الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2649 ). زمن البحث بالثانية ( 0.012 )

العام الهجري : 569 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1174
تفاصيل الحدث:

لما عاد صلاحُ الدين إلى مصرَ بلَغَه أنَّ باليمن إنسانًا يسمَّى عبدَ النبي بن مهدي صاحِبَ زبيد يزعُمُ أنه ينتشر ملكُه حتى يملِكَ الأرضَ كُلَّها، وكان قد ملك كثيرًا من بلادِ اليمَنِ, واستولى على حصونِها وخطب لنَفسِه، وقطع الخطبةَ للخليفةِ العباسي, وكان السُّلطانُ قد ثبتت قواعِدُه وقَوِيَ عسكرُه، فاستأذن السلطان نور الدين محمود في أن يسيرَ إلى اليمن لقصدِ عبد النبي، فأذِنَ له في ذلك، فجهَّز أخاه شمس الدولة توران شاه بجيش اختاره، وتوجَّه إليها من الديار المصرية في مستهَلِّ رجب، فوصل إلى مكَّةَ، ومنها إلى زبيد، وفيها صاحِبُها المتغَلِّبُ عليها المعروفُ بعبد النبي، فلما قرُبَ منها رآه أهلُها، فاستقَلُّوا من معه، فقاتلهم شمس الدولة ومن معه، فلم يثبُت أهلُ زبيد وانهزموا، ووصل المصريونَ إلى سور زبيد، فلم يجدوا عليه من يمنَعُهم، فنصبوا السلالم، وصَعَدوا السور، فملكوا البلدَ عَنوةً ونَهَبوه وأكثروا النَّهبَ، وأخذوا عبد النبيِّ أسيرًا وزوجتَه المدعوة بالحُرَّة، وسَلَّمَ شمسُ الدولة عبد النبي إلى أحد أمرائه، يقال له سيف الدولة مبارك بن كامل من بني منقذ، أصحاب شيزر، وأمره أن يستخرجَ منه الأموالَ، وبذلك انتهت الدولة المهديَّة باليمن، ولَمَّا ملكوا زبيدَ واستقَرَّ الأمر لهم بها ودان أهلُها، وأقيمت فيها الخُطبةُ العباسيَّة، أصلحوا حالها، وساروا إلى عدن، وصاحِبُها ياسرُ بنُ بلال، فسار إليهم وقاتَلَهم، فانهزم ياسِرٌ ومن معه، وسبقهم بعضُ عسكر شمس الدولة، فدخلوا البلدَ قبل أهله، فملكوه، وأخذوا صاحِبَه ياسرًا أسيرًا، وأرادوا نهبَ البلد، فمنعهم شمسُ الدولة، وقال: ما جئنا لنخربَ البلاد، وإنما جئنا لنَملِكَها ونُعَمِّرَها وننتفع بدخلها؛ فلم ينهب منها أحدٌ شيئًا، فبقيت على حالها وثبَت مُلكُه واستقَرَّ أمرُه، وبذلك انتهت دولة بني زريع في اليمن، وآل الزريع هم أهل عدن، وهم شيعةٌ إسماعيليَّةٌ من همذان بن جشم، ولَمَّا فرغ شمس الدولة مِن أمْرِ عدن عاد إلى زبيد، وملك أيضًا قلعة التعكر والجند وغيرها من المعاقل والحصون، واستناب بعدن عزَّ الدين عثمان بن الزنجيلي، وبزبيد سيفَ الدولة مبارك بن منقذ، وجعَلَ في كل قلعةٍ نائبًا من أصحابه، وألقى مُلكُهم باليمن جِرانَه ودام، وأحسَنَ شمسُ الدولة إلى أهالي البلاد، واستصفى طاعتَهم بالعدل والإحسان، وعادت زبيد إلى أحسنِ أحوالها من العمارة والأمن.

العام الهجري : 98 العام الميلادي : 716
تفاصيل الحدث:

لمَّا فَتَح يَزيدُ بن المُهَلَّب قُهِسْتان وجُرْجان طَمِعَ في طَبَرِسْتان أن يَفْتَحها، فَعَزَم على أن يَسيرَ إليها، فاسْتَعمَل عبدَ الله بن المُعَمَّر اليَشْكُرِيَّ على السَّاسان وقُهِسْتان، وخَلَّفَ معه أَربعةَ آلاف، ثمَّ أَقبَل إلى أَدانِي جُرجان مما يَلِي طَبَرِسْتان، فاسْتَعمَل على أَيْذُوسا راشِدَ بن عَمرٍو، وجَعَلَه في أَربعةِ آلاف، ودَخَل بِلادَ طَبَرِسْتان، فأَرسَل إليه الإِصْبَهْبَذ صاحِبُها يَسألُه الصُّلْحَ وأن يَخرُج مِن طَبَرِسْتان، فأَبَى يَزيدُ، ورَجَا أن يَفْتَتِحَها، ووَجَّه أَخاهُ أبا عُيَينَة مِن وَجْهٍ، وابنَه خالدَ بن يَزيدَ مِن وَجْهٍ، وأبا الجَهْم الكَلْبِيَّ مِن وَجْهٍ، وقال: إذا اجْتَمعتُم فأَبُو عُيينَة على النَّاس. فسار أبو عُيينَة وأقام يَزيدُ مُعَسْكِرًا, واسْتَجاش الإصْبَهْبَذ أَهلَ جِيلان والدَّيْلَم، فأَتوه فالْتَقوا في سَفْحِ جَبلٍ، فانْهَزَم المشركون في الجَبلِ، فاتَّبَعهُم المسلمون حتَّى انْتَهوا إلى فَمِ الشِّعْبِ، فدَخلَه المسلمون وصَعَد المشركون في الجَبلِ واتَّبَعَهم المسلمون يَرومُون الصُّعود، فرَماهُم العَدُوُّ بالنِّشابِ والحِجارَةِ، فانْهَزَم أبو عُيينَة والمسلمون يَركَب بَعضُهم بَعضًا، يَتَساقَطون في الجَبلِ حتَّى انْتَهوا إلى عَسْكَرِ يَزيدَ، وكَفَّ عَدُوُّهم عن اتِّباعِهم، وخافَهُم الإصْبَهْبَذ، فكان أَهلُ جُرجان ومُقَدِّمُهم المَرْزبان يَسأَلُهم أن يُبَيِّتُوا مَن عندهم مِن المسلمين، وأن يَقطَعوا عن يَزيدَ المادَّةَ والطَّريقَ فيما بينه وبين بِلادِ الإسلام، ويَعِدُهم أن يُكافِئَهم على ذلك، فثاروا بالمسلمين، فقَتَلوهُم أَجمعين وهُم غارُون في لَيلةٍ، وقُتِلَ عبدُ الله بن المُعَمَّر وجَميعُ مَن معه فلم يَنْجُ منهم أَحَدٌ، وكَتَبوا إلى الإصْبَهْبَذ بِأَخْذِ المَضايِق والطُّرُق. وبَلَغ ذلك يَزيدَ وأَصحابَه فعَظُمَ عليهم وهالَهُم، وفَزِعَ يَزيدُ إلى حَيَّان النَّبَطِي وقال له: لا يَمنَعك ما كان مِنِّي إليك مِن نَصيحَة المسلمين، وقد جاءَنا عن جُرجان ما جاءَنا، فاعْمَل في الصُّلْح. فقال: نعم. فأَتَى حَيَّانُ الإصْبَهْبَذ فقال: أنا رَجُلٌ منكم، وإن كان الدِّينُ فَرَّقَ بيني وبينكم، فأنا لكم ناصِح، فأنت أَحَبُّ إِلَيَّ مِن يَزيدَ، وقد بَعَث يَسْتَمِدُّ وأَمْدادُه منه قَريبَة، وإنَّما أصابوا منه طَرَفًا، ولست آمَن أن يأتيك مَن لا تقوم له، فأَرِحْ نَفسَك وصالِحْه، فإن صالَحتَه صَيَّرَ حَدَّهُ على أَهلِ جُرجان بِغَدْرِهِم وقَتْلِهم أَصحابَه. فصالَحَهُ على سَبعمائة ألف، وقِيلَ: خَمسمائة ألف، وأربعمائة وَقْرِ زَعْفَران، أو قِيمتِه مِن العَيْنِ، وأَربعمائة رَجُلٍ، على كُلِّ رَجُلٍ منهم تُرْسٌ وطَيْلَسان، ومع كُلِّ رَجُل جامٌ مِن فِضَّة وخِرْقَة حَرير وكُسْوَة. ثمَّ رَجَع حَيَّانُ إلى يَزيدَ، فقال: ابْعَث مَن يَحْمِل صُلْحَهُم. فقال: مِن عندهم أو مِن عندنا؟ قال: مِن عندهم. وكان يَزيد قد طابت نَفسُه أن يُعطِيَهم ما سَأَلوا ويَرجِع إلى جُرجان، فأَرسَل إلى يَزيد مَن يَقبِض ما صالَحَهم عليه حَيَّان.

العام الهجري : 515 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1121
تفاصيل الحدث:

هو أمير الجيوش أبو القاسم شاهنشاه الملك الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي. كان والده بدر أرمنيًّا، اشتراه جمال الدولة بن عمار، وتربى عنده وتقدم بسببه، كان بدر نائبًا بعكا، فسار في البحر في ترميم دولة المستنصر العبيدي، فاستولى على الإقليم، وأباد عدة أمراء، ودانت له الممالك إلى أن مات، فقام بعده ابنه الأفضل، وعَظُم شأنه، وأهلك نزارًا ولد المستنصر صاحب دعوة الباطنية الإسماعيلية أصحاب ابن الصباح وقلعة ألموت، وكذلك أتابكه أفتكين متولي الثغر، وكان الأفضل بطلًا شجاعًا، وافر الهيبة، عظيم الرتبة، فلما هلك المستعلي نَصَب في الإمامة ابنه الآمر، وحجر عليه وقمعه، وكان الآمر طياشًا فاسقًا، فعمل على قتل الأفضل، فرتب عدةً وثبوا عليه، فأثخنوه، ونزل إليه الآمر، وتوجَّع له، فلما قُضِي الأفضل استأصل الآمر أمواله، وبقي الآمر في داره أربعين صباحًا والكَتَبة تضبط تلك الأموال والذخائر، وحبس أولاد الأفضل، وكانت ولايته بعد أبيه ثماني وعشرين سنة، منها: آخر أيام المستنصر، وجميع أيام المستعلي، إلى هذه السنة من أيام الآمر، وكانت الأمراء تكرهه لكونه سنيًّا، فكان يؤذيهم، وكان فيه عدل، والإسماعيلية يكرهونه لأسباب؛ منها: تضييقه على إمامهم، وتركه ما يجب عندهم سلوكه معهم، ومنها ترك معارضة أهل السنة في اعتقادهم، والنهي عن معارضتهم، وإذنه للناس في إظهار معتقدات أهل السنة والمناظرة عليها، فكثر الغرباء ببلاد مصر، وكان حَسَن السيرة، عادلًا. قال أبو يعلى بن القلانسي: "كان الأفضل حسن الاعتقاد، سُنِّيًّا، حميد السيرة، كريم الأخلاق، لم يأت الزمان بمثله". قال ابن خلكان: "ترك الأفضل من الذهب العين ستمائة ألف ألف دينار مكررة، ومن الدراهم مائتين وخمسين أردبًا، وسبعين ثوب ديباج أطلس، وثلاثين راحلة أحقاق ذهب عراقي، ودواة ذهب فيها جوهرة باثني عشر ألف دينار، ومائة مسمار ذهب زنة كل مسمار مائة مثقال، في عشرة مجالس كان يجلِسُ فيها، على كل مسمار منديل مشدود بذهب، كل منديل على لون من الألوان من ملابسه، وخمسمائة صندوق كسوة للبس بدنه، قال: وخلف من الرقيق والخيل والبغال والمراكب والمسك والطيب والحلي ما لا يعلم قدره إلا الله عز وجل، وخلف من البقر والجواميس والغنم ما يستحيي الإنسانُ من ذكره، وبلغ ضمان ألبانها في سنة وفاته ثلاثين ألف دينار، وترك صندوقين كبيرين مملوءين إبر ذهب برسم النساء والجواري" قُتِل الأفضل في رمضان سنة 515، وله ثمان وخمسون سنة, ولما قتل ولي الوزارة بعد الأفضل أبو عبد الله بن البطائحي، ولقب المأمون، وتحكم في الدولة، وظهر الظلم والبدعة أيام البطائحي, وبقي كذلك حاكمًا في البلاد إلى سنة 519، فصُلِب.

العام الهجري : 334 العام الميلادي : 945
تفاصيل الحدث:

هو العَلَّامة شيخُ الحنابلةِ: أبو القاسم عُمَرُ بنُ أبي علي الحسين بن عبد الله بن أحمد البغدادي الخِرَقيُّ الحنبليُّ, والخِرَقي: بكسر الخاء وفتح الراء؛ نِسبةً إلى بَيعِ الخِرَق والثِّيابِ. فقيهٌ حنبليٌّ، صنَّف التصانيفَ. صاحِبُ المُختَصَر المشهورِ في الفِقهِ على مذهب الإمام أحمد، والذي شَرَحه القاضي أبو يعلَى بن الفراء، والشيخ مُوفَّق الدين بن قُدامة المقدسي، كان من كبارِ العُلَماء، تفَقَّه على والده الحُسَين صاحب المروذي, وقد كان الخِرَقي هذا من ساداتِ الفُقَهاء والعُبَّاد، كثيرَ الفضائِلِ والعبادة، وصنَّفَ في مذهبِ الإمامِ أحمدَ كتُبًا كثيرةً مِن جُملتِها: المُختَصَر، الذي يشتَغِلُ به أكثَرُ المبتدئين من أصحابِهم، ولَمَّا خرج من بغداد مهاجِرًا لَمَّا كثُرَ بها الشَّرُّ والسَّبُّ للصحابةِ والسَّلَف، أودَعَ كُتُبَه في بغدادَ، فاحترقت الدارُ التي كانت فيها الكتُبُ، وعُدِمَت مُصنَّفاتُه، وقصد دمشقَ فأقام بها حتى مات في هذه السَّنة، وقبرُه بباب الصغير قريبًا من قبور الشهداء، وذكَرَ في مختصره هذا في الحَجِّ ويأتي الحجَرَ الأسودَ ويقَبِّلُه إن كان هناك، وإنما قال ذلك؛ لأنَّ تصنيفَه لهذا الكتاب كان والحجَرُ الأسوَدُ قد أخَذَته القرامطةُ، وهو في أيديهم في سنة 317، ولم يُرَدَّ إلى مكانِه إلَّا سنة 337، قال القاضي أبو يعلى: "كانت للخِرَقي مُصَنَّفاتٌ كثيرة وتخريجاتٌ على المذهب، ولم تظهَرْ؛ لأنَّه خرج من مدينته لَمَّا ظهر بها سَبُّ الصحابة، وأودع كتُبَه فاحتَرَقت الدارُ التي هي فيها، فاحتَرَقت الكتُبُ، ولم تكن قد انتشَرَت؛ لبُعدِه عن البلَدِ".

العام الهجري : 462 العام الميلادي : 1069
تفاصيل الحدث:

أبو بكرِ بن عُمرَ بن تكلاكين اللَّمتوني، أَميرُ المُلَثَّمِين، وهو ابنُ عَمِّ يُوسفَ بنِ تاشفين أَميرِ المُرابطين، كان في أَرضِ فرغانة، خَلَفَ أَخاهُ يحيى بن عُمرَ في زَعامةِ صنهاجة وتَقَلَّدَ أُمورَ الحَربِ، اتَّفقَ له مِن النَّاموسِ ما لم يَتَّفِق لِغيرهِ مِن المُلوكِ، كان يَركَبُ معه إذا سار لِقِتالِ عَدُوٍّ خمسُمائةِ ألفِ مُقاتلٍ، كان يعتقد طاعته، لمَّا قَدِمَ عبدُالله بن ياسين للصحراء لصحراء أفريقية لِدَعوةِ قَبائلِها وتَعليمِهم أُمورَ دِينِهم وإقامةِ شَرعِ الله فيهم؛ فلمَّا قَدِمَ على لتمونة لمتونة قَبيلةِ يُوسفَ بنِ تاشفين, فأَكرَموه، وفيهم أبو بكرِ بن عُمرَ، فذَكَر لهم قواعدَ الإسلامِ، وفَهَّمَهُم، فقالوا: أمَّا الصلاةُ والزَّكاةُ فقَريبٌ، وأمَّا مَن قَتَلَ يُقتَل، ومَن سَرقَ يُقطَع، ومَن زَنَى يُجلَد، فلا نَلتَزِمُه، فذَهَبَا في تلك الصحارى المُتَّصِلَةِ بإقليمِ السُّودانِ حتى انتَهَيَا إلى جدالة، قَبيلةِ جوهر، فاستجابَ بَعضُهم، فقال ابنُ ياسين للذين أَطاعُوه: قد وَجَبَ عليكم أن تُقاتِلوا هؤلاء الجاحِدين، وقد تَحَزَّبُوا لكم، فانْصُبوا رايةً وأَميرًا. قال جوهر: فأنت أَميرُنا. قال: لا، أنا حامِلُ أَمانةِ الشَّرعِ؛ بل أنت الأميرُ. قال: لو فعلتُ لَتَسَلَّطَت قَبيلَتِي، وعاثُوا. قال: فهذا أبو بكر بن عُمرَ رَأسُ لَمتونَة، فسِرْ إليهِ وعرض واعرض عليه الأَمرَ، فبايَعُوا أبا بكرٍ، ولَقَّبُوه أَميرَ المُسلمين، وقام معه طائفةٌ مِن قَومهِ وطائفةٌ مِن جدالة، وحَرَّضَهم ابنُ ياسين على الجِهادِ، وسَمَّاهُم المُرابِطين، فثارت عليهم القَبائلُ، فاستَمالَهم أبو بكرٍ، وكَثُرَ جَمعُه، وبَقِيَ أَشرارٌ، فتَحَيَّلُوا عليهم حتى زَرَبوهُم في مكانٍ، وحَصَرُوهُم، فهَلَكوا جُوعًا، وضَعُفُوا، فقَتَلوهُم، وقَوِيَ أَمرُ أبي بكر بن عُمرَ وظَهرَ، ودانت له الصحراءُ، ونَشأَ حول ابنِ ياسين جَماعةٌ فُقهاءُ وصُلَحاءُ، وظَهرَ الإسلامُ هناك، وكان مع هذا يُقيمُ الحُدودَ ويَحفظُ مَحارِمَ الإسلامِ، ويَحوطُ الدِّينَ ويَسيرُ في الناسِ سِيرَةً شَرعِيَّةً، مع صِحَّةِ اعتِقادِه ودِينِه، ومُوالاةِ الدولةِ العبَّاسِيَّةِ، في سَنةِ 453هـ قام أبو بكر بن عُمرَ بِتَوْلِيَةِ ابنِ عَمِّهِ يُوسف بن تاشفين شُؤونَ المُرابِطين، وتَوَجَّهَ هو إلى الجنوبِ على رَأسِ جَيشٍ مُختَرِقًا بِلادَ سجلماسة ثم قَصدَ بِلادَ السُّودانِ السِّنغالَ مُتَوَغِّلًا فيها ناشِرًا للإسلامِ إلى أن أَصابَتهُ نُشَّابَةٌ في بَعضِ غَزَواتِه في حَلْقِه فقَتَلَتْهُ وهُم في قِتالٍ مع السُّودانِ السِّنغالِ.

العام الهجري : 587 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1191
تفاصيل الحدث:

هو الفيلسوف أبو الفتوح شهاب الدين يحيى بن حبش بن أميرك السَّهروردي الحلبيُّ المقتولُ. وُلِدَ السهروردي سنة 549 في بلدةِ سهرورد الواقعةِ في شمال إيران بين قزوين وسلسلة جبالِ البرز ونشأ في مدينةِ مراغة، كان شابًّا فاضِلًا، متكَلِّمًا مناظِرًا، يتوقَّدُ ذكاءً. كان أوحَدَ في العلوم الحكميَّة، جامعًا لفنون الفلسفة، بارعًا في أصول الفقه، مُفرِطَ الذكاءِ، فصيح العبارة، لم يناظر أحدًا إلا أربى عليه، وكان عِلمُه أكثَرَ مِن عقله. قال فخر الدين المارديني: "ما أذكى هذا الشابَّ وأفصَحَه إلَّا أني أخشى عليه لكثرةِ تهَوُّرِه واستهتارِه تَلافَه" قرأ الحِكمةَ والأصول على مجد الدين الجيلي شيخ الفخر الرازي بمراغة، كان شافعيَّ المذهَبِ، وله في النظم والنثر أشياءُ، وكان يُتَّهَمُ بانحلالِ العقيدة والتعطيل، ويعتَمِدُ مذهب الحكماء المتقَدِّمين، وقد اشتهر ذلك عنه، وقيل: إنه تأثر بعقيدة الإسماعيليَّة الباطنية. قال السيف الآمدي: "اجتمعْتُ بالسهروردي بحلب، قال لي: لا بدَّ أن أملِكَ الأرضَ، رأيت كأني قد شَرِبتُ ماء البحرِ. فقلت: لعلَّ هذا يكونُ اشتهارَ العِلمِ وما يناسِبُ هذا، فرأيته لا يرجِعُ عمَّا وقع في نفسه، ورأيتُه كثيرَ العِلمِ قَليلَ العقل" كان السهروردي لا يلتَفِتُ إلى ما يلبَسُه، ولا يحتَفِلُ بأمور الدنيا. وله شعرٌ رائق حسن، وله مصنفات منها كتاب " التلويحات اللوحيَّة والعرشيَّة "، وكتاب " اللمحة "، وكتاب " هياكل النور "، وكتاب " المعارج " وكتاب " المطارحات "، وكتاب " حكمة الإشراق". قال الذهبي: "سائِرُ كُتُبِه فلسفةٌ وإلحادٌ، نسأل الله السَّلامةَ في الدين". قَدِمَ الشام فناظر فُقَهاءَ حلب، ولم يجارِه أحَدٌ، فاستحضره الملك الظاهر بن صلاح الدين، وعقد له مجلسًا، فبان فَضلُه، وبهر علمُه، وحَسُن مَوقِعُه عند السلطان، وقَرَّبه واختص به، فشَنَّعوا عليه فأفتى علماء حلب بإباحة دَمِه. وكان أشَدُّهم عليه زين الدين ومجد الدين ابنا جهبل، وعملوا محاضر بكفره، وسيَّروها إلى السلطان صلاح الدين، وخوَّفوه من أن يُفسِدَ اعتقادَ وَلَدِه، وزادوا عليه أشياءَ كثيرة، فبعث إلى وَلَدِه الملك الظاهر بخطِّ القاضي الفاضل يقول فيه: لا بدَّ مِن قتله، ولا سبيلَ إلى أن يُطلَقَ ولا يبقى بوجهٍ، فلما لم يبقَ إلَّا قتْلَه اختار هو لنفسِه أن يُترَكَ في بيتٍ حتى يموتَ جوعًا، ففُعِلَ به ذلك, فقُتِلَ زنديقًا بقلعة حلب, وقيل قُتِلَ خَنقًا, وقد عاش ثماني وثلاثين سنة. وهو يختلف عن شهاب الدين عمر السهروردي الذي توفي سنة 632، صاحِب الطريقة السهروردية، ومؤلِّف كتاب عوارف المعارف في التصوُّف.

العام الهجري : 38 العام الميلادي : 658
تفاصيل الحدث:

هو عبدُ الله بن وَهْبٍ  الهَمْدانيُّ السَّبَئِيُّ، وقِيلَ: الحِمْيَريُّ. أصلُه مِن يَهودِ صَنْعاءَ, وقِيلَ: مِن يَهودِ الحِيرَةِ، مَعروفٌ بابنِ السَّوداءِ لأنَّ أُمَّهُ حَبَشيَّةٌ، أَظهرَ الإسلامَ في زَمَنِ عُثمانَ بن عفَّانَ, وقِيلَ: إنَّه رُوميٌّ أَظهرَ الإسلامَ هو وجماعتُه السَّبئيَّةُ بغَرَضِ تَقويضِ الدَّولةِ الإسلاميَّة لصالحِ الدَّولةِ البِيزنْطيَّة. وهو يَختلِفُ عن عبدِ الله بن وَهْبٍ الرَّاسبيِّ رأسِ الخَوارجِ الذي خرَج على عَلِيٍّ, رحَل ابنُ سَبَإٍ إلى الحِجازِ ثمَّ البَصرَةِ ثمَّ الكوفةِ ثمَّ الشَّامِ ثمَّ اسْتَقَرَّ في مِصْرَ، كلّ ذلك يَنشُر بِدعَتَهُ، وجهَر بها وتَقَوَّى في مِصْرَ، كان يقولُ بِرَجْعَةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كرَجْعَةِ عيسى في آخرِ الزَّمانِ، ثمَّ دَعا إلى عَلِيٍّ وأثار الفِتنَةَ على عُثمانَ، ثمَّ غَلا في عَلِيٍّ وأَظهرَ أنَّه الخليفةُ بعدَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالوِصايَةِ، ثمَّ قال: إنَّ في عَلِيٍّ جُزْءًا لاهوتِيًّا، وأنَّ هذا الجُزءَ يَتَناسَخ في الأئمَّةِ مِن بعدِ عَلِيٍّ، ثمَّ زعَم أنَّ عَلِيًّا أيضًا يَرْجِع، وأَفْشَلَ مع اتْباعِه المفاوضات بين عَلِيٍّ والصَّحابةِ في الجَملِ وصِفِّينَ، وتَسبَّبوا في نُشوبِ الحَربِ بينهم. يُقال: إنَّ عَلِيًّا نَفاهُ إلى المدائنِ. وذلك أنَّ عَلِيَّ بن أبي طالبٍ لمَّا بَلغَهُ أنَّ ابنَ السَّوداءِ يَنْتَقِصُ أبا بكرٍ وعُمَر دَعا به، ودَعا بالسَّيْفِ وهَمَّ بِقَتلِه، فشفَع فيه أُناسٌ، فقال: والله لا يُساكِنُني في بلدٍ أنا فيه، فسَيَّرَهُ إلى المدائنِ، وقِيلَ: حَرَقَهُ بالنَّارِ فيمَن حرَقَهُم, وقِيلَ: إنَّه اخْتَفى ولم يُعْلَمْ بِخاتِمَتِه.

العام الهجري : 803 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1400
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ الأشرَفُ إسماعيلُ بنُ الأفضلِ عباسِ بن المجاهد علي بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن منصور عمر بن علي بن رسول، وَلِيَ سَلطنة اليمن بعد أبيه في سنة 778، حتى مات، وكان حليمًا، كثير السَّخاء، مُقبلًا على العلم، محبًّا للغرباء، وصنَّف تاريخًا لليمن، توفِّيَ في ليلة السبت ثامن عشر ربيع الأول، بمدينة تَعْز من بلاد اليمن، عن سبع وثلاثين سنة، وقام بمملكة اليمن بعده ابنُه الملك الناصر أحمد.

العام الهجري : 1213 العام الميلادي : 1798
تفاصيل الحدث:

يقول الجبرتي: "كانت الفرنسيسُ حين دخولهم بالإسكندرية كتبوا مرسومًا وطبَعوه وأرسلوا منه نُسخًا إلى البلاد التي يَقدَمون عليها؛ تطمينًا لهم، ووصل هذا المكتوبُ مع جملةٍ مِن الأُسارى الذين وجدوهم بمالطة وحضروا صُحبتَهم، وحضرَ منهم جملةٌ إلى بولاق، وذلك قبل وُصولِ الفرنسيس بيومٍ أو بيومين، ومعهم منه عِدَّةُ نُسَخ، ومنهم مغاربة وفيهم جواسيس وهم على شَكلِهم من كفَّار مالطة ويعرفون باللغات, وصورةُ ذلك المكتوب: "بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا اللهُ لا ولد له ولا شريكَ له في مُلكِه، من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية، السير عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابارته يعرف أهالي مصرَ جميعَهم أنَّ من زمان مديد الصناجق الذين يتسلَّطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حقِّ الملة الفرنساوية؛ يظلمون تجارَها بأنواع الإيذاء والتعدي، فحضر الآن ساعةَ عقوبتهم وأخَّرنا من مدة عصور طويلة هذه الزمرة المماليك المجلوبين من بلاد الأزابكة والجراكسة يُفسِدون في الإقليم الحسن الأحسَنِ الذي لا يوجدُ في كُرة الأرض كلِّها، فأمَّا رب العالمين القادِرُ على كل شيء فإنه قد حكمَ على انقضاء دولتهم، يا أيها المصريون، قد قيل لكم إنَّني ما نزلت بهذا الطرفِ إلَّا بقصد إزالة دينكم، فذلك كَذِبٌ صريحٌ، فلا تصَدِّقوه، وقولوا للمفترين إنَّني ما قَدِمت إليكم إلَّا لأخَلِّص حَقَّكم من يد الظالمين، وإنني أكثَرُ من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى وأحترِمُ نبيه والقرآن العظيم، وقولوا أيضًا لهم إنَّ جميع الناس متساوون عند الله، وإنَّ الشيء الذي يفرقُهم عن بعضِهم هو العقلُ والفضائِلُ والعلوم فقط، وبين المماليك والعقل والفضائل تضاربٌ، فماذا يميزُهم عن غيرِهم حتى يستوجِبوا أن يتمَلَّكوا مصر وحدَهم ويختَصُّوا بكل شيءٍ أحسَن فيها من الجواري الحِسان والخيل العتاق والمساكِن المفرحة، فإن كانت الأرضُ المصرية التزامًا للمماليك فليُرونا الحُجَّة التي كتبها الله لهم، ولكنَّ رب العالمين رؤوفٌ وعادل وحليم، ولكنْ بعونه تعالى من الآن فصاعدًا لا ييأس أحد من أهالي مصر عن الدخول في المناصب السامية وعن اكتساب المراتب العالية؛ فالعلماء والفضلاء والعقلاء بينهم سيدبِّرون الأمور، وبذلك يصلُحُ حال الأمَّة كُلِّها، وسابقًا كان في الأراضي المصرية المدنُ العظيمة والخلجان الواسعة والمتجر المتكاثر، وما أزال ذلك كلَّه إلا الظلمُ والطمع من المماليك، أيها المشايخُ والقضاة والأئمة والجربجية وأعيان البلد، قولوا لأمَّتِكم إن الفرنساوية هم أيضًا مسلمون مخلصون، وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في رومية الكبرى وخرَّبوا فيها كرسيَّ الباب الذي كان دائمًا يحثُّ النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكواللرية الذين كانوا يزعُمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلةَ المسلمين، ومع ذلك الفرنساوية في كلِّ وقت من الأوقات صاروا محبِّين مخلصين لحضرة السلطان العثماني وأعداءِ أعدائِه، أدام الله مُلكَه، ومع ذلك إنَّ المماليك امتنعوا من إطاعة السلطان غيرَ ممتثلين لأمره، فما أطاعوا أصلًا إلَّا لطمع أنفسهم، طوبى ثم طوبى لأهالي مصر الذين يتَّفقون معنا بلا تأخير، فيَصلُح حالهم وتعلو مراتبُهم، طوبى أيضًا للذين يقعُدون في مساكنِهم غيرَ مائلين لأحدٍ مِن الفريقين المتحاربين، فإذا عرفونا بالأكثر تسارعوا إلينا بكل قلبٍ، لكنَّ الويل ثم الويل للذين يعتمدون على المماليك في محاربتِنا فلا يجدون بعد ذلك طريقًا إلى الخلاص، ولا يبقى منهم أثر".

العام الهجري : 831 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1428
تفاصيل الحدث:

في شهر جمادى الأولى كانت الفتنة الكبيرة بمدينة تعز من بلاد اليمن؛ وذلك أن الملك المنصور عبد الله بن أحمد لما توفي في جمادى الأولى السنة الفائتة، أقيم بعده أخوه الملك الأشرف إسماعيل بن أحمد الناصر بن الملك الأشرف إسماعيل بن عباس، فتغيَّرت عليه نيات الجند كافةً؛ من أجل وزيره شرف الدين إسماعيل بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر العلوي، نسبةً إلى علي بن بولان العكي؛ فإنه أخَّر صرف جوامكهم -مخصَّصاتهم- ومرتَّباتهم، واشتد عليهم، وعنف بهم، فنفرت منه القلوب، وكثُرت حُسَّاده؛ لاستبداده على السلطان، وانفراده بالتصرف دونه، وكان يليه في الرتبة الأمير شمس الدين علي بن الحسام، ثم القاضي نور الدين علي المحالبي مشد -ضابط- الاستيفاء، فلما اشتد الأمر على العسكر وكثرت إهانة الوزير لهم، واطِّراحه جانبهم، ضاقت عليهم الأحوال حتى كادوا أن يموتوا جوعًا، فاتفق تجهيز خزانة من عدن، وبرز الأمر بتوجه طائفة من العبيد والأتراك لنقلِها، فسألوا أن يُنفَق فيهم أربعة دراهم لكلٍّ منهم يرتفق بها، فامتنع الوزير ابن العلوي من ذلك، وقال: ليمضوا غصبًا إن كان لهم غرضٌ في الخدمة، وحين وصول الخزانة يكون خير، وإلا ففَسَح الله لهم، فما للدهر بهم حاجة، والسلطان غني عنهم، فهيج هذا القول حفائِظَهم، وتحالف العبيد والترك على الفتك بالوزير، وإثارة فتنة، فبلغ الخبر السلطان، فأعلم الوزير، فقال: ما يسووا شيئًا، بل نشنق كل عشرة في موضع، وهم أعجَزُ من ذلك، فلما كان يوم الخميس تاسع جمادى الآخرة هذا قبيل المغرب، هجم جماعةٌ من العبيد والترك دار العدل بتعز، وافترقوا أربع فرق؛ فرقة دخلت من باب الدار، وفرقة دخلت من باب السر، وفرقة وقفت تحت الدار، وفرقة أخذت بجانب آخر، فخرج إليهم الأمير سنقر أمير جندار، فهبروه بالسيوف حتى هلك، وقتلوا معه علي المحالبي مشد المشدين، وعدة رجال، ثم طلعوا إلى الأشرف -وقد اختفى بين نسائه وتزيَّا بزيهن- فأخذوه ومضوا إلى الوزير ابن العلوي، فقال لهم: ما لكم في قتلي فائدة؟ أنا أنفق على العسكر نفقة شهرين، فمضوا إلى الأمير شمس الدين علي بن الحسام بن لاجين، فقبضوا عليه، وقد اختفى، وسجنوا الأشرف وأمَّه وحظيَّته في طبقة المماليك، ووكلوا به، وسجنوا ابن العلوي الوزير وابن الحسام قريبًا من الأشرف، ووكلوا بهما، وقد قيدوا الجميع، وصار كبير هذه الفتنة برقوق من جماعة الترك، فصعد هو في جماعة ليُخرِجَ الظاهر يحيى بن الأشرف إسماعيل بن عباس من مدينة ثعبات بتعز، فامتنع أمير البلد من الفتح ليلًا، وبعث الظاهر إلى برقوق بأن يتمهَّل إلى الصبح، فنزل برقوق ونادى في البلد بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء، والأخذ والعطاء، وأن السلطان هو الملك الظاهر يحيى بن الأشرف، هذا وقد نهب العسكر عند دخولهم دار العدل جميعَ ما في دار السلطان، وأفحَشوا في نهبهم، فسلبوا الحريم ما عليهن، وانتهكوا ما حرَّم الله، ولم يَدَعوا في الدار ما قيمتُه الدرهم الواحد، وأخذوا حتى الحُصُر، وامتلأت الدار وقت الهجمة بالعبيد والترك والعامة، فلما أصبح يوم الجمعة عاشره اجتمع بدار العدل الترك والعبيد، وطلبوا بني زياد وبني السنبلي والخدم، وسائر أمراء الدولة والأعيان، فلما تكامل جمعهم ووقع بينهم الكلام فيمن يقيموه، قال بنو زياد: ما تمَّ غير يحيى، فاطلَعوا له هذه الساعة، فقام الأمير زين الدين جياش الكاملي والأمير برقوق، وطلعا إلى مدينة ثعبات في جماعة من الخدام والأجناد، فإذا الأبوابُ مغلقة، وصاحوا بصاحب البلد حتى فتح لهم، ودخلوا إلى القصر، فسلموا على الظاهر يحيى بالسلطنة وسألوه أن ينزل معهم إلى دار العدل، فقال: حتى يصل العسكر أجمع، ففكُّوا القيد مِن رِجلَيه، وطلبوا العسكرَ بأسرِهم، فطلعوا بأجمعهم، وأطلعوا معهم بعشرة جنائب من الإسطبل السلطاني في عدة بغال، فتقدَّم الترك والعبيد وقالوا للظاهر: لا نبايعك حتى تحلفَ لنا أنَّه لا يحدث علينا منك سوءٌ بسبب هذه الفعلة، ولا ما سبقَ قبلها،، فحلف لهم ولجميع العسكر، وهم يعيدون عليه الأيمانَ، ويتوثَّقون منه، وذلك بحضرة قاضي القضاة موفق الدين علي بن الناشري، ثم حلفوا له على ما يحبُّ ويختار، فلما انقضى الحلف، وتكامل العسكر، ركب ونزل إلى دار العدل في أهبة السلطنة، فدخلها بعد صلاة الجمعة، فكان يومًا مشهودًا، وعندما استقر بالدار أمر بإرسال ابن أخيه الأشرف إسماعيل إلى ثعبات، فطلعوا به، وقيدوه بالقيد الذي كان الظاهر يحيى مُقيَّدًا به، وسجنوه بالدار التي كان مَسجونًا بها، ثم حُمل بعد أيام إلى الدملوه، ومعه أمه وجاريته، وأنعم السلطان الملك الظاهر يحيى على أخيه الملك الأفضل عباس بما كان له، وخلع عليه وجعله نائب السلطة كما كان في أول دولة الناصر، وخمدت الفتنة، وكان الذي حرَّك هذا الأمر بني زياد، فقام أحمد بن محمد بن زياد الكاملي بأعباء هذه الفتنة، لحنقه على الوزير ابن العلوي؛ فإنه كان قد مالأ على قتل أخيه جياش، وخذل عن الأخذ بثأره وصار يمتَهِنُ بني زياد، ثم ألزم الوزير ابن العلوي وابن الحسام بحمل المال، وعُصِرا على كِعابهما وأصداغهما، ورُبطا من تحت إبطهما، وعُلِّقا منكسَينِ، وضُرِبا بالشيب والعصا، وهما يوردان المال، فأُخِذَ من ابن العلوي -ما بين نقد وعروضٍ- ثمانون ألف دينار، ومن ابن الحسام ثلاثون ألف دينار، وظهر من السلطان نبل وكرم وشهامة ومهابة، بحيث خافه العسكر بأجمعهم؛ فإن له قوة وشجاعة، حتى إن قوسه يعجز من عندهم من الترك عن جَرِّه، وبهذه الحادثة اختَلَّ مُلكُ بني رسول.

العام الهجري : 904 العام الميلادي : 1498
تفاصيل الحدث:

كان تسليم غرناطة للملك فرديناند ملك أراغون والملكة إيزابيلا ملكة قشتالة بناء على معاهدة، لكن فرديناند وزوجته لم يَفيَا بهذه العهود، بل أصدرت إيزابيلا قانونًا يقضي بإجبار المسلمين على التنصر وتحريم إقامة شعائرهم الدينية، وتأمر كذلك بإحراق الكتب الإسلامية في غرناطة, وبعد أن نقض فرديناند شروط تسليم غرناطة شرطًا شرطًا بدا بدعوة المسلمين إلى التنصر وأكرههم عليه فدخلوا في دينه كرهًا وصارت الأندلس كلها نصرانية، ولم يبق من يقول فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارًا إلا من يقولها في نفسه وفي قلبه أو خفيةً من الناس!! وجعلت النواقيس بدل الأذان في مساجدِها والصور والصلبان بعد ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن، فكم فيها من عينٍ باكية! وكم فيها من قلب حزين! وكم فيها من الضعفاء والمعدومين لم يقدروا على الهجرة واللحوق بإخوانهم المسلمين! قلوبهم تشتعل نارًا ودموعهم تسيل سيلًا غزيرًا مدرارًا، وينظرون أولادهم وبناتهم يعبدون الصلبان ويسجدون للأوثان ويأكلون الخنزير والميتات ويشربون الخمر التي هي أم الخبائث والمنكرات فلا يقدرون على منعهم ولا على نهيهم ولا على زجرهم! ومن فعل ذلك عوقب أشد العقاب، فيا لها من فاجعة ما أمرَّها ومصيبةٍ ما أعظمَها وأضرَّها وطامَّةٍ ما أكبَرَها! عسى الله أن يجعل لهم من أمرهم فرجًا ومخرجًا، إنه على كل شيء قدير.  وقد كان بعض أهل الأندلس قد امتنعوا من التنصر وأرادوا أن يدافعوا عن أنفسهم كأهل قرى ونجر والبشرة وأندراش وبلفيق، فجمع الملك فرديناند عليهم جموعه وأحاط بهم من كل مكان حتى أخذهم عنوة بعد قتال شديد فأخذ أموالهم وقتل رجالهم وسبى نساءهم وصبيانهم ونصَّرهم واستعبدهم إلا أن أناسًا في غربي الأندلس امتنعوا من التنصر وانحازوا إلى جبل منيع وعر فاجتمعوا فيه بعيالهم وأموالهم، وتحصنوا فيه فجمع عليهم الملك فرديناند جموعه وطمع في الوصول إليهم كما فعل بغيرهم، فلما دنا منهم وأراد قتالهم خيب الله سعيه ورده على عَقِبه ونصرهم عليه بعد أكثر من ثلاثة وعشرين معركة، فقتلوا من جنده خلقًا كثيرًا من رجال وفرسان! فلما رأى أنه لا يقدر عليهم طلب منهم أن يعطيهم الأمان ويجوزهم لعدوة الغرب مؤمَّنين فأنعموا له بذلك إلا أنه لم يسَرِّح لهم شيئًا من متاعهم غير الثياب التي كانت عليهم وجوَّزهم لعدوة الغرب كما شرطوا عليه، ولم يطمع أحد بعد ذلك أن يقوم بدعوة الإسلام، وعمَّ الكفرُ جميع القرى والبلدان وانطفأ من الأندلس نور الإسلام والإيمان، فعلى هذا فليبك الباكون، ولينتحب المنتحبون، كما انتحب شاعر الأندلس أبو البقاء الرندي (ت684) في قصيدته المشهورة التي رثا فيه الأندلس بعد سقوط قرطبة سنة 633 ومدن كبرى كإشبيلية وبلنسية وغيرها بيد الفرنج، والتي مطلعها: (لكل شيء إذا ما تم نقصانُ * فلا يغرَّ بطيبِ العيشِ إنسانُ)، فإنا لله وإنا إليه راجعون! كان ذلك في الكتاب مسطورًا، وكان أمر الله قدَرًا مقدورًا، لا مردَّ لأمره ولا معقِّبَ لحكمِه، وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!

العام الهجري : 812 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1409
تفاصيل الحدث:

أفرج الأمير شيخ المحمودي نائب الشام عن الأمير سودن تلي الحمدي، والأمير طوخ، والأمير سودن اليوسفي، وهم الذين طلبهم السلطان، فامتنع من إرسالهم إليه حتى غضب، وسار من مصر إلى دمشق ليأخُذَ الأمير شيخ، ثم أظهر شيخ ما في نفسه، وصرح بالخروج عن طاعة السلطان، وأخذ في الاستعداد، وطلب الأمراء الذين أفرج عنهم إليه بالمرج، في ليلة الثامن والعشرين من المحرم واستدعى قضاة دمشق وفقهاءها، وتحدث معهم بحضرة الأمراء بجواز محاربة السلطان، فأفتاه شهاب الدين أحمد بن الحسباني بما وافق غرَضَه، ثم في شهر صفر أوله السبت في ليلة السبت نزل السلطان باللجون، فشاع بين العسكر تنكُّر قلوب المماليك الظاهرية على السلطان، وتحدثوا بإثارة فتنة لتقديمه مماليكه الجلب -هكذا يُعرَفون- عليهم، واختصاصه بهم، وكثرة عطائه لهم، فلما أصبح السلطان رحل ونزل بيسان من آخره، فما هو إلا أن غربت الشمس، واشتد اضطراب الناس، وكثر قلق السلطان وخوفُه طول الليل إلى أن طلع الفجر، فرحل إلى جهة دمشق، وفي ليلة الخميس سادسه نزل السلطان الكسوة، ففر الأمير علان وجماعة من المماليك إلى جهة الأمير شيخ، فركب السلطان بكرة يوم الخميس ودخل دمشق، وفي ثاني ربيع الأول سارت أطلاب السلطان والأمراء من دمشق إلى الكسوة، وتبعهم السلطان بعساكره، وعليهم آلة الحرب، فبات بالكسوة، وأصبح راحلًا إلى جهة الأمير شيخ، وسار بكرة يوم الثلاثاء، فمر بالصنمين، ونزل من آخره برأس الماء على بريد من الصنمين، وبات فقَدِمَ الخبر بالتقاء كشافة السلطان بكشافة الأمير شيخ، وأسْرِهم رجلًا من الشيخية، وسار السلطان بكرةَ يوم الأربعاء إلى قرية الحراك، فنزل نصف النهار ثم رحل رحيلًا مزعجًا، ظنَّ الناس أن العدو قد طرقهم، فجدَّ في مسيره ونزل عند الغروب بكرك البثنية من حوران، وفي يوم الخميس سار السلطان إلى أن نزل ظاهر مدينة بصرى، فتحقق هناك خبر الأمير شيخ، وأنه في عصر يوم الأربعاء الماضي بلغه أن السلطان قد سار في إثره، فرحل فَزِعًا يريد صرخد، فأقام السلطان على بصرى إلى بكرة السبت، وقَدِمَ عليه ببصرى من الشيخية الأمير برسباي والأمير سودن اليوسفي، فكتب بذلك إلى دمشق، ثم سار ونزل بقرية عيون -تجاه صرخد- فكانت حرب بين أصحابه وبين الشيخية، قُتِل فيها فارسان من الشيخية، وجرح من السلطانية جماعة، ففرَّ منهم جماعة إلى الأمير شيخ، فلَحِقوا به، وكثر تخوُّف السلطان من أمرائه ومماليكه، وبلغه أنهم عوَّلوا على أنه إذا وقع مصاف الحرب، تركوه ومضوا إلى الأمير شيخ، فبات ليلته مستعدًّا لأن يُؤخَذ، ودبَّر أمرًا كان فيه نجاتُه، وسار بهم فلم يفجأ القوم إلا وقد طلع عليهم من ثنية هناك، وقد عبأ الأمير شيخ أصحابه، فأوقف المصريين ناحية، وقدم عليهم الأمير تمراز الناصري نائب السلطة، ووقف في ثقاته -وهم نحو الخمسمائة فارس- وحطم عليهم السلطان بنفسه ومن معه، فانهزم تمراز بمن معه من أول وهلة، وثبت الأميرُ شيخ فيمن معه، فكانت بينهم معارك صدرًا من النهار، وأصحاب الأمير شيخ تنسَلُّ منه، وهو يتأخر إلى جهة القلعة، وكانت الحرب بين جدران مدينة صرخد، فولى السلطان وطاق الشيخية، وانتهب أصحابه جميع ما كان فيه من خيل وجِمال، وثياب وأثاث، وخيام وآلات، وغيرها، فحازوا شيئًا كثيرًا، واستولى السلطان على جامع صرخد، وأصعده أصحابَه، فرَمَوا من أعلى المنارة بمكاحل النفط والأسهم الخطالية على الأمير شيخ، وحمل السلطان عليه حملة واحدة منكرة، فانهزم أصحاب شيخ، والتجأ في نحو العشرين إلى قلعة صرخد، وكانت خلف ظهره، وقد أعدها لذلك، فتسارع إليه عدة من أصحابه، وتمزَّق باقيهم، فأحاط السلطان بالمدينة، ونزل على القلعة، فأتاه الأمراء فهَنَّؤوه بالظفر، وامتدت الأيدي إلى صرخد، فما تركوا بها لأهلها جليلًا ولا حقيرًا، حتى أخذوه نهبًا وغصبًا، فامتلأت الأيدي مما لا يدخل تحت حصر، ولم يزل السلطان على قلعة صرخد يرميها بالمدافع والسهام، ويقاتل من بها ثلاثة أيام بلياليها، حتى أحرق جسر القلعة، فامتنع الأمير شيخ ومن معه بداخلها، وركبوا أسوارها، فأنزل السلطان الأمراء حول القلعة، وألزم كل أمير بقتال جهة من جهاتها، واستدعى المدافع ومكاحل النفط من الصبيبة وصفد ودمشق، ونَصَبها حول القلعة، وتمادى الحصر ليلًا ونهارًا، حتى قدم المنجنيق من دمشق على مائتي جمل، فلما تكامل نَصبُه ولم يبقَ إلا أن يرمي بحجره ترامى الأمير شيخ ومن معه من الأمراء على الأمير الكبير تغري بردي الأتابك، وألقوا إليه ورقة في سهم من القلعة، يسألونه فيها الوساطة بينهم وبين السلطان، فما زال حتى بعثه السلطان إليهم، فصعد إلى القلعة ومعه الخليفة وكاتب السر فتح الله، وجماعة من ثقات السلطان، في يوم السبت الثامن والعشرين، فجلسوا على شفير الخندق، وخرج الأمير شيخ، وجلس بداخل باب القلعة، ووقف أصحابه على رأسه، وفوق سور القلعة، وتولى كاتب السر محادثة الأمير شيخ، فطال الخطب بينهما، واتسع مجال الكلام؛ فتارة يعظه، وأخرى يؤنِّبه ويوبِّخُه، وآونة يعدِّدُ بالله على السلطان من جميل الأيادي وعوائد النصر على أعدائه، ويخوِّفه عاقبة البغي، وفي كل ذلك يعتذر الأمير شيخ، ثم انصرفوا على أن الأمير شيخ لا يقابل السلطان أبدًا خوفًا من سوء ما اجترمه، وقبيح ما فعله، فأبى السلطان إلا أن ينزل إليه، وأعاد الأمير تغري بردي وفتح الله فقط، بعدما ألح تغري بردي على السلطان في سؤاله العفو، فأحلف الأمير شيخ، وأخذ منه الأمير كمشبغا الجمالي وأسنبغا، بعدما خلع عليهما، وأدلاهما بحبال من سور القلعة، ثم أرخى أيضًا ابنه ليبعث به إلى السلطان، فصاح الصغير وبكى من شدة خوفِه، فرحمه من حضر، وما زالوا به حتى نشله، وتصايح الفريقان من أعلى القلعة، وفي جميع خيم العسكر، فرحًا وسرورًا بوقوع الصلح، وذلك أن أهل القلعة كانوا قد أشفَوا على الأخذ لقلة زادهم ومائهم، وخوفًا من حجارة المنجنيق، فإنها كانت تدمرهم تدميرًا، لو رمى بها عليهم، وأما العسكر فإنهم كانوا طول إقامتهم يسرحون كل يوم، فينهبون القرى نهبًا قبيحًا، ويأخذون ما يجدونه من الغلال والأغنام وآلات النساء، ويعاقبون من ظفروا به حتى يُطلِعَهم على ما عنده من علف الدواب وغيره، وفيهم من يتعرَّض للحريم فيأتون من القبائح بما يشنع ذكره، وهذا وهم في خصاصة من العيشِ، وقلة من المأكل، وكادت بركة صرخد أن يُنزح ماؤها، ومع ذلك فإن أصحاب السلطان معظمهم غير مناصِح له، لا يريدون أن يظفر بالأمير شيخ خشية أن يتفرغ منه لهم؛ فلهذا حسن موقع الصلح من الطائفتين، وبات العسكر على رحيل، وأصبحوا يوم الأحد، فركب الأمير تغري بردي، وكاتب السر فتح الله، والأمير جمال الدين، ومعظم الأمراء، فصعدوا إلى قلعة صرخد، وجلسوا على شفير خندقها فخرج الأمير شيخ وجلس بداخل باب القلعة، ووقف من معه على رأسه، ومن فوق السور، وأحلف فتح الله من بقي مع الأمير شيخ المحمودي من الأمراء للسلطان، وهم: جانم نائب حماة، وقرقماس ابن أخي دمرداش نائب صفد، وتمراز الأعور، وأفرج الأمير شيخ عن يحيي بن لاقي وتجار دمشق، وغيرهم ممن كان مسجونًا معه، وبعث للسلطان تقدمة فيها عدة مماليك، وتقرر الحال على مسير الأمير شيخ نائبًا بطرابلس، وأن يلبس التشريف السلطاني إذا رحل السلطان، فلما عادوا إلى السلطان رحل من صرخد، وقد رحل أكثر المماليك من الليل، فسار في قليل من ثقاته، وترك عدة من الأمراء على صرخد، وأنفق فيهم خمسة وعشرين ألف دينار وستين ألف درهم فضة، خارجًا عن الغنم والشعير، ونزل زرع فبات بها، ثم في شهر جمادى الأولى في ثالثه: قرئ بدمشق كتاب السلطان بأنه قد ولى الأمير شيخ نيابة طرابلس، فإن قصد دمشق فدافعوه عنها وقاتلوه، وكان الأمير شيخ قد قصد دمشق، وكتب إلى الأمير بكتمر جلق بأنه يريد دخول دمشق، ليقضيَ بها أشغاله ويرحل إلى طرابلس، فكثر تخيُّل السلطان من دخوله إليها، وفي ليلة الجمعة عاشره نزل الأمير شيخ على شقحب، وكان الأمير بكتمر قد خرج إلى لقائه بعسكر دمشق، ونزل قبة يلبغا، ثم ركب ليلًا يريد كبس الأمير شيخ، فلقي كشافته عند خان ابن ذي النون، فواقعه فبلغ ذلك الخبر شيخًا، فركب وأتاه، فلم يثبت بكتمر، وانهزم وأتى الأمير شيخ فنزل بمن معه قبة يلبغا، ودخل بكرة يوم الجمعة إلى دمشق، ونزل بدار السعادة من غير ممانع، ثم تغلب على دمشق بدل نائبها نوروز الحافظي الذي لم يستطع دخول دمشق؛ لمكان شيخ فيها، بل ظل محصورًا في حماة مع نائبها.

العام الهجري : 827 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1424
تفاصيل الحدث:

هو العلامة البحر الزاخر المولى حافظ الدين محمد بن محمد بن شهاب بن يوسف الكردي البريقيني الخوارزمي الحنفي الشهير بالبزازي، برع في الأصول حتى ذاع صيته في البلاد، اشتهر بفتاويه وخاصة فتواه بتكفير تيمورلنك، وتُعرَف بالفتاوى البزازية، وله مصنفات؛ منها: مناقب الإمام الأعظم  أبي حنيفة، ومناسك الحج، وآداب القضاة، وتعريفات الأحكام، وغيرها من الكتب. قال عصام الدين طاشْكُبْري زادَهْ: "له كتاب في مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه، وهو كتاب نافع في الغاية، مشتمل على المطالب العالية، طالعته من أوله إلى آخره واستفدت منه، ولما دخل بلاد الروم باحَثَ مع المولى الفناري وغلب هو عليه في الفروع، وغلب ذلك عليه في الأصول وسائر العلوم".

العام الهجري : 615 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1218
تفاصيل الحدث:

هي أم المؤيد زينبُ بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن سهل بن أحمد بن عبدوس الجرجاني الأصل النيسابوري الدار، الصوفي المعروف بالشعري- وتدعى حرة- وُلِدَت سنة 524 بنيسابور، وكانت عالمة، وأدركت جماعة من أعيان العلماء، وأخذت عنهم رواية وإجازة. سمعت من أبي محمد إسماعيل بن أبي القاسم ابن أبي بكر النيسابوري القارئ، وأبي القاسم زاهر وأبي بكر وجيه ابني طاهر الشحاميين، وأبي المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري، وأبي الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي وغيرهم، وأجاز لها الحافظ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، والعلامة أبو القاسم محمود ابن عمر الزمخشري صاحب " الكشاف " وغيرهما من السادات الحُفَّاظ. قال ابن خلكان: "ولنا منها إجازة كتبتها في بعض شهور سنة 610، ومولدي يوم الخميس بعد صلاة العصر حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة 608 بمدينة إربل بمدرسة سلطانها الملك المعظم مظفر الدين بن زين الدين" توفيت الحرة سنة 615 في جمادى الآخرة بمدينة نيسابور" قال الذهبي: "حدثت أم المؤيد أكثر من ستين سنة، روى عنها: عبد العزيز بن هلالة، وابن نقطة، والبرزالي، والضياء، وابن الصلاح، والشرف المرسي، والصريفيني، والصدر البكري، ومحمد بن سعد الهاشمي، والمحب ابن النجار، وجماعة كثيرة. وسمعت بإجازتها على التاج بن عصرون، والشرف بن عساكر، وزينب الكندية. وكانت شيخة صالحة، عالية الإسناد معمرة، مشهورة، انقطع بموتها إسناد عال". قال ابن خلكان: "الشَّعْري بفتح الشين المثلثة وسكون العين المهملة وفتحها وبعدها راء، هذه النسبة إلى الشعر وعمله وبيعه، ولا أعلم من كان في أجدادها يتعاطاه فنسبوا إليه، والله أعلم".

العام الهجري : 148 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 765
تفاصيل الحدث:

هو الإمام، الصَّادق، شيخ بني هاشم، أبو عبدالله جعفرُ بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، القرشي، الهاشمي، العلوي، النبوي، المدني، أحد الأعلام من التابعين, وكان يلقَّبُ بالصابر، والفاضِلِ، والطاهر، وأشهرُ ألقابه الصادِقُ، ولد سنة 80, وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق, وأمها: هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولهذا كان يقول: ولدني أبو بكر الصديق مرتين. قال الذهبي: "كان يغضب من الرافضة، ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر ظاهرا وباطنا, ثم قال: هذا لا ريب فيه، ولكن الرافضة قوم جهلة، قد هوى بهم الهوى في الهاوية، فبعدا لهم" وقال: "أن الصادق رأى بعض الصحابة، أحسبه رأى: أنس بن مالك، وسهل بن سعد".حاول المنصورُ أن يظفَرَ به، لكنَّه لم يقدِرْ عليه وانثنى عن ذلك، كان من أجلَّاء التابعين؛ فقيهًا عالِمًا جوادًا كريمًا زاهدا عابدا، قال ابن خلكان: " أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، وكان من سادات أهل البيت ولقب بالصادق لصدقه في مقالته وفضلُه أشهر من أن يذكر، وله كلام في صنعة الكيمياء والزجر والفأل". أورد الذهبيُّ بإسنادٍ قال إنه صحيح، عن سالم بن أبي حفصة قال: "سألتُ أبا جعفرٍ محمدَ بنَ عليٍّ وابنَه جعفرًا عن أبي بكرٍ وعمر، فقالا: يا سالمُ، تولَّهَما وابرأْ مِن عدُوِّهما؛ فإنهما كانا إمامَيْ هُدًى. وقال لي جعفرٌ: يا سالم، أيسُبُّ الرجُلُ جَدَّه؟! أبو بكرٍ جَدِّي، فلا نالَتني شفاعةُ محمَّدٍ يومَ القيامة إن لم أكنْ أتولَّاهما وأبرأُ من عدوِّهما!" توفِّي في المدينة ودُفِنَ في البقيعِ.