الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1037 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 499 العام الميلادي : 1105
تفاصيل الحدث:

كان صنجيل الفرنجي قد ملك مدينة جبلة، وأقام على طرابلس يحصرها، فحيث لم يقدر أن يملكها بنى بالقرب منها حصنًا وبنى تحته ربضًا، وأقام مراصد لها، منتظرًا وجود فرصة فيها، فخرج فخر الملك أبو علي بن عمار، صاحب طرابلس، فأحرق ربضه، ووقف صنجيل على بعض سقوفه المتحرقة، ومعه جماعة من القمامصة -كبار القساوسة- والفرسان، فانخسف بهم، فمرض صنجيل من ذلك عشرة أيام ومات، وحُمل إلى القدس فدُفن فيه، ثم إن ملك الروم أمر أصحابه باللاذقية ليحملوا الميرةَ إلى هؤلاء الفرنج الذين على طرابلس، فحملوها في البحر، فأخرج إليها فخر الملك بن عمار أسطولًا، فجرى بينهم وبين الروم قتال شديد، فظَفِر المسلمون بقطعة من الروم فأخذوها، وأسروا من كان بها وعادوا، ولم تزل الحرب بين أهل طرابلس والفرنج عدةَ سنين، فعدمت الأقوات بها، وخاف أهلها على نفوسهم وأولادهم وحرمهم، فجلا الفقراء وافتقر الأغنياء، وظهر من ابن عمار صبر عظيم وشجاعة ورأي سديد، ومما أضر بالمسلمين فيها أن صاحبها استنجد سقمان بن أرتق فجمع العساكر وسار إليه، فمات في الطريق وأجرى ابن عمار الجرايات على الجند والضَّعَفة، فلما قلَّت الأموال عنده شرع يقسط على الناس ما يخرجه في باب الجهاد، فأخذ من رجلين من الأغنياء مالًا مع غيرهما، فخرج الرجلان إلى الفرنج وقالا: إن صاحبنا صادَرَنا، فخرجنا إليكم لنكون معكم، وذكرا لهم أنه تأتيه الميرة من عرقة والجبل، فجعل الفرنج جميعًا على ذلك الجانب يحفظُه من دخول شيء إلى البلد، فأرسل ابن عمار وبذل للفرنج مالًا كثيرًا ليسَلِّموا الرجلين إليه فلم يفعلوا، فوضع عليهما مَن قتلهما غيلةً.

العام الهجري : 530 العام الميلادي : 1135
تفاصيل الحدث:

وقَعَت الفِتنةُ بدمشقَ بين صاحِبِها شِهابِ الدِّينِ محمود بن تاج الملوك بوري والجند. وسبَبُ ذلك أنَّ الحاجِبَ يوسف بن فيروز كان أكبَرَ حاجِبٍ عند أبي شِهابِ الدين وجَدِّه، ثمَّ إنَّه خاف أخاه شمسَ الملوك، وهرب ابنُ فيروز منه إلى تدمُر، فلمَّا كانت هذه السَّنةُ سأل أن يَحضُرَ إلى دمشق، وكان يخاف جماعةَ المماليك؛ لأنَّه كان أساء إليهم وعامَلَهم أقبَحَ مُعاملةٍ، فلما طلبَ الآن الحضورَ إلى دمشق أُجيبَ إلى ذلك، فأنكر جماعةُ الأمراء والمماليكِ قُربَه وخافوه أن يفعَلَ بهم مثلَ فِعلِه الأوَّلِ، فلم يزَل ابنُ فيروز يتوصَّلُ معهم حتى حلَف لهم واستحلَفَهم وشَرَط على نفسِه أنَّه لا يتولى من الأمورِ شَيئًا، ثمَّ إنَّه جعل يُدخِلُ نَفسَه في كثيرٍ مِن الأمور، فاتَّفَق أعداؤه على قَتلِه، فبينما هو يسيرُ مع شمس الملوك في الميدانِ وإلى جانِبِه أميرٌ اسمه بزاوش يحادِثُه، إذ ضرَبَه بزاوش بالسَّيفِ فقَتَله، فحُمِلَ ودُفِنَ عند تربة والده بالعقيبة، ثمَّ إنَّ بزاوش والمماليك خافوا شمسَ الملوك، فلم يدخُلوا البلد، ونزلوا بظاهِرِه، وأرسلوا يَطلُبونَ قواعِدَ استطالوا فيها، فأجابهم إلى البَعضِ، فلم يَقبَلوا منه، ثمَّ ساروا إلى بعلبك، وبها شمسُ الدولة محمد بن تاج الملوك صاحِبُها، فصاروا معه، فالتحق بهم كثيرٌ مِن التُّركمان وغيرِهم، وشَرَعوا في العَبَث والفَسادِ، واقتَضَت الحالُ مُراسَلتَهم وملاطَفتَهم وإجابتَهم إلى ما طلبوا، واستقَرَّت الحالُ على ذلك، وحَلَف كُلٌّ منهم لصاحبه. فعادوا إلى ظاهِرِ دمشق ليدخُلوا البلد، وخرج شهابُ الدين صاحِبُ دمشق إليهم، واجتمَعَ بهم وتجَدَّدَت الأيمانُ، وصار بزاوش مُقَدَّم العسكَرِ وإليه الحَلُّ والعَقدُ، وذلك في شعبان، وزال الخُلفُ، ودخلوا البلدَ.

العام الهجري : 910 العام الميلادي : 1504
تفاصيل الحدث:

هو السلطان أبو عبد الله محمد الشيخ بن أبي زكريا يحيى بن زيان الوطاسي، المعروف بمحمد الشيخ الوطاسي سلطان المغرب, وبنو وطاس فرقة من بني مرين غير أنهم ليسوا من بني عبد الحق، وكان بنو الوزير من بني وطاس يتطلَّعون إلى الرياسة ويسعَون في الخروج على بني عبد الحق، وقد تكرر ذلك منهم ثم أذعنوا إلى الطاعة، وراضوا أنفسهم على الخدمة فاستعملهم بنو عبد الحق في وجوه الولايات والأعمال واستظهروا بهم على أمور دولتهم فحسن أثرُهم لديها وتعدد الوزراء منهم, فلمَّا ولي والد محمد الشيخ أبي زكريا يحيى بن زيان الوزارة للسلطان عبد الحق، ثم تولى بعده ابنه يحيى فقتله السلطان عبد الحق لما رأى منافسته له في الحكم، فر أخوه أبو عبد الله محمد الشيخ إلى الصحراء وبقي متنقلًا في البلاد. كان أبو عبد الله شجاعًا مِقدامًا, فجمع حوله وهو في الصحراء الأتباع ودخل بهم أصيلا وتمكَّن من حكمها, فلما أحس من نفسه القدرة في الاستيلاء على كرسي فاس جمع جنده وزحف بهم على فاس، فتمكن من دخولها وتنحية الشريف الإدريسي وأخذ البيعة لنفسِه, ثم تفرغ لتدويخ القبائلِ التي بأحواز فاس وغيرها فدخلوا في طاعته واغتبطوا به, وكان له دور عظيم في جهاد الفرنج في المغرب وسواحلها، وبعد وفاة محمد الشيخ تولى بعده ابنه محمد المعروف بالبرتغالي. وهذا السلطان أبو عبد الله محمد الشيخ الوطاسي يختلف عن السلطان أبي عبد الله محمد الشيخ المهدي السعدي المتوفي سنة 964 (1557م) ومؤسس الدولة السعدية بالمغرب، وهو الذي قضى على دولة الوطاسي.

العام الهجري : 1075 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1664
تفاصيل الحدث:

بعد استيلاء العثمانيين على قلعة نوهزل النمساوية، وسَّطَ ليوبولد إمبراطورُ النمسا البابا إسكندرَ السابِعَ في طلبه المساعدة له من ملك فرنسا- الذي كان قد عرض على ليوبولد قبل حصار العثمانيين لقلعة نوهزل إمدادَه بأربعين ألفًا من الألمان المحالفين له، فأبى خوفًا من إظهار الضعف- فسعى البابا جهدَه لدى ملك فرنسا حتى قَبِلَ بإرساله ستة آلاف جندي فرنساوي وأربعة وعشرين ألفًا من محالفيه الألمان، وانضم هذا الجيش إلى الجيش النمساوي تحت قيادة الكونت دي كوليني، وابتدأت المناوشات بين الجيشين المتحاربين، فقُتل الكونت دي القائد العام النمساوي، وخلفَه القائدُ مونت كوكوللي، وكان قد انضم إلى الجيش الفرنساوي عدد عظيم من شبان الأشراف, وفي بداية القتال كان النصر حليفًا للعثمانيين فاحتل كوبريلي أحمد باشا مدينة سرنوار وعسكر على شاطئ نهر يقال له نهر راب والأعداء معسكرون أمامه، وبعد أن حاول كوبريلي عبور النهر صده الجيش النمساوي الفرنساوي, فجمع كل قواه في يوم 8 محرم سنة 1075 وعبر النهر عنوة وانتصر على قلب جيش العدو، ولولا تدخل الفرنساويين وخصوصًا الأشراف منهم، لتم النصر للعثمانيين, وانتهى اليوم بدون انتصار تام لأحد الفريقين؛ فإن العثمانيين حافظوا على مراكزهم بدون تقدم للأمام، وسميت هذه الواقعة بواقعة سان جوتار نسبة لكنيسة قديمة حصلت الحرب بالقرب منها، وبعد تبادل المخابرات بين الطرفين توصلا للصلح وأُبرمت معاهدة بينهما أهم ما نصت عليه إخلاء الجيش العثماني لإقليم ترنسلفانيا وتعيين أبافي حاكمًا عليها تحت سيادة الدولة العثمانية، وتقسيم بلاد المجر بين الدولتين بأن يكون للنمسا ثلاث ولايات، وللباب العالي أربعة، مع بقاء حصني نوفيجراد ونوهزل تابعين للدولة العلية العثمانية!

العام الهجري : 1352 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1934
تفاصيل الحدث:

قامت في اليمن حركةٌ بقيادة الإمام يحيى حميد الدين واجه فيها الدولةَ العثمانية التي انسحبت من اليمن في أعقاب الحرب العالمية الأولى فصفا له الجوُّ فيها. ويفصل بينه وبين مُلك الملك عبدالعزيز إمارة آل عائض في أبها، وإمارة آل إدريس في جازان، وقد قامت فيهما فِتَنٌ وأحداث انتهت بانضمامِهما إلى حكم الملك عبدالعزيز، وقد لجأ الحسَنُ الإدريسي وجمَعَ من أقاربه وخاصته إلى اليمن في ضيافة الإمام يحيى، وكان الملك عبد العزيز يصِلُهم بالإنفاق عليهم وهم هناك, وفي هذا العام تقدَّم جندٌ من جيش الإمام يحيى إلى جبال جازان بتحريضٍ من الحسن الإدريسي حتى وصلوا نجران, فلما علِمَ الملك عبد العزيز استعظمه وكتب للإمام يحيى يدعوه للاتفاق على رسمِ الحدود، فاجتمع مندوبو الطرفين دون أن يتمَّ الاتفاق على الحدود، فوجه الملك عبد العزيز إنذارًا للإمام يحيى لسَحبِ قوَّاتِه من نجران، ولَمَّا مضت مدة الإنذار ولم يكن له أثرٌ وجَّه الملك عبد العزيز جيشين في ذي الحجة أحدُهما بقيادة الأمير سعود بن عبد العزيز إلى الشمال ووجهته الجبل، فكانت وقعة حرض، وتوغَّل سعود في جبل السراة واقترب من غمدان، والجيشُ الثاني بقيادة الأمير فيصل بن عبد العزيز اتجه إلى الجنوب على الشاطئ، فاستولى على الحُديدة وبيت الفقيه وغيرهما، وبدَّد كل مقاومةٍ اعترضَتْه، وانهار جيش الإمام يحيى في أقل من شهر، فأبرق إلى مصر يستنجِدُ بالملك فؤاد فاعتذر منه لعدم استطاعته، فأُسقِطَ في يد الإمام يحيى، وانسحب من نجران، فأمر الملك عبدالعزيز بوَقفِ الزحف في 11 محرم 1353ه، وبدأت إجراءات التفاوض التي انتهت بمعاهدة الطائف.

العام الهجري : 28 ق هـ الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 596
تفاصيل الحدث:

 لمَّا بلغَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَمسًا وعِشرين سنةً وليس له بمكَّةَ اسمٌ إلا "الأمينُ"؛ لِمَا تكامَلَ فيه من خِصال الخير، قال له عمُّه أبو طالِبٍ: "يا ابنَ أخي، أنا رجلٌ لا مالَ لي، وقد اشتَدَّ الزَّمانُ علينا، وألَحَّت علينا سِنونَ مُنكَرةٌ، وليس لنا مادَّةٌ ولا تجارةٌ، وهذه عيرُ قومِك قد حَضَرَ خروجُها إلى الشامِ، وخديجةُ بِنتُ خوَيلدٍ تبعَثُ رِجالًا من قومِك في عيرانِها، فيتَّجِرون لها في مالِها، ويُصيبون مَنافِعَ، فلو جِئتَها فوَضَعْتَ نفسَك عليها لأسرَعَت إليك، وفَضَّلَتْكَ على غيرِك، لِمَا يبلُغُها عنك من طهارَتِك، وإن كنتُ لَأكرَهُ أن تأتيَ الشامَ، وأخافُ عليك من يهودَ، ولكن لا نَجِدُ من ذلك بُدًّا".
وكانتْ خديجةُ بِنتُ خوَيلدٍ امرأةً تاجرةً ذاتَ شرفٍ ومالٍ كثيرٍ وتجارةٍ تبعَثُ بها إلى الشَّامِ، فتكونُ عِيرُها كعامَّةِ عِيرِ قُرَيشٍ، وكانت تستأجِرُ الرِّجالَ وتدفَعُ إليهمُ المالَ مُضاربةً، وبلغ خَديجةَ ما كان من صِدقِ حديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعِظَمِ أمانَتِه، وكرمِ أخلاقِه، فأرسلَتْه في تجارَتِها، فخَرَج مع غُلامِها مَيسَرةَ حتى قدِمَ الشامَ، وجعل عُمومَتُه يوصون به أهلَ العيرِ حتى قدِمَ الشامَ، فنَزَلَا في سوقِ بُصرَى في ظلِّ شجرةٍ قريبًا من صَومعةِ راهِبٍ يُقال له: نِسْطُورَا، فاطَّلَع الرَّاهبُ إلى مَيسَرةَ -وكان يعرِفُه-؛ فقال: "يا مَيسَرةُ، مَن هذا الذي نزَل تحتَ هذه الشجرةِ؟"، فقال مَيسَرةُ: "رجلٌ من قريش من أهلِ الحرمِ". فقال له الرَّاهبُ: "ما نَزَل تحتَ هذه الشجرةِ إلا نبيٌّ".
ثم باع رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سِلعتَه -يعني: تِجارَتَه- التي خَرَج بها، واشترى ما أراد أن يشتريَ، ثم أقبل قافِلًا إلى مكةَ ومعه مَيسَرةُ؛ فلما قدِمَ مكةَ على خديجةَ بمالِها باعت ما جاء به بأضعَفَ أو قريبًا، وحدَّثها مَيسَرةُ عن قَولِ الراهبِ، وما رَأى من شأنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فعَرَضَت نَفسَها عليه رَضي اللهُ عنها، وكانتْ أوسَطَ نساءِ قُريشٍ نَسَبًا وأعظمَهُنَّ شَرَفًا، وأكثَرَهُنَّ مالًا، فلمَّا قالت ذلك لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذَكَر ذلك لأعمامِه، فخرج معه عمُّه حمزةُ حتى دَخَل على خويلِدِ بنِ أسَدٍ فخَطَبها إليه، فتزوَّجها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانتْ أوَّلَ امرأةٍ تزوَّجَها، ولم يتزوَّج عليها غيرَها حتى ماتت رَضي اللهُ عنها.

العام الهجري : 7 ق هـ العام الميلادي : 615
تفاصيل الحدث:

في أواخِرِ السنةِ السَّادسةِ من النُّبوَّةِ أسلم حَمزةُ بنُ عبد المطلب رَضي اللهُ عنه. وسببُ إسلامِه: أنَّ أبا جَهلٍ مرَّ برسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا عند الصَّفا، فآذاه ونال منه، ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ساكِتٌ لا يُكلِّمُه، ثم ضَرَبه أبو جَهلٍ بحَجَرٍ في رأسِه فشَجَّه حتى نَزَف منه الدَّمُ، ثم انصَرَف عنه إلى نادي قُرَيشٍ عند الكعبةِ فجَلَس معهم، وكانت مولاةٌ لعَبدِ الله بنِ جُدعانَ في مَسكَنٍ لها على الصَّفا ترى ذلك، وأقبل حَمزةُ من القَنْصِ مُتَوَشِّحًا قَوسَه، فأخبَرَتْه المَولاةُ بما رأتْ من أبي جَهلٍ، فغَضِب حَمزةُ وخرَج يسعى، لم يقِفْ لأحدٍ، مُعِدًّا لأبي جهلٍ إذا لَقيَه أن يوقِعَ به، فلمَّا دَخَل المسجِدَ قام على رأسِه وقال له: "تَشتُمُ ابنَ أخي وأنا على دِينِه!"، ثم ضَرَبه بالقَوسِ فشَجَّه شجَّةً مُنكرةً، فثار رجالٌ من بني مخزومٍ -حيِّ أبي جهلٍ- وثار بنو هاشمٍ -حيِّ حمزةَ- فقال أبو جهلٍ: "دَعوا أبا عِمارةَ! فإنِّي سَبَبتُ ابنَ أخيه سبًّا قبيحًا".
وقال ابنُ إسحاقَ: "ثم رَجَع حمزةُ إلى بيتِه فأتاه الشَّيطانُ فقال: أنت سيِّدُ قُريشٍ اتبعْتَ هذا الصابِئَ، وتركتَ دينَ آبائك، لَلموتُ خيرٌ لك ممَّا صنعتَ. فأقبلَ حَمزةُ على نفسِه وقال: "ما صنعتُ؟! اللَّهمَّ إن كان رُشدًا فاجعَلْ تَصديقَه في قلبي، وإلَّا فاجعَل لي ممَّا وَقعتُ فيه مَخرجًا"، فبات بلَيلةٍ لم يَبِتْ بِمِثلها مِن وَسوسةِ الشَّيطانِ، حتَّى أصبَحَ فغَدا على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: "يا بن أخي، إنِّي قد وَقعتُ في أمرٍ ولا أعرِفُ المَخرجَ منه، وإقامةُ مِثلي على ما لا أدري ما هو، أرُشْدٌ أم هو غَيٌّ شَديدٌ؟ فحدِّثني حديثًا؛ فقدِ اشتَهيتُ يا بنَ أخي أن تُحدِّثَني، فأقبل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذكَّره ووَعَظه، وخوَّفَه وبَشَّرَه، فألقَى اللهُ في قلبِه الإيمانَ بما قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فقال: "أشهَدُ أنَّك الصَّادِقُ شهادةَ الصِّدقِ، فأظهِرْ يا بن أخي دينَكَ، فواللهِ ما أُحِبُّ أنَّ لي ما أظلَّتْه السماءُ وأنِّي على ديني الأوَّلِ"؛ فكان إسلامُ حمزةَ رَضي اللهُ عنه أوَّلَ الأمرِ أنَفةَ رجلٍ أبَى أن يُهانَ مَولاهُ، ثم شَرَح اللهُ صدرَهُ، فاسْتمَسْكَ بالعُروةِ الوُثقى، واعتَزَّ به المُسلِمون أيَّما اعتِزازٍ!

العام الهجري : 1234 العام الميلادي : 1818
تفاصيل الحدث:

يقول ابن بشر: "كانت هذه البلدةُ -الدِّرعية- أقوى البلادِ، وقوَّةُ أهلها وكثرةُ رجالهم وأموالهم لا يحصيه التَّعداد، فلو ذهبت أعددُ أحوالهم وإقبالَهم فيها وإدبارَهم في كتايب الخيل والنجايب العمانيات، وما يدخلُ على أهلها من أحمالِ الأموالِ مِن سائر الأجناس التي لهم مع المسافرينَ منهم، ومن أهل الأقطار- لم يسَعْه كتاب، ولرأيت العجَبَ العجاب، وكان الداخِلُ في موسمها لا يفقد أحدًا من أهل الآفاقِ مِن اليمن وتهامة والحجاز وعمان، والبحرين وبادية الشام والعراق، وأناس من حاضرتهم، إلى غير ذلك من أهل الآفاقِ ممن يطول عَدُّه، هذا داخِلٌ فيها وهذا خارجٌ منها، وهذا مستوطِنٌ فيها، وكانت الدورُ لا تُباعُ فيها إلا نادرًا، وأثمانُها سبعة آلاف ريال وخمسة آلاف، والداني بألف ريال، وأقل وأكثر، وكلُّ شيء يقدره على هذا التقدير من الصغير والكبير، وكروة الدكان الواحد بلغت في الشَّهرِ الواحد خمسةً وأربعين ريالًا، وكروة الدكان الواحد من سائر الدكاكين بريالٍ في اليوم، والنازل بنصفٍ، وذُكر لي: أن القافلة من الهدم -الملابس- إذا أتت إليها بلغَت كروة الدكان في اليوم الواحد أربعة أريُل، وأراد رجلٌ منهم أن يوسِّعَ بيته ويعمره فاشترى نخلاتٍ تحت هذا البيت يريدُ قطعها ويعمر موضِعَها، كل نخلة بأربعين ريالًا أو خمسين ريالًا، فقطع النخل وعمر البيت، ولكِنَّه وقع عليه الهدم قبل تمامِه، وذَكر لي من أثقُ به أن رجلًا من أهل الدرعية قال له: إني أردت ميزابًا في بيتي فاشتريتُ خشبة طولها ثلاثة أذرع بثلاثة أريُل، وأجرة نَجْره وبِناه ريال, وكان غلاء الحطب فيها والخشب إلى حدِّ الغاية، حتى قيل: إنَّ حملَ الحطب بلغَ خمسة أريل وستة، والذراع من الخشبة الغليظة بريال، وكل غالبِ بيوتها مقاصير، وقصور كأنَّ ساكنيها لم يكونوا من أبناء ساكني القبور، فإذا وقفْتَ في مكان مرتفع ونظرت موسمها وكثرة ما فيها من الخلائق وتزايلهم فيه وإقبالهم وإدبارهم، ثم سمعتُ رنَّتَهم فيه ونجناجهم فيه، إذا كأنه دويُّ السيل القوي إذا انصَبَّ من عالي جبل، فسبحان من لا يزولُ مُلكُه ولا يُضامُ سُلطانُه ولا يُرامُ عِزُّه {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26] "

العام الهجري : 872 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1467
تفاصيل الحدث:

هو السلطان الملك الظاهر أبو سعيد سيف الدين خشقدم بن عبد الله الناصري المؤيدي، تسلطن في يوم الأحد التاسع عشر رمضان بعد أن أجمع أمراء المماليك على خلع السلطان المؤيد أحمد بن إينال واختاروا الأمير الكبير خشقدم؛ لأنه ليس من جنس المماليك؛ فهو رومي ورجل غريب ليس له شوكة، ومتى أردوا خلعه أمكنهم ذلك، فلما كان يومُ قرروا خلع المؤيد الجمعة السابع عشر رمضان وقت الزوال طُلِبَ الخليفة المستنجد بالله يوسف والقضاة والأعيان، وقد حضر جميع الأمراء في الإسطبل السلطاني بباب السلسلة بالحراقة، وبويع بالسلطنة، وكان قد بويع بها من بكرة يوم السبت ثامن عشر شهر رمضان قبل قتال الملك المؤيد أحمد، ولقب بالملك الظاهر، وكنِّي بأبي سعيد، ويذكر أن الذي جلبه إلى الديار المصرية خواجا ناصر الدين وسِنُّه يوم ذلك دون البلوغ، فاشتراه الملك المؤيَّد شيخ، وجعله كتابيًّا سنين كثيرة، ثم أعتقه وجعله من جملة المماليك السلطانية. بدأ المرض بالسلطان الظاهر خشقدم من يوم عاشوراء وتزايد يومًا بعد يوم إلى أن أصبح يوم السبت عاشر شهر ربيع الأول، فلم يكن بعد أذان الظهر إلا بنحو ساعة رمل لا غير ومات السلطان بقاعة البيسرية، بعد أذان الظهر بدرجات، وفي حال وفاته طلعت جميع الأمراء إلى القلعة، وأخذوا في تجهيز السلطان الملك الظاهر خشقدم، وغسَّلوه وكفَّنوه، وصلَّوا عليه بباب القلة من قلعة الجبل، كل ذلك قبل أن تبايع العساكِرُ يلباي الإينالي بالسلطنة، وذلك أن الأمراء الأكابر بمقعد الإسطبل السلطاني عند الأمير آخور الكبير، وجلس الأتابك يلباي وهو أتابك العساكر وخشداش- زميل- السلطان في صدر المجلس وبإزائه الأمير تمربغا أمير مجلس، وهو متكلِّم القوم، ولم يحضر قرقماس أمير سلاح لإقامته بساحل النيل، وحضر جماعة من أمراء الألوف، وكبير الظاهرية الخشقدمية يوم ذاك خيربك الدوادار الثاني، وأخذوا في الكلام إلى أن وقع الاتفاق بينهم على سلطنة الأتابك يلباي، ورضي به عظيم الأمراء الظاهرية الكبار الأمير تمربغا أمير مجلس، وكبير الظاهرية الصغار الخشقدمية خيربك الدوادار، وجميع من حضر، وكان رضا الظاهرية الكبار بسلطنة يلباي بخلاف الظن، وكذلك الظاهرية الصغار، ثم تكلم بعضهم بأن القوم يريدون من الأمير الكبير أن يحلف لهم بما يطمئن به قلوبهم وخواطرهم، فتناول المصحف الشريف بيده، وحلف لهم يمينًا بما أرادوه، ثم حلف الأمير تمربغا أمير مجلس، كل ذلك كان قبل وفاة السلطان، ولما صلِّيَ على السلطان الظاهر خشقدم بباب القلة، وحُمل نعشه، وعلى نعشِه مرقعة الفقراء، ساروا به إلى أن أوصلوه إلى تربته ومدرسته التي أنشأها بالصحراء بالقرب من قبة النصر، ودُفن بالقبة التي بالمدرسة، وكانت مدة سلطنته ست سنين وخمسة أشهر واثنين وعشرين يومًا، ثم لما عادوا من الصلاة على الملك الظاهر خشقدم جلسوا عند باب الستارة وقتًا هينًا، وإذا بالأمير خيربك خرج من باب الحريم ومعه جماعة من خشداشيته وأخذوا الأتابك يلباي وأدخلوه من باب الحريم، ومضوا به إلى القصر السلطاني، وخاطبوه بالسلطنة، فامتنع امتناعًا هينًا، فلم يلتفتوا إلى كلامِه، وأرسلوا إلى الأمراء أحضروهم إلى القصر من خارج، فدخل الأمراء قبل أن يحضر الخليفة والقضاة، وطال جلوسُهم عنده، وقبَّل الأمراء الأرض قبل المبايعة، وهم في هرج لإحضار الخليفة والقضاة إلى أن حضروا بعد مشقة كبيرة، وتكاملوا بعد أن فرغ النهار، وقد أخذوا في بيعته وسلطنته، ولبَّسوه خِلعة السلطنة بالقصر، وجلس على تخت الملك من غير أن يركب فرسًا بأبهة الملك على العادة، وقبَّل الأمراء الأرض بين يديه وتمَّ أمره، ونودي بسلطنته، وتلقب بالملك الظاهر أبي نصر يلباي الإينالي، ويُذكَر أن أصله شركسي الجنس، جلبه الأمير إينال ضضع من بلاد الشراكس إلى الديار المصرية في عدة مماليك، فاشتراه الملك المؤيد شيخ قبل سنة 820، وأعتقه وجعله من جملة المماليك السلطانية.

العام الهجري : 237 العام الميلادي : 851
تفاصيل الحدث:

هو أبو عبدالله- وقيل: أبو جعفر- محمَّد بن موسى الخوارزمي، رياضيٌّ فلَكيٌّ جغرافيٌّ مؤرِّخٌ، من أهل خوارزم, وقيل ولد عام 164هـ بخوارزم, وكان يُنعَت بالأستاذِ، أقامه المأمونُ قَيِّمًا على خزانة كتُبِ بيتِ الحكمة، وعَهِدَ إليه بجَمعِ الكتب اليونانية وترجَمتِها، ترجم كتابَ بطليموس المجسطي، فصار أساسَ عِلمِ الفلك، ووضع جدولًا فلكِيًّا للمواقع الجغرافيَّة بحسب الابتعادِ التدريجيِّ عن خطِّ الزوال، يعتبَرُ أكبَرَ رياضيٍّ في عصره، أسس علمَ الجَبرِ، وله كتابُ الجبر والمقابلة، وكتب صورة الأرضِ وغيرها. وقد بيَّن الخَوارزميُّ في مُقدِّمة كتابه " الجبر والمقابلة" أن الخليفةَ المأمونَ هو الذي طلَبَ منه أن يُؤلِّفَ كتابَ الجَبرِ والمقابلة؛ كي يسهُلَ الانتفاعُ به في كلِّ ما يحتاجُ إليه الناس. وقد قال- رحمه الله- في مقدِّمة كتاب "الجبر والمقابلة": "وقد شجَّعني ما فضَّلَ اللهُ به الإمامَ المأمونَ، أميرَ المؤمنينَ، مع الخلافةِ التي حاز له إرثَها وأكرَمَه بلباسِها وحَلَّاه بزينتها, من الرغبةِ في الأدَبِ وتقريبِ أهلِه وإدنائِهم وبَسْطِ كَنَفِه لهم، ومعونته إيَّاهم على إيضاحِ ما كان مستهمًّا، وتسهيل ما كان وعرًا، على أن ألَّفْتُ من كتابِ الجبر والمقابلة كتابًا مُختصَرًا، حاصِرًا لِلَطيفِ الحسابِ وجَليلِه؛ لِمَا يَلزمُ النَّاسَ مِن الحاجة إليه في مواريثِهم ووصاياهم، وفي مُقاسماتِهم وأحكامِهم وتجاراتِهم، وفي جميعِ ما يتعاملون به بينهم من مساحةِ الأراضي وكَرْيِ الأنهار والهندسة، وغير ذلك من وجوهِه وفنونِه، مُقدِّمًا لحُسْن النيَّة فيه، راجيًا لأن يُنزِلَه أهلُ الأدبِ- بفَضلِ ما استُودِعوا من نِعَمِ الله تبارك وتعالى، وجليلِ آلائه، وجميلِ بلائِه عندهم- منزلتَه، وباللهِ توفيقي في هذا وغيرِه، عليه توكَّلْتُ وهو ربُّ العَرْشِ العظيم" وقيل: توفي عام 232هـ

العام الهجري : 536 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1141
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ الإمامُ العلَّامةُ، البَحرُ المتفنِّنُ: أبو عبد الله محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ عُمَرَ بن محمد التميمي المازري (نسبةً إلى مازرة بصقليَّةَ) المالكي، الحافِظُ المحَدِّث المشهور. وُلِدَ بالمهدية بإفريقيَّة. كان إمامًا حافِظًا مُتقِنًا أحدَ الأذكياءِ الموصوفين، والأئمَّة المتبحِّرينَ، عارفًا بعلوم الحديثِ، سَمِعَ وسافَرَ كثيرًا وكتب الكثير. قيل: "إنَّه مَرِضَ مَرضةً، فلم يجِدْ مَن يعالجُه إلَّا يهوديٌّ، فلمَّا عُوفِيَ على يَدِه، قال اليهودي: لولا التزامي بحِفظِ صِناعتي، لأعدَمتُك، فأثَّرَ هذا عند المازري، فأقبَلَ على تعَلُّمِ الطبِّ، حتى فاق فيه، وكان ممَّن يُفتي فيه، كما يُفتي في الفِقهِ". قال القاضي عياض: "هو آخِرُ المتكَلِّمينَ مِن شُيوخِ إفريقيَّة بتحقيقِ الفِقهِ، ورتبةِ الاجتهادِ، ودِقَّةِ النظر. درَسَ أصولَ الفِقهِ والدِّينَ، وتقَدَّمَ في ذلك، فجاء سابقًا، لم يكُنْ في عصره للمالكيَّةِ في أقطارِ الأرضِ أفقَهُ منه، ولا أقوَمُ بمَذهَبِهم، سَمِعَ الحديث، وطالَعَ معانيَه، واطَّلَعَ على علومٍ كثيرة من الطِّبِّ والحسابِ والآداب، وغير ذلك، فكان أحدَ رجالِ الكمال، وإليه كان يُفزَعُ في الفُتيا في الفِقه، وكان حسَنَ الخُلُقِ، مليحَ المُجالَسةِ، كثيرَ الحكايةِ والإنشاد، وكان قَلَمُه أبلَغَ مِن لسانه" من أشهَرِ تصانيفِه: شرحُ صحيح مسلم، سَمَّاه " كتاب المُعْلِم بفوائد كتابِ مُسلِم" وعليه بنى القاضي عِياضٌ كِتابَ الإكمالَ، وهو تَكمِلةٌ لهذا الكتاب، وله إيضاحُ المحصولِ في برهانِ الأصول, والكَشفُ والإنباءُ في الرَّدِّ على الإحياءِ، كتاب الغزالي، وله شَرحُ كتاب (التلقين) لعبد الوهاب المالكي في عشرةِ أسفار، وهو مِن أنفَسِ الكُتُب. وله كتُبٌ أخرى في الأدب. حَدَّثَ عنه القاضي عِياضٌ، وأبو جعفر بن يحيى القُرطبي الوزغي. مات وله ثلاث وثمانون سنة, ودفن بالمنستير.

العام الهجري : 684 العام الميلادي : 1285
تفاصيل الحدث:

هو العلامة أثير الدين أبو البقاء صالح بن يزيد بن صالح بن علي بن موسى بن أبي القاسم بن شريف النفزي الرندي من قبيلة نفزة البربرية أبو الطيب، شاعر أندلسي من أهل رندة من جزيرة الأندلس، ولِدَ برندة سنة 601, وهو من القضاة، وله علمٌ بالحساب والفرائض، وهو أحد الأدباء المجيدين من أهل الأندلس. أقام بمالقة شهرًا، وأكثر الترددَ إلى غرناطة يسترفد ملوكَها، قال عنه أبو عبد الله محمد المراكشي في الذيل والتكملة: "كان خاتمة أدباء الأندلس، بارع التصرف في منظوم الكلام ومنثوره، فقيهًا حافظًا فرَضيًّا متفنِّنًا في معارف جليلة، نبيل المنازع، متواضعًا مقتصدًا في أحواله، وله مقامات بديعة في أغراض شتى، وكلامه نظمًا ونثرًا مدون، وله تأليف في العَروض، وتأليف في صنعة الشعر سماه "الكافي في علم القوافي"، وأودعه جملة وافرة من نظمه" وهو الذي نظم القصيدة المشهورة في رثاء الأندلس والتي أولها:
لكل شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ
فلا يُغَرَّ بطِيبِ العيش إنسانُ
رثى فيها الأندلس بعد انهيار دولة الموحدين في أعقاب هزيمتهم في معركة العقاب سنة 609 وانحسار المسلمين في غرناطة بعد أن استولى الفرنج على معظم مدن الأندلس الكبرى، كقرطبة وإشبيلية وبلنسية وغيرها، وعمل الفرنج على محو آثار الإسلام في هذه المدن, وكذلك عندما تنازل حاكم غرناطة الأمير محمد بن يوسف بن نصر لملك قشتالة الفونسو عن بعض المدن والحصون الإسلامية مصانعةً له, فأثارت هذه الأوضاع حميةَ أبي البقاء وغيَّرَتْه، فنظم هذه القصيدة المشهورة، والتي انتشرت في بلاد المسلمين وخاصة بلاد المغرب أرض العدوة، يرثي فيها حال المسلمين بالأندلس، ويستنجد بحكامها لإنقاذ إخوانهم في الأندلس.

العام الهجري : 697 العام الميلادي : 1297
تفاصيل الحدث:

هو الغازي أرطغرل بك بن سليمان شاه القايوي التركماني كان مع والده سليمانَ شاه عندما انتقلَ من موطنهم الأصلي باتجاه الغربِ على أثر الاجتياحِ التتري إلى أن غَرِقَ والده سليمان في الفراتِ فرجع أخويه سنقور تكين وكون طوغدي إلى الشرق, ومكث أرطغرل في ذلك الموضِعِ يجاهِدُ الكُفَّار، ثم أرسل ابنَه صارو بالي إلى علاء الدين السلجوقي يستأذِنُه في الدخول إلى بلادِه، ويطلب منه موضعًا ينزِلُ فيه فأذِنَ له وعَيَّنَ له جبالَ طومالج وأرمنك وما بينهما، فأقبل أرطغرل مع أربعمائة خركاه- خيمة- من قومِه فتوطَّنوا في قرة جه طاغ، وكان أرطغرل شجاعًا فشَمَّرَ ساعد الجِدِّ في خدمة السلطانِ علاء الدين كيقباد بن كيخسرو بن قلج أرسلان بن طغرل السلجوقي، ولَمَّا قصد علاءُ الدين غزوَ الكُفَّارِ أقبل أرطغرل إليه نجدةً له، فازداد عند السلطان مكانةً وقربًا, فأقطعه جزءًا كبيرًا من الأرضِ مقابِلَ الروم مكافأةً له مِن جهةٍ، ومن جهة أخرى يكون ردءًا له من الروم، فاستقَرَّت هذه الأسَرُ التركمانيَّةُ في تلك الناحية قريبًا من بحر مرمرة التابع للبحر الأسود قريبًا من مدينة بورصة، فلما نازل السلطانُ علاء الدين سنة 685 قلعةَ كوتاهيه وقد كانت للكُفَّار، فلما قرب مِن أخذِ القلعة بلغه أنَّ التَّتارَ يَطرُقُ بعضَ بلاده، فنهض إلى طرَفِ العدو وفوَّضَ أمرَ القلعة إلى أرطغرل بك وتركه بها مع بعضِ العسكَرِ. ولم يزل حتى فتحها عَنوةً وغَنِمَ شيئًا كثيرًا، ولم يزَلْ بعد ذلك يجاهد، وفُتِحَت على يديه بلادٌ كثيرة من بلاد الكُفَّارِ حتى توفِّيَ في شهور هذه السنة، فلمَّا سمع علاء الدين بوفاتِه تأسَّفَ عليه, وكتب لعثمانَ بنِ أرطغرل بالسَّلطنةِ، وأرسل إليه خِلعةً وسَيفًا ونقارةً، وخَصَّه بالغزوِ على الكُفَّار.

العام الهجري : 742 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1342
تفاصيل الحدث:

في يومِ الخَميسِ أول شعبان خُلِعَ السُّلطانُ المَلِكُ الأشرف علاء الدين كجك من السُّلطة، وكانت مدته خمسة أشهر وعشرة أيام لم يكُنْ له فيها أمرٌ ولا نهي، وتدبيرُ أمورِ الدَّولةِ كُلِّها إلى قوصون، وكان إذا حضرت العلائِمُ أعطِيَ السُّلطانُ قَلمًا في يده وجاء فقيهُه المغربيُّ الذي يقرئ أولادَ السلطان ويكتبُ العلامةَ والقَلمُ في يد السلطانِ علاء الدين، فلما استولى الأميرُ أيدغمش على الدَّولةِ بعد قوصون، وقَرَّر مع الأمراء خَلْعَ الأشرف كجك في يوم الخميس أوَّلَ شعبان، بعث الأميرُ جنكلي بن البابا، والأميرُ بيبرس الأحمدي، والأمير قماري أمير شكار إلى السُّلطانِ أحمد بن النَّاصِر محمد بن قلاوون بالكرك بكُتُب الأمراءِ يُخبِرونَه بما وقع، ويستدعونَه إلى تخت مُلكِه، فلمَّا كان يومُ الأربعاء سابع عشر رمضان قَدِمَ قاصِدُ السلطان إلى الأمير أيدغمش بأنَّ السلطان يأتي ليلًا من باب القرافة، وأمَرَه أن يفتح له بابَ السِّرِّ حتى يعبُرَ منه، ففتحه، وجلس أيدغمش وألطنبغا المارداني حتى مضى جانِبٌ من ليلة الخميس الثامن عشر منه، أقبل السُّلطانُ في نحو العشرةِ رجالٍ من أهل الكرك، وقد تلَثَّمَ وعليه ثيابٌ مُفَرَّجة، فتلَقَّوه وسلموا عليه، فلم يقِفْ معهم، وأخذ جماعَتَه ودخل بهم، ورجع الأمراءُ وهم يتعَجَّبون من أمرِه، وأصبحوا فدُقَّت البشائِرُ بالقلعة، وزُيِّنَت القاهرةُ ومصر، فلما كان يوم الاثنين عاشر شوال أُلبِسَ السلطان، وجلس على تخت الملك، وقد حضر الخليفةُ الحاكِمُ بأمرِ الله وقضاة مصر الأربعة، وقُضاة دمشق الأربعة، وجميع الأمراء والمقدمين، وعهد إليه الخليفة، وقَبَّل الأمراء الأرض على العادة.

العام الهجري : 767 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1366
تفاصيل الحدث:

في أوَّلِ شَهرِ رَجَب قَدِمَ الخَبَرُ بوصول رسل الفرنج إلى ميناء الإسكندرية، وأنهم طلبوا رهائِنَ عندهم، حتى يَنزِلوا من مراكِبِهم ويَرُدُّوا رسالتَهم، فلم تؤمَنْ مَكيدتُهم، واقتضى الحالُ إجابَتَهم، فأُخرِجَ مِن سجن الوافي- المعروف بخزانة شمايل- جماعةٌ وَجَب قَتْلُهم، وغُسلوا بالحمَّام، وأُلبِسوا ثيابًا جميلةً، وسافروا إلى الإسكندرية، فأكرَمَهم النائب، وأشاع أنَّهم من رُؤساء الثغر، وبَعَث بهم إلى الفرنجِ، وشَيَّعَ خَلفَهم نساءً وصِبيانًا يَصيحونَ ويَبكونَ، كأنَّهم عيالُهم، وهم يخافون الفِرنجَ عليهم، فمشى ذلك على الفِرنجِ، وعلى أهل الثَّغرِ لانتظامِ حالِ المملكة، ومُلَّاك أمرها، وجودة تدبيرها، فتسَلَّم الفرنجُ الجماعةَ ونَزَلت رسلُهم من المراكب، وقَدِموا إلى قلعةِ الجَبَل، وقد عدى السلطانُ إلى سرحة كوم برا بالجيزة، فحُملوا إلى هناك، وجلس لهم الأميرُ يلبغا الأتابك، وقام الأمراءُ والحُجَّاب بين يديه وأُدخِلوا عليه فهالهم مَجلِسُه، وظنُّوا أنه السُّلطانُ، فقيل لهم هذا مملوكُ السلطان، فكشفوا عن رؤوسِهم، وخَرُّوا على وجوهِهم يُقَبِّلون الأرض، ثم قاموا ودنوا إليه وناولوه كتابَ مَلِكِهم، وقدَّموا هديَّتَه إليه، ففَرَّقَ ذلك بحضرتِهم فيمن بين يديه، واختارَ منه طستًا وأبريقًا من ذهب، وصندوقًا لم يُعرَفْ ما فيه، وتضَمَّنَت رسالتُهم أنهم في طاعة السلطان ومساعِدُوه على متمَلِّك قبرص، حتى تُرَدَّ الأسرى التي أُخِذَت من الإسكندرية، ويُعَوَّض المال وسألوا تجديدَ الصلحِ، وأن يمَكِّنَ تجَّارَهم من قدوم الثغر، وأن تُفتَحَ كَنيسةُ القيامة بالقُدس، وكانت قد أُغلِقَت بعد واقعة الإسكندرية، فأجابهم بأنه لا بُدَّ مِن غزو قبرص وتخريبها، ثمَّ أُخرجوا، فأقاموا بالوطاق ثلاثةَ أيام، وحملوا إلى دار الضيافةِ بجوار قلعة الجبل، فلما عاد السلطانُ مِن السرحة وقَفوا بين يديه وقَدَّموا هديَّتَهم، وأدَّوا رسالتَهم، فلم يُجابوا وأعيدوا إلى بلادِهم خائبينَ.