الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1276 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 431 العام الميلادي : 1039
تفاصيل الحدث:

هو الفيلسوفُ أبو عليٍّ محمَّدُ بنُ الحَسَن بن الهيثم البصري أصلُه بصري، سكن الديارَ المصريَّةَ إلى أن مات. كان من أذكياءِ بني آدم، عديمَ النظيرِ في عَصرِه في العلمِ الرياضي. وكان متزهِّدًا زُهدَ الفلاسفة. لخَّص كثيرًا من كتُبِ جالينوس، وكثيرًا مِن كتب أرسطوطاليس. وكان رأسًا في أصول الطبِّ وكليَّاتِه. وكان قد وَزَر في أوَّل أمرِه، ثمَّ تزهَّد وأظهر الجنونَ، وكان مليحَ الخطِّ يَنسَخُ في بعضِ السَّنةِ ما يكفيه لعامِه من إقليدس والمجسطي. قال عنه الذهبي: "صاحِبُ المصنَّفات الكثيرةِ في علوم الأوائِلِ، وكان مقيمًا بالجامِعِ الأزهر, وهو على اعتقادِ الأوائِلِ لا رَحِمَهم الله, وقد صَرَّحَ بذلك نسألُ اللهَ العافيةَ" وله مُصَنَّفات كثيرة مُعظَمُها في الرياضيَّات والهندسة، وباقيها في الإلهيَّات، وعامتها مقالاتٌ صغار. قال ابن خلدون: " أشهَرُ مَن ألَّف في عِلمِ المناظرةِ مِن فروعِ الهندسة ابنُ الهيثم, وهو عِلمٌ يتبيَّنُ به أسبابُ الغلَطِ في الإدراك البصريِّ بمعرفةِ كيفيَّة وقوعِها بناءً على أنَّ إدراكَ البصر يكون بمخروط شعاعيٍّ رأسُه نقطةُ الباصِرِ وقاعدتُه المرئيُّ. ثمَّ يقع الغلَطُ كثيرًا في رؤية القريبِ كبيرًا والبعيدِ صغيرًا. وكذا رؤية الأشباح الصَّغيرة تحت الماء ووراء الأجسامِ الشَّفَّافةِ كبيرةً، ورؤيةُ النُّقطة النَّازلة من المطَرِ خطًّا مستقيمًا والسّلقة دائرة وأمثال ذلك. فيتبيَّنُ في هذا العلم أسبابُ ذلك وكيفيَّاته بالبراهينِ الهندسيَّة، ويتبيَّن به أيضًا اختلافُ المنظَرِ في القمَرِ باختلاف العَروضِ الذي يُبنى عليه معرفةُ رؤية الأهِلَّة وحصول الكُسوفات.".

العام الهجري : 1335 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1917
تفاصيل الحدث:

نشأ الاتحادُ السوفيتي بعد ثورة أكتوبر في العام 1917م بقيادة لينين الذي أزاح منافِسيه ووصل إلى الحُكمِ على يد البلاشفة اليساريين الاشتراكيين الذين تسَمَّوا باسم الحزب الشيوعي فيما بعد. ومن الأسباب الرئيسة في قيامِ الاتحاد السوفيتي: ضَعفُ النظام القيصري في روسيا، وتردِّي الأوضاع الاقتصادية، وبسبب دخول روسيا في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا، وكانت قد نشطت في روسيا العديدُ من الأحزاب اليسارية المبشِّرة بالنظام الاشتراكي الذي كان بمثابة الأمل الوحيد للتخلُّص من الإقطاعيين والرأسماليين المدعومين من قِبَل الحكومة القيصرية. وبعد عدةِ نزاعاتٍ وملاحقات وتحالفاتٍ استطاع الشيوعيون بالتعاونِ مع قوًى برجوازية -وهي الطبقة الوسطى في المجتمع- وأنواعٍ أخرى من الأحزاب الشيوعية إزاحةَ النظام القيصري، لحقت بعد ذلك فترة من الحرب الأهلية والانقسامات داخِلَ الفكر الشيوعي؛ ليقودَ الحزب الشيوعي البلشفي بقيادة فلاديمير لينين روسيا نحو حقبة سوفيتية طويلة الأمد. ولفظُ سوفييت مأخوذٌ من الكلمة الروسية التي تعني لجنة، وكان النظامُ يتكوَّن من لجان ذات عدد محدود تغطِّي جميع المناطق في الاتحاد، ثم تترتب اللجانُ بشكلٍ هرمي وصولًا للَّجنةِ المركزية للحزب الشيوعي، ويرأس الاتحادَ السوفيتي السكرتيرُ العام للحزب الشيوعي. وجمهورياته: أرمينيا، أذربيجان، روسيا البيضاء، أستونيا، جورجيا، قزخستان، قرغيزستان، لاتفيا، لتوانيا، مولدافيا، روسيا، طاجيكستان، تركمانستان، أوكرانيا، أوزبكستان، وفي هذه الجمهوريات نسبة كبيرة جدا من المسلمين.

العام الهجري : 1353 العام الميلادي : 1934
تفاصيل الحدث:

كان خُمسُ الغنائم التي تحصُلُ عليها الدولة من الحروب التي حدثت في أيام تأسيس الدولة وتوحيد الجزيرة تشَكِّلُ جزءًا من إيرادات الدولة، وفي عام 1344ه أصدر الملك عبد العزيز مرسومًا يحدِّدُ مقادير الزكاة الشرعية، وطرق جبايتها، وكلَّف أمراءَ المقاطعات بالإشراف على استيفائها، وبعد ضَمِّ السواحل الشرقية للجزيرة العربية فَرَض رسومًا جمركية، ومع ذلك ظلت موارد الدولة فقيرةً مقابِلَ احتياجات الدولة لتمويل العمليات العسكرية لتوحيدِ البلاد، وإجراءات تأسيس الدولة الحديثة؛ فقد بلغت مجمل ضرائب عام 1346هـ: 1.5 مليون جنيه استرليني، وكانت أول محاولة أُجرِيَت لوضع ميزانية ثابتة للدولة في 1348هـ/ 1929م. تقرَّر اعتماد ميزانية للدولة في عام 1353هـ / 1934م، وقد فُصِّلَت فيها أبواب الواردات والنفقات العامة، واتُّبِع في وضعها طريقة تكليف الدوائر الرسمية أن تضَعَ مشروعات مفَصَّلة لموازنتها، ثم تقَدِّمَها إلى وزارة المالية، فتَدرُسَها وتبديَ ملاحظاتها عليها. ثم تحال إلى مجلس الشورى فيدَقِّقها ويحيلها إلى مجلس الوكلاء لرفعها واستصدار الموافقة الملكية عليها. وبلغت النفقات في موازنة هذا العام 1353ه حوالي 14 مليون ريال، وقُدِّرَت الواردات بمثل ذلك، وبعد اكتشاف النفط بلغت نفقات الدولة في عام 1367ه / 1948م "214.586.500" ريال، ومثلها تقدير الواردات، بحيث تضاعفت ميزانية هذا العام عن عام 1353 ما يزيد على 15 ضعفًا!

العام الهجري : 1433 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 2011
تفاصيل الحدث:

انتَخَب المَجلسُ الوطنيُّ التأسيسيُّ التونُسيُّ «منصف المرزوقي»، أمينَ عامِّ حزبِ (المؤتمر من أجل الجمهورية)، رئيسًا لتونُس خلالَ المرحلةِ الانتقالِيَّة. وحَصَل المرزوقي على (153) صوتًا من أصل (217)، ويُعتبَر منصف المرزوقي أوَّلَ رئيسٍ لتونس يخلُف فؤاد المبزع الذي تولَّى رِئاسةَ البلاد مؤقَّتًا بعد سقوطِ نظامِ ابن علي. وقد وُلد منصف المرزوقي في عام (1945م) في جنوب تونُس، وسافر إلى فرنسا عامَ (1964م) وأقام هناك (15) سنةً، وفي سنة (1975) سافر إلى الصِّين ضِمنَ وفدٍ لمُعايَنة تجرِبَةِ الطبِّ في خدمة الشعبِ في الصِّين. ثم عاد إلى تونُس عامَ (1979م)، وعَمِل أُستاذًا مساعِدًا في قسمِ الأعصابِ في جامعة تونس. وشارك في تجرِبَة الطبِّ الشعبيِّ الجماعيِّ في تونس قبلَ وَقفِ المشروعِ. واعتُقل في مارس (1994م) ثم أُطلِق بعدَ أربعةِ أشهُرٍ من الاعتقالِ في زنزانةٍ انفراديَّة، وقد أُفرِج عنه على خلفيَّة حملةٍ دَوليَّةٍ وتدخُّلٍ من نيلسون مانديلا. وأسَّس مع رفاقِه المجلسَ الوطنيَّ للحُرِّيات في (10 ديسمبر من عام 1997م) بمناسبة الذِّكرى السنويةِ للإعلان العالمي لحُقوقِ الإنسان. وقد اختِير أولَ رئيسٍ للجنة العربية لحُقوقِ الإنسان من عام (1997م) حتى (2000م). وغادر في ديسمبر (2001م) ليعمَلَ مُحاضِرًا في جامعةِ باريس. وعاد المنصف المرزوقي إلى تونس يوم (18 يناير 2011م). وشارك في انتِخاباتِ المجلسِ الوطنيِّ التأسيسيِّ في (23 أكتوبر 2011م) مع حزبِه (المؤتَمَر من أجل الجمهورية).

العام الهجري : 1434 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 2013
تفاصيل الحدث:

تُوفِّي في باريس الرئيسُ الموريتانيُّ الأسبَقُ المصطفى ولد محمد السالك، الذي حَكَم البلاد ما بين عامَي (1978م و1980م). وينحدِرُ المصطفى من ولايةٍ لعصابة جنوبَ شرق موريتانيا، وبدأ رِحلتَه الدراسيَّةَ من مدينة داكار ليُصبِحَ في النهايَةِ معلِّمًا، وبعد الاستقلال سنةَ (1960م) كان من أوائلِ الضُّباطِ الذين شكَّلوا نواةَ الجيشِ الموريتاني، وتلقَّى تكوينَه العسكريَّ في فرنسا، ثم تولَّى قيادةَ الجيشِ ما بين (1968م و1969م) خَلَفًا للعقيد مبارك ولد بن مختار. وفي سنة (1970م) عُيِّن واليًا لولاية آدرار شمالَ البلاد حتى مارس سنة (1978م) حيث تمَّ تعيينُه للمرَّةِ الثانية قائدًا للجيش، ثمَّ قام هو ومجموعةٌ من الضُّباط بانقلابٍ على الرئيس المختار ولد داداه في يوم (10 يوليو 1978م). وكرئيسٍ للَّجنة العسكريَّةِ للخلاصِ الوطنيِّ التي قادت الانقلابَ أصبح العقيدُ ولد السالك الرئيسَ الثانيَ لموريتانيا بعد الاستقلال ورئيسًا للوُزراء كذلك، ولكنَّه فَشِل فشلًا ذريعًا في إدارة الأزمة التي خلَّفَتْها حربُ الصحراء والتي كانت هي سببَ الانقلابِ الذي أتى به إلى السُّلطة فاستقال في عام (1979م) من رئاسة الوزراء فخَلَفه العقيدُ أحمد ولد بوسيف في المنصب، وفي (1979م) تمَّت الإطاحةُ به من الرِّئاسة من خلالِ انقلابٍ آخرَ قام به زملاؤُه في اللَّجنة العسكرية للخلاص الوطنيِّ، وتعرَّض للسَّجن في السنوات ما بين (1981م و1984م). وفي سنة (1991م) ومع أولِ انتخاباتٍ رئاسية في موريتانيا ترشَّح ولد السالك ضدَّ الحاكِمِ العسكريِّ آنذاك ولد الطايع.

العام الهجري : 478 العام الميلادي : 1085
تفاصيل الحدث:

في هذه السَّنَةِ استَولَى الفِرنجُ على مَدينةِ طُليطِلة من بِلادِ الأندلس، وأَخذُوها من المسلمين، وهي من أَكبرِ البلادِ وأَحصَنِها. وسببُ ذلك أن الأذفونش، (ألفونسو السادس) مَلِكَ قشتالة، كان قد قَوِيَ شَأنُه، وعَظُمَ مُلكُه، وكَثُرت عَساكِرُه، مُذ تَفرَّقَت بِلادُ الأندلس، وصار كلُّ بَلدٍ بِيَدِ مَلِكٍ، كما دَبَّ النِّزاعُ بينهم واستَعانوا بالفِرنجَةِ على بَعضٍ، فحينئذٍ طَمِعَ الفِرنجُ فيهم، وأَخَذوا كَثيرًا من ثُغورِهم. وكان ألفونسو خَدَمَ صاحِبَ طُليطلة القادرَ بالله بنَ المأمونِ بن يحيى بن ذي النونِ، وعاش في طُليطلة سَنواتٍ، فعَرِفَ مِن أين يُؤتَى البلدُ، وكيف الطريقُ إلى مُلْكِها, ولم يكن أحدٌ من مُلوكِ الطَّوائفِ قادِرًا على نَجْدَتِها، حتى إنَّ المُعتَمِدَ بن عبَّاد صاحِبَ أشبيلية وهو أَقوَى مُلوكِ الطَّوائفِ لمَّا رَأى استِفحالَ أَمرِ ألفونسو وقُوَّتَه رَأى أن يَعقِدَ مُهادَنةً وصُلْحًا معه يَأمَن بها على أَراضِيه، فبَعَثَ وَزيرَهُ ابنَ عمَّارٍ لِيَتفاوَضَ مع ألفونسو، وتَمَّت المُعاهدَةُ والاتِّفاقُ على بُنودٍ منها: أن يُؤَدِّي المُعتَمِدُ الجِزيةَ سَنويًّا, ويُسمَح للمُعتَمِد بِغَزْوِ أراضي طُليطلة الجنوبية على أن يُسَلِّم منها إلى ألفونسو الأراضي الواقعةَ شمالي طليطلة, و لا يَعتَرِض المُعتَمِد على استِيلاءِ ألفونسو على طُليطلة, وفي شَوَّال سَنةَ 474هـ ضَربَ ألفونسو الحِصارَ على طُليطلة، وشَدَّدَ غاراتَه عليها، وظلَّ على ذلك أَربعَ سَنواتٍ كاملةً؛ يُخَرِّب في الزُّروعِ والأراضي والقُرى، وعاشَ الناسُ في ضِيقٍ وكَربٍ، وليس بين المسلمين مُجِيرٌ، قال ابنُ بسام: "دَخلَ على الأذفونش يومئذٍ جَماعةٌ فوَجَدوه يَمسَح الكرى من عَينيهِ، ثائرَ الرَّأسِ، خَبيثَ النَّفْسِ، فأَقبلَ عليهم بوَجهٍ كَريهٍ، وقال لهم: إلى متى تَتَخادَعون، وبأيِّ شَيءٍ تَطمعون؟ قالوا: بِنا بُغيَةٌ، ولنا في فُلانٍ وفُلانٍ أُمنِيَّةٌ، وسَمُّوا له بَعضَ مُلوكِ الطَّوائفِ، فصَفَّقَ بِيَديهِ، وتَهافَت حتى فَحَصَ برِجلَيهِ، ثم قال: أين رُسُلُ ابنِ عبَّادٍ؟ فجِيءَ بهم يَرفُلون في ثِيابِ الخَناعَةِ، وينبسون بأَلسِنَةِ السَّمعِ والطَّاعةِ. فقال لهم: مُذ كم تَحُومون عليَّ، وتَرومون الوصولَ إليَّ؟ ومتى عَهْدِكم بفُلانٍ؟ وأين ما جِئتُم به ولا كُنتم ولا كان؟ فجاءوا بجُملَةِ مِيرَةٍ، وأَحضَروها, ثم ما زادَ على أن رَكَلَ ذلك برِجلِه، وأَمَرَ بانتِهابِه كُلِّهِ؛ ولم يَبقَ مَلِكٌ من مُلوكِ الطَّوائفِ إلا أَحضرَ يَومئذٍ رُسُلَه، وكانت حالُه حالَ مَن كان قَبلَه. وجَعلَ أَعلاجَه يَدفَعون في ظُهورِهم، وأَهلُ طُليطلة يَعجَبون مِن ذُلِّ مَقامِهم ومَصيرِهم، فخَرجَ مَشيَختُها من عندِه وقد سُقِطَ في أَيدِيهم. وطَمِعَ كلُّ شيءٍ فيهم. وخَلُّوا بينه وبين البلدِ، ودَخلَ طُليطلة على حُكمِه، وأَثبَتَ في عَرصَتِها قَدَمَ ظُلمِه، حُكْمٌ مِن الله سَبَقَ به القَدَرُ، وخَرجَ ابنُ ذي النون خائبًا مما تَمَنَّاهُ، حدَّثنِي مَن رَآهُ يَومئذٍ بتلك الحالِ وبِيَدِه اصطرلاب يَرصُد فيه أيَّ وَقتٍ يَرحَل، وعلى أيِّ شَيءٍ يُعَوِّل، وأيَّ سَبيلٍ يَتَمَثَّل، وقد أَطافَ به النَّصارَى والمسلمون، أولئك يَضحَكون مِن فِعْلِه، وهؤلاء يَتَعجَّبون مِن جَهلِه. وعَتَا الطاغِيةُ الأذفونش -قَصَمَهُ الله- لحين استِقرارِه بطُليطلة واستَكبَر، وأَخَلَّ بمُلوكِ الطَّوائفِ في الجَزيرَةِ وقَصَّرَ، وأَخذَ يَتَجنَّى ويَتَعتَّب، وطَفِقَ يَتَشَوَّف إلى انتِزاعِ سُلطانِهم والفَراغِ مِن شانِهم" في الوقتِ الذي كانت قُوَّاتُ ألفونسو تُحاصِر فيه طُليطلة كان مُلوكُ الطَّوائفِ يُقَدِّمُون مِيثاقَ الوَلاءِ والمَحَبَّةِ له؛ مُمَثَّلَةً في الجِزيَةِ والإتاوَةِ، ولم يَجرُؤ أَحدٌ منهم على الاعتِراضِ عليه في ذلك إلاَّ المُتَوكِّل بن الأَفطَس الذي أُخْرِج من طُليطلة قُبيلَ دُخولِ الطَّاغيةِ، وفي الوقتِ نَفسِه الذي تُحَاصَر فيه طُليطلة كانت مَمالكُ الطَّوائفِ الأُخرى تَتَنازَع فيما بينها، أو تَرُدُّ غاراتِ النَّصارَى المُتواصِلَة عليها. ثم قام ألفونسو باتِّخاذِ طُليطلة عاصِمةً له وحَوَّلَ مَسجِدَها إلى كَنيسةً.

العام الهجري : 11 العام الميلادي : 632
تفاصيل الحدث:

كان مالِكُ بنُ نُوَيرةَ قد صانَعَ سَجاحَ حينَ قَدِمَت من أرضِ الجزيرةِ، فلمَّا اتَّصَلت بمُسَيلِمةَ الكَذَّابِ، ثمَّ ترحَّلَت إلى بلادِها، نَدِمَ مالِكٌ على ما كان من أمرِه، وتلَوَّم في شأنِه، وهو نازِلٌ بمكانٍ يقالُ له: البِطاحُ في نجد، فقَصَدَها خالدٌ بجُنودِه وتأخَّرت عنه الأنصارُ، وقالوا: إنَّا قد قَضَينا ما أمَرَنا به الصِّدِّيقُ، فقال لهم خالِدٌ: إنَّ هذا أمرٌ لا بدَّ مِن فِعْلِه، وإنَّه لم يأتِني فيها كتابٌ، وأنا الأميرُ وإليَّ تَرِدُ الأخبارُ، ولستُ بالذي أجبُرُكم على المسيرِ، وأنا قاصِدٌ البِطاحَ، فسار يومينِ ثمَّ لَحِقَه رسولُ الأنصارِ يَطلُبون منه الانتِظارَ، فلَحِقوا به، فلمَّا وَصَل البِطاحَ وعليها مالِكُ بنُ نُوَيرةَ، بَثَّ خالِدٌ السَّرايا في البِطاحِ يَدْعونَ النَّاسَ، فاستقبَلَه أمراءُ بني تميمٍ بالسَّمعِ والطَّاعة، وبَذَلوا الزكَواتِ، إلَّا ما كان من مالكِ بنِ نُوَيرةَ؛ فإنَّه متحيِّرٌ في أمرِه، مُتَنَحٍّ عن النَّاسِ، فجاءته السَّرايا فأسَروه وأسَروا معه أصحابَه، واختَلَفت السَّرِيةُ فيهم؛ فشَهِدَ أبو قتادةَ -الحارثُ بنُ ربعيٍّ الأنصاريُّ- أنَّهم أقاموا الصَّلاةَ، وقال آخرون: إنَّهم لم يؤذِّنوا ولا صَلَّوا، فيقالُ: إنَّ الأُسارى باتوا في كُبولِهم في ليلةٍ شديدةِ البردِ، فنادى منادي خالدٍ: أنْ أَدْفِئوا أَسْراكم، فظَنَّ القومُ أنَّه أراد القَتلَ، فقتلوهم، وقَتَل ضرارُ بنُ الأزوَرِ مالِكَ بنَ نُوَيرةَ، فلمَّا سَمِعَ الدَّاعية خرجَ وقد فرَغوا منهم، فقال: إذا أراد اللهُ أمرًا أصابه، ودخل خالِدٌ على أبي بكرٍ فاعتَذَر إليه فعَذَره وتجاوزَ عنه ما كان منه في ذلك، ووَدَى مالِكَ بنَ نُوَيرةَ.

العام الهجري : 11 العام الميلادي : 632
تفاصيل الحدث:

بعث الصِّدِّيقُ خالدَ بنِ الوليدِ إلى قِتالِ مُسَيلِمةَ الكَذَّابِ وقَومِه من بني حَنيفةَ باليمامةِ، وأوعب معه المسلمون، وعلى الأنصارِ ثابتُ بنُ قيسِ بنِ شماسٍ، فسار لا يمُرُّ بأحدٍ مِن المرتدِّين إلَّا نكَّل بهم، وقد اجتاز بخُيولٍ لأصحابِ سَجاحٍ فشَرَّدهم وأمَرَ بإخراجِهم مِن جزيرةِ العَرَبِ، وأردف الصِّدِّيقُ خالِدًا بسَرِّيةٍ لتكونَ رِدءًا له من ورائِه، فلمَّا سَمِع مُسَيلِمةُ بقدومِ خالدٍ عَسكَرَ بمكانٍ يقالُ له عقربا في طَرَفِ اليمامةِ، والريفُ وراء ظهورِهم، ونَدَب النَّاسَ وحَثَّهم، فحَشَد له أهلُ اليمامةِ، فاصطدم المسلِمون والكُفَّارُ، فكانت جولةٌ عظيمة وجَعَلت الصَّحابةُ يتواصَون بينهم ويقولون: يا أصحابَ سُورةِ البَقَرةِ، بَطَل السِّحرُ اليومَ، ودارت رحى المسلمين، وقد مَيَّز خالِدٌ المهاجرينَ من الأنصارِ من الأعرابِ، وكُلُّ بني أبٍ على رايتِهم، يقاتِلون تحتَها، حتى يَعرِفَ النَّاسُ مِن أين يُؤتَون، وصَبَرَت الصَّحابةُ في هذا الموطِنِ صبرًا لم يُعهَدْ مِثْلُه، ولم يزالوا يتقدَّمون إلى نحورِ عَدُوِّهم حتى فتح اللهُ عليهم، ووَلَّى الكُفَّارُ الأدبارَ، ودخل المسلِمونَ الحديقةَ مِن حيطانِها وأبوابِها يقتُلونَ من فيها من المرتَدَّةِ من أهلِ اليمامةِ، حتى خَلَصوا إلى مُسَيلِمةَ، فتقَدَّم إليه وَحشِيُّ بنُ حَربٍ مولى جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ، فرماه بحَرْبتِه فأصابه وخَرَجَت من الجانِبِ الآخَرِ، وسارع إليه أبو دُجانةَ سِماكُ بنُ خَرشةَ، فضَرَبه بالسَّيفِ فسقط، فكان جملةُ مَن قُتِلوا في الحديقةِ وفي المعركةِ قريبًا مِن عَشرةِ آلافِ مُقاتِلٍ. وقيل: أحدٌ وعشرون ألفًا، وقُتِل من المسلمين سِتُّمائةٍ، وقيل: خمسُمائةٍ.

العام الهجري : 20 العام الميلادي : 640
تفاصيل الحدث:

هي أُمُّ المؤمنين زينبُ بنتُ جَحْشِ بن رِيابِ بن يَعْمُر، أُمُّها أُمَيْمةُ بنتُ عبدِ المُطَّلِب عَمَّةُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، مِن المُهاجِرات، كانت تحت زيدِ بن حارِثَةَ، ثمَّ طَلَّقَها فزَوَّجَها اللهُ تعالى نَبِيَّهُ، وفيها نزَلَت الآياتُ: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]. كانت كَثيرةُ الخيرِ والصَّدقَةِ، كانت صَناعَ اليَدِ، تَعمَلُ بِيَدِها، وتَتَصَدَّقُ به في سَبيلِ الله، ولمَّا دَخلَت على رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان اسمُها بَرَّة فسَمَّاها زَيْنَب، ومن وَرَعِها مَوقِفُها مِن عائشةَ في حادِثَةِ الإفْكِ، قالت عائشةُ: سألَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زينبَ بنتَ جَحْشٍ عن أَمْرِي ما عَلِمْتِ أو ما رَأَيْتِ؟ قالت: يا رسولَ الله أَحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، والله ما عَلِمْتُ إلَّا خيرًا. قالت عائشةُ: وهي التي كانت تُسامِيني مِن أَزواجِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فعَصَمَها الله بالوَرَعِ. وكانت أوَّلَ نِساءِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لُحوقًا به، كما أخْبَر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وصلَّى عليها عُمَرُ بن الخطَّاب، ودخَل قَبْرَها أُسامةُ بن زيدٍ، ومحمَّدُ بن عبدِ الله بن جَحْشٍ، وعبدُ الله بن أبي أَحْمَدَ بن جَحْشٍ، ودُفِنَتْ في البَقيعِ رضِي الله عنها وأرضاها.

العام الهجري : 255 العام الميلادي : 868
تفاصيل الحدث:

كتب المعتزُّ لعلي بن الحسين بن شبل بولاية كرمان، وكتبَ إلى يعقوبَ بن الليث بولايتها أيضًا يلتمِسُ إغراءَ كُلِّ واحدٍ منهما بصاحبه؛ ليُسقِطَ مؤونةَ الهالكِ عنه، وينفرِدَ بالآخر، وكان كلُّ واحد منهما يُظهِرُ طاعةً لا حقيقةَ لها، والمعتز يعلم ذلك منهما. أرسل عليُّ بن الحسين طوقَ بن المغلس إلى كرمان، وسار يعقوبُ إليها فسَبَقه طوقٌ واستولى عليها وأقبل يعقوبُ حتى بقيَ بينه وبين كرمان مرحلةٌ، فأقام بها شهرينِ لا يتقَدَّمُ إلى طوق، ولا طوقٌ يخرج إليه، فلما طال ذلك عليه أظهَرَ الارتحال إلى سجستان، فارتحل مرحلتينِ، وبلغ طوقًا ارتحالُه فظَنَّ أنَّه قد بدا له في حربه، وترك كرمان، فوضع آلةَ الحربِ، وقعد للأكلِ والشُّرب والملاهي، وبلغ يعقوبُ إقبالَ طوقٍ على الشرب، فكرَّ راجعًا فطوى المرحلتينِ في يومٍ واحد، فلم يشعُرْ طوقٌ إلا بغبرةِ عَسكرِ يعقوب، فأحاط به وبأصحابه، فذهب أصحابُه يريدون المناهضةَ والدفعَ عن أنفُسِهم، فقال يعقوبُ لأصحابه: أفرِجوا للقَومِ، فمرُّوا هاربينَ، وخَلَّوا كلَّ ما لهم، وأسَر يعقوبُ طَوقًا، وكان علي بن الحسين قد سَيَّرَ مع طوقٍ في صناديقَ قيودًا ليقَيد بها من يأخُذُه من أصحابِ يعقوب، وفي صناديقَ أطوِقةٌ وأسورة ليعطيَها أهلَ البلاء من أصحابِ نفسِه، فلما غنِمَ يعقوب عسكَرَهم رأى ذلك، فقال: ما هذا يا طوقُ؟ فأخبره، فأخذ الأطوِقةَ والأسورة فأعطاها أصحابَه، وأخذ القيودَ والأغلال فقيَّدَ بها أصحابَ عليٍّ، ثم دخل كرمان وملكَها مع سجستان.

العام الهجري : 270 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 884
تفاصيل الحدث:

لَمَّا توفِّيَ أحمدُ بن طولون كان إسحاقُ بن كنداجيق على الموصل والجزيرة، فطَمِعَ هو وابن أبي الساج- وهما من كبار قادة الترك عند المعتَمِد- في الشام، واستصغرا أولادَ أحمد، وكاتَبا الموفَّقَ بالله في ذلك، واستمَدَّاه، فأمرهما بقصدِ البلاد، ووعدهما إنفاذَ الجيوش، فجمَعَا وقصدَا ما يجاوِرُهما من البلاد، فاستولَيَا عليه وأعانهما النائبُ بدمشق لأحمد بن طولون، ووعدَهما الانحيازَ إليهما فتراجع مَن بالشامِ مِن نواب أحمد بأنطاكية، وحلب وحمص، وعصى متولِّي دمشق، واستولى إسحاقُ عليها، وبلغ الخبَرُ إلى أبي الجيش خمارَوَيه بن أحمد بن طولون، فسيَّرَ الجيوش إلى الشام فمَلَكوا دمشق، وهرب النائبُ الذي كان بها من قِبَل إسحاق؛ وسار عسكرُ خمارويه من دِمشقَ إلى شيزر لقتال إسحاق بن كنداجيق وابن أبي الساج، فطاولهم إسحاقُ ينتظِرُ المدد من العراق، وهجم الشتاءُ على الطائفتَينِ، وأضرَّ بأصحاب ابن طولون، فتفَرَّقوا في المنازل بشيزر، ووصل العسكرُ العراقي إلى كنداجيق، وعليهم أبو العباس أحمد بن الموفَّق وهو المعتضِدُ بالله، فلما وصل سار مُجِدًّا إلى عسكر خمارويه بشيزر، فلم يَشعُروا حتى كبَسَهم في المساكن، ووضع السيفَ فيهم، فقتل منهم مقتلةً عظيمةً، وسار من سَلِمَ إلى دمشق على أقبَحِ صُورةٍ، فسار المعتَضِد إليهم، فجُلُوا عن دمشقَ إلى الرملة، ومَلَك هو دمشق، ودخلَها في شعبان سنة إحدى وسبعين ومائتين، وأقام عسكرُ ابن طولون بالرملة، فأرسلوا إلى خِمارَوَيه يُعَرِّفونه بالحال، فخرج من مصرَ في عساكره قاصدًا إلى الشَّامِ.

العام الهجري : 306 العام الميلادي : 918
تفاصيل الحدث:

كانت غزاة الحاجِبِ بدرِ بنِ أحمد إلى دار الحرب، وهي غزاة مطونية -مدينة بالأندلس-. وكان أميرُ المؤمنين الناصر لَمَّا اتَّصل به تطاوُلُ المشركينَ على من كان بإزائِهم من أهل الثغور بامتناعِ الصَّوائِفِ عن غزوهم، والإيغالِ في بلادهم بالحرب؛ أحفَظَه ذلك، وأذكى عَزْمَه، وأكَّدَ بصيرته في مجاهدةِ أعداء الله وأعداءِ دينه في هذا العام، فأمر بالاحتفال في الحَشدِ وجَمعِ الرجالِ والتكثيرِ مِن الأجناد والفرسان الأبطال. وعَهِدَ إلى حاجبه بالغزو بنفسِه في الصائفة. ونَفَذت كتبُه إلى أهل الأطراف والثغور بالخروجِ إلى أعداء الله، والدُّخول في معسكره، والجِدِّ في نكاية أهل الكفر، والإيقاعِ بهم في أواسط بلادِهم، ومُجتَمَع نصرانيَّتِهم. ففصل الحاجِبُ بالجيوشِ يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرَّم، وانثالت إليه العساكِرُ مِن كلِّ جهة في ثغور المسلمين، ودخل بهم دارَ الحرب، وقد احتشد المشركونَ، وتجمَّعوا من أقاصي بلادهم، واعتَصَموا بأمنَعِ جبالهم، فنازلهم الحاجبُ بدر بن أحمد بأولياءِ الله وأنصارِ دينِه، فكانت له على أعداءِ الله وقائِعُ اشتَفَت فيها صدورُ المسلمين، وانتَصَروا على أعداءِ الله المشركين. وقُتل في هذه الغزاةِ مِن حُماتهم وأبطالِهم، وصُلاةِ الحُروبِ منهم، جملةٌ عظيمةٌ لا يأخذها عدٌّ، ولا يحيطُ بها وصفٌ. وكان الفتحُ يوم الخميس لثلاثٍ خلون من ربيع الأول ويوم السبت لخمس خلون من ربيع الأول، في معاركَ جليلة، لم يكن أعظَمُ منها صنعًا، ولا أكثَرُ من أعداء الله قتيلًا وأسيرًا. وورد الكتاب بذلك على أمير المؤمنين النَّاصرِ يومَ الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول؛ فأكثَرَ مِن شُكرِ الله عز وجل على ما منَّ به، وفتحَ فيه.

العام الهجري : 338 العام الميلادي : 949
تفاصيل الحدث:

هو أبو الحسَنِ عليُّ بنُ بُوَيه، وهو أكبر أولاد بُوَيه، وأوَّلُ مَن تمَلَّك منهم، وكان عاقلًا حاذقًا حميد السيرة رئيسًا في نفسه. كان أولُ ظهورِه في سنة 322, فلما كان في هذا العام 338 قَوِيَت عليه الأسقامُ وتواترت عليه الآلامُ، فأحسَّ من نفسه بالهلاك، ولم يُفادِه ولا دفَعَ عنه أمرَ اللهِ ما هو فيه من الأموالِ والمُلك وكثرةِ الرِّجال والأموالِ، ولا رَدَّ عنه جيشُه من الديلم والأتراك والأعجام، مع كثرةِ العَدَد والعُدد، بل تخَلَّوا عنه أحوجَ ما كان إليهم، فسُبحانَ اللهِ المَلِك القادِرِ، القاهرِ العلَّام! ولم يكن له ولدٌ ذكَرٌ، فأرسل إلى أخيه ركن الدولةِ يستدعيه إليه ووَلَده عَضُد الدولة، ليجعَلَه وليَّ عَهدِه من بعده، فلمَّا قدم عليه فرِحَ به فرحًا شديدًا، وخرج بنفسِه في جميع جيشِه يتلقَّاه، فلمَّا دخل به إلى دار المملكة أجلسَه على السريرِ وقام بين يديه كأحدِ الأُمَراء؛ ليرفَعَ مِن شأنه عند أمرائِه ووزرائِه وأعوانه. وكان يومًا عظيمًا مشهودًا. ثم عقَدَ لعَضُد الدولة البيعةَ على ما يملِكُه من البلدان والأموال، وتدبيرِ المَملكة والرجال. وفيهم مِن بعضِ رُؤوسِ الأمراءِ كراهةٌ لذلك، فشَرَعَ في القبضِ عليهم، وقَتَلَ مَن شاء منهم وسَجَنَ آخرين، حتى تمهَّدَت الأمورُ لعضد الدولة. ثم كانت وفاةُ عماد الدولة بشيراز في هذه السنة، عن سبعٍ وخمسين سنةً، وكانت مُدَّةُ مُلكِه ست عشرة سنة، وكان من أقوى الملوك في زمانِه، وكان ممن حاز قَصَبَ السَّبقِ دون أقرانه، وكان هو أميرَ الأمراء، وبذلك كان يكاتِبُه الخلفاءُ، ولكِنَّ أخاه معز الدولة كان ينوبُ عنه في العراق والسواد.

العام الهجري : 401 العام الميلادي : 1010
تفاصيل الحدث:

كانت بلادُ الغورِ تُجاوِرُ غزنةَ، وكان الغور يقطعونَ الطَّريقَ، ويُخيفونَ السَّبيلَ، وبلادُهم جِبالٌ وَعرةٌ، ومضايقُ غَلقةٌ، وكانوا يحتَمون بها، ويعتَصِمون بصعوبةِ مَسلَكِها، فلمَّا كَثُرَ ذلك منهم أنِفَ يمينُ الدَّولة محمودُ بنُ سبكتكين أن يكونَ مثل أولئك المُفسدينَ جِيرانَه، وهم على هذه الحالِ مِن الفَسادِ والكُفرِ، فجمَعَ العساكِرَ وسار إليهم، وعلى مُقَدِّمتِه التونتاش الحاجِبُ، صاحِبُ هراة، وأرسلان الجاذبُ صاحِبُ طوس، وهما أكبَرُ أُمرائه، فسارا فيمَن معهما حتى انتَهَوا إلى مَضيقٍ قد شُحِنَ بالمُقاتلةِ، فتناوشوا الحَربَ، وصبَرَ الفريقانِ، فسَمِعَ يمينُ الدَّولة الحالَ، فجَدَّ في السيرِ إليهم، ومَلَك عليهم مَسالِكَهم، فتفَرَّقوا، وساروا إلى عظيمِ الغوريَّة المعروف بابن سوري، فانتهوا إلى مدينتِه التي تُدعى اهنكران، فبَرَز مِن المدينةِ في عشرةِ آلافِ مُقاتلٍ، فقاتَلَهم المُسلِمونَ إلى أن انتَصَف النهار، فرأوا أشجَعَ النَّاسِ وأقواهم على القِتالِ، فأمَرَ يمينُ الدَّولة أن يُولُّوهم الأدبارَ على سبيلِ الاستدراجِ، ففعلوا، فلمَّا رأى الغوريَّةُ ذلك ظَنُّوه هزيمةً، فاتَّبَعوهم حتى أبعَدوا عن مدينتِهم، فحينئذ عطفَ المُسلِمونَ عليهم ووَضَعوا السُّيوفَ فيهم فأبادوهم قَتلًا وأسْرًا، وكان في الأسرى كبيرُهم وزعيمُهم ابنُ سوري، ودخل المُسلِمونَ المدينةَ ومَلَكوها، وغَنِموا ما فيها، وفَتَحوا تلك القِلاعَ والحُصونَ التي لهم جميعَها، فلمَّا عايَنَ ابنُ سوري ما فعل المسلمونَ بهم شَرِبَ سُمًّا كان معه، فمات وأظهَرَ يمينُ الدَّولة في تلك الأعمالِ شِعارَ الإسلامِ، وجعل عندهم مَن يُعَلِّمُهم شَرائِعَه، ثمَّ عاد إلى غزنة.

العام الهجري : 427 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1036
تفاصيل الحدث:

اجتمع ابنُ وثَّاب النميري صاحِبُ حران وقريبُه ابن عطير النميري، وأمدَّهما نصر الدَّولة بنُ مروان بعسكرٍ كثيف، فساروا جميعُهم إلى السُّويداء جنوب دمشق، وكان الرومُ قد أحدثوا عمارتَها في ذلك الوقت، واجتمع إليها أهلُ القرى المجاورةِ لها، فحصرها المسلمون وفتحوها عَنوةً، وقتلوا فيها ثلاثةَ آلاف وخمسَمِئَة من الرومِ، وغَنِموا ما فيها، وسَبَوا خلقًا كثيرًا، وقَصَدوا الرَّها فحصروها، وقطعوا الميرةَ عنها، حتى بلغ مكوكُ الحنطة دينارًا، واشتَدَّ الأمر، فخرج البطريقُ الذي فيها متخفِّيًا، ولحق بمَلِك الرومِ، وعَرَّفه الحالَ، فسَيَّرَ معه خمسةَ آلاف فارس، فعاد بهم، فعَرَف ابن وثاب ومُقَدَّم عساكر نصر الدَّولة الحالَ، فكَمَنا لهم، فلمَّا قاربوهم خرج الكمينُ عليهم، فقُتِلَ من الروم خلقٌ كثير، وأُسِرَ مِثلُهم، وأُسِرَ البطريقُ وحُمِلَ إلى باب الرَّها، وقالوا لِمَن فيها إمَّا أن تفتحوا البلدَ لنا، وإمَّا قتَلْنا البطريقَ والأسرى الذين معه. ففتحوا البلدَ للعجزِ عن حفظه، وتحصَّن أجنادُ الروم بالقلعةِ، ودخل المسلمون الرَّها، وغَنِموا ما فيها، وامتلأت أيديهم من الغنائمِ والسَّبيِ، وأكثروا القتلَ، وأرسل ابنُ وثاب إلى آمد مِئَة وستين راحلةً عليها رؤوسُ القتلى وأقام مُحاصِرًا للقلعة، ثمَّ إنَّ حسَّان بن الجرَّاح الطائي سار في خمسةِ آلاف فارس من العرَبِ والروم نجدةً لِمَن بالرَّها، فسَمِعَ ابن وثاب بقربه، فسار إليه مجِدًّا ليلقاه قبل وصوله، فخرج من الرَّها الروم إلى حران، فقاتَلَهم أهلها، وسَمِعَ ابن وثاب الخبر فعاد مسرعًا، فوقع على الرومِ، فقتل منهم كثيرًا، وعاد المنهزِمونَ إلى الرَّها.