الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3431 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 642 العام الميلادي : 1244
تفاصيل الحدث:

لَمَّا رأى الصليبيون قوةَ التَّتار وأنَّهم لا قِبَل لهم بهم وخافوا عليهم من أن يُسلِموا بحكم احتكاكهم بالمسلمين، أرادوا أن يَجُرُّوهم إلى النصرانيَّة، فقام البابا إينوسان الرابع بإرسال بعثة إلى خاقان ملك المغول إلى عاصمتِهم قره كروم يدعوه فيها إلى اعتناق النصرانيَّة، فاشترط الخاقان لاعتناقها دخول البابويَّة وجميع ملوك وأمراء الغرب تحت سيادتِه.

العام الهجري : 540 العام الميلادي : 1145
تفاصيل الحدث:

مَلَكَ الفِرنجُ مدينة شنترين، وباجة، وماردة، وأشبونة، وسائِرَ المعاقِلِ المجاوِرةِ لها من بلادِ الأندلُسِ، وكانت للمُسلِمينَ، فاختلفوا، فطَمِعَ العَدُوُّ فيهم، وأخَذَ هذه المُدُنَ وقَوِيَ بها قُوَّةً تمكَّنَ معها وتيَقَّنَ مِلْكَ سائِرِ البلادِ الإسلاميَّةِ بالأندلُس، فخَيَّبَ اللهُ ظَنَّه.

العام الهجري : 1380 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1961
تفاصيل الحدث:

هو محمَّدُ الخامس بن يوسف بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن الحسني العلويّ، أبو الحسن المنصور باللَّه: ملك المغرب، ورمزُ نهضته الحديثة. وُلِدَ بفاس سنة 1329هـ وتعَلَّم بها وبالرباط، وكان بفاس يوم بُويِعَ له بعد وفاة والده سنة 1346ه 1927م، فانتقل إلى الرباط عاصمة المغرب في عهد أبيه. وكان الاحتلالُ الفرنسي المعبَّرُ عنه بالحماية هو المرجِعَ الأعلى في سياسة البلاد وإدارتها، وليس للملك الذي كان يُدعى بالسلطان ولا للقصر الملكي الذي يُسمَّى المخزَن إلَّا المظهرُ الديني في مواسِمِ الأعياد الإسلامية، ووَضْع الطابع الشريف -أي: الخاتم- على الأحكام الشرعية، وشؤون الأوقاف، أُعلِنَ استقلال المغرب يوم 3 مارس 1956 وزار أسبانيا فاتَّفَق مع حكومتِها على أن تعترف باستقلال المغرب ووَحدةِ ترابه، وأدخل المغربَ في الأُمَم المتحدة. وربَطَ بلادَه بعلاقات سياسية واقتصادية مع أكثر دول العالم. وكان يدورُ في سياسته حول دول الغرب (أمريكا ومن معها) فمَدَّت إليه الدول الاشتراكية يَدَها، فتعاون معها متحفِّظًا بحُسنِ صِلاتِه بالأولى. وكان لمدينة طنجة نظامٌ دولي يَفصِلُها عن المغرب، فألغى ذلك النِّظامَ وأدخل بلادَه في جامعة الدول العربية، ولَمَّا مَرِضَ الملك محمد الخامس سافر إلى سويسرا للعلاج، وعَيَّن ابنَه الحسن وليًّا للعهد، ثم توفي في 11 رمضان 1380هـ، فتسَلَّم المُلْكَ بعده ابنُه الحسن الثاني بعد خمسة أيام من وفاته.

العام الهجري : 200 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 816
تفاصيل الحدث:

لَمَّا هزَمَ هَرثمةُ بنُ أعين أبا السرايا ومن كان معه من وُلاة الخلافة، وهو محمد بن محمد، وشَى بعضُ الناس إلى المأمون أنَّ هرثمة راسلَ أبا السرايا وهو الذي أمره بالظُّهور، فاستدعاه المأمونُ إلى مروٍ فأمر به فضُرِبَ بين يديه ووُطِئَ بطنُه، ثمَّ رفع إلى الحبس ثم قُتِلَ بعد ذلك بأيام، وانطوى خبَرُه بالكلية. ولَمَّا وصل بغدادَ خبَرُ قتلِه عَبَثَت العامَّة والحربيَّة بالحسن بن سهل نائب العراق، وقالوا: لا نرضى به ولا بعمَّاله ببلادنا، وأقاموا إسحاقَ بن موسى المهدي نائبًا، واجتمع أهلُ الجانبين على ذلك، والتفَّتْ على الحسَنِ بن سهل جماعةٌ من الأمراء والأجناد، وأرسل من وافق العامَّةَ على ذلك من الأمراء يحرِّضُهم على القتال، وجرت الحروبُ بينهم ثلاثةَ أيام في شعبان من هذه السنة، ثم اتفق الحالُ على أن يعطيهم شيئًا من أرزاقهم يُنفِقونها في شهرِ رمضان، فما زال يَمطُلُهم إلى ذي القعدة حتى يُدرِك الزرع، فخرج في ذي القَعدة زيدُ بن موسى الذي يقال له زيدُ النَّار، معه أخو أبي السرايا، وقد كان خروجُه هذه المرة بناحية الأنبار، فبعث إليه عليُّ بنُ هشام نائبُ بغداد عن الحسَنِ بن سهل- والحسَنُ بالمدائن إذ ذاك- فأُخِذَ وأُتِيَ به إلى عليِّ بنِ هشام، وأطفأ اللهُ ثائِرتَه.

العام الهجري : 321 العام الميلادي : 932
تفاصيل الحدث:

استعمل السعيدُ نصر الساماني أبا بكرٍ محمَّدَ بن المظفَّر بن محتاج على جيوشِ خراسان، وردَّ إليه تدبيرَ الأمور بنواحي خُراسان جميعها، وعاد إلى بخارى مقرِّ عِزِّه، وكرسيِّ مُلكِه، وكان سبب تقدُّم محمّد بن المظفَّر أنَّه كان يومًا عند السعيد، وهو يحادِثُه في بعض مهمَّاتِه خاليًا، فلَسَعَته عقربٌ في إحدى رجليه عدَّةَ لسعات، فلم يتحرَّكْ، ولم يَظهَرْ عليه أثَرُ ذلك، فلمَّا فرغ من حديثه، وعاد محمَّدٌ إلى منزله، نزع خُفَّه فرأى العقربَ فأخذها، فانتهى خبَرُ ذلك إلى السعيد، فأُعجِبَ به وقال: "ما عجبتُ إلَّا من فراغِ بالك لتدبيرِ ما قلتُه لك، فهلَّا قمتَ وأزلتَها؟! فقال: ما كنتُ لأقطعَ حديثَ الأميرِ بسبَبِ عَقربٍ، وإذا لم أصبِرْ بين يديك على لسعةِ عَقربٍ، فكيف أصبِرُ وأنا بعيدٌ منك على حدِّ سيوفِ أعداء دولتِك إذا دفعْتَهم عن مملكَتِك؟" فعظم محلُّه عنده، وأعطاه مائتَي ألفِ درهم.

العام الهجري : 482 العام الميلادي : 1089
تفاصيل الحدث:

لمَّا رَجعَ السُّلطانُ ملكشاه من كاشغر إلى خُراسان، وأَبعدَ عن سمرقند لم يَتَّفِق أَهلُها وعَسكرُها المعروفون بالجَكلِيَّة مع العَميدِ أبي طاهرٍ، نائبِ السُّلطانِ عندهم، حتى كادوا يَثِبونَ عليه، فاحتالَ حتى خَرجَ مِن عندهم، ومَضَى إلى خوارزم. كان مُقدِّم الجَكلِيَّة واسمُه عَيْنُ الدولةِ، قد خافَ السُّلطانَ لهذا الحادثِ، فكاتَبَ يعقوبَ تكين أخا مَلِكِ كاشغر، ومَملَكَتُه تُعرَف بآب نباشي، وبِيَدِه قَلعتُها، واستَحضَرهُ، فحَضرَ عنده بسمرقند، واتَّفَقا، ثم إن يعقوبَ عَلِمَ أن أَمرَهُ لا يَستَقيم مع عَيْنِ الدولةِ، فقَتَلَه، اتَّصلَت الأَخبارُ بعِصيانِ سمرقند بالسُّلطانِ ملكشاه، وقَتْلِ عَيْنِ الدولةِ، مُقدِّم الجَكليَّة، عادَ السُّلطانُ إلى سمرقند، فلمَّا وَصلَ إلى بُخارَى هَربَ يَعقوبُ المُستَولِي على سمرقند، ومَضَى إلى فرغانة، ولَحِقَ بوِلايَتِه، ووَصلَ جَماعةٌ من عَسكرِه إلى السُّلطانِ مُسْتَأْمِنِينَ، ولمَّا وَصلَ السُّلطانُ إلى سمرقند مَلَكَها، ورَتَّب بها الأَميرَ أبر.

العام الهجري : 527 العام الميلادي : 1132
تفاصيل الحدث:

عبر إلى الشام جمع كثير من التركمان من بلاد الجزيرة، وأغاروا على بلاد طرابلس وغنموا وقتلوا كثيرًا، فخرج القمص -كبير القساوسة- صاحب طرابلس في جموعه فانزاح التركمان من بين يديه، فتبعهم فعادوا إليه وقاتلوه فهزموه وأكثروا القتل في عسكره، ومضى هو ومن سلم معه إلى قلعة بعرين، فتحصنوا فيها وامتنعوا على التركمان، فحصرهم التركمان فيها. فلما طال الحصار عليهم نزل صاحب طرابلس ومعه عشرون فارسًا من أعيان أصحابه سرًّا، فنَجَوا وساروا إلى طرابلس وترك الباقين في بعرين يحفظونها، فلما وصل إلى طرابلس كاتب جميع الفرنج فاجتمع عنده منهم خلقٌ كثير، وتوجه بهم نحو التركمان؛ لِيُرحِلهم عن بعرين، فلما سمع التركمان بذلك قصدوهم والتقوهم وقُتِل بينهم خلق كثير، وأشرف الفرنج على الهزيمة، فحملوا نفوسهم ورجعوا على حامية إلى رفنية، فتعذر على التركمان اللَّحاقُ بهم إلى وسط بلادهم، فعادوا عنهم.

العام الهجري : 584 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1188
تفاصيل الحدث:

سار صلاحُ الدين عن دمشق منتصَفَ ربيعٍ الأول إلى حمص، فنزل على بحيرةِ قدس غربيَّ حمص، وجاءته العساكِرُ، فأوَّل من أتاه من أصحابِ الأطرافِ عماد الدين زنكي بن مودود بن آقسنقر. صاحِبُ سنجار، ونصيبين، والخابور، وتلاحقت العساكِرُ مِن الموصل وديار الجزيرة وغيرها. فاجتَمَعَت عليه، وكَثُرَت عنده. فسار حتى نزل تحت حِصنِ الأكراد من الجانبِ الشرقيِّ، فأقام يومينِ، وسار جريدة- الجريدة خَيْلٌ لا رَجَّالةَ فيها- وترك أثقالَ العسكَرِ مَوضِعَها تحت الحصن، ودخل إلى بلدِ الفرنج، فأغار على صافيثا، والعريمة، ويحمور، وغيرها من البلاد والولايات، ووصل إلى قرب طرابلس، وأبصر البلادَ، وعرف من أين يأتيها، وأين يسلُكُ منها، ثم عاد إلى مُعسكَرِه سالِمًا، وقد غَنِمَ العسكر من الدوابِّ على اختلاف أنواعِها ما لا حَدَّ له، وأقام تحت حصن الأكراد إلى آخرِ ربيع الآخر.

العام الهجري : 624 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1227
تفاصيل الحدث:

سار الحاجب علي حسام الدين، وهو النائب عن الملك الأشرف بخلاط، والمقدَّم على عساكرِها، إلى بلاد أذربيجان فيمن عندَه من العساكر، وسببُ ذلك أنَّ سيرة جلال الدين كانت جائرةً، وعساكرُه طامعةً في الرعايا، وكانت زوجتُه ابنةَ السلطان طغرل السلجوقي، وهي التي كانت زوجةَ أوزبك بن البهلوان، صاحب أذربيجان، فتزوجَّها جلال الدين، وكانت مع أوزبك تحكُم في البلاد جميعها، ليس له ولا لغيره معها حكمٌ، فلما تزوجها جلال الدين أهملها ولم يلتَفِتْ إليها، فخافته مع ما حُرِمَته من الحكم والأمر والنهي، فأرسلَت هي وأهل خُوَيٍّ إلى حسام الدين الحاجب يستدعونَه ليسَلِّموا البلاد، فسار ودخل البلاد، بلاد أذربيجان، فمَلَك مدينة خوي وما يجاورها من الحصون التي بيد امرأة جلال الدين، وملك مَرَنْدَ، وكاتبه أهلُ مدينة نقجوان، فمضى إليهم، فسَلَّموها إليه، وقَوِيَت شوكتُهم بتلك البلاد.

العام الهجري : 1331 العام الميلادي : 1912
تفاصيل الحدث:

الأرطاوية موقع على طريق القوافل من الكويت إلى القصيم بالقرب من الزلفي، فيه مجموعة من الآبار، وأول من سكنها كان عددٌ من أهالي مدينة حرمة يقَدَّر عددهم بثلاثين رجلًا، وكانوا قد ارتحلوا في هذا العام من حرمة إلى الأرطاوية؛ بسبب نزاع دبَّ بينهم وبين أهلها حول تشدُّدهم الديني. فلما لم يطِبْ لهم المقام في حرمة اختاروا موضِعَ الأرطاوية حيث الآبار والموارد وجودة المرعى، ثم نزلها إحدى عشائر العريمات وشيخها قويعد بن الصريمة، وهي قسم من قبيلة حرب، بعد أن باعوا خيلها وجمالها وما عندها من العروض والأموال في سوق الكويت وغيره، وهبطت الأرطاوية فبَنَت فيها الدور وشرعت تُعنى بأمرين: الزراعة والعلم، وقد أهمل أفرادُها كلَّ شيء سواهما. ثم بعد معركة جراب أعطيت الأرطاوية لفيصل الدويش وجماعته من مطير الذي يعتبر المؤسِّس الحقيقي والزعيم لهجرة الأرطاوية، ثم بعد ذلك نشأت هجرة الغطغط وبعده تتابع نشوءُ الهجر.

العام الهجري : 569 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1174
تفاصيل الحدث:

كان نور الدين قبل أن يمرَضَ قد أرسل إلى البلاد الشرقيَّة- الموصل وديار الجزيرة وغيرها- يستدعي العساكِرَ منها للغَزاة، والمراد غيرها، وقد تقدَّمَ ذِكرُه، فسار سيفُ الدين غازي بن قطب الدين مودود بن زنكي، صاحب الموصل، في عساكره، وعلى مُقَدِّمتِه الخادم سعد الدين كمشتكين الذي كان قد جعله نورُ الدين بقلعة الموصل مع سيف الدين، فلما كانوا ببعضِ الطريق وصلت الأخبار بوفاة نور الدين، فأمَّا سعد الدين فإنَّه كان في المقَدِّمة، فهرب جريدة. وأما سيفُ الدين فأخذ كلَّ ما كان له من برك وغيره، وعاد إلى نصيبين فملَكَها، وأرسل الشحنَ إلى الخابور فاستولوا عليه، وأقطَعَه، وسار هو إلى حرَّان فحصرها عدَّةَ أيام، وبها مملوكٌ لنور الدين يقال له قايماز الحراني، فامتنع بها، وأطاع بعد ذلك على أن تكون حرَّان له، ونزل إلى خدمة سيف الدين، فقبض عليه وأخذ حران منه، وسار إلى الرَّها فحصرها ومَلَكَها، وكان بها خادِمٌ خَصِيٌّ أسود لنور الدين فسَلَّمَها وطلب عِوَضَها قلعة الزعفران من أعمالِ جزيرة ابن عمر، فأُعطِيَها، ثم أُخِذَت منه، ثم صار يستعطي ما يقوتُه، وسيَّرَ سيف الدين إلى الرقة فمَلَكها، وكذلك سروج، واستكمل ملك جميع بلاد الجزيرة سوى قلعة جعبر، فإنَّها كانت منيعة، وسوى رأس عين، فإنَّها كانت لقطب الدين، صاحب ماردين، وهو ابنُ خال سيف الدين، فلم يتعَرَّض إليها. وكان شمس الدين علي بن الداية، وهو أكبَرُ الأمراء النورية، بحَلَب مع عساكرها، فلم يقدِرْ على العبور إلى سيف الدين ليمنَعَه من أخذ البلاد، لفالج كان به، فأرسل إلى دمشقَ يطلب المَلِكَ الصالح، فلم يُرسَل إليه، ولَمَّا ملك سيف الدين الديار الجزرية قال له فخر الدين عبد المسيح، وكان قد وصل إليه من سيواس بعد موتِ نور الدين، وهو الذي أقَرَّ له الملك بعد أبيه قطب الدين، فظَنَّ أن سيف الدين يرعى له ذلك، فلم يجنِ ثمرة ما غرس، وكان عنده كبعضِ الأمراء، قال له: الرأيُ أن تعبر إلى الشام فليس به مانعٌ، فقال له أكبَرُ أمرائه، وهو أميرٌ يقال له عز الدين محمود المعروف بزلفندار: قد ملكتَ أكثَرَ ما كان لأبيك، والمصلحةُ أن تعود، فرجع إلى قولِه، وعاد إلى الموصل.

العام الهجري : 594 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1198
تفاصيل الحدث:

في مُنتَصَف المحَرَّم، بلغ المَلِكَ العادِلَ أنَّ الفرنج قد نازلوا حِصنَ تبنين، فسَيَّرَ إليه عسكرًا يحمونَه ويَمنَعون عنه، ورحلَ الفرنج من صور، ونازلوا تبنين أوَّلَ صفر وقاتلوا من به، وجدُّوا في القتال، ونَقَبوه من جهاتهم، فلمَّا عَلِمَ العادل بذلك أرسل إلى العزيز عثمان بن صلاح الدين  بمصرَ يطلُبُ منه أن يَحضُرَ هو بنفسه، فسار العزيزُ مُجِدًّا فيمن بَقِيَ معه من العساكر، وأمَّا مَن بحصنِ تبنين فإنَّهم لَمَّا رأوا النقوبَ قد خَرَّبَت تل القلعة، ولم يبقَ إلَّا أن يَملِكوها بالسَّيفِ، نزل بعضُ من فيها إلى الفرنجِ يَطلُبُ الأمانَ على أنفُسِهم وأموالِهم لِيُسَلِّموا القلعة، وكان المرجِعُ إلى القسيس الخنصلير من أصحابِ مَلِك الألمان، فقال لهؤلاء المسلمينَ بَعضُ الفرنج الذين مِن ساحِلِ الشامِ: إنْ سَلَّمتُم الحِصنَ استأسَرَكم هذا وقتَلَكم؛ فاحفَظوا نُفوسَكم، فعادوا كأنَّهم يُراجِعونَ مَن في القلعةِ لِيُسَلِّموا، فلما صَعِدوا إليها أصرُّوا على الامتناع، وقاتلوا قتالَ من يحمي نفسَه، فحَمَوها إلى أن وصل المَلِكُ العزيز إلى عسقلان في ربيع الأول، فلما سمع الفرنجُ بوصوله واجتماعِ المُسلِمين، وأنَّ الفرنجَ ليس لهم مَلِكٌ يَجمَعُهم، وأنَّ أمْرَهم إلى امرأة، وهي المَلِكة؛ اتفقوا وأرسلوا إلى مَلِك قبرص واسمُه هيمري، فأحضروه فزَوَّجوه بالمَلِكة زوجة الكند هري، فلمَّا مَلَكَهم لم يَعُدْ إلى الزَّحفِ على الحِصنِ، ولا قاتَلَه، واتَّفَق وصول العزيز أوَّل شهر ربيع الآخر، ورحل هو والعساكِرُ إلى جبل الخليل الذي يُعرَفُ بجبل عاملة، فأقاموا أيامًا، والأمطارُ متداركة، فبَقِيَ إلى ثالث عشر الشهر، ثم سار وقارب الفرنجَ، وأرسل رماةَ النشاب، فرموهم ساعةً وعادوا، ورَتَّب العساكر ليزحَفَ إلى الفرنج ويجِدَّ في قتالهم، فرحلوا إلى صور خامس عشر ربيع الآخر ليلًا، ثم رَحَلوا إلى عكَّا، فسار المسلمون فنزلوا اللجون، وتراسلوا في الصُّلحِ، وتطاول الأمرُ، فعاد العزيز إلى مصر قبل انفصالِ الحال، وبقي العادلُ وترَدَّدَت الرسلُ بينه وبين الفرنج في الصُّلحِ، فاصطَلَحوا على أن تبقى بيروت بِيَدِ الفرنج، وكان الصُّلحُ في شعبان، فلما انتَظَم الصلح عاد العادِلُ إلى دمشق، وسار منها إلى ماردين من أرضِ الجزيرة.

العام الهجري : 779 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1377
تفاصيل الحدث:

بينما أيبك البدريُّ في أمْرِه ونَهْيِه بمصرَ، ورد عليه الخبَرُ بعصيان نوَّاب الشامِ، ففي الحال علَّق أيبك جاليش السفر في التاسع عشر من ربيع الأوَّل ورسم للعساكر بالتجهيز إلى سفر الشام وأسرع بالنفقةِ على العساكر وتجهَّزَ في أسرع وقت وخرج الجاليش من القاهرة إلى
 الريدانية في السادس والعشرين من ربيع الأول، وهم خمسةٌ من أمراء الألوف ومائةُ مملوك من المماليك السلطانية، ومائةُ مملوك من مماليك الأتابك أيبك، وفي التاسِعِ والعشرين من ربيع الأول خرج طلَبُ السلطان الملك المنصور، ثم استقَلُّوا بالمسير قاصدينَ البلاد الشامية، وساروا حتى وصلوا بلبيس، ثم رجعوا على أعقابِهم بالعساكر إلى جهة الديار المصرية، وخبَرُ ذلك أن قطلوخجا أخا أيبك مُقَدَّم الجاليش بلغه أنَّ الجماعة الذين معه مخامِرون، وأنهم أرادوا أن يكبِسوا عليه، فاستقَصَّ الخبَرَ حتى تحققه، فرَكِبَ مِن وقته وساعته وهرب في الحال، وهو في ثلاثةِ أنفس، عائدًا إلى أخيه أيبك فاجتمع به وعَرَّفه الخبر، ففي الحال أخذ أيبك السلطانَ ورجع به إلى نحو القاهرة حتى وصلها في يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الآخر، وطلع به إلى قلعةِ الجبل، وأنزل الأتابك أيبك السلطانَ المَلِكَ المنصور إلى الإسطبل السلطاني، وجاءه بعض أمراء من أصحابه، ثم أخذ أيبك في إصلاحِ أمْرِه، وبينما هو في فلك بلَغَه أنَّ الأمير قطلقتمر العلائي الطويل والأمير ألطنبغا السلطاني، وكانا رجَعا معه من بلبيس، ركبا بجماعَتِهما في نصف الليل، ومعهما عِدَّة من الأمراء وسائر المماليك السلطانية، وخرج الجميعُ إلى قبة النصر موافَقةً لِمن كان من الأمراءِ بالجاليش، فجهز أيبك الأمير قطلوخجا في مائتي مملوك لقتال هؤلاء، فخرج بهم قطلوخجا إلى قبة النصر، فتلقَّاه القوم وحملوا عليه، فانكسر ومُسِكَ، فلما بلغ أيبكَ ذلك، جهَّز الأمراء الذين كانوا بقلعة الجبل، وأرسلهم إلى قُبَّةِ النصر، هذا وقد ضعف أمر أيبك وخارت قواه؛ فإنه بلغه أنَّ جميع العساكر اتَّفَقَت على مخالفته، حتى إنَّه لم يعلم من هو القائِمُ بهذا الأمر لكثرةِ من خرج عليه، فلما رأى أمرَه في إدبار، ركب فَرَسَه ونزل من الإسطبل السلطاني من غير قتال، وهرب إلى ناحيةِ كيمان مصر، ولما استولت الأمراءُ على القلعة ألزموا واليَ القاهرة ومصر بإحضاره، فنُودِيَ عليه بالقاهرة ومصر، وهدِّدَ من أخفاه بأنواعِ النَّكال، فخاف كلُّ أحد على نفسه من تقريبه، فلم يجِدْ أيبك بدًّا من طلب الأمان من الأميرِ يلبغا الناصري فأمَّنَه بعد مدة، فطلع أيبك إليه، فحالَ وقَعَ بَصَرُ القوم عليه قبضوه، وأرسلوه مقَيَّدًا إلى سجن الإسكندرية، وكان ذلك آخِرَ العهد به، أما الأمراءُ فإنهم لما بلَغَهم هروب أيبك من قلعة الجبل رَكِبَ الجميع من قبة النصر وطلعوا إلى الإسطبلِ السلطاني من القلعة، وصار المتحدث فيهم قطلقتمر العلائي الطويل، وضرب رنكه على إسطبل شيخون بالرميلة تجاه باب السلسلة، وأقام ذلك اليومَ مُتحَدِّثًا، فأشار عليه مَن عنده من أصحابه أن يسلطنَ سلطانًا كبيرًا يرجِعُ الناس إلى أمْرِه ونهيه، فلم يفعَلْه وقال: حتى يأتيَ إخوانُنا- يعني الأمراء الذين كانوا بالجاليش مع قطلوبغا- ثم حضرت الأمراءُ الذين كانوا بالجاليش إلى الإسطبل السلطاني، وهم جمعٌ كبير ممن أنشأه أيبك وغيرُهم، وتكَلَّموا فيمن يكون إليه تدبيرُ الملك، واشتوروا في ذلك، فاختلفوا في الكلام، وظهر للقادمينَ الغَدرُ مِمَّن كان بالإسطبل السلطاني، فقبضوا على جماعة منهم وقَيَّدوا الجميع، وأُرسلوا إلى الإسكندرية صحبة جمال الدين عبد الله بن بكتمر الحاجب، واتفقوا على أن يكون المتكَلِّم في المملكة الأمير يلبغا الناصري، فصار هو المتحَدِّثَ في أحوال الملك، وسكن الإسطبلُ السلطاني، وأُرسِلَ بإحضار الأمير طشتمر العلائي الدوادار نائب الشام، ثمَّ في يوم الأحد تاسع شهر ربيع الآخر، لما تزايد الفَحصُ على أيبك حضر أيبك بنفسه إلى عند الأمير بلاط، فطلع به بلاط إلى يلبغا الناصري بعد أن أخذ له منه الأمانَ حَسَب ما تقدَّمَ ذِكرُه، ولم تطُلْ أيام يلبغا الناصري في التحدث، وظهر منه لِينُ جَنب، فاتفق برقوق وبركة- وهما حينذاك من أمراء الطبلخانات، لهما فيها دون الشهرين - مع جماعةٍ أُخَرَ وركبوا في سادس عشر شهر ربيع الآخر، وركبت معهم خشداشيتهم- زملاء المهنة- من المماليك اليلبغاوية، ومسكوا دمرداش اليوسفي، وتمرباي الحسني، وآقبغا آص الشيخوني، وقطلوبغا الشعباني، ودمرداش التمان تمري المعلم، وأسندمر العثماني، وأسنبغا تلكي، وقُيِّدوا وأرسلوا إلى سجن الإسكندرية فسُجِنوا بها، فصار برقوق العثماني هو متولي السَّلطنةِ، فسكن القصر وكان هذا بدايةَ التمَكُّن للماليك الشَّراكِسةِ.

العام الهجري : 320 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 932
تفاصيل الحدث:

هو أبو الفضلِ جَعفرُ بنُ أحمدَ المعتَضِد بالله أحمد بن أبي أحمد الموفَّق بن جعفر المتوكل على الله بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد، أمير المؤمنين العبَّاسي، ولد في رمضان سنة 282، وأمُّه أمُّ ولَد اسمها شغب، بويعَ له بالخلافةِ بعد أخيه المُكتفي في ذي القَعدة، سنة 295، وهو يومئذٍ ابنُ ثلاث عشرة سنة وشهر وأيام. وما وليَ أحدٌ قبله أصغَرُ منه، فانخرم نظامُ الإمامة في أيَّامِه، وصَغُرَ منصِبُ الخلافة؛ ولهذا أراد الجُندُ خَلعَه في بداية خلافتِه في ربيع الأول سنة 296 محتجِّينَ بصِغَرِه وعدَمِ بلوغِه، وتوليةَ عبد الله بن المعتَزِّ، فلم يتمَّ ذلك، وانتقض الأمرُ في ثاني يوم, ثم خلَعوه في المحرَّم سنة 317، وولَّوا أخاه محمَّدًا القاهر، فلم يتِمَّ ذلك سوى يومين، ثم رجع إلى الخلافةِ, وقد كان المقتَدِر رَبْعةً مِن الرجال حسَنَ الوَجهِ والعَينينِ، بعيدَ ما بين المَنكِبَين، حسَنَ الشَّعرِ، مدوَّرَ الوَجهِ، مُشرَبًا بحُمرةٍ، حسَنَ الخُلُقِ، قد شاب رأسُه وعارضاه، وقد كان مِعطاءً جَوادًا، وله عقلٌ جَيِّد، وفهمٌ وافِرٌ، وذِهنٌ صحيح، وقد كان كثيرَ التحجُّبِ والتوسُّع في النفقاتِ مِتلافًا للأموال، مَحَقَ ما لا يُعَدُّ ولا يُحصى منها. كان في دارِه أحد عشر ألفَ خادم خَصِيٍّ، غير الصقالبة وأبناء فارس والروم والسُّودان، وكان له دارٌ يقال لها دارُ الشجرة، بها من الأثاثِ والأمتعة شيءٌ كثيرٌ جِدًّا، وكان كثيرَ الصَّدَقة والإحسانِ إلى أهل الحرمين وأربابِ الوظائف، وكان كثيرَ التنفُّل بالصَّلاةِ والصوم والعبادة، ولكنَّه كان مؤثِرًا لشهواتِه، مطيعا لخَدَمِه وغلمانِه، كثيرَ العَزلِ والولاية والتلَوُّن. وما زال ذلك دأبَه حتى كان هلاكُه على يدي غِلمانِ مُؤنسٍ الخادم، فقُتِلَ عند باب الشماسية لليلتين بقيتا من شوالٍ من هذه السنة، وله من العمر ثمانٍ وثلاثون سنة، قال الذهبي: "كان منهومًا باللَّعِب والجواري، لا يلتَفِتُ إلى أعباء الأمور، فوهَنَت دولتُه، وفارقَه قائِدُه مؤنِسٌ الخادم مغاضِبًا له إلى الموصل، وتمَلَّكَها، ووصلت القرامطةُ في أيَّامِه إلى الكوفة، فهرب أهلُها منها. ودخلت الديلم الدينور فاستباحوها، وأقبلت جيوشُ الرومِ حتى بلغوا عَمُّورية، فقَتَلوا وسَبَوا" كانت مدة خلافته أربعًا وعشرين سنةً وأحد عشر شهرًا وأربعة عشر يومًا. كان أكثَرَ مُدَّةً ممَّن تقَدَّمَه من الخُلَفاء.

العام الهجري : 1352 العام الميلادي : 1933
تفاصيل الحدث:

هو الملِكُ محمد نادر شاه بن محمد يوسف خان بن محمد يحيى خان؛ شاه أفغانستان. وكان جده الأكبر سلطان محمد خان شقيق الأمير دوست محمد خان؛ المؤسس الأوَّل لأسرة البركزاية في أفغانستان، وهو الذي باع بيشاور إلى السيخ. ولِدَ محمد نادر في ديرادون شمال الهند سنة 1883م. دخل نادر أفغانستان في سن 18 عندما سُمِحَ لجده يحيى خان بالعودة من المنفى، وفي عهد أمان الله خان دخل نادر شاه العسكريةَ سنة 1919م، وشارك في حرب الإنجليز، وبعد الحرب عيَّنه أمان الله سفيرًا في فرنسا, وفي عام 1929م اندلعت فوضى ضِدَّ الملك أمان الله، فقام ابن السقَّا أحد قطَّاع الطرق الطامعين باستغلال الأحداث، فاستولى على كابل، وفَرَّ الملك إلى قندهار وتنازل لأخيه الأكبر عناية الله، ولم يستطع عنايةُ الله مواجهةَ ابنِ السقا الذي تملَّكَ باسم حبيب الله غازي، وأخذ يعيث فسادًا في أفغانستان قرابة التسعة أشهر، حتى تمكَّن محمد نادر شاه -القائد الأفغاني الذي انتصر على الإنجليز سابقًا- من إلقاء القبض على ابنِ السقَّا وأعدَمَه، وتسلَّم أعباءَ الحكمِ، وساعده على ذلك سيرتُه الحميدة أمام الناس، وجهادُه المعروف ضد الصليبيين من روس وإنجليز، فقضى على الفوضى والفساد والرِّشوة، وقَدَّم خِدماتٍ واسعةً للبلاد، فأصلح البلادَ وحَسَّنها، ولكِنَّ أحد أبناء الذين شَمِلَهم الإعفاء من المناصب قام باغتيال الشاه محمد نادر انتقامًا لأبيه وحِقدًا على من قضى على أخذ الأموال بصورة غير شرعية بعد أن كانوا يتكسَّبون بذلك، فتسلَّم الحكمَ بعده ابنه محمد ظاهر شاه الذي لم يكن يزيد عمره على التاسعة عشرة.