الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1111 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 381 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 992
تفاصيل الحدث:

هو الأميرُ الكبيرُ, قائِدُ الجُيوشِ, أبو الحسَنِ جَوهرُ بنُ عبد الله الروميُّ الصقلِّيُّ، قائد المعِزِّ الفاطميِّ, مِن نُجَباء الموالي. كان عاليَ الهِمَّة, نافِذَ الأمر. فتح مِصرَ للفاطميِّينَ فأنهى الحُكمَ الإخشيديَّ عليها لَمَّا تهيَّأَ له أخذُ البلاد بمُكاتبةٍ مِن أمراء مصر, عندما قَلَّت عليهم الأموالُ, اختَطَّ القاهِرةَ في اللَّيلةِ التي دخل فيها مِصرَ, والجامِعَ الأزهَرَ، كُلُّ ذلك قبلَ مجيءِ المعِزِّ الفاطميِّ إليها، ثمَّ لَمَّا تَمَلَّك العزيزُ أرسَلَه إلى فتح دمشق، لكنَّه انسحب لاستنجادِهم بالقرامِطةِ، فعُزِلَ عن القيادةِ إلى أن توفِّيَ. قال الذهبي: "كان جوهرٌ حسَنَ السيرةِ في الرَّعايا, عاقِلًا أديبًا, شُجاعًا مَهيبًا, لكِنَّه على نِحلةِ بَني عُبَيدٍ، التي ظاهِرُها الرَّفضُ, وباطِنُها الانحلالُ. وعُمومُ جُيوشِهم من البربَرِ، وأهلُ زعارةٍ وشَرٍّ لا سيَّما مَن تَزَندقَ منهم, فكانوا في معنى الكَفَرةِ, فكم ذاقَ المُسلِمونَ منهم من القَتلِ والنَّهبِ وسَبيِ الحريمِ، ولا سيَّما في أوائِلِ دَولتِهم, حتى إنَّ أهلَ صور استنجدوا بنصارى الرُّومِ لَمَّا لَحِقَهم من المغاربةِ مِن الظُّلمِ والجَورِ وأخْذِ الحَريمِ مِن الحَمَّامات والطُّرُقِ أمرٌ كبيرٌ"، فقاموا عليهم, وقَتَلوا فيهم فهربوا. توفِّيَ جَوهرٌ في هذه السَّنةِ في القاهرةِ، ودفن في الجامعِ الأزهر.

العام الهجري : 492 العام الميلادي : 1098
تفاصيل الحدث:

تفاقم أمرُ الباطنيين كثيرًا حتى أصبحت لهم يدٌ طولى في اغتيال الأمراء والسلاطين، كما ساعد على ذلك كثرةُ الحروب بين السلاطين أنفُسِهم، فأصبح كثيرٌ منهم لا يفارقه درعُه وسلاحُه، وقد قتل الباطنيون نظامَ الملك، وأرسلان أرغون بن ألب أرسلان، والأمير برسق، وقتلوا الأميرَ بلكابك سرمز رئيس شحنة أصبهان، ضربه باطنيٌّ بسكين في خاصرته بأصبهان في دار السلطان محمد، وكان بلكابك كثير الاحتياط من الباطنية لا يفارقه لُبسُ الدرع ومن يمنع عنه، ففي ذلك اليوم الذي قُتِلَ فيه لم يلبس دِرعًا، ودخل دارَ السلطان في قِلَّةٍ، فقتله الباطنية، ومات من أولادِه في هذه الليلة جماعة، خرج من داره خمسُ جنائز في صبيحتها, وقتلوا غيرَهم من الأكابر في السلطنة، ثم كانوا سببًا لقتل مجد الملك البلاساني؛ فقد زعموا أنه هو الذي يحرِّضُهم على القتل، وقد ظهرت مقالةُ الباطنية بعد عودة السلطان بركيارق من حصاره لأخيه محمود، وأمه خاتون الجلالية، في أصبهان، وانتشرت قوتُهم بها، وكانوا متفرِّقين في المحالِّ مِن قَبلُ، فاجتمعوا وصاروا يسرقون من قدروا عليه من مخالفيهم ويقتلونَهم، فعلوا هذا بخلق كثير، وزاد الأمر، حتى إن الإنسان كان إذا تأخر عن بيته عن الوقت المعتاد تيقَّنوا قتْلَه، وقعدوا للعزاءِ به، فحَذِرَ الناسُ وصاروا لا ينفرِدُ أحد منهم.

العام الهجري : 508 العام الميلادي : 1114
تفاصيل الحدث:

سيَّرَ السلطان محمد بن ألب أرسلان الأمير أتسز البرسقي إلى الموصل وأعمالها، واليًا عليها، لما بلغه قتل شرف الدولة مودود بن التونتكين بن زنكي، وسيَّرَ معه ولده الملك مسعودًا في جيش كثيف، وأمره بقتال الفرنج، وكتب إلى سائر الأمراء بطاعته، فوصل إلى الموصل، واتصلت به عساكرها، وفيهم عماد الدين زنكي بن آقسنقر, واتصل به أيضًا تميرك صاحب سنجار وغيرهما، فسار البرسقي إلى جزيرة ابن عمر، فسلَّمها إليه نائب مودود بها، وسار معه إلى ماردين، فنازلها البرسقي، حتى أذعن له إيلغازي صاحبها، وسيَّرَ معه عسكرًا مع ولده إياز، فسار عنه البرسقي إلى الرها في خمسة عشر ألف فارس، فنازلها في ذي الحجة وقاتلها، وصبر له الفرنج، وأصابوا من بعض المسلمين غِرَّة، فأخذوا منهم تسعة رجال وصلبوهم على سورها، فاشتدَّ القتال حينئذ، وحَمِيَ المسلمون وقاتلوا، فقَتَلوا من الفرنج خمسين فارسًا من أعيانهم، وأقام عليها شهرين وأيامًا، وضاقت الميرةُ على المسلمين فرحلوا من الرها إلى سميساط بعد أن خربوا بلد الرها وبلد سروج وبلد سميساط، وأطاعه صاحب مرعش، ثم عاد إلى شحنان، فقبض على إياز بن إيلغازي؛ حيث لم يحضر أبوه، ونهب سواد ماردين.

العام الهجري : 520 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1127
تفاصيل الحدث:

اجتمعت الفرنجُ وملوكُها وقمامصتها وجنودها وساروا إلى نواحي دمشق فنزلوا بمرج الصفر عند قرية يقال لها سقحبا بالقرب من دمشق، فعظم الأمرُ على المسلمين واشتدَّ خوفُهم، وكاتَبَ طغتكين أتابك دمشق أمراءَ التركمان من ديار بكر وغيرها وجمعهم، وكان هو قد سار عن دمشق إلى جهة الفرنج، واستخلف بها ابنَه تاج الملوك بوري فكان بها، كلما جاءت طائفة أحسن ضيافتَهم وسَيَّرهم إلى أبيه، فلما اجتمعوا سار بهم طغتكين إلى الفرنج فالتقوا أواخر ذي الحجة واقتتلوا، واشتد القتالُ، فسقط طغتكين على فرسه، فظن أصحابُه أنه قتل، فانهزموا وركب طغتكين فرسَه ولحقهم وتبعهم الفرنجُ وبقي التركمان لم يقدِروا أن يلحقوا بالمسلمين في الهزيمة، فتخلفوا، فلما رأوا فرسان الفرنج قد تبعوا المنهزمين وأن معسكرهم وراجِلَهم ليس له منعٌ ولا حامٍ، حملوا على الرجَّالة فقتلوهم، ولم يسلم منهم إلا الشريد، ونهبوا معسكرَ الفرنج وخيامَهم وأموالَهم وجميع ما معهم، وفي جملته كنيسة وفيها من الذهب والجواهر ما لا يُحصى كثرةً، فنهبوا ذلك جميعه وعادوا إلى دمشق سالِمين لم يعدم منهم أحد. ولما رجع الفرنج من أثر المنهزمين ورأوا رجالتَهم قتلى وأموالهم منهوبة تمُّوا منهزمين لا يلوي الأخُ على أخيه، وكان هذا من الغريب أن طائفتين تنهزمان كلُّ واحدةٍ منهما من صاحبتِها.

العام الهجري : 540 العام الميلادي : 1145
تفاصيل الحدث:

لَمَّا أراد السُّلطانُ مسعود الرَّحيلَ مِن بغداد، أشار عليه الأميرُ المهلهل أن يَحبِسَ عليَّ بن دبيس بقلعةِ تكريت، فعَلِمَ ذلك، فهَرَب في جماعةٍ يَسيرةٍ نحو خمسة عشر، فمضى إلى الأزيز، وجمَعَ بني أسدٍ وغَيرَهم، وسار إلى الحلَّةِ وبها أخوه مُحمَّد بن دبيس، فقاتَلَه، فانهزَمَ مُحمَّد، ومَلَك عليٌّ الحلَّةَ، واستهان السُّلطانُ أمْرَه أوَّلًا، فاستفحل وضَمَّ إليه جَمعًا مِن غِلمانِه وغِلمانِ أبيه وأهلِ بيتِه وعساكِرِهم، وكَثُرَ جَمعُهم، فسار إليه مهلهل فيمن معه في بغداد من العسكَرِ، وضَرَبوا معه مصافًا، فكسَرَهم وعادوا مُنهَزِمينَ إلى بغداد وكان أهلُ الحلَّةِ يتعَصَّبونَ لعليِّ بنِ دبيس، وكانوا يَصيحون إذا رَكِبَ مُهلهَل وبعضُ أصحابه: يا عليُّ، كله. وكثر ذلك منهم بحيث امتنع مهلهل مِنَ الرُّكوبِ، ومَدَّ عليٌّ يَدَه في أقطاعِ الأُمَراءِ بالحلة، وتصَرَّف فيها، وصار شحنة بغداد ومَن فيها على وجَلٍ منه، وجمَعَ الخليفةُ جَماعةً وجَعَلَهم على السُّورِ لحِفظِه، وراسَل عليًّا، فأعاد الجوابَ بأنَّني العبدُ المطيعُ مهما رُسِمَ لي فعَلْتُ؛ فسكن النَّاسُ، ووصَلَت الأخبارُ بعد ذلك أنَّ السُّلطانَ مَسعودًا تفَرَّقَ خُصومُه عنه، فازداد سُكونُ النَّاسِ.

العام الهجري : 661 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1262
تفاصيل الحدث:

دخل الخليفة أبو العبَّاس الحاكِمُ بأمر الله أحمد بن الأمير أبي علي القبي بن الأمير علي بن الأمير أبي بكر بن الإمام المسترشد بالله بن المستظهر بالله أبي العباس أحمد, من بلاد الشرق وبصحبته جماعةٌ من رؤوس تلك البلاد، وقد شَهِدَ الوقعةَ بصحبة المستنصر الذي قُتِلَ فيها، وهرب هو في جماعةٍ مِن المعركة فسَلِمَ، فلما كان يومُ دخوله إلى مصر تلقَّاه السلطان الظاهر وأظهر السرورَ له والاحتفال به، وأنزله في البرجِ الكبير من قلعة الجبل، وأُجرِيَت عليه الأرزاق الدارَّة والإحسان، ثم في ثاني المحرم وهو يوم الخميس، جلس السلطانُ الظاهر والأمراء في الإيوان الكبير بقلعة الجبل، وجاء الخليفةُ الحاكم بأمر الله راكبًا حتى نزل عند الإيوان، وقد بسط له إلى جانب السلطان، وذلك بعد ثبوت نسبه، ثم قُرئَ نَسَبُه على الناس ثم أقبَلَ عليه الظاهر بيبرس فبايعه وبايعه الناس بعده، وكان يومًا مشهودًا، فلما كان يوم الجمعة ثانيه خطب الخليفةُ بالناس وكُتِبَ ببيعتِه إلى الآفاق ليُخطَبَ له وضُرِبَت السكة باسمه، فخُطِبَ له بجامع دمشق وسائر الجوامِعِ يوم الجمعة سادس عشر المحرم من هذه السنة، وهذا الخليفةُ هو التاسع والثلاثون من خلفاء بني العباس.

العام الهجري : 687 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1288
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ الصالح علاءُ الدين ابن الملك المنصور قلاوون وَليُّ العهدِ توفِّيَ في يوم الأحد خامس عشر من رجب خرج السلطان مبرزًا بظاهر القاهرة يريد الشامَ، فركب معه ابنه الملك الصالح ثمَّ عاد الصالح إلى قلعة الجبل آخِرَ النهار، فتحَرَّك عليه فؤاده في الليلِ وكَثُرَ إسهاله الدموي وأفرط، فعاد السلطانُ لعيادته في يوم الأربعاء الثامن عشر ولم يُفِدْ فيه العلاج، فعاد السلطانُ إلى الدهليز من يومِه، فأتاه الخبر بشدة مرض الملك الصالح، فعاد إلى القلعة، وصَعِدَت الخزائن في يوم الثلاثاء أوَّلَ شعبان، وطلعت السناجق والطلب في يوم الأربعاء ثانيه، فمات الصالحُ بكرة يوم الجمعة رابعَه من دوسنطاريا كبديَّة، وتحدثت طائفةٌ بأن أخاه الملك الأشرف خليلًا سَمَّه، فحضر الناسُ للصلاة عليه، وصلى عليه بالقلعةِ قاضي القضاة تقي الدين بن بنت الأعز إمامًا، والسلطانُ خَلفَه في بقيَّة الأمراء والملك الأشرف خليل، ثم حُمِلَت جنازته، وصلى عليه ثانيًا قاضي القضاة معز الدين نعمان بن الحسن بن يوسف الخطبي الحنفي خارج القلعة، ودُفِنَ بتربة أمه قريبًا من المشهد النفيسي، وفي حادي عشر شعبان..

العام الهجري : 741 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1341
تفاصيل الحدث:

هو الصوفيُّ الاتحادي عثمان الدكاكي الدمشقي, خالطَ الصوفية ودعاةَ وَحدةِ الوجودِ، فتأثَّرَ بهم حتى ادَّعى الألوهيَّةَ وانتَقَص من الأنبياء, فعُقِدَ له مجلسٌ في دار العدل بدار السعادة في يوم الثلاثاء آخر شَهرِ شوال واجتَمَع القضاة والأعيانُ على العادة وأُحضِرَ يومئذ عثمان الدكاكي، وادُّعِيَ عليه بعظائمَ من القول لم يؤثَرْ مِثلُها عن الحلَّاجِ ولا عن ابن أبي الغدافر السلقماني، وقامت عليه البيِّنةُ بدعوى الإلهية- لعنه الله- وأشياءَ أُخَر من التنقيص بالأنبياء ومخالطته أرباب الرَّيبِ من الباجريقية وغيرهم من الاتحادية- عليهم لعائن الله- ووقع منه في مجلسٍ من إساءة الأدب على القاضي الحنبلي، وتضَمَّنَ ذلك تكفيرُه من المالكية أيضًا، فادعى أنَّ له دوافِعَ وقوادِحَ في بعض الشهود، فرُدَّ إلى السجنِ مُقَيَّدًا مغلولًا مقبوحًا، ثم لما كان يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي القعدة أُحضِرَ عثمان الدكاكي إلى دار السعادة وأُقيمَ بين يدي الأمراء والقُضاة وسُئِلَ عن القوادح في الشهودِ فعَجَز فلم يقدِرْ، وعجز عن ذلك فتوَجَّهَ عليه الحُكم، فسئل القاضي المالكي الحُكمَ عليه، فحَمِدَ الله وأثنى عليه وصلَّى على رسولِه، ثمَّ حكم بإراقة دَمِه وإن تاب، فأُخِذَ الدكاكيُّ فضُرِبَت رَقَبتُه بدمشق بسوقِ الخيل، ونودي عليه: هذا جزاءُ مَن يكون على مَذهَبِ الاتحاديَّة، وكان يومًا مشهودًا بدار السعادة، حضَرَ خلقٌ من الأعيان والمشايخِ.

العام الهجري : 850 العام الميلادي : 1446
تفاصيل الحدث:

هو الأمير سيف الدين أزبك بن عبد الله السيفي قاني باي، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، المعروف بجُحا، أصله من مماليك نوروز الحافظي، وبقى عنده كتابيًّا، فأخذه بعد موته الأمير قاني باي المحمدي نائب دمشق وأعتقه، ثم اتصل بعد موت قاني باي بخدمة السلطان الملك المؤيد شيخ، وصار في دولته خاصكيًّا، ثم صار رأس نوبة الجمدارية- حَمَلة ملابس السلطان- في دولة السلطان الأشرف برسباي، ثم أمَّرَه الأشرفُ عشرةً وجعله من جملة رؤوس النوب، ودام على ذلك إلى أن توفِّيَ الملك الأشرف برسباي، فسافر أزبك إلى البلاد الشامية بسلطنة الملك العزيز يوسف، فلمَّا أن عاد أزبك إلى القاهرة كان كافأ الملك الظاهر جقمق على ما فعله معه من الخيرِ بأنَّه لما أن عصى الأتابك قرقماس الشعباني وافقه أزبك، وقاتل الملك الظاهِر جقمق وانهزم قرقماس واختفى، ثم ظفِرَ به، فعندما ظفر بقرقماس وقبَض على أزبك أيضًا، وحبسه بثغر الإسكندرية ثم نقله إلى حبس صفد، فاستمر محبوسًا إلى أن توفي في حدود الخمسين وثمانمائة تقريبًا بالقلعة بصفد، وهو في الكهولية, وكان عنده مروءة وكرم، مع خِفة روح ومُجون ودعابة، ولهذا سمِّيَ جحا، مع إسراف على نفسِه.

العام الهجري : 1438 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 2016
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ خليفةُ بنُ حمد بن عبد الله بن قاسم بن محمد آل ثاني سادسُ أُمراءِ قطَرَ. وُلِدَ في 17 سبتمبر سنةَ 1932م، وكان قد تولَّى حُكمَ قطرَ بعدَ قِيامِه بانقلابٍ أبيضَ في عامِ 1971م استطاَع فيه أنْ يخلَعَ ابنَ عَمِّه أحمدَ بنَ عليِّ بنِ عبدِ اللهِ بنِ قاسمٍ، ويستوليَ على السُّلْطةِ، وتولَّى مقاليدَ الحكمِ. وفي بدايةِ عَهدِه أُقيمَت عَلاقات دُبلوماسية مع عددٍ من الدولِ على مُستوى السفراءِ لأولِ مرَّةٍ، وشارك الجيشُ القطريُّ في حربِ تحريرِ الكويتِ بقُوَّاتٍ بريَّةٍ وبَحريَّةٍ. وفي عامِ 1995 انقلَبَ عليه ابنُه وليُّ العهدِ الشيخُ حَمَدٌ وتولَّى مقاليدَ الحُكمِ. وعاشَ الشيخُ خليفةُ بعدها فترةً خارجَ قطرَ بينَ المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ ودولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ وعِدَّةِ عواصمَ أوروبيةٍ في منفًى اختياريٍّ لمدةِ 9 سنَواتٍ. إلى أنْ عادَ لقطرَ سنةَ 2004 ليشارِكَ في تشييعِ جَنازةِ إحدى زوجاتِه التي كانَت تَعيشُ معه خارجَ قطَرَ، واستقبَلَه ابنُه حمَدٌ أميرُ قَطَرَ، وبقيَ الشيخُ خليفةُ في قطَرَ بعدَ تشييعِه لزَوجتِه، ولم تظهَرْ له أيُّ مُشاركةٍ سِياسيةٍ، وتُوفِّي -رحِمَه اللهُ- عن عمرٍ يُناهِزُ 84 عامًا.

العام الهجري : 923 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1517
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ الإمام العلامة الحافظُ الحجَّة الرُّحَلة الفقيه المقرئ المسنِد المؤرخ الخطيبُ: شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك بن الزين أحمد بن الجمال محمد بن الصفي محمد بن المجد حسين بن التاج علي القسطلاني الأصل، القتيبي المصري الشافعي، ويعرف بالقسطلاني علَّامة الحديث, وأمُّه حليمة ابنة الشيخ أبي بكر بن أحمد بن حميدة النحاس. ولِدَ في الثاني والعشري ذي القعدة سنة 851 بمصر ونشأ بها فحفظ القرآن والشاطبيتين, والقراءات السبع ثم العشر، وكذا أخذ القراءات عن الشمس بن الحمصاني إمام جامع ابن طولون, وقرأ صحيحَ البخاري بتمامه في خمسة مجالسَ على الشاوي، وكذا قرأ عليه ثُلاثيات مسند أحمد، وحجَّ غير مرة وجاور سنة أربع وثمانين ثم سنة أربع وتسعين وسنتين قبلها على التوالي. وجلس للوعظ بالجامع العمري سنة ثلاث وسبعين وكذا بالشريفية بالصبانيين، بل وبمكة, ولم يكن له نظيرٌ في الوعظ، وكان يجتمع عنده الجمُّ الغفير مع عدم ميلِه في ذلك، وولي مشيخة مقام أحمد بن أبي العباس الحرَّاز بالقرافة الصغرى، وأقرأ الطلبة وجلس بمصر شاهدًا رفيقًا لبعض الفضلاء, وبعده اعتزل وتفرَّغ للكتابة, فكتب بخطِّه لنفسه ولغيره أشياء، بل جمع في القراءات العقود السنية في شرح المقدمة الجزرية في التجويد، ومن مؤلفاته: إرشاد الساري على صحيح البخاري، انتهى منه سنة 916, وتحفة السامع والقاري بختم صحيح البخاري, ونفائس الأنفاس في الصحبة واللباس, والروض الزاهر في مناقب الشيخ عبد القادر, وعمل تأليفًا في مناقبه سماه: نزهة الأبرار في مناقب الشيخ أبي العباس الحرَّار, وتحفة السامع والقارئ بختم صحيح البخاري. وهو كثير الأسقام قانعٌ متعفِّف جيد القراءة للقرآن والحديث والخطابة، شجيُّ الصوت بها، مشارك في الفضائل، متواضع متودِّد لطيف العشرة سريعُ الحركة. قال محي الدين عبد القادر العَيدَروس: "وارتفع شأنُه بعد ذلك فأُعطيَ السعدَ في قَلَمِه وكَلِمِه، وصنَّف التصانيف المقبولة التي سارت بها الركبانُ في حياته، ومن أجَلِّها شرحُه على صحيح البخاري مزجًا في عشرة أسفار كبار، لعله أحسَنُ شروحِه وأجمعُها وألخصُها، ومنها المواهب اللدُنِّية بالمنح المحمدية، وهو كتاب جليل المقدار عظيم الوقع كثير النفع، ليس له نظير في بابه، ويحكى أن الحافظ السيوطي كان يغُضُّ منه ويزعم أنه يأخذ من كتبه ويستمدُّ منها ولا ينسبُ النقل إليها، وأنَّه ادَّعى عليه بذلك بين يدي شيخ الإسلام زكريا فألزمه ببيان مدَّعاه، فعدد عليه مواضِعَ قال إنه نقَلَ فيها عن البيهقي، وقال إن للبيهقي عدةَ مؤلفات فليذكرْ لنا ما ذكر في أي مؤلفَّاته ليُعلَمَ أنَه نقل عن البيهقي، ولكنه رأى في مؤلفاتي ذلك النقلَ عن البيهقي فنقله برُمَّته، وكان الواجب عليه أن يقول نقل السيوطي عن البيهقي، وحكى الشيخ جار الله بن فهد رحمه الله: أنَّ الشيخ رحمه الله تعالى قصد إزالةَ ما في خاطر الجلال السيوطي فمشى من القاهرة إلى الروضة، وكان السيوطي معتزلًا عن الناس بالروضة فوصل القسطلاني إلى باب السيوطي ودق الباب فقال له: من أنت؟ فقال: أنا القسطلاني جئتُ إليك حافيًا مكشوف الرأس ليطيبَ خاطرُك عليَّ، فقال له: قد طاب خاطري عليك، ولم يفتح له الباب ولم يقابله! وبالجملة فإنه كان إمامًا حافظًا متقنًا جليل القدر حسن التقرير والتحرير، لطيف الإشارة بليغ العبارة، حسن الجمع والتأليف، لطيف الترتيب والتصنيف، كان زينة أهل عصره، ونقاوة ذوي دهره، ولا يقدح فيه تحامُلُ معاصريه عليه، فلا زالت الأكابر على هذا في كل عصرٍ- رحمهم الله" أصيب القسطلاني بالفالج، ثم توفي ليلة الجمعة السابع محرم بالقاهرة ودفن بالمدرسة العينية جوار منزله، ووافق يومُ دفنه الثامن محرم دخولَ السلطان سليم الأول العثماني عَنْوةً إلى مصر وتملُّكه بها.

العام الهجري : 755 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1354
تفاصيل الحدث:

تعاظم أمرُ النَّصارى بمصر, فتباهَوا بالملابِسِ الفاخرة، وبَنَوا الأملاكَ الجليلة في مصرَ والقاهرة، واقتَنَوا الجواريَ الجميلةَ مِن الأتراك والمولَّدات، واستولَوا على دواوينِ السلطان والأمراء، وزادوا في الحُمقِ والرَّقاعة، وتعَدَّوا طَورَهم في الترفُّع والتعاظم، وأكثروا من أذى المسلمينَ وإهانتهم، وتحرَّكت الناسُ في أمر النصارى وماجوا، وانتَدَب عِدَّةٌ من أهل الخير لذلك، وصاروا إلى الأمير طاز الشريف أبى العباس الصفراوي، وبلَّغوه ما عليه النصارى مما يوجِبُه نَقضُ عَهدِهم، وانتَدَبوه لنصرة الإسلام والمسلمين، فانتفَضَ الأمير طاز لذلك، وحَدَّثَ الأميرين شيخو وصرغتمش وبقية الأمراء في ذلك بين يدي السلطانِ، فوافقوه جميعًا، وكان لهم يومئذٍ بالإسلامِ وأهلِه عِنايةٌ، ورَتَّبوا قِصَّةً على لسان المسلمين، قُرِئَت بدار العَدلِ على السلطانِ بحَضرةِ الأمراء والقُضاة وعامة أهل الدولة، فرَسَمَ بعَقدِ مَجلِسٍ للنَّظَرِ في هذا الأمر؛ لِيُحمَلَ النصارى واليهود على العهدِ الذي تقَرَّرَ في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وطُلِبَ بطرك النصارى ورئيس اليهود، وحَضَرت قضاة القضاة وعلماء الشريعة، وأمراءُ الدولة، وجيء بالبطرك والرئيس، فوقفا على أرجُلِهما وقرأ العلائيُّ علي بن فضل الله كاتِبُ السر نسخةَ العهد الذي بين المسلمين وبين أهل الذمة، بعد ما أُلزِموا بإحضاره، وهو ألَّا يُحدِثوا في البلاد الإسلامية وأعمالها دِيرًا ولا كنيسةً ولا صومعةً، ولا يجَدِّدوا منها ما خَرِبَ، ولا يَمنَعوا من كنائِسِهم التي عاهدوا عليها أن يَنزِلَ بها أحدٌ مِن المسلمين ثلاثَ ليالٍ يُطعِمونَه، ولا يكتموا غشًّا للمسلمين، ولا يعَلِّموا أولادَهم القرآنَ، ولا يمنعوهم من الإسلامِ إن أرادوا، وإن أسلم أحدُهم لا يردُّوه، ولا يتشَبَّهوا بشيءٍ مِن ملابِسِ المسلمين ويلبَسُ النصرانيُّ منهم العمامةَ الزرقاءَ عَشرَ أذرُعٍ فما دونَها، واليهوديُّ العِمامةَ الصفراء كذلك، ويُمنَع نساؤُهم من التشبُّه بنساء المسلمين، ولا يتسَمَّوا بأسماءِ المُسلِمين، ولا يكتَنُوا بكُناهم، ولا يتلقَّبوا بألقابهم، ولا يركبوا على سَرجٍ، ولا يتقَلَّدوا سيفًا، ولا يركبوا الخيلَ والبِغالَ، ويركبون الحميرَ عَرضًا بالكَفِّ مِن غيرِ تزيينٍ ولا قيمةٍ عظيمة لها، ولا ينقُشوا خواتمهم بالعربيَّة، وأن يَجُزُّوا مقادِمَ رُؤوسهم، والمرأةُ من النصارى تلبَسُ الإزارَ المصبوغ أزرق، والمرأةُ مِن اليهود تلبَسُ الإزار المصبوغ بالأصفر، ولا يدخل أحَدٌ منهم الحمامِ إلَّا بعلامة ممَيِّزة عن المسلم في عُنُقِه، من نحاسٍ أو حديد أو رصاصٍ أو غير ذلك، ولا يستخدموا مُسلِمًا في أعمالهم، وتلبَسُ المرأة السائرةُ خُفَّين أحدهما أسود والآخر أبيض، ولا يجاوروا المسلمينَ بموتاهم، ولا يرفَعوا بناءَ قُبورهم، ولا يعلُوا على المسلمين في بناءٍ، ولا يضربوا بالنَّاقوسِ إلَّا ضربًا خفيفًا، ولا يرفَعوا أصواتَهم في كنائِسِهم، ولا يشتَرُوا من الرقيقِ مُسلمًا ولا مُسلِمةً، ولا ما جَرَت عليه سهامُ المسلمين، ولا يمشُوا وسَطَ الطريق توسِعةً للمُسلمين، ولا يَفتِنوا مُسلِمًا عن دينه، ولا يدُلُّوا على عوراتِ المسلمين، ومن زنى بمُسلمةٍ قُتِل، ومن خالف ذلك فقد حَلَّ منه ما يحِلُّ مِن أهل المعانَدةِ والشِّقاقِ، وكلُّ من مات من اليهود والنصارى والسامرة، ذكرًا كان أو أنثى، يَحتاطُ عليه ديوانُ المواريثِ الحَشريَّة، بالديارِ المصريَّة وأعمالِها وسائِرِ الممالك الإسلامية، إلى أن يُثبِتَ ورَثَتُه ما يستحقُّونه بمقتضى الشرع الشريف، فإذا استحَقَّ يعطونه بمقتضاه، وتُحمَلُ البقيَّةُ لبيت مال المسلمين، ومن مات منهم ولا وارِثَ له يُحمَلُ موجوده لبيتِ المال، ويُجرى على موتاهم الحوطةُ من ديوان المواريث ووكلاء بيت المال مجرى من يموتُ من المسلمين، إلى أن تُبَيَّن مواريثهم، وكان هذا العهدُ قد كتب في رجب سنة 700 في الأيام الناصريَّة محمد بن قلاوون، فلمَّا انتهى العلائي علي بن فضل الله كاتِبُ السرِّ مِن قراءته، تقلد بطركُ النصارى وديان اليهود حُكمَ ذلك، والتَزَما بما فيه، وأجابا بالسَّمع والطاعة، ثم جال الحديثُ في أمر اليهود والنصارى وإعادةِ وقائِعِهم الماضية، وأنهم بعد التزامِهم أحكام العهد يعودونَ إلى ما نُهُوا عنه، فاستقَرَّ الحال على أنهم يُمنَعونَ مِن الخِدَم في جميع الأعمال، ولا يُستخدَمُ نصراني ولا يهودي في ديوانِ السلطان، ولا في شيءٍ مِن دواوين الأمراء، ولو تلفَّظ بالإسلامِ، على أنَّ أحدًا منهم لا يُكرَهُ على الإسلام، فإن أسلم برِضاه، لا يدخُلُ مَنزِلَه، ولا يجتَمِعُ بأهله إلَّا إن اتَّبَعوه في الإسلام، ويُلزَمُ أحدُهم إذا أسلم بملازمة المساجد والجوامع، وكُتِبَ بذلك كُلِّه مراسيم سلطانية سار بها البريدُ إلى البلاد الإسلامية، فكان تاريخُها ثاني عشر جمادى الآخرة، وقُرئ منها مرسومٌ بمجلس السلطان في يوم الخميس خامس عشر، وركب من الغد يوم الجمعة سادس عشر الأميرُ سيف الدين قشتمر الحاجب، ومعه الشريف شهاب الدين المنشئ بالمراسيم السلطانيَّة إلى البلاد الإسلامية، وقُرئ مرسومٌ بجامع عمرو بن العاص من مدينة مصر، وآخَرُ بجامع الأزهر من القاهرة، فكان يومًا عظيمًا هاجت فيه حفائِظُ المسلمين، وتحَرَّكت سواكِنُهم؛ لِما في صدورهم من الحَنَق على النصارى، ونهضوا من ذلك المجلس بعد صلاة الجمعة، وثاروا باليهودِ والنصارى، وأمسكوهم من الطرقات، وتتَبَّعوهم في المواضِعِ وتناولوهم بالضرب، ومَزَّقوا ما عليهم من الثياب، وأكرهوهم على الإسلام، فيَضطرُّهم كثرةُ الضرب والإهانة إلى التلفظ بالشهادتينِ خوفَ الهلاك، فإنَّهم زادوا في الأمر حتى أضرموا النيران، وحملوا اليهود والنصارى، وألقَوهم فيها، فاختَفَوا في بيوتهم، حتى لم يوجَدْ منهم أحد في طريق ولا ممر، وشربوا مياه الآبار لامتناعِ السقَّائين مِن حَمل ِالماء من النيل إليهم، فلما شنع الأمر نُودِيَ في القاهرة ومصر ألا يُعارَضَ أحدٌ مِن النصارى أو اليهود، فلم يرجِعوا عنهم، وحَلَّ بهم من ذلك بلاءٌ شديد، كان أعظَمَه نكايةً لهم أنَّهم منعوا مِن الخِدَم بعد إسلامِهم، فإنهم كانوا فيما مضى من وقائِعِهم إذا مُنِعوا من ذلك كادوا المُسلمين بإظهارِ الإسلام، ثمَّ بالغوا في إيصال الأذى لهم بكلِّ طريق، بحيث لم يبقَ مانع يمنَعُهم لأنه صار الواحِدُ منهم فيما يظهَرُ مُسلِمًا ويَدُه مبسوطةٌ في الأعمال، وأمْرُه نافذٌ، وقولُه مُمتَثَل، فبطل ما كانوا يعملونَ، وتعطَّلوا عن الخِدَم في الديوان، وامتنع اليهودُ والنصارى من تعاطي صناعة الطب، وبذل الأقباط جُهدَهم في إبطال ذلك، فلم يجابُوا إليه، ثمَّ لم يكْفِ الناس من النصارى ما مَرَّ بهم حتى تسَلَّطوا على كنائسهم ومساكِنِهم الجليلة التي رفعوها على أبنيةِ المسلمين، فهدموها، فازداد النصارى واليهودُ خوفًا على خوفهم، وبالغوا في الاختفاءِ، حتى لم يظهَرْ منهم أحدٌ في سوق ولا في غيره، ثم وقعت قِصَصٌ على لسان المسلمين بدار العدل تتضَمَّنُ أنَّ النصارى استَجَدُّوا في كنائِسِهم عُمالًا، ووسعوا بناءها، وتجَمَّع من الناس عدد لا ينحصر، واستغاثوا بالسلطانِ في نصرة الإسلام، وذلك في يوم الاثنين رابع عشر رجب، فرسم لهم أن يَهدِموا الكنائِسَ المُستَجَدَّة، فنزلوا يدًا واحِدةً وهم يضِجُّون، وركب الأميرُ علاء الدين علي بن الكوراني والي القاهرة ليكشِفَ عن صحة ما ذكروه، فلم يتمَهَّلوا بل هجموا على كنيسةٍ بجوار قناطر السباع، وكنيسة للأسرى في طريق مصر، ونهبوهما وأخذوا ما فيهما من الأخشاب والرخام وغير ذلك، ووقع النهبُ في دير بناحية بولاق الدكرور، وهَجَموا على كنائس مصر والقاهرة، وأخربوا كنيسةً بحارة الفهادين من الجوانية بالقاهرة، وتجمعوا لتخريب كنيسة بالبندقانيين من القاهرة، فركب والي القاهرة وما زال حتى ردَّهم عنها، وتمادى هذا الحالُ حتى عجَزَت الحكَّامُ عن كفهم، وكثُرَت الأخبار من الوجه القبلي والوجه البحري بدخولِ النصارى في الإسلامِ، ومُواظبتِهم المساجِدَ، وحِفظِهم للقرآن، حتى إنَّ منهم من ثبتت عدالتُه وجلس مع الشهودِ، فإنه لم يبقَ في جميع أعمال مصر كُلِّها قِبليِّها وبحريِّها كنيسةٌ حتى هُدِمت، وبُني مواضِعَ كثيرٍ منها مساجد، فلما عَظُم البلاء على النصارى، وقَلَّت أرزاقهم، رأوا أن يدخلوا في الإسلام، ففشا الإسلامُ في عامَّة نصارى أرض مصر، حتى إنه أسلم من مدينة قليوب خاصة في يوم واحد أربعمائة وخمسون نفرًا! وممَّن أسلم في هذه الحادثة الشمس المقسي، جدُّ بني المقسي الذي منهم التاج ناظر الخواصِّ، والهيصم جدُّ بني الهيصم الوزراء, وحمَلَ كثيرٌ من الناس فِعْلَهم هذا على أنه من جملةِ مَكْرِهم؛ لكثرةِ ما شنَّعَ العامة في أمرهم، فكانت هذه الواقعةُ أيضًا من حوادث مصر العظيمة، ومن حينئذ اختلطت الأنسابُ بأرض مصر، فنكح هؤلاء الذين أظهروا الإسلامَ بالأرياف المُسلِماتِ، واستولدوهنَّ، ثمَّ قَدِمَ أولادُهم إلى القاهرة، وصار منهم قضاةٌ وشهود وعلماء، ومَن عَرَف سيرتَهم في أنفُسِهم، وفيما وَلُوه من أمور المسلمين، تفطَّنَ لِما لا يمكِنُ التصريحُ به.

العام الهجري : 218 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 833
تفاصيل الحدث:

هو أبو العبَّاسِ عبدُ الله بن هارون الرَّشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور المأمون العباسي. وُلِدَ سنة سبعين ومائة, واسمُ أمِّه: مراجل ماتت في نفاسِها به. قرأ العلمَ والأدبَ والأخبارَ، والعقليَّات وعلومَ الأوائل، وأمرَ بتعريبِ كُتُبِهم، وبالغ في تعريبها، وعَمِلَ الرصدَ فوق جبل دمشق، ودعا إلى القولِ بخَلْقِ القرآنِ وامتحنَ العُلَماءِ به. كان ذا حَزمٍ وعزمٍ، ورأيٍ وعقلٍ، وهيبةٍ وحِلمٍ، ومحاسِنُه كثيرةٌ في الجملة. كان أبيضَ رَبْعةً حسَنَ الوجهِ، تعلوه صُفرةٌ، قد وَخَطَه الشَّيبُ، وكان طويلَ اللِّحيةِ أعيَنَ ضَيِّقَ الجبينِ، على خَدِّه شامةٌ. أتته وفاةُ أبيه وهو بمروٍ سائرًا لغزو ما وراء النهرِ، فبُويِعَ مِن قِبَلِه لأخيه الأمينِ، ثم جرت بينهما أمورٌ وخُطوبٌ، وبلاءٌ وحروبٌ، إلى أن قُتِلَ الأمينُ، وبايع النَّاسُ المأمونَ في أوَّلِ سنةِ ثمان وتسعين ومائةٍ. كان متشيِّعًا فقد كانت كنيتُه أبا العباس، فلما استُخلِفَ اكتنى بأبي جعفرٍ، واستعمَلَ على العراق الحسَنَ بنَ سَهلٍ، ثم بايع بالعهدِ لعليِّ بنِ موسى الرضا ونَوَّه بذِكرِه، ونبَذَ السَّوادَ شِعارَ العباسيِّينَ، وأبدله بالخُضرة شعارِ العَلَويِّين. مرض المأمونُ مَرَضَه الذي مات فيه لثلاثَ عشرةَ خلَت من جُمادى الآخرة، فلمَّا مَرِضَ المأمونُ أمَرَ أن يُكتَبَ إلى البلادِ الكُتُب من عبد الله المأمونِ أميرِ المؤمنينَ، وأخيه الخليفةِ مِن بَعدِه أبي إسحاقَ محمَّد بن هارونَ الرشيد؛ وأوصى إلى المعتَصِم بحضرةِ ابنه العبَّاسِ، وبحضرة الفُقَهاء والقضاة والقُوَّاد، ثم بقيَ مريضًا إلى أن توفِّيَ قرب طرسوس ثم حمَلَه ابنُه العبَّاسُ، وأخوه المعتَصِمُ إلى طرسوس، فدفناه بدارِ خاقان خادِمِ الرَّشيد، وصلى عليه المعتَصِمُ، وكانت خلافتُه عشرينَ سنةً وخمسة أشهر وثلاثة وعشرين يومًا.

العام الهجري : 228 العام الميلادي : 842
تفاصيل الحدث:

سبَبُ ذلك أنَّ موسى بن موسى كان من أعيانِ قُوَّادِ عبد الرحمن، وهو العامِل على مدينةِ تَطيلة، فجرى بينه وبين القُوَّادِ تحاسُدٌ سنةَ سَبعٍ وعشرين، فعصِيَ موسى بن موسى على عبد الرحمنِ بنِ الحَكَم، فسَيَّرَ إليه جيشًا واستعمل عليهم الحارِثَ بنَ يزيغ والقُوَّاد، فاقتتلوا عند برجة، فقُتل كثيرٌ من أصحاب موسى، وقُتِلَ ابنُ عَمٍّ له، وعاد الحارِثُ إلى سرقسطة، فسيَّرَ موسى ابنَه ألب بن موسى إلى برجة، فعاد الحارِثُ إليها وحصَرَها فمَلَكَها وقتَلَ ابنَ موسى، وتقَدَّمَ إلى أبيه فطلبه فحضر، فصالحه موسى على أن يخرُجَ عنها، فانتقل موسى إلى أزبيط، وبقِيَ الحارث يتطَلَّبُه أيامًا ثم سار إلى أزبيط، فحصر موسى بها فأرسل موسى إلى غرسية، وهو مِن ملوك الأندلسيِّينَ المُشرِكينَ، واتَّفقا على الحارث، واجتمعا وجعلا له كمايِنَ في طريقِه، واتخذَ له الخيلَ والرِّجالَ بموضِعٍ يقال له بلمسة على نهرٍ هناك، فلمَّا جاء الحارِثُ النَّهرَ خرج الكُمَناءُ عليه، وأحدَقوا به، وجرى معه قِتالٌ شديد، وكانت وقعةً عظيمةً، وأصابه ضربةٌ في وجهِه فَلَقَت عينَه، ثم أُسِرَ في هذه الوَقعةِ، فلمَّا سَمِعَ عبدُ الرحمن خبَرَ هذه الوقعةِ، عَظُمَ عليه، فجهَّزَ عسكرًا كبيرًا واستعمل عليه ابنَه محمدًا، وسيَّرَه إلى موسى في شهر رمضان من سنة تسع وعشرين ومائتين، وتقَدَّمَ محمد إلى بنبلونة، فأوقع عندها بجمعٍ كثيرٍ مِن المشركين، وقُتِلَ فيها غرسية، وكثيرٌ من المشركين، ثم عاد موسى إلى الخلافِ على عبد الرحمن، فجَهَّزَ جيشًا كبيرًا وسَيَّرَهم إلى موسى، فلمَّا رأى ذلك طلَبَ المُسالَمةَ، فأُجيبَ إليها وأعطى ابنَه إسماعيلَ رهينةً، وولَّاه عبدُ الرحمن مدينةَ تطيلة، فسار موسى إليها فوصلها وأخرجَ كلَّ من يخافُه، واستقَرَّت تطيلةُ في عمالتِه.

العام الهجري : 318 العام الميلادي : 930
تفاصيل الحدث:

بعد أن افتتَحَ أميرُ المُؤمِنينَ النَّاصِرُ بطليوس في هذا العامِ عزَمَ على غزو طُلَيطلة في جيشٍ كثيرٍ وعَدَدٍ جمٍّ، فأخرج معهم أهلَ الثِّقةِ مِن خِدمتِه والأمانةِ مِن فُقَهاءِ مِصْرِه إلى أهل طُلَيطلة، مُعذِرًا إليهم، داعيًا لهم إلى الطاعة والدخولِ فيما صارت إليه الجماعةُ، إذ كانوا لا يؤدُّون جبايةً، ولا يلتَزِمون طاعةً، ولا يتناهون عن مُنكَرٍ ولا معصيةٍ، وأمَرَهم بمحاصرتها واحتلالِها، حتى يلحَقَ بهم بجيوشِه وصنوفِ حَشَمِه، فلما احتَلَّ النَّاصِرُ في طريقِه مَحلَّة الغدر، وقَرُب من حصن مورة الذي كان اتَّخذه أهلُ طُلَيطِلة شَجًا على المسلمين ومُستراحًا للمُفسدين؛ قَدِمَ إليه من أنذر صاحِبَ الحِصنِ وخَوَّفَه، وأمره بالخروجِ عن الحِصنِ وإسلامِه. فبدر إلى ذلك بدرًا لِما لم يَجِدْ منه بُدًّا، ولا في الامتناعِ طَمعًا، ونزل عن الِحصنِ، وأمر الناصِرَ بضَبطِه، ثم نهض بجيوشِه المؤيِّدة، وعزيمتِه الماضية، حتى احتَلَّ مَحلَّةَ جرنكش بقرب طليطلة، فأشرف مِن مَحلَّتِه هذه على سَهلةِ طُلَيطِلة ونَهرِها، وأجنَّتها وكُرومِها، ودَبَّرَ رأيَه في أمكَنِ المواضِعِ مِن مُحاصَرتِها، وأقرَب الجهاتِ الآخذة بمَخنق أهلِها، وأخذ في نِكايةِ العُصاةِ، بما لم يَجرِ لهم على ظَنٍّ, وأقام بهذه المَحلَّةِ سَبعةً وثلاثين يومًا، يوالي فيها بنِكايتِهم، وقَطْعِ ثَمراتِهم، وتخريبِ قُراهم، وانتسافِ نَعَمِهم، وتحطيِم زُروعِهم. ثمَّ أمر بالبُنيانِ في جبل جرنكش لمدينةٍ سَمَّاها بالفتح، وقَدِمَ على الناصرِ بمَحلَّتِه على طُلَيطِلة صاحِبُ حصن قنيلش وصاحِبُ حِصنِ الفهمين، معتصِمَينِ بطاعته، فأمر بنَقلِهما إلى قرطبة، والتوسُّع عليهما ومكافأة نُزوعِهما وقَصدِهما. ثم قفل الناصِرُ عن مدينة طُلَيطِلة يومَ الخميس لسِتٍّ بَقِينَ مِن جمادى الآخرة، ودخل القَصرَ بقُرطبةَ يومَ الاثنين لأربعٍ خَلَونَ مِن رَجبٍ، وبَقِيَ في غزاتِه هذه ستينَ يومًا.