الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2508 ). زمن البحث بالثانية ( 0.011 )

العام الهجري : 833 العام الميلادي : 1429
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الحافظ شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الشافعي شيخ القراء، ومُقرِئ الممالك الإسلامية، الشهير بابن الجزري نسبة إلى جزيرة عُمر. ولد بدمشق ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة 751، وتفقَّه بها، ولهج بطلب الحديث والقراءات، وبرَّز فيهما، وعَمر للقراءِ مدرسةً سمَّاها: دار القرآن، وأقرأ الناس، وقدم القاهرة مرارًا، وكان حسن الشَّكلِ، ثريًّا فصيحًا بليغًا، وكان باشر عند قطلبك استادار ايتمش، فاتفق أنه نقم عليه شيئًا فتهدده، ففرَّ منه، فنزل البحر إلى بلاد الرُّوم في سنة ثمان وتسعين، فاتصل ببايزيد بن مراد الأول العثماني فعظَّمه وأخذ أهل البلاد عنه عِلمَ القراءات، وأكثروا عنه، ثم كان فيمن حضر الوقعة مع بايزيد وتيمورلنك، فلما أُسِرَ بايزيد اتصل ابن الجزري بتيمورلنك، فعظَّمه وفوَّض له قضاء شيراز فباشره مدة طويلة، وكان كثير الإحسان لأهل الحجاز، وأخذ عنه أهل تلك البلاد القراءات والحديث، ثم اتفق أنه حجَّ سنة اثنتين وعشرين فنُهِب، ففاته الحجُّ، وأقام بينبع، ثم بالمدينة المنورة، ثم بمكَّة إلى أن حجَّ ورجع إلى العراق، ثم عاد سنة ست وعشرين وحجَّ، ودخل القاهرة سنة سبع، فعظَّمه الملك الأشرف برسباي وأكرمه، وأقام بها قليلًا، ثم دخل اليمن تاجرًا فأسمع الحديث عند صاحبها ووصله، ورجع ببضاعة كثيرة، فدخل القاهرة، وأقام بها مدة إلى أن سافر على طريق الشام، ثم على طريق البصرة، إلى أن رحل إلى شيراز وفيها توفي عن 82 عامًا. قال ابن حجر: "وقد انتهت إليه رئاسة علم القراءات في الممالك، وكان قديمًا صنَّف الحصن الحصين في الأدعية، ولهج به أهل اليمن، واستكثروا منه، وسمعوه عليَّ قبل أن يدخل هو إليهم، ثم دخل إليهم فأسمعهم، وحدَّث بالقاهرة بمُسنَد أحمد ومسند الشافعي وغير ذلك" له مصنفات، أشهرها: النشر في القراءات العشر، والتمهيد في علم التجويد، وله منجد المقرئين، وله ملخص تاريخ الإسلام، وله الدرة المضيئة في القراءات، وله أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب، وغيرها من المصنَّفات.

العام الهجري : 1012 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1603
تفاصيل الحدث:

هو السلطان أبو العباس المنصور أحمد، المعروف بالذهبي ابن أبي عبد الله محمد الشيخ المهدي بن محمد القائم بأمر الله الزيداني الحسني السعدي، واسطةُ عِقد الملوك الأشراف السعديين، وأحدُ ملوك المغرب الأقصى العِظام. كانت ولادته بفاس سنة 956, وأمُّه الحُرَّة مسعودة بنت الشيخ الأجلِّ أبي العباس أحمد بن عبد الله الوزكيتي، وكانت من الصالحات الخيرات, وكان أبوه المهدي ينبِّه على أن ابنَه أحمد واسطةُ عِقد أولاده. نشأ المنصور في عَفافٍ وصيانة وتعاطٍ للعلم ومُثافنةٍ لأهله عليه، وكانت مخايل الخِلافة لائحةً عليه إلى أن تمَّ أمره. كان طويلَ القامة ممتلئ الخدين واسِعَ المنكبين، تعلوه صفرةٌ رقيقة، أسود الشعر أدعج أكحل ضيِّق البلج، برَّاق الثنايا، حسن الشكل جميل الوجه، ظريف المنزِع لطيف الشمائل. بويعَ له بالحكم بعد وفاة أخيه عبد الملك في معركة وادي المخازن 986. قال الفشتالي: "لما كانت وقعة وادي المخازن ونصر الله دينَه وكَبَتَ الكفرَ وأهلَه واستوسق الأمرُ للمنصور، كتب إلى صاحب القسطنطينية العظمى، وهو يومئذ السلطان مراد الثالث بن سليم الثاني، وإلى سائر ممالك الإسلام المجاورين للمغرب يعرِّفُهم بما أنعم الله به عليه من إظهارِ الدين وهلاك عَبَدة الصليب واستئصال شأفتِهم، فوردت عليه الأرسالُ من سائر الأقطار مهنئين له بما فتح الله على يدِه، وكان أول من وفد عليه رسولُ صاحب الجزائر ثم تلته أرسالُ طاغية البرتغال، وهو الريكي القائم بأمرهم" واستمر أحمد المنصور على منهج أخيه في بناء المؤسسات، واقتناءِ ما وصلت إليه الكشوفاتُ العلمية، وتطويرِ الإدارة والقضاء والجيش، وترتيبِ الأقاليم وتنظيمها، وكان أحمد المنصور يتابع وزراءه وكبارَ موظفيه ويحاسِبُهم على عدم المحافظة على أوقات العمل الرسمية، أو التأخير في الردِّ على المراسلات الإدارية والسياسية، وأحدث حروفًا لرموز خاصة بكتابة المراسَلات السريَّة؛ حتى لا يُعرَفَ فحواها إذا وقعت في يد عدوٍّ. توفي المنصور في الدار البيضاء خارجَ فاس فدُفِن فيها، ثم نُقِل إلى مراكش، ثم خلَفَه بعده ابنه زيدان الذي استخلفه والدُه المنصور بعد أن أَيِس من صلاحِ ابنه الكبير محمد الشيخ المأمون.

العام الهجري : 1 ق هـ الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 621
تفاصيل الحدث:

كان أبو سَلمةَ عبدُ الله بنُ عبدِ الأسدِ أوَّلَ مَن هاجر إلى المدينةِ مِن أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ المُهاجرين مِن قُريشٍ مِن بني مَخزومٍ، وكانتْ هِجرتُه إليها بعدَ بَيعةِ العَقبةِ الأولى، وقبلَ بَيعةِ العَقبةِ الثَّانيةِ، حين آذتْهُ قُريشٌ بعدَ مَرجعِهِ مِنَ الحَبشةِ، فعزم على الرُّجوعِ إليها، ثمَّ بَلغهُ أنَّ بالمدينةِ لهم إخوانًا، فعزم في الهِجرةِ إليها.
قالتْ أمُّ سَلمةَ: لمَّا أجمع أبو سَلمةَ الخُروجُ إلى المدينةِ رَحَّلَ لي بَعيرَهُ ثمَّ حملَني عليه، وجعل معي ابْنِي سَلمةَ بنَ أبي سَلمةَ في حِجْري، ثمَّ خرج يقود بي بَعيرَهُ، وانطلق به بنو عبدِ الأسدِ، وحبسني بنو المُغيرةِ عندهم وانطلق زوجي أبو سَلمةَ إلى المدينةِ. قالتْ: ففُرِّق بيني وبين ابْنِي وبين زوجي. قالت: فكنتُ أخرُج كُلَّ غَداةٍ فأجلِسُ في الأَبْطَحِ، فما أزالُ أبكي حتَّى أُمْسي، سَنَةً أو قريبًا منها، حتَّى مَرَّ بي رجلٌ مِن بني عَمِّي أحدُ بني المُغيرةِ، فرأى ما بي فرحِمَني، فقال لِبَني المُغيرةِ: ألا تحرجون من هذه المِسكينةِ؟ فرَّقتُم بينها وبين زوجِها وبين ولدِها؟ قالت: فقالوا لي: الْحَقي بزوجِك إن شئتِ. قالت: فَرَدَّ بنو عبدِ الأسدِ إليَّ عند ذلك ابْنِي، قالت: فارتحلتُ بعيري، ثمَّ أخذتُ ابْنِي فوضعتُه في حِجْري، ثمَّ خرجتُ أُريدُ زوجي بالمدينةِ. قالت: وما معي أحدٌ من خَلقِ الله، حتَّى إذا كنتُ بالتَّنعيمِ لَقيتُ عُثمانَ بنَ طلحةَ بنِ أبي طلحةَ أخا بني عبدِ الدَّارِ، فقال: إلى أين يا ابنةَ أبي أُميَّةَ؟ قلتُ: أُريدُ زوجي بالمدينةِ. قال: أَوَمَا معكِ أحدٌ؟ قلتُ: ما معي أحدٌ إلَّا الله وابْنِي هذا. فقال: والله ما لكِ مِن مَتْرَكٍ. فأخذ بخِطامِ البَعيرِ فانطلق معي يَهْوي بي، فَوَالله ما صَحِبتُ رجلًا مِن العربِ قَطُّ أَرى أنَّه كان أَكرمَ منه، كان إذا بلغ المنزِلَ أناخ بي، ثمَّ استأخر عنِّي حتَّى إذا نزلتُ استأخر ببعيري فحَطَّ عنه ثمَّ قيَّدهُ في الشَّجرِ، ثمَّ تنحَّى إلى شجرةٍ فاضطجع تحتها. فإذا دَنا الرَّواحُ قام إلى بعيري فقدَّمهُ فَرَحَّلَهُ، ثمَّ استأخر عنِّي وقال: ارْكَبي. فإذا رَكِبْتُ فاستويتُ على بعيري أتى فأخذ بخِطامهِ فقادَني حتَّى يَنزِلُ بي، فلمْ يَزلْ يصنعُ ذلك بي حتَّى أَقْدَمَني المدينةَ، فلمَّا نظر إلى قريةِ بني عَمرِو بنِ عَوفٍ بقُباءٍ قال: زوجُكِ في هذه القريةِ. وكان أبو سَلمةَ بها نازلًا، فادْخُليها على بركةِ الله. ثمَّ انصرف راجعًا إلى مكَّةَ. فكانت تقولُ أمُّ سَلمةَ: ما أعلمُ أهلَ بيتٍ في الإسلامِ أصابهم ما أصاب آلَ أبي سَلمةَ، وما رأيتُ صاحبًا قَطُّ كان أكرمَ مِن عُثمانَ بنِ طلحةَ. أَسلمَ عُثمانُ بنُ طلحةَ بنِ أبي طلحةَ العَبْدَريُّ بعدَ الحُدَيبيةِ.

العام الهجري : 463 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1071
تفاصيل الحدث:

هو الحافِظُ أبو بكرٍ أَحمدُ بن عليِّ بن ثابتِ بن أَحمدَ بن مَهدِيٍّ، الخَطيبُ البغداديُّ، أَحدُ الحُفَّاظِ الأَعلامِ المَشهورِينَ، صاحبُ ((تاريخ بغداد)) وغَيرِه من المُصنَّفاتِ العَديدةِ المُفيدةِ، وُلِدَ سَنةَ 392هـ، وكان أبوه أبو الحَسنِ الخَطيبُ قد قَرأَ على أبي حَفصٍ الكِتَّانيِّ، وصار خَطيبَ قَريةِ درزيجان، إحدى قُرى العِراقِ، فحَضَّ وَلدَه أبا بكرٍ على السَّماعِ في صِغَرِه، فسَمِعَ وله إحدى عشرة سَنةً، نَشأَ ببغداد، وتَفَقَّهَ على أبي طالبٍ الطَّبريِّ وغَيرِه من أَصحابِ الشيخِ أبي حامدٍ الأسفراييني، وسَمِعَ الحَديثَ الكَثيرَ، ورَحلَ إلى البَصرةِ, ونيسابور, وأصبهان، وهمذان, والشامِ, والحِجازِ. وسُمِّيَ الخَطيبَ لأنه كان يَخطُب بدرزيجان، ولمَّا وقعت فِتنةُ البساسيري ببغداد سَنةَ 450هـ خَرجَ الخَطيبُ إلى الشامِ فأَقامَ بدِمشقَ بالمأذَنةِ الشرقيَّةِ مِن جامِعِها، وكان يَقرأُ على الناسِ الحَديثَ، وكان جَهورِيَّ الصوتِ، يُسمَع صَوتُه من أَرجاءِ الجامعِ كُلِّها، فاتَّفَق أنه قَرأَ على الناسِ يومًا فَضائلَ العبَّاسِ فثَارَ عليه الرَّوافِضُ من أَتباعِ الفاطِميِّين، فأَرادوا قَتْلَه فتَشَفَّعَ بالشَّريفِ الزَّينبيِّ فأَجارَهُ، وكان مَسكَنُه بدارِ العقيقي، ثم خَرجَ من دِمشقَ فأَقامَ بمَدينةِ صور، فكَتبَ شَيئًا كَثيرًا من مُصنَّفاتِ أبي عبدِ الله الصوري بِخَطِّهِ كان يَستَعيرُها من زَوجَتِه، فلم يَزَل مُقيمًا بالشامِ إلى سَنةِ 462هـ، ثم عاد إلى بغداد فحَدَّثَ بأَشياءَ من مَسمُوعاتِه، وله مُصنَّفاتٌ كَثيرةٌ مُفيدةٌ، نحو من سِتِّينَ مُصَنَّفًا، ويُقالُ: بل مائة مُصَنَّف، منها كتاب ((تاريخ بغداد))، وكتاب ((الكفاية))، و((الجامع))، و((شرف أصحاب الحديث))، و((المتفق والمفترق))، و((السابق واللاحق))، و((تلخيص المتشابه في الرسم))، و((اقتضاء العلم للعمل))، و((الفقيه والمتفقه))، وغير ذلك، ويُقال: إن هذه المُصَنَّفات أَكثرُها لأبي عبدِ الله الصوري، أو ابتَدأَها فتَمَّمَها الخَطيبُ، وجَعَلَها لِنَفسِه، قال الذهبيُّ: "ما الخَطيبُ بِمُفْتَقِرٍ إلى الصوري، هو أَحْفَظُ وأَوْسَعُ رِحلةً وحَديثًا ومَعرِفةً" كان الخَطيبُ أولا أَوَّلَ أَمرِهِ يَتكلَّم بمَذهبِ الإمامِ أَحمدَ بن حَنبلٍ، فانتَقلَ عنه إلى مَذهبِ الشافعيِّ. كان مَهيبًا وَقورًا، ثِقَةً مُتَحَرِّيًا، حُجَّةً، حَسَنَ الخَطِّ، كَثيرَ الضَّبْطِ، فَصيحًا، خُتِمَ به الحُفَّاظِ، قال ابنُ ماكولا: "كان أبو بكرٍ آخِرَ الأَعيانِ، ممَّن شاهَدناه مَعرِفةً، وحِفظًا، وإتقانًا، وضَبطًا لِحَديثِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَفَنُّنًا في عِلَلِهِ وأَسانيدِه، وعِلمًا بصَحيحِه وغَريبِه، وفَرْدِه ومُنكَرِه ومَطروحِه، ولم يكُن للبَغداديِّينَ بعدَ أبي الحَسنِ الدَّارقطنيِّ مِثلُه". كان الخَطيبُ يقول: "مَن صَنَّفَ فقد جَعلَ عَقلَهُ على طَبَقٍ يُعرِضُه على الناسِ", "كان للخَطيبِ ثَروةٌ من الثِّيابِ والذَّهبِ، وما كان له عَقِبٌ، فكَتبَ إلى القائمِ بأَمرِ الله قال له: إنَّ مالي يَصيرُ إلى بَيتِ مالٍ، فَأْذَنْ لي حتى أُفَرِّقَهُ فيمَن شِئتُ. فأَذِنَ له، ففَرَّقَها على المُحَدِّثين". تُوفِّيَ يومَ الاثنين ضُحًى، وله ثِنتانِ وسَبعون سَنةً، في حُجرَةٍ كان يَسكُنها بِدَربِ السلسلةِ، جِوارَ المَدرسةِ النِّظاميَّةِ، واحتَفلَ الناسُ بجِنازَتِه، وكان فيمَن حَملَ نَعشَه الشيخُ أبو إسحاقَ الشِّيرازيُّ، ودُفِنَ إلى جانبِ قَبرِ بِشْرٍ الحافيِّ.

العام الهجري : 2 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 624
تفاصيل الحدث:

ذكَر مُعظمُ أهلِ المَغازي والسِّيَرِ أنَّها وقعت بعدَ بدرٍ، ورجَّحهُ ابنُ حَجَرٍ، وقد كانت يومَ السَّبتِ للنِّصفِ مِن شَوَّالٍ. وخَبرُ إجلاءِ بني قَينُقاعٍ ثابتٌ في الصَّحيحينِ، فعنِ ابنِ عُمَرَ رضِي الله عنهما قال: "حاربَتِ النَّضيرُ وقُرَيْظةُ، فأَجْلى بني النَّضيرِ، وأَقَرَّ قُرَيْظَةَ ومَن عليهم، حتَّى حاربتْ قُرَيْظَةُ، فقَتَلَ رِجالَهم، وقَسَمَ نِساءَهُم وأَولادَهُم وأَموالَهُم بين المسلمين، إلَّا بعضَهُم لَحِقوا بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فآمَنَهُم وأَسلَموا، وأَجْلى يَهودَ المدينةِ كُلَّهم: بني قَيْنُقاعٍ -وهُم رَهْطُ عبدِ الله بنِ سَلامٍ- ويَهودَ بني حارِثةَ، وكُلَّ يَهودِ المدينةِ"

العام الهجري : 107 العام الميلادي : 725
تفاصيل الحدث:

هو القاسِمُ بن محمَّد بن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيق، أَحَدُ الفُقَهاء السَّبعَة بالمَدينَة، مِن سادات التَّابِعين, كان ثِقَةً عالِمًا، مات أَبوهُ وعُمُرُه سَبعُ سَنوات, تَرَبَّى في حِجْرِ عَمَّتِه عائِشَة رَضِيَ الله عنها فتَفَقَّهَ عليها، فكان فَقيهًا إمامًا وَرِعًا كَثيرَ الحَديثِ، قال أبو الزِّناد: ما رَأيتُ أَحَدًا أَعلمَ بالسُّنَّةِ مِن القاسِم بن محمَّد، وما كان الرَّجُل يُعَدُّ رَجُلًا حتَّى يَعرِفَ السُّنَّة، وما رَأيتُ أَحَدًا أَحَدَّ ذِهْنًا مِن القاسِم. قِيلَ: إنَّه مات بقُدَيْد، فقال: كَفِّنُونِي في ثِيابِي التي كُنتُ أُصَلِّي فيها، قَميصي ورِدائي، هكذا كُفِّنَ أبو بَكرٍ. وأَوْصَى أن لا يُبْنَى على قَبرِه.

العام الهجري : 279 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 892
تفاصيل الحدث:

هو الحافِظُ محمَّدُ بنُ عيسى بن سورة بنِ موسى بن الضحَّاك السلمي التِّرمذي، الضريرُ، قيل: ولِدَ أعمى، والصحيحُ أنه كُفَّ بَصرُه في كِبَرِه، بعد رحلتِه وكتابتِه العِلمَ. وهو أحدُ أئمَّة الحديث في زمانه، وله المصَنَّفات المشهورة؛ منها: الجامِعُ المعروف بالسُّنَن، والشَّمائل، وأسماءُ الصحابة، وغير ذلك، تتلمذَ على البخاريِّ، رحل إلى خُراسان والعراق والحجاز، ورُويَ عنه أنَّه قال: "صنَّفتُ هذا المُسندَ الصَّحيحَ، وعرضتُه على علماءِ الحجاز فَرَضُوا به، وعرَضتُه على عُلماءِ العِراقِ فَرَضُوا به، وعرضتُه على علماء خُراسان فَرَضُوا به، ومن كان في بيتِه هذا الكتابُ، فكأنَّما في بيتِه نبيٌّ يَنطِقُ، وفي رواية يتكَلَّم"، أصيبَ بالعمى في آخِرِ حياتِه، وتوفِّي في ترمذَ، مكانِ ولادتِه.

العام الهجري : 636 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1239
تفاصيل الحدث:

جهز الملك العادِلُ بن الملك الكامل جماعة من الأمراء، وعدة من العساكر بديار مصر لتأخذ دمشق، وقدَّم الملك العادل إلى الملك الجواد نائبِه على دمشق رسولًا بكتابٍ فيه أنَّه يعطيه قلعةَ الشوبك وبلادها، وثغرَ الإسكندرية، وأعمال البحيرة وقليوب، وعشر قرى من بلاد الجيزة بديار مصر، لينزِلَ عن نيابة السلطة بدمشق، ويحضُرَ إلى قلعة الجبل، ليعمَلَ برأيه في أمور الدولة، فلما وفى ذلك أوهمه نائبُه عماد الدين قلج من أنه متى دخل مصر قبض عليه الملك العادل، فامتنع من تسليم دمشق، فبَرَز الملك العادل من القاهرة يريد دمشق، آخر ذي الحجة، ونزل بلبيس، فخاف الملك الجواد، وعَلِمَ عَجْزَه عن مقاومة العادل، فبعث إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل صاحب حصن كيفا وديار بكر يطلبُ منه أن يتسَلَّمَ دمشق، ويعوِّضَه عنها سنجار والرقة وعانة، فوقع ذلك من الملك الصالح أحسَنَ مَوقِعٍ، وأجابه إليه، وزاده الجديدة، وحلف له على الوفاء، ورتَّب الملك الصالح ابنَه الملك المعظَّم توران شاه على بلاد الشرق، وألزمه بحصنِ كيفا، وأقام نوابًا بآمد وديار بكر، وسَلَّم حران والرها وجميع البلاد للخوارزمية الذين في خدمته، وطلب نجدةً من الأمير بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، وكان قد صالحه فبعث إليه بدر الدين نجدةً، وسار الملك الصالح من الشرق يريد دمشقَ، فقطع الملك الجواد اسم الملك العادل من الخطبة، وخطب للملك الصالحِ نجم الدين أيوب، وضرب السكَّةَ باسمه، ودخل الصالحُ إلى دمشق في مستهَلِّ جمادى الأولى، ومعه الجواد بين يديه بالناشية، وقد نَدِمَ الجواد على ما كان منه، وأراد أن يستدرِكَ الفائت فلم يقدِرْ، وبعث الصالح إليه بردِّ أموال الناس إليهم، فأبى وسار، وكان قد وصل مع الصالح أيضًا الملك المظفَّر صاحب حماة، وقد تلقَّاه الجواد، فكان دخوله يومًا مشهودًا، فاستقَرَّ في قلعة دمشق، وخرج الجوادُ إلى بلاده، فكانت مدةُ نيابته دمشق عشرة أشهر وستة عشر يومًا، فلما استقَرَّ الملك الصالح بدمشق سار المظفر إلى حماة، وقدمت الخوارزمية، فنازلوا مدينةَ حمص وهو معهم مدةً ثَّم فارقوها بغير طائلٍ، وعادوا إلى بلادهم بالشَّرقِ، وفي أثناء ذلك تواترت رسلُ المظفَّر صاحب حماة إلى الملك الصالحِ يستحِثُّه على قصد حمص، وكتب الأمر من مصر يستدعيه إلى القاهرة، وتعِدُه بالقيام بتصَرُّفه، فبرز الملك الصالح من دمشق إلى البثنية، وكانت الخوارزميَّة، وصاحب حماة، على حصار حمص، فأرسل المجاهدُ أسد الدين شيركوه مالًا كثيرًا فرَّقه في الخوارزمية، فرحلوا عنه إلى الشرق، ورحل صاحِبُ حماة إلى حماة، وعاد الملك الصالحُ إلى دمشق طالبًا مصر، وخرج منها إلى الخربة وعيَّدَ بها عيدَ الفطر، وعسكَرَ تحت ثنية العقاب، وقد تحيَّرَ فلا يدري أيذهب إلى حمص أم إلى مصر، وما زال بمعسكره إلى أول شهر رمضان، فعاد إلى دمشق وتقَدَّمَ إلى الأمير حسام الدين أبي علي بن محمد بن أبي علي الهذباني، أن يرحَلَ بطائفة من العسكر إلى جينين، فرحل، ولم يزل هو تحت عقبة الكرسي، على بحيرة طبرية، إلى آخرِ رمضان، فلما وردت الأخبارُ بحركة الملك الصالح إلى القاهرة، خرج من أمراء مصرَ سبعة عشر أميرًا في عِدَّة كبيرة من أتباعهم وأجنادهم، وخلقٌ مِن مُقَدَّمي الحلقة والمماليك السلطانية، وساروا يريدون الملك الصالح بدمشق، واضطربت مصر اضطرابًا زائدًا، وخرج فخر القضاة بن بصاقة في الرِّسالة إلى الملك الصالح من الكرك عن الناصر داود بأنَّه في نصرة الملك الصالح ومعاونته، ويسألُه دمشق وجميعَ ما كان لأبيه، فلم تقَعْ موافقة على ذلك، فسار الناصر إلى الملك العادل، ونزل بدار الوزارة من القاهرة، ليعينَه على محاربة أخيه الملك الصالح، فقَدِمَ في ذي الحجة الصاحبُ محيي الدين بن الجوزي برسالة الخليفةِ إلى الملك الصالح، ليصالِح أخاه الملك العادل فأجلَّ الملك الصالح قدومه إجلالًا كثيرًا، ومع ذلك فإنَّ كُتُب الأمراء وغيرهم تَرِدُ في كل قليل على الملك الصالح من مصر، تعِدُه بالقيام معه، وأنَّ البلاد في يده، لاتفاق الكلمةِ على سلطنتِه.

العام الهجري : 695 العام الميلادي : 1295
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ السعيدُ شمس الدين إيلغازي بن الملك المظفر فخر الدين قرا أرسلان بن الملك السعيد صاحِبُ ماردين الأرتقي، ودُفِنَ بتربة جده أرتق، وتولى بعده سلطنةَ ماردين أخوه الملك المنصور نجم الدين غازي، وكانت مُدَّةُ مَملكةِ الملك السعيد هذا على ماردين دونَ الثلاث سنين.

العام الهجري : 683 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1285
تفاصيل الحدث:

هو الملك المنصور ناصر الدين محمد بن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن نجم الدين أيوب بن شاذي، صاحب حماة. ولد سنة 630، وتملك حماة سنة ثنتين وأربعين، وله عشر سنين، فمكث في الملك أزيد من أربعين سنة، وكان له بر وصدقات، وقد أعتَقَ في مرض موته خلقًا من الأرقاء. توفي يوم عاشر شوال بحماة وقام في الملك بعده ولده الملك المظفر بتقليد الملك المنصور له بذلك.

العام الهجري : 1372 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1953
تفاصيل الحدث:

لم تتوقَّف المطالِبُ المغربيَّةُ بالاستقلالِ طوالَ السنواتِ الماضيةِ، والمَلِكُ يؤيِّدُها، فكاد الفرنسيون للمَلِك فألزموا الكثيرَ من الوجهاء والقادة على التوقيعِ على عريضة تطالِبُ بخَلعِ الملك؛ لمعارضته الإصلاحاتِ وعدمِ أهليتِه، وكانت فرنسا قد قرَّرت التخَلُّصَ من الملك بأيِّ صورة، فأَرسَلَت له في 9 ذي الحجة - أي يوم عرفة- وثيقةً عن طريق الحاكم العام الفرنسي تتضَمَّنُ تخييره بين التنازل عن الملك أو النفي، فقام الملِكُ بتمزيق الوثيقةِ، ثم في اليوم التالي يوم العيد جاءت قوةٌ فرنسية واعتَقَلت الملك وأفراد أسرته ونقلَتْهم بالطائرةِ إلى أجاكسيو عاصمة جزيرة كورسيكا، ثم حُمِلَ إلى جزيرة مدغشقر في المحيط الهندي في شرق أفريقيا، ونُصِبَ مكانَه أحد أفراد أسرتِه، وهو محمد بن عرفة.

العام الهجري : 8 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:

كان سببُها أنَّ المشركين نقَضوا العهدَ الذي بينهم وبين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأَغاروا على إحدى القَبائلِ المُحالفةِ للرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وهي قَبيلةُ خُزاعةَ، ولمَّا عَلِمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالأَمرِ أَمَرَ النَّاسَ بالتَّجَهُّزِ دون أن يُخبِرَهُم بوِجْهَتِه، ثمَّ مضى حتَّى نزَل بمَرِّ الظَّهرانِ وهو وادٍ قَريبٌ مِن مكَّةَ. فعنِ ابنِ عبَّاسٍ رضِي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خرَج في رَمضانَ مِنَ المدينةِ ومعه عشرةُ آلافٍ، وذلك على رأسِ ثمانِ سِنين ونِصفٍ مِن مَقْدَمِه المدينةَ، فسار هو ومَن معه مِنَ المسلمين إلى مكَّةَ، يَصومُ ويَصومون، حتَّى بلَغ الكَدِيدَ، وهو ماءٌ بين عُسْفانَ، وقُدَيْدٍ أَفطَر وأَفطَروا. وكان أبو سُفيانَ قد رَأى جيشَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قبلَ دُخولِه مكَّةَ، فهالَهُ ما رَأى، ثمَّ أَسلَم في أثناءِ ذلك، ثمَّ جاء إلى قومِه وصرَخ فيهم مُحذِّرًا لهم بأن لا قِبَلَ لهم بِجيشِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وقال لهم ما قاله عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: مَن دخَل دارَ أبي سُفيانَ فهو آمِن، ومَن أَغلَق عليه دارَهُ فهو آمِن، ومَن دخَل المسجِدَ فهو آمِن. فتَفرَّقَ النَّاسُ إلى دورِهِم وإلى المسجِدِ.
وعن عائشةَ رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دخَل عامَ الفتحِ مِن كَداءٍ التي بأعلى مكَّةَ. وقد أَهدَر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم دَمَ بعضِ المشركين يومَ الفتحِ، ووجَد عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حولَ البيتِ ثلاثمائةٍ وسِتِّين نُصُبًا، فجعل يَطعنُها بِعودٍ في يَدِه ويقولُ: (جاء الحقُّ وزَهَقَ الباطلُ، جاء الحقُّ، وما يُبْدِئُ الباطلُ وما يُعيدُ). وقد تَفاوَتت الرِّواياتُ في مُدَّةِ إقامتِه صلى الله عليه وسلم عامَ الفتحِ، و الأرجحُ -والله أعلم- أنَّها كانت تِسعةَ عشرَ يومًا.

العام الهجري : 126 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 744
تفاصيل الحدث:

بُويِعَ لِيَزيد بن الوَليدِ الذي يُقالُ له: النَّاقِص، وإنَّما سُمِّيَ النَّاقِصَ لأنَّه نَقَصَ الزِّيادَة التي كان الوَليدُ زادَها في عَطِيَّاتِ النَّاس، وهي عشرة عشرة، ورَدَّ العَطاءَ إلى ما كان أيَّام هِشام، لمَّا قُتِلَ الوليد بن يَزيد خَطَب يَزيدُ بن وَليد النَّاسَ فذَمَّ الوَليدَ بن يَزيد وأنَّه قَتلَه لِفِعلِه الخَبيث. قال: (... ظَهَر الجَبَّارُ العَنيد، المُستَحِلُّ الحُرْمَة، والرَّاكِب البِدعَة، والمُغَيِّر السُّنَّة، فلمَّا رأيتُ ذَلِكَ أَشفَقتُ إذ غَشِيَتكم ظُلْمَة لا تَقلَع عَنكم عَلَى كَثرَةٍ مِن ذُنوبِكم، وقَسوَةٍ مِن قُلوبِكم، وأَشفَقتُ أن يَدعو كَثيرٌ مِن النَّاس إِلَى ما هُوَ عَليهِ، فيُجيبُه مَن أَجابَه مِنكم، فاستَخرتُ اللَّه فِي أَمرِي، وسَألتُه ألا يِكِلَني إِلَى نَفسِي، ودَعوتُ إلى ذلك مَن أَجابَني مِن أَهلِي وأَهلِ وِلايَتِي، وهو ابْنُ عَمِّي فِي نَسَبي وكُفْئِي فِي حَسَبي، فأَراحَ اللَّه مِنه العِبادَ، وطَهَّر مِنه البِلادَ، وِلايَةً مِن اللَّه، وعَونًا بِلا حَوْلٍ مِنَّا ولا قُوَّة، ولكن بِحَوْلِ اللَّه وقُوَّتِه ووِلايَتِه وعَوْنِه. ثمَّ قال: أيُّها النَّاس إنَّ لكم عَليَّ أن لا أَضَعَ حَجرًا على حَجَر ولا لَبِنَة، ولا أَكتَري نَهرًا، ولا أُكثِر مالًا، ولا أُعطِيَه زَوجةً ووَلدًا، ولا أَنقُل مالًا عن بَلدٍ حتَّى أَسُدَّ ثَغرَه وخَصاصَة أَهلِه بما يُغنيهم، فما فَضَل نَقلتُه إلى البَلدِ الذي يَليهِ، ولا أُجَمِّرَكُم في ثُغورِكم فأَفتِنَكم، ولا أُغلِق بابي دونكم، ولا أَحمِل على أَهلِ جِزْيَتِكم، ولكم أُعطِياتُكم كُلَّ سَنَة، وأَرزاقُكم في كُلِّ شَهر حتَّى يكونَ أَقصاكُم كَأدناكُم، فإن وَفَّيتُ لكم بما قلتُ فعليكم السَّمعُ والطَّاعة وحُسْنُ الوِزارَة، وإن لم أَفِ فلكم أن تَخلَعوني إلَّا أن أَتوبَ، وإن عَلِمتُم أَحدًا ممَّن يُعرَف بالصَّلاح يُعطيكم مِن نَفسِه مِثلَ ما أُعطيكم وأَردتُم أن تُبايِعوه فأنا أوَّلُ مَن يُبايعهُ. أيُّها النَّاس لا طاعةَ لِمَخلوقٍ في مَعصِيةِ الخالِق).

العام الهجري : 458 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1066
تفاصيل الحدث:

هو العَلَّامةُ، الثَّبْتُ، الفَقيهُ، شَيخُ الإسلامِ، أبو بكرٍ أَحمدُ بنُ الحُسينِ بن عَلِيِّ بن عبدِ اللهِ بن موسى البَيهقيُّ، الخسرو جردي الشافعيُّ الخُرسانيُّ الحافظُ الكَبيرُ المَشهورُ، المُحَدِّثُ الأُصوليُّ. وُلِدَ سَنةَ 384هـ. أَخَذَ الفِقهَ عن أبي الفَتحِ المروزيِّ، ثم غَلَبَ عليه الحَديثُ، واشتَهرَ به، وهو أوَّلُ مَن جَمعَ نُصوصَ الإمامِ الشافعيِّ في عَشرِ مُجلَّداتٍ. قال إمامُ الحَرمينِ في حَقِّهِ: "ما من شافعيِّ المَذهبِ إلَّا وللشافعيُّ عليه مِنَّةٌ، إلَّا أحمدَ البيهقيَّ فإنَّ له على الشافعيِّ مِنَّةً، وكان مِن أَكثرِ الناسِ نَصرًا لِمَذهبِ الشافعيِّ". كان له التَّصانيفُ التي سارَت بها الرُّكبانُ إلى سائرِ الأمصارِ، أَخذَ العِلمَ عن الحاكمِ أبي عبدِ الله النيسابوري، وسَمِعَ على غَيرِه شيئًا كَثيرًا، وجَمعَ أَشياء كَثيرةً نافعةً، لم يُسبَق إلى مِثلِها، ولا يُدرَك فيها، منها كتاب: ((السُّنَن الكبير))، و((السُّنَن الصغير))، و((مَعرِفَة السُّنَن والآثار))، و((المَدْخَل))، و((الآداب)) و((شُعَب الإيمان))، و((الخِلافِيَّات))، و((دَلائِل النُّبُوَّة))، و((البَعْث والنُّشُور))، وغيرُ ذلك من المُصَنَّفاتِ الكِبارِ والصِّغارِ المُفيدَةِ، وكان زاهدًا مُتقَلِّلًا من الدُّنيا، كَثيرَ العِبادَةِ والوَرَعِ. قال الحافظُ عبدُ الغافِر بن إسماعيل: "كان البيهقيُّ على سِيرَةِ العُلماءِ، قانِعًا باليَسيرِ، مُتجَمِّلًا في زُهدِهِ ووَرَعِه, الفَقيهَ، الحافظَ الأُصوليَّ، الدَّيِّنَ الوَرِعَ، واحدَ زَمانِه في الحِفْظِ، وفَرْدَ أَقرانِه في الإتقانِ والضَّبْطِ، مِن كِبارِ أَصحابِ الحاكمِ، ويَزيدُ على الحاكمِ بأَنواعٍ مِن العُلومِ، كَتَبَ الحَديثَ، وحَفِظَهُ مِن صِباهُ، وتَفَقَّه وبَرَعَ، وأَخَذَ فَنَّ الأُصُولِ، وارتَحَلَ إلى العراقِ والجبالِ والحِجازِ، ثم صَنَّفَ، وتَواليفُه تُقارب ألفَ جُزءٍ مما لم يَسبِقهُ إليه أَحدٌ، جَمَعَ بين عَلْمِ الحديثِ والفِقْهِ، وبَيانِ عِلَلِ الحَديثِ، ووَجْهِ الجَمْعِ بين الأحاديثِ، طَلبَ منه الأئمَّةُ الانتقالِ من بَيهَق إلى نيسابور، لِسَماعِ الكُتُبِ، فأتى في سَنةِ 441هـ، وعَقَدوا له المَجلِسَ لِسَماعِ كِتابِ ((المعرفة)) وحَضَرهُ الأئمَّة"  تُوفِّي بنيسابور، ونُقِلَ تابوتُه إلى بَيهَق.

العام الهجري : 516 العام الميلادي : 1122
تفاصيل الحدث:

هو العلامة البارع ذو البلاغتين: أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان، الأديب اللغوي النحوي البصري الحريري، صاحب المقامات المشهورة، كان يسكن بني حرام أحد محال البصرة مما يلي الشط، مولِدُه ومَرْباه بقرية المشان، من أعمال البصرة، وكان أحد أئمة عصره في الأدب والبلاغة والفصاحة، وله مصنفات كثيرة، من أبرزها المقامات، التي لا نظير لها في معناها، وقد سلك فيها منوالَ بديع الزمان صاحب المقامات، وقد اشتملت مقامات الحريري على شيء كثير من كلام العرب: من لغاتها وأمثالها ورموز أسرار كلامها، ومَن عرَفَها حقَّ معرفتها استدلَّ بها على فضل هذا الرجل وكثرة اطلاعه وغزارة مادته، وكان سببُ وضعه لها ما حكاه ولده أبو القاسم عبد الله؛ قال: "كان أبي جالسًا في مسجده ببني حرام فدخل شيخ ذو طمرين عليه أُهبة السفر، رثُّ الحال، فصيح الكلام، حسنُ العبارة، فسألَتْه الجماعة: من أين الشيخُ، فقال: من سروج، فاستخبروه عن كنيته، فقال: أبو زيد، فعمل أبي المقامة المعروفة بالحرامية، وهي الثامنة والأربعون، وعزاها إلى أبي زيد، واشتهرت فبلغ خبرها الوزير شرف الدين أبا نصر أنوشروان بن خالد بن محمد القاشاني وزير الخليفة المسترشد بالله، فلما وقف عليها أعجبته، وأشار على والدي أن يضم إليها غيرها، فأتمها خمسين مقامة، وإلى الوزير المذكور أشار الحريري في خطبة المقامات بقوله: فأشار مَن إشارتُه حُكم، وطاعتُه غُنم، إلى أن أنشئَ مقاماتٍ أتلو فيها البديع، وإن لم يدرك الظالِعُ شأوَ الضليع" وله كتاب درة الغواص في أوهام الخواص، ومُلحة الإعراب، وغيرها. قال الذهبي: "أملى الحريري بالبصرة مجالس، وعمل (درة الغواص في وهم الخواص)، و(المُلحة) وشرحها، و(ديوانًا) في الترسُّل، وغير ذلك، وخضع لنثره ونظمه البلغاء. قدم بغداد سنة 500، وحدَّث بها بجزء من حديثه، وبمقاماته".