كان بنو شَيبانَ قد أفسدوا في الأرضِ وأخذوا يُغِيرونَ على المَوصِل وينهبون ويَسلبونَ، فتصدَّى لهم الخوارجُ وأهلُ الموصِلِ إلَّا أنهم هزموهم, فسار إليهم المعتَضِد، وقصدَ الموضِعَ الذي يجتمعونَ به من أرضِ الجزيرة، فلمَّا بلَغَهم قَصدُه جمعوا إليهم أموالَهم، فأغار عليهم وأوقعَ بهم، فقتَلَ منهم مقتلةً عظيمةً وغَرِقَ منهم خلقٌ كثيرٌ في الزابين – فروع أنهارٍ حَولَ الفُرات- وأخذ النِّساءَ والذراريَّ وغَنِم أهلُ العَسكرِ مِن أموالِهم ما أعجَزَهم حَملُه، وأخذَ مِن غَنَمِهم وإبلِهم ما كثُرَ في أيدي الناس حتى بِيعَت الشاةُ بدِرهَم والجَمَلُ بخَمسةِ دراهِمَ، وأَمَرَ بالنساءِ والذراريِّ أن يُحفَظوا حتى يحدروا إلى بغداد، ثم مضى المعتضِدُ إلى الموصِل، ثم إلى بلدٍ، ثم رجع إلى بغدادَ فلَقِيَه بنو شيبان يسألونَه الصَّفحَ عنهم وبذلوا له الرهائِنَ، فأخذ منهم خمسَمائة رجلٍ فيما قيل، ورجع المعتضِدُ يريد مدينة السَّلام.
تغيَّب عن هذه القِمة (غير العادية) كلٌّ من مصرَ ولِيبيا، وشاركت فيها 19 دولةً عربيةً، اعترَفَت ضِمنيًّا -ولأوَّلِ مرَّةٍ- بحقِّ إسرائيلَ في الوُجود. وصدَر عنه بيانٌ خِتامي تضمَّن مجموعةً مِن القرارات؛ أهمُّها:
- إقرارُ مَشروع السلامِ العربيِّ مع إسرائيلَ، وأهمُّ ما تضمَّنه: انسحابُ إسرائيلَ من جميع الأراضي العربيةِ التي احتلَّتها عام 1967م، وإزالةُ المستعمراتِ الإسرائيليةِ في الأراضي التي احتُلَّت بعد عام 1967م، وقيامُ الدولة الفِلَسطينية المستقِلةِ وعاصِمَتُها القدسُ، وتأكيدُ حقِّ الشعب الفِلَسطيني في تَقريرِ مَصيره، وتعويضُ مَن لا يَرغَبُ بالعودةِ.
- الإدانةُ الشديدةُ للعُدوان الإسرائيلي على الشعبينِ اللُّبناني والفِلَسطيني.
- بخُصوص الحربِ العراقيةِ الإيرانيةِ، دعا المؤتمرُ إلى ضَرورة التزامِ الطرفينِ لِقَرارات مجلسِ الأمن، وأعلَنَ أنَّ أيَّ اعتداء على أيِّ قُطْرٍ عربيٍّ اعتداءٌ على البلاد العربية جميعًا.
- مُساندة الصومالِ في مُواجهة وإخراج القوةِ الأثيويبيةِ مِن أراضيها.
هو السلطانُ أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن مخلوف بن زيدان، الملقَّب بالقائم بأمر الله، عميد الأسرة السعدية وسلطان المغرب. كان قد نشأ على عفافٍ وصلاحٍ وحجٍّ للبيت الحرام، وقيل: كان مجابَ الدعوةِ، من قرَّاءِ القرآن، ومن أهلِ العلمِ والدين، ولم يكن من بيت الرياسةِ، وكان له اطِّلاعٌ على تواريخ قُطره وعوائدِ جيله وأخلاقهم وطبائعهم، ورأى ما وصل إليه مُلكُ بني وطاس بالمغرب من الانحطاط والضعف، وتيقَّن أنَّه لا يصعب عليه تناولُه، فأعمل في ذلك فِكرَه وصار يحضُّ الناسَ على القيام بأمور دينهم والامتعاض لها، حتى ولي الأمرَ عندما بايعَتْه قبائل المغرب على حربِ البرتغال، وقدَّمت كلُّ قبيلة له عشرةَ رجال من أبنائها, فلما قضى الله ببيعته واجتماع الناس عليه، واطمأنت به في البلاد السوسية الدار وطاب له بها المقام والقرار؛ ندب الناس إلى بيعةِ أكبر ولديه، وهو الأمير أبو العباس أحمد المعروف بالأعرج، فبايعوه, ثم وفد على القائمِ بأمر الله أشياخُ حاحة والشياظمة لِما بلغهم من حسن سيرته ونصرة لوائه، فشَكَوا إليه أمر البرتغال ببلادهم, وشِدَّة شوكته واستطالته عليهم، وطلبوا منه أن ينتقل إليهم هو وولده ولي العهد، فأجابهم إلى ذلك ونهض معهم هو وابنه أبو العباس إلى الموضع المعروف بآفغال من بلاد حاحة، وترك ولده الأصغر أبا عبد الله محمد الشيخ بالسوس يرتِّب الأمور ويمهِّد المملكة ويباكر العدو بالقتال ويراوحه، واستمر الأمير أبو عبد الله القائم بمكانه من آفغال ببلاد حاحة مسموعَ الكلمة متبوعَ العقب إلى أن توفي بها وهو يجاهد النصارى الإسبان والبرتغال، ودفن بها ثم نقل إلى مراكش.
اغتِيلَ عبدُ الرؤوف ريغي زعيمُ حركةِ "جيش النصر" البلوشيَّة السُّنيَّة في مدينة كويتا غربَ باكستان. وكان عبدُ الرؤوف ريغي رحمه الله قد تعلَّم العُلومَ الشَّرعيَّة والدِّينيَّةَ في مدارِسِ زاهدان، ثم انتقَل إلى كراتشي في باكستان، وتخرَّج من جامعةِ دار العُلوم بكراتشي في الدِّراساتِ الإسلاميَّة. وبعدَما أنهى ريغي الدراساتِ الإسلاميَّةَ عاد إلى بلوشستان إيران، وبدأ من هناك بتشكيلِ الفَصائلِ المسلَّحة البلوشيَّة إلى جانبِ شقيقِه عبدِ المالك.
هو الخَليفةُ، أبو جَعفرٍ القائمُ بأَمرِ الله أَميرُ المؤمنين، عبدُ الله أبو جَعفرِ بن القادرِ بالله أبي العبَّاسِ أَحمدَ ابنِ الأَميرِ إسحاقَ بن المُقتَدِر بالله أبي الفَضلِ جَعفرِ بن المُعتَضِد بالله أبي العبَّاسِ أَحمدَ. وُلِدَ سَنةَ إحدى وتِسعينَ وثلاثِ مائة في نِصفِ ذي القعدةِ، وأُمُّهُ بَدرُ الدُّجَى الأرمنية. وقِيلَ: قَطْرُ النَّدَى، بَقِيَت إلى أَثناءِ خِلافَتِه. وكان مَليحًا وَسيمًا أَبيضَ بِحُمْرَةٍ، قَوِيَّ النَّفْسِ، دَيِّنًا وَرِعًا مُتصَدِّقًا. بُويِعَ يومَ مَوتِ أَبيهِ بِعَهْدٍ له منه في ذي الحجَّةِ، سَنةَ 422هـ. وله إحدى وثلاثون سَنةً، وأَبوهُ هو الذي لَقَّبَهُ: القائمَ بأَمرِ الله. كان من خِيارِ بَنِي العبَّاسِ دِينًا واعتِقادًا ودَولَةً، وقد امتُحِنَ من بَينِهم بفِتنَةِ البساسيري التي اقتَضَت إخراجَه من دارِه ومُفارَقَتَه أَهلَه وأَولادَه ووَطَنَه، فأَقامَ بحديثة عانة سَنةً كامِلةً ثم أَعادَ الله تعالى نِعمَتَه وخِلافَتَه على يَدِ السُّلطانِ طُغرلبك مَلِكِ الغُزِّ بعدَ أن استَنْهَضَه القائمُ. في صَفَر من هذه السَّنةِ مَرِضَ الخَليفةُ القائمُ بأَمرِ الله مَرضًا شَديدًا انتَفخَ منه حَلْقُه، وامتَنَع من الفَصْدِ، فلم يَزَل الوَزيرُ فَخرُ الدولةِ عليه حتى افتَصَدَ وانصَلَح الحالُ، وكان الناسُ قد انزَعَجوا ففَرِحوا بعافِيَتِه وفي شَعبانَ انفَجرَ فَصادُه، وخَرجَ منه دَمٌ كَثيرٌ ولم يَشعُر، فاستَيقظَ وقد ضَعُفَ وسَقطَت قُوَّتُه، فأَيقَنَ بالمَوتِ، فأَحضَر وَلِيَّ العَهْدِ، ووَصَّاهُ بوَصايا، وأَحضرَ النَّقيبين وقاضي القُضاةِ وغَيرَهم مع الوَزيرِ ابن جهير، وأَشهَدهُم على نَفسِه أنَّه جَعلَ ابنَ ابنِه أبا القاسمِ عبدَ الله بن محمدِ بن القائمِ بأَمرِ الله وَلِيَّ عَهْدِه, ولَقَّبَه: بالمُقتَدِي بأَمرِ الله، وكان أَبوهُ الذَّخيرَةُ محمدُ بن القائمِ قد تُوفِّي أيامَ القائمِ، ولم يكُن له غَيرُه، فأَيقنَ الناسُ بانقِراضِ نَسلِ القائمِ، وانتِقالِ الخِلافَةِ من البيتِ القادريِّ. وكان للذَّخيرَةِ جارِيةٌ تُسَمَّى أرجوان، فلمَّا ماتَ، ورَأَت أَباهُ قد جَزعَ ذَكرَت له أنَّها حامِلٌ، فتَعَلَّقَت الآمالُ بذلك الحَمْلِ. فوَلدَت هذا بعدَ مَوتِ أَبيهِ بسِتَّةِ أَشهُرٍ، فاشتَدَّ سُرورُ القائمِ به، وبالَغَ في الإشفاقِ عليه والمَحَبَّةِ له. وكان ابنَ أربعِ سِنين في فِتنَةِ البساسيري، فأَخفاهُ أَهلَهُ، وحَملَهُ أبو الغَنائمِ بن المحلبان إلى حرَّان، ولمَّا عاد القائمُ إلى بغداد أُعِيدَ المُقتدي، فلمَّا بَلغَ الحُلُمَ جَعلَهُ وَلِيَّ عَهْدِه، ولمَّا تُوفِّي القائمُ غَسَّلَهُ الشَّريفُ أبو جَعفرِ بن أبي موسى الهاشميُّ، وصلَّى عليه أبو القاسمِ المُقتدِي بأَمرِ الله، وكانت خِلافتُه أَربعًا وأَربعين سَنةً وثمانيةَ أَشهُر وأيامًا، ولمَّا تُوفِّي القائمُ بأَمرِ الله بُويِعَ المُقتدِي بأَمرِ الله عبدُ الله بن محمدِ بن القائمِ بالخِلافَةِ، وحَضرَ مُؤَيِّدُ المُلْكِ بن نِظامِ المُلْكِ، والوَزيرُ فَخرُ الدولةِ بن جهير وابنُه عَميدُ الدولةِ، والشيخُ أبو إسحاقَ، وأبو نَصرِ بن الصَّبَّاغِ، ونَقيبُ النُّقَباءِ طراد، والنَّقيبُ الطاهِرُ المعمر بن محمدٍ، وقاضي القُضاةِ أبو عبدِ الله الدَّامغاني، وغَيرُهم من الأَعيانِ والأماثِل، فبَايَعُوهُ، وقِيلَ: كان أَوَّلَ مَن بايَعهُ الشَّريفُ أبو جَعفرِ بن أبي موسى الهاشميُّ.
بادر الإمامُ فيصل بن تركي إلى عَزْلِ أمير عنيزة في هذه السنة؛ وذلك لاعتقاده بأنه أغرى شريفَ مكة محمد بن عون بغزوِ نجد، وفتح له أبوابَ بلدتِه. وأمَّر الإمامُ فيصل على عنيزة ناصرَ بن عبد الرحمن السحيمي. فناصَبَ آلُ سليم أسرةُ الأمير المعزول أسرةَ السحيمي الأميرِ الجديد العداءَ، وحاولوا بزعامةِ عبد الله بن يحيى بن سليم اغتيالَ السحيمي، والاستيلاءَ على قصرِ الإمارة، ولكِنَّ محاولتهم باءت بالفشلِ، فهربوا من عُنيزة واحتموا بأميرِ بُرَيدة، وألزمهم الإمام فيصل بن تركي بالقدومِ إليه في الرياض؛ ليرى فيهم، وقَتَل السحيمي أميرَ عنيزة السابق. وأمر الإمام فيصل بن تركي السحيمي بالحضورِ إليه ليحاكَمَ مع عبد الله بن يحيى بن سليم ومن معه عند قاضي الرياضِ.
هو الأفضل أبو علي بن الأفضل بن بدر الجمالي وزير الحافظ لدين الله العلوي، صاحب مصر. ولد بعسقلان. كان داهيةً، تغلَّب على المُلك وحَجَر على الحافظ وردَّ على المصادِرين أموالهم، فحَمِد له المصريون ذلك. وكتَبَ اسمه على السكة، ودعا على المنابر للقائم في آخر الزمان، واستمر إلى أن قتله أحد مماليك الحافظ، بظاهر القاهرة. وسبب قتله: أنه كان قد حجر على الحافظ، ومنعه أن يحكُمَ في شيء من الأمور؛ قليل أو جليل، وأخذ ما في قصر الحافظ إلى داره، وأسقط من الدعاء ذكر إسماعيل الذي هو جدهم، وإليه تُنسَب الإسماعيلية، وأسقط من الأذان حي على خير العمل، ولم يخطب للحافظ، وأمر الخطباء أن يخطبوا له بألقاب كتبها لهم، وهي: "السيد الأفضل الأجَلُّ، سيد مماليك أرباب الدول، والمُحامي عن حوزة الدين، وناشر جناح العدل على المسلمين الأقربين والأبعدين، ناصر إمام الحق في حالتي غيبته وحضوره، والقائم بنصرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره، أمين الله على عباده، وهادي القضاة إلى اتباع شرع الحق واعتماده، ومرشد دعاة المؤمنين بواضح بيانه وإرشاده، مولي النعم، ورافع الجور عن الأمم، ومالك فضيلتي السيف والقلم، أبو علي أحمد بن السيد الأجل الأفضل، شاهنشاه أمير الجيوش"، وكان إماميَّ المذهب، يُكثِرُ ذم الآمر والتناقص به، فنفرت منه شيعة العلويين ومماليكهم، وكرهوه، وعزموا على قتله، فخرج في العشرين من المحرم إلى الميدان يلعب بالكرة مع أصحابه، فكمن له جماعة منهم مملوك فرنجي كان للحافظ، فخرجوا عليه، فحمل الفرنجي عليه فطعنه فقتله، وحزُّوا رأسه، وخرج الحافظ من الخزانة التي كان فيها، ونهب الناس دارَ أبي علي، وأخذوا منها ما لا يُحصى، وركب الناس والحافظ إلى داره، فأخذ ما بقي فيها وحمله إلى القصر وجُدِّدت يومئذ البيعة للحافظ بالحكم، فلما بويع استوزر أبا الفتح يانس الحافظي في ذلك اليوم بعينه، ولقب أمير الجيوش، وكانت مدة حكم أبي علي بن الأفضل سنة وشهرًا وعشرة أيام؛ ثم حُمِل بعد قتله ودُفن بتربة أمير الجيوش، ظاهر باب النصر.
كان ابتداءُ أمر السلطان مولاي زين العابدين بن إسماعيل العلوي أنَّه قَدِم مكناسة في أيام أخيه مولاي المستضيء، فلما سمع به أمَرَ بسجنه وضربه، فضُرب وهو في قيده ضربًا وجيعًا أشرف منه على الموت، ثم أمر ببعثه مقيَّدًا إلى سجلماسة؛ كي يُسجَن بها مع بعض الأشراف المسجونين هنالك، فلما سمع بذلك قوَّاد رؤوسهم من العبيد، بعثوا مَن رَدَّه من صفرو إلى فاس، ثم بعثوا به إلى القائد أبي العباس أحمد الكعيدي ببني يازغة وأمروه أن يحتفظَ به مكرَّمًا مُبجَّلًا, ثم لَمَّا فَرَّ المستضيء عن مكناسة وراجع العبيد طاعةَ السلطان مولاي عبد الله بن إسماعيل، دخل مولاي زين العابدين مدينة فاس فاطمأنَّ بها وسُرَّ بولاية أخيه مولاي عبد الله، ثم سار إلى طنجة فقَدِمَ على صاحبها الباشا أحمد بن علي الريفي، فأكرم وفادتَه وأحسن مثواه واستمر مقيمًا عنده إلى أن كاتب عبيدُ الديوان في شأن زين العابدين ووافقوه على خلعِ مولاي عبد الله وبيعته، فبايعه الباشا أحمد وبايعه أهل طنجة وتطاوين والفحص والجبال، وخطبوا به على منابرهم، ثم هيأ له الباشا أحمد كتيبةً من الخيل من عبيد الديوان وغيرهم، وبعثهم معه إلى مكناسة، فدخلها وبُويع بها البيعةَ العامة، وقَدِمت عليه وفودُ القبائل والأمصار، فقابلهم بما يجِبُ وتمَّ أمره, وفرَّ السلطان مولاي عبد الله من رأس الماء ودخل بلاد البربر ولم يقدم على مولاي زين العابدين أحدٌ من الودايا ولا من أهل فاس، وكان فيه أناة وحلم لم يظهر منه عَسفٌ ولا امتدت يده إلى مالِ أحد إلَّا أنه لقلة ذات يده نقص العبيدَ من راتبهم فكان ذلك سببَ انحرافِهم عنه.
وُلد عبد الله عزَّام في قرية سيلة الحارثيَّة في لواء جنينَ الواقعة شمالَ وسطِ فِلَسطينَ، وكانت لا تزال تحت الانتداب البريطاني، واسم والده الحاج يوسف مصطفى عزَّام، تلقَّى عبد الله عزَّام علوم الابتدائيَّة والإعداديَّة في مدرسة القرية، ثم واصَل تعليمَه العاليَ بكلية خضورية الزراعية، ونال منها الدبلوم، ثم انتسب إلى كلية الشريعة في جامعة دِمَشقَ، ونال منها شَهادة الليسانس في الشريعة عام 1966م، وفي عام 1390هـ / 1970م قرَّر الانتساب إلى جامعة الأزهر في مصرَ، حيث حصلَ على شهادة الماجستير في أصول الفقهِ، ثم عُيِّن محاضرًا في كلية الشريعة بالجامعة الأُردنِّيَّة بعَمَّانَ، في عام 1391هـ / 1971م، ثم أُوفِدَ إلى القاهرة لنَيْلِ شهادة الدكتوراه، فحصل عليها في أصول الفقهِ عامَ 1393 هـ / 1973م، ثم عمِلَ مدرسًا بالجامعة الأُردنِّيَّة (كلية الشريعة) إلى عام 1400 هـ / 1980م، ثم انتقل للعمل في جامعة الملك عبد العزيز في جُدَّةَ، وبعدها عمِلَ في الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام أباد في باكستانَ، ثم قدَّم استقالته منها وتفرَّغ للجهاد في أفغانستانَ.
أسَّس مكتب الخِدْمات في أفغانستانَ الذي استقطَبَ معظمَ المجاهدين العرب القادِمينَ إلى أفغانستانَ، وخاض معاركَ كثيرةً ضدَّ الروس، وكان في معيَّتِه عددٌ من المجاهِدينَ العرب، وتولَّى فيما بعدُ منصبَ أمير مكتب خِدْمات المجاهِدينَ في أفغانستانَ.
استمرَّ عبد الله عزَّام في نشاطِه حتى قُتِل معَ ولدَيْه محمد وإبراهيم في باكستانَ، وهو متَّجِه إلى مسجد (سبع الليل) الذي خصَّصَتْه جمعية الهلال الأحمر الكويتي للمجاهِدين العرب؛ إذ كانت الخُطَب في المساجد بالأوردو، فحضر لإلقاء خُطبته يومَ الجمُعة 25/4/1410هـ، الموافق 24/11/1989م، وانفجرت به سيارتُه التي لغَّمها له أعداؤُه، ودُفِنَ -رحمه الله- يوم وفاته في باكستانَ، وفُتح بابُ العزاء له في الأردُنِّ.
تُوفِّي الشيخُ صالح بن عبد العزيز بن صالحٍ الراجحي، بسكتةٍ قلبيَّةٍ، في مستشفى الحبيبِ بمدينة الرِّياض عن عمرٍ ناهَزَ (88) عامًا، وصُلِّي عليه في جامِعِ الراجحي، وُلِد الشيخُ صالحٌ عامَ (1344هـ) في محافظة البكيرية بالقَصيم، وانتَقَل مع والِدِه إلى الرِّياض لطلبِ العلمِ والرِّزق، وكانت الرياضُ آنَذاك عامرةً بالحركةِ العِلميَّة والتُّجارية. وفي الرِّياض دَرَس على يدِ سَماحةِ الشيخِ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مُفتي المملكةِ آنذاك، والشَّيخِ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ؛ حيث كان يقرَأُ عليهما في منزلِهما، وكان مَحبوبًا بين مشايِخه وأقرانِه، وممَّن زامَلَهم الشيخُ عبد الله السديس، والشيخُ عبد الله الوابل. وقد بَدَأ أوَّلَ أعمالِهِ كتاجِرِ خردةٍ، ثم انتَقَل إلى الرياضِ وأصبَحَ مبدِّلًا للعُملةِ فيها، وعُرِف عن الشيخ الراجحيِّ ذَهابُه للمسجِدِ قبلَ رُبُعِ ساعةٍ من وَقتِ الصَّلاةِ منذ صِغَرِ سِنِّه وحتى أَقعَدَه المرض، وكان مع مُلازَمَتِه للعُلماءِ يُزاوِلُ التِّجارةَ منذ أن كان عمرُه (13) سنةً، وقد وَجَد نفسَه فيها حتى وَفَّقه الله عامَ (1366هـ) بافتِتاحِ أوَّلِ دُكَّان يُزاوِل فيه مهنةَ الصِّرافة التي نَمَت وتطوَّرت حتى أصبَحَت صَرحًا من صُروحِ الاقتِصادِ، وأصبح مَصرِفُ الراجحي أوَّلَ مصرِفٍ إسلاميٍّ في المملكة أسَّسَه مع إخوانِه. وتوسَّعَت أعمالَ الشيخ صالحٍ حتى لم يتركْ مجالًا من المجالاتِ التجاريَّة والعَقارية والزراعيَّة إلا وضَرَب فيه بسَهمٍ. وللرجلِ كثيرٌ من الأبناءِ والبناتِ، وفي آخِرِ سِنِي عمرِه عانَى من الهَرَم ورَقَد في مشفًى صغيرٍ في قصرِه في الرياض، ويُديرُ أموالَه مجلسُ وصايةٍ عيَّنَتْه المحكمةُ، ويُعرَف الرجلُ بأعمالِ الخير وكثرةِ عِمارتِه للمساجدِ وحِلَق القُرآنِ والوَقفِ الخيريِّ الكبيرِ الذي رَصَده لأعمال البِرِّ رحمه الله.
هو الحُسينُ بنُ أحمد بن محمد بن زكريا أبو عبد الله الشيعي المعروف بالقائم؛ فهو الذي قام بالدعوة لعُبيد الله المهدي جَدِّ ملوك مصر, ويُعرَفُ كذلك بالمعلِّم؛ لأنه يعلِّمُ الناسَ عقائِدَ الباطنية, وأصلُه من اليمن من صنعاء، وقيل: كان من أهل الكوفة، سار من سلمية من عند عُبيد الله المهدي داعيًا له في البلاد، وتنقَّلت به الأحوال إلى أن دخل المغرِبَ, وكان من دُهاة العالم، وأفرادِ بني آدم دَهاءً ومَكرًا ورأيًا. دخل إفريقيةَ وحيدًا بلا مال ولا رجال، فلم يزَلْ يسعى ويتحَيَّل ويستحوذ على النُّفوسِ بإظهار الزهادة والقيامِ لله، حتى تَبِعَه خلقٌ وبايعوه، وحاربوا صاحِبَ إفريقية مرَّات. وآل أمرُه إلى أن تمَلَّك القيروان، وهرب صاحِبُها أبو مضر زيادة الله الأغلبي آخِرُ ملوك بني الأغلب منه إلى بلادِ الشرق. كما قضى على دولتَي بني مدرار والرستمية في أفريقيةَ، حتى مهَّد القواعِدَ للمهديِّ ووطَّدَ البلاد, فأقبل المهديُّ من الشرق وسَلَّمَه الأمر، ثمَّ كفَّ المهديُّ يَدَه ويدَ أخيه أبي العباس، فندم أبو عبد الله على ما صنع وأضمَرَ الغَدرَ هو وأخوه بعُبيد الله، فاستشعر منهما المهديُّ الغدرَ, فدَسَّ إليهما من قتَلَهما في ساعةٍ واحدةٍ، وذلك بمدينة رقادة, فتوطَّدَ المُلكُ لعُبيد الله.
هو سعيدُ بن زيدِ بن عَمرِو بن نُفيلٍ، أَحَدُ العشرةِ المُبَشَّرين بالجنَّة، أَسلَم قديمًا قبلَ عُمَرَ، هو وامرأتُه فاطمةُ بنتُ الخطَّاب، وهي كانت سببَ إسلامِ عُمَر، وكان مِن المُهاجرين الأوَّلين، وآخَى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بينه وبين أُبَيِّ بن كعبٍ، صلَّى عليه عبدُ الله بن عُمَر، ونزَل في قَبرِه هو وسعدُ بن أبي وقَّاصٍ.
الشريف عبد الله بن الحسين بن علي بن محمد الحسني الهاشمي، من آل عون أمير شرقيَّ الأردن، ثم ملك المملكة الأردنية الهاشمية. ولد بمكة سنة 1299هـ، وتلقى مبادئ العلوم في الأستانة أيام إقامة أبيه فيها، وعاد مع أبيه إلى الحجاز سنة 1326ه، وسمي نائبًا عن مكة في مجلس النواب العثماني سنة 1327، فكان يقيم بعض شهور السنة في العاصمة العثمانية، وبقيَّتَها في الحجاز. وقام مع والده في الثورة على الترك سنة 1334ه / 1916م فقاد جيشًا حاصر الحامية العثمانية في الطائف، إلى أن استسلمت. وأرسله أبوه نجدةً لأخيه علي بن الحسين في حصاره للمدينة، فأقام مرابطًا في وادي العيص إلى أن انتهت الحرب، وفي عام 1919م انهزم أمام قواتِ الإخوان (إخوان من أطاع الله) في تربة، وفي عام 1921م نصبه الإنجليز ملكًا على شرق الأردن مقابِلَ التوقيع على صك الانتداب، وفي يوم 20 يوليو 1951م كان الملك عبد الله في طريقه إلى المسجد اعترضه "مصطفى شكري عشي خياط" وهو من القُدسِ، وعضو فرقة المقاومة بقيادة فوزي القطب التي كانت تقاتِلُ اليهود, فأطلق على الملك عبد الله النارَ فأرداه قتيلًا على دَرَجاتِ الحَرَمِ القدسي؛ وذلك جراء ما وُصِفَ بأنه تآمر مع بريطانيا على ترك فلسطين لليهود مقابِلَ تمكينه في منطقة بادية الشام شرقيَّ نهر الأردن؛ لإقامة إمارة ثم مملكة له ولأبنائه من بعده. وبعد اغتياله تولى المُلكَ بعده ابنه الأكبر طلال.
عَمِلَ جُهيمان بن محمد بن سيف العتيبيُّ في الحرس الوطني السُّعوديُّ لمدة 18 عامًا، ثم انتقل إلى جامعةِ أمِّ القُرى للدراسة فيها، ثم انتقَلَ إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنوَّرةِ، وهناك الْتقى بمحمد بن عبد الله القَحطانيِّ. تزوَّج جُهيمان العتيبي بأختِ محمد القحطانيِّ، وفي غرَّة محرَّم من العام 1400 من الهجرة / 20 تشرين، نوفمبر بعْد صَلاة الفجر دخَل جُهيمان وجماعتُه المسجد الحرامَ في مكة المكرمة لأداء صلاة الفجْرِ، وما إنِ انقضَتْ صلاة الفجرِ حتى قام جهيمان وصِهْرُه أمام المصلِّين في المسجد الحرامِ؛ لِيُعْلِنَ للناس نَبَأ ظُهور المهديِّ المنتظَر، وفِرارَه مِن "أعداء الله"، واعتصامَه في المسجد الحرامِ. قدَّم جُهيمان صِهرَه محمدَ بن عبد الله القحطانيَّ بأنه المهديُّ المنتظَرُ، ومُجدِّدُ هذا الدِّين، ثم قام جُهيمان وأتباعُه بمُبايعة "المهدي المنتظَر"، وطلَب مِن جُموع المصلِّين مُبايَعتَه، وأوصدَ أبوابَ المسجد الحرامِ، ووجَدَ المصلُّون أنفسهم مُحاصَرين داخِل المسجدِ الحرام. ثم أُخْلِيَ سبيلُ النِّساء والأطفال، فتدافَعَت قوَّات الأمْنِ السعودية مُعزَّزة بقُوات الكوماندوز السُّعودية، وتبادَلَ الطرَفان النِّيرانَ الكثيفةَ، وأصاب المسجِدَ الحرامَ ضررٌ بالغٌ جرَّاء القصفِ، وسقَط مِن أتباع جهيمان صِهْرُه محمدُ بن عبد الله، ونفَرٌ من أتباعِه، واستسْلَمَ جُهيمان ومَن بقِيَ معه، وصدَر حُكْمُ المحكمةِ بقتل 61 منهم، وكان جُهيمان من ضمن قائمةِ المحكوم عليهم بالقتل.