لَمَّا وزَر أبو عليِّ بنُ مقلة بسعايةِ نصر الحاجب أبي عبدالله بن البريدي وبذل له عشرينَ ألف دينار على ذلك، فقلَّدَ أبا عبد اللهِ بنَ البريديِّ الأهوازَ جميعَها، سوى السُّوسِ وجُنْدَيسابور، وقلَّدَ أخاه أبا الحُسَين الفراتيَّة، وقلَّدَ أخاهما أبا يوسف الخاصَّةَ والأسافل، على أن يكون المالُ في ذمَّةِ أبي أيُّوب السمسار إلى أن يتصرَّفوا في الأعمال، وكتب أبو عليِّ بنُ مقلة إلى أبي عبد الله في القبضِ على ابن أبي السلاسل، فسار بنَفسِه فقَبَضَ عليه بتُستَر، وأخذ منه عشرةَ آلاف دينار ولم يوصِلْها، وكان أبو عبد الله متهوِّرًا لا يفكِّرُ في عاقبةِ أمْرِه؛ لِما يتَّصِفُ به من المَكرِ والدَّهاءِ وقِلَّة الدين، ثمَّ إنَّ أبا عليِّ بن مقلة جعل أبا محمَّد الحسين بن أحمد الماذرائي مُشرفًا على أبي عبدالله بن البريدي، فلم يلتفِتْ إليه.
سار مُعِزُّ الدولة من بغداد إلى الموصِل قاصدًا ناصِرَ الدولة الحمدانيَّ، فلما سمع ناصِرُ الدولة بذلك سار عن المَوصِل إلى نصيبين، ووصل معزُّ الدولة فمَلَك الموصِلَ في شهر رمضان، وظلم أهلَها وعسَفَهم، وأخذ أموالَ الرَّعايا، فكَثُرَ الدُّعاءُ عليه، وأراد معِزُّ الدولةِ أن يملِكَ جميعَ بلاد ناصرِ الدولة، فأتاه الخبَرُ من أخيه ركنِ الدولة أنَّ عساكِرَ خراسان قد قَصَدَت جرجان والريَّ، ويستمِدُّه ويطلب منه العساكِرَ، فاضطُرَّ إلى مصالحة ناصر الدولة، فتردَّدَت الرسل بينهما في ذلك، واستقَرَّ الصلح بينهما على أن يؤدِّيَ ناصِرُ الدولة عن الموصِل وديار الجزيرةِ كُلِّها والشَّام، كلَّ سنةٍ ثمانية آلاف ألف درهم، ويخطُبَ في بلاده لعمادِ الدولة، ورُكن الدولة، ومُعِز الدولة بني بُويه، فلما استقَرَّ الصُّلحُ عاد معز الدولة إلى بغداد فدخَلَها في ذي الحِجَّة.
لَمَّا قطَعَ المُعِزُّ بنُ باديس الخطبةَ للفاطميِّينَ وخطَبَ للعباسيِّينَ، وأعلن بذلك انشقاقَه عن الفاطميِّينَ وولاءَه للعباسيِّينَ، كاد له المستنصِرُ الفاطميُّ حاكِمُ مِصرَ لَمَّا عجز عنه بنَفسِه وجَيشِه عن قَهرِه، أرسل إليه جموعًا مِن العرب الهلاليَّة مِن بني زغبة ورياح، وهم بطونُ بني عدي الأثبج، وكانوا يسكُنونَ على الضَّفَّة الشرقيَّة من صعيد مصر بعد قُدومِهم من نجد، وكان المستنصِرُ قد عقد لرؤسائِهم ورجالاتِهم على أمصارِ البلاد المغربيَّة وثُغورِها، وقلَّدَهم كثيرًا من الأعمال والولاياتِ؛ كلُّ ذلك انتقامًا مِن المعِزِّ بن باديس، فخرجت في هذه السَّنةِ أوَّلُ حملةٍ بنحوِ أربعمِئَة ألف شَخصٍ، فساروا حتى نزلوا بُرقةَ وأغاروا على طرابلس والقيروان ونَهَبوا وقطعوا الطريقَ، وصَدُّوا جميع الحَمَلاتِ التي سَيَّرَها المعِزُّ ضِدَّهم؛ مما اضطرَّ المعِزَّ للتحَوُّلِ إلى المهدية، ثم تلَتْها حَملاتٌ أخرى عُرِفَت في التاريخِ والقِصَص بتغريبةِ بني هلالٍ.
غَرِقَ الجانبُ الشرقيُّ وبعضُ الغربيِّ من بغداد، وسَببُه أن دِجلَة زادت زِيادةً عَظيمةً، وانفَتَح القَوْرَجِ عند المُسَنَّاةِ المُعِزِّيَّةِ، وجاء في الليلِ سَيْلٌ عَظيمٌ، وطَفحَ الماءُ من البَرِّيَّةِ مع رِيحٍ شَديدةٍ، وجاء الماءُ إلى المنازِلِ من فَوق، ونَبعَ من البَلاليعِ والآبارِ بالجانبِ الشرقيِّ، وهَلَكَ خَلْقٌ كَثيرٌ تحت الهَدْمِ، وشُدَّت الزَّواريقُ تحتَ التَّاجِ خَوْفَ الغَرَقِ، وقام الخَليفةُ يَتَضرَّع ويُصلِّي، وعليه البُردَةُ، وبِيَدِه القَضيبُ، وأتى ايتكين السُّليمانيُّ من عُكبرا، فقال للوَزيرِ: إنَّ المَلَّاحِينَ يُؤذونَ الناسَ في المَعابِر فأَحضَرَهم، وتَهدَّدَهُم بالقَتْلِ، وأَمرَ بِأَخْذِ ما جَرَت به العادةُ، وأُقيمَت الخُطبةُ للجُمعةِ في الطَّيَّارِ -نوع من الزَّوارِق سَريع الجَرَيان- مَرَّتينِ، وغَرِقَ من الجانبِ الغربيِّ مَقبرةُ أَحمدَ بنِ حَنبل، ومَشهدُ بابِ التِّبْنِ، وتَهدَّم سُورُهُ، فأَطلَقَ شَرفُ الدولةِ ألفَ دِينارٍ تُصرَف في عِمارَتِه، ودَخلَ الماءُ من شَبابيكِ البيمارستان العَضُدِيِّ.
وصلَ الفِرنجُ طرابلس في أول صفر في مائة وثلاثين مركبًا، ما بين شيني وقرقورة وغراب وطريدة، وشختور، عليها متمَلِّك قبرص، ومتمَلِّك رودس، والاسبتار، وكان نائِبُ طرابلس وأكثر عسكرها غائبين عنها، فاغتَنَمَت الفرنج الفرصةَ وخرجوا من مراكبهم إلى الساحل، فخرج لهم من طرابلس بقيَّةُ عَسكَرِها بجماعة من المسلمين، فترامَوا بالنبال ثم اقتتلوا أشدَّ قتال، وتقهقر المسلمون، ودخل المدينةَ طائفةٌ من الفرنج، فنَهَبوا بعض الأسواق، ثم إن المسلمين تلاحقوا، وحصل بينهم وبين الفرنج وقائع عديدة استُشهِدَ فيها من المسلمينَ نحوُ أربعين نفرًا، وقُتِل من الفرنج نحو الألف، وألقى الله تعالى الرُّعبَ في قلوب الفرنج فرجعوا خائبين، فمرُّوا بمدينة إياس في مائة قطعة، فسار إليهم الأميرُ منكلي بغا نائب حلب، وقد فَرَّ أهل إياس منها، فدخلها الفرنج، فلما قدم نائب حلب جلَوا عنها.
نزلت صاعقة على هلال المئذنة تجاه الحجرة النبوية، ثم على سطح المسجد، فاحترق بنارِها المسجِدُ الشريف النبوي؛ سَقفُه، وحواصلُه، وخزائِنُ كتُبِه، وربعاته، ولم يبقَ من قناطره وأساطينه إلَّا اليسيرُ، وكانت آيةً من آيات الله تعالى.، وصعدت الرأس إلى الريس- وكان من أهل العلم - بالمئذنة فاحترق، واحترق في الحرم عالمٌ آخر خرج من بيته لطلب ولدِه، وصل الخبرُ من المدينة المشرَّفة بمحضر يكتتب بالكائنة التي اتفقت بالمدينة من الحريق الأعظم، فحصل عند الناس بذلك باعثٌ شديدٌ. وأخذ السلطان في الاهتمام بشأن هذا الحادث والاجتهاد في القيام ببناء المسجد الشريف النبويِّ، ثم عَمِل بتقدير النفقة عليه، فكانت نحوًا من مائة ألف دينار. ثم بُني بعد ذلك وأُعيد أحسَنَ ما كان، وبُنِيت القبَّة المعظَّمة على القبر الشريف بعد إحكام بناء القبر أيضًا، وعُمِلت المقصورة الهائلة النادرة، وكانت هذه من أجلِّ المباني وأعظمِها.
كانت قلعة بندر قلعةً عثمانية مهمةً على الساحل الجنوبي من تورلا قربَ مدينة كيشنيف، انهزم الصدر الأعظم والسردار الأكرم عوض خليل باشا أمام رومانزوف في موقع كارتال قرب أيساكجي. فتمكَّن الجيش الروسي من الاستيلاء على القلعة، وقد ذبح الروس ُكافة المسلمين الموجودين في القلعة بالسيف، بلغ عددهم 50 ألف جندي عثماني، تمت مطاردتُهم بعد تركهم القتالَ والهروب من القلعة، فذبحهم الروس- الذين تكبدوا خسائر كبيرة على يد هؤلاء الجنود الأتراك- يقول يلماز: "كانت روسيا هي المنتصرةَ في الحرب في بداية خريف هذا العام، وهذه نقطة تحول في التاريخ؛ فلأولِ مرة في التاريخ تغلبُ دولة أوربية لوحدها في حربٍ شاملة مع الدولة العثمانية. إنَّ تركيا كانت حتى هذا التاريخ الدولةَ الأولى في العالَم، سقطت من حيث القدرةُ إلى الدرجة الرابعة بعد إنكلترا وفرنسا وروسيا بالتسلسل".
عندما انتقل الحاج أمين الحسيني مفتي القدس من باريس إلى مصر شكَّل الهيئةَ العربية العليا لفلسطين برئاسته؛ حيث نظَّم الحركةَ الوطنية الفلسطينية تنظيمًا حديثًا، وقرَّر إعداد الشعب لخَوضِ الكفاح المسلَّح ضِدَّ الصهاينة والإنجليز، وألَّف لجنة من قادة المجاهدين الفلسطينيين وبعض الضبَّاط السوريين والعراقيين والمصريين لوضع الخطط وتحديد المطلوب من الأسلحة والمعَدَّات للجهاد الذي كان أوانه قد اقترب بعد بروز فكرة التقسيم من جديد في الأوساط الأمريكية والبريطانية والصهيونية ومحيط الأمم المتحدة، كما أعاد تنظيمَ جيشِ الجهاد المقدَّس، وأسند قيادته إلى عبد القادر الحسيني، وأنشأ المفتي كذلك منظمة الشباب الفلسطيني التي انصهرت فيها منظَّمات الفتوَّة والجوالة والكشافة، وأسند قيادتها للمجاهد الصاغ محمود لبيب أحد قادة الحركة الإسلامية بمصر، وكلَّفه بمهمة تدريب الشباب على القتال.
ما إن بدأ العمل على انفصال باكستان عن الهند حتى نظم المسلمون في كشمير المناطق التي تمكَّنوا من بسط نفوذهم عليها، وألَّف محمد إبراهيم حكومةَ كشمير الحرة (أزاد كشمير) في ذي 19 القعدة 1366 هـ / تشرين الأول، وتألف الجيشُ الكشميري، فلما وصلت القوات الهندية انضمَّت إلى قوات الحاكم الهندوسي في كشمير وبدؤوا بعمليات التطهير والقتل الجماعي لمسلمي كشمير، فنشب القتال بين الجيش الهندوسي ومجاهدي كشمير، ومع أنَّ المجاهدين كانوا يحملون أسلحة عادية أو من غير سلاح إلا أنهم استطاعوا المحافظة على أرض حكومة كشمير الحرة، وعند انتهاء الجيش الهندوسي من الاستعداد بوصول جميع قواته جوًّا من الهند قام بهجوم واسع النطاق؛ مما عرَّض باكستان نفسَها للخطر، فأرسلت باكستان ولأول مرة قواتٍ لها إلى كشمير؛ لاتخاذ مواقف دفاعية لحماية نفسِها من أي عدوان هندوسي.
عالمٌ ومُفكِّرٌ شِيعيٌّ لبنانيٌّ، وُلِدَ في بلدة شقرا قضاء بنت جبيل سنة 1316هـ الموافق 1946م، درس الابتدائيَّةَ والمتوسِّطةَ في بلدتِه، ودرس على والِدِه في علومِ اللُّغةِ والنَّحوِ والصَّرفِ والمنطِقِ.
هاجر إلى النجف عام ١٣٨٠هـ الموافق 1960م، فدخل كليَّةَ الفِقهِ وتخرَّج منها في العام ١٣٨٧هـ الموافق 1967م، ثم تابع دراساتِه العُليا حتى العام ١٣٩٢هـ الموافق 1972م؛ حيث عاد إلى جبل عامل، وسكن بلدتَه شقراء حتى العام ١٣٩٥هـ الموافق 1975م.
عُيِّن قاضيًا في مدينةِ صور حتى عام ١٣٩٧هـ الموافق 1977م؛ حيث انتقل إلى مدينة صيدا، وبَقِيَ رئيسًا لمحكمتِها حتى سنة ١٤١٨هـ الموافق 1997م، ثم نُقِلَ إلى المحكمةِ العُليا مُستشارًا.
ألَّف عددًا من الكُتُبِ؛ منها: الاجتماعُ العربيُّ الإسلاميُّ، نَقْد العَلْمَنة والفِكر الدِّيني، بين القوميَّة والإسلامِ، الإسلامُ والديمقراطيَّة، مساهماتٌ في النَّقدِ العربيِّ.
تُوفِّيَ بعد إصابتِه بفيروس كورونا.
قام الملك محمد الثامن الملقب بأبي عبد الله الصغير بطرد الوزير يوسف سراج الدين الذي لجأ إلى ملك قشتالة ودبَّر معه رد المُلْكِ إلى محمد التاسع الملقب بالأيسر الذي خُلِعَ سنة 831، فقام الوزير المذكور باستدعاء محمد التاسع الأيسر من تونس حيث كان لاجئًا عند ملك فاس فلبى الدعوة وعاد إلى الأندلس، فزوده ملك قشتالة بالفرسان والهدايا، فورد الخبر إلى الملك محمد الثامن أبي عبد الله الصغير الذي أرسل قواتِه لقتال الأيسر، لكن أكثر الجند مالوا وانضموا للأيسر؛ مما أتاح للأيسر الزحف على غرناطة، فاعتصم ملكها أبو عبد الله الصغير بقلعة الحمراء، ولكنَّ دخول محمد الأيسر إلى غرناطة وحفاوة كثير من الناس به ومبالغته بالحصار أتاح له القبضَ على الملك محمد الثامن أبي عبد الله الصغير، وقَتَلَه وأعاد الوزير سراج الدين للوزارة، ثم إن ملك قشتالة طلب من الملك العائد الأيسر أن يؤدي له مقابل ما قدَّمه له في سبيل عودته للملك، وفرض عليه جزيةً سنوية مقابل ذلك وأن يبقى تحت طاعته، فرفض ذلك محمد الأيسر.
هي المَلِكةُ عِصمةُ الدين أمُّ خليل شَجَرةُ الدر كانت تركيةَ الجنس، وقيل بل أرمنيَّة، اشتراها الملِكُ الصالح نجم الدين أيوب، وحَظِيَت عنده بحيث كان لا يفارِقُها سفرًا ولا حضرًا، هي أوَّلُ مَن ملك مصر من ملوكِ الترك المماليكِ، وذلك أنَّه لما قُتِلَ الملك المعظم غياث الدين توران شاه بن الملك الصالح نجم الدين أيوب، اجتمع الأمراءُ المماليك البحرية، وأعيانُ الدولة وأهل المشورة، بالدهليز السلطاني، واتفقوا على إقامةِ شَجرةِ الدر أمِّ خليل زوجةِ الملك الصالح نجم الدين أيوب، في مملكةِ مِصرَ، وأن تكونَ العلاماتُ السلطانيَّة على التواقيعِ تَبرُز مِن قِبَلِها، وأن يكون مُقَدَّم العسكر الأميرَ عِزَّ الدين أيبك التركماني الصالحيَّ أحدَ البحرية، وحَلَفوا على ذلك في عاشر صفر، وخرج عزُّ الدين التركماني من المعسكَرِ إلى قلعة الجبل، وأنهى إلى شَجرةِ الدر ما جرى من الاتفاقِ، فأعجَبَها، وصارت الأمورُ كُلُّها معقودةً بها، والتواقيعُ تبرز من قلعة الجبل، وعلامتُها عليها والدةُ خليل، وخُطِبَ لها على منابِرِ مصر والقاهرة، ونُقِشَ اسمها على السكة، ومثالُه المستعصمة الصالحيَّة، ملكةُ المسلمين، والِدةُ الملك المنصورِ خليلٍ أمير المؤمنين، وكان الخطباءُ يقولون في الدعاء: اللهمَّ أدِمْ سلطان السِّترِ الرفيع، والحِجابِ المنيع، مَلِكة المسلمين، والِدَة الملك الخليل، وبَعضُهم كان يقول بعد الدعاء للخليفة: واحفَظِ اللهم الجُبَّةَ الصالحيَّة، ملكةَ المسلمين، عِصمةَ الدنيا والدين، أمَّ خليل المستعصميَّة صاحبة الملك الصالحِ.
هو المَلِكُ السعيدُ شمس الدين إيلغازي بن الملك المظفر فخر الدين قرا أرسلان بن الملك السعيد صاحِبُ ماردين الأرتقي، ودُفِنَ بتربة جده أرتق، وتولى بعده سلطنةَ ماردين أخوه الملك المنصور نجم الدين غازي، وكانت مُدَّةُ مَملكةِ الملك السعيد هذا على ماردين دونَ الثلاث سنين.
لمَّا انصرف النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الطَّائفِ راجعًا إلى مكَّة، حتَّى إذا كان بِنَخْلَةَ، قام من جوفِ اللَّيلِ يُصلِّي، فمَرَّ بهِ النَّفرُ مِنَ الجِنِّ الذين ذكَرهُم الله تعالى، وكانوا سَبعةَ نَفَرٍ من جِنِّ أهلِ نَصِيبِينَ، فاستمعوا لِتِلاوةِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا فرغ من صلاتهِ، وَلَّوْا إلى قَومهِم مُنذِرين، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمِعوا، وفيهِم نزل قولُه تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(31) وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (32)) [الأحقاف] وبعدَ عِدَّةِ أَشهُرٍ من لِقاءِ الوفدِ الأوَّلِ مِنَ الجِنِّ بِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم, جاء الوفدُ الثَّاني مُتشوِّقاً لِرُؤيةِ الحبيبِ المصطفى صلى الله عليه وسلم, والاستماعِ إلى كلامِ رَبِّ العالمين.