الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2999 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 1352 العام الميلادي : 1933
تفاصيل الحدث:

هو الملِكُ محمد نادر شاه بن محمد يوسف خان بن محمد يحيى خان؛ شاه أفغانستان. وكان جده الأكبر سلطان محمد خان شقيق الأمير دوست محمد خان؛ المؤسس الأوَّل لأسرة البركزاية في أفغانستان، وهو الذي باع بيشاور إلى السيخ. ولِدَ محمد نادر في ديرادون شمال الهند سنة 1883م. دخل نادر أفغانستان في سن 18 عندما سُمِحَ لجده يحيى خان بالعودة من المنفى، وفي عهد أمان الله خان دخل نادر شاه العسكريةَ سنة 1919م، وشارك في حرب الإنجليز، وبعد الحرب عيَّنه أمان الله سفيرًا في فرنسا, وفي عام 1929م اندلعت فوضى ضِدَّ الملك أمان الله، فقام ابن السقَّا أحد قطَّاع الطرق الطامعين باستغلال الأحداث، فاستولى على كابل، وفَرَّ الملك إلى قندهار وتنازل لأخيه الأكبر عناية الله، ولم يستطع عنايةُ الله مواجهةَ ابنِ السقا الذي تملَّكَ باسم حبيب الله غازي، وأخذ يعيث فسادًا في أفغانستان قرابة التسعة أشهر، حتى تمكَّن محمد نادر شاه -القائد الأفغاني الذي انتصر على الإنجليز سابقًا- من إلقاء القبض على ابنِ السقَّا وأعدَمَه، وتسلَّم أعباءَ الحكمِ، وساعده على ذلك سيرتُه الحميدة أمام الناس، وجهادُه المعروف ضد الصليبيين من روس وإنجليز، فقضى على الفوضى والفساد والرِّشوة، وقَدَّم خِدماتٍ واسعةً للبلاد، فأصلح البلادَ وحَسَّنها، ولكِنَّ أحد أبناء الذين شَمِلَهم الإعفاء من المناصب قام باغتيال الشاه محمد نادر انتقامًا لأبيه وحِقدًا على من قضى على أخذ الأموال بصورة غير شرعية بعد أن كانوا يتكسَّبون بذلك، فتسلَّم الحكمَ بعده ابنه محمد ظاهر شاه الذي لم يكن يزيد عمره على التاسعة عشرة.

العام الهجري : 6 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 627
تفاصيل الحدث:

أَغار عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ -في بني عبدِ الله بنِ غَطَفانَ- على لِقاحِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم التي بالغابةِ، فاسْتاقَها وقتَل راعيَها، وهو رجلٌ مِن غِفارٍ، وأخذوا امْرأتَهُ، فكان أوَّلَ مَن نذَر بهم سَلمةُ بنُ عَمرِو بنِ الأَكْوَعِ الأَسلميُّ رضي الله عنه، يقول سَلمةُ: خَرجتُ قبلَ أن يُؤذَّنَ بالأولى، وكانت لِقاحُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تَرعى بِذي قَرَدٍ، قال: فلَقِيَني غُلامٌ لِعبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ فقال: أُخِذَتْ لِقاحُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. فقُلتُ: مَن أخَذها؟ قال: غَطَفانُ. قال: فصَرختُ ثلاثَ صَرخاتٍ، يا صَباحاهُ. قال: فأَسمَعتُ ما بين لابَتَيِ المدينةِ، ثمَّ اندَفعتُ على وجهي حتَّى أدركتُهم بِذي قَرَدٍ، وقد أخَذوا يَسقون مِنَ الماءِ، فجَعلتُ أَرميهِم بِنَبْلي، وكنتُ راميًا، وأقولُ: أنا ابنُ الأكوعِ... واليومُ يومُ الرُّضَّعِ، فأَرتَجِز حتَّى اسْتنقَذتُ اللِّقاحَ منهم، واسْتلَبتُ منهم ثلاثين بُردةً، قال: وجاء النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم والنَّاسُ، فقلتُ: يا نَبيَّ الله، إنِّي قد حَمَيْتُ القومَ الماءَ وهُم عِطاشٌ، فابعثْ إليهم السَّاعةَ. فقال: «يا ابنَ الأَكوعِ مَلَكْتَ فأَسْجِحْ». ثمَّ قال: «إنَّهم الآنَ ليُقْرَوْنَ في غَطَفانَ». وذهَب الصَّريخُ بالمدينةِ إلى بني عَمرِو بنِ عَوفٍ، فَجاءتِ الأَمدادُ ولم تَزلْ الخيلُ تأتي، والرِّجالُ على أَقدامِهم وعلى الإبلِ حتَّى انْتَهَوْا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بِذي قَرَدٍ. وبلغ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ماءً يُقالُ له: ذو قَرَدٍ. فنحَر لِقْحَةً ممَّا اسْتَرجَع، وأقام هناك يومًا وليلةً، ثمَّ رجَع إلى المدينةِ. وقُتِلَ في هذه الغَزوةِ الأَخْرَمُ، وهو مُحْرِزُ بنُ نَضْلَةَ رضي الله عنه، قتَلهُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عُيينةَ، وتَحوَّل على فَرسِه، فحمَل عليه أبو قَتادةَ فقَتلهُ، واسْتَرجَع الفَرسَ، وكانت لِمحمودِ بنِ مَسلمةَ، وأَقبلتِ المرأةُ المَأسورةُ على ناقةٍ لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقد نَذرتْ: إنِ الله أَنجاها عليها لَتَنْحَرَنَّها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: بِئسَ ما جَزَتْها، لا نذرَ لابنِ آدمَ فيما لا يَملِك، ولا في مَعصيةٍ. وأخَذ ناقتَهُ. وقد رَوى مُسلمٌ في صَحيحِه عن سَلمةَ بنِ الأَكوعِ في هذه القِصَّةِ قال: فرجَعنا إلى المدينةِ، فلم نَلبثْ إلَّا ثلاثَ ليالٍ، حتَّى خرَجنا إلى خَيبرَ.

العام الهجري : 206 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 822
تفاصيل الحدث:

هو الحكَمُ بنُ هشامٍ ابنُ الداخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ابن الحَكَم الأُموي، المرواني، أبو العاصِ، أميرُ الأندلس، وابنُ أميرِها، وحفيدُ أميرها. ويلقَّب: بالمرتضَى، ويعرف: بالربضي؛ لِما فعلَ بأهلِ الربض. بويعَ بالمُلك عند موت أبيه- في صفر سنة ثمانين ومائة- وكان من جبابرةِ الملوك وفُسَّاقهم ومتَمَرِّديهم، وكان فارسًا شجاعًا فاتِكًا، ذا دهاءٍ وحَزمٍ، وعُتُوٍّ وظُلمٍ، تملَّكَ سبعًا وعشرين سنة. وكان في أوَّلِ أمْرِه على سيرةٍ حميدةٍ، تلا فيها أباه، ثم تغيَّرَ وتجاهر بالمعاصي. كان يأخذُ أولادَ النَّاسِ المِلاح، فيُخصيهم ويُمسِكُهم لنَفسِه. وله شِعرٌ جَيِّد. وكان يقرِّبُ الفُقَهاء وأهلَ العلمِ. وكَثُرت العلماء بالأندلُسِ في دولته، حتى قيل: إنَّه كان بقُرطبة أربعةُ آلاف متقَلِّس- أي: مُتزَيِّينَ بزيِّ العلماء- فلما أراد اللهُ فناءهم، عَزَّ عليهم انتهاكُ الحكَمِ بن هشام للحُرُمات، وأْتَمَروا ليخلَعوه، ثم جيَّشوا لقتاله، وجرت بالأندلسِ فِتنةٌ عظيمةٌ على الإسلام وأهله- فلا قوَّةَ إلا باللهِ- على يدِ الحَكَمِ بن هشام، قُتل فيها عشراتُ الآلافِ مِن العُلَماء والعامَّة خاصةً في وقعة الربض بقُرطبة، ثم توفِّيَ الحَكَمُ بن هشام. وهو أوَّلُ من جَنَّد بالأندلُسِ الأجنادَ المُرتَزِقة، وجمع الأسلحةَ والعُدَد، واستكثَرَ من الحشَمِ والحواشي، وارتبَطَ الخيولَ على بابه، وشابَهَ الجبابرةَ في أحوالِه، واتَّخذ المماليكَ، وجعَلَهم في المرتَزِقة، فبلغت عِدَّتُهم خمسةَ آلاف مملوك، وكانوا يُسَمَّون الخُرسَ؛ لعُجمةِ ألسنتِهم، وكانوا يوميًّا على باب قَصرِه. وكان يطَّلِعُ على الأمور بنفسه، ما قَرُب منها وبَعُد، وكان له نفَرٌ مِن ثقاتِ أصحابِه يُطالِعونَه بأحوالِ النَّاس، فيرُدُّ عنهم المظالِمَ، ويُنصِفُ المظلومَ، وهو الذي وطَّأَ لعَقِبه المُلْكَ بالأندلس، وولِيَ بعده ابنُه عبدالرحمن بن الحكَم.

العام الهجري : 497 العام الميلادي : 1103
تفاصيل الحدث:

كانت حران لمملوك من مماليك ملكشاه اسمه قراجه، فاستخلف عليها إنسانًا يقال له محمد الأصبهاني، وخرج في العام الماضي، فعصى الأصبهاني على قراجه، ثم قُتل محمد الأصبهاني، قتَلَه غلامٌ لقراجه، فعند ذلك سار الفرنج إلى حران وحصروها، فلما سمع مُعين الدولة سقمان وشمس الدولة جكرمش ذلك، وكان بينهما حرب، أرسل كلٌّ منهما إلى صاحبه يدعوه إلى الاجتماع معه لتلافي أمر حران، ويُعلِمه أنه قد بذل نفسه لله تعالى وثوابه، فكل واحد منهما أجاب صاحبه إلى ما طلب منه، وسارا فاجتمعا على الخابور وتحالفا، وسارا إلى لقاء الفرنج، فالتقوا على نهر البليخ، وكان المصاف بينهم هناك فاقتتلوا، فأظهر المسلمون الانهزام، فتبعهم الفرنج نحو فرسخين، فعاد عليهم المسلمون فقتلوهم كيف شاؤوا، وامتلأت أيدي التركمان من الغنائم، ووصلوا إلى الأموال العظيمة؛ لأن سواد الفرنج كان قريبًا، وكان بيمند صاحبُ أنطاكية، وطنكري صاحِبُ الساحل، قد انفردا وراء جبل ليأتيا المسلمين من وراء ظهورهم إذا اشتدت الحرب، فلما خرجا رأيا الفرنج منهزمين، وسوادهم منهوبًا، فأقاما إلى الليل وهربا، فتبعهما المسلمون، وقتلوا من أصحابهما كثيرًا، وأسَروا كذلك، وأفلتا في ستة فرسان، وكان القمص كبير القساوسة- بردويل، صاحب الرها، قد انهزم مع جماعةٍ من قمامصتهم، وخاضوا نهر البليخ، فوَجِلت خيولهم، فجاء تركماني من أصحاب سقمان فأخذهم، وحمل بردويل إلى خيم صاحبه، وقد سار فيمن معه لاتباع بيمند، فرأى أصحاب جكرمش أن أصحاب سقمان قد استولوا على مال الفرنج، ويرجعون هم من الغنيمة بغير طائل، فقالوا لجكرمش: أي منزلة تكون لنا عند الناس، وعند التركمان إذا انصرفوا بالغنائم دوننا؟ وحَسَّنوا له أخذَ القُمص، فأنفذ فأخذ القمص من خيم سقمان، فلما عاد سقمان شقَّ عليه الأمر، وركب أصحابُه للقتال، فردَّهم، وقال لهم: لا يقوم فرح المسلمين في هذه الغزاة بغَمِّهم باختلافنا، ولا أؤثر شفاء غيظي بشماتة الأعداء بالمسلمين. ورحل لوقته، وأخذ سلاح الفرنج، وراياتهم، وألبس أصحابَه لُبسَهم، وأركبهم خيلَهم، وجعل يأتي حصون شيحان، وبها الفرنج، فيَخرُجون ظنًّا منهم أن أصحابهم نُصِروا، فيقتُلهم ويأخذ الحصن منهم، فعل ذلك بعدة حصون. وأما جكرمش فإنه سار إلى حران فتسلمها، واستخلف بها صاحبه. وسار إلى الرها، فحصرها خمسة عشر يومًا، وعاد إلى الموصل ومعه القمص الذي أخذه من خيام سقمان، ففاداه بخمسة وثلاثين دينارًا، ومائة وستين أسيرًا من المسلمين، وكان عدة القتلى من الفرنج يقارب اثني عشر ألف قتيل!

العام الهجري : 554 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1159
تفاصيل الحدث:

في ثامنِ رَبيعٍ الآخر، كَثُرَت الزِّيادةُ في دِجلَة، وخَرَقَ القُورجُ  فوقَ بغداد -القُورج  نهر بين القاطول وبغداد، منه يكون غرق بغداد غالبًا- فامتَلأَت الصَّحارِي وخَندَق البلد، وأَفسدَ الماءُ السُّورَ وأَحدثَ فيه فَتحةً يومَ السبتِ تاسعَ عشرَ الشهرِ، فوَقعَ بعضُ السُّورِ عليها فَسَدَّهَا، ثم فَتحَ الماءُ فَتحةً أُخرَى، وأَهمَلوها ظَنًّا أنها تُنَفِّسُ عن السُّورِ لِئَلَّا يَقَع، فغَلَبَ الماءُ، وتَعَذَّرَ سَدُّهُ، فغَرِقَ قَراحُ ظَفَر، والأَجمةُ، والمُختارةُ، والمُقتَدِيةُ، ودَربُ القبارِ، وخَرابةُ ابن جردةَ، والرَّيانُ، وقَراحُ القاضي، وبعضُ القطيعَةِ، وبعضُ بابِ الأَزجِ، وبعضُ المَأمونيةِ، وقَراحُ أبي الشحمِ، وبعضُ قَراحِ ابنِ رَزينٍ، وبعضُ الظفريةِ، ودَبَّ الماءُ تحتَ الأَرضِ إلى أَماكنَ، فوَقَعَت وأَخَذَ الناسُ يَعبُرون إلى الجانبِ الغربيِّ، فبَلَغَت المَعبَرَةُ عِدَّةَ دَنانيرٍ، ولم يكُن يُقدَر عليها، ثم نَقَصَ الماءُ، وتَهَدَّم السُّور، وبَقِيَ الماءُ الذي داخِلُ السُّورِ يَدُبُّ في المَحالِّ التي لم يَركَبها الماءُ، فكَثُرَ الخَرابُ، وبَقِيَت المَحالُّ لا تُعرف إنما هي تُلولٌ، فأَخذَ الناسُ حُدودَ دُورِهِم بالتَّخمِينِ، وأما الجانبُ الغربيُّ فغَرِقَت فيه مَقبرَةُ أَحمدَ بنِ حَنبلٍ وغَيرُها من المقابرِ، وانخَسَفَت القُبورُ المَبنيَّةُ، وخَرَجَ المَوتَى على رَأسِ الماءِ، وكذلك المَشهَد والحَربيَّة، وكان أَمرًا عَظيمًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

العام الهجري : 841 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1437
تفاصيل الحدث:

كثُرَ الوباء بالطاعون بحلب وأعمالها، حتى تجاوزت عدة الأموات بمدينة حلب في اليوم مائة، وفي شهر ربيع الآخر شنع الوباء بحماة، حتى تجاوزت عدة الأموات عندهم في كل يوم ثلاثمائة إنسان، ولم يعهدوا مثل ذلك في هذه الأزمنة، وفي شهر جمادى الأولى فشا الموت في الناس بمدينة حماة وأعمالها، حتى تجاوز عدة من يموت في كل يوم مائة وخمسين إنسانًا، وفي شهر جمادى الآخرة وقع الوباء بدمشق، وفشا الموت بالطاعون الوحى، ثم كثر بدمشق، وشنع بحلب وأعمالها، فأظهر أهلها التوبة، وأغلقوا حانات الخمارين، ومنعوا البغايا الواقفات للبغاء، والشباب المُرصدين لعمل الفاحشة، بضرائِبَ تُحمَل لنائب حلب وغيره من أرباب الدولة، فتناقص الموت وخفَّ الوباء، حتى كاد يرتفع، ففرح أهل حلب بذلك، وجعلوا شكرَ هذه النعمة أن فتحوا الخمَّارات، وأوقفوا البغايا والأحداث للفساد بالضرائب المقرَّرة عليهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله!! فأصبحوا وقد مات من الناس ثمانمائة إنسان، واستمر الوباء الشنيع، والموت الذريع فيهم، رجب، وشعبان، وما بعده! ثم شنع الوباء بدمشق في شعبان، ومات من الغرباء -الذين قَدِموا من بغداد وتبريز والحلة والمشهد وتلك الديار فرارًا من الجور والظلم الذى هنالك وسكنوا حلب وحماة ودمشق- عالمٌ عظيم لا يحصُرُهم العادُّ؛ لكثرتِهم!

العام الهجري : 620 العام الميلادي : 1223
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ الإمام العالم القدوة المفتي شيخ الشافعية: فخر الدين، أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الدمشقي، الشافعي. ولد سنة 550, وسمع من عميه؛ الصائن والحافظ، وتفقه على قطب الدين مسعود النيسابوري، وتزوج بابنته، وجاءه ولد منها، سماه مسعودًا. درَّس بالجاروخية، ثم بالصلاحية بالقدس، وبالتقوية بدمشق، فكان يقيم بالقدس أشهرًا، وبدمشق أشهرًا، وكان عنده بالتقوية فضلاء البلد، حتى كانت تُسمى نظامية الشام، ثم درس بالعذراوية سنة 593، وكان فخر الدين لا يَملُّ الشخص من النظر إليه، لحسن سمته، ونور وجهِه، ولطفه، واقتصاده في ملبسِه، وكان لا يفتُرُ من الذكر، استدعاه الملك العادل بعد ما عزل قاضيه ابن الزكي فأجلسه إلى جانبه وقت السماط، وسأل منه أن يلي القضاء بدمشق، فقال حتى أستخير الله تعالى، ثم امتنع من ذلك فشَقَّ على السلطان امتناعه، وهم أن يؤذيَه فقيل له: احمدِ الله الذي في بلادك مثل هذا, وكان قد خاف أن يُكرَه، فجهز أهله للسفر، وخرجت المحابر- طلبة العلم الذين يستملون- إلى ناحية حلب، فردها العادل، وعزَّ عليه ما جرى. قال أبو شامة: كان فخر الدين يتورع من المرور في زقاق الحنابلة لئلَّا يأثموا بالوقيعة فيه؛ وذلك لأن عوامهم يبغضون بني عساكر؛ لأنهم كانوا أعيان الشافعية الأشعرية" لما توفي الملك العادل وأعاد ابنه المعظم الخمور أنكر عليه الشيخ فخر الدين، فبقي في نفسِه منه، فانتزع منه تدريس التقوية، ولم يبق معه سوى الجاروخية ودار الحديث النورية ومشهد ابن عروة، كان زاهدًا عابدًا ورعًا، منقطعًا إلى العلم والعبادة، حسَنَ الأخلاق، قليل الرغبة في الدنيا، وقلَّ من تخلف عن جنازته. قال أبو شامة: "أخبرني من حضره قال: صلى الظهر، وجعل يسأل عن العصر، وتوضَّأ، ثم تشهد وهو جالس، وقال: رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا، لقنني اللهُ حُجَّتي، وأقالني عثرتي، ورَحِمَ غُربتي، ثم قال: وعليكم السلام، فعلمنا أنَّه حضرت الملائكة، ثم انقلب ميتًا، غسله الفخر بن المالكي، وابن أخيه تاج الدين، وكان مرضه بالإسهال، وصلى عليه أخوه زين الأمناء، ومن الذي قدر على الوصول إلى سريره" وقال عمر بن الحاجب: "هو أحد الأئمة المبرزين، بل واحدهم فضلًا وقدرًا، شيخ الشافعية، كان زاهدًا ثقةً مجتهدًا، غزير الدمعة، حسنَ الأخلاق، كثير التواضع، قليل التعصُّب، سلك طريق أهل اليقين، وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع، ينشُرُ العلم، وكان مطرح الكلف، عرضت عليه مناصب فتركَها، ولد في رجب وتوفي فيه، وعاش سبعين سنة، وكان الجمع لا ينحصر كثرةً في جنازته، حدث بمكة ودمشق والقدس، وصنف عدة مصنفات". وقال القوصي: "كان كثير البكاء، سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التواضع والخضوع، كثير التهجد، قليل الهجوع، مبرزًا في علمي الأصول والفروع، وعليه تفقهتُ وعرضت عليه (الخلاصة) للغزالي"، ودفن عند شيخه قطب الدين مسعود النيسابوري.

العام الهجري : 676 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1277
تفاصيل الحدث:

هو السلطان الأعظم الملك الظاهر ركن الدين بيبرس بن عبد الله، البندقداري  الصالحي؛ يُعد المؤسِّسَ الفعلي لدولة المماليك وأعظَمَ سلاطينها، اجتمعت فيه صفاتُ العدل والفروسية والإقدام. ولِدَ بيبرس- بيبرس كلمة تركية تعني أمير فهد- بأرض القبجاق سنة 625، تعرضت ديارهم في القبجاق لغارات فأُسِرَ جماعة منهم، وكان بيبرس فيمن أُسِرَ وحُمِلَ إلى القاهرة، فاشتراه الأميرُ علاء الدين البندقدار الصالحي فطلع بطلًا شجاعًا نجيبًا لا ينبغي أن يكونَ إلَّا عند ملك. فأخذه الملِكُ الصالح إليه وصار من جملةِ البحرية. وشَهِدَ وقعة المنصورة بدمياط وصار أميرًا في دولة المعز عز الدين أيبك. وتقلبت به الأمور وجرت له أحوال, واشتهر بالشجاعةِ والإقدام وبَعُدَ صِيتُه. ولما سارت الجيوشُ المنصورة من مصر لحرب التتار في عين جالوت كان هو طليعةَ الإسلام. وجلس على سريرِ المُلكِ بعد قتل الملكِ المظفَّر وذلك في سابع عشر ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين بقلعة الجبل, فصار أستاذُه البندقدار بعض أمرائه وكان الظاهر غازيا، مجاهدا، مرابطا، خليقا للملك، لولا ما كان فيه من الظلم والله يرحمه ويغفر له ويسامحه، فإن له أياما بيضاء في الإسلام ومواقف مشهودة وفتوحات معدودة. وله سيرتان كبيرتان لابن عبد الظاهر ولابن شداد. كانت وفاته يوم الخميس السابِعَ عشَرَ من محرم بعد الزوال، وقد تجاوز الخمسين سنة، ومُدَّة ملكه سبعَ عشرة سنة وشهران واثنا عشر يومًا، أما عن سبب موته فقيل إنه شرب القمز، وهو نوعٌ من النبيذ فمَرِضَ بعده أيامًا ثم إنَّه أخذ دواءً فزاد مرضُه وأصيبَ بإسهالٍ حادٍّ وحاول الأطباءُ علاجه بدواء آخر فأفرط الإسهال حتى إنه رمى دمًا قيل إنه كَبِدُه، ثم لم يلبث أيامًا حتى توفي، وقيل بل إن وفاته كانت بالسُّمِّ حيث إنه وُضِعَ السم في القمز للملك القاهر بهاء الدين عبد الملك بن الملك المعظم عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب، الذي أبلى بلاءً عظيمًا ضد المغول وكان بيبرس قد قيل له إنه يموت في دمشق مَلِكٌ بالسمِّ في هذا العام فأراد أن يكون هذا الملك هو القاهر بهاء، وخاصة أنه خاف منه لما ظهر منه أمام المغول فوضع له السمُّ فشربه القاهر ومات من فَورِه ولكِنَّ الله أنسى بيبرس أمر الكأسِ وسقاه خادِمُه من نفس الكأس ثانيةً، فكانت بقايا السم هي سبب حتفه، فالله أعلم كيف كانت وفاته، ودفن في دمشق قريبًا من المكتبة الظاهرية، فجزاه الله خيرًا على ما قام به من فتح كثير من البلاد التي كانت استعصت على من قَبلَه، وعلى العمران الذي شيَّدَه وعلى الهيبةِ التي ردها للمُسلمينَ بعد أن كانت تحطَّمَت أمام أفعال المغول، وبالجملة أقامه الله في هذا الوقت المتأخر عونًا ونصرًا للإسلام وأهله، وشجًا في حلوق المارقين من الفرنج والتتار، والمشركين، وكان الملك الظاهر بيبرس قد عَهِدَ بالملك لابنه الملك السعيد بركة الذي أصبح ملكًا بعد أن أخفي موت الظاهر بيبرس أيامًا حتى استحلف الأمراء مرة أخرى على بيعته، ثم أعلنت وفاة الظاهر وبويع الملكُ السعيدُ بالمُلكِ بعده.

العام الهجري : 141 العام الميلادي : 758
تفاصيل الحدث:

الروانديَّةُ أو الروانديَّة أصلُهم من خراسان، وهم على رأي أبي مسلمٍ الخراساني، كانوا يقولونَ بالتناسُخِ، ويزعمونَ أنَّ روح آدم انتقَلَت إلى عثمان بن نهيك، وأنَّ رَبَّهم الذي يُطعِمُهم ويسقيهم أبو جعفرٍ المنصور. وأنَّ الهيثم بن معاوية جبريل- قبَّحَهم الله- فأتَوا يومًا قصر المنصور فجعلوا يطوفونَ به، ويقولون: هذا قصر ربنا، فأرسل المنصورُ إلى رؤسائهم، فحبس منهم مئتين، فغَضِبوا من ذلك ودخَلوا السجن قهرًا، وأخرجوهم فخرج المنصور إليهم، وخرج الناس وكان منهم معن بن زائدة، الذي قال للمنصور: نحن نكفيكَهم فأبى، وقام أهل الأسواق إليهم فقاتَلوهم، وجاءت الجيوشُ فالتفُّوا عليهم من كل ناحية فحصدوهم عن آخِرِهم، ولم يَبقَ منهم بقيَّة.

العام الهجري : 293 العام الميلادي : 905
تفاصيل الحدث:

ظهر بمصر رجلٌ يُعرَفُ بالخلنجي، من القادةِ, وهو أبو عبدِ اللهِ محمَّدُ بن علي الخلنجي المصري الطولوني، كان قد تخلَّفَ عن محمد بن سليمان، فاستمال جماعةً، وخالف على السُّلطانِ، فتمَلَّك الديارَ المصريَّةَ بالسَّيفِ، واستولى عليها عَنوةً مِن عيسى بن محمد النوشري. فلما مَلَك الخلنجي الديارَ المصرية ومَهَّدَ البلادَ ووطَّنَ الناسَ ووضعَ العطاءَ وفَرَض الفروضَ. كتب النوشري إلى المُكتفي بالخبر، فجَهَّز الخليفةُ جيشًا لقتاله وعليهم أبو الأغر، وفي الجيش الأميرُ أحمد بن كيغلغ وغيرُه، فخرج إليهم الخلنجي وقاتَلَهم فهزمهم أقبحَ هزيمةٍ وأسَرَ مِن جماعةِ أبي الأغر خلقًا كثيرًا، وعاد أبو الأغَرِّ حتى وصل إلى العراقِ.

العام الهجري : 436 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:


هو أبو الحُسَين محمَّد بن علي بن الطيب البصري المتكلِّم، صاحِبُ التَّصانيفِ الكلاميَّة، شيخُ المعتزلة والمُنتَصِر لهم، والمحامي عن ذمِّهم بالتصانيفِ الكثيرة، كان فصيحًا بليغًا، عَذْبَ العبارة، يتوقَّدُ ذَكاءً, وله اطِّلاعٌ كبير. توفِّيَ ببغداد بعد أن شاخ عُمُرُه, وصلَّى عليه القاضي أبو عبد الله الصيمري، ودُفِنَ في الشونيزي، ولم يَرْوِ من الحديثِ سوى حديثٍ واحدٍ، هو "إنَّ ممَّا أدرك النَّاس مِن كلامِ النبوَّةِ إذا لم تستحِ فاصنَعْ ما شئتَ"، له عِدَّةُ مُصَنَّفات أجَلُّها المُعتَمَدُ في أصول الفِقهِ، ومنه أخذ الفَخرُ الرازي كتابَ المحصول، وله كتابُ تصفُّح الأدلَّة وشرح الأصولِ الخَمسة يعني أصولَ المعتزلة، وكتابُ الإمامةِ.

العام الهجري : 585 العام الميلادي : 1189
تفاصيل الحدث:

كان وصولُ نبأ سقوط مملكةِ بيت المقدس إلى أوروبا كنتيجةٍ لمعركة حطين صاعِقًا لنصارى أوربا. فإنَّ البابا أوربان الثامن ما إن علم بما حدث حتى توفي من وقْعِ الصدمة. ودعا خليفَتَه البابا غريغوريوس الثامن بمنشور باباوي إلى حملةٍ صليبية جديدة، وأمَرَهم بالصيام كلَّ أسبوع في يوم الجمعة على امتدادِ خمس سنوات، كما أمَرَهم بالامتناع كليًّا في هذه الحقبة من الزَّمَنِ عن أكل اللحم مرَّتينِ في الأسبوع، والدعوة إلى المشاركة في حربٍ صليبية لاسترداد بيت المقدس, وقد قام بهذه الدعوة ببالغِ الهِمَّة الكاردينال إنريكو من ألبانو، وبعد شهرين حلَّ البابا كليمنت الثالث مكانَ غريغوريوس، واستكمل المهمَّةَ، وقام الكاردينالات بالتطوافِ مَشيًا على الأقدام في عموم فرنسا وإنجلترا وألمانيا. فجهَّزَ نصارى أوروبا ثلاثَ حملات ألمانية وإنكليزية وفرنسية، كل ذلك لمحاولة استرداد بيت المقدس، وصَلَت الحملتان الإنكليزية والفرنسية بحرًا سنة 586 إلى عكا، وساهمت في الحصار البحري، وكان فيهم ريتشارد المعروف بقلب الأسد، أما الحملة الألمانية فكان مَلِكُهم فريدريك الأول بربروسا، أوَّل من تحرك من ملوك أوربا لنصرة بيت المقدس وجمع عساكِرَه وسار للجهاد بزعمه. تحركت القوات الألمانية قبل غيرِها وهم من أكثر الحَمَلات عددًا، وأشدِّهم بأسًا، فكان طريقُهم على القسطنطينية، فأرسل ملكُ الروم بها إلى صلاح الدين يُعَرِّفُه الخبر ويَعِدُ أنَّه لا يمَكِّنُه من العبور في بلاده، فلما وصل ملك الألمان إلى القسطنطينية عجَزَ مَلِكُها عن منعه من العبورِ لكثرة جموعه، لكنَّه منع عنهم الميرة، ولم يمكِّنْ أحدًا من رعيَّتِه من حمل ما يريدونَه إليهم، فضاقت بهم الأزوادُ والأقوات، وساروا حتى عَبَروا خليجَ القسطنطينية، وصاروا على أرضِ بلاد الإسلام، وهي مملكةُ الملك قلج أرسلان ابن مسعود بن سليمان بن قتلمش بن سلجق. فلما وصلوا إلى أوائلها ثار بهم التركمانُ الأوج، فما زالوا يسايرونَهم ويَقتُلونَ مَن انفرد ويَسرِقونَ ما قدروا عليه، وكان الزمانُ شتاء والبرد يكونُ في تلك البلاد شديدًا، والثلجُ متراكمًا، فأهلكهم البردُ والجوع والتُّركمانُ، فقَلَّ عَدَدُهم، فلما قاربوا مدينة قونية خرج إليهم المَلِك قطب الدين ملكشاه بن قلج أرسلان ليمنَعَهم، فلم يكُن له بهم قوَّة، فعاد إلى قونية، فلما عاد عنهم قطب الدين أسرعوا السير في أثَرِه، فنازلوا قونية، وأرسلوا إلى قلج أرسلان هديةً وقالوا له: ما قصَدْنا بلادَك ولا أردناها، وإنما قصَدْنا بيت المقدس، وطلبوا منه أن يأذن لرعيَّتِه في إخراجِ ما يحتاجون إليه مِن قُوتٍ وغيره، فأذِنَ في ذلك، فأتاهم ما يريدون، فشَبِعوا، وتزوَّدوا، وساروا، وسار ملك الألمان حتى أتى بلاد الأرمن وصاحِبُها لافون بن اصطفانة بن ليون، فأمَدَّهم بالأقوات والعلوفات، وحَكَّمَهم في بلاده، وأظهر الطاعةَ لهم، ثم ساروا نحو أنطاكية، وكان في طريقِهم نهر، فنزلوا عنده، ودخل مَلِكُهم إليه ليغتسل، فغَرِقَ في مكانٍ منه لا يبلغ الماءُ وسَطَ الرجُل، وكفى اللهُ شَرَّه، وكان معه ولدٌ له، فصار ملكًا بعده، وسار إلى أنطاكية، فاختلف أصحابُه عليه، فأحب بعضُهم العود إلى بلاده، فتخَلَّفَ عنه، وبعضُهم مال إلى تمليكِ أخٍ له، فعاد أيضًا، وسار فيمن صَحَّت نيتُه له، فعَرَّضَهم، وكانوا نيفًا وأربعين ألفًا، ووقَعَ فيهم الوباءُ والموت، فوصلوا إلى أنطاكية وكأنهم قد نُبِشوا من القبورِ، فتبَرَّمَ بهم صاحبُها، وحَسَّنَ لهم المسير إلى الفرنج الذين على عكَّا، فساروا على جبلة ولاذقية وغيرهما من البلاد التي ملكها المسلمونَ، وخرج أهلُ حلب وغيرها إليهم، وأخذوا منهم خلقًا كثيرًا، ومات أكثَرُ مَن أُخِذَ، فبلغوا طرابلس، وأقاموا بها أيامًا، فكَثُرَ فيهم الموت، فلم يبقَ منهم إلا نحو ألف رجل، فركبوا في البحر إلى الفرنجِ الذين على عكا، ولَمَّا وصولوا رأوا ما نالهم في طريقِهم وما هم فيه من الاختلافِ عادوا إلى بلادهم، فغرقت بهم المراكِبُ ولم ينجُ منهم أحدٌ.

العام الهجري : 803 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1400
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ الأشرَفُ إسماعيلُ بنُ الأفضلِ عباسِ بن المجاهد علي بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن منصور عمر بن علي بن رسول، وَلِيَ سَلطنة اليمن بعد أبيه في سنة 778، حتى مات، وكان حليمًا، كثير السَّخاء، مُقبلًا على العلم، محبًّا للغرباء، وصنَّف تاريخًا لليمن، توفِّيَ في ليلة السبت ثامن عشر ربيع الأول، بمدينة تَعْز من بلاد اليمن، عن سبع وثلاثين سنة، وقام بمملكة اليمن بعده ابنُه الملك الناصر أحمد.

العام الهجري : 866 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1462
تفاصيل الحدث:

أخذ حسن بك بن علي بك بن قرايلك مدينة حصن كيفا، ثم أخذ قلعتَها في ذي القعدة بعد ما حاصرها سبعةَ أشهر، وانقطع من الحصنِ ملك الأكراد الأيوبية، بعدما ملكوها أكثَرَ من مائتي سنة، وذلك بعد قتلِ صاحبها الملك خلف بيد بعض أقاربه، فاختلف الأكراد فيما بينهم، فوجد حسن بك بذلك فرصةً في أخذها، فحاصرها حتى أخذها، وقوِيَ أمر حسن بأخذِها، فإنه أخذ بعد ذلك عدةَ قلاع من أعمالِ ديار بكر من تعلُّقات الحصنِ وغيرِه.

العام الهجري : 203 العام الميلادي : 818
تفاصيل الحدث:

دولةُ بَني زيادٍ هي أوَّلُ الدُّولِ اليَمنيةِ استقلالًا في القرنِ الثالثِ الهِجريِّ، ففي زمَنِ المأمونِ الخَليفةِ العباسيِّ بدأ النُّفوذُ الشِّيعيُّ يزدادُ بشدةٍ؛ ما جعَله يُولِّي محمدَ بنَ إبراهيمَ الزِّياديَّ اليَمنَ سنةَ 203هـ، وبعد عامٍ مِن هذا التاريخ بدأ الزِّياديُّ في بناءِ مَدينةٍ جَديدةٍ لها، وهي مَدينةُ زُبَيدٍ، وقد نجَح في بَسطِ نُفوذِه على جميعِ أرجاءِ اليَمنِ حتى استَقلَّ بمُلكها، فمَلَكَ إقليمَ اليَمنِ بأسْرِه، وحَضْرَمَوْتَ بأسْرِها، والشِّحْرَ وَمِرْباطَ وأَبْيَنَ وعَدَنَ والتهائِمَ إلى حَلْيِ يَعقوبَ، وكذلك مِن جبالِ الجَنَدِ وأعمالِه ومِخلافِ جَعفرَ ومِخلافِ المعافِرِ وصَنعاءَ وأعمالِها ونَجرانَ وبَيْحانَ والحِجازِ بأسْرِه. وبعدَ أنْ جَعَل الزِّياديُّ المُلكَ في ذُرِّيتِه ودانت له اليَمنُ، حَكم مِن بعده ابنُه إبراهيمُ سنةَ 245هـ، ثم تولى مِن بعدِه زيادٌ، ثم مِن بعدِه ابنُه أبو الجَيْشِ إسحاقُ الذي عمَّرَ طويلًا وبدأ في عَهدِه ضَعفُ الدولةِ الزِّياديةِ، فثارَ في صَنعاءَ ابنُ يَعفُرَ، وثارَ في صَعْدةَ يحيى بنُ القاسِمِ الرَّسِّيُّ المُلقَّبُ بالهادي سنةَ 288هـ، وأصبحت اليَمنُ كُلُّها في مهَبِّ الريحِ، وبدأت الدولةُ الزِّياديةُ بالتفكُّكِ. وانتزع اليَعفُريُّونَ مِن بَني زيادٍ بعضَ المناطقِ، وأصبحت اليَمنُ ثلاثَ دولٍ: دولةَ ابنِ يَعفُرَ في صَنعاءَ، والدولةَ الشِّيعيةَ الزَّيديةَ لِلرَّسِّيينَ في صَعدةَ، ودولةَ الزِّياديِّينَ في زُبَيدٍ. فلم يَدُمِ المُلكُ طَويلًا لِأحدٍ، وشهدَ اليَمنُ اضطراباتٍ مذهبيةً خِلالَ العَصرِ العباسيِّ الثاني. وفي آخِرِ الأمرِ تمكَّنَ نجاحٌ وهو مملوكٌ حبشيٌّ لِمُرجانَ مِن تأسيسِ دولةِ بَني نجاحٍ في زُبَيدٍ، وبهذا انقرضت دولةُ بَني زيادٍ.