الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1885 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 69 العام الميلادي : 688
تفاصيل الحدث:

أقام عبدُ الملك بن مَرْوان بدِمشقَ بعدَ رُجوعِه مِن قِنَّسْرين ما شاء الله أن يُقيمَ، ثمَّ سار يُريدُ قَرْقِيسِيا وبها زُفَرُ بن الحارثِ الكِلابيُّ، وكان عَمرُو بن سعيدٍ مع عبدِ الملك، فلمَّا بلَغ بُطْنانَ حَبيبٍ رجَع عَمرٌو ليلًا ومعه حُميدُ بن حُرَيثٍ الكَلبيُّ، وزُهيرُ بن الأَبْرَدِ الكَلبيُّ، فأَتى دِمشقَ وعليها عبدُ الرَّحمن بن أُمِّ الحكمِ الثَّقفيُّ قد اسْتَخلَفَهُ عبدُ الملكِ، فلمَّا بَلغهُ رُجوعُ عَمرِو بن سعيدٍ هرَب عنها، ودَخلَها عَمرٌو فغَلَب عليها وعلى خَزائِنِه، وهَدَم دارَ ابنِ أُمِّ الحكمِ، واجتمع النَّاسُ إليه فخَطَبهم ونَهاهُم ووَعَدهُم، فأصبح عبدُ الملكِ وقد فَقَدَ عَمرًا، فسَألَ عنه فأُخْبِرَ خَبرُه، فرجَع إلى دِمشقَ فقاتَلهُ أيَّامًا، وكان عَمرٌو إذا أُخْرِج حُميدُ بن حُرَيثٍ على الخيلِ أَخرَج إليه عبدُ الملك سُفيانَ بن الأَبْرَدِ الكَلبيَّ، وإذا أُخْرِج عَمرٌو زُهيرُ بن الأبردِ أَخرَج إليه عبدُ الملك حسَّانَ بن مالكِ بن بَحْدَل. ثمَّ إنَّ عبدَ الملك وعَمرًا اصْطَلحا وكَتَبا بينهما كِتابًا وآمَنَهُ عبدُ الملك، فخرَج عَمرٌو في الخيلِ إلى عبدِ الملك فأَقبَل حتَّى أَوْطَأ فَرَسَهُ أَطْنابَ عبدِ الملكِ فانْقَطَعت وسَقَط السُّرادِق، ثمَّ دخَل على عبدِ الملك فاجْتَمَعا، ودخَل عبدُ الملك دِمشقَ يومَ الخميسِ، فلمَّا كان بعدَ دُخولِ عبدِ الملك بأربعةِ أيَّام أَرسَل إلى عَمرٍو: أنِ ائْتِنِي. فلمَّا كان العِشاءُ لَبِسَ عَمرٌو دِرْعًا ولَبِسَ عليها القُباءَ وتَقَلَّدَ سَيْفَهُ، ودخل عَمرٌو فرَحَّبَ به عبدُ الملك فأَجْلَسَهُ معه على السَّريرِ وجعَل يُحادِثُه طَويلًا، ثمَّ أَوْثَقَهُ وأَمَر بِقَتلِه، ثمَّ تَوَلَّى قَتْلَهُ بِنَفسِه فذَبَحهُ.

العام الهجري : 648 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1250
تفاصيل الحدث:

هي المَلِكةُ عِصمةُ الدين أمُّ خليل شَجَرةُ الدر كانت تركيةَ الجنس، وقيل بل أرمنيَّة، اشتراها الملِكُ الصالح نجم الدين أيوب، وحَظِيَت عنده بحيث كان لا يفارِقُها سفرًا ولا حضرًا، هي أوَّلُ مَن ملك مصر من ملوكِ الترك المماليكِ، وذلك أنَّه لما قُتِلَ الملك المعظم غياث الدين توران شاه بن الملك الصالح نجم الدين أيوب، اجتمع الأمراءُ المماليك البحرية، وأعيانُ الدولة وأهل المشورة، بالدهليز السلطاني، واتفقوا على إقامةِ شَجرةِ الدر أمِّ خليل زوجةِ الملك الصالح نجم الدين أيوب، في مملكةِ مِصرَ، وأن تكونَ العلاماتُ السلطانيَّة على التواقيعِ تَبرُز مِن قِبَلِها، وأن يكون مُقَدَّم العسكر الأميرَ عِزَّ الدين أيبك التركماني الصالحيَّ أحدَ البحرية، وحَلَفوا على ذلك في عاشر صفر، وخرج عزُّ الدين التركماني من المعسكَرِ إلى قلعة الجبل، وأنهى إلى شَجرةِ الدر ما جرى من الاتفاقِ، فأعجَبَها، وصارت الأمورُ كُلُّها معقودةً بها، والتواقيعُ تبرز من قلعة الجبل، وعلامتُها عليها والدةُ خليل، وخُطِبَ لها على منابِرِ مصر والقاهرة، ونُقِشَ اسمها على السكة، ومثالُه المستعصمة الصالحيَّة، ملكةُ المسلمين، والِدةُ الملك المنصورِ خليلٍ أمير المؤمنين، وكان الخطباءُ يقولون في الدعاء: اللهمَّ أدِمْ سلطان السِّترِ الرفيع، والحِجابِ المنيع، مَلِكة المسلمين، والِدَة الملك الخليل، وبَعضُهم كان يقول بعد الدعاء للخليفة: واحفَظِ اللهم الجُبَّةَ الصالحيَّة، ملكةَ المسلمين، عِصمةَ الدنيا والدين، أمَّ خليل المستعصميَّة صاحبة الملك الصالحِ.

العام الهجري : 733 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1333
تفاصيل الحدث:

عَمِلَ السُّلطانُ النَّاصِرُ محمد بن قلاوون بابًا من خَشَبِ السنط الأحمر، وصَفَّحه بفِضَّة زِنتُها خمسة وثلاثون ألفَ درهم وثلاثمائة درهم، ومضى به الأميرُ سيف الدين برسبغا الساقي إلى مكَّة، فقُلِعَ باب الكعبة العتيق، ورُكِّبَ هذا الباب وأخذ بنو شيبةَ الباب العتيق، وكان من خَشَبِ الساسم المصَفَّح بالفِضَّة، فوجدوا عليه ستين رطلًا من فِضَّة تقاسَموها فباعوها كلُّ دِرهمٍ بدرهمين، لأجلِ التبَرُّك، (وهذا خطأٌ من وجهَينِ: الأول: أنَّه رِبًا. والثاني: أنَّه لا يُتبَرَّكُ بمثل هذه الأشياءِ، وإن كانت بابًا للكعبة!) وتُرِكَ خَشَبُ ذلك الباب داخِلَ الكعبة، وعليه اسمُ صاحِبِ اليمن في الفردتين، واحدةٌ عليها: اللهُمَّ يا وليُّ يا عليُّ، اغفِرْ ليوسُفَ بنِ عُمَرَ بنِ عليٍّ.

العام الهجري : 240 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 854
تفاصيل الحدث:

هو أحمدُ ‌بنُ ‌أبي ‌دُؤادَ بنِ جَريرٍ الإياديُّ، القاضي البَصريُّ، ثُمَّ البغداديُّ، الجَهْميُّ، وليَ قضاءَ القُضاةِ للمُعتَصِمِ والواثِقِ وبَعضِ أيَّامِ المتوكِّلِ  . وُلِد سنةَ ستينَ ومائةٍ،  وكان أبوه تاجرًا يَفِدُ إلى الشام، ثم وفد إلى العراق وأخذ ولَدَه هذا معه إلى العراق، فارتحل للبصرةِ، واتصل ابن أبي دؤاد بأصحاب واصلِ بنِ عطاء، وعنهم أخذ مذهَبَ الاعتزالِ، ثم اتَّصلَ بالمأمونِ فكان قاضيَ القُضاةِ، وتوفِّيَ سنةَ أربعينَ ومائتينِ،  عن ثمانين سنةً ودُفِن بدارِه ببغدادَ، عامَلَه اللهُ بما يستَحِقُّ. وكان شاعرًا مُجيدًا، فصيحًا بليغًا، إلَّا أنَّه كان داعيةً إلى خَلقِ القُرآنِ. وقد كان يومَ المحنةِ مُؤَلِّبًا على أحمدَ بنِ حَنبَلٍ، وسببًا في شِدَّةِ تعذيبِه، وكان يقولُ: (يا أميرَ المؤمِنينَ، اقتُلْه، هو ضالٌّ مُضِلٌّ!)  .قال ابنُ عساكِرَ: (وليَ ابنُ أبي دُؤادَ قضاءَ القُضاةِ للمُعتَصِمِ ثُمَّ للواثِقِ، وكان موصوفًا بالجودِ والسَّخاءِ، وحُسنِ الخُلُقِ ووُفورِ الأدَبِ، غيرَ أنَّه أعلَن بمَذهَبِ الجَهْميَّةِ، وحَمَل السُّلطانَ على امتحانِ النَّاسِ بخَلقِ القُرآنِ)  .وحكى عثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارميُّ دورَ ابنِ أبي دُؤادَ في إشعالِ فِتنةِ خَلقِ القُرآنِ، فقال: (أكرَهوا النَّاسَ عليه بالسُّيوفِ والسِّياطِ، فلم تَزَلِ الجَهْميَّةُ سنواتٍ يركَبونَ فيها أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ بقُوَّةِ ابنِ أبي دُؤادَ المحادِّ للهِ ولرَسولِه، حتى استُخلِف المتوكِّلُ -رحمةُ اللهِ عليه- فطمَس اللهُ به آثارَهم، وقَمَع به أنصارَهم، حتى استقام أكثَرُ النَّاسِ على السُّنَّةِ الأُولى، والمنهاجِ الأوَّلِ)  .

العام الهجري : 1229 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1814
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ قائِدُ الجنودِ سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد بن سعود ثالثُ حُكَّام الدولة السعودية الأولى، ولد بالدرعية سنة 1165هـ وتولى الحكمَ بعد وفاة والده سنة 1218هـ يعتبر عصر سعودٍ قِمَّةَ ازدهار الحكم السعودي في الدولة السعودية الأولى؛ فقد استطاع إخضاعَ الحجاز وعمان، وبلغ حوران من الشام. يصِفُ ابن بشر الإمامَ سعودًا وعهده بقوله: "أَمِنَت البلاد وطابت قلوب العباد, وانتظمت مصالحُ المسلمين بحُسن مساعيه وانضبطت الحوادث بيُمْنِ مراعيه.., وكان متيقظًا بعيد الهمة، يسَّر الله له الهيبةَ عند الأعداء والحِشمةَ في قلوب الرعايا ما لم يره أحد في وقته, وكانت له المعرفةُ التامة في تفسير القرآن، أخذ العلم عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. وله معرفةٌ بالحديث والفقه وغير ذلك، بحيث إنه إذا كتب نصيحةً لبعض رعاياه من المسلمين ظهر عليه في حُسنِ نَظمِه ومضمونِ كلامِه عدمُ قصورٍ في الاطلاع على العلوم, وقد رأيتُ العجب في المنطوق والمفهوم.. فمن وقف على مراسلاتِه ونصائحه عرفَ بلاغتَه ووفورَ عِلمِه، وإذا تكلَّم في المحافل أو مجالِسِ التذكير بهر العقولَ مِمَّن لم يكن قد سَمِعه, وخال في نفسِه أنَّه لم يسمع مثله, وعليه الهيبةُ العظيمة التي ما سَمِعْنا بمثلها في الملوك السالفة. بحيث إنَّ ملوك الأقطار لا تتجاسَرُ مراجعة كلامه ولا ترمقُه ببصَرِها إجلالًا له وإعظامًا، وهو مع ذلك في الغاية من التواضع للمساكين وذوي الحاجة، وكثيرُ المداعبة والانبساط لخواصِّه وأصحابه, وكان ذا رأيٍ باهر وعقل وافر.. وكان ثبتًا شجاعًا في الحروب محبَّبًا إليه الجهاد في صِغَرِه وكبره، بحيث إنه لم يتخلَّفْ في جميع المغازي والحِجَج، ويغزو معه العلماء من أهل الدرعية.. وإخوانه وبنو عمه كلُّ واحد من هؤلاء بدولة عظيمة من الخيل والركاب والخيام والرجال وما يتبع ذلك من رحائِلِ الأمتاع والأزواد للضيفِ وغيره, وقام في الجهاد وبذَلَ الاجتهاد، وفتحَ أكثر البلدان في أيامِ أبيه وبعد موتِه، وأُعطي السعادةَ في مغازيه, ولا أعلَمُ أنه هُزِمَت له راية، بل نُصِر بالرعب في قلوب أعدائه، فإذا سمعوا بمغزاه ومعداه هرب كلٌّ منهم وترك أباه وأخاه وماله وما حواه" وكان له مجلس علم في الدرعية بعد طلوع الشمسِ يَحضُرُه جمعٌ عظيم، بحيث لا يتخَلَّفُ إلا النادر من أهل الأعمال يجلسون حِلَقًا كُلُّ حلقة خلفها حلقةٌ، لا يحصيهم العَدُّ، فإذا اجتمع الناسُ خرج سعود من قَصرِه ويجلس بجانِبِه الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو الذي يقرأ عليه، ومن الكتب التي تُقرأ عليه في هذا المجلس تفسيرُ ابن جرير الطبري، وابن كثير, وله مجالِسُ أخرى يُقرأ فيها عليه رياضُ الصالحين، وصحيح البخاري. توفي الإمام سعود ليلة الاثنين 11 جمادى الأولى من هذه السنة, عن عمر 74 سنة، وكانت ولايته عشر سنين وتسعة أشهر وأيامًا، وكان موته بعِلَّةٍ وقعت أسفل بطنه أصابه منها حَصَر بول, وكان قد أنجب 12 ولدًا وانقرضت ذريَّتُه سنة 1265هـ, وتولَّى بعده ابنه عبد الله خلفًا له.

العام الهجري : 1243 العام الميلادي : 1827
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ العلَّامةُ الأوحد الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، الثِّقةُ الثَّبتُ, التقي الوَرِعُ المجاهد المحتَسِب, ذو الهمة العالية والشجاعة المتناهية, الذي خَلَف والِدَه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في مؤازرة الإمامِ عبد العزيز بن محمد بن سعود، وخَلَفه في بثِّ العلم والقيام بدعوة التوحيد ونَشْرها، والدفاع عنها بالقلَمِ واللسان، والحُجَّة والبيان، وهو عالمُ نجد بعد أبيه ومُفتيها، ومَن له الفتاوى السديدة والأجوبة العديدة، والرُّدود العظيمة، ومن ضُرِبَت إليه أكبادُ الإبل مِن سائِرِ بلدان نجد، وتوالت عليه الأسئلةُ من جميع قرى نجد ومدُنِها. ولِدَ في الدرعية سنة 1165هـ ونشأ بها في كَنَف والده، وقرأ القرآنَ حتى حَفِظه ثم شرع في القراءةِ على والده، فتفَقَّه في المذاهب الإسلامية، ومهَرَ في علمي الفروع والأصول، وكان مع هذا عالِمًا بارزًا في علم التفسير والعقائد وأصول الدين، عارفًا بالحديث ومعانيه، وبالفِقهِ وأصوله، وعلم النحو واللغة، وله اليدُ الطولي في جميع العلوم والفنون، كرَّس جُهدَه وأوقف حياته على تحصيلِ العلم وتعليمه ونَشْره تدريسًا وتأليفًا، فأخذ عنه العِلمَ خلقٌ كثيرٌ من فطاحلة عُلماء نجد وجهابِذتِهم، وكان مَرجِعَ القضاة في عهد الإمامِ عبد العزيز بن محمد بن سعود، وابنِه الإمام سعود، وابنِه الإمام عبد الله، وقد ألَّف مؤلفات كثيرة، منها: جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية، ردَّ به على بعض عُلماء الزيدية الذين اعترضوا على دعوةِ التوحيد السَّلَفية، وألَّف مختَصَر السيرة النبوية في مجلَّدٍ ضخمٍ، والكلمات النافعة في المكفِّرات الواقعة، وألَّف منسكًا صغيرًا للحج، وكتب رسائِلَ وفتاوى كثيرة، وكان له دروسٌ خاصة يحضُرُها الإمام سعود عبد العزيز، وابنه الإمام عبد الله بن سعود، في الدرعية، وقد صَحِبَ الأمير سعودَ بن عبد العزيز في دخوله مكَّةَ سنة 1218، وكتب حالَ دخوله مكة المكرمة مع الأمير سعود رسالةً وإجابةً منه لِمن سأله عمَّا يعتقدونه ويدينون للهِ به، وكان مع هذا شجاعًا مِقدامًا، وقف في باب البجيري المعروف -أثناء حصار إبراهيم باشا للدرعيَّة- وشهَرَ سَيفَه وقاتل قِتالَ الأبطال قائلًا كلمته المشهورة: "بطنُ الأرض على عِزٍّ خيرٌ من ظهرِها على ذُلٍّ" وقاتَلَ حتى رد العساكِرَ وزحزحهم عن مواقِفِهم، وذلك في آخر حرب الباشا على الدرعية، ثم نقله باشا إلى مصرَ بعد ما استولى على الدرعية، وذلك سنة 1242هـ, ونقل معه ابنه عبد الرحمن، وبقي بمصر محدودَ الإقامة حتى توفِّيَ  بمصر، وقد أنجب ثلاثةَ أبناء عُلَماء، هم: الشيخ سليمان، الذي قتله إبراهيم باشا في الدرعية، وعليٌّ قُتِلَ فيما بعد على يد بعض عساكرِ الترك بنجد، وعبد الرحمن نُقِلَ مع أبيه إلى مصر صغيرًا وتعلَّم بها ودرَّس برُواق الحنابلةِ.

العام الهجري : 1247 العام الميلادي : 1831
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ علي باشا واليًا على بغداد مِن جهةِ السلطان محمود العثماني، وعَزَلَ داود أفندي، وأشخصه إلى استانبول، واستولى على خزائنِه، وكان داود شغوفًا بجمع الأموال ومصادرةِ الرجال وأخذ أموالهم.

العام الهجري : 1 العام الميلادي : 622
تفاصيل الحدث:

عنِ ابنِ عُمَرَ قال: كان المسلمون حين قَدِموا المدينةَ يجتَمِعون فيتَحيَّنون الصَّلواتِ، وليس يُنادي بها أحدٌ، فتَكلَّموا يومًا في ذلك فقال بعضُهم: اتَّخِذوا ناقوسًا مِثلَ ناقوسِ النَّصارى، وقال بعضُهم: قَرْنًا مِثْلَ قَرْنِ اليَهودِ. وقال عبدُ الله بنُ زيدٍ: (لمَّا أَمَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالنَّاقوسِ يُعملُ لِيُضرَبَ به للنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلاةِ طاف بي وأنا نائمٌ رجلٌ يَحمِلُ ناقوسًا في يَدِه فقلتُ: يا عبدَ الله أَتبيعَ النَّاقوسَ؟ قال: وما تصنعُ به؟ فقلتُ: نَدعو به إلى الصَّلاةِ قال: أفلا أَدُلُّك على ما هو خيرٌ مِن ذلك؟ فقلتُ له: بلى. قال: فقال: تقولُ: الله أَكبرُ، الله أَكبرُ، الله أَكبرُ، الله أَكبرُ، أَشهدُ أن لا إلَه إلَّا الله، أَشهدُ أن لا إلَه إلَّا الله، أَشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، أَشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، حَيَّ على الصَّلاةِ، حَيَّ على الصَّلاةِ، حَيَّ على الفَلاحِ، حَيَّ على الفَلاحِ، الله أَكبرُ، الله أَكبرُ، لا إلَه إلَّا الله. قال: ثمَّ اسْتأخَر عَنِّي غيرَ بَعيدٍ، ثمَّ قال: وتقولُ إذا أَقمتَ الصَّلاةَ: الله أَكبرُ، الله أَكبرُ، أَشهدُ أن لا إلَه إلَّا الله، أَشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله، حَيَّ على الصَّلاةِ، حَيَّ على الفَلاحِ، قد قامتِ الصَّلاةُ، قد قامتِ الصَّلاةُ، الله أَكبرُ، الله أَكبرُ، لا إلَه إلَّا الله. فلمَّا أَصبحتُ أَتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه بما رأيتُ، فقال إنَّها لَرُؤْيا حَقٌّ إن شاء الله، فقُمْ مع بلالٍ فَأَلْقِ عليه ما رَأيتَ فَلْيُؤَذِّنْ به؛ فإنَّه أَندى صوتًا منك. فقمتُ مع بلالٍ فجعلتُ أُلْقِيهِ عليه ويُؤذِّنُ به، قال فسمِع ذلك عُمَرُ بنُ الخطَّابِ وهو في بيتِه، فخرج يَجُرُّ رِداءَهُ ويقولُ: والذي بعثَك بالحقِّ يا رسولَ الله، لقد رأيتُ مِثلَ ما رَأى. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: فللهِ الحمدُ).

العام الهجري : 475 العام الميلادي : 1082
تفاصيل الحدث:

كان يوسفُ بن تاشفين قد استَفحلَ أَمرُه بالمَغربِ واستَولَى على أَكثرِ البلادِ, فلمَّا سَمِعَ الأَميرُ أبو بكرِ بن عُمرَ بما آلَ إليه أَمرُ يوسفَ بن تاشفين وما مَنحَه الله من النصرِ أَقبلَ من الصحراءِ لِيَختَبِرَ أَحوالَه، ويُقالُ: إنه كان مُضمِرًا لِعَزلِه وتَولِيَةِ غَيرِه فأَحَسَّ يوسفُ بذلك فشاوَرَ زَوجتَه زينبَ بنت إسحاقَ -كان قد تَزوَّجَها بعدَ أبي بكر بن عُمرَ- فقالت له: إنَّ ابنَ عَمِّك مُتَوَرِّع عن سَفْكِ الدِّماءِ، فإذا لَقِيتَه فاترُك ما كان يَعهدُه منك من الأدبِ والتَّواضُع معه، وأَظهِر أَثَرَ التَّرَفُّعِ والاستبدادِ حتى كأنَّك مُساوٍ له ثم لاطِفْهُ مع ذلك بالهَدايا من الأَموالِ والخِلَعِ وسائرِ طرف المغربِ واستَكثِر من ذلك, فأَخذَ برَأيِها, فأَظهرَ له القُوةَّ وقَدَّمَ له الهَدايا المُستَطرفَة فأَدرَك أبوبكرٍ حالَ ابنِ تاشفين وأنَّه  لن يَتخلَّى له عن الأَمرِ, فقال له: يا بنَ عَمِّ، انزِل أُوصِيكَ. فنَزَلا مَعًا وجَلَسا، فقال أبو بكرٍ إنِّي قد وَلَّيْتُكَ هذا الأَمرَ، وإنِّي مَسؤولٌ عنه، فاتَّقِ الله تعالى في المسلمين، وأَعتِقْنِي وأَعتِق نَفسَك من النارِ، ولا تُضَيِّع من أُمورِ رَعِيَّتِك شيئًا، فإنَّك مَسؤولٌ عنه، والله تعالى يُصلِحُك ويَمُدُّك ويُوفِّقُك للعَملِ الصالِحِ والعَدلِ في رَعِيَّتِك، وهو خَليفَتِي عليك وعليهم. وقد مَلَكَ ابنُ تاشفين بعدوَةِ المغربِ من جزائر بَنِي مذغنة إلى طنجة إلى آخر السوسِ الأقصى إلى جِبالِ الذَّهَبِ من بلادِ السُّودان.

العام الهجري : 1420 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1999
تفاصيل الحدث:

أبو عبدِ الرحمنِ محمدٌ ناصرُ الدِّينِ بنُ نوح نجاتي بن آدم الألبانيُّ علَّامةُ الشامِ، وُلد عامَ 1332هـ / 1914م في أشقودرة عاصمة ألبانيا آنذاكَ، نشأ في أسرة فقيرة، وكان والده مُتخرِّجًا من المعهد الشرعي في الآستانة، ثم هاجر والدُه مع أسرته إلى دِمَشقَ عندما بدأ الحاكم أحمد زوغو يَزيغُ عن الحق، ويأمُرُ بنزع الحجاب، ويَسيرُ على خُطى الطاغية أتاتورك، فدرس الشيخ محمد ناصر في دِمَشقَ المرحلة الابتدائية، ثم لم يُكمِلْ في المدارس النظامية، بل بدأ بالتعلُّم الديني على المشايخ، فتلقَّى القرآن من والدِه وتعلَّم الصرفَ، واللغةَ، والفقهَ الحنفيَّ، ثم توجَّه لدراسة علم الحديث والتحقيق حتى برَعَ فيه، هذا غير دروسِه التي كان يُلقيها في دِمَشقَ وحلَبَ، وباقي المحافظات السورية قبلَ خروجِه منها، ولمَّا بدأت المشاكل الأمنيَّة في سوريا خرج الشيخُ من سوريا، وكان قد درَّس في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سنةَ 1381هـ، لمدة ثلاث سنوات، أفاد فيها كثيرًا من الطلاب، وقد أثْنى عليه الكثيرُ من العلماء، فقال عنه الشيخُ ابنُ عُثيمين: إنه محدِّثُ العصر، وقد كان يُعَدُّ هو داعيةَ الشام إلى الدعوة الصحيحة، فقد أفاد منه الكثيرُ من الطلاب في دِمَشقَ قبل خروجِه، وفي الأُردُنِّ حيث استقرَّ فيها أخيرًا، وأشرطتُه التي سُجِّلت له تدُلُّ على فضله وعلمه، وأمَّا كتبُه فهي خيرُ شاهدٍ على علمِه، وسَعةِ اطِّلاعه، وعُلوِّ كَعبِه في فن الحديثِ، وعِلمِ الجَرحِ والتعديلِ، والتصحيحِ والتضعيفِ، بل يُعَدُّ هو رائدَ هذا العصر في علم الحديثِ، فمن كُتبه: ((السلسة الصحيحة))، و((السلسلة الضعيفة))، وكتاب ((إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل))، وتحقيقُه لكُتب السُّنَن الأربعة، ولصحيح ابن حِبَّان، وللترغيب والترهيب، ولمشكاة المصابيح، ولصحيح الجامع، وللسُّنة لابن أبي عاصم، وغيرها من التحقيقات، أما مؤلَّفاتُه فمنها كتاب: ((صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كأنَّك تراه))، و((آداب الزفاف))،  و((تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد))، و((أحكام الجنائز))، و((حجة النبي صلى الله عليه وسلم))، و((التوسل))، و((حجاب المرأة المسلمة))، و((قيام رمضان))، وقد أثْرَت كُتبه المكتبةَ الإسلامية، وأمَّا وَفاتُه فكانت يومَ السبت في الثاني والعشرين من شهر جُمادى الآخرة سنةَ 1420هـ، عن عمر يُناهزُ الثامنةَ والثمانينَ، وذلك في عمَّانَ عاصمة الأُردُنِّ، وكان قد أوْصى بألَّا يؤخَّر دَفنُه أبدًا، فغُسِّلَ من فَوْره، كما أوْصى ألَّا يُحمَلَ على سيارة، فحُمل على الأكتاف إلى المقبرة، حيث صُلِّيَ عليه بعد صلاة العشاء من نفس اليوم، ودُفِنَ في مقبرة قديمة قُربَ حي هملان في عمَّانَ، رحمه اللهُ تعالى، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا.

العام الهجري : 213 العام الميلادي : 828
تفاصيل الحدث:

كان إدريسُ الثاني قد بُويِعَ وهو رضيعٌ، ولَمَّا بلغ الحاديةَ عشرة من عمره بويع مرةً أخرى، وكان جوادًا أحبَّه الرعيَّةُ، واستمال أهلَ تونُسَ وطرابلس الغرب التي كان يحكُمُها الأغالبة، وانتظم له البربر وبنى مدينةَ فاس، وأخضع الخوارِجَ الصفرية في تلمسان، فلما مات عن عمر 36 عامًا خَلَفَه ابنُه محمَّدٌ، فاختلف الأدارسة؛ إذ نازعه أخوه عيسى بن إدريسَ الذي كان واليًا على أزمور، فأراد محمد أن يستعينَ عليه بأخيه القاسمِ والي طنجةَ، لكن القاسِمَ رفضَ، فاستنجد بأخيه عُمَر والي مكناس، فساعده وسار أولًا إلى عيسى، فلما أوقع عمَرُ بعيسى وغلبَ على ما في يده استنابَه إلى أعمالِه بإذن أخيه محمَّد، ثم أمَرَه أخوه محمَّد بالنهوض إلى حربِ القاسم لقعوده عن إجابتِه في محاربة عيسى، فزحف إليه وأوقع به واستناب عليه إلى ما في يَدِه، فصار الريفُ البحري كلُّه من عمَلِ عُمَرَ مِن تيكيشاش وبلاد غمارة إلى سبتة ثم إلى طنجة.

العام الهجري : 411 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1021
تفاصيل الحدث:

كان الحاكِمُ العُبَيديُّ صاحِبُ مِصرَ يواصِلُ الرُّكوبَ وتتصَدَّى له العامَّةُ، فيَقِفُ عليهم ويسمَعُ منهم. وكان النَّاسُ في ضنكٍ مِن العَيشِ معه. فكانوا يدسُّونَ إليه الرِّقاعَ المختومةَ بالدُّعاءِ عليه والسَّبِّ له ولأسلافِه، حتى إنَّهم عَمِلوا تمثالَ امرأةٍ مِن كاغد بخُفٍّ وإزارٍ ثمَّ نَصَبوها له، وفي يَدِها قصَّةً. فأمَرَ بأخْذِها مِن يَدِها، ففتَحَها فرأى فيها العظائمَ، فقال: انظُروا مَن هذه. فإذا هي تمثالٌ مَصنوعٌ. فتقَدَّمَ بطَلَبِ الأمراءِ والعُرَفاء فحَضَروا، فأمَرَهم بالمصيرِ إلى مِصرَ لِنَهبِها وحَرقِها بالنَّارِ وقَتلِ أهلِها, فتوجَّهوا لذلك، فقاتل المصريونَ عن أنفُسِهم بحَسَبِ ما أمكَنَهم. ولحِقَ النَّهبُ والحريقُ الأطرافَ والنواحيَ التي لم يكُنْ لأهلِها قُوَّةٌ على امتناعٍ، ولا قدرةٌ على دفاعٍ. واستَمَرَّت الحربُ بين العبيدِ والرَّعيَّة ثلاثةَ أيام، وهو يركَبُ ويُشاهِدُ النَّارَ، ويَسمَعُ الصِّياح. فيَسأل عن ذلك، فيُقال له: العَبيدُ يَحرِقونَ مِصرَ. فيتوجَّعُ ويقولُ: مَن أمَرَهم بهذا؟ لعَنَهم اللهُ, فلما كان في اليومِ الثَّالثِ اجتمَعَ الأشرافُ والشُّيوخُ إلى الجامِعِ ورَفَعوا المصاحِفَ، وعَجَّ الخَلقُ بالبُكاءِ والاستغاثةِ بالله. فرَحِمَهم الأتراكُ وتقاطَروا إليهم وقاتَلوا معهم. وأرسلوا إلى الحاكِمِ يقولونَ له: نحن عبيدُك ومماليكُك، وهذه النَّارُ في بلَدِك وفيه حَرَمُنا وأولادُنا، وما عَلِمْنا أنَّ أهلَها جَنَوا جنايةً تَقتَضي هذا، فإن كان باطِنٌ لا نَعرِفُه عَرِّفْنا به، وانتَظِرْ حتى نُخرِجَ عيالَنا وأموالَنا، وإن كان ما عليه هؤلاء العَبيدُ مُخالِفًا لرأيِك أطلِقْنا في مُعامَلتِهم بما نعامِلُ به المُفسِدينَ. فأجابهم: إنِّي ما أردتُ ذلك ولا أَذِنتُ فيه، وقد أَذِنتُ لكم في الإيقاعِ بهم، وأرسل للعبيدِ سِرًّا بأنْ كونوا على أمْرِكم، وقَوَّاهم بالسِّلاحِ، فاقتَتَلوا وعاودوا الرِّسالةَ: إنَّا قد عَرَفْنا غَرَضَك، وإنَّه إهلاكُ البَلدِ، ولَوَّحوا بأنَّهم يَقصِدونَ القاهرةَ، فلما رآهم مُستَظهرينَ، رَكِبَ حِمارَه ووقف بين الفَريقينِ، وأومأ إلى العَبيدِ بالانصرافِ، وسَكَنَت الفتنةُ، وكان قَدْرُ ما أُحرِقَ مِن مِصرَ ثُلُثَها، ونُهِبَ نِصفُها. وتتَبَّع المِصريونَ مِن أَسَرَ الزَّوجاتِ والبَناتِ، فاشتَرَوهنَّ مِن العَبيدِ بعد أن اعتُدِيَ عليهنَّ، حتى قَتَل جماعةٌ أنفُسَهنَّ مِن العارِ. ثمَّ زاد ظُلمُ الحاكِمِ، وعَنَّ له أن يَدَّعي الرُّبوبيَّةَ، كما فعَلَ فِرعونُ، فصار قَومٌ مِن الجُهَّالِ إذا رأوه يقولونَ: يا واحد يا أحد، يا محيي يا مميت.

العام الهجري : 4 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 625
تفاصيل الحدث:


خَرَج عبدُ اللَّه بنُ أُنيسٍ رَضي اللهُ عنه من المدينةِ يومَ الإثنَينِ لخمسٍ خَلَونَ من المُحرَّمِ على رأس خمسةٍ وثلاثين شهرًا من مُهاجَرِ رسولِ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وبَلَغَ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ سُفيانَ بنَ خالِدِ بن نُبَيحٍ الهُذليَّ ثم اللِّحيانيَّ -وكان يَنزِل عُرْنةَ وما والاها في أُناسٍ من قومِه وغيرِهم- يُريد أن يَجمَعَ الجُموعَ إلى رسولِ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فضَوَى إليه بَشَرٌ كثيرٌ من أفناءِ الناسِ.
قال عبدُ اللَّه بنُ أُنيسٍ رضي اللَّه تعالى عنه: دَعاني رسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: "إنَّه بَلَغني أنَّ سفيانَ بنَ خالدِ بنِ نُبَيحٍ يَجمَع لي الناسَ ليَغزوَني وهو بنَخلةَ أو بعُرْنةَ فأْتِه فاقْتُلْه". فقلتُ: يا رسول اللَّه، صِفْهُ لي حتى أعرِفَه. فقال: "آيةُ ما بَينَك وبَينَه أنَّك إذا رَأيتَه هِبتَه وفَرِقْتَ منه، ووَجَدْتَ له قُشَعْريرةً، وذَكَرْتَ الشَّيطانَ". قال عبد اللَّه: كنتُ لا أهابُ الرِّجالَ، فقلت: يا رسول اللَّه، ما فَرِقتُ من شيءٍ قطُّ. فقال: "بَلَى؛ آيةُ ما بَينَك وبَينَه ذلك: أن تَجِدَ له قُشَعْريرةً إذا رَأيتَه". قال: واستَأذَنتُ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن أقولَ. فقال: "قُلْ ما بَدا لَكَ". وقال: "انتَسِبْ لخُزاعةَ". فأخَذتُ سَيفي ولم أزِدْ عليه وخرجتُ أعتَزي لخُزاعةَ حتى إذا كنتُ ببَطنِ عُرْنةَ لَقيتُه يمشي ووراءه الأحابيشُ. فلمَّا رَأيتُه هِبتُه وعَرَفتُه بالنَّعتِ الذي نَعَت لي رسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فقلتُ: صَدَقَ اللَّهُ ورسولُه، وقد دخل وقتُ العَصرِ حين رَأيتُه، فصَلَّيتُ وأنا أمشي أُومي برَأسي إيماءً. فلمَّا دَنَوتُ منه قال: "مَنِ الرَّجلُ؟". فقلتُ: "رجلٌ من خُزاعةَ سَمِعتُ بجَمعِكَ لمُحمَّدٍ فجِئتُكَ لأكونَ مَعَك عليه". قال: "أجلْ؛ إنِّي لَفي الجَمعِ له". فمَشَيتُ معه وحدَّثتُه فاستَحلَى حديثي وأنشَدتُه وقلتُ: "عَجَبًا لِمَا أحدَثَ مُحمَّدٌ مِن هذا الدِّينِ المُحدَثِ، فارَقَ الآباءَ وسَفَّه أحلامَهم". قال: "لم ألْقَ أحَدًا يُشبِهُني ولا يُحسِنُ قِتالَه". وهو يتوكَّأُ على عصًا يَهُدُّ الأرضَ، حتى انتَهَى إلى خِبائِه وتفرَّق عنه أصحابُه إلى منازِلَ قَريبةٍ منه، وهم يُطيفون به. فقال: هَلُمَّ يا أخا خُزاعةَ. فدَنَوتُ منه. فقال: اجلِسْ. فجَلَستُ معه حتى إذا هَدَأ الناسُ ونامَ اغتَرَرْتُه. وفي أكثرِ الرِّواياتِ أنه قال: فمَشَيتُ معه حتَّى إذا أمكَنني حَمَلتُ عليه السَّيفَ فقَتَلتُه وأخذتُ رأسَه. ثم أقبلتُ فصَعِدتُ جَبَلًا، فدَخَلتُ غارًا وأقبَلَ الطلبُ من الخيلِ والرجالِ تَمعَجُ في كلِّ وجهٍ وأنا مُكتَمِنٌ في الغارِ، وأقبل رجلٌ معه إداوَتُه ونعلُه في يدِهِ وكنتُ خائفًا، فوضع إداوَتَه ونعلَه وجلس يَبولُ قَريبًا من فَمِ الغارِ، ثم قال لأصحابِه: ليس في الغارِ أحدٌ، فانصَرَفوا راجِعين، وخرجتُ إلى الإداوةِ فشَرِبتُ ما فيها وأخذتُ النَّعلَين فلَبِستُهما. فكنتُ أسير الليلَ وأكمُنُ النهارَ حتى جِئتُ المدينة، فوَجَدتُ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجد، فلمَّا رآني قال: "أفلَحَ الوَجهُ". فقلت: وأفلَحَ وَجهُكَ يا رسول اللَّه". فوَضَعتُ الرَّأسَ بين يَدَيه وأخبَرتُه خَبَري، فدَفَع إليَّ عصًا وقال: "تَخَصَّرْ بِها في الجَنَّةِ؛ فإنَّ المُتخَصِّرين في الجَنَّةِ قَليلٌ".
فكانتِ العصا عند عبدِ اللَّه بن أُنَيسٍ حتى إذا حضَرَته الوفاةُ أوصى أهلَه أن يُدرِجوا العصا في أكفانِه. ففَعَلوا ذلك. قال ابنُ عُقبةَ: "فيَزعُمون أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَرَ بقتلِ عبدِ اللَّه بنِ أُنيسٍ سُفيانَ بنَ خالِدٍ قبلَ قُدومِ عبدِ اللَّه بنِ أُنَيسٍ رضي اللَّه تعالى عنه".

العام الهجري : 200 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 816
تفاصيل الحدث:

لَمَّا هزَمَ هَرثمةُ بنُ أعين أبا السرايا ومن كان معه من وُلاة الخلافة، وهو محمد بن محمد، وشَى بعضُ الناس إلى المأمون أنَّ هرثمة راسلَ أبا السرايا وهو الذي أمره بالظُّهور، فاستدعاه المأمونُ إلى مروٍ فأمر به فضُرِبَ بين يديه ووُطِئَ بطنُه، ثمَّ رفع إلى الحبس ثم قُتِلَ بعد ذلك بأيام، وانطوى خبَرُه بالكلية. ولَمَّا وصل بغدادَ خبَرُ قتلِه عَبَثَت العامَّة والحربيَّة بالحسن بن سهل نائب العراق، وقالوا: لا نرضى به ولا بعمَّاله ببلادنا، وأقاموا إسحاقَ بن موسى المهدي نائبًا، واجتمع أهلُ الجانبين على ذلك، والتفَّتْ على الحسَنِ بن سهل جماعةٌ من الأمراء والأجناد، وأرسل من وافق العامَّةَ على ذلك من الأمراء يحرِّضُهم على القتال، وجرت الحروبُ بينهم ثلاثةَ أيام في شعبان من هذه السنة، ثم اتفق الحالُ على أن يعطيهم شيئًا من أرزاقهم يُنفِقونها في شهرِ رمضان، فما زال يَمطُلُهم إلى ذي القعدة حتى يُدرِك الزرع، فخرج في ذي القَعدة زيدُ بن موسى الذي يقال له زيدُ النَّار، معه أخو أبي السرايا، وقد كان خروجُه هذه المرة بناحية الأنبار، فبعث إليه عليُّ بنُ هشام نائبُ بغداد عن الحسَنِ بن سهل- والحسَنُ بالمدائن إذ ذاك- فأُخِذَ وأُتِيَ به إلى عليِّ بنِ هشام، وأطفأ اللهُ ثائِرتَه.

العام الهجري : 743 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1343
تفاصيل الحدث:

في يومِ عَرَفةَ بعَرَفةَ وقعت فتنةٌ بين العَرَبِ والحُجَّاج من قَبلِ الظُّهرِ إلى غروبِ الشَّمسِ، قُتِلَ فيها جماعةٌ، وسَبَبُها أنَّ الشَّريفَ رُميثة بن أبي نُمي أميرَ مكَّةَ شكا من بني حَسَن إلى أميرِ الحاجِّ، فركِبَ أميرُ الحاجِّ في يوم عرفة بعرفة لحَربِهم، وقاتَلَهم وقَتَلَ مِن التُّركِ سِتَّة عشر فارسًا، وقَتَل من جماعةِ بني حسن عِدَّة، وانهزم بقيَّتُهم، فنفر النَّاسُ مِن عَرَفةَ على تخوُّف، ولم يُنهَبْ لأحدٍ شَيءٌ، ولا تزال بنو حَسَن بمِنًى، ثمَّ رحل الحاجُّ بأجمَعِهم يومَ النَّفرِ الأوَّل، ونزلوا الزاهِرَ خارجَ مكة، وساروا منه ليلًا إلى بطنِ مرو، وقيل غير ذلك، فقيل إنه لما كان يومُ عرفة تنافر أشرافُ مكَّةَ مع الأجناد من مِصرَ، فركبوا لحَربِهم بُكرةَ النهار، ووقفوا للحَربِ صَفَّين، فمشى الشريفُ عجلان بينهم، فلم تُطِعْه الأشرافُ، وحملوا على الأجنادِ وقاتلوهم، فقُتِلَ منهم ومن العامَّة جماعة، وأبلى الشريفُ عجلان بن عقيل وأبلى كذلك الأميرُ أيدمر بلاءً عظيمًا، فعاتبه بعضُ مماليك الأمير بشتاك، ورماه بسَهمٍ في صدره ألقاه عن فَرَسِه، وقُتِلَ معه أيضًا جماعة، وآلَ الأمرُ إلى نهبِ شيءٍ كثير، ثم تراجَعَ عنهم الأشرافُ.