هو قَدْري بن صَوْقَل بن عَبْدُول بن سِنَان المشهور بعبد القادر الأرناؤوط، وُلد سنةَ 1347هـ بقرية «فريلا» في «إقليم كوسوفا» من بلاد الأرنؤوط في ما كان يُعرف بيوغوسلافيا، والألبانيون يُسمُّون هذا الإقليم: كوسوفا، والصرب يقولون: كوسوفو، والأرنؤوط جِنسٌ يندَرِجُ تحته شعوبٌ كثيرةٌ من الألبان واليوغسلاف وغيرهم هاجَرَ سنةَ 1353هـ من جرَّاء اضطهاد المحتلِّين الصرب إلى دِمَشقَ بصحبةِ والدِه وبقيَّةِ عائلته، وكان عمرُه آنذاكَ ثلاثَ سنواتٍ، ترعرع الشيخ في دِمَشق الشام، وتلقَّى تعليمَه أولَ الأمر في مدرسة «الإسعاف الخيري» بدِمَشق بعد دراسة سَنتينِ في مدرسة «الأدب الإسلامي» بدِمَشق. وبعد نهاية المرحلة الابتدائية تركَ العلم لغرض العمَلِ لحاجته للمال، فعمِلَ «ساعاتيًّا» في تصليح الساعات في محلة «المسكية» بدِمَشق، وكان يعمل في النهارِ، ويدرُس القرآنَ والفقهَ مساءً، وانضمَّ إلى حلقة الشيخ عبد الرزاق الحلبي، رغبةً في تعلُّم علوم الشرعِ واللغةِ والأدبِ، تقلَّد الخطابة، فكان خطيبًا في جامع «الدِّيوانية البَرَّانيَّة» بدِمَشق، ثم خطيبًا في جامع «عمر بن الخطاب»، ثم انتقَلَ إلى منطقة «الدحاديل» بدِمَشق، وكان خطيبًا في جامع «الإصلاح»، ثم انتقل إلى جامع «المُحمَّدي» بحيِّ الـمِـزَّة، لكنَّ الشيخَ بَقيَ يُلقي دروسَه في معهد الأمينية (وهي مدرسة قديمة للشافعية)، وبَقيَ يقوم بالتدريس والوعظ، ويُنبِّهُ الناس إلى السُّنة الصحيحة، ويَدْعوهم إلى ضرورة ترك البِدَع والمخالَفات في الشريعة، هذا مع انكبابه على التحقيق والتأليف وتدريسه العلمَ للناس، وإلقاء المحاضرات، كان الشيخ سَلَفيَّ العقيدة، لا يلتزم مذهبًا فقهيًّا مُعيَّنًا، وإنَّما يعمَل بالكتابِ والسُّنة على منهج السلَف الصالحِ -رِضوانُ الله عليهم- ومن كُتبه وتحقيقاته: إتمام تحقيق كتاب ((غاية المنتهى)) في الفقه الحنبلي، وتحقيق كتاب ((جامع الأصول)) لابن الأثير، وتحقيق كتاب ((زاد المعاد)) لابن القَيِّم، و((زاد المسير في علم التفسير)) لابن الجَوْزي، و((المبدع في شرح المقنع)) لابن مفلح، و((رَوْضة الطالبين)) للنووي، و((الشفا)) للقاضي عياض، و((قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة))، وغيرها، تُوفيَ في دِمَشق فجرَ الجمُعة 13شوال 1425، ودُفن بمقبرة الحقلة، وكانت جنازته مشهودةً رحمه اللهُ.
وُلِد الشَّيخُ صباح الأحمد الجابر الصباح عام ١٣٤٨هـ الموافق 1929م، وهو أمير دولة الكويت الخامس عشر، في عام ١٤٢٤هـ الموافق 2003م، صدر تعيينه رئيسًا لمجلس الوزراء في البلادِ. وكان قد شَغِل قبل ذلك عِدَّة مناصِبَ؛ منها: وزارة الخارجية، ووَزارةُ الإعلامِ بالوكالة، ورئاسةُ دائرةِ الشؤونِ الاجتماعيَّةِ والعمل ودائرة المطبوعات والنَّشــر، وعُضوًا في الهيئة التنظيميَّةِ للمجلِسِ الأعلى، وعضوًا في مجلِسِ الإنشاءِ والتعميرِ، ثم نائبًا لرئيس مجلِسِ الوزراء، تلقَّى تعليمَه في مدارس الكويت، وله ثلاثةُ ذكور وبنت.
تولَّى إمارةَ الكويت في 4 جمادى الآخرة ١٤٢٧هـ الموافق 29 يناير 2006م، خلَفًا للأمير الشَّيخ سعد العبد الله السالم الصباح.
شرع المنصورُ في بناء الرصافة لابنه المهدي بعد مَقدَمِه من خراسان، وكان سبب بنائِها أنَّ بعضَ الجند شغَّبوا على المنصور وحاربوه على باب الذَّهبِ، فدخل عليه قُثَمُ بنُ العبَّاس، وهو شيخُهم، وله الحرمةُ والتقدُّم عندهم، فاستشاره المنصور، فقال له أن يتركَ الأمرَ له، فقام قُثَم بحيلةٍ فافترق الجند، فصارت مُضَرُ فِرقةً، وربيعةُ فرقة، والخراسانية فرقة. فقال قُثَم للمنصور: قد فرَّقتُ بين جُندِك وجعلتُهم أحزابًا، كلُّ حزبٍ منهم يخافُ أن يُحدِثَ عليك حدثًا فتضرِبَه بالحزبِ الآخر، وقد بقيَ عليك في التدبير بقيَّة، وهي أن تعبُرَ بابنِك المهدي فتُنزِلَه في ذلك الجانب، وتحَوِّل معه قطعةً من جيشِك فيصير ذلك بلدًا وهذا بلدًا، فإن فسدَ عليك أولئك ضربتَهم بهؤلاء، وإن فسدَ عليك هؤلاء ضربتَهم بأولئك، وإن فسد عليك بعضُ القبائل ضربتَهم بالقبيلة الأخرى (على مبدأ: فَرِّقْ تَسُد)، فقَبِلَ رأيه واستقام مُلكُه، وبنى الرصافة وهي في الجانب الشرقي من بغداد، وجعل لها سورًا وخندقًا، وعَمِلَ عندها ميدانًا وبستانًا، وأجرى إليها الماءَ مِن نهرِ المهدي
هو شيخُ الفَلسفةِ الحَكيمُ أبو نصر محمَّدُ بنُ محمد بن طرخان بن أوزلغ التركي الفارابي المنطقيُّ، من كبار الفلاسفة، قال الذهبي: "أحدُ الأذكياء. له تصانيفُ مشهورة, من ابتغى الهُدى منها ضَلَّ وحار, منها تخرَّجَ ابنُ سينا, نسأل الله التوفيق". تعلَّم اليونانية, ولقِيَ متَّى بن يونس فأخذ عنه, وسار إلى حرَّان فلزم بها يوحنَّا بن جيلان النصراني فتعلَّمَ عليه المنطِقَ, وقد أحكم أبو نصرٍ العربيَّةَ بالعراقِ، رحل إلى دمشق ثم حلب، يُعتبَرُ مساويًا لأرسطو في الفلسفة، ويعتبِرُ البعض أنَّ الفارابي هو مترجِمٌ لِمَا كان عليه أرسطو، كما أنَّ له مُشاركةً في الطبِّ والموسيقى، وهو من اخترع آلةَ القانون الموسيقيَّة المعروفة اليوم، وكان يحِبُّ الوَحدةَ, وكان يتزهَّدُ زُهدَ الفلاسفة، ولا يحتفِلُ بملبسٍ ولا منزلٍ, أجرى عليه ابنُ حمدان في كلِّ يومٍ أربعة دراهم. من تصانيفِه: آراءُ أهل المدينة الفاضلة، وجوامع السياسة، والمدخل إلى صناعة الموسيقى، وغير ذلك من الكتُب، توفِّيَ في طريقه إلى عسقلان؛ حيث قتله اللصوصُ، فنُقِلَ إلى دمشق وصلَّى عليه سيفُ الدولة الحمداني، ودفن بظاهر دمشق عن عُمرٍ يناهز الثمانينَ.
واجه الاستعماران البريطانيُّ والإيطاليُّ ثورةَ الزعيم محمَّد عبد الله حسن الذي تلقَّب بمهدي الصومال. الذي استطاع أن يقاوِمَ المستعمرين لمدةِ عشرين عامًا كبَّدَهم أثناءَها الخسائِرَ الفادحة. وكانت بدايةُ هذه المقاومة هذا العام. وقد استطاع محمدُ عبد الله «الملا المجنون» (لقب أطلقه عليه الإنجليز) انتزاع حَقِّ السيادة على مناطقَ عديدةٍ. وفي عام 1913م. ألحقت قواتُه هزيمةً نكراء بالقوات الإنجليزية التي كان يقودُها الكولونيل «كورفيلدو» الذي قُتِلَ أثناء المعركة. وكان محمد عبد الله حسن قد أجرى عدةَ أحلافٍ مع العثمانيين وإمبراطور الحبشة (ليدجي يسوع الذي اعتنق الإسلام وفقد جرَّاءَ ذلك عرشَه). وقد استطاع ونستون تشرشل بإصداره الأمرَ باستعمال الطيرانِ الحربيِّ ضِدَّ الزعيم الصومالي عام 1920م الذي تعرَّضَت منطقته للقَصفِ الشديد، فتكَبَّدت قواتُه خسائِرَ كبيرة إلَّا أنه نجا من الموتِ، فلجأ إلى أثيوبيا حيث توفِّيَ هناك عام 1921م. استمَرَّت مقاومةُ المهدي محمد عبد الله حسن من عام 1908م حتى عام 1920م. ونجا من الموتِ عام 1920م إلَّا أنَّ قواتِه العسكريةَ أُصيبت بانهيارٍ كاملٍ.
كان نَجمُ الدينِ أيوبُ نائِبَ بعلبك، وعلى قَلعَتِها رَجلٌ يُقالُ له الضَّحَّاكُ البِقاعيُّ، فكاتَبَ نَجمُ الدينِ نورَ الدينِ محمودًا، ولم يَزَل نورُ الدينِ يَتلَطَّف البِقاعيَّ حتى أَخَذَ منه القَلعةَ ثم استَدعَى نَجمَ الدينِ أيوبَ إليه بدمشق فأَقطَعَهُ إِقطاعًا حَسَنًا، وأَكرَمهُ. مِن أَجلِ أَخيهِ أَسَدِ الدينِ، فإنه كانت له اليَدُ الطُّولَى في فَتحِ دِمشقَ، وجَعلَ الأَميرَ شَمسَ الدولةِ بوران شاه بن نِجمِ الدينِ شِحْنَةَ دِمشقَ، ثم مِن بَعدِه جَعلَ أَخاهُ صَلاحَ الدينِ يُوسفَ هو الشِّحْنَةَ، وجَعلَهُ مِن خَواصِّهِ لا يُفارِقه حَضَرًا ولا سَفَرًا، لأنه كان حَسَنَ الشَّكلِ حَسَنَ اللَّعِبِ بالكُرَةِ، وكان نورُ الدينِ يُحِبُّ لَعِبَ الكُرَةِ لِتَمرينِ الخَيلِ وتَعلِيمِها الكَرَّ والفَرَّ.
تُوفِّي الشيخُ عبدُ السلام ياسين رحمه الله الزَّعيمُ الرُّوحيُّ لجماعة العدلِ والإحسان، بعد إصابتِه بوعكةٍ صحِّيَّة حادَّةٍ. وقد وُلد الشيخ عامَ (1928)، وعَمِل في سِلكِ التَّعليم لمدَّةِ (20) عامًا تدرَّج خلالَها في مجموعةٍ من المناصب التربويَّةِ والإدارية العالية. وفي سنةِ (1974) بَعث ياسين بنصيحةٍ إلى الملكِ الراحل الحسن الثاني، وهي عبارةٌ عن رسالةٍ حَوَت أكثرَ من (100) صفحةٍ سمَّاها: «الإسلامُ أو الطُّوفان»، واعتُقِل بسببِها لمدَّةِ ثلاثِ سنواتٍ وستَّةِ أشهُرٍ دُونَ محاكَمة. ودُفن الشيخُ يومَ الجمعةِ بالعاصمة الرباط، وصُلِّي عليه صلاةَ الجنازةِ بمسجِدِ السُّنة بنفس المدينةِ. وأعلن عبدُ الإله بن كيران رئيسُ الحُكومةِ المغربية عن حضورِه رسميًّا جنازةَ تشيِيعِ الشيخِ.
تُوفِّي بالسُّعودية الشَّيخُ الدكتور محمد روَّاس قلعجي السُّوريُّ الأصلُ، عن عُمر يناهز الـ(80) عامًا، قضى الكثيرَ منها في التأليفِ والفقهِ والتعليمِ، وفي البُحوث العلميَّة الإسلاميَّة. والدُّكتور محمد رواس قلعجي -رحمه الله- من مواليدِ مدينةِ حَلَب عامَ (1934م)، وحَصَل على الدكتوراه من جامعةِ الأزهرِ بمصرَ في عامَ (1975). وقد تأثَّر كثيرًا بمحدِّث حلبَ الشَّيخِ محمد راغب الطباخ -رحمه الله- كما تأثَّر بالشَّيخِ منتصر الكتاني في كلِّيَّة الشريعةِ بجامعة دِمَشق. تولَّى التفتيشَ في مديرية أوقافِ حلبَ، ثم تنقَّل بين الكُويت والسعودية أستاذًا جامِعيًّا وباحِثًا أكاديمِيًّا. وانشَغَل كثيرًا بجَمْع مَعاجمَ لفقهِ كبارِ الصَّحابة وكبارِ السَّلف، وجمع ذلك بلُغَة علميَّةٍ معاصِرَة.
وُلِد الشَّيخُ يوسُفُ بنُ عبدِ اللهِ القَرَضاويُّ عامَ 1345هـ /1926م، درَس مراحِلَ تعليمِه كُلَّها في الأزهَرِ حتى حصَل فيه على درَجةِ الدُّكتوراه، ثمَّ سافر عامَ 1961م إلى دولةِ قَطَر وعَمِل فيها مديرًا للمعهدِ الدِّينيِّ الثَّانويِّ، وبعدَ استقرارِه هناك حَصَل القَرَضاويُّ على الجِنسيَّةِ القَطَريَّةِ، وفي سنةِ 1397هـ/ 1977 م تولَّى تأسيسَ وعِمادةَ كُلِّيَّةِ الشَّريعةِ والدِّراساتِ الإسلاميَّةِ بجامعةِ قَطَر، كما أصبح مديرًا لمركَزِ بحوثِ السُّنةِ والسِّيرةِ النَّبَويَّةِ بجامعةِ قَطَر.
أسَّس الاتِّحادَ العالَميَّ لعُلَماءِ المُسلِمين وأصبح رئيسًا له إلى قَبلِ وفاتِه بسَنَواتٍ، وكان رئيسَ المجلِسِ الأوروبِّيِّ للإفتاءِ والبُحوثِ.
له العديدُ من المؤلَّفاتِ أشهَرُها كتابُ: (فِقهُ الزَّكاةِ).
توفِّيَ في مدينةِ الدَّوحةِ بقَطَر عن عُمرٍ يناهِزُ 96 عامًا.
بدأت العلاقةُ بين الطرفين المصري والسوري تسوء عندما عُيِّنَ المشير عبد الحكيم عامر حاكِمًا على سوريا في عام 1379هـ / 1959م فاستقال وزراءُ حزبِ البعث ونائِبُ رئيس الجمهورية البعثي أكرم الحوراني؛ وحدث استياءٌ عام في سوريا في الوسط المثقَّف والتعليمي وفي الجيش وحتى بين الشيوعيين الذين غادر أكثَرُهم البلاد، وعلى رأسهم زعيمهم خالد بكداش، فبدأ بعض الضباط السوريين العمل سرًّا لانفصال الوحدة، ومن بينهم عبد الكريم النحلاوي: مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر ومدير شؤون الضباط، واستطاع أن يجمع حوله عددًا من الضبَّاط من اختصاصات مختلفة منتظرًا الوقت المناسب، حتى كان يوم 18 ربيع الثاني 1381هـ / 28 أيلول 1961م وقع الانفصالُ الذي دبَّره النحلاوي مع الضباط السوريين.
مُحمَّد عِزَّة دَروزة مُفكِّر وكاتب مُسلِم، وُلِد في نابلس في 21 حُزَيران 1887م وتُوُفِّيَ في دِمَشقَ في 26 تموز 1984م. كان أديبًا، وصحفيًّا، ومترجمًا، ومُؤرخًا، ومُفسرًا للقُرآن. نشأ في أُسرة من عشيرةِ "الفريحات" التي كانت تسكُنُ شَرْق الأُردُنِّ، وانحدرت إلى فِلَسطينَ، واستوطنتْ نابلس. كان والِدُهُ يملِكُ محلًّا لتِجارة الأقمشةِ في سُوق خان التُّجَّار القديمِ الشهيرِ في المدينةِ القديمةِ في نابلس. تلقَّى دَروزةُ تعليمَه الأساسيَّ في نابلس حيث حصل على الشَّهادة الابتدائية في سنة 1900م، التحَقَ بعدها بالمدرسة الرَّشادية، وهي مدرسةٌ ثانويَّةٌ مُتوسِّطةٌ، وتخرَّج منها بعد ثلاثِ سنواتٍ، حاصلًا على شهادتِها. قرأ كُتُبًا كثيرةً مختلفةً في مجالات الأدبِ، والتاريخِ، والاجتماعِ، والحُقوقِ، سواءٌ ما كان منها باللُّغة العربية، أو بالتُّركية التي كان يُجيدُها. يسَّرت له وظيفتُهُ في مصلحة البريدِ أن يطَّلِع على الدَّورياتِ المِصريَّةِ المُتداولةِ في ذلك الوقتِ كالأهرامِ والهِلالِ والمُؤيِّد والمُقطَّمِ والمُقتَطَف، وكان البريدُ يقوم بتوزيع هذه الصُّحُف على المشتركين بها. بدأ نشاطُ مُحمَّد عِزَّة دَروزة في مَيدان الحَرَكة الوطنيَّةِ مُبكرًا في سنة 1909م، وشارك في إنشاء الجمعيَّات الوطنيَّةِ، والأحزابِ السياسيَّةِ. مالَ دَروزةُ إلى اتِّخاذِ إجراءاتٍ مُتصاعدةٍ ضدَّ السُّلطة البريطانية ما لم تستجبْ لمطالب البِلاد، ولم تجِدْ بريطانيا لمُواجَهةِ هذه الثورة بُدًّا من اعتقاله هو وزملاءَه، ولمَّا تجدَّدت الثورة سنة 1937م كان المسؤولَ عن التخطيط السياسي للثَّورة الفِلَسطينيَّةِ، وكانت تتلقَّى أوامرها من دِمَشقَ، حيث كان يُقيم دَروزةُ وغيرُهُ من القياداتِ الفِلَسطينيَّةِ اللَّاجِئينَ إليها، وظلَّ هناك قائمًا على أمر الثَّورة الفِلَسطينيَّةِ حتى اعتقله الفَرَنْسيُّونَ بتحريضٍ من الإنجليز في عام 1939م، وحُوكِمَ أمام محكمةٍ عسكريَّةٍ، فأصدرت عليه حكمًا بالسجن، ثم أُفرِجَ عنه سنة 1941م فلجأ إلى تُركيا، وقضى هناك أربعَ سنواتٍ عاد بعدها إلى فلسطين، واستمرَّ دَروزةُ يقوم بدَورِهِ السياسيِّ في خِدْمةِ القضيَّةِ الفلسطينيَّةِ حتى اشتدَّ عليه المرضُ في سنة 1948م، فاستقالَ من عُضويَّةِ الهيئةِ العربيةِ العُليا لفلسطين، وتفرَّغ للكتابة والتأليف، وقد سجَّلَ مُذكِّراتِهِ في ستَّةِ مُجلَّداتٍ ضخمةٍ، حوتْ مسيرةَ الحركةِ العربيةِ، والقضيةَ الفلسطينيةَ خلال قرنٍ من الزَّمانِ. وكتَبَ عددًا من المُؤلَّفاتِ حول فِلَسطينَ، وحول العُروبة، والقضايا العربية، وكتَبَ أيضًا حول الإسلام، والقضايا الإسلامية، منها كتابُ: "الدُّستور القرآني والسُّنَّة النَّبويَّة في شُؤون الحياة"، وطُبع في مُجلَّدينِ كبيرَينِ. ثم وافتْهُ المنيَّةُ في دِمَشقَ بحي الرَّوضةِ في يوم الخميس 26 من تموز 1984 الموافق 28 من شوال 1404هـ.
هو العلَّامةُ الفقيهُ الشيخ أبو محمد سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف الوهيبي الحنظلي التميمي، جَدُّ الإمام المجدِّد محمد بن عبد الوهاب, وعالمُ الدِّيار النجدية في عصره ومُفتيها. قيل إنه وُلد في بلدة أشيقر ونشأ فيها وقرأ على علمائها, واشتهر بالورع والتواضع وغمط النفس, والعدل في أقضيته، وكان قويًّا في الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، وبعد أن برز وبرع في العلم واشتهر، طَلَبَه أهالي روضة سدير؛ ليكون قاضيًا لديهم، فأجابهم، وانتقل من مسقط رأسه أشيقر إلى روضة سدير، وأخذ في تعليم الناس، والقضاء بينهم، فحُمِدَت سيرته، وانتفع به أهلُها كثيرًا. ثم انتقل بعد ذلك إلى العُيينة، حيث تولى القضاء فيها، وحُمِدَت سيرته فيها أيضًا, وصنف المنسك المشهور به، وكان عليه اعتماد الحنابلة في المناسك. وله فتاوى تبلغ مجلدًا ضخمًا.
أمر الخديوي إسماعيلُ باشا وزيرَ معارفه علي باشا مبارك بإنشاء دار العلوم عام 1872م لتصبحَ مؤسَّسةً تنويريَّةً حضارية، وقد أضيفت إلى جامعة القاهرة 1946م. وكانت كلية (دار العلوم) من قَبلُ تسمى (مدرسةَ دار العلوم)، وقد تطوَّرت (دار العلوم) إلى أن أصبحت إحدى المدارس العالية، وظلَّت كذلك إلى أن ضُمَّت لجامعة القاهرة، وأصبحت تسمى (كلية دار العلوم) محتفظةً باسمها التاريخي العزيز، وكلمة (علوم) التي يضمها اسمُ الكلية تَعني العلوم العربية والإسلامية، ودارُ العلوم كليةٌ تخرِّجُ متخصصين في اللغة العربية والأدب العربي والدراسات الإسلامية، ويستطيع المتخرجُ في كلية دار العلوم أن يعمَلَ في ميدان تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في مراحِلِ التعليم المختَلِفة، كما يمكِنُه العمل في مجالاتٍ أخرى، مثل الصحافة، والإذاعة المسموعة والمرئية والثقافية وغيرِها.
أعلن أحمد زكي بدر وزيرُ التربية والتعليم المصري، والدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية اتِّفاقَهُما على بدءِ تعديلِ مناهِجِ التربيةِ الدِّينية الإسلاميةِ المقرَّرة على الصفوف من الأوَّلِ الابتدائيِّ وحتى الثالثِ الثانويِّ عَبْرَ لجنةٍ يُشَكِّلُها الطرفانِ تبدَأُ عملَها بناءً على معايِيرَ يَضَعُها المُفتِي. وأوضَحَا أنَّ عمليةَ تغيِيرِ كتبِ الدينِ الإسلاميِّ تستهدِفُ تنقيتَها ممَّا سمَّيَاه الأفكارَ التي يُمكِن فهمُها على مَحمَلِ التحريضِ ضدَّ الآخَرِ والانعزالَ عن المجتمعِ! وقال المفتي علي جمعة: الكتبُ الحاليَّةُ أدَّت الغرضَ منها ونحتاجُ إلى كتبِ دينٍ جديدةٍ تتواصَلُ مع التطوُّرِ الزمنِيِّ وتجعَلُ الطُّلَّابَ أكثرَ تعايُشًا مع المجتمَعِ؛ لكنَّ هذا لا يَعنِي فسادَ الكتبِ السابقةِ. وأضاف أنَّ دارَ الإفتاءِ تملِكُ خُطة عَشرِيَّةً لتعديلِ المناهِجِ الدينيَّةِ خلالَ العِقدِ القادِمِ، على أن يُرَاعى تعديلُها في المستقبَلِ.
وُلِد الشَّيخُ محمَّدُ بنُ ناصرٍ العبوديُّ عام 1345هـ في مدينةِ بُرَيدة بمِنطقةِ القَصيمِ بالمملكةِ العربيَّةِ السُّعوديَّةِ، وتلقَّى تعليمَه الأوَّليَّ فيها على يَدِ عَدَدٍ من العُلَماءِ، ثمَّ عَمِل مُدَرِّسًا ثمَّ مديرًا للمعهدِ العِلميِّ في بُرَيدةَ، ثمَّ أصبح الأمينَ العامَّ للجامعةِ الإسلاميَّةِ بالمدينةِ المنوَّرةِ لثلاثةَ عَشَرَ عامًا، ثمَّ أصبح وكيلًا للجامعةِ ثمَّ مديرًا لها، ثمَّ شَغِل منصِبَ الأمينِ العامِّ المساعِدِ لرابطةِ العالمِ الإسلاميِّ، أتاح له عَمَلُه في الرَّابطةِ وقَبْلَها في الجامعةِ الإسلاميَّةِ بالمدينةِ زيارةَ كثيرٍ من بُلدانِ العالمِ؛ ممَّا مكَّنه أن يؤلِّفَ أكثَرَ من مائةٍ وستِّينَ كتابًا في أدَبِ الرَّحلاتِ، ويكونُ بهذا قد حقَّق رقْمًا قياسيًّا في كُتُبِ الرَّحلاتِ العربيَّةِ.
مُنِح ميداليةَ الاستحقاقِ في الأدَبِ عام 1394هـ، وتوفِّي رحمه الله في الرِّياضِ عن عُمرٍ ناهز 97 سنةً.