الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1003 ). زمن البحث بالثانية ( 0.02 )

العام الهجري : 43 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 664
تفاصيل الحدث:

هو عَمرُو بن العاصِ بن وائلِ بن هاشِم بن سُعَيْدِ –بالتصغير- بن سهمِ بن عَمرِو بن هُصَيْص بن كعبِ بن لُؤَيٍّ القُرشيُّ السَّهميُّ، أميرُ مِصْرَ، يُكَنَّى أبا عبدِ الله، وأبا محمَّد، أَسلَم قبلَ الفتحِ في صَفَر سنة ثمانٍ، وقِيلَ: بين الحُديبيَة وخيبر، ولمَّا أَسلَم كان النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُقَرِّبُه ويُدْنِيهِ لِمَعرفتِه وشَجاعتِه. ووَلَّاهُ غَزوةَ ذاتِ السَّلاسِل، وأَمَدَّهُ بأبي بكرٍ وعُمَر وأبي عُبيدةَ بن الجَرَّاح، ثمَّ اسْتَعمَله على عمَّان، فمات صلَّى الله عليه وسلَّم وعَمرٌو هو أميرُها، ثمَّ كان مِن أُمراءِ الأجنادِ في الجِهادِ بالشَّام في زمن عُمَر، وهو الذي افتتَح قِنَّسْرين، وصالَح أهلُ حَلَب ومَنْبِج وأَنْطاكِيَة، ووَلَّاهُ عُمَرُ فِلَسْطين، ووُلِيَّ عَمرٌو إمِرَةَ مِصْرَ في زمن عُمَر بن الخطَّاب، وهو الذي افتَتَحها وأبقاهُ عُثمانُ قليلًا ثمَّ عزَلهُ ووَلَّى عبدَ الله بن أبي سَرْحٍ، ثمَّ لم يَزَلْ عَمرٌو بغيرِ إمْرَةٍ إلى أن كانت الفِتنَة بين عَلِيٍّ ومُعاوِيَة، فلَحِقَ بمُعاوِيَة فكان معه يُدَبِّرُ أمْرَهُ في الحربِ إلى أن جَرى أَمْرُ الحَكَمَيْنِ، ثمَّ سار في جيشٍ جَهَّزَهُ مُعاوِيَةُ إلى مِصْرَ فوَلِيَها لمُعاوِيَة مِن صَفَر سنة ثمانٍ وثلاثين إلى أن مات سنة ثلاثٍ وأربعين على الصَّحيح. تُوفِّي وهو ابنُ تِسعين سنة. وفي صحيحِ مُسلمٍ مِن رِواية عبدِ الرَّحمن بن شِماسَةَ قال: فلمَّا حَضَرَت عَمرَو بن العاصِ الوَفاةُ بَكى، فقال له عبدُ الله بن عَمرٍو ابنُه: ما يُبكيكَ؟ فذَكر الحديثَ بطُولِه في قِصَّةِ إسلامِه، وأنَّه كان شديدَ الحياءِ مِن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا يَرفَعُ طَرْفَه إليه. وذكَرها ابنُ عبدِ الحَكَم في فُتوحِ مِصْر، وزاد فيها أشياء مِن رِواية ابنِ لَهِيعَةَ.

العام الهجري : 156 العام الميلادي : 772
تفاصيل الحدث:

سار عبد الرحمن الداخل إلى حرب شقنا، وقصدَ حصنَ شيطران، فحصَرَه وضيَّقَ عليه، فهرب إلى المفازة كعادته، وكان قد استخلف على قرطبة ابنَه سُليمان، فأتاه كتابُه يخبِرُه بخروج أهل إشبيلية مع عبد الغفار وحيوة بن ملابس عن طاعتِه، وعصيانِهم عليه، واتَّفَق مَن بها من اليمانية معهما، فرجع عبد الرحمن ولم يدخُل قرطبة، وهاله ما سَمِعَ من اجتماعِهم وكثرتِهم، فقدَّمَ ابنَ عمه عبد الملك بن عمر (كان شهاب آل مروان)، وبقي عبد الرحمن خَلفَه كالمَدَدِ له، فلما قارب عبد الملك أهل إشبيلية قدَّمَ ابنَه أمية ليعرف حالهم، فرآهم مستيقظينَ، فرجع إلى أبيه، فلامَه أبوه على إظهارِ الوهَنِ، وضرَبَ عُنُقَه، وجمعَ أهل بيته وخاصَّته، وقال لهم: طُرِدْنا من المشرق إلى أقصى هذا الصِّقع، ونُحسَدُ على لقمةٍ تُبقي الرَّمَق؛ اكسروا جفون السيوف، فالموتُ أولى أو الظَّفَر، ففعلوا، وحمل بين أيديهم، فهزَمَ اليمانية وأهلَ إشبيلية، فلم تقُمْ بعدها لليمانية قائمةٌ، وجُرِحَ عبد الملك. فأتاه عبد الرحمن وجُرحُه يجري دمًا، وسيفه يقطُرُ دمًا، وقد لصِقَت يدُه بقائمِ سَيفِه، فقَبَّله بين عينيه، وقال: يا ابنَ عَمِّ، قد أنكحتُ ابني وولي عهدي هشامًا ابنتَك فلانة، وأعطيتُها كذا وكذا، وأعطيتُك كذا وأولادَك كذا، وأقطعتُك وإياهم، وولَّيتكم الوزارة. وعبد الملك هو الذي ألزم عبد الرحمن بقَطعِ خُطبة المنصور، وقال له: تقطعُها وإلَّا قتلتُ نفسي, وكان قد خطبَ له عشرةَ أشهُر، فقطعها. وكان عبد الغفار وحيوة بن ملابس قد سَلِمَا من القتل. فلما كانت سنة 157 سار عبد الرحمن إلى إشبيلية، فقتل خلقًا كثيرًا ممَّن كان مع عبد الغفار وحيوة ورجع. وبسبَبِ هذه الوقعة وغِشِّ العرب، مال عبد الرحمن إلى اقتناءِ العبيد.

العام الهجري : 262 العام الميلادي : 875
تفاصيل الحدث:

كانت وقعة للزنوج مع أحمد بن ليثويه، وكان سببَها أنَّ مسرورًا البلخيَّ وجه أحمد بن ليثويه إلى كور الأهواز، فنزل السوس، وكان يعقوبُ الصفَّار قد قلَّدَ محمد بن عبيد الله بن هزارمرد الكردي كورَ الأهواز، فكاتَبَ محمد قائدَ الزنجِ يُطمِعُه في الميلِ إليه، وأوهَمَه أنَّه يتولى له كور الأهواز. وكان محمَّد يكاتِبُه قديمًا، وعزم على مداراة الصفَّار، وقائد الزِّنج، حتى يستقيمَ له الأمرُ فيها، فكاتبه صاحِبُ الزنج يجيبه إلى ما طلبَ، على أن يكون عليُّ بن أبان المتوليَ للبلاد، ومحمد بن عبيد الله يخلُفُه عليها، فقَبِلَ محمد ذلك، فوجه إليه عليُّ بن أبان جيشًا كثيرًا وأمَدَّهم محمد بن عبيد الله، فساروا نحو السوس، فمنعهم أحمدُ بن ليثويه ومن معه من جندِ الخليفة عنها وقاتَلَهم فقَتَل منهم خلقًا كثيرًا وأسَرَ جماعة. وسار أحمد حتى نزل جنديسابور، وسار علي بن أبان من الأهواز ممدًّا محمد بن عبيد الله على أحمد بن ليثويه، فلقِيَه محمد في جيشٍ كثير من الأكراد والصعاليك، ودخل محمَّد تسترَ، فانتهى إلى أحمد بن ليثويه الخبَرُ بتضافُرِهما على قتاله، فخرج عن جنديسابور إلى السوس. ودخل أحمد تستر، وأتت الأخبارُ عليَّ بن أبان بأنَّ أحمد على قَصْدِك، فسار إلى لقائِه ومحاربته، فالتقيا واقتتل العسكران، فاستأمن إلى أحمد جماعةٌ من الأعراب الذين مع علي بن أبان، فانهزم باقي أصحابِ علي، وثبَتَ معه جماعةٌ يسيرة، واشتد القتالُ، وترجَّلَ علي بن أبان وباشر القتالَ راجلًا، فعرفه بعضُ أصحاب أحمد فأنذر النَّاسَ به، فلما عرفوه انصرف هاربًا وألقى نفسَه في نهر المسرقان، فأتاه بعضُ أصحابه بسميرية (سفينة حربيَّة صغيرة) فركِبَ فيها ونجا مجروحًا وقُتِلَ من أبطال أصحابِه جماعةٌ كثيرة.

العام الهجري : 266 العام الميلادي : 879
تفاصيل الحدث:

كانت وَقعةً للزنج انهزموا فيها، وكان سببَها أنَّ محمد بن عبيد الله كتب إلى عليِّ بن أبان بعدَ الصُّلحِ يَسألُه المعونةَ على الأكرادِ الدارنان، على أن يجعلَ له ولأصحابه غنائِمَهم، فكتب عليٌّ إلى صاحبه يستأذِنُه، فكتب إليه أن وجِّهْ إليه جيشًا وأقِمْ أنت، ولا تُنفِذ أحدًا حتى تستوثِقَ منه بالرهائنِ، ولا يأمن غزوه والطلب بثأره. فكتب عليٌّ إلى محمد يطلبُ منه اليمين والرهائن، فبذَلَ له اليمينَ، ومَطَله بالرهائِنِ، ولِحرصِ عليٍّ على الغنائم أنفذ إليه جيشًا، فسيَّرَ محمد معهم طائفةً من أصحابه إلى الأكراد، فخرج إليهم الأكرادُ فقاتلوهم، ونشبت الحرب، فتخلَّى أصحاب محمد عن الزنج، فانهزموا وقَتَلت الأكرادُ منهم خلقًا كثيرًا، وكان محمَّدٌ قد أعدَّ لهم من يتعَرَّضُهم إذا انهزموا، فصادفوهم وأوقعوا بهم، وسَلَبوهم وأخذوا دوابَّهم، ورجعوا بأسوأ حالٍ، فأظهر الخبيثُ الغضَبَ على ابنِ أبان، فأرسل محمَّد إلى بهبود، ومحمد بن يحيى الكرماني، وكانا أقربَ الناسِ إلى علي، فضَمِنَ لهما مالًا إن أصلحا له عليًّا وصاحِبَه، ففعلا ذلك، فأجابهما الخبيثُ إلى الرضا عن محمد على أن يخطُبَ له على منابِرِ بلاده، وأعلما محمدًا بذلك، فأجابهما إلى كلِّ ما طلبا، وجعل يراوِغُ في الدعاءِ له على المنابر، ثم إنَّ عليًّا استعدَّ لمتوث- وهي بلدة بين قرقوب وكور الاهواز- فسار إليها فلم يظفَرْ بها فرَجَع، وعمِلَ السلاليم والآلات التي يصعَدُ بها إلى السور، واستعَدَّ لقَصدِها، فعرف ذلك مسرور البلخي، وهو يومئذٍ بكور الأهواز، فلما سار عليٌّ إليها سار إليه مسرورٌ، فوافاه قبل المغربِ وهو نازلٌ عليها، فلما عاين الزنج أوائِلَ خيل مسرور انهزموا أقبحَ هزيمة، وترَكوا جميعَ ما كانوا أعدُّوه، وقُتِلَ منهم خلقٌ كثيرٌ، وانصرف عليٌّ مهزومًا، فلم يلبثْ إلا يسيرًا حتى أتته الأخبارُ بإقبال الموفق، ولم يكن لعليٍّ بعد متوث وقعة، فكتب إليه صاحِبُه يأمره بالعودِ إليه، ويستحِثُّه حثًّا شديدًا.

العام الهجري : 330 العام الميلادي : 941
تفاصيل الحدث:

كانت أذربيجان بيَدِ ديسمَ بنِ إبراهيمَ الكُرديِّ، وكان مُعظَمُ جيوشِه الأكراد، إلَّا نفرًا يسيرًا من الديلم، من عسكرِ وشمكير، أقاموا عنده حين صَحِبوه إلى أذربيجان، ثمَّ إنَّ الأكراد تقَوَّوا، وتحكَّموا عليه، وتغلَّبوا على بعضِ قلاعِه وأطرافِ بلاده، فرأى أن يستظهِرَ عليهم بالدَّيلم، فاستكثر ذلك منهم، وكان وزيرُه أبا القاسم علي بن جعفر، وهو مِن أهل أذربيجان، فسعى به أعداؤه، فأخافه ديسم، فهرب إلى محمَّد بن مسافر بن السلار، فلما وصلَ عليُّ بن جعفر إلى ابنِ مسافر رأى ابنيه هسوذان والمرزبان قد استوحشا من والدِهما، واستوليَا على بعضِ قلاعه، وكان سببُ وَحشتِهما منه سوءَ معاملتِه معهما ومع غيرِهما، ثمَّ إنهما قبضا على أبيهما محمَّد بن مسافر، وأخذا أموالَه وذخائِرَه، وبقِيَ في حصنٍ آخَرَ وحيدًا فريدًا بغيرِ مالٍ ولا عُدَّة، فرأى عليُّ بن جعفر الحالَ فتقَرَّبَ إلى المرزبان وخَدَمِه وأطمَعَه في أذربيجان، وضَمِنَ له تحصيلَ أموال كثيرةٍ يَعرِفُ هو وجوهَها، فقَلَّدَه وزارتَه، وكان عليُّ بن جعفرٍ مِن دعاة الباطنية، والمرزبان مشهورٌ بذلك، وكان ديسم يذهَبُ إلى مذهَبِ الخوارج في بُغضِ عليٍّ- رضي الله عنه- فنفَرَ عنه مَن عِندَه من الديلم، وابتدأ عليُّ بن جعفر فكاتبَ مَن يعلم أنَّه يستوحِشُ من ديسم يستميلُه، إلى أن أجابه أكثَرُ أصحابِه، وفسَدَت قلوبُهم على ديسم، وخاصَّةً الديلم، وسار المَرزبان إلى أذربيجان، وسار ديسم إليه، فلما التقَيَا للحرب عاد الدَّيلم إلى المرزبان، وتَبِعَهم كثيرٌ من الأكرادِ مستأمِنينَ، فحمَلَ المرزبان على ديسم، فهرَبَ في طائفةٍ يسيرةٍ مِن أصحابه إلى أرمينيَّة، واعتصَمَ بحاجيق بن الديراني؛ لمودًّةٍ بينهما، فأكرمه واستأنف ديسم يؤلِّفُ الأكراد، وكان أصحابُه يشيرون عليه بإبعادِ الديلم لمخالفتِهم إيَّاه في الجنسِ والمذهب، فعصاهم ومَلَك المرزبان أذربيجان، واستقام أمرُه إلى أن فسَدَ ما بينه وبين وزيرِه عليِّ بن جعفرٍ.

العام الهجري : 557 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1162
تفاصيل الحدث:

اجتمعت الكرج في خلقٍ كثير يبلغون ثلاثين ألف مقاتل، ودخلوا بلاد الإسلام، وقصدوا مدينةَ دوين من أذربيجان، فملكوها ونَهَبوها، وقتلوا من أهلِها وسوادها نحوَ عشرة آلاف قتيل، وأخذوا النساءَ سبايا، وأسَرُوا كثيرًا، وأعرَوُا النساءَ وقادوهم حُفاةً عُراةً، وأحرقوا الجوامِعَ والمساجِدَ، فلما وصلوا إلى بلادهم أنكر نساءُ الكرج ما فعلوا بنساءِ المسلمين، وقُلْنَ لهم قد أحوجتُم المسلمين أن يفعلوا بنا مثلَ ما فعلتُم بنسائهم؛ وكسونَهنَّ، ولَمَّا بلغ الخبر إلى شمس الدين إيلدكز، صاحب أذربيجان والجبل وأصفهان، جمع عساكِرَه وحشَدَها، وانضاف إليه شاه أرمن بن سكمان القطبي، صاحب خلاط، وابن آقسنقر، صاحب مراغة وغيرها، فاجتمعوا في عسكر كثير يزيدون على خمسين ألف مقاتل، وساروا إلى بلاد الكرج في صَفَر سنة ثمان وخمسين ونهبوها، وسَبَوا النساءَ والصبيان، وأسَروا الرِّجالَ، ولقيهم الكرج، واقتتلوا أشدَّ قتالٍ صبَرَ فيه الفريقان، ودامت الحربُ بينهم أكثر من شهر، وكان الظَّفَرُ للمسلمين، فانهزم الكرج وقُتِلَ منهم كثيرٌ وأُسِرَ كذلك، وكان سببُ الهزيمة أن بعض الكرج حضر عند إيلدكز، فأسلم على يديه، وقال له: تعطيني عسكَرًا حتى أسيرَ بهم في طريق أعرِفُها وأجيء إلى الكرجِ مِن ورائهم وهم لا يشعرون، فاستوثق منه، وسيَّرَ معه عسكرًا وواعده يومًا يصِلُ فيه إلى الكرج، فلما كان ذلك اليومُ، قاتل المسلمون الكرج، فبينما هم في القتال وصل ذلك الكرجي الذي أسلم ومعه العسكرُ، وكبَّروا وحملوا على الكرج من ورائهم، فانهزموا، وكثُرَ القتل فيهم والأسرُ، وغنم المسلمون من أموالِهم ما لا يدخُلُ تحت الإحصاءِ لِكَثرتِه؛ فإنهم كانوا متيقِّنين النَّصرَ لكثرتهم، فخَيَّبَ الله ظنَّهم، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون ثلاثةَ أيام بلياليها، وعاد المسلمون منصورين قاهرين.

العام الهجري : 585 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1189
تفاصيل الحدث:

خرج السلطانُ صلاح الدين الأيوبي من دمشق في ثالث ربيع الأول, ونازل لشقيف أرنون, وكان منزعجًا لقرب انقضاء الهدنة مع بيمند صاحِبِ أنطاكيةَ، ولاجتماع الفرنجِ بصور، واتِّصال الأمداد بهم، فكانت للمُسلمين مع الفرنجِ في بلادهم الساحليَّة عِدَّةُ وقائع، قُتِلَ فيها من الفريقين عِدَّةٌ، وكثُرَ القتل في المسلمين، واشتدت نكايةُ الفرنج فيهم، فرحل السلطانُ إلى عكا، وقد سبقه الفرنجُ ونزلوا عليها. ونزل السلطان بمرج عكا وصار محاصِرًا للفرنج، والفرنجُ محاصرين للبلد. وتلاحقت به العساكِرُ الإسلامية، والأمداد تصل إلى الفرنجِ مِن البحر. فلم يقدِر السلطانُ على الوصول إلى البلد، ولا استطاع أهلُ عكا أن يصلوا إلى السُّلطان. وشرع السلطانُ في قتال الفرنج من أول شعبان، إلى أن تمكَّنَ من عكا، ودخلها في ثانيه، فما زالت الحربُ قائمةً إلى رابع رمضان. فتحَوَّل إلى الخروبة، وأغلق مَن في عكا من المسلمين أبوابَها، وحفر الفرنج خندقًا على مُعسكَرِهم حول عكا من البحرِ إلى البحر، وأداروا حولهم سورًا مستورًا بالستائر، ورتَّبوا عليه الرجال، فامتنع وصولُ المسلمين إلى عكا. وقدم العادل بعسكرِ مِصرَ في نصف شوال، ثم قَدِمَ أسطول من مصر إلى عكا في خمسين قطعة، وعليه الحاجِبُ لؤلؤ في منتصف ذي القعدة، فبدَّدَ شمل مراكب الفرنج، وظفِرَ المسلمون بطستين- سفينتين كبيرتين- للفرنج. فاستظهر المسلمون الذين بعكا، وقَوِيَ جأشهم بالأسطول، وكانوا نحو العشرة آلاف. وبعث السلطان إلى الأطراف يحثُّ الناس على الجهاد، وأرسل إلى أخيه سيف الإسلام طغتكين باليمن، يطلب منه الإعانةَ بالمال، وإلى مظفَّر الدين قر أرسلان صاحب العجم، وكتب إلى الخليفة. ووصلت الأمدادُ إلى الفرنج، وورد الخبَرُ من حلب بخروج ملك الألمان من القسطنطينيَّة في عِدَّة عظيمة تتجاوز الألف ألف، يريدون البلاد الإسلاميَّة، فاشتد الأمرُ على السلطان ومَن معه من المسلمين.

العام الهجري : 588 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1192
تفاصيل الحدث:

في العشرين من شعبان عُقِدَت بين المسلمين والفرنج هدنةٌ لِمُدَّة ثلاث سنين وثمانية أشهر، ويوافِقُ أوَّلَ أيلول 1192م، وكان سبب الصلح أن ملك الإنكليز  المعروف بريتشارد قلب الأسد لَمَّا رأى اجتماع العساكر، وأنَّه لا يُمكِنُه مفارقةُ ساحِلِ البحر، وليس بالساحِلِ للمسلمين بلدٌ يَطمَعُ فيه، وقد طالت غيبتُه عن بلاده، راسل صلاح الدين في الصُّلحِ، وأظهر من ذلك ضِدَّ ما كان يطلبُ منه المصاف والحرب، فأعاد الفرنجيُّ رُسُلَه مَرَّةً بعد مرَّة، ونزل عن تَتِمَّة عمارة عسقلان وعن غزة والداروم والرملة، وأرسل إلى الملك العادل في تقريرِ هذه القاعدة، فأشار هو وجماعةُ الأمراء على صلاح الدين بالإجابة إلى الصُّلح، وعرفوه ما عند العسكَرِ مِن الضَّجَرِ والملل، وما قد هلك من أسلحتِهم ودوابِّهم، ونَفِدَ مِن نفقاتهم، وقالوا: إنَّ هذا الفرنجي إنما طلب الصلحَ ليركَبَ البَحرَ ويعود إلى بلاده، فإن تأخَّرَتْ إجابته إلى أن يجيءَ الشتاء وينقَطِع الركوبُ في البحر، نحتاج للبقاء هاهنا سنةً أخرى، وحينئذٍ يَعظُمُ الضَّررُ على المسلمين، وأكثَروا القول له في هذا المعنى، فأجاب السلطانُ صلاح الدين حينئذٍ إلى الصلح، فحضر رسلُ الفرنج وعقدوا الهدنة، وتحالفوا على هذه القاعدةِ، وبعد أن تمت الهدنة سار صلاح الدين إلى بيت المقدس، وأمَرَ بإحكام سوره، وعَمِلَ المدرسة والرباط والبيمارستان وغير ذلك من مصالح المسلمين، ووقف عليها الوقوفَ، وصام رمضان بالقُدسِ، وعزم على الحَجِّ والإحرام منه، فلم يُمكِنْه ذلك، فسار عنه خامِسَ شوال نحو دمشق، واستناب بالقُدسِ الأمير عز الدين جورديك، وهو من المماليك النورية، ولَمَّا سار عنه جعل طريقَه على الثغور الإسلامية، كنابلس وطبرية وصفد وتبنين، وقصد بيروت، وتعهد هذه البلادَ، وأمر بإحكامها، فدخل دمشقَ في الخامس والعشرين من شوال، وكان يومُ دُخولِه إليها يومًا مشهودًا، وفَرِحَ النَّاسِ به فرحًا عظيمًا لطول غيبتِه، وذَهابِ العَدُوِّ عن بلاد الإسلامِ.

العام الهجري : 589 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1193
تفاصيل الحدث:

خرج السلطانُ طغرل بن ألب أرسلان بن طغرل بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي في سنة ثمان وثمانين من الحبس، وملك همذان وغيرها، وكان قد جرى بينه وبين قتلغ إينانج بن البهلوان، صاحِبِ البلاد، حربٌ انهزم فيها قتلغ إينانج، وتحصَّنَ بالري، وسار طغرل إلى همذان فمَلَكَها، فأرسل قتلغ إينانج إلى خوارزم شاه علاء الدين تكش يستنجِدُه، فسار إليه في سنة ثمان وثمانين، فلما تقاربا نَدِمَ قتلغ إينانج على استدعاء خوارزم شاه، وخاف على نفسِه فمضى من بين يديه وتحصَّنَ في قلعة له، فوصل خوارزم شاه إلى الري وملَكَها، وحصر قلعةَ طبرك ففتحها في يومينِ، وراسله طغرل، واصطلحا، وبَقِيَت الري في يد خوارزم، فجَدَّ في السير خوفًا عليها، فأتاه الخبَرُ، وهو في الطريق، أنَّ أهل خوارزم منعوا سلطان شاه عنها، ولم يقدِرْ على القرب منها، وعاد عنها خائبًا، فشتى خوارزم شاه بخوارزم، فلما انقضى الشتاءُ سار إلى مرو لقصدِ أخيه سنة تسع وثمانين، فترددت الرسلُ بينهما في الصلح، فبينما هم في تقرير الصلح ورد على خوارزم شاه رسولٌ مِن مستحفظ قلعة سرخس لأخيه سلطان شاه يدعوه ليسَلِّمَ إليه القلعة؛ لأنه قد استوحش من صاحِبِه سلطان شاه، فسار خوارزم شاه إليه مجِدًّا، فتسَلَّمَ القلعة وصار معه، وبلغ ذلك سلطان شاه  ففتَّ في عَضُده، وتزايد كمَدُه، فمات آخر رمضان سنة 589؛ فلما سمع خوارزم شاه بموته سار من ساعتِه إلى مرو فتسَلَّمَها، وتسَلَّمَ مملكة أخيه سلطان شاه جميعها وخزائنه، وأرسل إلى ابنه علاء الدين محمد، وكان يلقب حينئذ قطب الدين، وهو بخوارزم، فأحضره فولَّاه نيسابور، وولَّى ابنَه الأكبَرَ ملكشاه مرو، وذلك في ذي الحجة.

العام الهجري : 612 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1215
تفاصيل الحدث:

انهزم منكلي صاحب همذان وأصفهان والري وما بينهما من البلاد، ومضى هاربًا، فقُتِلَ، وسَبَبُ ذلك أنَّه كان قد ملكَ البلاد، وقتل إيدغمش فأُرسلَ إليه من الديوان الخليفي رسولٌ ينكِرُ ذلك عليه، وكان قد أوحش الأمير أوزبك بن البهلوان، صاحب أذربيجان، فأرسل الخليفةُ إليه يحَرِّضُه على منكلي ويَعِدُه النصرةَ، وأرسل أيضًا إلى جلال الدين الإسماعيلي، صاحِبِ قلاع الإسماعيلية ببلاد العجم، ألموت وغيرها، يأمرُه بمساعدة أوزبك على قتال منكلي، واستقرت القواعد بينهم على أن يكون للخليفةِ بعضُ البلاد، ولأوزبك بعضُها، ويعطى جلال الدين بعضَها، فلما استقَرَّت القواعد بينهم على ذلك جهَّزَ الخليفة عسكرًا كثيرًا، وجعل مُقَدَّمَهم مملوكَه مُظفَّر الدين سنقر، الملقب بوجه السبع، فساروا إلى همذان، فاجتمعت العساكرُ كلها فانزاح منكلي من بين أيديهم وتعلَّق بالجبال، وتبعوه، فنزلوا بسفحِ جبل هو في أعلاه بالقرب من مدينة كرج، وضاقت الميرة والأقوات على العسكر الخليفي جميعِه ومن معهم، فحَمَلوا عليه، فلم يثبُت أوزبك، ومضى منهَزِمًا، فعاد أصحابُ منكلي وصَعِدوا الجبَلَ، وعاد أوزبك إلى خيامِه، فطَمِعَ منكلي حينئذ، ونزل من الغدِ في جميع عسكرِه، واصطَفَّت العساكر للحرب، واقتتلوا أشدَّ قتال يكون، فانهزم منكلي وصعد الجبل، واستولى عسكرُ الخليفة وأوزبك على البلاد، فأعطى جلال الدين، ملك الإسماعيلية، من البلاد ما كان استقَرَّ له، وأخذ الباقي أوزبك، فسَلَّمَه إلى أغلمش مملوكِ أخيه. أمَّا منكلي فإنَّه مضى منهزمًا إلى مدينة ساوة، وبها شحنة هو صديقٌ له، فأرسل إليه يستأذنُه في الدخول إلى البلد، فأذن له، وخرج إليه فلقيه وقبَّل الأرضَ بين يديه، وأدخله البلد، وأنزله في داره، ثم أخذ سلاحَه، وأراد أن يقيِّدَه ويُرسِلَه إلى أغلمش، فسأله أن يقتُلَه هو ولا يرسلَه، فقتله، وأرسل رأسَه إلى أوزبك، وأرسله أوزبك إلى بغداد، وكان يومُ دخولها يومًا مشهودًا, ولم يتمَّ فرحة الخليفة ذلك اليوم لموت ولَدِه وولي عهده أبو الحسَنِ علي.

العام الهجري : 617 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1220
تفاصيل الحدث:

لَمَّا ثبت الفرنج في دمياط بثُّوا سراياهم في القرى يقتلون ويأسرون، فعظُم الخطب واشتدَّ البلاء، وندب السلطانُ الملك الكامل الناسَ وفَرَّقهم في الأرض، فخرجوا إلى الآفاق يستصرخون النَّاسَ لاستنقاذ أرض مصر من أيدي الفرنج، وشرع الكاملُ في بناء الحور –خيام من جلد أبيض- والفنادق والحمامات والأسواق بمنزلة المنصورةِ، وجهَّزَ الفرنج من حصل في أيديهم من أسارى المسلمين في البحرِ إلى عكا وبرزوا من مدينةِ دمياط يريدون أخذَ مصرَ والقاهرة، فنازلوا السلطان تجاه المنصورة، واجتمع الناسُ من أهل مصر وسائر النواحي ما بين أسوان إلى القاهرة، ونودِيَ بالنفير العام، وألَّا يبقى أحد, وذكروا أن مَلِكَ الفرنج قد أقطع ديارَ مصر لأصحابه, وأنزل الكامِلُ على ناحية شار مساح ألفي فارس، في آلاف من العربان، ليحولوا بين الفرنج وبين مرادِهم، وسارت الشواني- ومعها حراقة كبيرة- إلى رأس بحر المحلة، وعليها الأميرُ بدر الدين بن حسون، فانقطعت الميرةُ عن الفرنج من البر والبحر، وقَدِمَت النجدات للملك الكافي من بلاد الشام، وخرجت أمم الفرنج من داخل البحر تريد مدَدَ الفرنج على دمياط فوافى دمياط منهم طوائفُ لا يحصى لهم عدد فلما تكاملَ جمعُهم بدمياط خرجوا منها، وقد زُيِّنَ لهم سوءُ عمَلِهم أن يملكوا أرض مصر، ويستولوا منها على مماليكِ البسيطة كلها، فلما قدمت النجدات من المسلمين هال الفرنجَ ما رأوا، وكان قدومُ هذه النجدات في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة، وتتابع قدوم النجدات حتى بلغ عدد فرسان المسلمين نحو الأربعين ألفًا، فحاربوا الفرنج في البر والبحر، وأخذوا منهم ست شواني وجلاسة وبطسة- سفن حربية ضخمة- وأسروا منهم ألفين ومائتي رجل، ثم ظفروا أيضًا بثلاث قطائع فتضعضع الفرنجُ لذلك، وضاق بهم المقام، وبعثوا يسألون في الصُّلحِ.

العام الهجري : 694 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1295
تفاصيل الحدث:

لما استقرَّت الأمور لعلاء الدين في الدولة الخلجية بالهند بدأ يتَّجِهُ لشؤون الدولة الحربيَّة، ويعنى بالنواحي الاجتماعيَّة، وكان سلطانًا قويًّا طموحًا، نجح في دفع الخطر المغوليِّ عن بلاده، وقاد جنده في فتوحات متَّصلة، حتى أظلَّت راية الإسلام شبهَ القارة الهندية كلَّها لأول مرة في التاريخ. ولكي يدفَعَ هجمات المغول أقام سلسلةً من الحصون على حدوده الغربية، وزوَّدها بالجند والسلاح، ولكنَّ ذلك لم يحُلْ دون هجمات المغول على الهند، فتوالت حملاتُهم على الرغم مما كان يتكبَّدونه من خسائر على أيدي علاء الدين وقادته، مثلما حدث في سنة 698هـ ( 1298م) حين سار سلطانُ المغول قتلق خواجه على رأس قوات كثيفة، فتصَدَّى لها علاءُ الدين وقائداه ظفرخان وألج خان، وأنزلوا بالمغول هزيمةً قاصمة، لكنَّها لم تمنَعْهم من موالاةِ الهجوم مراتٍ أخرى حتى تمكَّن القائدُ غازي ملك تغلق من القضاء على خطر المغول تمامًا. وفي الوقت الذي كان فيه علاء الدين مشغولًا بالقضاء على هجمات المغول كان يعِدُّ الجيوشَ لاستكمال فتح الهند، فأرسل في سنة 699هـ (1299م) قائديه ألنخان ونصرت خان لفتح حصن رنتنبهور أعظَمِ حصونِ إقليم الراجبوتانا، فنجحا في مهمتهما بعد حروب دامية، ودخل الإقليمُ في طاعة علاء الدين الخلجي، ثم فتح إمارة موار، وكانت أمنَعَ إمارات الراجبوتانا بقلعتها الحصينة القائمةِ على قِمَّةِ جَبَلٍ منحوتةٍ في الصخر، ثم استولى على ملوة وأوجين ودهري نجري، ولم يكد يأتي عام 706 هـ (1306م) حتى كان علاء الدين الخلجي قد فتح الهنستان كلَّها من البنغال إلى البنجاب. وواصل علاء الدين فتوحاتِه، فأرسل قائدَه الحبشيَّ كافور، فاخترق أقاليمَ ملوة والكجرات، ثم أردف ذلك بجيش آخر يقوده أدلوغ خان، واستولى الجيشان على ديوكر، وتوالت انتصارات علاء الدين حتى تمكن من فتح الجنوب الهندي كلِّه.

العام الهجري : 775 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1373
تفاصيل الحدث:

وقع بين المَلِك الأشرَفِ وبين زوج أمِّه ألجاي اليوسفي كلامٌ مِن أجل التَّرِكة المتعَلِّقة بخوند-السيدة- بركة والدة الأشرف, وكان ذلك يومَ الثلاثاء سادس المحرَّم مِن هذه السنة، وكَثُرَ الكلام بين السلطان وبين ألجاي اليوسفي، حتى غضب ألجاي، وخرج عن طاعةِ المَلِك الأشرف، ولبس هو ومماليكُه آلة الحرب، ولَبِسَت مماليلك السلطان أيضًا، وركِبَ السلطان بمن معه مِن أمرائه وخاصكيته، وباتوا الليلةَ لابسين السلاحَ إلى الصَّباحِ، فلمَّا كان نهارُ الأربعاء سابِعَ المحرم كانت الوقعةُ بينهما، فتواقعوا إحدى عشرة مرة، وعَظُمَ القتال بينهما حتى كانت الوقعةُ الحادية عشرة انكسر فيها ألجاي اليوسفي وانهزم إلى بركة الحبش، ثم تراجع أمرُه وعاد بمن معه مِن على الجبل الأحمر إلى قُبَّة النصر، فطلبه السلطانُ الملك الأشرف فأبى، فأرسل إليه خِلعةً بنيابة حماة فقال: أنا أروحُ بشرط أن يكونَ كُلُّ ما أملِكُه وجميعُ مماليكي معي، فأبى السلطانُ ذلك، وباتوا تلك الليلة، فهرب جماعةٌ من مماليك ألجاي في الليل وجاؤوا إلى المَلِك الأشرف، فلما كان صباحُ يوم الخميس ثامن المحرم، أرسل السلطان الأمراء والخاصكيَّة ومماليك أولادِه وبَعضَ المماليك السلطانية إلى قُبَّة النصر إلى حيث ألجاي، فلما رآهم ألجاي هرب، فساقوا خلْفَه إلى الخرقانيَّة، فلما رأى ألجاي أنه مُدرَكٌ رمى بنَفسِه وفرسه إلى البَحرِ؛ ظنًّا أنه يُعَدِّي به إلى ذلك البَرِّ، وكان ألجاي عوَّامًا، فثَقُل عليه لِبسُه وقماشه، فغرق في البَحرِ وخرج فرَسُه، وبلغ الخبَرُ السلطانَ الملك الأشرف فشَقَّ عليه موتُه وتأسَّفَ عليه، ثمَّ أمَرَ بإخراجه من النيل، فنزل الغوَّاصون وطَلَعوا به وأحضروه إلى القلعة في يوم الجمعة تاسع المحرم في تابوت وتحته لبادٌ أحمر، فغُسِّلَ وكُفِّن وصَلَّى عليه الشيخ جلال الدين التباني، ودفن في القبة التي أنشأها بمدرسته برأس سويقة العزي خارج القاهرة.

العام الهجري : 941 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1534
تفاصيل الحدث:

بعد أن ظلَّت العراق تحت الحكم الصفوي من أيام مؤسِّسها الأول إسماعيل شاه، قام الخليفة سليمان القانوني بإعلان الحرب في هذه السنة على الصفويين، فسار بجيشِه من أجل إبطال محاولات شاه طهماسب بن إسماعيل الصفوي لنشر المذهب الشيعي في العراق بدلًا من المذهب السنِّي. فتحرك موكب الجيشِ العثماني تحت قيادة سليمان القانوني، وكبار قادته والأعيان، وكتائب الخيالة؛ حيث خرج الجميعُ من إسكدار عبر آسيا الصغرى، مرورًا بسيواس وأرزنجان، حتى وصل الجيش العثماني إلى تبريز، بعد ذلك توجه نحو همذان؛ ليجد الشاه الفارسي قد فرَّ بقواته إلى أصفهان، ثمَّ إلى منطقة سهل علي، ففضَّل العثمانيون قضاء الشتاء في همذان قبل التوجه إلى بغداد. عندما بلغ أسماعَ محمد خان- أمير بغداد من قِبَل الشاه الصفوي- اقترابُ جحافل العثمانيين، سارع بتقديم فروض الطاعة والولاء، وعلى الرغم من قبول السلطان القانوني ذلك، فإنَّ هواجس الخوف من انتقام العثمانيين راودت محمد خان، فاستقرَّ عزمه على الفرار برفقة جنودِه من بغداد إلى البصرة، ومنها إلى مقرِّ الشاه طهماسب، فتقدم العثمانيون إلى بغداد، ووصلوا في ربيع الآخر من هذه السنة. وعندما حل الربيع شرعت القواتُ العثمانية في حملات تأديب لفلول القوات الموالية للشاه الصفوي. ثم أرسل إلى أحمد خان حاكم الأقاليم العثمانية في هنغاريا ورومانيا بسرعةِ إرسال الجنود؛ لمساندة حملته ضد الصَّفويين، كما لم ينسَ تذكيرَه بإعداد الطبول والفِرَق الموسيقية للاحتفال بالنصر العثماني المرتقَب. وبمجرد دخول سليمان القانوني إلى بغداد ارتفعت الخطبة وضُرِبت السكة باسمه، وجرى إبطال القوانين الصفوية السابقة كافةً، بعد ذلك أرسل السلطان العثماني للشاه الصفوي رسالةَ تهديد فحواها أنه قادِمٌ للاستيلاء على أقاليمه وضمِّها لدولة العثمانيين. كما أرسل إلى سليمان باشا والي مصر الذي خرج بعدة آلاف من المحاربين للانضمام إلى سليمان القانوني في العراق.

العام الهجري : 989 العام الميلادي : 1581
تفاصيل الحدث:

بدأت القوات الإسبانية في اكتساح الأراضي البرتغالية، ولم يستطِع الأمير البرتغالي دون أنطونيو مقاومةَ تلك القوات الإسبانية، التي ضمَّت أراضيه لسنة 988 (1580م)، عند ذلك اقترح السلطان العثماني مراد الثالث على السلطان أحمد المنصور السعدي عقْدَ تحالف عسكري ضِدَّ الإسبان، على أساس إمداده بأسطول حربي وقوات عسكرية، فبعث برسالتين في رجب 988 (سبتمبر 1580م) يعرِضُ عليه فيهما إرسال إمدادات عسكرية لفاس يستفتحُ بها بلاد الأندلس، لكنَّ المنصور لم يتجاوب مع السلطان مراد الثالث. كان قلج علي بعد استقرار الدولة العثمانية في تونس بدأت أنظارُه تتطلَّع إلى المغرب، وأخذ يعمل في توحيد الوجهةِ السياسية لبلاد المغرب الإسلامي؛ لضَمِّه إلى الدولة العثمانية، خاصةً بعد تذبذب موقفِ السلطان أحمد المنصور السعدي الأخير من الدولة العثمانية، فصدرت الأوامِرُ إلى قلج علي قائد الأسطول العثماني بالتوجُّه إلى المغرب لضَمِّه للدولة العثمانية، فوصل قلج علي إلى الجزائر في جمادي الثانية من هذه السنة، بينما كان المنصور يرابِطُ بقواته عند نهر تانسيفت، وكانت القواتُ المغربية قد استعدَّت لمواجهة التدخل العثماني؛ إذ جهَّز المنصور جنودَه وتقدَّم بها حتى حدودِ بلاده، كما سَدَّ مدخل مملكته، وحصَّن الثغور، وإلى جانب تلك الاستعدادات وجَّه المنصور سفارةً خاصة لإسطنبول، وذلك بعد أن توصَّل إلى شبه اتفاق عسكري مع الملك الإسباني الذي انتهى من مشاكلِه بدخوله للعاصمة البرتغالية لشبونة في 27 جمادى الآخرة من هذه السنة, على أساس تقديم المساعدة العسكرية للمغرب، لمواجهة التدخل العثماني، مقابِلَ التنازل عن مدينة العرائش وامتيازات أخرى، وأمام تطور الأحداث لم يجِد السلطان العثماني بدًّا من قبول الأمر الواقع والتراجع عن غزو المغرب، بأن أمَرَ قلج علي، وجعفر باشا نائب قلج علي في الجزائر، بالتخلي عن العمل بالمغربِ والانتقال إلى الشرق؛ حيث اضطربت الأمور بالحجاز، فتخلى قلج علي عن هدفِه الطموح في استرداد الأندلس، بعد توحيد الجبهة لبلاد المغرب الإسلامي!