الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1003 ). زمن البحث بالثانية ( 0.011 )

العام الهجري : 1343 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1925
تفاصيل الحدث:

مع اتساعِ رقعةِ ممتلكاتِ الملك عبدالعزيز وزيادةِ المصاريفِ على شؤون الدولة وقلَّةِ المواردِ، أخذ يبحَثُ عن مواردَ جديدةٍ؛ لتموين احتياجاتِ دولته الناشئة، فجاءت فكرةُ التنقيب عن النفط، فجَرَت مباحثاتٌ مع فرنك هولمز المغامر النيوزلندي الأصل، والضابط في الجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الأولى- مؤسِّس شركة الشرقية العامة في لندن، وقد حصل على عقد حَقِّ امتياز التنقيب عن النفطِ في الأحساءِ؛ لحساب شركته لمدة سنتين بقيمة 2000 جنيه استرليني، على مساحة 30 ألف ميل مربع، كإيجار سنوي قابلٍ للتجديد, ثم منحَ الملك عبدالعزيز حقَّ امتيازِ التنقيب في المنطقة المحايدة مع الكويتِ لهولمز في السنة التالية، واحتجَّت بريطانيا على العقدِ الأخير؛ بحُجَّة أنَّ حاكِمَ الكويت له حصة فيها، ولَمَّا أدركت بريطانيا عدمَ جدية شركة هولمز في التنقيب خَشِيَت أن يتاجر بترخيص التنقيب وبيعِه على شركاتِ نفط أمريكية، فأوعزت بريطانيا إلى شركة النفط أنكلو – فارسية؛ لتحتَجَّ على منح الامتياز لهولمز، فأرسلت الشركة أرنولد ويلسون ليتفاوضَ مع الملك عبدالعزيز في هذا الأمر، إلَّا أنه اعتذر بأنَّ أعيان نجد قد وافقوا على الامتيازِ لهولمز، ولا مجال لإلغائه، ثم طلب برسي كوكس المعتمد البريطاني في الخليج أن يرسِلَ الملك عبدالعزيز إلى هولمز كتابًا يؤكِّدُ فيه بأنه لا يستطيع البتَّ في طلب الامتياز قبل إجراءِ التحريات واستشارة الحكومة البريطانية في الأمر، إلا أن الملك عبدالعزيز رفض الطلب على الرغمِ مِن تَكرار كوكس الطلبَ ثلاثَ مرات وصمَّم بعد مشاورة معاونيه على منح هولمز الامتياز. كان الملك عبدالعزيز حريصًا على منح الامتياز لهولمز المستقل دون شركة إنكلو – فارسية الخاضعة لهيمنة الحكومة البريطانية؛ للبعد عن تحكُّم وسيطرة بريطانيا في الجانب الاقتصادي، خاصةً بعدما جرَّبَ وخبَرَ مراوغات بريطانيا معه في الجانب السياسي. إلا أنَّ هولمز لم يوفَّقْ إلى نتائج إيجابية طوال خمس سنوات، فاضطرَّ الملك عبدالعزيز لسحب الامتياز سنة، وأخذ في البحث عن الشركات الأمريكية، والتي بدأ تزايد اهتمامُها في المنطقة.

العام الهجري : 1349 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1931
تفاصيل الحدث:

وقعت هذه المعركة في يناير 1931م بعد ما أمضى الإيطاليون ستة أشهر وهم يعدُّون جيشًا قويًّا من أجل الزحف على مناطق الكفرة جنوب شرق ليبيا. وبعد إتمام تجهيز هذه القوة عَمَد قائدها إلى إطلاقها من عدةِ أماكن؛ فقد انطلقت القوة الرئيسية من أجدابيا شرق ليبيا في 20 ديسمبر 1930م عبر أوجلة جنوب بنغازي، والقوة الثانية انطلقت من زلة عبر تازربو، وانطلقت قوة ثالثة مسانِدة من الوادي الكبير، بلغ إجمالي هذه القوات الزاحفة صوب الكفرة أكثَرَ من أربعة آلاف جندي، وكانت قافلة الإبل وحدها تضم 5517 رأسًا من الجمال عدا السيارات والآليات. وكانت أولى المعارك في هذه الحملة معركةُ الهواري التي جرت يوم 19 يناير 1931م، حيث تصَدَّى فيها المجاهِدون لقوات تفوقهم عددًا وعُدة. وأمر غراتسياني باستخدام الطيران على أوسع نطاق ممكن، ورغم ذلك استطاع المجاهِدون أن يكبِّدوا الطليان خسائِرَ فادحة. ولَمَّا لم يكن في مقدورهم التصدي لمثل هذه القوة تحوَّلوا إلى واحة الهويويري وواصلوا قتالهم ضِدَّ القوات الإيطالية. وكان بمقدور المجاهدين التصدِّي للقوة الإيطالية لولا نيران الطائرات المعادية التي كانت تُغيرُ عليهم بمعدَّل تسع هجمات بطائرات من نوع "رو" في اليوم الواحد. وتعترف المصادر الإيطالية بأن المجاهدين لم يكونوا ليتزحزحوا لولا تدخُّل الطيران الإيطالي. وما إن سيطرت القوات الإيطالية على مناطِقِ الوسط والجنوب والغرب -إضافة للوجود الإيطالي في مناطق بنغازي وما حولها- حتى بدأت بالاستعداد العسكري لاحتلال منطقة الكفرة. وتمثِّلُ السيطرةُ على هذه الواحات أهميةً خاصة في الاستراتيجية الحربية الاستعمارية الإيطالية حينذاك، خاصةً بعد تحوُّل القسم الباقي من المجاهدين عَقِبَ احتلال منطقة الخليج والمناطق الصحراوية المجاورة، واتخاذهم واحة تازربو قاعدةً لبعض تحركاتهم، ومهاجمة المناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال. كما تعتبر واحةُ الكفرة مركزًا اقتصاديًّا مهمًّا؛ حيث كانت تمرُّ بها القوافِلُ من زلة وتازربو، مرورًا بواحات الكفرة ثم إلى منطقة الجغبوب قبل احتلالها ثم إلى سيوه.

العام الهجري : 1361 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1942
تفاصيل الحدث:

معركةُ العَلَمين الثانية هي المعركة التي وقعت في العلمين التي تبعد 90 كيلومترًا عن الإسكندرية، وكانت بين القوات الألمانية والإيطالية بقياده إرفين رومل، وبين القوات البريطانية بقيادة برنارد مونتغمري، وتُعَدُّ هذه المعركة من أهم معارك التحَوُّل في الحرب العالمية الثانية، كما أنها كانت من أهم معارك الدبَّابات على مدار التاريخ، وبعد انتصار القوات الألمانية في معارك الصحراء، وكان الفرقُ بين قوات الجانبين يتمثل في: 1/ عدد الجنود: 195,000 جندي بريطاني ومن الحلفاء، مقابل 104,000 جندي من قوات المحور. 2/ الدبابات: 1029 دبابة للبريطانيين مقابل 489 للمحور. 3/ المَدافع: 2311 مِدفَعًا للبريطانيين مقابل 1219 للمحور. 4/ الطائرات: 750 طائرة للبريطانيين مقابل 675 للمحور. إضافة إلى ذلك كان طريق الإمدادات قصيرًا بالنسبة للبريطانيين؛ حيث يَبعُد ميناء الإسكندرية حوالي 110 كم عن الجبهة، ويبعد ميناء السويس حوالي 345 كم عن الجبهة. أما بالنسبة للمحور فإن أقرب ميناء وهو طبرق يَبعُد أكثر من 590 كم عن الجبهة، كما يبعُد ميناء بنغازي أكثر من 1050 كم، ويبعد ميناء طرابلس أكثر من 2100 كم. فضلًا على أن طريق الإمدادات بالنسبة لقوات المحور يتعَرَّض للغارات من جزيرة مالطا، ومن الفدائيين في الصحراء, وأدى النقصُ الكبير في الوَقود عند الألمان بسب إغراق البريطانيين لحاملة النفطِ الإيطالية إلى شَلَلٍ في حركة تقَدُّم الدبَّابات، فاستطاعت القواتُ البريطانية طرْدَ الألمان إلى ليبيا، ثم مِن كُلِّ أفريقيا وصولًا إلى مالطة. وهذه المعركةُ هي التي شهدت بداية الخسائر التي ألحقت بالألمان، التي خَسِرَ فيها الألمان المئاتِ من الدبابات، بالإضافة إلى آليات أخرى وعتاد وذخائر، وكان من الأسباب التي أدت لخسارة الألمان نجاح البريطانيين في فكِّ شفرة الاتصالات الألمانية، وهو خَلَلٌ في القيادة الألمانية التي ظَلَّت تحارب 6 سنوات بدون تغييرِ شَفرةِ الإرسال التي اعتَقَدوا أنها مُعَقَّدة وغير قابلة للكشف. وأصبح الحلفاءُ في ميدان المعركة على عِلمٍ بكل التحركات الألمانية قبل حدوثِها، وهو ما ساعد مونتغمري على اكتشافِ خطة رومل قبل بدء المعركة.

العام الهجري : 1398 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1978
تفاصيل الحدث:

هو السردارُ محمد داود ابن عمِّ الملك محمد ظاهر شاه، وزوج شقيقتِه، ضابط في الجيش الأفغانيِّ، درس في مدينة كابول، وأتمَّ دراستَه العسكريةَ في فرنسا، عُيِّن عام 1350هـ أيام محمد نادر خان حاكمًا على مقاطعة قندهار، وبعدَ خمس سنواتٍ عُيِّن قائدًا لقوات المنطقة الوسطى، ومديرًا للكلية الحربيةِ، وعُهد إليه برئاسة الوزارة عام 1373هـ فاحتفظ لنفسِه بحقيبتي وزارتي الداخلية والدفاع إضافة إلى رئاسة الحكومة، فحكم البلادَ مدَّة عشر سنواتٍ، ولما عُرف بميوله تجاه الروس وأطماعه بالحكم نُحِّيَ عن رئاسةِ الحكومة عام 1383هـ، ثم قاد الانقلابَ في 17 /6 / 1393هـ 17 /7 / 1973م بدعم من الشيوعيِّين الأفغان الذين جاءتهم الأوامرُ من موسكو بدعم محمد داود، ونجح الانقلاب. كان هدفُ محمد داود من الانقلاب الوصولَ للسلطة والمحافظة عليها؛ لذلك تقرَّب من روسيا وعمِلَ على خنق الدعوة الإسلامية لإرضائها، بينما روسيا لم تكن ترى داود سوى مرحلة -لأنَّه لم يكن شيوعيًّا- لتضعَ الشيوعية يدها على أفغانستان بعد أن يقضيَ على الدعوة الإسلاميةِ، وفي ربيع الأول 1397هـ أعلن تشكيل حكومةٍ مدنية ونهاية الحكم العسكريِّ، فأخذ السُّخط يتزايد عليه خاصَّة من أفراد القوات المسلحةِ، ولما أحسَّ داود بترجُّح كفَّة الشيوعيين خاصَّةً مع وجود 350 خبيرًا من الخبراء الروس الذين جلبهم إلى أفغانستانَ لدعم حكومتِه، بدأ بتصفية الشيوعيِّين والتقرُّب للدول الإسلامية، وفي 19 جمادى الأولى اغتُيل أحد زعماء حزب برشام الشيوعيِّ بتدبير من حزب محمد تراقي الشيوعي، واتُّهم محمد داود بالتآمر على قتلِه، فوقع انقلاب شيوعيٌّ في 22 جمادى الأول 1398هـ على داود، فأُودع السجن مع أفراد أسرتِه واغتُيل في يوم الانقلاب 15 ألفًا، وسلَّم الشيوعيون الرئاسة لأنور محمد تراقي زعيمِ حزب الشعبِ الشيوعيِّ, فأمر محمد تراقي بإخراج محمد داود من السجن، فقُتِل محمد داود وباقي أفراد أُسرته.

العام الهجري : 1437 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 2016
تفاصيل الحدث:

وُلِدَ محمد زهران علوش في مدينةِ دوما التابعةِ للغُوطةِ الشَّرقية في ريفِ دِمَشقَ عامَ 1971. وسلَكَ دَرْبَ العلمِ منذ الصِّغرِ اقتداءً بوالِدِه، فقرَأَ القرآنَ الكريمَ على والِدِه وعلى بعضِ شُيوخ بلَدِه، وتلقَّى التعليمَ الشَّرعيَّ عليهم، ثم التحَقَ بكليَّة الشَّريعة في جامعة دمشق وتخرَّج فيها. ثمَّ سافَرَ إلى المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّة، وأكمل الدِّراسةَ في الجامعةِ الإسلاميَّة بالمدينة المنوَّرة في كليَّةِ الحديثِ الشَّريفِ والدراساتِ الإسلاميَّةِ، ثمَّ بعد التخرُّجِ فيها عاد إلى بلَدِه، ودرَسَ الماجستير في كليَّةِ الشَّريعةِ بجامعةِ دِمَشقَ. وخلالَ فترةِ وُجودِه في السُّعودية درَس على عددٍ مِن عُلماءِ الشَّريعة فيها، وعاد إلى سوريَّة ليعملَ في مجالِ المُقاوَلاتِ، إلى جانبِ نشاطِه في الدَّعوةِ السَّلفيَّة، وسبَّبَتْ له النَّشاطاتُ الدَّعَويةُ التي كان يمارِسُها مُلاحَقاتٍ أمنيَّةً عديدةً، بدأَتْ عامَ 1987 وانتهَتْ بتوقيفِه بدايةَ سنةِ 2009 من قِبَل أحدِ أفرُعِ المخابراتِ السُّوريَّةِ، ثمَّ أُودِعَ في سِجنِ صيدنايا العسكريِّ الأوَّلِ، إلى أنْ أُطلقَ سَراحُه في يونيو عام 2011، وَفقَ مرسومِ عفوٍ رئاسيٍّ عامٍّ صدَرَ وقتَها مع بداياتِ الحربِ الأهليَّةِ السُّوريَّةِ عامَ 2011، وشارك بعدها في العمَلِ المسَلَّح، منذُ أوائِلِ انطلاقتِه في أواخرِ عامِ 2011، وأسَّس "سَرِيَّةَ الإسلامِ" التي تطوَّرَت إلى "لواءِ الإسلامِ" وأخيرًا إلى "جيشِ الإسلامِ". وكان على رأسِ قيادةِ جيشِ الإسلامِ الذي يمتدُّ في مناطِقَ مُعَيَّنةٍ مِن سوريَّةَ حتى مقَتَلِه، وكان (علوش) يركِّزُ على التَّربيةِ العَقَديَّةِ للمجاهدين في صُفوفِ جَيشِه، بالإضافةِ إلى تمارينِ اللَّياقةِ البَدَنيَّة والتدريباتِ العَسكريَّة. وقُتِلَ -رحِمَه الله- في غارةٍ جويَّةٍ عنيفةٍ استهدَفت اجتماعًا للتنظيمِ في الغُوطةِ الشرقيَّةِ شرقَ مدينةِ دِمَشقَ في اليومِ الرابعَ عشَرَ من هذا الشهرِ، وقُتِلَ معه خَمْسةٌ من قادةِ جيشِ الإسلام؛ أحدُهم قياديٌّ أمنيٌّ، وذلك أثناءَ التَّحضيرِ لتنفيذِ هجومٍ على مواقِعَ لحزبِ اللهِ اللُّبنانيِّ وقوَّاتِ النِّظامِ السُّوريِّ. ويُعَدُّ "جيش الإسلام" من التَّنظيماتِ المسَلَّحةِ المُهمَّةِ ضِدَّ النظامِ السوريِّ.

العام الهجري : 648 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1250
تفاصيل الحدث:

كان لسقوط بيت المقدس في أيدي المسلمين سنة642 هـ (1244م) صدى كبير في أوروبا فأخذت أوروبا تجَهِّزُ لحملة صليبيةٍ جديدةٍ كبيرةٍ هي الحملةُ الصليبية السابعة للاستيلاءِ على مصر, حيثُ إنهم أدركوا بعد هزيمةِ حَملتِهم الصليبية الخامسةِ على مصر، ثم هزيمتهم في معركة الحربيَّة عند غزة، وضياع بيت المقدس منهم، أنَّ مِصرَ هي التي تمثل مركزَ قُوَّة المسلمين وقلعة التصدِّي لطموحاتِهم في الاستيلاءِ على بيتِ المقدسِ والشَّرق, وكان لويس التاسع ملك فرنسا الذي عُرِفَ لاحقًا بالقديس لويس، من أشد المتحمِّسين لقيام تلك الحملة، فراح يروِّجُ لها في أنحاء أوروبا. خرج لويس التاسع قاصدًا الديار المصرية في جموعٍ عظيمة فسار عن بلاده بأموالٍ جزيلة وأُهبة عظيمة، وأرسى بعكَّا وانبثَّ أصحابُه في جميع بلاد الساحل. فلمَّا استراحوا جاؤوه حاشدينَ حافلين وساروا في البحرِ إلى دمياط ومَلَكوها بغيرِ تَعَب ولا قتالٍ؛ لأنَّ أهلَها لَمَّا بلَغَهم ما الفرنجُ عليه من القوة والكثرة والعُدَّة الكاملة هالهم أمرُهم فرحلوا عنها مخفِّين. فوصل إليها الفرنجُ ولَقُوها خالية عن المقاتلين مليئةً بالأرزاق والسِّلاح، فدخلوها وغَنِموا ما فيها من الأموال. وكان الملكُ الصالح أيوب بن الملك الكامل صاحبُ مصر يومئذ بالشَّامِ يحاصر مدينة حمص. فلمَّا سَمِعَ بمقدم الفرنج رحل عن حمصَ وسار مسرعًا إلى الديار المصرية ومرض في الطريقِ وعند وصوله إلى المنصورة وافاه مقدَّمو دمياط الذين أخلوها منهزمين، فلما قيل له ما صنعوا لأنَّهم فرُّوا عنها من غير أن يباشروا حربًا وقتالًا، عظم ذلك عليه فأمر بصَلبِهم وكانوا أربعة وخمسين أميرًا فصُلِبوا كما هم بثيابِهم ومناطِقِهم وخفافِهم. ثم مات من الغدِ في الخامس عشر من شعبان. وتولَّى تدبير المملكة الأمير عزُّ الدين المعروف بالتركمانيِّ، وهو أكبر المماليك الترك. وكان مرجعه في جميع ذلك ممَّا يعتمده من الأمور إلى حظيَّة الملك الصالح أيوب المسمَّاة شجرة الدرِ،ّ وكانت تركية داهيةَ الدَّهرِ لا نظير لها في النساءِ حُسنًا، وفي الرجال حزمًا. فاتفقا على تمليك الملك المعظم توران شاه بن الملك الصالح. وكان يومئذٍ بحِصن كيفا من ديارِ بكر, فسار إلى الدِّيار المصريَّة وبايعوه وحَلَفوا له وسَلَّموا إليه مُلكَ أبيه. وفي مطلع سنة 648 سيَّرَ لويس التاسع ألفي فارس نحو المنصورة ليجسَّ بهم ما عليه المصريون من القوَّة. فلَقِيَهم طرفٌ مِن عسكر المسلمينَ فاقتتلوا قتالًا ضعيفًا فانهزم المسلمون بين أيديهم فدخل الفرنجُ المنصورةَ ولم ينالوا منها نيلًا طائلًا؛ لأنهم حَصلوا في مضايق أزقَّتِها وكان العامَّةُ يقاتلونهم بالحِجارة والآجُرِّ والتراب وخيولهم الضَّخمة لم تتمكَّن من الجولان بين الدُّروبِ، وكان القائد لعسكر المسلمين فخر الدين عثمان المعروف بابن شيخ الشيوخ أحد الأمراء المصريين شيخًا كبيرًا، أحاط به الفرنجُ وهو في الحمام يصبغُ لحيَتَه فقتلوه هناك. وعادوا إلى لويس التاسع وأعلموه بما تمَّ لهم مع ذلك العسكر وبالمدينة. فزاد طمعه وطمَعُ من معه من البطارقة ظانِّينَ أنه إذا كان الالتقاء خارج الجدران بالصحراء لم يكن للمسلمين عليهم مقدرة. فعبَّى جيوشه وسار بهم طالبًا احتلال أرض مصر. فصبر المصريون إلى أن عبر الفرنج الخليجَ مِن النيل المسمى أشموم طناح وهو بين البرَّين: برِّ دمياط وبرِّ المنصورة. في ليلة الأربعاء الثالث من محرم رحل الفرنج بأسرِهم من منزلتهم وانحدرت مراكِبُهم في البحر قبالةَ المسلمين، فركب المسلمونَ أقفيَتَهم، بعد أن عَدَّوا برَّهم واتبعوهم، فطلع صباحُ نهار يوم الأربعاء وقد أحاط بهم المسلمون، وبَلَوا فيهم سيوفَهم، واستولوا عليهم قتلًا وأسرًا، وكان معظمُ الحرب في فارسكور، فبلغت عدة القتلى عشرةَ آلاف في قَولِ المقِلِّ، وثلاثين ألفًا في قولِ المكثر، وأُسِرَ من خيَّالة الفرنج ورجالتهم المقاتلة، وصناعهم وسُوقتِهم، ما يناهِزُ مائة ألف إنسان، وغَنِمَ المسلمون من الخيل والبغال والأموال ما لا يحصى كثرةً، واستُشهِدَ من المسلمين نحو مائة رجل، وأبلت الطائفةُ البحرية لاسيما بيبرس البندقداري في هذه النوبة بلاءً حسنًا، وبان لهم أثرٌ جميل، والتجأ الملك الفرنسيُّ وعِدَّة من أكابر قومه إلى تل المنية، وطلبوا الأمانَ فأمَّنهم الطواشي جمال الدين محسن الصالحي، ونزَلوا على أمانه، وأُخِذوا إلى المنصورة، فقُيِّد الملك الفرنسي بقيدٍ مِن حديدٍ واعتُقِلَ في دار القاضي فخر الدين إبراهيم بن لقمان كاتبِ الإنشاء، التي كان ينزل بها من المنصورةِ ووكَلَ بحفظه الطواشي صبيح المعظمي، واعتُقِلَ معه أخوه، وأجرى عليه راتبًا في كل يوم، وتقَدَّم أمر الملك المعظم توران شاه لسيف الدين يوسف بن الطودي أحد من وصل معه من بلاد الشرق بقَتلِ الأسرى من الفرنج، وكان سيفُ الدين يُخرِجُ كُلَّ ليلة منهم ما بين الثلاثمائة والأربعمائة ويَضرِبُ أعناقَهم ويرميهم في البحر، حتى فَنُوا بأجمعهم، ورحل السلطانُ من المنصورة، ونزل بفارسكور وضرب بها الدهليزَ السلطاني، وعَمِلَ فيه برجًا من خَشَبٍ.

العام الهجري : 857 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1453
تفاصيل الحدث:

عرَضَ السلطان محمد بن مراد الثاني على إمبراطور القسطنطينية أن يسلِّمَها كي لا تصابَ بأذًى ولا يحِلَّ بالأهالي النكبات، وتعهَّد السلطان بحمايةِ العقائد وإقامةِ الشعائر، فرفض الإمبراطورُ ذلك، فقام السلطانُ بمحاصرة المدينة من الجانب الغربي من البَرِّ بجنود يزيد عددهم على مائتين وخمسين ألف مقاتل، ومن جهة البحر بمائة وثمانين سفينة بحرية، وأقام المدافِعَ حول الموقع، وكان من أهمِّها وأشهرها المدفعُ العظيم الذي صمَّمه له المجري أوربان خِصِّيصَى للسلطان، وهذا المدفَعُ كان يحتاج إلى سبعمائة شخص لجَرِّه، ويرمي كرة حجرية وزنها اثنا عشر رطلًا لمسافة ألف وستمائة متر، كما قام السلطان بنقل سبعين سفينة حربية إلى القرن الذهبي على ألواحٍ خشبية مسافة تقرُبُ من عشرة كيلومترات، وبهذا أحكم الحصارَ على القسطنطينية التي كان موقعُها يعطيها القوةَ؛ فهي محاطة بالمياه البحرية في ثلاث جبهات: مضيق البسفور، وبحر مرمرة، والقرن الذهبي الذي كان محميًّا بسلسلة ضخمة جدًّا تتحكم في دخول السفن إليه، بالإضافةِ إلى ذلك فإن خطينِ من الأسوار كانت تحيطُ بها من الناحية البرية من شاطئ بحر مرمرة إلى القرن الذهبي، يتخلَّلها نهر ليكوس، وكان بين السورين فضاءٌ يبلغ عرضه 60 قدمًا ويرتفِعُ السور الداخلي منها 40 قدمًا وعليه أبراجٌ يصل ارتفاعها إلى 60 قدمًا، وأمَّا السور الخارجيُّ فيبلغ ارتفاعُه قرابة خمس وعشرين قدمًا، وعليه أبراج موزَّعة مليئة بالجند، وبدأ الحصارُ يوم الجمعة السادس والعشرين ربيع الأول، ولكن كل المحاولات البحرية كانت تبوء بالفشل بسبب تلك السلاسل، أمَّا في البَرِّ فتمكنت المدافِعُ العثمانية من فتحِ ثغرة في الأسوار البيزنطية عند وادي ليكوس في الجزء الغربي من الأسوار، فاندفع إليها الجنودُ العثمانيون بكلِّ بسالة محاولينَ اقتحام المدينة من الثغرة، كما حاولوا اقتحامَ الأسوار الأخرى بالسلالم التي ألقَوها عليها، ولكِنَّ المدافعين عن المدينة بقيادة جستنيان استماتوا في الدفاعِ عن الثغرة والأسوار، واشتَدَّ القتال بين الطرفين، وكانت الثغرةُ ضيقة وكثرةُ السهام والنبال والمقذوفات على الجنود المسلمين، ومع ضيقِ المكان وشدة مقاومة الأعداء وحلول الظلام أصدر الفاتِحُ أوامره للمهاجمين بالانسحاب بعد أن أثاروا الرعب في قلوب أعدائهم متحيِّنين فرصة أخرى للهجوم، ثم لما رأى السلطان الفاتح أن المحاولات البحرية لا تجدي، أمر بنقل السفن الحربية برًّا إلى القرن الذهبي على الألواح الخشبية المدهونة بالزيت والدهون، وهذا العمل كان من معجزات ذلك الزمان في سرعته وكيفيته؛ حيث تم نقل سبعين سفينة في ليلة واحدة مسافة ثلاثة أميال برًّا خلف هِضاب غلطة وصولًا إلى القرن الذهبي، وبهذا تمكَّنوا من الالتفاف على السلسلة, واستمر العثمانيون في دكِّ نقاط دفاع المدينة وأسوارها بالمدافع، وحاولوا تسلُّق أسوارها، وفي الوقت نفسِه انشغل المدافِعونَ عن المدينة في بناء وترميم ما يتهدَّمُ من أسوار مدينتهم وردِّ المحاولات المكثفة لتسلُّق الأسوار مع استمرار الحصار عليهم، كما وضع العثمانيون مدافِعَ خاصة على الهضاب المجاورة للبسفور والقرن الذهبي، مهمتها تدمير السفن البيزنطية والمتعاوِنة معها في القرن الذهبي والبسفور والمياه المجاورة؛ مِمَّا عرقل حركةَ سُفُن الأعداء وأصابها بالشَّللِ تمامًا وحاول العثمانيون بكلِّ طريقة الدخول فحاولوا حفرَ الأنفاق تحت الأسوار لكنَّها كانت تبوء بالفشلِ، وحاولوا صنع أبراج خشبية أعلى من أسوار المدينة دون كلل ولا تعب، وكانت المدفعية العثمانية لا تنفكُّ عن عملها في دكِّ الأسوار والتحصينات، وتهدمت أجزاءٌ كثيرة من السور والأبراج وامتلأت الخنادق بالأنقاض، وبقي الهجومُ مكثفًا وخصوصًا القصف المدفعي على المدينة، حتى إن المدفع السلطاني الضخم انفجر من كثرة الاستخدامِ, وعند الساعة الواحدة صباحًا من يوم الثلاثاء 20 جمادى الأولى سنة 857 (29 مايو 1435م) بدأ الهجوم العام على المدينة بعد أن شجَّع السلطانُ المجاهدين ووعدهم بالأعطيات، وانطلق المهاجمون وتسلَّقوا الأسوار وقاتلوا من عارضَهم، وقد واصل العثمانيون هجومهم في ناحية أخرى من المدينة حتى تمكنوا من اقتحام الأسوار والاستيلاء على بعض الأبراج والقضاء على المدافعينَ في باب أدرنة، ورفعت الأعلامُ العثمانية عليها، وتدفَّق الجنود العثمانيون نحوَ المدينة من تلك المنطقة، ولما رأى قسطنطين الأعلامَ العثمانية ترفرف على الأبراج الشمالية للمدينة، أيقن بعدم جدوى الدفاعِ وخلع ملابِسَه حتى لا يُعرَفَ، ونزل عن حصانِه وقاتل حتى قُتِلَ في ساحة المعركةِ، ثم دخل السلطانُ كنيسة آيا صوفيا، ومنع أعمالَ السلب والنهب التي كانت قائمةً، ووصل إلى الكنيسة فأمر المؤذِّنَ أن يؤذِّنَ للصلاةِ وحوَّلها إلى مسجدٍ، وهو المسجِدُ المشهور في إسطنبول، وسمح السلطان للنصارى بتأدية شعائرهم وأعطاهم نصف كنائِسِهم محولًا النصف الآخر لمساجد، وأطلق على القسطنطينية اسمَ إسلامبول، وهي تعني: تخت الإسلام، أو مدينة الإسلام.

العام الهجري : 1224 العام الميلادي : 1809
تفاصيل الحدث:

عندما منع الإمام سعود حاجَّ الشام من دخول مكَّةَ لأداء الحجِّ، أرسل والي الشام إلى الإمام سعود يستنكِرُ منع حجاج الشام من دخول مكة، فأرسل له الإمام سعود رسالةً مطولة بيَّن فيها سبَبَ مَنعِهم من دخول مكةَ، وممَّا ورد في هذه الرسالة: "السلام التام والتحية والإكرام يُهدى إلى سيِّد الأنام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام, ثم ينتهي إلى جناب الأحشم المكرَّم سلمه الله من الآفات واستعمله بالباقيات الصالحات، وبعد.. ما ذكرتَ من طرف الحاجِّ فأنت تفهَمُ أنَّ البيت بيتُ الله، والوفدَ وفدُه، ولا نمنَعُ عن بيته إلَّا من أمرنا بمَنعِه والله سبحانه وتعالى، قال: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: 125]، وقال تعالى: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] ولا يخفاكم ما يجري مع الحاجِّ من الأمورِ العظائِمِ الشِّركية مِن دعوة غير الله، وتعظيمِ الشِّرك بالله، وتعظيمِ المشاهد، وتَركِ الفرائض, وأعظَمُ الفرائض بعد التوحيد الصلواتُ الخمس، لا يؤذَّنُ لها ولا يصلِّي مع أحد جماعة، والأمور العظائم القبائح التي تُنقَلُ مع الحاج من أنواع المنكرات والفواحش من اللُّواطِ والقِحاب وشُربِ المسكر والزَّمر والطَّبل وما يُشابه ذلك من أنواع الملاهي التي يُعرف قبحُها, والله قال جل جلاله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] فإذا كان الرَّفَثُ والجدال مِن مبطلاتِ الحَجِّ، فكيف بهذه القبائِحِ والمنكراتِ؟! فإن قال قائل: إنه لا يفعَلُ ذلك فنحن نقول: ما نعمُّ النَّاسَ بذلك, ولكِنَّ الحُكمَ على الظاهر, والظاهِرُ مع الحاجِّ وفي أوطانِكم فِعلُ ما ذكرناه، ومن رعاياكم من يقول: هذا ما فعَلَه إلا طوارِفُ [أي حاشية] السلطان, وإنَّ السلطان هو الذي يأمُرُ به, ونقول: هذا لا يفعَلُه ولا يأمر به مَن له أدنى عَقلٍ وبصيرةٍ في الدين فضلًا عن أنَّ السلطان يأمرُ به أو يرضاه, وهذا من الافتراءِ عليه والكذب, ولَمَّا أراد الله أن أهل الحرمين يدخلون في الإسلام, ويشهدون أنَّ الذي هم عليه قبل ذلك أنَّه الباطل،  والشاهد بذلك الشَّريفُ والعلماء والعامة, وأراد الله أن يجعَلَ لنا في الحرمين حُكمًا نافذًا وأمرًا  مطاعًا، فلم يكن لنا عذر من الله مِن مَنعِ [ما] أمَرَنا الله بمَنعِه، ونمنع مَن منَعَه القرآن، ونأذن [لِمن] أذِنَ له القرآن, فغايةُ المطلوب ومنتهى المراد عبادةُ الله وحده، ولا يُشرَكُ له، وتَرْك عبادة ما سواه، وألَّا يُصرَفَ شيء من أنواع العبادة لغير الله، وإقام الصلوات الخمس التي فرض الله في كتابه بعد الشهادتين، وأداء الزكاة والصوم والحج، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونفي البِدَع وإزالة المنكرات، وإقامة الحدود على من أصاب منها شيئًا، وإعطاء كل ذي حَقٍّ حَقَّه، وإنصاف الضعيف من القويِّ بالعدل, فهذا جملة ما نحن عليه، وتفصيلُه يطول ذِكرُه, فمَن عَمِل ذلك ودان به فهو المسلمُ له ما لنا، وعليه ما علينا برًّا وبحرًا، ونحن وهو في بلد الله الحرام سواءٌ, ومن أبى عن ذلك منعناه من بلد الله الحرام، وقاتلناه حتى يكون الدينُ كُلُّه لله، كائنًا من كان، ولَمَّا ورد إلينا كتابُك وآدميك [ومندوبك] أركبنا أوادِمَ من أوادِمنا يمشون بالحاجِّ على هالشروط المذكورة، بأن يظهروا الإسلام، وإقام الصلوات الخمس جماعة بأذان وإقامة، وجميع المنكرات تُزال، وأنَّ الحاجَّ يبايعون على العمل بالإسلام، ولا يحجُّ عسكر قليل ولا كثير، ولا أزغة حرب، ولا يحجُّ المحمل لأنَّ المَحمَل فيه اعتقادات وتآليه به من دونِ الله, وظهرت للمسلمين ورأوها في مخالطتِنا لكم في الحج الماضي، ولا نشتهي أن المحمَلَ يجيء بأمامنا ويرجع ما وصل مكة، ولا يجوز لنا [أن] نقِرَّ سياق الشرك، ولا نرضى به، وعلى أنَّ جميع قوانين الحرمين المعروفة التي للبيت وخُدَّام البيت والشريف وعامة أهل مكة، وكذلك ما كان لمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وخُدَّامه، وما كان لأهل المدينة من جميع القوانين علمائهم وعامتهم وأهل القلعة، وكذلك قانون ابن مضيان وحرب أن الجميع ما يختلف منه [في] شيء, وأنه يسلم بأيدي رجاجيلنا وعلى أن ما يبقى في الحرمين ممَّن قَدِم معكم أحد، فإن أحدثتم بعد ما يمشي الحاج حدثًا على الإسلام وأهله، فلا بوجهي من الحاج شيء, فإن صبرتم بما ذكرنا فالحاج يمشي بوجهي عن جميع المسلمين ذهابًا وإيابًا, وذكرنا لملا حسن ورجب مثل ما ذكرنا في هذه الصحيفة, وذكرنا إلى أوادمك أنك معاهدنا على الإسلام، وأنك أمرتَ بالصلوات تقام، وأمرت على معازِفِ الخمر تُرفَع، وهذا إذا وفقك الله للعمل به، وعملت بالتوحيد، وأزلت الشرك، وأقمت الفرائض..."

العام الهجري : 1411 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1990
تفاصيل الحدث:

ما أن استقَلَّت الكويت عام 1381هـ / حزيران 1961م حتى أخذت العراق تُطالِب بالكويت، وتَعُدُّها جزءًا منها، ولكنْ بعد أيام من الاستقلال نزلَت قوات بريطانية في الكويت، وأصبحت العراق تُطالب بضرورة انسحاب القوات الأجنبية من أرض الوطن، ثم تقدَّمت الكويت إلى الجامعة العربية لتكون عضوًا فانسحبت القوات البريطانية، وحلَّت محلَّها قوات عربية من سوريا والأردُنِّ، ومصرَ والسعوديةِ، التي بَقيَت فيها سنةً، ثم رجعَت، فرجَع العراقُ بالمطالَبة من جديد، وقد تأجَّجَت الفكرة عند قيام الاتحاد العربي بين الأردُنِّ والعراقِ، وحاوَل نوري السعيد رئيسُ الحكومة العراقية في عام 1376هـ / 1957م أنْ يُقنِعَ أميرَ الكويت بالانضمام، وكان الأمر وشيكًا، إلَّا أنَّ الثورة التي قامت في العراق قَضَت على الاتحاد من أصله، وكان هذا قبلَ أيام عبد الكريم قاسم، وفي عهد صدَّام حُسين، وبعد أن انتهت حروبه مع إيرانَ وخرج بمظهَر المنتصِر، طالَب الكويت بتعويضاتٍ عمَّا خَسِره من نِفط الرُّمَيلةِ، ولكنَّ الكويت لم يوافِق؛ لأنه قدَّم الكثير للعراق أيام الحرب، وقامت بريطانيا بتأجيج الفكرة في رأس صدَّام حُسين، وفي الوقت نفسِه حرَّضت الكويت على عدم الدفع للعراق ما يَطلُبه، واطمأنَّت الكويت أيضًا بحماية أمريكا لها، ثم تقدَّمت الجيوش العراقية في الحاديَ عشَرَ من محرم 1411هـ 2 آب 1990م، واحتلَّت الكويت، ولم تستطِع الكويت مقاومةَ العراق، وقامت القوات العراقية بارتكابِ الكثير من الجرائم، وشُرِّد الكثيرون من الكويت، عَقَدت جامعة الدول العربية اجتماعًا لمناقَشة الوضع، فأيَّدت اثنتا عشرة دولةً دخول القوات الأجنبية، وعارَض ذلك ثمانيةُ دولٍ، وأسهمت بعض الدول كسوريا ومصر في إرسال قوات مساعدة للقوات الأجنبية، واجتمع مجلس العلماء في مكَّة المكرَّمة، وأعطى تأييده المباشر للسعودية، ثم بعد اجتماع القوات فُرض الحصارُ على العراق بكل المستويات برًّا وبحرًا وجوًّا، ثم إنَّ مجلس الأمن قرَّر إلزام العراق بالانسحاب، وأُعطيَ مهلةً وإلَّا أُخرجَ بالقوة، ولم يُبالِ العراق بذلك، وغيَّر اسم الكويت إلى كاظمة، وأنها عادت للأم، وبعد انتهاء المُهلةِ بيومَينِ بدأت القوات المتحالِفة بالهجوم على العراق والكويت بالطائرات في الساعة الخامسة صباحًا من يوم الخميس الثاني من رجب 1411هـ / 17 كانون الثاني 1991م، وأُذيع بأنَّ القوات الجويَّة العراقيَّة قد أُبيدت، وكذلك الحرس الجمهوري، وبدأت العراق تهرُب طائراتُها العسكرية والمدنيةُ إلى إيرانَ، واستمرَّ القَصفُ على العراق والكويت خمسةَ أسابيعَ، وخلال ذلك قامت عدةُ مبادَرات سِلمية، آخِرُها كانت من روسيا، فوافَقَت العراق على الانسحاب خلال ثلاثة أسابيعَ، إلَّا أنَّ أمريكا أصرَّت على أسبوع واحد فقطْ، وحاوَل العراق أنْ يُشرِكَ اليهودَ في الحرب، فأطلَق عدَّةَ صواريخَ عليها، فربما لو اشتركت ينسحِب العرب منَ التحالُف، ولكنَّ هذا ما لم يتمَّ، وأطلقَ كذلك صواريخَ على الرياض عاصمةِ المملكة العربية السعودية، وعلى الجُبيل البحْرية، والظِّهران، وحَفْر الباطن، وعلى البحرَينِ أيضًا، ثم أسرعت روسيا بمبادَرةٍ جديدةٍ، والعراق يُصرُّ على شروط للانسحاب، وأمريكا تُصرُّ على عدم وجود أي شرطٍ، واستطاعت قوات التحالف أن تُكبِّد العراق خسائرَ كبيرة على كافَّة المستويات، ثم بدأت المعارك البريَّة في الساعة الرابعة صباحًا من يوم الأحد العاشر من شعبان 1411هـ / 24 شباط 1991م، بعد ثلاثة أيام من الرمي التمهيدي المكثَّف، وبعد أن قام العراق بإحراق ما يقرُب من 150 بئرًا للنفطِ في الكويت، ممَّا شكَّل طبقة كثيفةً من الدخان الأسود، ليعوق عمل الطائرات، ودفعت بالنفط إلى البحر، بعد تفجير بعض الآبار، وذلك ليعوق محطات تحلية المياه السعودية، وكان العراق يُذيع دائمًا بأنه ينتظر المعارك البريَّة لينتقِمَ من قوات التحالُف، ثم إن قوات التحالُف تقدَّمت على حدود الكويت، واخترقت التحصينات العراقية، وقامت بإنزال بحْري على سواحل الكويتِ، وآخَر جوي في شمال العراق، ووافَق العراق على وَقف إطلاق النار، ولكنَّ أمريكا رفضت، وطالبت بالانسحاب مع ترك كافَّة الأسلحة، ثم وافَق العراق على الانسحاب بناءً على قرار مجلس الأمن، إلَّا أنَّ أمريكا أصرَّت على أن يتعهَّد العراق بدفع الخسائر، وفي الليلة الخامسة من الهجوم البري شهِدت بغدادُ أعنفَ الغارات الجوية، وجرى إنزال جوي خلفَ الوَحْدات العراقية من القوات الأمريكية والفرنسية، وجرت معاركُ بالدبابات، وأذاع كل طرفٍ النصرَ، وفي منتصَف الليل أذاع العراق أنه موافِق على كل شروط الانسحاب، فقام الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بوقف إطلاق النار بدءًا من الساعة الثامنة صباحًا حسَبَ توقيت بغدادَ ضمنَ شروط منها: إعادةُ الأسرى والكويتيِّين، وإرشاد قوات التحالف على الألغام المزروعة، وغيرها من الشروط، ويتحمَّل صدَّام حُسين كل هذه الخسائر والمآسي بسبب قراراته الخَرْقاء.

العام الهجري : 92 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 711
تفاصيل الحدث:

بعدَ نَجاح غَزوَة طَريف بن مالِك بَعَث موسى بن نُصَير مَولاهُ على طَنْجَة طارِقَ بن زِياد في سَبعةِ آلاف مُقاتِل فسار فنَزَل في جَبَل مُنِيف يُعرَف إلى اليومِ بِجَبَلِ طارِق، ثمَّ دَخَل الجَزيرَة الخَضْراء ثمَّ تابَع مَسيرِه ومعه يُولْيان يَدُلُّه على طُرُق الأَندَلُس, ولمَّا بَلَغ لُذْرِيق (رودريغو) غَزْو طارِق بِلاده عَظُمَ ذلك عليه، وكان غائِبًا في غَزاتِه، فرَجَع منها وطارِق قد دَخَل بلاده، فجَمَع له جَمْعًا يُقالُ بَلَغ مائةَ ألف، فلمَّا بَلَغ طارِقًا الخَبَرُ كَتَب إلى موسى يَسْتَمِدُّه ويُخْبِرُه بما فَتَح، وأنَّه زَحَف إليه مَلِكُ الأندَلُس بما لا طاقةَ له به. فبَعَث إليه بخمسةِ آلاف، فتَكامَل المسلمون اثني عَشر ألفًا، ومعهم يُولْيان يَدُلُّهم على عَوْرَةِ البِلادِ، ويَتَجَسَّس لهم الأَخبارَ. فأَتاهُم لُذْرِيق في جُنْدِه، فالْتَقوا على نَهرِ لَكَّة مِن أَعمالِ شَذُونَة لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتا مِن رَمضان سنة اثنتين وتِسعين، واتَّصَلت الحَرْبُ ثَمانِيَة أيَّام، فانْهَزموا وهَزَم اللهُ لُذْرِيق ومَن معه، وغَرِقَ لُذْرِيق في النَّهرِ، وسار طارِق إلى مَدينَة إسْتِجَة مُتَّبِعًا لهم، فلَقِيَه أَهلُها ومعهم مِن المُنهزِمين خَلْقٌ كَثيرٌ، فقاتَلوه قِتالًا شَديدًا، ثمَّ انْهَزَم أَهلُ الأندَلُس ولم يَلْقَ المسلمون بعدَها حَربًا مِثلَها. ونَزَل طارِق على عَيْن بينها وبين مَدينَة إسْتِجَة أَربعَة أَميال فسُمِّيَت عَيْن طارِق إلى الآن. لمَّا سَمِعَت القُوط بهاتين الهَزِيمَتَين قَذَف الله في قُلوبِهم الرُّعْبَ. فَرَّقَ طارِقُ بن زِياد جَيْشَه لِفَتْح المُدُن مِن مَدينَة إسْتِجَة، فبَعَث جَيْشًا إلى قُرْطُبَة، وجَيْشًا إلى غَرْناطَة، وجَيْشًا إلى مالَقَة، وجَيْشًا إلى تُدْمِير، وسار هو ومُعظَم الجَيْش إلى جَيَّان يُريدُ طُلَيْطُلَة، فلمَّا بَلَغَها وَجَدَها خالِيَة فَضَمَّ إليها اليَهودَ، وتَرَك معهم رِجالًا مِن أَصحابِه، ثمَّ مَضَى إلى مَدينَة ماية، فغَنِمَ منها ورَجَع إلى طُلَيْطُلة في سنة ثلاث وتِسعين. وقِيلَ: اقْتَحَم أَرضَ جِلِّيقِيَّة، فخَرَقَها حَتَّى انْتَهى إلى مَدينَة إِسْتَرْقَة، وانْصَرَف إلى طُلَيْطُلَة، ووافَتْهُ جُيوشُه التي وَجَّهَها مِن إسْتِجَة بعدَ فَراغِهم مِن فَتْحِ تلك المُدُن التي سَيَّرَهم إليها.

العام الهجري : 95 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 714
تفاصيل الحدث:


هو أبو محمَّد الحَجَّاجُ بن يُوسُف الثَّقَفي، قائِدٌ أُمَوِيٌّ، داهِيَة، سَفَّاك، خَطِيب، وُلِدَ وَنَشأَ في الطَّائِف، وانْتَقَل إلى الشَّام فلَحِقَ بِرَوْحِ بن زِنْباع نائِب عبدِ الملك بن مَرْوان فكان في عِدادِ شُرْطَتِه، ثمَّ ما زال يَظهَر حتَّى قَلَّدَهُ عبدُ الملك أَمْرَ عَسْكَرِهِ, ثمَّ أَصبَح والِيًا على العِراق مِن قِبَل عبدِ الملك بن مَرْوان، أَصلَح البِلادَ في العِراق واعْتَنَى بها، وازْدَهَرَت في عَصرِه التِّجارَة والصِّناعَة، وكان مَعروفًا بالظُّلْمِ، وسَفْكِ الدِّماء، وانْتِقاص السَّلَف، وتَعَدِّي حُرُماتِ الله بأَدْنَى شُبْهَة، وقد أَطْبَقَ أَهلُ العِلْم بالتَّارِيخ والسِّيَر على أَنَّه كان مِن أَشَدِّ النَّاس ظُلْمًا، وأَسْرَعِهم للدَّمِ الحَرامِ سَفْكًا، ولم يَحفَظ حُرْمَةَ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في أَصحابِه، ولا وَصِيَّتَه في أَهلِ العِلْم والفَضْل والصَّلاح مِن أَتْباعِ أَصحابِه. وكان جَبَّارًا عَنيدًا. قالت أَسماءُ بِنتُ أبي بَكْرٍ رضي الله عنها للحَجَّاجِ: إنَّ رَسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حَدَّثَنا «أنَّ في ثَقِيفٍ كَذَّابًا ومُبِيرًا». فأمَّا الكَذَّابُ فقد رَأَيْناهُ -تَعْنِي المُخْتار- وأمَّا المُبِيرُ فأَنت هو. والمُبِيرُ: المُهْلِك، الذي يُسْرِف في إِهْلاكِ النَّاس. نَشأَ الحَجَّاجُ شابًّا لَبِيبًا فَصيحًا بَليغًا حافِظًا للقُرآن، وكان يُكْثِر تِلاوَةَ القُرآن، ويَتَجَنَّب المَحارِم، ولم يَشْتَهِر عنه شَيءٌ مِن التَّلَطُّخ بالفُروج، وإن كان مُتَسَرِّعًا في سَفْكِ الدِّماءِ، كان فيه سَماحَةً بإعطاءِ المالِ لِأَهلِ القُرآن، فكان يُعطي على القُرآن كَثيرًا، ولمَّا مات لم يَتْرُك فيما قِيلَ إلَّا ثلاثمائة دِرْهَم. بَلَغَ ما قَتَل الحَجَّاجُ صَبْرًا مائة ألف وعشرين ألف، قال عنه الذهبي: "نَسُبُّهُ ولا نُحِبُّه؛ بل نُبْغِضُه في الله؛ فإنَّ ذلك مِن أَوْثَقِ عُرَى الإيمان, وله حَسَنات مَغْمورة في بَحْرِ ذُنوبِه، وأَمْرُهُ إلى الله. وله تَوْحِيد في الجُمْلَة، ونُظَراء مِن ظَلَمَةِ الجَبابِرَة والأُمَراء" لمَّا حَضَرتُه الوَفاةُ اسْتَخْلَف على الصَّلاةِ ابنَه عبدَ الله، واسْتَخْلَف على حَربِ الكوفَة والبَصْرَة يَزيدَ بن أبي كَبْشَة، وعلى خَراجِهِما يَزيدَ بن أبي مُسلِم، فأَقَرَّهُما الوَليدُ بعدَ مَوتِه، ولم يُغَيِّر أَحَدًا مِن عُمَّالِ الحَجَّاج.

العام الهجري : 271 العام الميلادي : 884
تفاصيل الحدث:

كانت بين أبي العباس المعتضِدِ بن الموفَّق وبين خِمارَوَيه بن أحمد بن طولون، وذلك أن المعتَضِد سار من دمشق- بعد أن ملَكَها- نحوَ الرملة إلى عساكرِ خمارويه، فأتاه الخبَرُ بوصول خمارويه إلى عساكرِه، وكثرةِ مَن معه من الجموع، فهَمَّ بالعود، فلم يُمكِنْه من معه من أصحاب خمارويه الذين صاروا معه؛ وكان المعتضد قد أوحش ابن كنداجيق، وابن أبي الساج، ونسبهما إلى الجبن، حيث انتظراه ليصل إليهما ففسدت نياتهما معه، ولما وصل خمارويه إلى الرملة نزل على الماء الذي عليه الطواحين، فملكه، فنسبت الوقعة إليه؛ ووصل المعتضد وقد عبأ أصحابه، وكذلك أيضًا فعل خمارويه، وجعل له كمينًا عليهم سعيدًا الأيسر، وحملت ميسرة المعتضد على ميمنة خمارويه، فانهزمت، فلما رأى ذلك خمارويه، ولم يكن رأى مصافًا قبله، ولى منهزمًا في نفر من الأحداث الذين لا علم لهم بالحرب، ولم يقف دون مصر، ونزل المعتضد إلى خيام خمارويه، وهو لا يشك في تمام النصر، فخرج الذين عليهم سعيد الأيسر، وانضاف إليه من بقي من جيش خمارويه، ونادوا بشعارهم، وحملوا على عسكر المعتضد وهم مشغولون بنهب السواد، ووضع المصريون السيف فيهم، وظن المعتضد أن خمارويه قد عاد، فركب فانهزم ولم يلو على شيء، فوصل إلى دمشق، ولم يفتح له أهلها بابها فمضى منهزمًا حتى بلغ طرسوس، وبقي العسكران يضطربان بالسيوف، وليس لواحد منهما أمير، وطلب سعيد الأيسر خمارويه فلم يجده، فأقام أخاه أبا العشائر، وتمت الهزيمة على العراقيين، وقتل منهم خلق كثير وأسر كثير، وقال سعيد للعساكر: إن هذا – يعني أبا العشائر- أخو صاحبكم، وهذه الأموال تنفق فيكم؛ ووضع العطاء، فاشتغل الجند عن الشغب بالأموال، وسيرت البشارة إلى مصر، ففرح خمارويه بالظفر، وخجل للهزيمة، غير أنه أكثر الصدقة، وفعل مع الأسرى فعلة لم يسبق إلى مثلها أحد قبله، فقال لأصحابه: إن هؤلاء أضيافكم فأكرموهم؛ ثم أحضرهم بعد ذلك وقال لهم: من اختار المقام عندي فله الإكرام والمواساة، ومن أراد الرجوع جهزناه وسيرناه؛ فمنهم من قام ومنهم من سار مكرمًا؛ وعادت عساكر خمارويه إلى الشام أجمع، فاستقر ملك خمارويه له.

العام الهجري : 301 العام الميلادي : 913
تفاصيل الحدث:

استولى الحسَنُ بنُ عليِّ بنِ الحسن بن عمر بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب على طَبَرستان، وكان يلقَّبُ بالناصر، وكان الحسَنُ بن عليٍّ الأطروش قد دخل الديلم بعد قتل محمَّدِ بنِ زيد، وأقام بينهم نحو ثلاثَ عشرةَ سنة يدعوهم إلى الإسلامِ، ويقتَصِرُ منهم على العُشر، فأسلم منهم خلقٌ كثيرٌ، واجتمعوا عليه، وبنى في بلادِهم مساجِدَ، وكان للمُسلمين بإزائِهم ثغورٌ مثل: قزوين، وسالوس، وغيرهما، وكان بمدينة سالوس حِصنٌ مَنيعٌ قديم، فهَدَمه الأطروش حين أسلم الديلمُ والجيل، ثمَّ إنَّه جعل يدعوهم إلى الخروجِ معه إلى طبرستان، فلا يجيبونَه إلى ذلك لإحسانِ ابنِ نوح، فاتَّفق أنَّ الأمير أحمد عزل ابنَ نوحٍ عن طبرستان وولَّاها سَلامًا، فلم يُحسِنْ سياسةَ أهلها، وهاج عليه الديلمُ، فقاتَلَهم وهَزَمهم، واستقال عن ولايتِها، فعزله الأميرُ أحمد، وأعاد إليها ابنَ نوح، فصَلَحت البلادُ معه، ثمَّ إنَّه مات بها، واستُعمِلَ عليها أبو العبَّاس محمَّد بن إبراهيم صُعلوك، فغيَّرَ رسوم ابن نوح، وأساء السيرةَ، وقطع عن رؤساءِ الدَّيلم ما كان يهديه إليهم ابنُ نوح، فانتهز الحسنُ بن عليّ الفرصة، وهيَّجَ الديلم عليه ودعاهم إلى الخروجِ معه، فأجابوه وخرجوا معه، وقصَدَهم صُعلوك، فالتقوا بمكان يسمَّى نوروز، فانهزم ابن صُعلوك، وقُتِلَ مِن أصحابه نحوُ أربعة آلاف رجل، وحصر الأطروش الباقينَ ثمَّ أمَّنهم على أموالِهم وأنفُسِهم وأهليهم، فخرجوا إليه، فأمَّنَهم وعاد عنهم إلى آمِل، وانتهى إليهم الحسَنُ بنُ القاسم الداعي العلويُّ، وكان ختْنَ الأطروش، فقَتَلَهم عن آخرهم؛ لأنَّه لم يكن أمَّنهم ولا عاهدهم، واستولى الأطروش على طبرستان، وخرج صعلوك إلى الرَّيِّ، ثمَّ سار منها إلى بغداد، كان الأطروش قد أسلم على يدِه مِن الديلمِ الذين هم وراءَ أسفيدروذ إلى ناحية آمل، وهم يذهبونَ مَذهَبَ الشيعة، وكان الأطروش زيديَّ المذهَبِ، شاعرًا ظريفًا، علَّامةً إمامًا في الفِقهِ والدينِ، كثيرَ المُجونِ، حسَنَ النَّادرةِ. وكان سببُ صَمَمِه أنَّه ضُرِبَ على رأسه بسيفٍ في حرب محمَّد بن زيد فطَرِشَ.

العام الهجري : 411 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1021
تفاصيل الحدث:

كان الحاكِمُ العُبَيديُّ صاحِبُ مِصرَ يواصِلُ الرُّكوبَ وتتصَدَّى له العامَّةُ، فيَقِفُ عليهم ويسمَعُ منهم. وكان النَّاسُ في ضنكٍ مِن العَيشِ معه. فكانوا يدسُّونَ إليه الرِّقاعَ المختومةَ بالدُّعاءِ عليه والسَّبِّ له ولأسلافِه، حتى إنَّهم عَمِلوا تمثالَ امرأةٍ مِن كاغد بخُفٍّ وإزارٍ ثمَّ نَصَبوها له، وفي يَدِها قصَّةً. فأمَرَ بأخْذِها مِن يَدِها، ففتَحَها فرأى فيها العظائمَ، فقال: انظُروا مَن هذه. فإذا هي تمثالٌ مَصنوعٌ. فتقَدَّمَ بطَلَبِ الأمراءِ والعُرَفاء فحَضَروا، فأمَرَهم بالمصيرِ إلى مِصرَ لِنَهبِها وحَرقِها بالنَّارِ وقَتلِ أهلِها, فتوجَّهوا لذلك، فقاتل المصريونَ عن أنفُسِهم بحَسَبِ ما أمكَنَهم. ولحِقَ النَّهبُ والحريقُ الأطرافَ والنواحيَ التي لم يكُنْ لأهلِها قُوَّةٌ على امتناعٍ، ولا قدرةٌ على دفاعٍ. واستَمَرَّت الحربُ بين العبيدِ والرَّعيَّة ثلاثةَ أيام، وهو يركَبُ ويُشاهِدُ النَّارَ، ويَسمَعُ الصِّياح. فيَسأل عن ذلك، فيُقال له: العَبيدُ يَحرِقونَ مِصرَ. فيتوجَّعُ ويقولُ: مَن أمَرَهم بهذا؟ لعَنَهم اللهُ, فلما كان في اليومِ الثَّالثِ اجتمَعَ الأشرافُ والشُّيوخُ إلى الجامِعِ ورَفَعوا المصاحِفَ، وعَجَّ الخَلقُ بالبُكاءِ والاستغاثةِ بالله. فرَحِمَهم الأتراكُ وتقاطَروا إليهم وقاتَلوا معهم. وأرسلوا إلى الحاكِمِ يقولونَ له: نحن عبيدُك ومماليكُك، وهذه النَّارُ في بلَدِك وفيه حَرَمُنا وأولادُنا، وما عَلِمْنا أنَّ أهلَها جَنَوا جنايةً تَقتَضي هذا، فإن كان باطِنٌ لا نَعرِفُه عَرِّفْنا به، وانتَظِرْ حتى نُخرِجَ عيالَنا وأموالَنا، وإن كان ما عليه هؤلاء العَبيدُ مُخالِفًا لرأيِك أطلِقْنا في مُعامَلتِهم بما نعامِلُ به المُفسِدينَ. فأجابهم: إنِّي ما أردتُ ذلك ولا أَذِنتُ فيه، وقد أَذِنتُ لكم في الإيقاعِ بهم، وأرسل للعبيدِ سِرًّا بأنْ كونوا على أمْرِكم، وقَوَّاهم بالسِّلاحِ، فاقتَتَلوا وعاودوا الرِّسالةَ: إنَّا قد عَرَفْنا غَرَضَك، وإنَّه إهلاكُ البَلدِ، ولَوَّحوا بأنَّهم يَقصِدونَ القاهرةَ، فلما رآهم مُستَظهرينَ، رَكِبَ حِمارَه ووقف بين الفَريقينِ، وأومأ إلى العَبيدِ بالانصرافِ، وسَكَنَت الفتنةُ، وكان قَدْرُ ما أُحرِقَ مِن مِصرَ ثُلُثَها، ونُهِبَ نِصفُها. وتتَبَّع المِصريونَ مِن أَسَرَ الزَّوجاتِ والبَناتِ، فاشتَرَوهنَّ مِن العَبيدِ بعد أن اعتُدِيَ عليهنَّ، حتى قَتَل جماعةٌ أنفُسَهنَّ مِن العارِ. ثمَّ زاد ظُلمُ الحاكِمِ، وعَنَّ له أن يَدَّعي الرُّبوبيَّةَ، كما فعَلَ فِرعونُ، فصار قَومٌ مِن الجُهَّالِ إذا رأوه يقولونَ: يا واحد يا أحد، يا محيي يا مميت.

العام الهجري : 594 العام الميلادي : 1197
تفاصيل الحدث:

عبَرَ كُفَّارُ الخطا الترك نهرَ جيحون إلى ناحية خراسان، فعاثُوا في البلاد وأفسَدوا، فلَقِيَهم عسكر غياث الدين الغوري وقاتلَهم فانهزم الخطا، وكان سَبَبُ ذلك أنَّ خوارزم شاه تكش كان قد سار إلى بلد الري، وهمذان وأصفهان وما بينهما من البلادِ، ومَلَكَها وتعرض إلى عساكر الخليفة، وأظهر طَلَبَ السلطنة والخطبة ببغداد، فأرسل الخليفةُ إلى غياث الدين ملك الغور وغُزنة يأمُرُه بقَصدِ بلاد خوارزم شاه ليعودَ عن قَصدِ العراق، وكان خوارزم شاه قد عاد إلى خوارزم، فراسَلَه غياث الدين يُقَبِّحُ له فِعْلَه، ويتهَدَّدُه بقَصدِ بلاده وأخْذِها، فأرسل خوارزم شاه إلى الخطا الكُفَّار يشكو إليهم من غياثِ الدين، فساروا وعبروا جيحون في جمادى الآخرة، وكان الزمان شتاءً، وكان شهاب الدين الغوري أخو غياث الدين ببلاد الهند، والعساكِرُ معه، وغياث الدين به من النقرسِ ما يمنَعُه من الحركة، إنما يُحمَلُ في محفَّة، والذي يقود الجيشَ ويباشِرُ الحروب أخوه شهاب الدين، فلما وصل الخطا الترك إلى جيحون سار خوارزم شاه إلى طوس، عازمًا على قَصدِ هراة ومحاصَرتِها، وعبَرَ الخطا النهر، ووصلوا إلى بلاد الغور وقَتَلوا وأسروا ونهبوا وسَبَوا كثيرًا لا يحصى، فاستغاث النَّاسُ بغياث الدين، فلم يكُنْ عنده من العساكر ما يلقاهم بها، فراسل الخطا بهاء الدين سام ملك باميان يأمرونَه بالإفراج عن بلخ، أو أنَّه يَحمِلُ ما كان مِن قبَلِه يحمِلُه من المالِ، فلم يجِبْهم إلى ذلك، وعظُمَت المصيبة على المسلمين بما فعله الخطا، فانتدبَ الأمير محمد بن جربك الغوري، وهو مقطع الطالقان من قِبَل غياث الدين، وكان شجاعًا، وكاتب الحُسَين بن خرميل، وكان بقلعة كرزبان، واجتمع معهما الأميرُ حروش الغوري، وساروا بعساكِرِهم إلى الخطا، فبَيَّتوهم، وكبسوهم ليلًا، فأتاهم هؤلاء الغوريَّة وقاتلوهم، وأكثروا القتلَ في الخطا، وانهزم مَن سَلِمَ منهم من القتل، ثم قَوِيَت قلوبهم، وثَبَتوا واقتتلوا عامَّةَ نَهارِهم، فقتل من الفريقين خلقٌ عظيم، ولَحِقَت المتطوعة بالغوريِّينَ، وأتاهم مَدَدٌ من غياث الدين وهم في الحرب، فثبت المسلمونَ، وعَظُمَت نكايتُهم في الكفار.