هو الإمامُ العلَّامة الشيخُ عبد العزيز بن الشيخ الإمام حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر من آل معمر أهل العُيَينة، وهم من بين سعد بن زيد مناة بن تميم، وُلِدَ في الدرعية مركزِ الحركة العلمية في ذلك الحين سنة 1203هـ ونشأ في وسط العلماء العاملين الذين كانت تزخَرُ بهم الدرعيةُ ونجد في ذلك الزمنِ، فكان من شيوخِه والِدُه الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، والشيخ الإمام عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، والشيخ العلامة المؤرخ أبو بكر حسين بن غنام، والشيخ أحمد بن حسين بن رشيد بن عفالق الحنبلي نزيل الدرعية، وغيرهم من العلماء، فمَهَر في جميعِ العلوم والفنون فصار عالِمًا محَقِّقًا وفقيهًا متبحرًا، له اليد الطولى والباع الواسع في التصنيف والتأليف ونشْر العلم وتخريجِ الكثير من الطلاب، والرَّد على المعارضين، وله عِدَّةُ مصَنَّفات وفتاوى ورسائل وأشعار، ومن أشهر مصنَّفاتِه وأجَلِّها الكتابُ المسمى: منحة القريب العجيب في الرد على عُبَّاد الصليب، ومن مصنَّفاته أيضًا: اختصار نظم ابن عبد القوي للمُقنِع. أخذ عنه العلم وانتفع به كثيرٌ من العلماء، وفي زمَنِه جرى على الديار النجدية والدولةِ السعودية ما جرى من التقتيل والتخريبِ، فدُمِّرَت الدرعية وتشَتَّت علماؤها وقادةُ الدعوة الذين كانوا بها؛ أخرجهم إبراهيم باشا من أوطانِهم ونفاهم إلى مِصرَ، وفر الشيخُ عبد العزيز بن معمر من الدرعية إلى البحرين، وكان لا يزال شابًّا في العقد الثالث من عمرِه، فأقام بها ولم تنقَطِعْ صلته بآل الشيخ الذين نُقِلوا إلى مصرَ، فكان يكاتب الشيخ عبد الرحمن بن حسن بأشعارٍ يتوجَّعُ فيها على ما حَلَّ بنجدٍ مِن الدمار والخراب. أرسل شيخُ البحرين عبد الله بن خليفة عليه شُبهةً كتَبَها قسيس نصراني إنجليزي عجز عن الردِّ عليها علماءُ البحرين والأحساء، فتناوله الشيخ عبد العزيز وأمعن النظرَ فيه وقال: تأخذونَ مني دحض هذه الشبهةِ بعد شهر إن شاء الله تعالى، فلبث شهرًا وأتمَّ الردَّ وبعث به إلى الأميرِ وفَرحَ به أشَدَّ الفَرَحِ، ودُعِيَ القسيس الإنكليزي وأعطاه الردَّ، فلما طالعه عَجِبَ له واندهش جدًّا لِما كان يظنه من عجز ِعلماء البحرين، وقال: هذا الرد لا يكونُ مِن هنا وإنما يكون من البحر النجدي، فقال له الأمير: نعم، إنه أحَدُ طلبة العلم النجديين. أقام الشيخ عبد العزيز في البحرين حتى توفِّيَ فيها.
هو الإمامُ العلَّامة الحافِظُ قاضي القضاة نجمُ الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن سالم بن أبي المواهب، الربعي الثعلبي الدمشقي الشافعي، الشهيرُ بابن صصرى قاضي القُضاة بالشام، وُلِدَ في ذي القعدة سنة 655، ووالدتُه هي شاه ست بنت أبي الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن علان القيسية الدمشقية، ذكرها الذهبي في معجم الشيوخ الكبير. كان في ابتداء أمرِه كتب في الإنشاء، وكان له نظمٌ ونثرٌ ومُشاركة في فنونٍ كثيرة، فصيحَ العبارة، قادرًا على الحفظ، يحفظُ أربعة دروس في اليوم، سمِعَ ابن صصرى الحديثَ واشتغل وحَصَّل وكتَبَ عن القاضي شمس الدين بن خَلِّكان وفياتِ الأعيان، وسَمِعَها عليه، وتفقَّه بالشيخ تاج الدين الفزاري، وعلى أخيه شرف الدين في النَّحو، وكان له يدٌ في الإنشاء وحُسن العبارة. درَّس بالعادلية الصغيرة سنةَ ثنتين وثمانين، وبالأمينية سنة تسعين، وبالغزالية سنة أربع وتسعين، وتولى قضاء العساكر في دولة العادل كتبغا، ثم تولَّى قضاء الشام سنة ثنتين وسبعمائة، بعد ابنِ جماعة حين طُلِبَ لقضاء مصر بعد ابن دقيق العيد، ثم أضيف إليه مشيخةُ الشيوخ مع تدريس العادلية والغزالية والأتابكية، في يوم الثلاثاء سابِعَ شعبان عَزَل نجم الدين بن صصرى نفسه عن الحُكمِ بسبب كلامٍ سمعه من الشيخ كمال الدين بن الزملكاني. كان نجم الدين ابن صصرى من خصومِ شيخ الإسلام ابن تيمية, ففي الثاني عشر رجب سنة 698 قرأ المِزِّي فصلًا من كتاب أفعال العباد للبُخاري في الجامع، فسَمِعَه بعض الشافعية فغضِبَ، وقالوا: نحن المقصودون بهذا ورفعوه إلى القاضي الشافعي فأمر بحبسه، فبلغ ابن تيمية فتوجَّهَ إلى الحبس فأخرجه بيده، فبلغ القاضي ابن صصرى فطلع إلى القلعة فوافاه ابن تيميَّةَ فتشاجرا بحضرة النائِبِ، واشتطَّ ابن تيمية على القاضي لِكَونِ نائبه جلال الدين آذى أصحابَه في غَيبة النائب، فأمر النائب من ينادي أنَّ من تكلَّمَ في العقائد فُعِلَ كذا به، وقصد بذلك تسكينَ الفتنة. وفي خامس رمضان بطلب القاضي والشيخ وأن يرسلوا بصورةِ ما جرى للقاضي نجم الدين ابن صصرى، ثم وصل مملوك النائب وأخبر أن الجاشنكير والقاضي المالكي قد قاما في الإنكارِ على الشيخ ابن تيمية، وأنَّ الأمرَ اشتَدَّ بمصر على الحنابلة، حتى صفع بعضهم، ثم توجه القاضي ابن صصرى وشيخ الإسلام إلى القاهرة ومعهما جماعةٌ فوصلا في العشر الأخير من رمضان، وعُقِدَ مجلس في ثالث عشر منه بعد صلاة الجمعة، فادعى على ابن تيميَّةَ عند المالكي، فقال: هذا عدوِّي ولم يجِبْ عن الدعوى، فكرر عليه فأصَرَّ، فحكم المالكيُّ بحبسِه، فأقيم من المجلسِ وحُبِسَ في برجٍ، ثم بلغ المالكي أن الناس يترددون إليه، فقال: يجب التضييقُ عليه إنْ لم يُقتَل وإلَّا فقد ثبت كفرُه، فنقلوه ليلة عيد الفطر إلى الجبِّ، وعاد القاضي ابن صصرى الشافعي إلى ولايتِه، ونودي بدمشق من اعتقد عقيدةَ ابن تيمية حَلَّ دَمُه ومالُه خصوصًا الحنابلة، فنودي بذلك وقرئ المرسوم. توفي ابن صصرى فجأةً ببستانه بالسَّهمِ ليلة الخميس سادس عشر ربيع الأول عن ثمان وستين سنة وصُلِّيَ عليه بالجامع المظفري، وحضر جنازتَه نائب السلطنة والقضاة والأمراء والأعيان، وكانت جنازتُه حافلةً ودُفِنَ بتربتهم عند الركنية.
حقَّق السعديون على صعيدٍ آخر نصرًا كبيرًا على البرتغاليين، وفتحوا حصن سانتاكروز في السوس، وما أن علِمَ ملك البرتغال جان الثالث بهذا الخبر حتى أمر حامياتِ آسفي وأزمور بالجلاء فورًا عنها، وقد وجَّه الملك جان الثالث في هذا الشأن إلى سفيره بمدريد رسالةً يُطلِع فيها الإمبراطور الإسباني شارل الخامس، حيث جاء فيها ذِكرُ الأسباب التي أجبرت البرتغال على اتخاذ قرار الجلاء عن قاعدتي آسفي وأزمور، ومنها تزايُدُ قوات السعديين بفضل المساعدات العثمانية، بحيث صار الحاكمُ السعدي يملِكُ المدفعيةَ العثمانية، والآلاتِ الحربيةَ، وجنودًا مدربين، وقد ظهر أثرُ تلك الإمدادات عند حصار سانتاكروز؛ ممَّا جعل الاحتفاظَ بهذين المركزين آسفي وأزمور أمرًا شاقًّا وصعبًا.
لَمَّا هرب عبد الملك بن محمد المهدي أبو مروان وأحمد المنصور عمَّا المتوكل على الله محمد الثاني زعيم السعديين، بعد توليه الحكم في المغرب بسبب عدائه لهما- استنجدا بالدولة العثمانية في الجزائر، فوجدت الدولةُ العثمانية في انشغال مَلِك إسبانيا فيليب الثاني بأحداث أوروبا الغربية- حيث ثورة الأراضي المنخفضة- فرصةً مناسِبةً للتدخل في المغرب، فأمدُّوا عبد الملك بجيشٍ قوامه خمسة آلاف مقاتل مسلَّحين بأحسن الأسلحة، ودخل عبدالملك فاس بعد أن أحرز انتصارًا كبيرًا على ابن أخيه المتوكِّل على الله، وعاد الجيش أدراجه إلى الجزائر، وقام عبد الملك بإصلاحات في دولته، من أهمِّها أمَرَ بتجديد السفن، وبصُنع المراكب الجديدة، فانتعشت بذلك الصناعة، كما اهتمَّ بالتجارة البحرية، وكانت الأموال التي غَنِمَها من حروبه على سواحل المغرب سببًا في انتعاش ونمو الميزان الاقتصادي للدولة، أسَّس جيشًا نظاميًّا متطورًا واستفاد من خبرة الجندية العثمانية وتشبه بهم في التسليح والرُّتَب، كما استطاع أن يبنيَ علاقات متينة مع العثمانيين، وجعل منهم حُلَفاء وأصدقاء وإخوة مخلصين للمسلمين في المغرب، وفرض احترامَه على أهل عصره، حتى الأوروبيين، احترموه وأجلَّوه. اهتمَّ عبد الملك بتقوية مؤسسات الدولة ودواوينها وأجهزتها، واستطاع أن يشكِّلَ جهازًا شوريًّا للدولة أصبح على معرفة بأمور الدولة الداخلية، وأحوال السكان عامة، وعلى دراية بالسياسة الدولية وخاصةً الدول التي لها علاقةٌ بالسياسة المغربية، وكان أخوه أبو العباس أحمد المنصور بالله- الملقب في كتب التاريخ بالذهبي- ساعِدَه الأيمن في كل شؤون الدولة.
أرسل الإمامُ تركي إلى رؤساء القصيم وأمراء بلدانه، وأمرهم بالقدومِ إليه فأقبل جميعُ أمراء القصيم ورؤسائه، فقَدِموا عليه في الرياضِ وبايعوه كلُّهم على السَّمعِ والطاعة، وعزَل محمَّدَ بن علي الشاعر عن إمارة بُرَيدة وجعَلَ مكانَه عبد العزيز بن محمد بن عبد الله، ثمَّ لما بلغ الإمامَ تركيًا ما يريبُه من محمد بن علي أرسل إليه وجعله عنده في الرياضِ ولم يأذن له بالعودةِ للقصيم حتى قَوِيَ عبد العزيز بن محمد وقَوِيَت شوكتُه.
كان أبو سَلمةَ عبدُ الله بنُ عبدِ الأسدِ أوَّلَ مَن هاجر إلى المدينةِ مِن أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ المُهاجرين مِن قُريشٍ مِن بني مَخزومٍ، وكانتْ هِجرتُه إليها بعدَ بَيعةِ العَقبةِ الأولى، وقبلَ بَيعةِ العَقبةِ الثَّانيةِ، حين آذتْهُ قُريشٌ بعدَ مَرجعِهِ مِنَ الحَبشةِ، فعزم على الرُّجوعِ إليها، ثمَّ بَلغهُ أنَّ بالمدينةِ لهم إخوانًا، فعزم في الهِجرةِ إليها.
قالتْ أمُّ سَلمةَ: لمَّا أجمع أبو سَلمةَ الخُروجُ إلى المدينةِ رَحَّلَ لي بَعيرَهُ ثمَّ حملَني عليه، وجعل معي ابْنِي سَلمةَ بنَ أبي سَلمةَ في حِجْري، ثمَّ خرج يقود بي بَعيرَهُ، وانطلق به بنو عبدِ الأسدِ، وحبسني بنو المُغيرةِ عندهم وانطلق زوجي أبو سَلمةَ إلى المدينةِ. قالتْ: ففُرِّق بيني وبين ابْنِي وبين زوجي. قالت: فكنتُ أخرُج كُلَّ غَداةٍ فأجلِسُ في الأَبْطَحِ، فما أزالُ أبكي حتَّى أُمْسي، سَنَةً أو قريبًا منها، حتَّى مَرَّ بي رجلٌ مِن بني عَمِّي أحدُ بني المُغيرةِ، فرأى ما بي فرحِمَني، فقال لِبَني المُغيرةِ: ألا تحرجون من هذه المِسكينةِ؟ فرَّقتُم بينها وبين زوجِها وبين ولدِها؟ قالت: فقالوا لي: الْحَقي بزوجِك إن شئتِ. قالت: فَرَدَّ بنو عبدِ الأسدِ إليَّ عند ذلك ابْنِي، قالت: فارتحلتُ بعيري، ثمَّ أخذتُ ابْنِي فوضعتُه في حِجْري، ثمَّ خرجتُ أُريدُ زوجي بالمدينةِ. قالت: وما معي أحدٌ من خَلقِ الله، حتَّى إذا كنتُ بالتَّنعيمِ لَقيتُ عُثمانَ بنَ طلحةَ بنِ أبي طلحةَ أخا بني عبدِ الدَّارِ، فقال: إلى أين يا ابنةَ أبي أُميَّةَ؟ قلتُ: أُريدُ زوجي بالمدينةِ. قال: أَوَمَا معكِ أحدٌ؟ قلتُ: ما معي أحدٌ إلَّا الله وابْنِي هذا. فقال: والله ما لكِ مِن مَتْرَكٍ. فأخذ بخِطامِ البَعيرِ فانطلق معي يَهْوي بي، فَوَالله ما صَحِبتُ رجلًا مِن العربِ قَطُّ أَرى أنَّه كان أَكرمَ منه، كان إذا بلغ المنزِلَ أناخ بي، ثمَّ استأخر عنِّي حتَّى إذا نزلتُ استأخر ببعيري فحَطَّ عنه ثمَّ قيَّدهُ في الشَّجرِ، ثمَّ تنحَّى إلى شجرةٍ فاضطجع تحتها. فإذا دَنا الرَّواحُ قام إلى بعيري فقدَّمهُ فَرَحَّلَهُ، ثمَّ استأخر عنِّي وقال: ارْكَبي. فإذا رَكِبْتُ فاستويتُ على بعيري أتى فأخذ بخِطامهِ فقادَني حتَّى يَنزِلُ بي، فلمْ يَزلْ يصنعُ ذلك بي حتَّى أَقْدَمَني المدينةَ، فلمَّا نظر إلى قريةِ بني عَمرِو بنِ عَوفٍ بقُباءٍ قال: زوجُكِ في هذه القريةِ. وكان أبو سَلمةَ بها نازلًا، فادْخُليها على بركةِ الله. ثمَّ انصرف راجعًا إلى مكَّةَ. فكانت تقولُ أمُّ سَلمةَ: ما أعلمُ أهلَ بيتٍ في الإسلامِ أصابهم ما أصاب آلَ أبي سَلمةَ، وما رأيتُ صاحبًا قَطُّ كان أكرمَ مِن عُثمانَ بنِ طلحةَ. أَسلمَ عُثمانُ بنُ طلحةَ بنِ أبي طلحةَ العَبْدَريُّ بعدَ الحُدَيبيةِ.
هو محمَّد بنُ الأمين بنِ عبد الله بن أحمدَ الحَسَني الإدريسيِّ العَمْراني، كُنْيتُه (بُوخُبْزة)، وُلِد بتِطْوانَ في المغربِ عام1351هـ / 1932م، وكانت تحْت الاحتلالِ الأسبانيِّ.
أتمَّ حِفظَ القرآنِ، ثم أتمَّ حِفظَ بعضِ المتون العِلمية، كالآجُروميةِ، والمرشِد المُعِين على الضَّروري من عُلوم الدِّين، ومُختصَر خَليلٍ في الفِقه المالكي، ثم الْتحَقَ بالمعهد الدِّيني بالجامع الكبيرِ، ومكَث فيه نحْوَ عامينِ تلقَّى خلالَها دُروسًا نِظاميةً مختلِفةً، وأخَذ عن والدِه رحمه الله النَّحْوَ بالآجُرومية وجُزءٍ من الألْفية، وتلقَّى العِلم على عددٍ من عُلماءِ ومَشايخِ المغربِ، مِن أشهَرِهم محمَّد تقي الدِّين الهلالي الحُسَيني، وحضَر دُروسًا في الحديث والسِّيرة على الفقيهِ الحاج أحمد بن محمَّد الرُّهوني.
وكان رحِمه الله مِن عُلماء أهلِ السُّنة في المغرب، ومِن العلماء المشهودِ لهم بالموسوعيَّةِ العِلمية والإحاطة بمُحتويات الكُتب مَخطوطِها ومَطبوعِها.
عَمِل كاتبًا مع القاضي أحمد بن تاوَيْت في وزارة العدْل، وأصدَر عددًا مِن المجلَّات والصُّحف، منها: مجلَّة الحديقة، ومجلة أفكارِ الشَّباب، وصَحيفة البُرهان، وكتَب في مجلة "لِسان الدِّين" التي كان يُصدِرها تقيُّ الدين الهلاليُّ، والذي خلَفه على رئاسة تَحريرِها بعْد سَفرِه عبد الله كنّون، ومجلة "النصر"، و"النِّبراس"، وصحيفة "النور"، وغيرها.
اهتمَّ بالمحدِّث أحمد بن الصِّدِّيق الغُماري، وأُعجِب بسَعةِ اطِّلاعه ورُسوخ قدَمِه في عُلوم الحديث، فكاتَبه وجالَسه وأجازه إجازةً عامةً. كما أجازه مُشافهةً كثيرٌ مِن العلماء، مِن أشهَرِهم الشَّيخ عبد الحيِّ الكَتانيُّ، والشَّيخ عبد الحفيظِ الفاسيُّ الفهْري، والشيخ الطاهرُ بن عاشورٍ.
الْتَقى بالشيخ الألبانيِّ أكثرَ مِن ثَلاثِ مراتٍ: مرةً في المدينةِ المنوَّرة، ومرَّتَين في المغربِ، وتأثَّر بدَعوتِه السَّلفية، وكان سَببًا في اتباعِه المنهجَ السَّلَفيَّ.
له مؤلَّفاتٌ كثيرة؛ منها: (الشَّذرات الذهبية في السِّيرة النَّبوية)، و(فتْح العَلِي القديرِ في التفسير)، و(نظَرات في تاريخ المذاهب الإسلامي)، و(مَلامح من تاريخ عِلم الحديث بالمغرِب)، و(الأدلَّة المحرَّرة على تحْريم الصلاة في المقبرة).
وحقَّق عددًا من الكُتب؛ منها: تَحقيق جزءٍ من كتاب التمهيدِ لابن عبد البَرِّ، تحقيق أجزاءٍ مِن الذَّخيرة للقِرافي، تَحقيق سِراج المهتَدِين لابن العرَبيِّ.
هو أَميرُ المؤمنين المُقتَدِي بالله أبو القاسمِ عبدُ الله بنُ الأَميرِ ذَخيرةِ الدِّين أبي العبَّاس محمدِ بن القائمِ بأمرِ الله عبدِ الله بنِ القادرِ بالله أحمدَ بن إسحاقَ بن جَعفرٍ المُقتَدِر بن المُعتَضِد الهاشميُّ العبَّاسيُّ، تُوفِّي أَبوهُ الذَّخيرَةُ والمُقتدِي حَمْلٌ وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ اسمُها: أرجوان، أرمنية عاشَت إلى خِلافَةِ ابنِ ابنِها المُستَرشِد بالله. بُويِعَ المُقتدِي بالخِلافة في ثالث عشر شعبان سَنةَ 467هـ، وهو ابنُ تسع عشرة سَنةً وثلاثة أَشهُر. كان المُقتدِي أَبيضَ حُلْوَ الشَّمائلِ، عُمِّرَت في أَيامِه مَحالٌّ كَثيرةٌ من بغداد، ظَهرَت في أَيامِه خَيراتٌ كَثيرةٌ، وآثارٌ حَسَنةٌ في البُلدان. قال عنه الذهبيُّ: "كانت قَواعِدُ الخِلافَةِ في أَيامِه باهِرَةً، وافِرَةَ الحُرمَةِ. بخِلافِ مَن تَقدَّمَه, ومِن مَحاسِنِه أنه أَمَرَ بنَفيِ المُغَنِّيات والخواطي من بغداد، وأن لا يَدخُل أَحدٌ الحَمَّامَ إلا بمِئزَرٍ. وضرب أَبراجَ الحَمامِ صِيانَةً لِحُرُمِ الناسِ. وكان دَيِّنًا خَيِّرًا، قَوِيَّ النَّفسِ، عاليَ الهِمَّةِ، مِن نُجَباءَ بَنِي العبَّاسِ". وفي يوم الجُمعةِ الرابع عشر المُحرَّم تُوفِّي الخَليفةُ المُقتدِي بأَمرِ الله فَجأَةً، فلمَّا عَلِمَ الوُزراءُ بذلك شَرَعوا في البَيْعَةِ لِوَلِيِّ العَهدِ ووَلَدِه أبي العبَّاسِ أَحمدَ المُستَظهِر بالله، وأُحضِرَ المُستَظهِر بالله لبغداد، وأُعلِمَ بمَوتِ أَبيهِ، وحَضَرَ الوَزيرُ فبايَعَهُ، ورَكِبَ إلى السُّلطانِ بركيارق، فأَعلَمَهُ الحالَ، وأَخَذَ بَيْعَتَه للمُستَظهِر بالله، فلمَّا كان اليومُ الثالث مِن مَوتِ المُقتدِي أُظهِرَ خَبرُ وَفاةِ الخَليفةِ وجُهِّزَ، ثم صَلَّى عليه ابنُه المُستَظهِر، ودُفِنَ، وكانت خِلافَةُ المُقتدِي تِسعَ عشرة سَنةً وثمانية أَشهُر غير يومين.
انتَصرَ عليهم عبدُ الله العيوني بمُساعدَةِ العبَّاسيِّين والسَّلاجِقَةِ فأَخرَجَهُم من أوال ثم من البَحرَيْنِ، وأخيرًا حَدثَت في الأَحساءِ مَعركةُ الخَندَقِ فقَضَت على دَولةِ القَرامِطَةِ نِهائِيًّا، وحَلَّت مَحِلَّها الدَّولةُ العيونيَّةُ. والعيوني، مِن بَنِي عبدِ القَيْسِ: رَأسُ العيونيين في الأَحساءِ، نَشأَ بها، في مشارف "العيون" ونِسْبَتُه إليها. وأَدرَك ضَعْفَ القِرامِطَةِ فيها، فاتَّصلَ ببغداد (سَنةَ 466هـ) وشَرحَ أَمرَهم لِجَلالِ الدَّولةِ أبي الفَتحِ ملكشاه السلجوقي، والخَليفةُ يومئذٍ أبو جَعفرٍ القائمُ بأَمرِ الله، والوَزيرُ أبو عليٍّ الحَسنُ بن عليِّ بن إسحاقَ نِظامُ المُلْكِ.
وقد وَرَدَ كِتابُ ارتق بك على الخَليفةِ المُقتَدِي العبَّاسيِّ بأَخْذِه بِلادَ القَرامِطَة.
قُتل العادِلُ الموحدي عبد الله بن يعقوب المنصور بن يوسف بن عبدالمؤمن بن علي, فقد كان أميرًا على شرقيِّ الأندلس وجاءته بيعةُ أهل مراكش بعد خلع عمه عبد الواحد، ففوض الأمرَ إلى أخيه أبي العلاء وقصد مراكش ثمَّ اضطربت عليه الأمورُ وقامت فِتَنٌ، فدعا أخوه أبو العلاء لنفسه في إشبيلية وأخذ البيعةَ وتلقب بالمأمون، وأرسل إلى مراكش يدعوهم إلى بيعته، وأعلمهم أن أهلَ الأندلسِ معه، فخلع أهلُ مراكش العادل بعد أن طلبوا منه أن يخلعَ نفسَه، فلم يفعل فقتلوه وبايعوا يحيى المعتصم بالله بن محمد الناصر بن أبي يوسف يعقوب المنصور، فأصبح لدولة الموحدين دولتان وملكان.
تطَلَّع الإمامُ تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود إلى ضَمِّ الأحساء التي استعادها بنو خالد بعد سقوطِ الدرعية، وأراد التخلص من تهديدهم لدولته، فأمر عمر بن محمد بن عفيصان فغزاها فرَدَّ عليه أحدُ زعماء بني خالد بغزوِ بلدة حرمة بنجد. ولكنَّ الدائرةَ دارت على بني خالد ودخل الإمامُ تركي الأحساء دون قتالٍ، بعد هروب بني خالد منها، وقد وفد زعماءُ القطيف على الإمام وبايعوه على السَّمعِ والطاعة، وبهذا رجَعَت الأحساءُ مرة أخرى للدولة السعودية، وغادرها الإمام تركي تاركًا فيها عمر بن محمد بن عفيصان أميرًا عليها، وعبد الله الوهيبي قاضيًا لها.
انعَقَد في العاصمة الأسبانية مدريد المؤتمرُ الدَّوليُّ للحوار بين الأديان تحتَ رعايةِ الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ملكِ المملكةِ العربيَّة السُّعودية، وبحُضور الملكِ خوان كارلوس ملك مملكة إسبانيا، وقد نظَّم الحوارَ رابطةُ العالم الإسلاميِّ، وشارَك فيه (200) شخصيةٍ من مُختلَف أتْباعِ الأديانِ والحضاراتِ والثَّقافاتِ المختَلِفَة.
استهلت هذه السَّنةُ وسلطانُ دمشق نجم الدين الصالح أيوب بن الكامل مخيِّم عند نابلس، يستدعي عمَّه الصالح إسماعيل؛ ليسيرَ إلى الديارِ المصريةِ؛ لأخْذِها من صاحبها العادل بن الكامل، فلما كان يومُ الثلاثاء السابع والعشرين من صفر هجم الملك الصالح إسماعيل وفي صحبته المجاهِدُ أسد الدين شيركوه صاحب حمص على دمشقَ، فدخلاها بغتةً من باب الفراديس، فنزل الصالح إسماعيل بدارِه من درب الشعارين، ونزل صاحِبُ حمص بداره، وجاء نجم الدين بن سلامة فهنأ الصالحَ إسماعيل، وأصبحوا فحاصروا القلعةَ وبها المغيث عمر بن الصالح نجم الدين، ونَقَبوا القلعة من ناحية باب الفرج، وهتَكوا حُرمَتَها ودخلوها وتسَلَّموها واعتقلوا المغيثَ في برج هنالك، ولما وصل الخبَرُ بما وقع إلى الصالح أيوب تفَرَّق عنه أصحابه والأمراء خوفًا على أهاليهم من الصالحِ إسماعيلَ، وبَقِيَ الصالح أيوب وحده بمماليكِه.
إنَّ مما قام به الإنجليز في الهند لتوطيدِ بقائهم وسيطرتهم فيها أنْ عَمِلوا على إنشاءِ الفِرَق الضالَّة، أو على الأقلِّ دعمها أو السكوت عنها وتَرْكها تنشُرُ ضلالها، فكان مما عَمِلَته أن شجَّعَت مرزا غلام أحمد القادياني على إحياءِ ما دعا إليه المَلِك المغولي في الهند جلال الدين أكبر شاه المتوفَّى عام 1014ه. فأنشأ مرزا غلام القاديانية، وكتب البراهينَ الأحمدية، ثم تطوَّر أمره فادَّعى عام 1322هـ أنَّه المهدي المنتظَرُ، وأعلن أنَّ الإنجليز هم أولو الأمر، فيَجِبُ طاعتهم، ولا يصِحُّ الخروجُ عليهم ولا قتالُهم ولا الجهاد ضِدَّهم مع أحدٍ، وعَمِلَ على التوفيق بين الأديان، فادعى أنَّه يتقَمَّصُ روح المسيح عليه السلام وروحَ الإله كرشنا ربِّ الخير عند الهندوس!! وأصبح له أتباعٌ, وقَوِيَ أمرُه، وكان البريطانيون يدعمونه ويحمونه، ثم لَمَّا توفِّيَ عام 1326هـ انقَسَمت جماعتُه إلى قسمين: الأحمدية وتدَّعي أنه كان رجلًا مُصلِحًا، والقاديانية: وتقول بنبُوَّتِه وتدعو إلى ما كان عليه من أفكارٍ ومعتقداتٍ باطلةٍ.
قِمَّة الجزائر من 7 - 9 حُزيران 1988م مُبادرة من الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد طالبت هذه القِمَّة (غيرُ العادية) بعقدِ مُؤتمرٍ دوليٍّ حولَ الشَّرق الأوسط بمُشاركة مُنظَّمة التَّحْرير الفِلَسطينيَّةِ، وكرَّرت دَعْمها لحقِّ الشعب الفلسطيني في تقريرِ مصيرِهِ. وصدَرَ عن المؤتمر بيانٌ ختاميٌّ، ومن قراراتِهِ:
- دعمُ الانتفاضة الشَّعبيَّة الفِلَسطينيَّةِ، وتعزيزُ فعاليَّتِها وضمانُ استمراريَّتِها.
- المُطالبةُ بعَقدِ مؤتمرٍ دوليٍّ للسلام في الشرق الأوسط تحت إشراف الأُمَم المتحدة.
- تجديدُ التزام المؤتمرِ بتطبيقِ أحكامِ مُقاطعة إسرائيل.
- إدانةُ السياسة الأمريكيَّةِ المُشجِّعة لإسرائيل في مُواصلة عُدوانها وانتهاكاتها.
- الوقوفُ إلى جانب لبنان في إزالة الاحتِلال الإسرائيليِّ من جنوب لبنان.
- تجديدُ التضامُن الكامل مع العراق، والوقوفُ معه في حربه ضدَّ إيران.
- إدانةُ الاعتداء الأميركي على ليبيا، وتأييدُه لسيادة ليبيا على خليج سِرت.
- إدانةُ الإرهاب الدولي، والمُمارسات العُنصرية.
- الاهتمامُ بالانفراج الدولي في البدء بالنزع التدريجي للأسلحة النووية.