صاحِبُ حمص، فسار المنصور جريدة إلى عكا، وأخذ الفرنجَ ليحاربوا معه عساكرَ مصر، وساروا إلى نحو غزة، وأتتهم نجدةُ الناصر داود بن الملك المعظَّم صاحب الكرك مع الظهيرِ بن سنقر الحلبي والوزيري، فالتَقَت العساكر المصرية مع الخوارزمية بظاهر غزة، وقد رفع الفرنجُ الصُّلبان على عسكر دمشق، وفوق رأسِ المنصور صاحِبِ حمص، وكان في الميمنة الفرنجُ، وفي الميسرة عسكر الكرك، وفي القلب المنصورُ صاحب حماة، فدارت بين الفريقين حربٌ شديدة، انكسر فيها الملك المنصور، وفَرَّ الوزيري، وقُبِضَ على الظهير وجُرح، وأحاط الخوارزمية بالفرنجِ، ووضعوا فيهم السيف حتى أتوا عليهم قتلًا وأسرًا، ولم يُفلِت منهم إلا من شَرَد، فكان عدة من أسر منهم ثمانمائة رجل، وقتل منهم ومن أهل الشام زيادةٌ على ثلاثين ألفًا، وحاز الخوارزميَّة من الأموال ما يجِلُّ وصفُه، ولحق المنصورُ بدمشق في نفرٍ يسير، وقَدِمَت البشارة إلى الملك الصالح نجم الدين بذلك في خامس عشر جمادى الأولى، فأمرَ بزينة القاهرة ومصر وظواهِرِهما، وقلعتي الجبل والروضة، فبالغ الناسُ في الزينة، وضربت البشائر عدَّةَ أيام، وقَدِمَت أسرى الفرنج ورؤوسُ القتلى، ومعهم الظهيرُ بن سنقر وعِدَّة من الأمراء والأعيان، وقد أركب الفرنجُ الجمالَ، ومن معهم من المقَدَّمين على الخيول، وشَقُّوا القاهرة، فكان دخولُهم يوما مشهودًا، وعُلِّقَت الرؤوس على أبواب القاهرة ومُلِئَت الحبوس بالأسرى، وسار الأميرُ بيبرس، والأميرُ ابن أبي علي بعساكِرِهما إلى عسقلان، ونازلاها فامتَنَعَت عليهم لحصانتِها، فسار ابن أبي علي إلى نابلس، وأقام بيبرس على عسقلان، واستولى نوابُ الملك الصالح نجم الدين على غزة والسواحل، والقدس والخليل، وبيت جبريل والأغوار، ولم يبقَ بيد الناصر داود بن الملك المعظَّم سوى الكرك والملقاء، والصلت وعجلون.

العام الهجري : 699 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1300
تفاصيل الحدث:

في ثالث رجب نودي بجامِعِ دمشق بعد الصلاةِ مِن جهة نائب القلعةِ بأنَّ العساكِرَ المِصريَّة قادِمةٌ إلى الشام، وفي عشيَّة يوم السبت رحل بولاي وأصحابُه من التتر وانشمروا عن دمشق، وقد أراح الله منهم وساروا من على عقبة دمر، فعاثوا في تلك النواحي فسادًا، ولم يأت سابع الشهر وفي حواشي البلد منهم أحدٌ، وقد أزاح الله عز وجل شَرَّهم عن العباد والبلاد، ونادى قبجق في الناسِ: قد أَمِنَت الطرقاتُ ولم يبقَ بالشَّامِ مِن التتر أحد، وصلى قبجق يومَ الجمعة عاشر رجب بالمقصورة، ومعه جماعةٌ عليهم لَأْمةُ الحرب من السيوفِ والقِسِيِّ والتراكيش فيها النشَّاب، وأَمِنَت البلاد، وخرج الناسُ للفرجة في غيضِ السفرجل على عادتهم، فعاثت عليهم طائفةٌ مِن التتر، فلمَّا رأوهم رجعوا إلى البلدِ هاربين مُسرِعينَ، ونهب بعضُ النَّاسِ بَعضًا، ومنهم من ألقى نفسَه في النَّهرِ، وإنما كانت هذه الطائفة مجتازين ليس لهم قرار، وتقلَّقَ قبجق من البلَدِ ثمَّ إنَّه خرج منها في جماعةٍ مِن رؤسائها وأعيانِها، منهم عز الدين بن القلانسي ليتلَقَّوا الجيش المصري، وذلك أن جيش مصر خرج إلى الشام في تاسع رجب وجاءت البريديَّة بذلك، وبقي البلدُ ليس به أحد، ونادى أرجواش في البلد: احفَظوا الأسوارَ وأخرِجوا ما كان عندكم من الأسلحةِ، ولا تهملوا الأسوارَ والأبواب، ولا يبيتَنَّ أحدٌ إلا على السور، ومن بات في داره شُنِقَ، فاجتمع الناس على الأسوار لحفظ البلاد، وكان الشيخُ تقي الدين ابن تيمية يدورُ كُلَّ ليلة على الأسوارِ يُحَرِّضُ النَّاسَ على الصبر والقتال، ويتلو عليهم آياتِ الجهادِ والرِّباطِ، وفي يوم الجمعة سابع عشر رجب أعيدت الخطبةُ بدمشق لصاحب مِصرَ، ففرح الناسُ بذلك، وكان يُخطَبُ لقازان بدمشق وغيرها من بلاد الشام مائةَ يومٍ سواء، وفي بكرةِ يوم الجمعة المذكور دار الشيخُ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله وأصحابُه على الخَمَّارات والحانات، فكَسَّروا آنيةَ الخُمورِ وشَقَّقوا الظروفَ وأراقوا الخمورَ، وعَزَّروا جماعةً مِن أهل الحانات المتَّخَذة لهذه الفواحِشِ، ففرح الناسُ بذلك، ونودي يوم السبتِ ثامِنَ عشر رجب بأن تُزَيَّن البلد لقدوم العساكِرِ المصرية، وفُتِحَ باب الفرج مضافًا إلى باب النصر يوم الأحد تاسع عشر رجب، ففرح النَّاسُ بذلك وانفرجوا.

العام الهجري : 855 العام الميلادي : 1451
تفاصيل الحدث:

كانَ الطاهريُّون مشايخَ مَحلِّيينَ مِن منطقةِ رَداعَ حيث كانت لهمُ الرياسةُ فيها، وتابِعينَ لِبَني رَسولٍ، وقد توَطَّدتِ العَلاقةُ بينَ بَني طاهرٍ ودولةِ بَني رَسولٍ في أواخِرِ الدولةِ الرَّسوليةِ بمُصاهرةٍ تمت عامَ 836هـ بينَ المَلكِ الظاهرِ الرَّسوليِّ وابنةِ كَبيرِ آلِ طاهرٍ، الشَّيخِ طاهرِ بنِ معوضةَ، ثم صارَ آلُ طاهرٍ وُلاةً لآلِ رَسولٍ في جِهاتِهم، بل وامتَدَّ حُكمُهم إلى عَدَنٍ في فَتراتٍ لاحِقةٍ. وعندَما أيقنَ آلُ طاهرٍ مِن أنَّ أمرَ الرَّسوليِّينَ إلى زَوالٍ لا مَحالةَ، أعَدَّ الشيخُ علِيُّ بنُ طاهِرِ بنِ معوضةَ، الملقَّبُ بالمُجاهدِ مع أخيه المُلقَّبِ بالظافرِ، حَملةً لِحَربِ المَلكِ الرَّسوليِّ المَسعودِ في عَدَنٍ، ولكِنَّه عادَ مِن حَملتِه خائِبًا ولم يَتمَكَّنْ مِنَ القَضاءِ على خَصمِه المَسعودِ، ثم أعَدَّ نَفسَه إعدادًا أفضَلَ، فكَرَّرَ حَملَتَه على عَدَنٍ في عامِ 858هـ وتمكَّنَ هذه المرَّةَ مِن طَردِ المَسعودِ، ثم في شَهرِ رَجَبٍ مِنَ العامِ نَفسِه تمكَّنوا مِن دُخولِ عَدَنٍ وأسْرِ المؤيَّدِ هناك، آخرِ مُلوكِ دولةِ بَني رَسولٍ، وابتدأتِ الدولةُ الطاهريةُ بحُكم الأخوَيْنِ المُجاهدِ والظافرِ مِن آلِ طاهرٍ سنةَ 855هـ يَحكمان معًا، فبَسَطا سيطرتَهما على مناطقِ اليَمنِ، وأصبحا في حالةِ صِراعٍ مع الأئمةِ الزَّيديِّينَ، وفي حَربِ السيطرةِ على صَنعاءَ قُتِلَ المَلكُ الظافرُ، فتراجَعَ أخوه عنِ احتلالِها وترَكَها تحتَ سَيطرةِ الزَّيديِّينَ، بعدَ المَلكِ المُجاهدِ تولَّى ابنُ أخيه عبدُ الوهَّابِ بنُ داودَ الطاهريُّ، ولُقِّب بالمَنصورِ، وفي عهدِه انتقلت عاصمةُ الطاهريِّينَ مِن جُبَنَ إلى عَدَنٍ ثم تَعِزَّ، تولَّى بعدَه ابنُه عامرُ بنُ عبدِ الوهَّابِ، ولُقِّب بالظافرِ، وواجَه تمَرُّداتٍ وأخمَدَها، واستولى على ذِمارَ ثم دَخَل صَنعاءَ، حاول الإمامُ شَرَفُ الدِّينِ مُواجهةَ تَوسُّعِ الطاهريِّينَ، واتَّصلَ بالمماليكِ الشركسيةِ لِيُعينوه، وكانَ القائدُ المملوكيُّ حُسينٌ الكُرديُّ قد طلب مِنَ الطاهريِّينَ أنْ يُمدُّوه بقوةٍ في مُحاربةِ البُرتُغاليِّينَ، ولكنهم رَفضوا، فنزلَ إلى السَّواحلِ اليَمنيةِ وحارَبَهم، وكانت آخِرَ المَعارِكِ بَينَهم قُربَ صَنعاءَ، ولَقيَ المَلكُ الظافرُ عامِرُ بنُ عبدِ الوهَّابِ حَتفَه، وذلك عامَ 923هـ، وانتَهتْ بمَوتِه الدولةُ الطاهريةُ بعدَ 65 عامًا مِن قيامِها، ولم يَبقَ منها إلا جَيبُ عَدَنَ الذي تمكَّنَ الأميرُ عامرُ بنُ داودَ الطاهريُّ مِنَ الاحتِفاظِ به حتى قَضى عليه الأتراكُ.

العام الهجري : 1168 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1754
تفاصيل الحدث:

هو الخليفةُ العثماني محمود الأول ابن السلطان مصطفى الثاني ابن السلطان محمد الرابع بن إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول. وُلِدَ في 4 محرم سنة 1108هـ 3 أغسطس سنة 1696 تولى السلطان محمود السلطنة بعد ثورة على السلطان أحمد الثالث الذي كان يميل إلى مصالحة الدولة الصفوية, فثار عليه الانكشارية في  15 ربيع الأول 1143 فقتلوا الصدرَ الأعظم والمفتي وقبوادان باشا أميرال الأساطيل البحرية؛ بحجة أنَّهم مائلون لمسالمة العجم، ثم أعلنوا عزل السلطان أحمد ونادوا بابن أخيه محمود الأول خليفةً للمسلمين وأميرًا للمؤمنين، فأذعن السلطان أحمد الثالث وتنازل عن الملك بدون معارضة, ولما تولى السلطان محمود لم يكن له إلا الاسم فقط، وكان النفوذ لبطرونا خليل, يولِّي من يشاء ويعزل من يشاء، حتى عِيلَ صَبرُ السلطان محمود من استبداده فتخلص من الانكشارية لتعدِّيهم وتجاوزهم حدودَهم, وفي عهد السلطان محمود استأنفت الدولة الحربَ مع مملكة الفرس، وتغلبت الجيوش العثمانية على جنود الشاه طهماسب في عدة وقائع انتهت بصلح بين الدولتين، الذي عارضه نادر شاه أكبر ولاة الدولة الصفوية، والذي قام بعد ذلك بعزل الشاه طهماسب، ثم أنهى حكم الدولة الصفوية في بلاد فارس، وتولى هو عرش إيران، ودخل في صراع مع الدولة العثمانية. ولحُسن حظِّ الدولة في عهد السلطان محمود أن تقلَّدَ منصب الصدارة رجل محنك اشتهر بحسن السياسة وسمو الإدراك هو الحاج محمد باشا الذي لم يغفل طرفة عين عن جمع الجيوش وتجهيز المعدات، حتى تمكَّن من إيقاف تقدُّم الروس في بلدان الدولة العلية, وانتصرت جيوشُها على النمسا التي طلبت الصلحَ بواسطة سفير فرنسا. توفِّي السلطان محمود الأول يوم الجمعة 27 صفر عن عُمرِ ستين سنة مأسوفًا عليه من جميع العثمانيين؛ لاتصافه بالعدل والحِلمِ ومَيلِه للمساواة بين جميع رعاياه بدون نظرٍ لفئة دون أخرى، وكانت مدة حكمه 25 سنة، وفي أيامه السعيدة اتسع نطاقُ الدولة بآسيا وأوروبا، ثم قام بعده أخوه عثمان الثالث خلفًا له، وبويع في جامعِ أبي أيوب الأنصاري، وهنَّأه سفراء أوروبا.

العام الهجري : 1178 العام الميلادي : 1764
تفاصيل الحدث:

بعد هزيمةِ جيش الدرعية في وقعةِ الحاير أرسل عريعر بن دجين حاكمُ بني خالد في الأحساءِ إلى الحسن هبة الله المكرمي يدعوه إلى البقاءِ في نجد حتى يقدَمَ عليه بجيوشِه ليشتركوا في قتال الدرعية, لكِنَّ المكرمي كان قد كاتب حُكَّام الدرعية بعد واقعة الحاير على تبادُلِ الأسرى، فلما أطلق الأسرى من الجانبين عاد إلى بلادِه، بعد أن مكث في نجد 15 يومًا. خرج عريعر مع بني خالدٍ كافةً وأهل الأحساء، فلم يصل الدهناء حتى بلغه خبر ارتحال رئيس نجران إلى بلادِه، فلما وصل عريعر نجدًا وانضمَّ إليه خصوم الدعوة والدولة، وعلى رأسهم دهام بن دواس الذي نقض عهدَه مع الدرعية، ثم استشار عريعر ذوي المعرفة من أهل نجدٍ في المنزل الذي ينزِلُه من الدرعية مع أعرابِه، بحيث يتسِعُ للحضر والبدو من أهلِ الأحساء ومن انضم إليهم من أهل نجد، فنزلوا بين قرى القصير وقرى عمران، ومعه المدافع والقنابر- قنبلة المدفع- فامتلأت قلوبُ أهل البلاد رعبًا، لكنَّهم عزموا على القتال والتوكُّل على الله, فبدأ عريعر برمي أسوار المدينة وأبراجِها بالمِدفَع، وتتابع الرميُ لكن لم يسقُطْ من السور أيُّ لبنة، واشتدت عزائِمُ أهلِ الدرعية فخرجوا من أسوار المدينة بأمرٍ من الأمير عبد العزيز، ففرح جنود عريعر بخروجِهم فهجموا عليهم، ثم تراجعوا إلى داخل السور واستجروا معهم عددًا من جنود عريعر فنشب بينهم القتالُ حتى تمكنوا من قَهرِهم، وقتلوا منهم رجالًا, أعاد الأمير عبد العزيز ما تهدَّم من السور وأقام عريعر ومن معه على حالهم أيامًا، حتى اشتد عليهم الضيقُ، وخاصة الظمأُ، إلى أن جاء عريعر بعضُ أهل الحريق وحرَّضوه على القتال واتفقوا على أن يبدؤوا الحرب في اليوم التالي، لكنَّ خبَرَهم بلغ الأمير عبد العزيز، فاستعدوا لقتالهم، فلما بدأت المدافع تُصلي الحصنَ والسور بنار عظيمةٍ، وصار المهاشير ومن معهم على الزلال، وبنو خالد وأهل الأحساء على سمحان، وأهل الحريق والوشم وابن دواس وابن فارس قصدوا قصير وأحاطوا بالدرعية كإحاطة السِّوارِ بالمِعصَم، ثم احتدم القتال إلى أن شاء الله أن ينصُرَ أهل الدرعية عليهم، فانهزم التحالف وقُتِل منهم 50 رجلًا، وانهزم رئيس المدفع بعد قطع يمينِه, وكان جملةُ مَن قتل من أهل المدينة ستةَ رجال.

العام الهجري : 1346 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1927
تفاصيل الحدث:

هو سعدُ بنُ إبراهيم زغلول، لُقب بزعيم نهضة مصر السياسية، وكان من أبرز خطبائِها في عصره. ولِدَ في إبيانة من قرى الغربية في يوليو عام 1858م وتوفِّيَ والده وهو في الخامسة، التحق سعد زغلول في السابعة من عمره بكُتَّاب القرية، حيث مكث فيه خمس سنوات، تعلَّم فيه القراءة والكتابة، وحَفِظ القرآن الكريم في سنة 1873م. ثم انتقل سعد زغلول إلى القاهرة للالتحاق بالأزهر، وتتلمذ على يد الشيخ محمد عبده، ولازم جمالَ الدين الأفغاني مدة، واشتغل بالتحرير في جريدة الوقائع المصرية مع الشيخ محمد عبده، واشترك بالثورة العُرابية، وقُبِض عليه سنة 1299هـ بتهمة الاشتراك في جمعية سرية، قيل إنها تسعى لقلب نظام الحكومة، فسُجِن شهورًا، ثم أُفرِجَ عنه، وحصل على إجازة الحقوق، واشتغل بالمحاماةِ حتى اختيرَ قاضيًا ثم مستشارًا، ثم تولى وزارة المعارف، فالعدل، فوكالة رئاسة الجمعية التشريعية، وقاد مصر بعد الحرب العالمية الأولى فتسَلَّم رئاسة الوزراء، ورئاسة مجلس النواب، وقام بالثورات ضِدَّ الإنجليز وظهر في صورة البطل الذي عَمِلَ على استقلال البلاد، مع أنَّ كل ما كان يفعَلُه تحت مرأى ومسمع إنجلترا!! وكان منعه من العمل السياسي واعتقالُه ونفيُه أكثَرَ من مرة قد ساهم في جعله زعيمًا وطنيًّا نافس زعماء وطنيين مصريين، مثل: مصطفى كامل، وخليفته محمد فريد، بل قيل إن بريطانيا هي من كلَّفته بالعمل للسفر إلى باريس لعَرضِ قضية استقلال البلاد، ومع ذلك منعته من السفر، ثم نفته إلى مالطا؛ ليصبح بذلك بطلًا وزعيمًا وطنيًّا يُصَفِّق لكل قراراته الجمهورُ المصري!! وكانت زوجته صفية فهمي التي تُعرَف بصفية زغلول على مبدأ الغربِ، هي من قامت بحرق حجابها بعد أن خلعَتْه هي وهدى شعراوي في ميدان الإسماعيلية في إحدى المظاهرات المنَدِّدة بالاحتلال الإنجليزي لمصر خلال ثورة 1919م!! لَمَّا عاد سعد زغلول من بريطانيا سنة 1920م كبطل وزعيم قومي أُعِدَّ لاستقباله خيمتان كبيرتان: خيمة للرجال، وخيمة للنساء، ولَمَّا نزل من الطائرة بدلًا من أن يتجه إلى خيمة الرجال توجَّه إلى خيمة النساء، وكانت مليئة بالنساء المحجَّبات، فلما وصل الخيمة استقبلته هدى شعراوي أمام الناس جميعًا، وعليها حجابُها، فنزع حجابَها عن وجهها فصَفَّقَت هي وصَفَّق جميعُ النساء الحاضرات ونزَعْن حجابهن!!

العام الهجري : 1425 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 2004
تفاصيل الحدث:

وُلد أحمد ياسين في يونيو/حزيران عام 1936م، في قرية جورة عسقلان - شماليَّ قطاع غزَّةَ - نزحَ مع عائلته إلى قطاع غزَّةَ بعد حرب عام 1948م، أصابه الشللُ في جميع أطرافه أثناءَ ممارسته للرياضة في عامه السادسَ عَشَرَ. استطاع أنْ يُنهيَ دراستَه الثانوية في العام الدراسي 1958م، ثم الحصول على فرصة عمل رغمَ الاعتراض عليه في البداية بسبب حالته الصحية، وحينَ بلوغِه العشرين بدأ أحمد ياسين نشاطَه السياسيَّ بالمشاركة في المظاهرات التي اندلعت في غزَّةَ احتجاجًا على العُدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1956م، رفضَ الشيخ الإشرافَ الدوليَّ على غزَّةَ مؤكِّدًا على ضرورة عودة الإقليم إلى الإدارة المصرية، وفي عام 1987م اتَّفق الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي في قطاع غزَّةَ على تكوينِ تنظيمٍ إسلاميٍّ لمحارَبة الاحتلال الإسرائيلي بهدف تحريرِ فِلَسْطينَ، أطلَقوا عليه اسم "حركة المقاومة الإسلامية" المعروفة اختصارًا باسم "حماس"، بدأ دَورَه في حماس بالانتفاضة الفِلَسْطينية الأُولى التي اندلعت آنذاكَ، والتي اشتهَرَت بانتفاضة المساجدِ، بدأت السُّلْطات الإسرائيلية التفكيرَ في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين، فداهَمَت بيتَه في أغسطس/آب 1988م، وفتشَتْه وهدَّدَتْه بنفيه إلى لُبنانَ، وعند ازدياد العمليات التي استهدفت الجنود الإسرائيليِّين قامت سُلْطات الاحتلال يوم 18 مايو/أيار 1989م باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس، وصدَرَ حُكم يَقْضي بسجنِ الشيخ ياسين مدى الحياة، إضافةً إلى 15 عامًا أخرى عليه في يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 1991م، وذلك بسبب تحريضه على اختطاف، وقتل الجنود الإسرائيليِّين، وتأسيس حركة حماس، ثم تمَّ الإفراجُ عن الشيخ أحمد ياسين مُقايضةً لعملاء الموساد الذين تمَّ القبضُ عليهم بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في عمَّان، وتمَّ اغتيال الشيخ أحمد ياسين من قِبَل جيش الدفاع الإسرائيلي، وهو يبلُغ الخامسةَ والستين من عمرِه، بعد مغادرته مسجدَ المجمَّع الإسلامي الكائن في حي الصبرة في قطاع غزَّةَ، وأدائه صلاة الفَجر في يوم الأول من شهر صفر من عام 1425 هجرية، الموافق 22 مارس من عام 2004م ميلادية، بعملية أشرَفَ عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون.

العام الهجري : 116 العام الميلادي : 734
تفاصيل الحدث:

اسْتَعمَل هِشامُ بن عبدِ الملك مَرْوانَ بن محمَّد بن مَرْوان -وهو ابنُ عَمِّه- على الجَزيرَة الفراتية وأذربيجان وأرمينية، وكان سَبَبُ ذلك أن مَرْوان بن محمَّد قال لهِشام: قد كان مِن دُخولِ الخَزَر إلى بِلادِ الإسلام وقَتْل الجَرَّاح وغَيرِه مِن المسلمين ما دَخَل به الوَهَنُ على المسلمين, أنَّ مَسلمَة بن عبد الملك، ما وَطِئ مِن بِلادِهم إلَّا أَدْناها، وكان قُصاراه السَّلامَة، وقد أَردتُ أن تَأذَن لي في غَزْوَةٍ أُذْهِبُ بها عَنَّا العارَ، وأَنْتَقِمُ مِن العَدُوِّ. فأَذِنَ له واسْتَعمَله على أرمينية, فسار إلى أرمينية والِيًا عليها، وسَيَّرَ هِشامٌ الجُنودَ مِن الشَّامِ والعِراقِ والجَزيرَة، فاجْتَمَع عِندَه مِن الجُنودِ والمُتَطَوِّعَة مائة وعشرون ألفًا، فأَظْهَر أنَّه يُريدُ غَزْوَ اللَّان وقَصَد بِلادَهم، وأَرسَل إلى مَلِك الخَزَر يَطلُب منه المُهادَنَة، فأَجابَه إلى ذلك، وأَرسَل إليه مَن يُقرِّرُ الصُّلْحَ، فأَمسَك الرَّسولَ عنده إلى أن فَرَغ مِن جِهازِه وما يُريدُ، ثمَّ أَغْلَظ لهم القَوْلَ وآذَنَهم بالحَرْبِ، وسَيَّرَ الرَّسولَ إلى صاحِبِه بذلك، فما وَصَل الرَّسولُ إلى صاحِبِه إلَّا ومَرْوان قد وافاهُم، فأَعْلَم صاحِبَه الخَبَرَ، وأَخبَره بما جَمَع له مَرْوان وحَشَد واسْتَعَدَّ. فاسْتَشار مَلِكُ الخَزَر أَصحابَه، فقالوا: إنَّ هذا قد اغْتَرَّكَ ودَخَل بِلادَك، فإن أَقَمْتَ إلى أن تَجْمَع لم يَجْتَمِع عندك إلى مُدَّة فيَبْلُغ مِنك ما يُريد، وإن أنت لَقِيتَه على حالِك هذه هَزَمَك وظَفَر بك، والرَّأيُ أن تَتَأَخَّر إلى أَقْصَى بِلادِك وتَدَعَه وما يُريدُ. فقَبِلَ رَأيَهم وسار حيث أَمَروه. ودَخَل مَرْوان بِلادَهم وأَوْغَل فيها وأَخْرَبَها، وغَنِمَ وسَبَى وانْتَهي إلى آخِرِها وأَقام فيها عِدَّةَ أيَّامٍ حتَّى أَذَلَّهم وانْتَقَم منهم، ودَخَل بِلادَ مَلِك السَّرير فأَوْقَع بِأَهلِه، وفَتَح قِلاعًا، ودان له المَلِكُ، وصالَحه على ألفِ رَأسٍ، وخمسمائة غُلام، وخمسمائة جارِيَة سُود الشُّعور، ومائة ألف مُدْيٍ تُحْمَل إلى البابِ، وصالَح مَرْوان أهلَ تومان على مائة رَأسٍ، وعشرين ألف مُدْيٍ، ثمَّ دَخَل أَرضَ زريكران، فصالَحَه مَلِكُها، ثمَّ أَتَى إلى أَرضِ حمزين، فأبى حمزين أن يُصالِحَه، فحَصَرَهُم فافْتَتَح حِصْنَهم، ثمَّ أَتَى سغدان فافْتَتَحَها صُلْحًا، ووَظَّفَ على طيرشانشاه عشرة آلاف مُدْيٍ كُلَّ سَنة تُحْمَل إلى البابِ، ثمَّ نَزَل على قَلْعَة صاحِب اللكز، وقد امْتَنَع من أَداءِ الوَظيفَة، فخَرَج مَلِكُ اللكز يُريد مَلِكَ الخَزَر، فقَتَله راعٍ بِسَهْمٍ وهو لا يَعرِفُه، فصالَح أَهلُ اللكز مَرْوانَ، واسْتَعْمَل عليهم عامِلًا، وسار إلى قَلعَة شروان، وهي على البَحرِ، فأَذْعَن بالطَّاعَة، وسار إلى الدّوداني فأَقْلَع بهم ثمَّ عاد.

العام الهجري : 187 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 803
تفاصيل الحدث:

كان لآلِ بَرْمَك نفوذٌ كبيرٌ في دولة الرشيد؛ إذ كان يحيى بن خالدٍ مُربِّيًا للرشيدِ، وكان أولادُه جعفر والفضل وموسى ومحمَّد أترابَ الرَّشيد، ثمَّ تغيَّرَت أحوالُ البرامكة وتبدَّلَ لهم الرشيدُ فجأةً، فقتل جعفرَ بنَ يحيى وسجَنَ يحيى وابنَه الفضلَ، وصادرَ أملاكَهم، وقد قيل في سبب ذلك أشياءُ؛ منها: أنهم- يعني البرامِكةَ- زاد نفوذُهم كثيرًا، وزادت مصروفاتُهم كثيرًا، حتى فاقوا الخليفةَ بذلك؛ ممَّا جعل أمرَهم مُريبًا مُخيفًا؛ فقد بنى جعفرٌ بيتًا له كلَّفَه عشرينَ مليونَ درهم، وعندما عاد الفضلُ بن يحيى مِن حَربِه في الديلم أطلق لمادِحيه ثلاثةَ ملايين درهم. وهذا السَّرفُ جعل الرشيدَ يتابِعُهم في الدواوينِ والكتاباتِ، فاكتشفَ وُجودَ خَلَلٍ كبير في مصاريفِ الدولة. وقيل: لتشَيُّعِهم وتعاطُفِهم مع العَلَويِّينَ؛ فقد حمل يحيى بن خالد البرمكي إلى يحيى بن عبد الله الطالبي في أثناء ثورتِه بالديلم مئتي ألفِ دينارٍ، كما أنَّ جعفرًا أطلَقَه بعد سَجنِه مِن دونِ عِلمِ الخليفة. وقد أحضر الخليفةُ جعفرًا وسأله، فأقرَّ بالأمرِ، فأظهرَ الرَّشيدُ أنَّه راضٍ عن عَمَلِه، فلمَّا خرج مِن مجلِسِه قال: "قتلني اللهُ بسَيفِ الهُدى على عمَلِ الضَّلالةِ إنْ لم أقتُلْك", وقد يُعدُّ هذا من أقوى أسبابِ نِقمةِ الرشيدِ عليهم، وقيل: لتعصُّبِهم للفُرسِ ومحاولةِ إقصاءِ العَرَب عن المناصبِ المُهِمَّة؛ فقد أبدَوا كراهيَتَهم لمحمَّد بن الليث لِمَيله عن العجَم، وسَعَوا لدى الرشيدِ للإيقاع بيزيدَ بن مزيد الشيباني، واتَّهَموه بالتراخي في قتالِ الخوارج. وقيل: بل لأنَّ الرشيدَ لَمَّا كان يحِبُّ أن يجتَمِعَ مع جعفر وأختِه العبَّاسة (أخت الرشيد) وهي مُحَرَّمة على يحيى، فزَوَّجَها الرشيدُ مِن جَعفرٍ على ألا يقرَبَها، بل فقط ليجتَمِعوا ويَسمُروا سويًّا، ولكِنَّ جعفرًا أتاها فحَمَلت العبَّاسةُ منه، ولَمَّا ولَدَت وجَّهَته إلى مكَّةَ، ثمَّ عَلِمَ الرشيدُ بذلك من بعضِ حواضِنِ العبَّاسة، فعَدَّ ذلك خيانةً مِن جعفرٍ،  وقد تناقل المؤرِّخونَ قِصَّةَ عبَّاسة وجعفرٍ البرمكيِّ، وكأنَّها أحدَثَت فِعلًا، بينما عليَّةُ بنتُ المهدي تقولُ للرَّشيدِ بعد إيقاعِه بالبرامكة: ما رأيتُ لك يومَ سرورٍ تامًّا منذ قتَلْتَ جعفرًا، فَلأيِّما شيءٍ قَتَلْتَه؟ فقال: لو عَلِمتُ أنَّ قَميصي يعلمُ السَّببَ الذي قتلْتُ به جعفرًا لأحرقتُه. فهل كانت عليَّة بنت المهدي جاهلةً السَّبَبَ لو كان هناك مِثلُ هذه الفضيحة (قِصَّة عبَّاسة وجعفر البرمكيِّ) في قصرِ الخلافة؟!

العام الهجري : 250 العام الميلادي : 864
تفاصيل الحدث:

كان ظهور أبي الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنَّه أصابته فاقةٌ شديدةٌ فدخل سامرَّا فسأل وصيفًا أن يجري عليه رزقًا فأغلظ له القولَ، فرجع إلى أرض الكوفة فاجتمع عليه خلقٌ من الأعراب، وخرج إليه خلقٌ من أهل الكوفة، فنزل على الفلوجة، وقد كثُرَ الجمع معه، فكتب محمد بن عبد الله بن طاهر نائبُ العراق إلى عامِلِه يأمُرُه بقتالِه، وظهر أمرُه بالكوفة واستحكم بها، والتفَّ عليه خلقٌ من الزيدية وغيرِهم، ثم خرج من الكوفة إلى سوادِها ثم كرَّ راجِعًا إليها، فتلقاه عبد الرحمن بن الخطاب الملقَّب وجه الفلس، فقاتله قتالًا شديدًا، فانهزم وجه الفلس، ودخل يحيى بن عمر الكوفةَ ودعا إلى الرضى من آل محمد، وقوي أمرُه جدًّا، وصار إليه جماعةٌ كثيرة من أهل الكوفة، وتولَّاه أهل بغداد من العامَّة وغيرِهم ممَّن يُنسَبُ إلى التشيُّع، وأحبوه أكثَرَ من كل من خرج قبله من أهل البيتِ، وشرع في تحصيلِ السلاحِ وإعداد آلاتِ الحرب وجَمْعِ الرجال، وقد هرب الحسينُ بن إسماعيل نائبُ الكوفة منها إلى ظاهِرِها، واجتمع إليه أمدادٌ كثيرة من جهة الخليفة مع محمد بنِ عبد الله بن طاهر، واستراحوا وجمَعوا خيولَهم، فلما كان اليومُ الثاني عشر من رجب، أشار من أشار على يحيى بن عمر ممَّن لا رأي له، أن يركَبَ ويناجز الحُسين بن إسماعيل ويكبِسَ جيشه، فركب في جيشٍ كثير من خلقٍ من الفرسان والمشاة أيضًا من عامَّة أهل الكوفة بغير أسلحةٍ، فساروا إليهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا في ظلمة آخر الليل، فما طلع الفجرُ إلَّا وقد انكشف أصحابُ يحيى بن عمر، وقد تقنطَرَ به فرسه، ثم طُعِنَ في ظهرِه فخَرَّ، فأخذوه وحزُّوا رأسَه وحملوه إلى الأمير الحسين بن إسماعيل فبعَثَه إلى ابن طاهر، فأرسله إلى الخليفة من الغدِ مع رجل يقال له عمر بن الخطاب، أخي عبد الرحمن بن الخطاب، فنُصِبَ بسامرَّا ساعة من النهار ثم بُعِثَ به إلى بغداد فنُصِبَ عند الجسر، ولم يمكِنْ نصبُه من كثرة العامَّة فجُعِلَ في خزائن السلاح، وكان الخليفة قد وجَّه أميرًا إلى الحسين بن إسماعيل نائب الكوفة، فلما قُتِلَ يحيى بن عمر دخلوا الكوفة فأراد ذلك الأميرُ أن يضع في أهلِها السيفَ، فمنعه الحسين وأمَّنَ الأسودَ والأبيض، وأطفأ اللهُ هذه الفتنة.

العام الهجري : 291 العام الميلادي : 903
تفاصيل الحدث:

أمرَ محمَّدُ بنُ سليمان- الذي ولَّاه المكتفي قتالَ القرامطةِ- بمناهضةِ صاحِبِ الشامة القرمطيِّ الحسين بن زكرويه - المُدَّعي أنَّه أحمد بن عبد الله- فسار إليه في عساكِرِ الخليفة، حتى لَقُوه وأصحابَه بمكان بينهم وبين حماة اثنا عشرَ ميلًا، فقَدَّمَ القرمطيُّ أصحابَه إليهم، وبقِيَ في جماعةٍ مِن أصحابه، معه مالٌ كان جمعه، وسوادُ عَسكرِه، والتحمت الحربُ بين أصحاب الخليفةِ والقرامطة، واشتَدَّت وانهزمت القرامطةُ وقُتِلوا كلَّ قِتلةٍ، وأُسِرَ مِن رجالهم بشَرٌ كثير، وتفَرَّق الباقون في البوادي، وتَبِعَهم أصحابُ الخليفة،فلما رأى صاحِبُ الشامة ما نزل بأصحابِه، حمَّلَ أخًا له يكنَّى أبا الفضلِ مالًا، وأمره أن يلحَقَ بالبوادي إلى أن يظهَرَ بمكانٍ فيسيرَ إليه، ورَكِبَ هو وابنُ عمه المسمى بالمَدَّثر، والمطوق صاحبه، وغلام له رومي، وأخذ دليلًا وسار يريدُ الكوفة عرضًا في البريَّة، فانتهى إلى الداليَّة مِن أعمالِ الفُرات، وقد نفِدَ ما معهم من الزادِ والعَلَف، فوجَّه بعضَ أصحابه إلى الداليَّة المعروفة بدالية ابن طوق ليشتريَ لهم ما يحتاجونَ إليه، فدخلها فأنكروا زيَّه، فسألوه عن حالِه فكتَمَه، فرفعوه إلى متولِّي تلك الناحية الذي يُعرفُ بأبي خبزة خليفةِ أحمد بن محمد بن كشمرد، فسأله عن خبَرِه، فأعلمه أنَّ صاحِبَ الشامة خلْفَ رابيةٍ هناك مع ثلاثةِ نفَرٍ، فمضى إليهم وأخَذَهم، وأحضرهم عند ابنِ كشمرد، فوجَّهَ بهم إلى المكتفي بالرقَّةِ، ورجعت الجيوشُ مِن الطلب، وفي يوم الاثنين لأربعٍ بَقِينَ من المحرم أُدخِلَ صاحِبُ الشامة الرقَّة ظاهرًا على فالجٍ- وهو الجملُ ذو السَّنامينِ- وبين يديه المدَّثِّر والمطوق؛ وسار المكتفي إلى بغدادَ ومعه صاحبُ الشامة وأصحابُه، وخلَّفَ العساكِرَ مع محمد بن سليمان، وأُدخل القرمطيُّ بغدادَ على فيلٍ، وأصحابُه على الجمل، ثم أمرَ المكتفي بحَبسِهم إلى أن يَقدَمَ محمَّد بن سليمان، فقَدِمَ بغداد، وقد استقصى في طلَبِ القرامطة، فظَفِرَ بجماعةٍ من أعيانهم ورؤوسِهم، فأمر المكتفي بقَطعِ أيديهم وأرجُلِهم، وضَرْبِ أعناقهم بعد ذلك، وأُخرِجوا من الحبس، وفُعِلَ بهم ذلك، وضُرِبَ صاحب الشامة مائتي سوطٍ، وقُطِعَت يداه، وكُوِيَ فغُشِيَ عليه، وأخذوا خشبًا وجعلوا فيه نارًا ووضعوه على خواصِرِه، فجعل يفتَحُ عينه ويُغمِضُها، فلما خافوا موتَه ضربوا عنُقَه، ورفعوا رأسَه على خشبة، فكبَّرَ الناس لذلك، ونُصِبَ على الجِسرِ.