الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3066 ). زمن البحث بالثانية ( 0.013 )

العام الهجري : 930 العام الميلادي : 1523
تفاصيل الحدث:

هو أبو المظفر إسماعيل شاه بن حيدر بن جنيد بن إبراهيم بن خواجة علي بن صدر الدين موسى بن الشيخ صفي الدين إسحاق بن جبريل الأردبيلي، المشهور بإسماعيل شاه الصفوي، وجدُّه إبراهيم هو شيخ الطريقة الصفوية التي أسَّسها أصلًا صفي الدين إسحاق, وقيل: إن أول من تشيَّع فيهم صفيُّ الدين أو ابنه موسى صدر الدين. ولد إسماعيل بأردبيل سنة 892هـ وأمه بنت الحسن الطويل، وكانت أمها كاترينا ابنة كارلو يوحنا ملك مملكة طرابزون اليونانية النصرانية، ولما قُتِل أبوه الشيخ حيدر في المعركة أُسِرَ إسماعيل مع إخوته وهو طفل وحُبس في قلعة إصطخر إلى أن توفِّيَ خاله السلطان يعقوب بن أوزن حسن الطويل سنة 892 وتفرقت الكلمة بين أولاده، فهرب أولاد الشيخ حيدر إلى لاهجان ودخل إسماعيل في بيت صائغ يقال له نجم زركر، وبها كثيرٌ من الروافض، فتعلم منهم إسماعيل في صغره مذهب الرفض، ثم كثُرَ أتباعه فخرج من لاهجان بأنه يريد أخْذ ثأر والده في أواخر سنة 905هـ، فغلب شروان شاه الذي قُتِل في المعركة وهرب ولدُه شيخ شاه إلى كيلان, وكان ذلك أول فتوحات إسماعيل الصفوي، ثم قاتل الأمير الوزير المستولي على أذربيجان بنخجوان، فهزمه أيضًا واستولى على خزائنه، وسار إلى تبريز فدخلها سنة 907هـ وبويع له بالسلطنة، فأظهر مذهب الإلحاد والرَّفض، وغيَّرَ اعتقاد أهل العجم, وخطب الخطباء باسمه على مذهب الإمامية، ثم هَزَمَ مراد بك ابن السلطان يعقوب بن أوزن حسن الطويل وأخذ خزائنه، ثم صار لا يتوجَّه إلى بلاد إلا يفتحُها ويقتل جميعَ من فيها وينهبُ أموالهم، إلى أن ملك أذربيجان وعراق العرب والعجم وخراسان، وكاد أن يدَّعي الرُّبوبية وكان يسجد له عسكرُه! وقتل خلقًا لا يحصَون بحيث لم يُبقِ أحدًا من علماء أهل السُنَّة، وأحرق جميع كتبِهم ومصاحِفِهم، وأخرج عظامَهم من القبور وأحرقَها، إلى أن كسره السلطانُ العثماني سليم الأول سنة 920هـ في معركة جالديران, وكانت مدة ملكه أربعًا وعشرين سنة، وكان سفَّاكًا غدَّارًا، ينظم بالتركي والفارسي نظمًا وسطًا. قال علي دده بن مصطفى الموستاري، المتوفى سنة 1007 في (محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر): "أولُ من تجبَّر وطغى، ورفضَ أحكام الشريعة وغوى، وخان الملَّة الإسلامية خيانةً لم يُسمَع بمثلها من الفراعنة، وقهر ملوك العراقينِ، وأبطل الخطبةَ من الجوامع كلِّها: الملك الشقيُّ الغَويُّ الشهير إسماعيل بن حيدر بن جنيد بن إبراهيم بن الشيخ خواجة علي بن صدر الدين ابن الشيخ الصفي الأردبيلي، قطَعَ الله أعراقَهم من العِراق وجميع ممالك الآفاق مع أشياعهم الشِّيعة النَّجِسة المنجوسة المجوسيَّة الدَّهرية، بل إنَّهم أخبثُ الفِرَق الضَّالَّة المضلَّة، أهلك الله أسرارَهم، ومحا من وجهِ الأرض آثارَهم بسيوف الملوك العثمانية السُّنِّية المؤيَّدة بالقوة القدسيَّة، لا زالت سيوفُهم مسلولةً عليهم وعلى أمثالهم من أعداء الدين" هلك إسماعيل شاه عن 78 عامًا وخلفه ابنه طهماسب وهو في العاشرة من العمر.

العام الهجري : 803 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1401
تفاصيل الحدث:

لما قدم خبر أخْذ حلب وما ارتكبه المغول في أهلها نودِيَ بدمشق في الناس بالتحوُّل إلى المدينة والاستعداد للعدوِّ، فاختبط الناس وعظُم ضجيجهم وبكاؤهم، وأخذوا ينتقلون في يوم الأربعاء نصفه من حوالي المدينة إلى داخلها، واجتمع الأعيانُ للنظر في حفظ المدينة، فقدم في سابع عشر ربيع الأول المنهزمون من حماة، فعظُمَ الخوف، وهمَّ الناس بالجلاء، فمُنِعوا منه، ونودِيَ: من سافر نُهب، فورد في الثامن العشر منه الخبر بنزول طائفة من العدو على حماة، فحُصِّنت مدينة دمشق، ووقف الناسُ على الأسوار، وقد استعدُّوا، ونُصِبت المجانيق على القلعة، وشُحِنت بالزاد، وهمَّ نائب الغيبة بالفرار، ولكن العامة ردته ردًّا قبيحًا، وهاج الناس وماجوا ونادوا بتسليم البلد من غير قتال، وكل هذا وعسكر مصر لم يخرجُ منها بعدُ، ثم في ربيع الآخر بدأ جيش مصر بالخروج منها متوجِّهين إلى دمشق، هذا وجيش تيمورلنك قد وصل قريبًا من حمص؛ فبدأ الناس بالهرب وخاصة أن أهل بعلبك أيضًا هربوا لنزول تيمورلنك عليهم، ثم في سادس جمادى الأولى قدم السلطان دمشق بعساكره، وقد وصل أصحاب تيمورلنك إلى البقاع، وفي يوم السبت الخامس عشر من هذا الشهر نزل تيمورلنك إلى قطا، فملأت جيوشه الأرض، وركب طائفةٌ منهم إلى العسكر وقاتلوهم، فخرج السلطان من دمشق يوم الثلاثاء الثامن عشر إلى يلبغا، فكانت وقعة انكسرت ميسرةُ العسكر، وانهزم أولاد الغزاوي وغيرهم إلى ناحية حوران، وجُرح جماعة، وحَمل تيمورلنك حملةً منكرة؛ ليأخُذَ بها دمشق، فدفعته عساكِرُ السلطان، ونزل كلٌّ من العسكرين بمعسكره، وبعث تيمورلنك إلى السلطان في طلب الصلح وإرسال أطلمش أحد أصحابه إليه، وأنه هو أيضًا يبعث من عنده من الأمراء المقبوض عليهم في وقعة حلب، فأشار تغري بردي ودمرداش وقطلوبغا الكركي في قبول ذلك؛ لما يعرفون من اختلاف كلمتهم، لا لضعف عسكرهم، فلم يقبلوا وأبوا إلا القتال، ثم أرسل تيمور رسولًا آخر في طلب الصلح وكرَّر القول ثانيًا، وظهر للأمراء ولجميع العساكر صحةُ مقالته، وأن ذلك على حقيقتِه، فأبى الأمراء ذلك، هذا والقتال مستمرٌّ بين الفريقين في كل يوم، فلما كان ثاني عشر جمادى الآخرة اختفى من أمراء مصر والمماليك السلطانية جماعة، منهم الأمير سودون الطيار، وقاني باي العلائي رأس نوبة، وجمق، ومن الخاصكية يشبك العثماني، وقمش الحافظي، وبرسبغا الدوادار، وطرباي، في جماعة أخر، فوقع الاختلافُ عند ذلك بين الأمراء، وعادوا إلى ما كانوا عليه من التشاحُن في الوظائف والإقطاعات والتحكُّم في الدولة، وتركوا أمر تيمورلنك كأنه لم يكن، وأخذوا في الكلام فيما بينهم بسببِ من اختفى من الأمراء وغيرهم، هذا وتيمورلنك في غاية الاجتهاد في أخذ دمشق، وفي عمل الحيلة في ذلك، ثم أُعلِمَ بما الأمراء فيه، فقَوِيَ أمرُه واجتهاده بعد أن كان عزم على الرحيل، واستعدَّ لذلك، فلما كان آخر ليلة الجمعة الحادي والعشرين جمادى الأولى ركب الأمراء وأخذوا السلطان الملك الناصر فرج على حين غفلة، وساروا به من غير أن يعلم العسكر به مِن على عقبة عمر يريدون الديارَ المصرية، وتركوا العساكِرَ والرعية من المسلمين غَنَمًا بلا راعٍ، وأما بقية أمراء مصر وأعيانها من القضاة وغيرهم لما علموا بخروج السلطان من دمشق خرجوا في الحال في إثره طوائف طوائف يريدون اللحاق بالسلطان، فأخذ غالبهم العشير وسلبوهم، وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، وأما العساكر الذين خُلِّفوا بدمشق من أهل دمشق وغيرها، فإنه كان اجتمع بها خلائق كثيرة من الحلبيين والحمويين والحمصيين وأهل القرى ممن خرج جافلًا من تيمور، ولما أصبحوا يوم الجمعة، وقد فقدوا السلطانَ والأمراء والنائب، غلَّقوا أبواب دمشق، وركبوا أسوار البلد، ونادَوا بالجهاد، فتهيَّأ أهل دمشق للقتال وزحف عليهم تيمورلنك بعساكره، فقاتله الدمشقيون من أعلى السور أشدَّ قتال، وردوهم عن السور والخندق، وأسروا منهم جماعة ممن كان اقتحم باب دمشق، وأخذوا من خيولِهم عدَّةً كبيرة، وقتلوا منهم نحو الألف، وأدخلوا رؤوسهم إلى المدينة، وصار أمرُهم في زيادة، فأعيا تيمورلنك أمرهم، وعلم أن الأمر يطول عليه، فأخذ في مخادعتهم، وعمل الحيلة في أخذِ دمشق منهم، وبينما أهل دمشق في أشدِّ ما يكون من القتال والاجتهاد في تحصين بلدهم، قَدِمَ عليهم رجلان من أصحاب تيمورلنك من تحت السور وصاحا مِن بُعدٍ: الأميرُ يريد الصلح، فابعثوا رجلًا عاقلًا حتى يحدِّثَه الأمير في ذلك، ولما سمع أهل دمشق كلام أصحاب تيمورلنك في الصلح وقع اختيارُهم في إرسال قاضي القضاة تقي الدين إبراهيم بن مفلح الحنبلي، فأرخى من سور دمشق إلى الأرض، وتوجَّه إلى تيمورلنك واجتمع به وعاد إلى دمشق وقد خدعه تيمورلنك بتنميق كلامه، وتلطَّف معه في القول، وترفَّق له في الكلام، وقال له: هذه بلدة الأنبياء والصحابة وقد أعتقتُها لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقةً عني وعن أولادي، ولولا حنقي من سودون نائب دمشق عند قتله لرسولي ما أتيتُها، وقد صار سودون المذكور في قبضتي وفي أسري، وقد كان الغرض في مجيئي إلى هنا، ولم يبقَ لي الآن غرض إلا العود، ولكِنْ لا بد من أخذ عادتي من التقدمة من الطقزات، وكانت هذه عادته: إذا أخذ مدينةً صلحًا يُخرِجُ إليه أهلها من كل نوع من أنواع المأكول والمشروب والدواب والملابس والتحف تسعة؛ يسمون ذلك طقزات، والطقز باللغة التركية: تسعةٌ، وهذه عادة ملوك التتار، فعاد ابن مفلح يثني على تيمورلنك ويحثُّ الناس على عدم القتال وإعطائِه ما يريد، وكاد يحصل بسبب ذلك فتنةٌ إلى أن جمع ابن مفلح ما يريده تيمورلنك وحمله إليه وعاد هو ومن معه ومعهم فرمان من تيمورلنك لهم، وهو ورقة فيها تسعة أسطر يتضمن أمانَ أهل دمشق على أنفُسِهم وأهليهم خاصة؛ فقرئ الفرمان المذكور على منبر جامع بني أمية بدمشق، وفُتح من أبواب دمشق باب الصغير فقط، وقدم أمير من أمراء تيمور جلس فيه لِيَحفَظَ البلد ممن يعبر إليها من عساكر تيمور، فمشى ذلك على الشاميين وفرحوا به، لكن تيمورلنك لم يرضَ بالمال الذي أُحضِرَ له، بل طلب أضعافه، فحصل من الغلاء في دمشق ما لا يُصَدَّق بسبب ذلك، ثم إن الجمعة قد دُعِيَ فيها لابن تيمورلنك في الخطبة، ثم قدم شاه ملك أحد أمراء تيمورلنك إلى مدينة دمشق على أنه نائبها من قِبَل تيمور، ثم بعد جمعتين منعوا من إقامة الجمعة بدمشق لكثرة غلبة أصحاب تيمورلنك بدمشق، كل ذلك ونائب القلعة ممتنع بقلعة دمشق، وأعوان تيمورلنك تحاصِرُه أشد حصار، حتى سَلَّمها بعد تسعة وعشرين يومًا، وقد رمي عليها بمدافع ومكاحل لا تدخل تحت حصر، هذا وليس بالقلعة المذكورة من المقاتلة إلا نفر قليل دون الأربعين نفرًا، وطال عليهم الأمر، ويئسوا من النجدة، وطلبوا الأمان، وسلموها بالأمان، وكان تيمورلنك لما اتفق أولًا مع ابن مفلح على ألف ألف دينار يكون ذلك على أهل دمشق خاصة، والذي تركته العساكر المصرية من السلاح والأموال يكون لتيمور، فخرج إليه ابن مفلح بأموال أهل مصر جميعها، فلما صارت كلها إليه وعلم أنه استولى على أموال المصريين ألزمهم بإخراج أموال الذين فرُّوا من دمشق، فسارعوا أيضًا إلى حمل ذلك كله، وتدافعوا عنده حتى خلص المال جميعه، فلما كمل ذلك ألزمهم أن يخرجوا إليه جميع ما في البلد من السلاح: جليلِها وحقيرِها، فتتبعوا ذلك وأخرجوه له حتى لم يبقَ بها من السلاح شيءٌ، فلما فرغ ذلك كله قبض على ابن مفلح ورفقته، وألزمهم أن يكتبوا له جميعَ خِطَط دمشق وحاراتها وسككها، فكتبوا فلكًا ودفعوه إليه، ففرقه على أمرائه، وقسم البلد بينهم، فساروا إليها بمماليكهم وحواشيهم، ونزل كل أمير في قسمه، وطلب من فيه، وطالبهم بالأموال، فحينئذ حلَّ بأهل دمشق من البلاء ما لا يوصف، وأجرى عليهم أنواع العذاب من الضرب والعصر والإحراق بالنار، والتعليق منكوسًا، وغم الأنف بخرقة فيها تراب ناعم، كلما تنفَّس دخل في أنفه حتى تكاد نفسُه تُزهَق؛ فكان الرجل إذا أشرف على الهلاك يخلَّى عنه حتى يستريح، ثم تعاد عليه العقوبة أنواعًا، فكان المعاقَبُ يحسُدُ رفيقَه الذي هلك تحت العقوبة على الموت، ويقول: ليتني أموت وأستريح مما أنا فيه! ومع هذا تؤخذ نساؤه وبناته وأولاده الذكور، وتُقَسَّم جميعهم على أصحاب ذلك الأمير، فيشاهد الرجل المعذَّب امرأته أو بنته وهي توطأ، وولده وهو يلاطُ به، فيصرخ هو من ألم العذاب، والبنت والولد يصرخان من إزالة البكارة واللواط!! وكل ذلك من غير تستُّر في النهار بحضرة الملأ من الناس، ورأى أهل دمشق أنواعًا من العذاب لم يُسمَع بمثلها، واستمرَّ هذا البلاء والعذاب بأهل دمشق تسعة عشر يومًا، آخرها يوم الثلاثاء ثامن عشرين شهر رجب، فهلك في هذه المدة بدمشق بالعقوبة والجوع خلق لا يعلم عددَهم إلا الله تعالى، فلما علم أمراء تيمورلنك أنه لم يبق بالمدينة شيء، خرجوا إلى تيمورلنك فسألهم هل بقي لكم تعلُّق في دمشق؟ فقالوا: لا، فأنعم عند ذلك بمدينة دمشق أتباع الأمراء، فدخلوها يوم الأربعاء آخر رجب، ومعهم سيوف مسلولة مشهورة وهم مشاة، فنهبوا ما قدروا عليه من آلات الحرب وغيرها، وسبَوا نساء دمشق وساقوا الأولاد والرجال، وتركوا من الصغار مَن عُمُره خمس سنين فما دونها، وساقوا الجميعَ مربوطين في الحبال، ثم طرحوا النار في المنازل والدور والمساجد، وكان يومًا عاصف الريح، فعم الحريقُ جميع البلد حتى صار لهيب النار يكاد أن يرتفع إلى السحاب، وعملت النار في البلد ثلاثة أيام بلياليها آخرها يوم الجمعة، وكان تيمورلنك -لعنه الله- سار من دمشق في يوم السبت ثالث شهر شعبان بعدما أقام على دمشق ثمانين يومًا، وقد احترقت كلها وسقطت سقوف جامع بني أمية من الحريق، وزالت أبوابه وتفطَّر رخامه، ولم يبق غيرُ جُدُرِه قائمة، وذهبت مساجد دمشق ودورها وقياسرها وحماماتها وصارت أطلالًا بالية ورسومًا خالية، ولم يبقَ بها دابة تدب إلا أطفال يتجاوز عددهم آلاف، فيهم من مات، وفيهم من سيموت من الجوع!!

العام الهجري : 487 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1094
تفاصيل الحدث:

انهَزمَ بركيارق مِن عَسكرِ عَمِّهِ تتش. وكان بركيارق بنصيبين، فلمَّا سَمِعَ بمَسيرِ عَمِّهِ إلى أذربيجان، سار هو من نصيبين، وعَبَرَ دِجلةَ مِن بَلدٍ فوقَ المَوصِل، وسار إلى إربل، ومنها إلى بلدِ سرخاب بن بدرٍ إلى أن بَقِيَ بينه وبين عَمِّهِ تِسعةُ فَراسِخ، ولم يكُن معه غيُر ألف رَجُلٍ، وكان عَمُّه في خمسين ألف رَجُلٍ، فسارَ الأَميرُ يعقوبُ بن آبق مِن عَسكرِ عَمِّه، فكَبَسَهُ وهَزَمهُ، ونَهبَ سَوادَه، ولم يَبقَ معه إلا برسق، وكمشتكين الجاندار، واليارق، وهُم مِن الأُمراءِ الكِبارِ، فسار إلى أصبهان. فمَنَعَه مَن بِها مِن الدُّخولِ إليها، ثم أَذِنوا له خَديعةً منهم لِيَقبِضوا عليه، فلمَّا قارَبَها خَرجَ أَخوهُ المَلِكُ محمودٌ فلَقِيَهُ، ودَخلَ البلدَ، واحتاطوا عليه، فاتَّفقَ أنَّ أَخاهُ مَحمودًا حُمَّ وجُدِرَ، فأرادَ الأُمراءُ أن يَكحَلوا بركيارق، فماتَ محمودٌ آخر شَوَّال، فكان هذا مِن الفَرَجِ بعدَ الشِّدَّةِ، وجَلسَ بركيارق للعَزاءِ بأَخيهِ، ثم إن بركيارق جُدِرَ، بعدَ أَخيهِ، وعُوفِيَ وسَلِمَ، فلمَّا عُوفِيَ كاتَبَ مُؤَيِّدُ المُلْكِ وَزيرُه أُمراءَ العِراقيِّين، والخُراسانيِّين، واستَمالَهم، فعادوا كُلُّهم إلى بركيارق، فعَظُمَ شَأنُه وكَثُرَ عَسكرُه.

العام الهجري : 456 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1064
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الأَوحدُ، البَحرُ، ذو الفُنونِ والمَعارِف، العَلَّامَةُ أبو مُحمدٍ عليُّ بن أحمدَ بن سَعيدِ بن حَزْمِ بن غالبِ بن صالحِ بن خَلَفِ بن معد بن سُفيانَ بن يَزيدَ (مَولى يَزيدَ بن أبي سُفيانَ) الأُمَويُّ الفَقيهُ الحافظُ، المُتَكَلِّمُ، الأَديبُ، الوَزيرُ، الظَّاهريُّ، صاحبُ التَّصانيفِ. أَصلُ جَدِّهِ يَزيدَ من فارس، وهو أَوَّلُ مَن أَسلَم من أَجدادِه، وجَدُّهُ خَلَفٌ أَوَّلُ مَن دَخَلَ بِلادَ المَغرِب من آبائهِ زَمنَ عبدِالرحمن الدَّاخِل، وكانت بَلدُهم قُرطبةَ، ووُلِدَ ابنُ حَزمٍ بها في رمضان، سنة 384هـ، وكان والِدُه من كُبَراءِ أَهلِ قُرطُبة؛ عَمِلَ في الوِزارةِ للدَّولةِ العامِريَّة، فنَشأَ ابنُ حَزمٍ في تَنَعُّمٍ ورَفاهِيَةٍ، ورُزِقَ ذَكاءً مُفرِطًا، وذِهْنًا سَيَّالًا. فقَرأَ القُرآنَ واشتَغَلَ بالعُلومِ النَّافِعَةِ الشَّرعيَّةِ، وبَرَزَ فيها وَفاقَ أَهلَ زَمانِه. كان حافِظًا عالِمًا بعُلومِ الحَديثِ وفِقْهِهِ، مُستَنبِطًا للأَحكامِ من الكِتابِ والسُّنَّةِ بعدَ أن كان شافِعيَّ المَذهبِ، انتَقلَ إلى مَذهبِ أَهلِ الظَّاهرِ، وكان مُتَفَنِّنًا في عُلومٍ جَمَّةٍ، عامِلًا بِعِلمِه، زاهِدًا في الدُّنيا بعدَ الرِّياسَةِ التي كانت له ولأَبيهِ مِن قَبلِه في الوزارةِ وتَدبيرِ المَمالِكِ، مُتواضِعًا ذا فَضائلَ جَمَّةٍ. قال الذَّهبيُّ: "كان قد مَهَرَ أوَّلًا في الأَدبِ والأَخبارِ والشِّعْرِ، وفي المَنطِقِ وأَجزاءِ الفَلسفَةِ، فأَثَّرَت فيه تَأثيرًا لَيْتَهُ سَلِمَ من ذلك، ولقد وَقفتُ له على تَأليفٍ يَحُضُّ فيه على الاعتِناءِ بالمَنطِقِ، ويُقَدِّمُه على العُلومِ، فتَألَّمتُ له، فإنَّه رَأسٌ في عُلومِ الإسلامِ، مُتَبَحِّرٌ في النَّقْلِ، عَديمُ النَّظيرِ على يُبْسٍ فيه، وفَرْطِ ظاهِريَّةٍ في الفُروعِ لا الأُصولِ". وله تَصانيفُ وكُتُبٌ مَشهورةٌ كَثيرةٌ أَهَمُّها ((المُحَلَّى))، و((الفَصلُ في المِلَل والنِّحَل)).  ويُقال: إنَّه صَنَّفَ أربعمائةَ مُجَلَّدٍ في قَريبٍ من ثمانين ألف وَرَقَةٍ. وكان أَديبًا طَبيبًا شاعِرًا فَصيحًا، له في الطِبِّ والمَنطِقِ كُتُبٌ، كان مُصاحِبًا للشَيخِ أبي عُمرَ بن عبدِ البَرِّ النمري، ومُناوِئًا للشيخِ أبي الوليدِ سُليمانَ بن خَلفٍ الباجيِّ، وقد جَرَت بينهما مُناظراتٌ كَثيرةٌ، وكان ابنُ حَزمٍ كَثيرَ الوَقيعةِ في العُلماءِ بِلِسانِه وقَلَمِه لا يَكادُ يَسلَمُ أَحَدٌ من لِسانِه من العُلماءِ المُتقَدِّمين والمُتأخِّرين، حتى قيلَ: "كان لِسانُ ابنِ حَزمٍ وسَيفُ الحَجَّاجِ بن يوسفَ شَقِيقَينِ, لكَثرةِ وُقوعِه في الأئمةِ" فنَفَرَت عنه القُلوبُ،، فتَمالَأَ العُلماءُ على بُغضِه ورَدُّوا قَولَه واجمَعوا على تَضليلِه وشَنَّعُوا عليه, وحَذَّروا السَّلاطِينَ من فِتنَتهِ, ونَهوا عَوامَّهُم عن الدُّنُوِّ إليه والأَخذِ منه, فأَورَثَهُ ذلك حِقدًا في قُلوبِ أَهلِ زَمانِه، وما زالوا به حتى بَغَّضوهُ إلى مُلوكِهم، فطَردوهُ عن بلادِه حتى تَشَرَّدَ في الباديةِ ومع ذلك لم يرجِع عن أَقوالِه وأَفعالِه. كان ظاهِريًّا لا يقولُ بشيءٍ من القِياسِ لا الجَلِيِّ ولا غَيرِه، وهذا الذي وَضَعهُ عند العُلماءِ، وأَدخَلَ عليه خَطأً كَبيرًا في نَظَرِه وتَصرُّفِه وكان مع هذا مِن أَشَدِّ الناسِ تَأويلًا في باب الأُصولِ، وآياتِ الصِّفاتِ وأحاديثِ الصِّفاتِ، لأنَّه كان أَوَّلًا قد تَضَلَّع من عِلْمِ المَنطِق، أَخذَهُ عن محمدِ بن الحسنِ المُذحجيِّ الكِناني القُرطُبي، ففَسَدَ بذلك حالُه في بابِ الصِّفاتِ، قال الذَّهبيُّ: "قيلَ: إنَّه تَفَقَّهَ أوَّلًا للشافعيِّ، ثم أَدَّاهُ اجتِهادُه إلى القَوْلِ بنَفْيِ القِياسِ كُلِّهِ جَلِيِّهِ وخَفِيِّهِ، والأَخْذِ بظاهرِ النَّصِّ وعُمومِ الكتابِ والحديثِ، والقَولِ بالبَراءةِ الأصليَّة، واستِصحابِ الحالِ، وصَنَّفَ في ذلك كُتُبًا كَثيرةً، وناظَرَ عليه، وبَسَطَ لِسانَه وقَلَمَه، ولم يَتأَدَّب مع الأئمةِ في الخِطابِ، بل فَجَّجَ العِبارةَ، وسَبَّ وجَدَّعَ، فكان جَزاؤُه من جِنْسِ فِعْلِه، بحيث إنَّه أَعرَض عن تَصانيفِه جَماعةٌ من الأئمةِ، وهَجرُوها، ونَفَروا منها، وأُحرِقَت في وَقتٍ، واعتَنَى بها آخرون من العُلماءِ، وفَتَّشُوها انتِقادًا واستِفادةً، وأَخْذًا ومُؤاخَذةً، ورَأوا فيها الدُّرَّ الثَّمينَ مَمْزوجًا في الرَّصْفِ بالخَرزِ المهينِ، فتارةً يطربون، ومَرَّةً يعجبون، ومِن تَفَرُّدِه يَهزَؤون. وفي الجُملةِ فالكمالُ عَزيزٌ، وكلُّ أَحَدٍ يُؤخذُ من قَولِه ويُتركُ، إلَّا رَسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم, وكان يَنهضُ بِعُلومٍ جَمَّةٍ، ويُجيدُ النَّقْلِ، ويُحسِن النَّظْمَ والنَثْرَ. وفيه دِينٌ وخَيْرٌ، ومَقاصِدُه جَميلةٌ، ومُصنَّفاتُه مُفيدةٌ، وقد زَهِدَ في الرِّئاسَةِ، ولَزِمَ مَنزِلَه مُكِبًّا على العِلْمِ، فلا نَغلُو فيه، ولا نَجفُو عنه، وقد أَثنَى عليه قَبلَنا الكِبارُ. قال أبو حامد الغزالي: "وجدتُ في أَسماءِ الله تعالى كِتابًا أَلَّفَهُ ابنُ حَزمٍ يَدُلُّ على عِظَمِ حِفظِه وسَيَلانِ ذِهْنِهِ". وقال الإمامُ أبو القاسمِ صاعدُ بن أحمدَ: "كان ابنُ حَزمٍ أَجْمَعَ أَهلِ الأندَلُسِ قاطِبةً لِعُلومِ الإسلامِ، وأَوْسَعَهُم مَعرِفَةً مع تَوَسُّعِهِ في عِلْمِ اللِّسانِ، ووُفورِ حَظِّهِ من البَلاغةِ والشِّعْرِ، والمَعرِفَةِ بالسِّيَرِ والأَخبارِ". قال الحافظُ أبو عبدِ الله محمدُ بن فتوح الحُميدي: "ما رأينا مِثلَه فيما اجتَمَع له من الذَّكاءِ وسُرعَةِ الحِفظِ وكَرَمِ النَّفْسِ والتَّدَيُّنِ، وما رأيتُ مَن يقولُ الشِّعْرَ على البَديهةِ أَسرعَ منه". قال أبو القاسمِ صاعدٌ: "كان أَبوهُ مِن وُزَراءِ المَنصورِ محمدِ بن أبي عامرٍ، ثم وَزَرَ للمُظَفَّرِ، ووَزَرَ أبو محمدٍ للمُسْتَظْهِر عبدِ الرحمن بن هشامٍ، ثم نَبَذَ هذه الطَّريقَة، وأَقبلَ على العُلومِ الشَّرعيَّة، وعَنِيَ بِعِلْمِ المَنطِقِ وبَرَعَ فيه، ثم أَعرَض عنه". قُلتُ (الذهبي): "ما أَعرَض عنه حتى زَرَعَ في باطِنِه أُمورًا وانحِرافًا عن السُّنَّةِ". وقد حَطَّ أبو بكر بن العربي على أبي محمدٍ وعلى الظاهريَّةِ في كِتابِ القَواصِم والعَواصِم، فقال: "هي أُمَّةٌ سَخِيفةٌ، تَسَوَّرَت على مَرتَبةٍ ليست لها، وتَكلَّمَت بكَلامٍ لم تفهَمهُ". قلتُ (الذهبي): "لم يُنصِف القاضي أبو بكرٍ شَيْخَ أَبيهِ في العِلْمِ، ولا تَكلَّم فيه بالقِسْطِ، وبالَغَ في الاستِخفافِ به، وأبو بكرٍ فعَلَى عَظَمَتِه في العِلْمِ لا يَبلُغ رُتْبَةَ أبي محمدٍ، ولا يَكادُ، فرَحِمَهُما الله وغَفَرَ لهُما". ثم قال (الذهبي): "وَلِي أنا مَيْلٌ إلى أبي محمدٍ لِمَحَبَّتِهِ في الحَديثِ الصَّحيحِ، ومَعرِفَتِه به، وإن كنتُ لا أُوافِقُه في كَثيرٍ مما يَقولُه في الرِّجالِ والعِلَلِ، والمَسائِلِ البَشِعَةِ في الأُصولِ والفُروعِ، وأَقطعُ بخَطَئِه في غيرِ ما مَسألةٍ، ولكن لا أُكَفِّرُه، ولا أُضَلِّلُه، وأرجو له العَفْوَ والمُسامَحةَ وللمسلمين. وأَخضَعُ لِفَرْطِ ذَكائِه وسِعَةِ عُلومِه، ورَأيتُه قد ذَكَرَ – أي ابن حزم- قولَ مَن يقول: أَجَلُّ المُصنَّفاتِ (المُوطَّأ). فقال: بل أولى الكُتُبِ بالتَّعظيمِ (صَحيحا) البُخاريِّ ومُسلمٍ" وكانت وَفاتُه شَريدًا في البادِيَةِ بعدَ أن أَقْصَتْهُ المُلوكُ وشَرَّدَتْهُ عن بِلادِه حتى انتهى إلى بادِيَةِ لبلة فتُوفِّي بها آخرَ نهارِ الأحدِ للَيلتينِ بَقِيَتا من شعبان، وقيلَ: إنَّه تُوفِّي في منت ليشم، وهي قَريةٌ له، وقد جاوَزَ التِّسعين.

العام الهجري : 1399 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1979
تفاصيل الحدث:

عمِلَ الشاهُ ما سماه الثورة البيضاء والتي هدفُها إخضاعُ رجال الدينِ وأخْذ جزءٍ من ممتلكاتهم أيضًا، وكان الخمينيُّ قد سُجِن بسبب ردِّه على الشاه يوم رفَضَ تعدُّد الزوجات، ثم نُفيَ إلى تركيا، ثم إلى العراق، وعاش في النجف، ثم أُجبر على السفر من العراقِ، ورفضت الكويتُ استقباله فسافر إلى فرنسا، ومع ذلك كانت خُطبه وكلماتُه وحماسه يُنقَل إلى إيران فتحدُث بسببها أعمالُ شغب ومظاهرات، وحدثت عدَّة أعمال عنفٍ في عددٍ من المدن ووقعت الصِّدامات مع الشرطةِ، وكان يسقطُ الكثير من القتلى أثناءَ هذه الصداماتِ، وكلُّ هذه الأمور كانت مقدِّمةً للثورة، ثم أعلن الخمينيُّ من مكان إقامتِه في باريس في 9 ذي القعدة 1398هـ / 10 تشرين الأول 1978م أن الحكومةَ الإيرانيَّةَ قد دعته ليكفَّ عن نشاطه السياسيِّ، مما ألهب المظاهرات في اليوم التالي حتى اقترح حاكمُ طهران العسكري على الشاهِ تدميرَ مدينة قم كلِّها، وأما الخمينيُّ فاجتمعَ في باريس مع قادة المعارضةِ في سبيل التنسيقِ للحركةِ، وفي اليوم التالي لعاشوراء يوم حداد الرافضةِ تدفَّق مليونا متظاهرٍ يلبسون لباسَ الحداد، وهم يهتفون: الله أكبر، وكان الجيشُ على استعداد لأي عملٍ من المتظاهرين، ثم دعا الخمينيُّ الشعبَ إلى الجهادِ، واشتعلت نار الثورةِ وتحوَّلت من مظاهراتٍ إلى ثورة معارضةٍ تطالب بإسقاطِ النظامِ، وبدأ الشاه يسترضي الشعبَ حتى خرج في التلفازِ وقال: إنه سيعمَلُ ما يأمر به الشعبُ، وفي 7 صفر / 7 كانون الثاني 1979م صرَّح حسن منتظري بعد عودته من لقاءِ الخمينيِّ رفضه أية حكومة طالما بقِيَ الشاه، ولن تقبل سوى سقوطِ الشاهِ لإقامة جمهوريةٍ إسلاميةٍ، وذلك أن الشاهَ قد أعلن أنه يريد السفرَ خارجَ البلاد وترْك مجلس وصاية نيابةَ عنه، فغادرَ الشاه إيران في 7 صفر 1399هـ / 7 يناير إلى القاهرةِ، وأعلن الخمينيُّ أنه سيعودُ للبلاد وأنه لا يريد أن يكونَ رئيسًا عليها، ثم وصل الخمينيُّ إلى طهران في 4 ربيع الأول / شباط، وكان في استقبالِه في المطارِ ستَّةُ ملايين شخصٍ، وأحاطت هذه الجموعُ بالرجل ذي 80 عامًا، فاستقلَّ طائرة هليكوبتر ليُكمِلَ رحلته فوق رؤوس البشرِ الذين احتشدوا لاستقبالِه، ومع قدومه ذابتِ الدولةُ وسلطتُها وحكومتُها أمام شخصيتِه، وانضمَّت بعض وحدات الجيش إلى المتظاهرين، وأُعلِنَ أنَّ رحيلَ الشاه نهاية المطافِ؛ فالأهمُّ هو إنهاء التسلُّط الأجنبيِّ، ونقَلَ التلفاز وقائع وصولِه، وأعلن الخمينيُّ عدم شرعية الحكومةِ شهبور بختيار، وعين مهدي بازركان رئيسًا للوزراء، وأعلنت حكومة بختيار رئيس وزراء الشاه منع التجوُّل، لكنَّ الخمينيَّ ردَّ عليه بإعلان العصيان المدني، وكتب ورقةً نُقلت صورتُها على شاشة التلفازِ الذي استولى عليه أنصارُه، فيها: "تحدَّوا حظرَ التجول" فتدفَّق الشعب إلى الشارع، وتصاعدتْ حدَّة المواجهات، واستولى المتظاهرون على كميات كبيرةٍ من أسلحةِ الجيش، فجاء القائد الأعلى للقواتِ المسلَّحة الجنرال قرباغي إلى الخمينيِّ وأعلن استسلامَه وحيادَ الجيش في المواجهات التي تحدُث في المدن بين مؤيِّدي النظامين، وعادت القواتُ العسكريةُ إلى مواقِعها، وأعلن الخمينيُّ قيامَ الجمهورية الإسلاميَّة الإيرانية، وفرَّ شهبور بختيار إلى فرنسا؛ حيث اغتالَه هناك الحرسُ الثوريُّ الإيراني في 6 أغسطس عام 1991م. استمرَّت الثورة سنة كاملةً ذهب ضحيَّتها 76.311 قتيلًا وعشرات الآلافِ من الجرحى، ورفعت الثورةُ الإسلامية في إيرانَ الشعاراتِ التي يمكن أن يسيرَ الشعبُ وراءها ويقبلها؛ وذلك لكسبِ التأييد، فطرحت العملَ بالإسلام دون إعلان الانتسابِ الشيعيِّ المرفوض في العالم الإسلاميِّ، كما أعلنوا معاداةَ الدول الصليبيَّة وخاصَّة أمريكا، وأعلنوا التأييدَ للقضية الفلسطينيةِ وأنها ستعملُ على تخليص أرضِ الشام ممن دنَّسها، وصرَّح الخمينيُّ أنه سيقطع علاقاتِه مع إسرائيلَ، ثم بدا للعالم الإسلامي النوايا عندما أظهر الخميني والقادة معه العقيدةَ الرافضية فخَفَّ التأييد العالمي الإسلامي بل انعدم في أكثرها.

العام الهجري : 1435 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 2014
تفاصيل الحدث:

سيطَرَ مقاتِلو بوكو حرام على مُعظَمِ مناطِقِ ولاية بورنو شماليَّ البلاد. وقَبْلَ ذلك كانتْ جماعةُ بوكو حرام تُسيطِرُ على عددٍ من المُدُن شمالَ شرقيِّ البلاد من "غمبورو نغالا"، و"غووزا" في ولاية بورنو، إلى "يوني يادا" في ولاية يوبي، وحتى "مادغالي" و"غولاك" في ولاية أداماوا.

العام الهجري : 473 العام الميلادي : 1080
تفاصيل الحدث:

مَلَكَ شَرفُ الدولةِ مُسلمُ بن قُريشٍ العقيليُّ، صاحبُ المَوصِل، مَدينةَ حَلَب؛ وسَببُ ذلك أنَّ تاجَ الدولةِ تتش بن ألب أرسلان حَصرَها مَرَّةً بعدَ أُخرى، فاشتَدَّ الحِصارُ بأَهلِها، وكان شَرفُ الدولةِ يُواصِلُهم بالغَلَّاتِ وغَيرِها. ثم إنَّ تتش حَصرَها هذه السَّنَةَ، وأَقامَ عليها أيامًا ورَحلَ عنها ومَلَكَ بزاعة والبيرة، وأَحرقَ ربض عزاز، وعادَ إلى دِمشقَ. فلمَّا رَحلَ عنها تاجُ الدولةِ استَدعَى أَهلُها شَرفَ الدولة لِيُسلِّموها إليه، فلمَّا قارَبَها امتَنَعوا من ذلك، وكان مُقدِّمُهم يُعرفُ بابنِ الحتيتي العباسيِّ، فاتَّفقَ أنَّ وَلَدَهُ خَرجَ يَتصيَّد بِضَيْعَةٍ له، فأَسَرَهُ أَحدُ التُّركمان، وهو صاحبُ حِصنٍ بنواحي حَلَب، وأَرسلَه إلى شَرفِ الدولةِ، فقَرَّرَ معه أن يُسلِّم البلدَ إليه إذا أَطلقَه، فأَجابَ إلى ذلك، فأَطلَقَه، فعادَ إلى حَلَب، واجتَمعَ بأَبيهِ، وعَرَّفَه ما أَقَرَّ به لشَرفِ الدولةِ، فأَذعَن إلى تَسليمِ البلدِ، ونادَى بشِعارِ شَرفِ الدولةِ، وسَلَّمَ البلدَ إليه، فدَخلَه سَنةَ 473هـ، وحَصرَ القَلعةَ، واستَنزلَ منها سابقًا ووَثَّابًا ابني محمودِ بن مرداس، فلمَّا مَلَكَ البلدَ أَرسلَ وَلدَه -وهو ابنُ عَمَّةِ السُّلطانِ- إلى السُّلطانِ يُخبِرُه بمُلْكِ البلدِ، وأَنفذَ معه شَهادةً فيها خُطوطُ المعدلين بحَلَب بضَمانِها، وسألَ أن يُقرِّر عليه الضَّمانَ، فأَجابهُ السُّلطانُ إلى ما طَلَبَ، وأَقطعَ ابنَ عَمَّتِه مَدينةَ بالس.

العام الهجري : 469 العام الميلادي : 1076
تفاصيل الحدث:

قَدِم ابنُ القُشيريُّ بغدادَ فجَلسَ يَتكلَّم في النِّظاميَّةِ وأَخذَ يَذُمُّ الحَنابلةَ ويَنسُبُهم إلى التَّجسِيمِ، وساعَدهُ أبو سعدٍ الصُّوفيُّ، ومالَ معه الشيخُ أبو إسحاقَ الشِّيرازيُّ، وكَتبَ إلى نِظامِ المُلْكِ يَشكُو إليه الحَنابلةَ ويَسأَلُه المَعونةَ عليهم، وذَهبَ جَماعةٌ إلى الشَّريفِ أبي جَعفرِ بن أبي موسى شَيخِ الحَنابلةِ، وهو في مَسجدِه فدافَعَ عنه آخرون، واقتَتَل الناسُ بسَببِ ذلك، وقُتِلَ رَجلٌ خَيَّاطٌ من سُوقِ التِّبنِ، وجُرِحَ آخرون، وثارَت الفِتنةُ بين الحَنابلَةِ وبين فُقهاءِ النِّظاميَّةِ، وحَمِيَ لكلٍّ مِن الفَريقينِ طائفةٌ من العوامِّ، وقُتِلَ بينهم نحوٌ من عِشرينَ قَتيلًا، وكَتبَ الشيخُ أبو إسحاقَ وأبو بكرٍ الشاشيُّ إلى نِظامِ المُلْكِ في كِتابِه إلى فَخرِ الدولةِ يُنكِر ما وَقعَ، ويَكرَهُ أن يُنسَب إلى المَدرسةِ التي بناها شيءٌ من ذلك، وعَزمَ الشيخُ أبو إسحاقَ على الرِّحلَةِ من بغدادَ غَضَبًا ممَّا وَقعَ من الشَّرِّ، فأَرسلَ إليه الخَليفةُ يُسَكِّنُهُ، ثم جَمعَ بينه وبين الشَّريفِ أبي جعفرٍ وأبي سعدٍ الصُّوفيِّ، وأبي نصرِ بنِ القُشيريِّ، عند الوَزيرِ، فأَقبلَ الوَزيرُ على أبي جعفرٍ يُعَظِّمُهُ في الفِعالِ والمَقالِ، وقام إليه الشيخُ أبو إسحاقَ فقال: أنا ذلك الذي كنتَ تَعرِفُه وأنا شابٌّ، وهذه كُتُبِي في الأُصُولِ، ما أقولُ فيها خِلافًا للأَشعَرِيَّةِ. ثم قَبَّلَ رَأسَ أبي جَعفرٍ، فقال له أبو جَعفرٍ: صَدقتَ، إلَّا أنَّك لمَّا كُنتَ فَقيرًا لم تُظهِر لنا ما في نَفسِك، فلمَّا جاءَ الأَعوانُ والسُّلطانُ وخواجه بزك - يعني نِظام المُلْكِ- وشَبِعتَ، أَبدَيتَ ما كان مُختَفِيًا في نَفسِك، وقام الشيخُ أبو سعدٍ الصُّوفيُّ وقَبَّلَ رَأسَ الشَّريفِ أبي جَعفرٍ أيضًا وتَلطَّفَ به، فالتَفتَ إليه مُغضَبًا وقال: أيها الشيخُ، أمَّا الفُقهاءُ إذا تَكلَّموا في مَسائلِ الأُصولِ فلهم فيها مَدخَلٌ، وأمَّا أنت فصاحِبُ لَهْوٍ وسَماعٍ وتَغْبِيرٍ، فمَن زاحَمَكَ مِنَّا على باطلِك؟! ثم قال: أيها الوَزيرُ أَنَّى تُصلِح بيننا؟ وكيف يَقعُ بيننا صُلْحٌ ونحن نُوجِبُ ما نَعتَقِدُه وهُم يُحَرِّمُون ويُكَفِّرُون؟! وهذا جَدُّ الخَليفةِ القائم والقادر قد أَظهرَا اعتِقادَهُما للناسِ على رُؤوسِ الأَشهادِ على مَذهبِ أَهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ والسَّلَفِ، ونحن على ذلك كما وَافقَ عليه العِراقِيُّونَ والخُراسانِيُّونَ، وقُرِئَ على الناسِ في الدَّواوينِ كلِّها، فأَرسلَ الوَزيرُ إلى الخَليفةِ يُعلِمُه بما جَرَى، فجاءَ الجَوابُ بِشُكرِ الجَماعةِ وخُصوصًا الشَّريفَ أبا جَعفرٍ، ثم استَدعَى الخَليفةُ أبا جَعفرٍ إلى دارِ الخِلافةِ للسلامِ عليه، والتَّبَرُّكِ بِدُعائِه.

العام الهجري : 53 ق هـ العام الميلادي : 571
تفاصيل الحدث:

اختلفَ أهلُ السِّيَر والتَّاريخِ في تحديدِ يومِ وشهرِ وِلادتِه صلى الله عليه وسلم واتَّفقوا على أنَّ مِيلادَه صلى الله عليه وسلم كان يومَ الاثنينِ من عامِ الفيلِ.قال ابنُ القيِّم: "لا خِلافَ أنَّه وُلِدَ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم بجَوفِ مكَّة، وأنَّ مَولِدَه كان عامَ الفيلِ". عنِ ابنِ عبَّاس رضِي الله عنهُما أنَّه قال: (وُلِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفيلِ)، وهو الَّذي لا يَشكُّ فيه أحدٌ من العلماءِ. ونقل خليفةُ بنُ خيَّاط وابنُ الجزَّار وابنُ دِحيةَ وابنُ الجوزيِّ فيه الإجماعَ. وأمَّا مولدُه يومَ الاثنينِ، فعن أبي قَتادةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال: " سُئل صلى الله عليه وسلم  عن صومِ يومِ الاثنينِ؟ قال: "ذاكَ يومٌ وُلدتُ فيهِ، ويومٌ بُعثتُ أو أُنزلَ عليَّ فيهِ". قال ابنُ كَثيرٍ: "وأبعدَ بل أخطأَ مَن قال: وُلِدَ يومَ الجُمعةِ لِسبعَ عشرةَ خلتْ من ربيعٍ الأوَّلِ". أمَّا موضعُ الخِلافِ فقد كان في تحديدِ الشَّهرِ واليومِ منه،  رَوى ابنُ إسحاقَ عن نَفَرٍ من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسولَ الله، أخبرنا عن نَفسِك. قال: (نعمْ، أنا دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبُشرى عيسى، ورأتْ أمِّي حين حملتْ بي أنَّه خرج منها نورٌ أضاءَ لها قُصورَ الشَّام). وكانت وِلادتُه صلى الله عليه وسلم بعدَ وفاةِ والدِه عبدِ الله، حيث كان حَمْلًا في بطنِ أمِّه حين تُوفِّي والدُه، فنشأ صلى الله عليه وسلم يتيمًا. وكانت وِلادتُه في دارِ أبي طالبٍ بِشِعبِ بني هاشمٍ.

العام الهجري : 221 العام الميلادي : 835
تفاصيل الحدث:

خرج المعتَصِمُ إلى سامِرَّا لبنائِها، وكان سببُ ذلك أنَّه قال إني أتخوَّفُ هؤلاء الحربيَّةَ أن يَصيحوا صيحةً فيَقتُلوا غِلماني، فأريدُ أن أكونَ فوقهم، فإن رابني منهم شيءٌ أتيتُهم في البَرِّ والماء، حتى آتيَ عليهم، فخرج إليها فأعجَبَه مكانَها، وقيل: كان سببُ ذلك أنَّ المعتصِمَ كان قد أكثَرَ مِن الغِلمان الأتراك، فكانوا لا يزالونَ يَرَون الواحِدَ بعد الواحدِ قتيلًا، وذلك أنَّهم كانوا جفاةً، يركبون الدوابَّ، فيَركُضونَها إلى الشوارع، فيَصدِمون الرجُلَ والمرأةَ والصبيَّ، فيأخُذُهم الأبناءُ عن دوابِّهم، يَضرِبونَهم، وربما هلك أحَدُهم فتأذَّى بهم الناس. ثمَّ إن المعتَصِمَ رَكِبَ يومَ عيد، فقام إليه شيخٌ فقال له: يا أبا إسحاق، فأراد الجندُ ضَربَه، فمنعهم وقال: يا شيخُ، ما لك، ما لك؟ قال: لا جزاك اللهُ عن الجِوارِ خَيرًا، جاوَرْتَنا وجِئتَ بهؤلاء العُلوجِ مِن غِلمانِك الأتراك، فأسكَنْتَهم بيننا، فأيتمْتَ صِبيانَنا وأرمَلْتَ بهم نسوانَنا وقتَلْتَ رِجالَنا؛ والمعتَصِمُ يسمع ذلك، فدخل منزلَه، ولم يُرَ راكبًا إلى مثل ذلك اليومِ، فخرج فصلى بالناس العيدَ، ولم يدخُل بغداد، بل سار إلى ناحيةِ القاطول، ولم يرجِعْ بغداد. قال مسرور الكبير: سألني المعتَصِمُ أين كان الرشيدُ يتنَزَّه إذا ضَجِرَ ببغداد، قلت: بالقاطول، وكان قد بنى هناك مدينةً آثارُها وسورُها قائم، وكان المعتصِمُ قد اصطنع قومًا من أهلِ الحوف بمصر، واستخدمهم وسمَّاهم المغاربة، وجمع خَلقًا من سمرقند، وأشروسنة، وفرغانة، وسمَّاهم الفراغنة، فكانوا من أصحابِه، وبَقُوا بعده، فبُني بها الجامِعُ المشهورُ بمنارته الملْتَوية ذات الدَّرج الخارجي الملتَفِّ على المنارة، ويُذكَرُ أنَّ أصلَ الكلمةِ هو سُرَّ مَن رأى، ثم صارت سامِرَّا.

العام الهجري : 1428 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 2007
تفاصيل الحدث:

ضربَ إعصارُ "جونو" المداري العنيفُ سواحلَ سَلْطنة عُمانَ المطلةَ على بحر العرب، وبلغَت شدةُ رياحه 200 كيلومترٍ فى الساعة، ووصل ارتفاعُ الأمواج إلى 12 مترًا، وبدأت الأمطار بالهطول على جزيرة "مصيرة"، ومنطقة "رأس الحد" بشرق البلاد قبلَ وصولِ الإعصار.

العام الهجري : 1391 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1972
تفاصيل الحدث:

بعدَ أنِ انتهَت الحربُ الباكستانية الهِنْدية الثالثة التي لم تَستمِرَّ إلا أسبوعينِ، وانتهَت بهزيمة الجيشِ الباكستاني هَزيمة مُنكَرةً، أُسِر فيها 93 ألفَ جُنديٍّ باكستاني. كما أدَّت إلى انفصال القِسم الشرقيِّ من باكستانَ وقِيام دولة بنغلاديش، فخرَجَت مُظاهراتٌ في باكستانَ تطالِبُ باستمرار الحرْب، وتقديمِ الرئيسِ يحيى خان للمُحاكَمة بسبب تَقصيرِه، فاسْتَدعى الرئيسُ يحيى خان من نيويورك ذا الفقار علي بوتو (الذي كان هناك يَعرض قضيَّة بِلاده على هيئة الأُمَم)، فسلَّمه السُّلطة في 3 من ذي القعدة / 20 ديسمبر؛ ليصبحَ رئيسًا لباكستان، وغادر يحيى خان البلادَ إلى إيرانَ، لكنه لم يَلبَثْ طويلًا فعاد، وبقِيَ تحت الإقامة الجَبْرية في بَيته.

العام الهجري : 800 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1398
تفاصيل الحدث:

ركِبَ السلطان الظاهر برقوق بعد صلاة الظهر يريد المقياسَ من شهر ذي القعدة، وفتح الخليج على العادة، ومعه الأمراء إلا الأمير ألي باي الخازندار؛ فإنه كان قد انقطع في داره أيامًا لمرض نزل به فيما أظهره، وفي باطن أمره أنَّه قصد الفتك بالسلطان؛ فإنه علم أنَّه إذا نزل الخليج يدخل إليه ويعودُه على ما جرت به عادتُه مع الأمراء، فدبَّر اغتَيال السلطان، وأخلى إسطبله وداره من حريمه وأمواله، وأعدَّ قومًا اختارهم لذلك، وكان سبب هذا فيما يظهرُ أن بعض مماليكه المختصِّين به وكان شاد شراب خاناته تعرَّض لجارية من جواري الأمير أقباي الطرنطاي، يريد منها ما يريدُه الرجل من المرأة، وصار بينهما مُشاكلةٌ، فبلغ ذلك أقباي، فقَبَض عليه وضربه ضربًا مبرِّحًا، فحنق ألي باي وشكاه للسلطان فلم يلتفِت إلى قولِه، وأعرض عن ذلك، وكان ألي باي في زعمه أن السلطان يزيل نعمة أقباي لأجله، فغضِبَ من ذلك وحرَّك ما عنده من البغي الكامن، فلما فتح السلطان الخليجَ وركب إلى جهة القلعة اعترضه مملوكٌ من خشداشيته -زملاء عمله- اليلبغاوية، يُعرَف بسودن الأعور، وأسَرَّ إليه أنَّ دارَه التي يسكنها تُشرِفُ على إسطبل الأمير ألي باي، وأنَّه شاهد مماليك ألي باي وقد لبسوا بدلةَ الحرب، ووقفوا عند بوائك الخيل، وستروا البوائِكَ بالأنخاخ لِيَخفى أمرهم، فكتم السلطانُ الخبر، وأمر الأميرَ أرسطاي رأس نوبة أن يتوجَّه إلى دار الأمير ألي باي، ويُعلِمَهم أنَّ السلطانَ يدخل لعيادته، فلما أُعلِمَ بذلك اطمأنُّوا، ووقف أرسطاي على باب ألي باي ينتظر قدوم السلطان، وعندما بعث السلطان أرسطاي أمير الجاويشية بالسكوتِ، وأخذ العصابةَ السلطانية التي تُرفَعُ على رأس السلطان فيُعلَم بها مكانه، يريد بذلك تعميةَ خبرِه، وسار إلى تحت الكبش، وهو تجاه دار ألي باي، والناس من فوقه قد اجتمعوا لرؤية السلطان، فصاحت به امرأةٌ: لا تدخُل؛ فإنهم قد لبسوا آلة القتال، فحرَّك فرسه وأسرع في المشيِ ومعه الأمراء، ومن ورائه المماليكُ، يريد القلعة، وأما ألي باي فإنَّ بابه كان مردودَ الفردتين، وضبته مطرفة ليمنَعَ من يدخل حتى يأتيَ السلطان، فلما أراد اللهُ مَرَّ السلطان حتى تعدَّى بابه، وكان في طريقِه، فلم يعلموا بمروره حتى تجاوزَهم بما دبرَّه من تأخير العصائب وسكوت الجاويشية، وخرج أحد أصحاب ألي باي يريد فتح الضبة فأغلقها، وإلى أن يحضر مفتاح الضبة ويفتح فاتهم السلطان، وصار بينهم وبينه سدٌّ عظيم من الجمدارية، قد ملؤوا الشارع بعرضه، فخرج ألي باي بمن معه لابسين السلاح، وعمدهم نحو الأربعين فارسًا يريد السلطان، وقد ساق ومعه الأمراء حتى دخل باب السلسلة، وامتنع بالإسطبل، فوقف ألي باي تجاه الإسطبل بالرميلة تحت القلعة، ونزل إليه طائفةٌ من المماليك السلطانية لقتاله، فثبت لهم وجُرح جماعة، وقُتِل من السلطانية بيسق المصارِع ثم انهزم ألي باي، وتفرَّق عنه من معه، هذا وقد ارتجَّت مصر والقاهرة، وجفل الناسُ من مدينة مصر، وكانوا بها للفرجة على العادة في يوم الوفاء، وطلبوا مساكِنَهم خوفًا من النهابة، وركب يلبغا المجنون ومعه مماليكه لابسين بدلة القتال يريد القلعة، واختلف الناسُ في السلطان، وأرجفوا بقتله وبفراره، وتباينت الأقوالُ فيه، واشتد الخوفُ وعَظُم الأمر، وبات السلطانُ بالإسطبل، وقد نَهَبت العامة بيت ألي باي وخرَّبوه، ونهبوا دار الأمير يلبغا المجنون وخربوها، وأما ألي باي فإنه لما تفرَّق عنه أصحابه اختفى في مستوقد حمام، فقُبِض عليه، وحُمِل إلى السلطان فقَيَّده وسجنه بقاعة الفضة من القلعة، فلما أصبح نهار الأحد نزع العسكر آلةَ الحرب وتفرَّقوا، وعُصر ألي باي، فلم يُقِرَّ على أحد، وأُحضر يلبغا المجنون فحلف أنه لم يوافقْه، ولا عِلمَ بشيء من خبره، وأنه كان مع الوزير بمصر.

العام الهجري : 1337 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1918
تفاصيل الحدث:

بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحربِ العالمية الأولى، وإعلان هُدنةِ مودروس؛ وصل الجنرال اللنبي قائِدُ الإنجليز استانبولَ وطلب من الحكومةِ التركية تعيينَ مصطفى كمال قائدًا للجيش السادس بالقُربِ مِن الموصل حيث تهمُّ هذه المنطقة إنجلترا، وأثناء انسحاب مصطفى كمال من حلبٍ اقترح تشكيلَ وزارة جديدة برئاسةِ عزة باشا الأرناؤوط؛ لتخلُف وزارة الاتحاديين برئاسة طلعت باشا، وعلى أن يتولى هو في هذه الوَزارةِ الجديدة وزارةَ الحربية. تشَكَّلَت وزارةٌ جديدة برئاسة الأرناؤوط وضَمَّت عددًا ممن رشَّحهم مصطفى كمال لمناصِبَ وزارية، أما هو فلم يوافِقْ عليه الخليفةُ العثماني. فأخذ مصطفى يتقَرَّب من حزب أنصار الحرية والائتلاف الذي كان يتعاونُ مع سلطات الاحتلال، لكِنَّ الحزب لم يهتَمَّ به، ثم خطب مصطفى صبيحةَ بنت الخليفة العثماني وحيد الدين، فرفض طلَبه مباشرةً، كانت سلطاتُ الاحتلال تقبِضُ على كلِّ من يعود من القادة الأتراك من الجبهاتِ، ثم يُنفى إلى مالطة إلا مصطفى كمال فقد تركوه وشأنَه. كان الخليفةُ وحيد الدين ورئيسُ وزرائه فريد باشا يحسِنانِ الظَّنَّ بمصطفى كمال، فكَلَّفاه سرًّا بالقيام بثورة في شرق الأناضول، لعَلَّ هذه الثورة تُسهِمُ في الحدِّ من شروط الصلح القاسية التي فُرِضَت على الدولة. قَبِلَ مصطفى بالمهمَّة وزوَّده الخليفةُ بالمال ومَنَحَه منصِبَ مفتشٍ عامٍّ على الجيوش، ولَمَّا بُلِّغت الحكومةُ العثمانيةُ مِن الحلفاء بأنَّ الجيشَ اليونانيَّ سينزل أزمير، وعلى الحكومةِ عدَمُ مقاومتِه، فبعد نزولِ اليونانيين بيومين نزل مصطفى في ميناء أزمير من سفينة إنجليزية بشكلٍ مفاجئٍ للجميع، ثم أعلن الثورةَ على الدولة العثمانية، وتمرَّد على السلطان العثماني، وانزعجت الحكومةُ من تصرفاته، واحتجَّ الحُلَفاءُ في استانبول على الأعمالِ التي يقومُ بها مصطفى كمال في الأناضول؛ لإعطائه صفةَ الوطنية والإخلاصِ لأمَّتِه، فظهر كمال كمُنقذٍ للأمة، وتبعه وأيَّده كثيرٌ من الأتراك، ثم طلب الحلفاءُ مِن الحكومة استقدامَه إلى استانبول ووضْعَه تحت الرقابة، فدُعِيَ مِن قِبَل الوزارة، لكِنَّه لم يستجِبْ، فهدَّد الحلفاءُ بإعادة الحرب، فاضطرَّت الحكومةُ إلى إقالة مصطفى من منصِبِ المفتِّش العام، فقابل الإقالةَ بالاستقالة من الجيشِ، واتصل سرًّا بالإنجليز، ثم دعا إلى عقد مؤتمر في أرضروم، فانتُخب مصطفى رئيسًا له، ثم دعا مصطفى إلى مؤتمر أوسَعَ يشمَلُ تركيا كلَّها، فعُقِدَ مؤتمرُ سيواس في 13 ذي الحجة 1337هـ، وكانت الحكومةُ في استانبول ترى إلغاءَ المؤتمر واعتقالَ أعضائه، والحلفاءُ يؤيِّدون الحكومةَ في رأيهم لإعطاء مصطفى كمال مزيدًا من القوة، وجَعْله زعيمًا وطنيًّا يقاوم المحتَلَّ. عُقِد المؤتمَرُ وانتُخِبَ مصطفى رئيسًا له وشُكِّلَت فيه جمعيةٌ تُعنى بالدفاع عن كامل الوطنِ، وانتُخِبَت هيئةٌ تمثيليةٌ بقي أعضاؤها في سيواس. غادر مصطفى كمال سيواس إلى أنقرة التي اتخذَها مقرًّا له. احتلَّ الإنجليز باسم الحلفاء استانبول بشكلٍ كاملٍ في جمادى الآخرة 1338هـ / آذار 1920م، وبدأت الاعتقالاتُ في صفوف المؤيِّدين لمصطفى كمال، ثم نُفُوا إلى مالطة؛ لإظهارِ خلافهم مع مصطفى، وفَرَضت الحكومةُ الرقابةَ على الصحُفِ ووسائِلِ الإعلام، وراقب الإنجليزُ الوزارةَ وطلبوا بطاعةِ أوامر الخليفة؛ لينفِرَ منه الشعبُ ويتعلَّقَ أكثَرَ بمصطفى كمال الذي يعمَلُ فيما يبدو للناس ضِدَّ الإنجليز المحتلين، وأنَّه لم يتحرَّكْ ضِدَّ الخليفة إلا لأنَّه مؤيَّدٌ مِن قِبَل المحتلين، وهذا ما جعل الأتراك يرتبطون بكمال ويؤيدونه ويسيرون وراءه. في رجب 1338هـ حُلَّ المجلسُ النيابي وشُكِّل مجلِسٌ جديدٌ برئاسة فريد باشا صِهرِ الخليفة بطلبٍ مِن الإنجليز وضَغطٍ منهم؛ ليظهَرَ للنَّاسِ أن الخليفةَ وحكومتَه يسيرانِ برأي الأعداء، فيتَّجِهَ الناسُ أكثر إلى مصطفى كمال الذي يبدو أنَّه على خلاف مع المحتلين، وأنَّه عدوُّهم الأول، فلما استبَدَّ فريد باشا بحُكمِه تضايقَ السكانُ وأحبُّوا الخلاص منه، وليس لهم من طريقٍ سوى مصطفى كمال. جرت انتخاباتٌ ونجح مصطفى غيابيًّا عن أنقرة، فعُقِد مؤتمرٌ ونصب نفسه رئيسًا للمجلس وللهيئة التنفيذية، ثم أظهر التدينَ ولَبِسَ شعاره، وأعلن أن أولَ جلسة ستُفتتح بعد صلاة الجمعة في هذا اليوم المبارك في أنقرة، وعندما ألقى الخطبةَ الافتتاحية أكثَرَ من مدح الخلافةِ، وأنَّ كُلَّ ما فعله في الأناضول وانتقاله إليها كان بمعرفة الخليفة وأمرِه. أصدر شيخ الإسلام في استانبول فتوى ضدَّ مصطفى كمال فضَعُف مركزُه، وسيَّرَ الخليفةُ حملةً إلى كردستان فانضَمَّت لها كلُّ أجزاء الأناضول باستثناء أنقرة التي أرسل إليها الخليفةُ حملةً لإخضاعها لسلطانه، وكادت أوراقُ مصطفى كمال تتساقط وينتهي أمرُه، لولا تدارُكُ أسيادِه الإنجليز بإعلانِ معاهدة سيفر المجحفة بأسلوبٍ إعلامي مثيرٍ، فهاج الشعبُ ضِدَّ الخليفة الذي وقَّع عليها هو وحكومته برئاسة فريد باشا، وإن كانا مُكرَهينِ، فعاد الناسُ إلى تأييد مصطفى كمال ورجال الحملة التي وجهها الخليفةُ إلى أنقرة انقلبت من ضد كمال لتصبِحَ معه، حتى أصبح مصطفى يفكِّرُ في الهجوم على العاصمة استانبول، فالأمرُ في غاية الوضوح أنَّ الخليفةَ والحكومة مع الإنجليز في الظاهر، وهما أعداء لها واقعًا, ومصطفى كمال يهاجِمُ الإنجليز في الظاهر ويتَّفِقُ معهم في الحقيقة. جاء إعلان معاهدة سيفر في الوقت المناسِب، فانتصر مصطفى كمال على حملةِ الخليفة في أنقرة، وعلت مكانتُه وأرادت إنجلترا أن تقطِفَ ثمار تخطيطها؛ فقد غدا صنيعتُها في موقفٍ يؤهِّلُه لتسلُّم المنصِبِ الأول، فدعت بريطانيا إلى عقدِ مؤتمر في لندن لحلِّ المسألة الشرقية مع تركيا، فوجَّهت دعوةً لحكومة استانبول الحكومةِ الشرعيةِ، وهي المعنيةُ بالتفاوض بشأن الصلحِ، كما أن الإنجليزَ وجَّهوا دعوةً كذلك لحكومة مصطفي كمال في أنقرة، وهذا اعترافٌ منهم ضمنيًّا بحكومة أنقرة، وبلغ من جرأةِ حكومة أنقرة أنَّها رفضت دعوةَ حكومة استانبول؛ لأنَّها هي الممثِّل الوحيد للشعب التركي والمدافِع عن حقوقه. حضر في لندن ممثِّلون عن الحكومتين، وحرصًا على وحدة الصَّفِّ ترك وفدُ استانبول الحديثَ لوفد أنقرة، وفَشِلَ المؤتمر لكِنْ ظَهَرت حكومةُ أنقرة كممَثِّل رئيس للشعب التركي. اتصل مصطفى كمال بالفرنسيين واعترف لهم بحقِّهم في سوريا ولبنان، فكسب رضاهم واعترفوا به كممثِّل لدولة تركيا الحديثة، ثم اتصل بروسيا الشيوعية وعقدَ معهم معاهدةً في رجب 1339هـ / 16 آذار 1921م تنازل لها عن منطقة آجاريا (جورجيا) فرَضِيَت عنه واعترفت بحكومته في أنقرة، على أنها تمثِّل الدولة الحديثة للأتراك، واتصل بإيطاليا التي اعترفت بحكومتِه وتنازل لها عن منطقة أضاليا -جنوب غرب تركيا- التي دخلتها أثناء الحرب، فاتجهت الأنظارُ إلى مصطفى كمال كمنقذٍ لتركيا وممثِّل لدولة تركيا الحديثة، وأُغلِقَت كلُّ القنوات أمام الخليفة وبهذا نجحت اللعبةُ الدولية التي حبكتها إنجلترا مع دول الحُلفاء؛ وفي 17 ربيع الأول أُقيلَت حكومةُ السلطان في استانبول بضغطٍ مِن إنجلترا، وتنازل السلطانُ وأُبعِدَ عن البلاد، ثم بحثت إنجلترا مع حكومةِ أنقرة موضوع إلغاء السلطنة وإعلان تركيا دولة علمانيةً، وهو شرطُ اعتراف الحلفاء بدولة تركيا الحديثة، فأعلنت حكومةُ أنقرة إلغاءَ السلطنة، وفَصْل الدين عن الدولة، فسُرَّ الحلفاءُ بهذا الإعلان، ودَعَوا حكومةَ أنقرة إلى لوزان؛ لإعادة النظر في بنود معاهدة سيفر، وكان مصطفى كمال يشكِّل حكوماتٍ بدون برامج، ويعَيِّنُ من يشاء ويعزل من يشاء حسَبَ مزاجِه الخاص، أو ما يقَدَّمُ له من خِدماتٍ. تشكَّلَ الوفدُ إلى مؤتمر الصلح في لوزان من وزير الخارجية عصمت إينونو، ووزير الصحة، وخبير مالي، وجاء الحلفاءُ، وهم: إنجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، واليونان، والولايات المتحدة الأمريكية، وكان الأمرُ كُلُّه بيد إنجلترا، وتم تعديل بنودِ معاهدة سيفر بعد جولتينِ تمَّت بين الأطراف بعد أن أعدَّ البنودَ الجديدة كبيرُ حاخام اليهود في الدولة العثمانية حاييم ناعوم، ومستشار إيطاليا ماتر سالم -يحمل جنسية عثمانية- مع الوفد التركي إلى لوزان، وكان إلغاءُ الخلافة وتَرْك الموصِل شرطين أساسيين لاستقلال تركيا. اجتمع المجلسُ النيابي في أنقرة بن20 ربيع الأول 1342هـ/ 30 أكتوبر 1923م وقرَّر إلغاءَ السلطنة وإعلان الجمهورية، وانتُخِبَ مصطفى كمال رئيسًا للجمهورية، وبعد يومين وُقِّع الصلحُ في لوزان، وأُطلِقَت المدافعُ في تركيا؛ ابتهاجًا بهذا التوقيع.

العام الهجري : 478 العام الميلادي : 1085
تفاصيل الحدث:

هو أبو المَعالِي عبدُ المَلِكِ ابنِ الشيخِ أبي محمدٍ عبدِ الله بن يوسفَ بن محمدِ بن حيويهِ، الجُوينيُّ، الفَقيهُ الشافعيُّ، المُلَقَّب ضِياءَ الدِّين، المعروف بإمامِ الحَرمَينِ؛ أَعلمُ المُتأخِّرين مِن أَصحابِ الإمامِ الشافعيِّ على الإطلاقِ، المُجْمَع على إِمامَتِه، المُتَّفَق على غَزارَةِ مادَّتِه، وتَفَنُّنِه في العُلومِ من الأُصولِ والفُروعِ والأَدَبِ وغَيرِ ذلك، وُلِدَ في مُحرَّم سَنةَ 419هـ, وقد رُزِقَ مِن التَّوَسُّعِ في العِبارَةِ ما لم يُعهَد مِن غَيرِه، وكان يَذكُر دُروسًا يَقعُ كلُّ واحدٍ منها في عِدَّةِ أَوراقٍ ولا يَتَلَعْثَم في كَلمةٍ منها، وتَفَقَّهَ في صِباهُ على والدِهِ أبي محمدٍ، وكان يُعْجَبُ بِطَبْعِه وتَحصيلِه وجَودَةِ قَريحَتِه، وما يَظهَر عليه من مخايلِ الإقبالِ، فأَتَى على جَميعِ مُصنَّفاتِ والدِه وتَصرَّف فيها، حتى زاد عليه في التَّحقيقِ والتَّدقيقِ. ولمَّا تُوفِّي والدُه قَعَدَ مَكانَه للتَّدريسِ، وإذا فَرغَ منه مضى إلى الأستاذِ أبي القاسمِ الإسكافيِّ الإسفرايني بمَدرسةِ البَيهقيِّ حتى حَصَّلَ عليه عِلْمَ الأُصولِ، ثم سافرَ إلى بغداد ولَقِيَ بها جَماعةً من العُلماءِ، ثم خَرجَ إلى الحِجازِ وجاوَرَ بمكَّةَ أربعَ سِنينَ، ثم انتَقلَ إلى المدينةِ، يُدَرِّسُ ويُفتِي ويَجمَع طُرُقَ المَذهبِ، فلهذا قِيلَ له: إمام الحَرمَين، ثم عادَ إلى نيسابور في أَوائلِ وِلايَةِ السُّلطانِ ألب أرسلان السلجوقي، والوَزيرُ يَومئذٍ نِظامُ المُلْكِ، فبَنَى له  فيها المَدرسةَ النِّظاميَّةَ، وتَولَّى الخَطابةَ بها، وكان يَجلِس للوَعظِ والمُناظَرةِ، وظَهرَت تَصانيفُه، وحَضرَ دُروسَه الأكابرُ من الأئمَّةِ وانتَهَت إليه رِياسَةُ الأصحابِ، وفُوِّضَ إليه أُمورُ الأوقافِ، وبَقِيَ على ذلك قَريبًا من ثلاثين سَنَةً غيرَ مُزَاحَمٍ ولا مُدَافَع، مُسَلَّم له المِحرابُ والمِنبرُ والخَطابةُ والتَّدريسُ ومَجلِسُ التَّذكيرِ يومَ الجُمعةِ. تُوفِّي بنيسابور عن 59 عامًا، له من التَّصانيفِ: العديدة ((العقيدة النِّظاميَّة))، و((الشامل)) و((الإرشاد إلى قواطع الأدلة)) في أصول الدين، و((البرهان في أصول الفقه))، وغيرُها من الكُتبِ، وكان من فُقهاءِ الشَّافعيَّة المُبرَزين في الأُصولِ والفِقهِ.