الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3431 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 2 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 623
تفاصيل الحدث:

قِيلَ لِزيدِ بنِ أَرقمَ: " كم غَزا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن غَزوةٍ؟ قال: تِسعَ عشرةَ. قِيلَ: كم غَزوتَ أنت معه؟ قال: سبعَ عشرةَ. قِيلَ: فأَيُّهم كانت أوَّلَ؟ قال: الْعُسَيْرَةُ، أَوِ الْعُشَيْرُ.
وقعت غَزوةُ العُشَيْرَةِ قبلَ وَقعةِ بدرٍ، سَلَكَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على نَقْبِ بني دِينارٍ، ثمَّ على فَيْفاءِ الخَبارِ فنزل تحت شجرةٍ ببَطْحاءَ ابنِ أَزهرَ يُقالُ لها: ذاتُ السَّاقِ. فصَلَّى عندها... وصُنِعَ له عندها طعامٌ فأكل منه وأكل النَّاسُ معه... واسْتُقِيَ له مِن ماءٍ به يُقالُ له: المُشْتَرِبُ، ثمَّ ارْتَحل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فترك الخلائقَ بيَسارهِ وسلك شُعبةً يُقالُ لها: شُعبةُ عبدِ الله... ثمَّ صَبَّ لليَسارِ حتَّى هبَط يَلْيَلَ فنزل بِمُجتَمعِه ومُجتمعِ الضَّبُوعَةِ، واسْتَقى مِن بئرٍ بالضَّبُوعَةِ، ثمَّ سلك الفَرْشَ فَرْشَ مَلَلٍ حتَّى لَقِيَ الطَّريقَ بصحيرات بِصُخَيْراتِ اليَمامِ، ثمَّ اعتدل به الطَّريقُ حتَّى نزل العُشَيْرَةَ مِن بطنِ يَنْبُعَ فأقام بها جُمادى الأُولى ولياليَ مِن جُمادى الآخرةِ، وادَع فيها بني مُدْلِجٍ وحُلفاءَهُم مِن بني ضَمْرَةَ ثمَّ رجع إلى المدينةِ ولمْ يَلْقَ كَيْدًا.

العام الهجري : 6 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 627
تفاصيل الحدث:

بَعَثَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُحمَّدَ بن مَسلَمةَ رَضي اللهُ عنه في ثلاثين راكِبًا إلى القُرْطاءِ -بينها وبين المدينةِ سَبعُ ليالٍ-، وهم بَطنٌ من بني بَكرٍ، واسمُه: عُبَيدُ بنُ كِلابٍ.
فخَرَج محمدُ بنُ مَسلَمةَ رَضي اللهُ عنه وأصحابُه فسار اللَّيلَ واستَتَر النَّهارَ، فلمَّا أغار عليهم هَرَب سائِرُهم بعد أن قَتَل نَفَرًا منهم، واستاقَ المسلمون نَعَمًا وشاءً، وقَدِموا المدينةَ لِلَيلةٍ بَقيَت من المُحرَّمِ ومعهم ثُمامةُ بنُ أُثالٍ الحَنفيُّ سيِّدُ بني حَنيفةَ، كان قد خَرَج مُتنَكِّرًا لاغتيالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمرِ مُسيلِمةَ الكَذَّابِ، فأخَذَه المسلمون، فلمَّا جاؤوا به رَبَطوه بساريةٍ من سَواري المَسجِدِ، فخَرَج إليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: "ما عِندَكَ يا ثُمامةُ؟" فقال: عِندي خَيرٌ يا مُحمَّدُ، إنْ تَقتُلْ تَقتُلْ ذا دَمٍ، وإنْ تُنعِمْ تُنعِمْ على شاكِرٍ، وإنْ كُنتَ تُريدُ المالَ فسَلْ تُعطَ منه ما شِئتَ، فتَرَكَه. ثم مرَّ به مرَّةً أُخرَى، فقالَ له مِثلَ ذلك، فرَدَّ عليه كما ردَّ عليه أولًا، ثم مرَّ مرَّةً ثالِثةً فقال بعدما دار بينهما الكَلامُ السَّابِقُ: "أطلِقوا ثُمامةَ"، فأطلَقوه، فذَهَب إلى نَخلٍ قَريبٍ من المسجِدِ، فاغتَسَل، ثم جاءه فأسلَمَ، وقال: "واللهِ ما كان على وَجهِ الأرضِ وَجهٌ أبغَضَ إليَّ من وَجهِك، فقد أصبَحَ وَجهُك أحبَّ الوُجوهِ إليّ، وواللهِ ما كان على وَجهِ الأرضِ دينٌ أبغَضَ إلَيَّ من دِينِك، فقد أصبَحَ دينُك أحَبَّ الأديانِ إليَّ، وإنَّ خَيلَك أخذَتْني وأنا أُريدُ العُمرةَ، فبَشَّرَه رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأمَره أن يَعتَمِرَ؛ فلمَّا قَدِم على قُرَيشٍ قالوا: صَبَأتَ يا ثُمامةُ، قال: لا واللهِ، ولكنِّي أسلَمتُ مع مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا واللهِ لا يأتيكُم من اليَمامةِ حَبَّةُ حِنطةٍ حتى يأذنَ فيها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم". وكانت يَمامةُ ريفُ مكةَ؛ فانصَرَف إلى بلادِه، ومَنَع الحَمْلَ إلى مكةَ، حتى جَهِدَت قُريشٌ، وكَتَبوا إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسألونه بأرحامِهِم أن يَكتُبَ إلى ثُمامةَ يُخلِّي إليهِم حَمْلَ الطَّعامِ؛ ففَعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

العام الهجري : 584 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1188
تفاصيل الحدث:

لَمَّا فرغ  صلاحُ الدينِ مِن أمرِ قلعةِ صهيون، سار في ثالث جمادى الآخرة، فوصلَ إلى قلعة بكاس فرأى الفرنجَ قد أخلَوها، وتحصَّنوا بقلعة الشغر، فمَلَك قلعةَ بكاس بغيرِ قتالٍ، وتقَدَّمَ إلى قلعة الشغر وحصَرَها، وهي وبكاس على الطريقِ السَّهلِ المسلوكِ إلى اللاذقيَّة وجبلة، والبلاد التي افتتحها صلاحُ الدين من بلاد الشام الإسلاميَّة، فلما نازلها رآها منيعةً حصينة لا تُرام، ولا يُوصَلُ إليها بطريقٍ من الطرق، إلَّا أنَّه أمر بمزاحفتِهم ونَصْبِ منجنيقٍ عليهم، ففعلوا ذلك، ورمى بالمنجنيقِ، فلم يَصِلْ من أحجاره إلى القلعةِ شَيءٌ إلا القليل الذي لا يؤذي، فبقي المسلمونَ عليه أيامًا لا يَرَونَ فيه طمعًا، وأهلُه غير مهتمِّينَ بالقتال لامتناعِهم عن ضررٍ يتطَرَّقُ إليهم، وبلاءٍ ينزل عليهم، فبينما صلاحُ الدين جالِسٌ، وعنده أصحابُه إذ أشرف عليهم فرنجيٌّ ونادى بطَلَبِ الأمان لرسولٍ يحضُرُ عند صلاح الدين، فأجيبَ إلى ذلك، ونزل رسول، وسأل إنظارَهم ثلاثة أيام، فإن جاءهم من يمنَعُهم وإلَّا سَلَّموا القلعةَ بما فيها من ذخائِرَ ودوابَّ وغير ذلك، فأجابهم إليه وأخذ رهائِنَهم على الوفاءِ به، فلما كان اليوم الثالث سلموها إليه، واتَّفق يوم الجمعة سادس عشر جمادى الآخرة؛ وكان سبب استمهالتهم أنَّهم أرسلوا إلى البيمند، صاحِبِ أنطاكيَّةَ، وكان هذا الحِصنُ له، يُعَرِّفونَه أنهم محصورون، ويَطلُبونَ منه أن يدفَعَ عنهم المسلمين، فإن فعل وإلَّا سَلَّموها، وإنما فعلوا ذلك لرعبٍ قَذَفه اللهُ تعالى في قلوبهم، وإلَّا فلو أقاموا الدهرَ الطويلَ لم يصِلْ إليهم أحد، ولا بلغ المسلمونَ منهم غَرَضًا، فلمَّا تسلم صلاح الدين الحِصنَ سَلَّمه إلى أميرٍ يقال له قلج، وأمَرَه بعمارتِه ورحَلَ عنه.

العام الهجري : 366 العام الميلادي : 976
تفاصيل الحدث:

مَلَكَ سبكتكين مدينةَ غزنة وأعمالَها، وكان ابتداءُ أمرِه أنَّه كان مِن غِلمانِ أبي إسحاقَ بنِ البتكين، صاحِبِ جيش غزنة للسامانية، وكان مقَدَّمًا عنده، وعليه مدارُ أمرِه، وقدِمَ إلى بُخارى، أيَّامَ الأمير منصور بن نوح، مع أبي إسحاق، فعَرَفَه أربابُ تلك الدولة بالعقلِ والعفَّة، وجودةِ الرأي والصَّرامة، وعاد معه إلى غزنة، فلم يلبثْ أبو إسحاق أن توفِّيَ، ولم يخَلِّفْ من أهلِه وأقاربه من يصلُحُ للتقَدُّم، فاجتمع عسكَرُه ونظروا فيمن يلي أمْرَهم، ويجمَعُ كَلِمتَهم، فاختلفوا ثمَّ اتَّفَقوا على سبكتكين؛ لِما عَرَفوه من عقلِه ودينِه ومروءتِه، وكمالِ خِلالِ الخير فيه، فقَدَّموه عليهم، ووَلَّوه أمرَهم، وأطاعوه فوَلِيَهم، وأحسَنَ السِّيرةَ فيهم، وساس أمورَهم سياسةً حَسَنةً، وجعل نفسَه كأحدِهم في الحالِ والمال، وكان يدَّخِرُ من إقطاعِه ما يعمَلُ منه طعامًا لهم في كلِّ أُسبوعٍ مَرَّتين.

العام الهجري : 584 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1188
تفاصيل الحدث:

لما فتح صلاح الدين بغراس عزم على التوجُّهِ إلى أنطاكيَّةَ وحَصرِها، فخاف البيمند صاحِبُها من ذلك، وأشفق منه، فأرسل إلى صلاحِ الدين يطلُبُ الهدنة، وبذَلَ إطلاقَ كُلِّ أسيرٍ عنده من المسلمين، فاستشار مَن عنده من أصحابِ الأطراف وغيرهم، فأشار أكثَرُهم بإجابته إلى ذلك؛ ليعود النَّاسُ ويستريحوا ويجَدِّدوا ما يحتاجون إليه، فأجاب إلى ذلك، واصطلحوا ثمانيةَ أشهُرٍ، وسَيَّرَ رسولَه إلى صاحِبِ أنطاكية يستحلِفُه، ويُطلِقُ مَن عنده من الأسرى، وكان صاحِبُ أنطاكية في هذا الوقتِ أعظَمَ الفرنج شأنًا، وأكثَرَهم ملكًا، وأما صلاح الدين فإنه عاد إلى حَلَب ثالث شعبان، فدخلها وسار منها إلى دمشق، وفرَّق العساكِرَ الشَّرقيَّةَ، ثم رحل من حلب إلى دمشق، ودخل دمشقَ أوَّلَ شهرِ رمضان.

العام الهجري : 839 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1436
تفاصيل الحدث:

بلغ تغري برمش البهسني نائب حلب بعد قدومه من أبلستين إلى حلب أن ناصر الدين بن دلغادر نزل بالقرب من كينوك، فجهَّز إليه أخاه حسنًا حاجب حجَّاب حلب، وحسن هو الأسنُّ، ومعه مائة وخمسون فارسًا إلى عينتاب؛ تقويةً للأمير خجا سودون، وقد نزل بها بعد أن انفرد عن العسكر المصري من يوم خرج من الديار المصرية، فتوجَّه حسن بمن معه إلى خجا سودون وأقام عنده، فلما كان يوم الرابع والعشرين ذي الحجة من سنة تسع وثلاثين وصل إليهم الأمير جانبك الصوفي، ومعه الأمير قرمش الأعور، والأمير كمشبغا المعروف بأمير عشرة أحد أمراء حلب، وكان توجَّه من حلب وانضمَّ على جانبك الصوفي قبل تاريخه بمدة طويلة، ومعه أيضًا أولاد ناصر الدين بك ابن دلغادر جميعهم ما عدا سليمان، فنزلوا على مرج دلوك، ثم ركبوا وساروا منه إلى قتال خجا سودون بعينتاب، فركب خجا سودون أيضًا بمماليكه وبمن معه من التركمان والعربان، وقاتلهم آخر النهار، وباتوا ليلتهم، وأصبحوا يوم الثلاثاء خامس عشرين ذي الحجة تقدَّم حسن حاجب الحُجَّاب بمن معه من التركمان والعربان أمام خجا سودون، فتقدم إليهم جانبك الصوفي بمن معه، وهم نحو الألفي فارس، فقاتلته العساكر المذكورة المصرية، وقد تفرقوا فرقتين: فرقة عليها خجا سودون وحسن حاجب الحجاب، وفرقة عليها الأمير تمرباي اليوسفي المؤيدي دوادار السلطان بحلب، وتركمان الطاعة في كل فرقة منهما، وتصادم الفريقان فكانت بينهم وقعة هائلة انكسر فيها جانبك الصوفي، وأمسك الأمير قرمش الأعور، والأمير كمشبغا أمير عشرة، وهما كانا جناحي مملكته، وثمانية عشر فارسًا من أصحاب جانبك الصوفي، وانهزم جانبك في أناس وتبعهم العساكر فلم يقدروا عليهم فعادوا، فأخذ خجا سودون قرمش وكمشبغا بمن معهما، وقيَّد الجميع وسيَّرهم إلى حلب، وكتب بذلك إلى السلطان، فقدم الخبر على السلطان في صفر من سنة 840، ومع المخبر رأس الأمير قرمش الأعور، ورأس الأمير كمشبغا أمير عشرة، وأنه قُتِل من قُبِض معهما بحلب، فشُهِر الرأسان بالقاهرة، ثم ألقيا في سرداب الأقذار بأمر السلطان ولم يُدفَنا.

العام الهجري : 183 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 799
تفاصيل الحدث:

هو السَّيِّدُ أبو الحسن العلوي موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، والِدُ الإمام علي بن موسى الرضا, المدنِيُّ، ولد سنة ثمان وعشرين ومائة بالمدينةِ ثم نزلَ بغداد,َ لقب بالكاظِمِ لكَظمِه عمَّن أساء إليه، كان مجتهدًا في العبادةِ كريمًا، قيل: إنَّ سبَبَ سَخَطِ الرشيدِ عليه هو أنَّ الرشيدَ لَمَّا زار قبرَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: السَّلامُ عليك يا عمَّاه يفتَخِرُ بذلك، فقال موسى: السَّلامُ عليك يا أبتِ. فقال الرشيدُ: هذا هو الفَخرُ يا أبا الحسَنِ, ثم لم يزَلْ ذلك في نفسِه، فحَنقَ عليه حتى استدعاه في سنة تسعٍ وسبعين وسجَنَه فأطال سَجنَه، وقيل: بل لأنَّه سَمِعَ أنَّ النَّاسَ يبايعونَ له فحَمَله معه إلى البصرةِ وحَبَسَه عند واليها عيسى بن جعفرٍ، ثمَّ نقَلَه إلى الفضلِ البرمكي، ثمَّ حَوَّله إلى السندي بن شاهك، إلى أن مات عنده ودُفِنَ في بغداد.

العام الهجري : 35 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 656
تفاصيل الحدث:

بعدَ أن جاءَ وَفدٌ مِن مِصْرَ مُظْهِرين العُمرَةَ، وجاؤوا المدينةَ وناقَشوا عُثمانَ في بعضِ الأَمْرِ وأظْهَروا الشَّكْوى والتَّأَفُّفِ منه حتَّى أَقنَعهُم بما يَراهُ حتَّى خرجوا مِن عندِه راجِعين لمِصْرَ، ثمَّ جاءَ وَفدٌ مِن مِصْرَ وتَواعَدوا مع وَفدِ الكوفةِ ووَفدِ البَصرَةِ في المدينةِ؛ ولكنَّ عددًا مِن الصَّحابةِ على رأسهم عَلِيُّ بن أبي طالبٍ قام بمُواجَهَتِهم قبلَ دُخولِ المدينةِ ممَّا أخافَهُم، فأظهروا الرُّجوعَ إلى أَمْصارِهم، ولكن لم يَلبَثْ أهلُ المدينةِ بعدَ عَودةِ عَلِيٍّ ومَن معه إلَّا وهؤلاء في المدينةِ يُكَبِّرون وقد قاموا بمُحاصَرةِ دارِ عُثمانَ، وزَعَموا أنَّ عُثمانَ بعَث كِتابًا بقَتْلِ وَفدِ مِصْرَ، ورجَع الباقون معهم تَضامُنًا، وكان الحِصارُ في بِدايَتِهِ يَسيرًا، يَخرُج عُثمانُ فيُصلِّي بالنَّاسِ، ويَأتِيهِ مَن يَأتِيهِ مِن الصَّحابةِ، ثمَّ اشْتَدَّ الحِصارُ وأراد الصَّحابةُ في المدينةِ قِتالَ هؤلاء المُنحَرِفين؛ ولكنَّ عُثمانَ أَبَى عليهم ذلك، ولم يُرِدْ أن يَحدُثَ شيءٌ بِسَببِه يكونُ فيه سَفْكٌ للدِّماءِ، واشْتَدَّ الحِصارُ حتَّى مَنعوهُ حتَّى الماءَ، ثمَّ وَصلَت الأخبارُ أنَّ إمْداداتٍ جاءت لِنَجْدَةِ الخَليفةِ، فاسْتعجَلَ المُنحرِفون الأَمْرَ فأرادوا الدُّخولَ على عُثمانَ فمَنَعَهم الحسنُ بن عَلِيٍّ وعبدُ الله بن الزُّبيرِ وغيرُه، فتَسَوَّرُوا الدَّارَ ودَخلوهُ عَنْوَةً فقَتلوا عُثمانَ بن عفَّانَ رضِي الله عنه في دارهِ آمِنًا، وقَتلوا معه غُلامَيْن له، وأُصيبَتْ زَوجتُه نائِلةُ، ونُهِبَتْ الدَّارُ، ونَهَبوا كذلك بيتَ المالِ، وكانت مُدَّةُ خِلافَتِه اثنتي عشرةَ سَنةً إلَّا أيَّامًا، فجَزاهُ الله عن المسلمين خيرَ الجزاءِ، وهو أحدُ العشرةِ المُبَشَّرِين بالجنَّةِ، ذو النُّورَيْنِ، سُمِّيَ بذلك لأنَّه تَزوَّج ابنتي النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم رُقَيَّةَ وأُمَّ كُلثومٍ.

العام الهجري : 1393 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1973
تفاصيل الحدث:

كان محمَّد داود (وهو ابنُ عمِّ الشاه محمَّد ظاهر، وزَوج شقيقتِه) قد أصبَح رئيسًا للوزراءِ في أفغانستانَ، إضافةً إلى احتفاظِه بوزارتيِ الدَّاخلية والدِّفاع، وكان يَمِيل إلى الرُّوس؛ حيث تعامَل معهم وعقَد معهم معاهداتٍ مِن تسليحٍ وغيرِه، ولمَّا عرَف الشاهُ مُيولَه وأطماعَه نحَّاه عن منْصبِه، وهذا ما ولَّد النِّقمةَ عنده، ثم إنَّ الرُّوس وأعوانَهم لمَّا رأَوُا ازديادَ النَّشاط الإسلاميِّ ونُموَّه بشكلٍ ملحوظٍ جدًّا في ظِلِّ الشاه، خافوا ذلك، فأيَّدوا محمَّد داود ووَعَدوه بالنُّصرة، وهو رَبيبُهم والمقرَّبُ لَدَيهم، فقام في صباح الثلاثاء 17 جمادى الآخرة / 17 تموز بانقلابٍ عسكريٍّ ناجحٍ، وإن لقِيَ مُقاومةً عنيفة، وأعلَنَ أنَّ الذي دفَعَه للانقلابِ كثرةُ الفساد في الإدارةِ، وسُوء استخدام السُّلطة، وتفشِّي الرِّشوة، ثم قام بإلغاء النِّظام الملكِي وأعلَن النِّظام الجُمهوري، ونصَّب نفْسَه رئيسًا للجُمهورية الأفغانيةِ.

العام الهجري : 805 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1403
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ عبد الجبَّار بن عبد الله المعتزلي الحنفي الخوارزمي عالم الدشت، صاحب تيمورلنك وإمامه وعالمه وترجمانه. ولد في حدود سنة 770، وكان إمامًا عالِمًا بارعًا، متقِنًا للفقه، والأصلين، والمعاني، والبيان، والعربية، واللغة، انتهت إليه الرئاسة في أصحاب تيمور، وكان هو عظيم دولته، ولما قدم تيمور البلاد الحلبية والشامية كان عبد الجبَّار هذا معه، وباحَثَ وناظر علماء البلدين، وكان فصيحًا باللغات الثلاث: العربية، والعجمية، والتركية، وكانت له ثروة ووجاهة وعَظَمة وحرمة زائدة إلى الغاية؛ قال أبو الفلاح العكري الحنبلي: "كان عبدالجبار ينفع المسلمين في غالب الأحيان عند تيمور، وكان يتبرَّمُ من صحبة تيمور ولا يسعُه إلا موافقته، ولم يزل عنده حتى مات في ذي القعدة".

العام الهجري : 7 ق هـ العام الميلادي : 615
تفاصيل الحدث:

بلغ المهاجرين في الحَبشةِ أنَّ قُريشًا قد أسلمتْ، فرجعوا إلى مكَّة في شوَّالٍ من نفسِ السَّنةِ التي هاجروا فيها، فلمَّا كانوا دون مكَّة ساعةً من نهارٍ وعرفوا جلية الأمرِ رجع منهم مَنْ رجع إلى الحَبشةِ، ولم يدخلْ في مكَّة مِن سائرهِم أحدٌ إلَّا مُستخفِيًا، أو في جِوارِ رجلٍ من قُريشٍ‏.‏ ثم اشتدَّ عليهِم وعلى المسلمين البلاءُ والعذابُ من قُريشٍ، وسَطَتْ بهِم عشائرُهُم، فقد كان صعبًا على قُريشٍ ما بلغها عَنِ النَّجاشيِّ من حُسنِ الجِوارِ، ولم يرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بُدًّا من أن يُشيرَ على أصحابهِ بالهجرةِ إلى الحَبشةِ مَرَّةً أُخرى‏.‏ واستعدَّ المسلمون للهجرةِ مَرَّةً أُخرى، حاولتْ قُريشٌ إحباطَ عمليَّةِ الهجرةِ الثَّانيةِ بَيْدَ أنَّ المسلمين كانوا أسرعَ، فانحازوا إلى نَجاشيِّ الحَبشةِ قبلَ أن يُدركوا‏.‏ هاجر مِنَ الرِّجالِ ثلاثةٌ وثمانون رجلًا، وثماني عشرةَ أو تسعَ عشرةَ امرأةً. فأرسلتْ قُريشٌ عَمرَو بنَ العاصِ، وعبدَ الله بنَ أبي رَبيعةَ قبلَ أن يُسلِما، وأرسلوا معهُما الهدايا المُستطرَفةَ للنَّجاشيِّ ولبَطارِقتِهِ، وبعد أن حضرا إلى النَّجاشيِّ قدَّما له الهدايا، ثمَّ كلَّماهُ فقالا له‏:‏ أيُّها الملكُ، إنَّه قد ضَوَى إلى بلدِك غِلمانٌ سُفهاءُ، فارقوا دينَ قومهِم، ولم يدخلوا في دينِك، وجاءوا بدينٍ ابتدعوه، لا نعرفُه نحن ولا أنت، وقد بعثَنا إليك فيهِم أشرافُ قومهِم من آبائهِم وأعمامهِم وعشائرهِم؛ لِتردَّهُم إليهِم، فَهُمْ أعلى بهِم عينًا، وأعلمُ بما عابوا عليهِم. وعاتبوهُم فيهِ،‏ وقالت البَطارِقةُ‏:‏ صَدقا أيُّها الملكُ، فأسلِمْهُم إليهِما، فليردَّاهُم إلى قومهِم وبلادهِم‏.‏ فأرسل النَّجاشيُّ إلى المسلمين، ودعاهُم، فحضروا، وكانوا قد أجمعوا على الصِّدقِ كائنًا ما كان،‏ فقال لهم النَّجاشيُّ‏:‏ ما هذا الدِّينُ الذي فارقتُم فيه قومَكُم، ولم تدخلوا به في ديني ولا دينِ أحدٍ من هذه المِلَلِ ‏؟‏ قال جعفرُ بنُ أبي طالبٍ -وكان هو المُتكلِّمُ عَنِ المسلمين‏:‏ أيُّها الملكُ، كُنَّا قومًا أهلَ جاهليَّةٍ؛ نعبدُ الأصنامَ، ونأكلُ المَيتةَ، ونأتي الفواحشَ، ونقطعُ الأرحامَ، ونُسِئُ الجِوارَ، ويأكلُ مِنَّا القويُّ الضَّعيفَ، وعدَّد له مَحاسنَ ما جاءهُم به صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال: فصدَّقناهُ، وآمنَّا بهِ، واتَّبعناهُ على ما جاءنا بهِ من دينِ الله، فعبدنا الله وحدَه، فلم نُشركْ به شيئًا، وحرَّمنا ما حُرِّمَ علينا، وأحللنا ما أحلَّ لنا، فعدا علينا قومُنا، فعذَّبونا وفَتنونا عن ديننا؛ لِيردُّونا إلى عِبادةِ الأوثانِ من عِبادةِ الله تعالى، وأن نَستحِلَّ ما كُنَّا نَستحِلُّ مِنَ الخبائثِ، فلمَّا قَهرونا وظَلمونا وضيَّقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادِك، واخترناك على مَنْ سِواكَ، ورغِبنا في جِوارِك، ورَجوْنا ألَّا نُظْلَمَ عندك أيُّها الملكُ‏.‏ فقال له النَّجاشيُّ‏:‏ هل معك ممَّا جاء به عن الله من شيءٍ‏؟‏ فقال له جعفرٌ‏:‏ نعم‏.‏ فقال له النَّجاشيُّ‏:‏ فاقْرأْهُ عليَّ، فقرأ عَليهِ صدرًا من: (سورة مريم) فبكى النَّجاشيُّ حتَّى اخْضَلَّتْ لِحيتُه، وبكتْ أساقِفتُه حتَّى أخْضَلُوا مصاحِفَهُم حين سمِعوا ما تلا عليهِم، ثمَّ قال لهم النَّجاشيُّ‏:‏ إنَّ هذا والذي جاء به عيسى لَيخرجُ من مِشكاةٍ واحدةٍ، انطلقا، فلا والله لا أُسلِمُهُم إليكُما، ولا يُكادونَ -يُخاطِبُ عَمرَو بنَ العاصِ وصاحبَه- فخرجا، فلمَّا خرجا قال عَمرُو بنُ العاصِ لعبدِ الله بنِ أبي رَبيعةَ‏:‏ والله لآتينَّهُ غدًا عنهُم بما أَسْتَأْصِلُ به خَضراءَهُم‏.‏ فقال له عبدُ الله بنُ أبي رَبيعةَ‏:‏ لا تفعلْ، فإنَّ لهم أرحامًا، وإنْ كانوا قد خالفونا. ولكنْ أصرَّ عَمرٌو على رأيِهِ‏.‏ فلمَّا كان الغدُ قال للنَّجاشيِّ‏:‏ أيُّها الملكُ، إنَّهم يقولون في عيسى ابنِ مريمَ قولًا عظيمًا، فأرسل إليهم النَّجاشيُّ يسألهُم عن قولِهم في المَسيحِ ففَزِعوا، ولكنْ أجمعوا على الصِّدقِ، كائنًا ما كان، فلمَّا دخلوا عَليهِ وسألهم، قال له جعفرٌ‏:‏ نقولُ فيه الذي جاءنا به نبيُّنا صلى الله عليه وسلم‏:‏ هو عبدُ الله ورسولُه ورُوحهُ وكَلِمتُه ألقاها إلى مريمَ العذراءِ البَتُولِ‏.‏ فأخذ النَّجاشيُّ عودًا مِنَ الأرضِ ثمَّ قال‏:‏ والله ما عَدا عيسى ابنُ مريمَ ما قلتَ هذا العودَ. فتَناخَرتْ بَطارِقتُه، فقال‏:‏ وإنْ نَخَرْتُم ‏.‏ ثمَّ قال للمسلمين‏:‏ اذهبوا فأنتم شُيُومٌ بأرضي -والشُّيومُ‏:‏ الآمِنونَ بلسانِ الحَبشةِ- مَنْ سَبَّكم غَرِم، مَنْ سَبَّكم غَرِم، مَنْ سَبَّكم غَرِم، ما أُحِبُّ أنَّ لي دَبْرًا من ذهبٍ وإنِّي آذيتُ رجلًا منكُم -والدَّبْرُ‏:‏ الجبلُ بلسانِ الحَبشةِ-‏ ثمَّ قال لِحاشِيَتِهِ‏:‏ رُدُّوا عليهِما هَداياهُما فلا حاجةَ لي بها، فوالله ما أخذَ الله مِنِّـي الرِّشـوةَ حين رَدَّ عليَّ مُلكي، فآخذُ الرِّشـوةَ فيــه، وما أطاع النَّاسَ فِيَّ فأُطيعَـهُم فيهِ‏.‏ قالتْ أمُّ سَلمةَ: فخرجا من عندِه مَقبوحينَ مَردودًا عليهِما ما جاءا بهِ، وأقمنا عندهُ بخيرِ دارٍ مع خيرِ جارٍ‏.‏

العام الهجري : 6 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 628
تفاصيل الحدث:

كان بَطنُ فَزارةَ يُريدُ اغتيالَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فبَعَث رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَريَّةً على رَأسِها: أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضي اللهُ عنه فأغار عليهم، وقَتَل وأسَر وسَبَى، وكان مِن شَياطينِهم أُمُّ قِرْفةَ التي جهَّزَت ثلاثين فارِسًا من أهلِ بَيتِها لاغتيالِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقُتِلوا وسُبيَتِ ابنَتُها، ففَدَى بها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعضَ أُسارَى المسلمين في مكةَ.
أخرج الإمامُ مسلمٌ في «صَحيحِه» عن سَلَمةَ بنِ الأكوَعِ رَضي اللهُ عنه قال: غَزَونا فَزارةَ، وعلينا أبو بَكرٍ؛ أمَّرَه رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علينا؛ فلمَّا كان بيننا وبين الماءِ ساعةٌ أمَرَنا أبو بَكرٍ فعَرَّسنا ثم شنَّ الغارةَ، فوَرَدَ الماء، فقَتَل مَن قَتَل عليه، وسَبَى، وأنظُرُ إلى عُنُقٍ من النَّاسِ، فيهِمُ الذَّراري فخَشيتُ أن يَسبِقوني إلى الجبلِ، فرَمَيتُ بسهمٍ بينهم وبين الجبلِ. فلمَّا رَأوُا السَّهمَ وَقَفوا، فجِئتُ بهم أسوقُهم. وفيهمُ امرَأةٌ من بني فَزارةَ عليها قَشْعٌ من أدَمٍ -أي: ثَوبٌ من الجِلدِ-، معها ابنةٌ من أحسَنِ العَرَبِ، فسُقتُهم حتى أتيتُ بهم أبا بَكرٍ، فنَفَلَني أبو بكرٍ ابنَتَها. فقَدِمنا المدينةَ، وما كَشَفتُ لها ثَوبًا، فلَقيَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في السُّوقِ، فقال: "يا سَلَمةُ، هَبْ لي المَرأةَ". فقلتُ: "يا رسولَ الله، والله لقد أعجَبَتني، وما كَشَفتُ لها ثَوبًا"، ثم لَقيَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من الغَدِ في السُّوقِ، فقال لي: "يا سَلَمةُ، هَبْ لي المَرأةَ للهِ أبوكَ!" فقلتُ: هي لك يا رسولَ الله، فوالله ما كَشَفتُ لها ثَوبًا. فبَعَث بها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أهلِ مكةَ، ففَدَى بها ناسًا من المسلمين، كانوا أُسِروا بمكةَ.

العام الهجري : 356 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 967
تفاصيل الحدث:

هو السُّلطانُ مُعِزُّ الدولة أبو الحسين, أحمدُ بنُ بُوَيه بن فنا خسرو بن تمام بن كوهي الديلمي الفارسي الشيعي, كان أبوه سمَّاكًا, وهو ربَّما احتطب. تملَّك العراق نيفًا وعشرين سنة بلا كُلفةٍ، ودانت له الأُمَم, ولَمَّا تغَلَّب على بغداد سنة 334 لقَّبَه الخليفةُ المستكفي بمعزِّ الدولة، وتولى منصِبَ أميرِ الأمراء، وبدا بتسَلُّطه على الخليفة فأصرَّ أن يُذكَرَ اسمُه مع اسمِ الخليفةِ في خُطبة الجمعة، وأن يُسَكَّ اسمُه على العملة مع الخليفة. ورتَّبَ للخليفة نفقاتِه خمسة آلاف درهمٍ في كل يوم. وكذلك كان الخليفةُ المطيع لله مقهورًا معه، أظهر أبو الحُسَين الرَّفضَ ودعَمَ التشَيُّع. وهو أوَّلُ من أجرى السُّعاةَ بين يديه ليبعثَ بأخبارِه إلى أخيه ركن الدَّولةِ سريعًا إلى شيراز، وحظِيَ عنده أهلُ هذه الصناعةِ, وكان عنده في بغداد ساعيان ماهران، وهما فضل وبرغوش، يتعصَّبُ لأحدهما عوامُّ أهلِ السُّنَّة، وللآخر عوامُّ أهلِ الشيعة، وجَرَت لهما مَناصِفُ ومواقف، ولَمَّا كان الثالث عشر من ربيع الأول توفي أبو الحسن بعِلَّة الذَّرَب، فصار لا يَثبُت في مَعِدتِه شَيءٌ بالكُليَّة، فلمَّا أحسَّ بالموت قيل: إنه أظهر التَّوبةَ وأناب إلى الله عزَّ وجَلَّ، وترضَّى عن الصحابةِ, وأراق الخمورَ, ونَدِمَ على ما ظلم, وردَّ كثيرًا من المظالم، وتصَدَّق بكثيرٍ مِن ماله، وأعتق طائفةً كثيرةً مِن مماليكه، وعَهِدَ بالأمر إلى ولده بختيار عز الدولة، وقد اجتمع ببعضِ العُلَماءِ، فكَلَّمَه في السُّنَّة وأخبره أنَّ عليًّا زوَّجَ ابنَتَه أمَّ كُلثوم مِن عُمَرَ بنِ الخطاب، فقال: واللهِ ما سَمِعتُ بهذا قطُّ، فقيل إنَّه رجع إلى السُّنَّة ومتابعتِها- والله أعلم, ولَمَّا مات مُعِزُّ الدولة دُفِنَ بباب التبن في مقابر قريش، فبَعَث ابنُه عِزُّ الدولة ووليُّ عَهدِه إلى رؤوس الأُمَراءِ في هذه الأيام بمالٍ جزيلٍ لئلَّا يجتمعوا على مخالفتِه قبل استحكامِ مُبايعتِه، وهذا مِن دهائِه، وكانت مُدَّة ولاية معز الدولة إحدى وعشرين سنة وإحدى عشر شهرًا ويومين.

العام الهجري : 49 العام الميلادي : 669
تفاصيل الحدث:


هو أبو محمَّد الحسنُ بن عَلِيِّ بن أبي طالِب الهاشِميُّ القُرشيُّ، المَدنيُّ الشَّهيدُ، سِبْطُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ورَيْحانَتُه مِن الدُّنيا, وكان أَكثَرَهُم شَبَهًا بِوَجْهِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم, وهو سَيِّدُ شَبابِ أهلِ الجنَّة، ابنُ فاطِمةَ بنتِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأبوهُ أميرُ المؤمنين عَلِيٌّ رضي الله عنه. وُلِدَ الحسنُ رضي الله عنه في نِصف رَمضان سنة 3هـ، حَظِيَ بِرِعايَةِ المُصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم ما يَقرُب مِن ثماني سَنوات، وكان النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُحِبُّهُ حُبًّا جَمًّا، وقد تَوَلَّى النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم تَربيتَه منذ اليومِ الأوَّلِ لوِلادَتِه؛ فسَمَّاهُ الحسنَ، وكان صلَّى الله عليه وسلَّم يُداعِبُه كثيرًا، ويُقبِّلُه ويُعانِقُه حُبًّا له وعَطْفًا عليه. قال عنه صلَّى الله عليه وسلَّم وهو على المِنبَرِ: (ابْنِي هذا سَيِّدٌ، ولَعَلَّ الله أن يُصْلِحَ به بين فِئَتينِ مِن المسلمين). وقد تَحَقَّقَت هذه النُّبوءَةُ بتَنازُلِ الحسنِ رضي الله عنه عن الخِلافَة لمُعاوِيَة رضي الله عنه حَقْنًا لدِماءِ المسلمين، وأَبرَم الصُّلْحَ معه بعدَ بِضعَةِ أَشهُر مِن مُبايَعَتِه للخِلافَة، فكان ذلك فاتحةَ خيرٍ على المسلمين؛ إذ تَوحَّدَت جُهودُهم، وسُمِّيَ عام 41هـ "عامَ الجَماعةِ". وقِيلَ: كانت وفاتُه في الثامن من محرم عام 50هـ.

العام الهجري : 20 العام الميلادي : 640
تفاصيل الحدث:

هو فلافيوس أغسطس هِرقل إمبراطور الإمبراطوريَّة البِيزَنْطيَّة، مِن أُصولٍ أَرْمِينيَّةٍ, بدأَ صُعودَه إلى السُّلطةِ عام 608م، قاد ثَورةً ناجِحَةً ضِدَّ الإمبراطور فورس الذي تَسَلَّم السُّلطةَ بعدَ خَلْعِ الإمبراطور موريس، ودون شَعبِيَّةٍ تُذْكَر في ظِلِّ القَلاقِل التي عانت منها الإمبراطوريَّة. كان والدُ هِرقل -وهو هِرقل الأكبرُ- قائدًا عَسكرِيًّا ناجحًا، شارَك في حُروبِ الإمبراطور موريس، ويُعتبَر هِرقل مُؤَسِّس السُّلالة الهِراقليَّة التي اسْتَمرَّت بحُكم الإمبراطورية البِيزنطيَّة حتَّى عام 711.  انْتَصر هِرقل على الفُرْس في مَعركةِ نينوى 5 هـ، ثمَّ كانت هَزيمةُ جُيوشهِ على يَدِ المسلمين في مَعركةِ اليَرْموك عام 14 هـ، وقد تَنَبَّأَ هِرقل بانْتِصارات المسلمين، كما في صَحيحِ البُخاريِّ قال هِرقلُ لأبي سُفيانَ قبل أن يُسْلِم: فإن كان ما تقولُ حَقًّا فسَيَمْلِكُ مَوضِعَ قَدَمَيَّ هاتين، وقد كنتُ أَعلمُ أنَّهُ خارِجٌ، لم أَكُنْ أَظُنُّ أنَّهُ منكم، فلو أنِّي أَعْلَمُ أنِّي أَخْلُصُ إليه لتَجَشَّمْتُ لِقاءَهُ، ولو كنتُ عنده لغَسَلْتُ عن قَدَمِهِ.  كاد هِرقلُ أن يُسْلِمَ لكنَّ خَوْفَهُ على مُلكِه منَعهُ عن الإسلامِ، كما وَرَدَ خَبَرُهُ في صَحيحِ البُخاريِّ، قال ابنُ النَّاظُورِ:كان هِرقلُ حَزَّاءً يَنظُر في النُّجومِ، فقال لهم حين سألوهُ: إنِّي رَأيتُ اللَّيلةَ حين نَظرتُ في النُّجومِ مَلِكَ الخِتانِ قد ظهَر، فمَن يَخْتَتِنُ مِن هذه الأُمَّةِ؟ قالوا: ليس يَخْتَتِنُ إلَّا اليَهودُ، فلا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُم، واكْتُبْ إلى مَدايِنِ مُلْكِك، فيَقْتُلوا مَن فيهم مِن اليَهودِ. فبينما هُم على أَمْرِهِم، أُتِيَ هِرقلُ بِرَجُلٍ أرسَل به مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عن خَبَرِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرقلُ قال: اذْهَبوا فانْظُروا أَمُخْتَتِنٌ هو أم لا، فنَظَروا إليه، فحَدَّثوهُ أنَّه مُخْتَتِنٌ، وسألَهُ عن العَربِ، فقال: هم يَخْتَتِنون. فقال هِرقلُ: هذا مُلْكُ هذه الأُمَّةِ قد ظَهَرَ. ثمَّ كتَب هِرقلُ إلى صاحِبٍ له بِرُومِيَةَ، وكان نَظيرَهُ في العِلْمِ، وسار هِرقلُ إلى حِمْصَ، فلم يَرِمْ حِمْصَ حتَّى أَتاهُ كِتابٌ مِن صاحِبهِ يُوافِقُ رأيَ هِرقلَ على خُروجِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّهُ نَبِيٌّ، فأَذِنَ هِرقلُ لِعُظماءِ الرُّومِ في دَسْكَرَةٍ له بِحِمْصَ، ثمَّ أَمَرَ بأَبوابِها فغُلِّقَتْ، ثمَّ اطَّلَعَ فقال: يا مَعْشَرَ الرُّومِ، هل لكم في الفَلاحِ والرُّشْدِ، وأن يَثْبُتَ مُلْكُكُم، فتُبايِعوا هذا النَّبيَّ؟ فحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إلى الأبوابِ، فوَجدوها قد غُلِّقَتْ، فلمَّا رأى هِرقلُ نَفْرَتَهُم، وأَيِسَ مِن الإيمانِ قال: رُدُّوهُم عَلَيَّ. وقال: إنِّي قلتُ مَقالَتي آنِفًا أَختَبِرُ بها شِدَّتَكُم على دِينِكُم، فقد رَأيتُ. فسَجَدوا له ورَضُوا عنه. هلَك هِرقلُ بعدَ أن هَرِمَ وتَخَلَّى عن قِيادَةِ الجُيوشِ.