الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2316 ). زمن البحث بالثانية ( 0.007 )

العام الهجري : 569 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1174
تفاصيل الحدث:

لما مات نورُ الدين محمود زنكي، صاحِبُ الشام، اجتمعت الفرنجُ وساروا إلى قلعة بانياس من أعمال دمشق فحصروها، فجمع شمسُ الدين محمد بن المقدم الوصيُّ على الملك الصالح بن نور الدين محمود العسكرَ عنده بدمشق، فخرج عنها، فراسَلَهم، ولاطَفَهم، ثم أغلظ لهم بالقول، وقال لهم: إن أنتم صالحتُمونا وعدتُم عن بانياس، فنحن على ما كنَّا عليه، وإلا فنُرسِلُ إلى سيف الدين، صاحِبِ الموصل، ونصالِحُه، ونستنجده، ونرسِلُ إلى صلاح الدين بمصر فنستنجِدُه، ونقصِدُ بلادكم من جهاتها كُلِّها، فعَلِموا صِدقَه، فصالحوه على شيءٍ مِن المال أخذوه وأسرى أُطلِقوا كانوا عند المسلمينَ وتقَرَّرت الهُدنة، فلما سَمِعَ صلاح الدين بذلك أنكره واستعظمه، وكتب إلى الملك الصالح والأمراء الذين معه يُقَبِّحُ لهم ما فعلوه ويبذُلُ مِن نفسه قصْدَ بلاد الفرنج ومقارعتهم وإزعاجُهم عن قصدِ شَيءٍ مِن بلاد الملك الصالح.

العام الهجري : 578 العام الميلادي : 1182
تفاصيل الحدث:

لَمَّا سار صلاح الدين عن الموصل إلى سنجار، سيَّرَ مجاهد الدين قايماز إليها عسكرًا قوةً لها ونجدةً، فسمِعَ بهم صلاح الدين، فمَنَعَهم من الوصول إليها، وأوقع بهم، وأخذ سلاحَهم ودوابَّهم وسار إليها ونازلها، وكان بها شرفُ الدين أمير أميران هندوا أخو عز الدين بن مسعود، صاحِبِ الموصل، في عسكر معه، فحَصَر البلد وضايقه، وألحَّ في قتاله، فكاتبه أحدُ أمراء الأكراد الذين به من الزرزارية، وخامر معه، وأشار بقَصدِه من الناحية التي هو بها لِيُسَلِّمَ إليه البلد، فطرقه صلاحُ الدين ليلًا، فسَلَّمَ إليه ناحيتَه، فلما سمع شرف الدين بن مسعود الخبَرَ استكان وخضع، وطلب الأمان، فأُمِّن، ومَلَك صلاحُ الدين البلد، وسار شرفُ الدين ومن معه إلى الموصل، واستقَرَّ جميع ما ملكه صلاح الدين بمِلكِ سنجار، فلما مَلَك سنجارَ صارت على الجميعِ كالسور، واستناب بها سعدَ الدين بن معين الدين أنر.

العام الهجري : 1438 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 2017
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ الإمامُ المحقِّقُ محمد يونس بنُ شَبير أحمد بن شير علي الجونفوري السَّهارنفوريُّ، شيخُ الحديثِ، وُلد في قريةِ كُورَيْني قُربَ جونفور بالهندِ، 15 رجب سنةَ 1355، وتوفِّيت أمُّه وهو ابنُ خَمْسٍ، فربَّتْه جَدَّتُه لأمِّه، وكانت من الصالحاتِ، فتربَّى في بيئةٍ مُتديِّنةٍ، ثم التحَقَ بالكتاتيبِ وأخَذَ فيها القراءةَ والكتابةَ والمبادئَ، وبعدها انتقَلَ إلى مدرسةِ ضياءِ العلومِ بماني كلان قُربَ قريتِه، واستزادَ من العلومِ فيها، وأكثَر استفادتَه فيها من الشيخَينِ: ضياءِ الحقِّ الفيض آبادي، وعبدِ الحليمِ الجونفوري، ثم التحق بجامعةِ مظاهرِ العلومِ في سَهارَنْفورَ في شوالٍ سنةَ 1373، وتخرَّجَ فيها بعد ثلاثِ سِنينَ، وتضلَّعَ من العلمِ، خاصةً من الحديثِ الشريفِ. ولازمَ عددًا من الأكابرِ، منهم شيخُ الحديثِ محمد زكريا الكانْدَهْلويّ، أخذَ عنه قراءةً وسَماعًا جميعَ البخاريِّ، وبعضَ مقدِّمةِ مُسلِمٍ، ونِصفَ سُنَنِ أبي داودَ. ومنهم الشيخُ محمد أسعد الله الرامْفوري، والشيخُ منظور أحمد السهارنفوري، والشيخُ أمير أحمد بن عبد الغني الكاندهلوي، والشيخُ فخرُ الدينِ أحمد المراد أبادي، وسمِعَ أوائلَ السِّتَّةِ على العلَّامةِ محمد حسن بن حامد الكنكوهي، واستجازَ في الكِبَرِ من المشايخِ عبدِ الفتاحِ أبي غُدَّةَ، وعبدِ اللهِ الناخبي، وأحمد علي السورتي، وعبدِ الرحمنِ الكتانيِّ، وغيرِهم. ظهَرَ نُبوغُ الشيخِ وتَميُّزُه مُبكِّرًا، ولا سِيَّما في الحديثِ وتَحقيقِ مَسائلِه، وكان بعضُ كبارِ شُيوخِه يَرجِعُ إليه ويَسألُه ويَعتمِدُ عليه، ومنهم شيخُه محمد زكريا. عُيِّنَ مُدرسًا في جامعةِ مظاهرِ العلومِ بسهارنفور في شهرِ شوَّالٍ سنةَ 1381هـ، لِيُدرِّسَ صحيحَ مُسلمٍ، وسُنَنَ أبي داودَ، والنَّسائيِّ، وابنِ ماجَهْ، والموطَّأَ بروايتَيهِ، وعددًا من كُتُبِ الفقهِ وأُصولِه. وفي شوَّالٍ سنةَ 1388هـ استخلفه شيخُه مُحمَّد زكريَّا الكاندهلوي في مَنصِبِه، فأصبحَ شيخَ الحديثِ في جامعةِ مَظاهرِ العلومِ، واستمرَّ بِمَنصِبِه هذا حوالَي 48 سنةً. عانى الشيخُ من الأمراضِ غالِبَ عُمرِه، واشتدَّ به الأمرُ أواخِرَ حياتِه، إلى أنِ انتقَلَ إلى رحمةِ اللهِ عن عمرٍ يناهزُ 83 عامًا، قضى أكثرَ من نِصفِه في تدريسِ كُتُبِ الحديثِ والسنةِ النبويةِ، وصُلِّي عليه عصرًا في سهارنفور، وشهِدَ جَنازتَه خلقٌ غفيرٌ من مناطقِ الهندِ.

العام الهجري : 297 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 910
تفاصيل الحدث:

لَمَّا ظهر المهدِيُّ مِن سِجنِه أقام بسِجِلماسة أربعين يومًا، ثم سار إلى أفريقيَّة، وأحضر الأموالَ من إنكجان، فجعَلَها أحمالًا وأخذها معه، وقد عمِلَ أبو عبدالله الشيعي على زوالِ مُلك بني الأغلب، ومُلك بني مدرار الذين منهم اليسَع، وكان لهم ثلاثون ومائة سنةً منفردين بسجلماسة، وزوالِ مُلكِ بني رستم من تاهرَت، ولهم ستون ومائة سنةٍ تفرَّدوا بتاهَرت، ومَلَك المهديُّ جميع ذلك، فلمَّا قَرُب من رقادة تلقَّاه أهلها، وأهلُ القَيروان، وأبو عبدالله، ورؤساءُ كُتامة مشاةً بين يديه، وولَدُه خَلْفَه، فسلَّموا عليه، فردَّ جميلًا، وأمَرَهم بالانصراف، ونزل بقصرٍ من قصور رقادة، وأمر يومَ الجُمُعة بذِكرِ اسمِه في الخطبة في البلاد، وتلقَّب بالمهديِّ أميرِ المؤمنين، وجلس بعد الجمعةِ رجلٌ يُعرَف بالشَّريف، ومعه الدُّعاةُ، وأحضروا النَّاسَ بالعنف والشدّة، ودَعَوهم إلى مذهبِهم، فمن أجاب أُحسِنَ إليه، ومَن أبى حُبِسَ، فلم يدخُلْ في مذهبِهم إلَّا بعضُ الناس، وهم قليلٌ، وقُتِلَ كثيرٌ ممَّن لم يوافِقْهم على قولهم، فكان أوَّل من حَكَم هو هذا الملَقَّب بالمهدي واسمُه عبيدالله بن عبدالله بن ميمون، وقد اختُلِفَ كثيرًا في نَسَبِه وصِحَّتِه، فمنهم من يقولُ: نسبُه صحيحٌ إلى علي بن أبي طالب، ومنهم من يقولُ: بل هو راجِعٌ إلى ميمون القدَّاح، ومنهم من يقولُ: بل أصلُه يهودي ربيبُ الحسين بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، بل قيل: إنَّ اليسَع قد قَتَل عُبيدَ الله، وجعل مكانه رجلًا يهوديًّا في السجن، وهو الذي أخرجه أبو عبدالله الشيعي، عِلمًا أنَّ أبا عبدالله الشيعي لم يَسبِقْ له أن رأى المهديَّ أصلًا؛ ولذلك حصل الشِّقاقُ بينهم فيما بعدُ, وعلى أيِّ حالٍ كان ومِن أيِّ نسَبٍ كان، فإنَّ دولَتَهم وما كانوا يَدْعونَ إليه كفيلةٌ ببيان ما كانوا عليه من الكُفرِ والنِّفاقِ والشِّقاقِ لأهلِ الحقِّ والإسلامِ.

العام الهجري : 530 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1136
تفاصيل الحدث:

لَمَّا قُطِعَت خُطبةُ الراشِدِ بالله وخُلِعَ، استشار السُّلطانُ جَماعةً مِن أعيان بغدادَ، منهم الوزيرُ علي بن طراد، وصاحِبُ المخزن، وغيرهما، فيمن يَصلُحُ أن يليَ الخلافة. فقال الوزير: أحدُ عُمومةِ الراشِدِ، وهو رجلٌ صالحٌ. قال: من هو؟ قال: لا أقدِرُ أن أُفصِحَ باسمِه لِئَلَّا يُقتَلَ، فتقَدَّم إليهم بعَمَلِ مَحضَرٍ في خَلعِ الرَّاشِدِ، فعَمِلوا محضرًا ذَكَروا فيه ما ارتكَبَه من أخذِ الأموالِ وأشياءَ تَقدَحُ في الإمامةِ، ثمَّ كَتَبوا فتوى: ما يقولُ العُلَماءُ فيمن هذه صِفَتُه، هل يَصلُحُ للإمامةِ أم لا؟ فأفتَوا أنَّ مَن هذه صِفَتُه لا يصلُحُ أن يكون إمامًا، فلمَّا فرغوا من ذلك أحضروا القاضيَ أبا طاهر بن الكرخي، فشَهِدوا عنده بذلك، فحَكَم بفِسقِه وخَلْعِه، وحَكمَ بعدَه غَيره، ولم يكن قاضي القضاة حاضِرًا ليَحكُمَ؛ فإنَّه كان عند عماد الدين زنكي بالمَوصِل، ثمَّ إنَّ شَرَفَ الدين الوزير ذكَرَ للسُّلطانِ أبا عبدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ المُستظهِر بالله، ودِينَه، وعَقْلَه، وعِفَّتَه، ولِينَ جانِبِه، فحضر السُّلطانُ دارَ الخلافة ومعه الوزيرُ شرف الدين الزينبي، وصاحبُ المخزن ابن البقشلاني وغيرهما، وأمر بإحضارِ الأميرِ أبي عبد الله محمد بن المستظهر مِنَ المكان الذي يَسكُنُ فيه، فأُحضِرَ وأُجلِسَ في المثمنة، ودخل السُّلطانُ إليه والوزيرُ شَرَف الدين وتحالفا، وقرَّرَ الوزيرُ القواعِدَ بينهما، وخرج السُّلطانُ مِن عنده وحضر الأمراءُ وأربابُ المناصِبِ والقُضاةُ والفُقَهاءُ وبايعوا ثامِنَ عَشَرَ ذي الحجة ولُقِّبَ المقتفيَ لأمر الله، ولَمَّا استُخلِفَ سُيِّرَت الكُتُب الحَكيمةُ بخِلافتِه إلى سائِرِ الأمصار، ثمَّ تتَبَّعَ المقتفي القَومَ الذين أفتَوا بفِسقِ الرَّاشِدِ وكَتَبوا المحضر، وعاقَب مَن استحَقَّ العقوبةَ، وعَزَل من يستحِقُّ العَزْلَ، ونكب الوزيرُ شرف الدين علي بن طراد. وقال المقتفي: إذا فعلوا هذا مع غيري فهم يفعلونَه معي، واستصفى أموالَ الزينبي، واستوزر عِوَضَه سديدَ الدَّولةِ بنَ الأنباري.

العام الهجري : 532 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1137
تفاصيل الحدث:

فارق الرَّاشِدُ باللهِ الخليفةَ المخلوعَ أتابك زنكي من الموصِل وسارَ نحو أذربيجان، فوصَلَ مراغةَ، وكان الأميرُ منكبرس صاحِبُ فارس، ونائبُه بخوزستان الأميرُ بوزابة، والأميرُ عبدُ الرَّحمنِ طغايرك صاحِبُ خلخال، والمَلِكُ داود بن السُّلطان محمود؛ مُستشعرينَ مِن السُّلطانِ مَسعود، خائفينَ منه، فتجَمَّعوا ووافَقوا الرَّاشِدَ على الاجتِماعِ معهم؛ لتَكونَ أيديهم واحدةً، ويَرُدُّوه إلى الخِلافةِ، فأجابهم إلى ذلك إلَّا أنَّه لم يجتَمِعْ معهم، ووصل الخبَرُ إلى السُّلطانِ مَسعود وهو ببغدادَ باجتماعِهم، فسار عنها في شعبانَ نَحوَهم، فالتَقَوا ببنجن كشت، فاقتتلوا، فهزمهم السُّلطانُ مسعود، وأخذ الأميرَ منكبرس أسيرًا فقُتِلَ بين يديه صَبرًا، وتفَرَّقَ عَسكَرُ مسعود في النَّهبِ واتِّباع المنهزمين، وكان بوزابة وعبدُ الرحمن طغايرك على أرضٍ مُرتفعةٍ فرأيا السُّلطانَ مسعودًا وقد تفَرَّقَ عَسكَرُه عنه، فحَمَلا عليه وهو في قِلَّةٍ فلم يَثبُت لهما وانهزَم، وقَبَض بوزابة على جماعةٍ مِن الأمراء: منهم صَدَقةُ بنُ دبيس صاحِبُ الحلة، ومنهم ولد أتابك قراسنقر صاحِبُ أذربيجان، وعنتر بن أبي العَسكَر وغيرُهم، وتَرَكَهم عنده. فلما بلغه قتلُ صاحبه منكبرس قتلهم جميعًا وصار العَسكران مهزومَينِ، وقصد السُّلطانُ مسعود أذربيجان، وقصد المَلِكُ داود همذان، ووصل إليها الرَّاشِدُ بعد الوقعةِ، فاختَلَفت آراءُ الجماعة، فبَعضُهم أشار بقَصدِ العِراقِ والتغَلُّب عليه، وبعضُهم أشار باتِّباعِ السُّلطانِ مَسعود للفراغِ منه؛ فإنَّ ما بعده يَهونُ عليهم. وكان بوزابة أكبَرَ الجماعةِ فلم يَرَ ذلك، وكان غرَضُه المسيرَ إلى بلادِ فارِسَ وأخْذِها بعد قَتلِ صاحِبِها منكبرس قبل أن يمَتِنَع مَن بها عليه، وسار بوزابة إليها فمَلَكها، وصارت له مع خوزستان، وسار سلجوق شاه بن السُّلطانِ محمَّد إلى بغداد ليملِكَها، فخرج إليه البقش الشحنة بها: ونظر الخادم أمير الحاجِّ وقاتلوه ومَنَعوه، وكان عاجزًا مُستضعَفًا، ولَمَّا قُتِلَ صَدَقة بن دبيس أقَرَّ السُّلطان مسعود الحلةَ على أخيه محمَّد بن دبيس وجعَلَ معه مهلهل بن أبي العسكر أخا عنتر المقتول يدَبِّرُ أمرَه.

العام الهجري : 695 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1296
تفاصيل الحدث:

قدم البريدُ بوصول طائفةِ الأويراتية من التتار ومُقَدَّمُهم طرغاي زوجُ بنت هولاكو، وإنَّهم نحو الثمانية عشر ألف بيت، وقد فَرُّوا من غازان ملك التتار وعبَروا الفراتَ يريدون الشام، فكتب إلى نائب الشام أن يبعَثَ إليهم الأمير علم الدين سنجر الدواداري إلى الرَّحبةِ لِيلقاهم، فخرجَ من دمشق، ثم توجَّه بعده الأميرُ سنقر الأعسر شاد الدواوين بدمشق، ووصلت أعيانُ الأويراتيَّة صُحبة سنقر الأعسر في الثالث عشر من صفر، وكانت عِدَّتُهم مائة وثلاثة عشَرَ رجُلًا، ومقَدَّمُهم طرغاي، ومن أكابِرِهم الوص وككباي، فتلقاهم النائبُ والأمراء واحتفل لقدومِهم احتفالًا زائدًا، ثم سار بهم الأميرُ قراسنقر إلى القاهرةِ يوم الاثنين سابعَ ربيع الآخر، فلما وصلوا بالغَ السلطان في إكرامِهم والإحسانِ إليهم، وأمر عدَّةً منهم، وبقُوا على كفرهم، ودخل شهرُ رمضان فلم يَصُمْ منهم أحد، وصاروا يأكلونَ الخيلَ مِن غيرِ ذَبحِها، بل يربط الفَرَسُ ويُضرَبُ على وجهِه حتى يموتَ فيُؤكَلَ، فأنِفَ الأمراء من جلوسِهم معهم بباب القلَّة في الخدمة، وعَظُم على الناس إكرامُهم، وتزايد بعضُهم في السلطان، وانطلقت الألسنةُ بذَمِّه حتى أوجب ذلك خلعَ السلطان العادل كتبغا فيما بعدُ، وأما بقيَّةُ الأويراتية فإنه كتب إلى سنجر الدواداري أن ينزِلَهم ببلاد الساحل، فمَرَّ بهم على مرج دمشق، وأخرجت الأسواقُ إليهم فنُصِبَت بالمرج وبمنزلة الصنمين وفي الكسوة، ولم يمكِنْ أحدًا من الأويرايتة أن يدخُلَ مدينة دمشق، وأُنزلوا من أراضي عثليث ممتَدِّين في بلاد الساحل، وأقام الأميرُ سنجر عندهم إلى أن حضر السلطانُ كتبغا إلى الشام، وقد هلك منهم عالم كبير، وأخذ الأمراء أولادهم الشباب للخدمة، وكثرت الرغبةُ فيهم لجمالِهم، وتزوَّج الناسُ ببناتهم، وتنافسَ الأمراءُ والأجناد وغيرهم في صبيانِهم وبناتهم، ثم انغمس من بَقِيَ منهم في العساكِرِ، فتفَرَّقوا في الممالك، ودخلوا في الإسلامِ واختلطوا بأهل البلاد، ويُذكَرُ أن أصل السلطان كتبغا هو من التتار كان مملوكًا مغوليًّا ثم علا شأنُه حتى تمَلَّك مِصرَ؛ فلذلك قَدِمَت الأسَرُ المغوليَّةُ إليه.

العام الهجري : 1243 العام الميلادي : 1827
تفاصيل الحدث:

طلبت إنكلترا من الدولة العثمانية في الثامن من رجب عام 1242هـ أن تتوسَّطَ الدول الأوربية النصرانية بين الدولةِ العثمانية وبين ما يتبَعُها، فرفضت الدولةُ العثمانية ذلك؛ لأنَّ هذا تدخلٌ صريح في شؤونها الداخلية، فكان هذا الرَّفضُ حُجَّةً تذرعت به لإعلان الحربِ مَرَّةً أخرى بعد أن ضَعُفت الدولة سياسيًّا، فاتفقت روسيا وفرنسا وإنكلترا في الحادي عشر من ذي الحجة على إجبارِ الدولة العثمانية لإعطاء اليونان استقلالَها على أن تدفَعَ جِزيةً سنوية يتَّفِق عليها الطرفان، وأعطِيَ الخليفة شهرًا لإيقاف الأعمالِ ضِدَّ اليونان، وإذا عجز عن ذلك أو رفَضَ فإنَّ الدُّولَ النصرانيَّةَ تتَّخِذُ ما تراه مناسبًا، ولم يعمَلِ الخليفة أيَّ عمَلٍ، وبعد شهر أمرت الدولُ الثلاث روسيا وفرنسا وإنكلترا أساطيلَها بالتوجه إلى سواحل اليونان وطلَبَت من إبراهيم باشا التوقُّفَ عن القتال، فكان جوابه أنه يتلقَّى أوامِرَه من الخليفة أو من أبيه، ومع ذلك توقف عشرين يومًا عن القتال ريثما تَصِلُ إليه التعليمات، واجتمعت أساطيلُ الدول الأوربية في ميناءِ نافارين (خليج نافارين فيلوس شرقي بيلوبونز جنوب اليونان الحالية) ودمَّرَت الأسطولَ العثماني وأكثَرَ الأسطول المصري، وقُتِلَ ما يزيد على ثلاثين ألف جنديٍّ مصري، واحتج الخليفة فلم ينفَعْه احتجاجُه، فأعلن أن َّالقتالَ دينيٌّ لا سياسي في منشورٍ أصدره للمواطنين، ودعاهم فيه للدفاع عن عقيدتِهم، وخَصَّ بذلك روسيا التي تأثَّرَت من ذلك، وأعلنت الحربَ على الدولة العثمانية في شوال من هذا العامِ، وأمر محمد علي ابنَه بالانسحابِ، وكانت القوات الفرنسية تحلُّ محَلَّ المنسحبين، ثمَّ عَقَدت الدول الثلاث مؤتمرًا في لندن ودُعِيَت إليه الدولة العثمانية فرفضت الحضورَ، فقَرَّر المؤتمر إعلانَ استقلال اليونان وحُكْمها من قِبَلِ حاكم نصراني تنتخِبُه هذه الدول ويكون تحت حمايتها وتدفَعُ جِزيةً سنوية للدولة العثمانية مقدارها خمسمائة ألف قرش، ولكِنَّ الدولة العثمانية رفضت هذه القرارات التي تتعلَّقُ بالدولة ورعاياها، ولا يحِقُّ لأحدٍ التدخُّلُ وإصدار القرارات بشأنها، وانصرفت إلى قتال الروس الذين أعلنوا الحَربَ.

العام الهجري : 9 العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:

كان مِن أَبرَزِ نَتائجِ فَتحِ مكَّةَ أن أَخذتْ قَبائلُ العربِ وأَفرادُها يُبادِرون بإسلامِهم؛ لأنَّهم كانوا يَنتظِرون نَتيجةَ الصِّراعِ بين المسلمين وقُريشٍ، فعن عَمرِو بنِ سَلمةَ قال: كُنَّا بماءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وكان يَمُرُّ بِنا الرُّكبانُ فنسألُهم: ما للنَّاسِ، ما للنَّاسِ؟ ما هذا الرَّجلُ؟ فيقولون: يَزعُم أنَّ الله أَرسلَهُ، أَوْحى إليه -أو: أَوْحى الله بكذا- فكنتُ أَحفظُ ذلك الكلامَ، وكأنَّما يُقَرُّ في صدري، وكانتِ العربُ تَلَوَّمُ بإسلامِهم الفَتحَ، فيَقولون: اتْرُكوهُ وقَومَهُ، فإنَّه إن ظهَر عليهم فهو نَبِيٌّ صادِقٌ. فلمَّا كانت وَقعةُ أهلِ الفَتحِ بادَر كُلُّ قومٍ بإسلامِهم، وبَدَرَ أبي قومي بإسلامِهم.

العام الهجري : 237 العام الميلادي : 851
تفاصيل الحدث:

قام رجلٌ من المعلِّمينَ بشَرقِ الأندلس، فادَّعى النبوءةَ، وتأوَّلَ القرآن على غيرِ تأويلِه، فاتَّبَعه جماعةٌ مِن الغوغاء، وقام معه خَلقٌ كثيرٌ، وكان من بعض شرائِعِه النهيُ عن قَصِّ الشعرِ وتقليم الأظفار، ويقول: [لا تغييرَ لخلق الله] فبعث إليه يحيى بنُ خالد، فأتى به. فلما دخل عليه كان أوَّل ما خاطبه به أنْ دعاه إلى اتِّباعِه والأخذِ بما شرَع، فشاور فيه أهلَ العِلمِ، فأشاروا بأن يُستَتابَ، فإن تاب وإلَّا قُتِلَ. فقال: كيف أتوبُ مِن الحقِّ الصَّحيحِ؟! فأمَرَ بصَلبِه. فلمَّا رُفِعَ في الخشبة، قال: أتقتلونَ رجلًا أن يقول: ربِّي الله! فصَلَبَه، وكتَبَ إلى الأميرِ يُخبِرُه.

العام الهجري : 474 العام الميلادي : 1081
تفاصيل الحدث:

بعدَ أن أَصبحَ أحمدُ بن سُليمانَ بن هود أَميرًا لسرقسطة بعَهدِ أَبيهِ تُوفِّي في هذا العامِ وكان يُلقَّب بالمُقتَدِر باللهِ، وكان قبلَ وَفاتِه قد قَسَّمَ مَملكَتَه بين وَلدَيهِ فأَعطَى المُؤتَمن سرقسطة وأَعمالَها، وأَعطَى المُنذِرَ بلادَ الثَّغرِ الأعلى دانية ولاردة، ولكنَّ المُؤتَمن أَعلَن الحَربَ على أَخيهِ للاستِيلاءِ على حِصَّتِه مُستعينًا بكمبيادرو النَّصرانيِّ حَليفَ أَبيهِ فقامَ المُنذِرُ بالاستِنصارِ بسانشو مَلِكِ أراجون لكنَّه انهَزمَ أَمامَ أَخيهِ، أما طليطلة فإنَّ أَهلَها ثاروا على أَميرِها القادرِ ذي النونِ فهَربَ من المدينةِ ولَجأَ إلى قونكة، وكَتبَ إلى ألفونسو مَلِكِ قشتالة وطَلبَ المَعونةَ منه فاستَجابَ له وأَعادَهُ إلى طليطلة.

العام الهجري : 561 العام الميلادي : 1165
تفاصيل الحدث:

فتَحَ نورُ الدين محمود بن زنكي حِصنَ المنيطرة من الشام، وكان بيد الفرنج، ولم يحشِدْ له، ولا جمَعَ عساكِرَه، وإنما سار إليه جريدة- الجريدة خَيْلٌ لا رَجَّالة فيها- على غِرَّة منهم، وعَلِمَ أنه إن جمع العساكِرَ حَذِروا وجمعوا، وانتهز الفرصةَ وسار إلى المنيطرة وحصره، وجَدَّ في قتاله، فأخذه عَنوةً وقهرًا، وقتل من بها وسبى، وغَنِمَ غنيمة كثيرة، فإنَّ الذين به كانوا آمنين، فأخذتهم خيل الله بغتةً وهم لا يشعرون، ولم يجتمع الفرنج لدفعِه إلَّا وقد ملكه، ولو علموا أنه جريدة في قِلَّةٍ مِن العساكر لأسرعوا إليه، وإنما ظنُّوه أنه في جمع كثير، فلما ملكه تفَرَّقوا وأيِسُوا من رَدِّه.

العام الهجري : 587 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1192
تفاصيل الحدث:

في العشرين من ذي الحجة عاد الفرنج إلى الرملة، وكان سبَبُ عودهم أنَّهم كانوا ينقلون ما يريدونَه مِن الساحل، فلما أبعدوا عنه كان المسلمون يخرجونَ على مَن يجلِبُ لهم الميرةَ فيَقطَعونَ الطريق ويَغنَمونَ ما معهم، ثم إنَّ ملك الإنكليز  قال لمن معه من الفرنج الشاميين: صَوِّروا لي مدينةَ القدس؛ فإني ما رأيتُها، فصوروها له، فرأى الواديَ يُحيطُ بها ما عدا موضِعًا يسيرًا من جهة الشمال، فسأل عن الوادي وعن عُمقِه، فأُخبِرَ أنه عميق، وَعرَ المسلك، فقال: هذه مدينةٌ لا يُمكِنُ حَصرُها ما دام صلاح الدين حيًّا وكَلِمةُ المسلمين مجتمعةً، فأشاروا عليه بالعَودِ إلى الرملة، فعادوا خائبينَ خاسرين.

العام الهجري : 822 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1419
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ الخبر برحيل ابن السلطان المؤيد شيخ من حلب، ودخل إلى مدينة قيسارية الروم في يوم الخميس تاسعه، فحضر إليه أكابرها من القضاة والمشايخ والصوفية، وتلقوه، فألبسهم الخِلَع، وطلع قلعتها في يوم الجمعة، وخُطِبَ في جوامعها للسلطان، وضُرِبت السكة باسمه، وأن شيخ جلبي نائب قيسارية انسحب قبل وصوله إليها، وأنه خلع على الأمير محمد بك قرمان، وأقره في نيابة السلطنة بقيسارية الروم، فدُقَّت البشائر بقلعة الجبل، وفرح السلطانُ بأخذ قيسارية، فإنَّ هذا شيء لم يتَّفِق لملك من ملوك الترك بمصر، سوى للظاهر بيبرس، ثم انتقض الصلح بينه وبين أهلها.

العام الهجري : 625 العام الميلادي : 1227
تفاصيل الحدث:

هو جنكيزخان السلطان الأعظم عند التتار والدُ ملوكهم، واسمه تموجين وقيل (تمرجين أو تمرجي) ولد في غرة محرم سنة 550 في منغوليا على الضفة اليمنى لنهر الأونون في مقاطعة دولون بولداق وهذه المقاطعة توجد اليوم في الأراضي الروسية. وكان أبوه بسوكاي رئيسًا لقبيلة قيات المغولية فسمَّاه باسم قائد صرعه؛ لأنَّه كان معجبًا به لفرط شجاعته, وقيل: "إنَّ أمَّه كانت تزعمُ أنها حملته من شعاع الشمس؛ فلهذا لا يُعرَفُ له أب، ولهذا قد يكون مجهولَ النسب". لما مات بسوكاي سنة 563 حل محلَّه تمرجين وكان عمره ثلاثة عشر عامًا إلَّا أن رجال قبيلته استصغروا سنَّه ورفضوا طاعته, حينما بلغ السابعةَ عشرة من عمره استطاع بقوَّة شخصيته وحِدَّة ذكائه أن يعيدَ رجال قبيلته إلى طاعته وأن يُخضِعَ المناوئين له حتى تمَّت له السيطرة, وأصبح تمرجين بعد انتصاره أقوى شخصية مغولية، فنودي به خاقانًا، وعُرف باسم "جنكيز خان" أي: إمبراطور العالم. وهو صاحب "التورا" و"اليسق أو الياسق"، وضعه ليتحاكم إليه التتار ومن معهم من أمراء الترك, والتورا باللغة التركية هو المذهب، واليسق هو الترتيب، وأصل كلمة اليسق: سي يسا، وهو لفظ مركب من أعجمي وتركي، ومعناه: التراتيب الثلاث؛ لأن " سي " بالعجمي في العدد ثلاثة، و" يسا " بالتركي: الترتيب؛ وعلى هذا مشت التتار منذ أن وضعه لهم جنكيز خان، وانتشر الياسق في سائر الممالك حتى ممالك مصر والشام، وصاروا يقولون: " سي يسا " فثقلت عليهم فقالوا: " سياسة " على تحاريف العرب في اللغات الأعجمية لهم السياسا التي يتحاكمون إليها، ويحكمون بها، وأكثرها مخالف لشرائع الله تعالى وكتبه، وهو شيء اقترحه من عند نفسه، وتَبِعوه في ذلك, وقد عظُمَ أمر جنكيزخان وبعُدَ صِيتُه وخضعت له قبائلُ الترك ببلاد طمغاج كلها، حتى صار يركَبُ في نحو ثمانمائة ألف مقاتل، وأكثَرُ القبائل قبيلته التي هو منها يقال لهم قيان، ثم أقرب القبائلِ إليه بعدهم قبيلتان كبيرتا العدد، وهما أزان وقنقوران، وكان يصطاد من السنة ثلاثة أشهر، والباقي للحرب والحكم، فلما هلك جعلوه في تابوت من حديد وربطوه بسلاسل وعلقوه بين جبلين, وأما كتابُه الياسا فإنه يكتب في مجلدين بخط غليظ، ويُحمَل على بعير عندهم، وقد ذكَرَ بعضُهم أنه كان يصعد جبلًا ثم ينزل. ثم يصعدُ ثم ينزل مرارًا حتى يعيى ويقع مغشيًّا عليه، ويأمر من عنده أن يكتبَ ما يلقى على لسانه حينئذٍ، فإن كان هذا هكذا فالظاهر أن الشيطانَ كان ينطق على لسانِه بما فيها، واستمر أولاد جنكيزخان في ممالكه التي قسمها عليهم في حياته، ولم يختلف منهم واحد على واحد، ومشوا على ما أوصاهم به، وعلى طريقته " التورا " و" اليسق " ولما احتُضر أوصى أولاده بالاتفاق وعدم الافتراق، وضرب لهم في ذلك الأمثال، وأحضر بين يديه نشابًا وأخذ سهمًا أعطاه لواحد منهم فكسره، ثم أحضر حزمة ودفعها إليهم مجموعة فلم يطيقوا كسرَها، فقال: هذا مثَلُكم إذا اجتمعتم واتَّفقتم، وذلك مثلُكم إذا انفردتُم واختلفتُم، قال: وكان له عِدَّةُ أولاد ذكور وإناث، منهم أربعة هم عظماء أولاده، أكبرهم يوسي وهريول وباتو وبركة وتركجار، وكان كل منهم له وظيفة عنده. قال ابن كثير: " وقد رأيت مجلدًا ببغداد جمعه الوزير علاء الدين الجويني في ترجمة جنكيز خان، ذكر فيه سيرته، وما كان يشتَمِلُ عليه من العقل السياسي والكرم والشجاعة والتدبير الجيد للملك والرعايا، والحروب, وذكر فيه نتفًا من الياسا من ذلك: أنه من زنا قتل، محصنًا كان أو غير محصن، وكذلك من لاط قُتل، ومن تعمد الكذب قُتل، ومَن سحر قُتل، ومن تجسَّس قُتل، ومن دخل بين اثنين يختصمان فأعان أحدَهما قُتل، ومن بال في الماء الواقف قُتل، ومن انغمس فيه قُتل، ومن أطعم أسيرًا أو سقاه أو كساه بغير إذن أهلِه قُتل.... "