الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1740 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 35 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 656
تفاصيل الحدث:

بعدَ أن جاءَ وَفدٌ مِن مِصْرَ مُظْهِرين العُمرَةَ، وجاؤوا المدينةَ وناقَشوا عُثمانَ في بعضِ الأَمْرِ وأظْهَروا الشَّكْوى والتَّأَفُّفِ منه حتَّى أَقنَعهُم بما يَراهُ حتَّى خرجوا مِن عندِه راجِعين لمِصْرَ، ثمَّ جاءَ وَفدٌ مِن مِصْرَ وتَواعَدوا مع وَفدِ الكوفةِ ووَفدِ البَصرَةِ في المدينةِ؛ ولكنَّ عددًا مِن الصَّحابةِ على رأسهم عَلِيُّ بن أبي طالبٍ قام بمُواجَهَتِهم قبلَ دُخولِ المدينةِ ممَّا أخافَهُم، فأظهروا الرُّجوعَ إلى أَمْصارِهم، ولكن لم يَلبَثْ أهلُ المدينةِ بعدَ عَودةِ عَلِيٍّ ومَن معه إلَّا وهؤلاء في المدينةِ يُكَبِّرون وقد قاموا بمُحاصَرةِ دارِ عُثمانَ، وزَعَموا أنَّ عُثمانَ بعَث كِتابًا بقَتْلِ وَفدِ مِصْرَ، ورجَع الباقون معهم تَضامُنًا، وكان الحِصارُ في بِدايَتِهِ يَسيرًا، يَخرُج عُثمانُ فيُصلِّي بالنَّاسِ، ويَأتِيهِ مَن يَأتِيهِ مِن الصَّحابةِ، ثمَّ اشْتَدَّ الحِصارُ وأراد الصَّحابةُ في المدينةِ قِتالَ هؤلاء المُنحَرِفين؛ ولكنَّ عُثمانَ أَبَى عليهم ذلك، ولم يُرِدْ أن يَحدُثَ شيءٌ بِسَببِه يكونُ فيه سَفْكٌ للدِّماءِ، واشْتَدَّ الحِصارُ حتَّى مَنعوهُ حتَّى الماءَ، ثمَّ وَصلَت الأخبارُ أنَّ إمْداداتٍ جاءت لِنَجْدَةِ الخَليفةِ، فاسْتعجَلَ المُنحرِفون الأَمْرَ فأرادوا الدُّخولَ على عُثمانَ فمَنَعَهم الحسنُ بن عَلِيٍّ وعبدُ الله بن الزُّبيرِ وغيرُه، فتَسَوَّرُوا الدَّارَ ودَخلوهُ عَنْوَةً فقَتلوا عُثمانَ بن عفَّانَ رضِي الله عنه في دارهِ آمِنًا، وقَتلوا معه غُلامَيْن له، وأُصيبَتْ زَوجتُه نائِلةُ، ونُهِبَتْ الدَّارُ، ونَهَبوا كذلك بيتَ المالِ، وكانت مُدَّةُ خِلافَتِه اثنتي عشرةَ سَنةً إلَّا أيَّامًا، فجَزاهُ الله عن المسلمين خيرَ الجزاءِ، وهو أحدُ العشرةِ المُبَشَّرِين بالجنَّةِ، ذو النُّورَيْنِ، سُمِّيَ بذلك لأنَّه تَزوَّج ابنتي النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم رُقَيَّةَ وأُمَّ كُلثومٍ.

العام الهجري : 897 العام الميلادي : 1491
تفاصيل الحدث:

تدفقت بعض القبائل المغربية وخاصة قبائل لمطة إلى الضفة اليسرى لنهر النيجر عند مدينة دندي، وسيطرت هذه القبائل على الزرَّاع من أهل صنغي الذين رحَّبوا بهم ليحموهم من الصيادين الذين كانوا يعتدون عليهم، ونجح هؤلاء الوافدون الجدد في تكوين أسرة حاكمة استفادت من علاقاتها التجارية مع غانة وشمال أفريقيا، وكان لهذه العلاقة أثر بعيد في تحويل ملوك صنغي إلى الإسلام وانتشاره في غربي قارة أفريقيا. كانت صنغاي في بداية أمرها دويلة صغيرة تحت حكم مالي غرب نهر النيجر في المنطقة الواقعة شمال بنين وغربي نيجيريا، ثم انتقلت مع نهر النيجر إلى الشمال وانتقلت معها عاصمتها، فكانت في البداية في دندي ثم كوكيا ثم رأى ملوك الصنغاي أن ينقلوا حاضرة ملكهم إلى جاو لتكون على مقربة من طرق القوافل الرئيسية, ولما كانت الصنغاي تحت حكم مالي قد قدمت رهائن لضمان بقاء خضوعها، ولكن لم يلبث الرهائن وهما ولدا الملك صنغاي زايا سبيًا- وولداه هما علي كولن وسليمان نار- وكانا طفلين يوم أخذا كرهائن، ثم لما كَبِرا استطاعا الفرار من مالي ووصلا إلى جاو وأنقذا مدينتهما من الحامية المالية، وأسَّسا مملكة جديدة أخذت تتوسع على حساب مملكة مالي التي بدأ الضعف يدب فيها، وكان علي كولن أول ملوك الدولة الجديدة، لكنه مات فخلفه أخوه سليمان نار، ثم عادت مملكة صنغاي تتبع اسميًّا لمالي، ولكن ما زال أمر الصنغاي يقوى، وقام ملكهم محمد دوغو بحملة ضد مالي واستطاع أن يتخلص من سيطرة الماليين عليهم، ثم خلفه ابنه سني علي الذي يعد مؤسس مملكة صنغاي المنفصلة؛ حيث احتل مدينة تومبكتو وطرد الطوارق منها، كما أخضع منطقة النيجر كلها مستوليًا على مدينة جني باسطًا نفوذه على منطقة ياتنغا مقر قبائل الموش، فكان هذا العمل إعلان قيام مملكة صنغاي المنفصلة.

العام الهجري : 452 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1060
تفاصيل الحدث:

بعدَ أن فَرغَ طُغرلبك من أَخيهِ إبراهيمَ وغيرِ ذلك من المَشاغلِ أَسرعَ بالعَوْدِ إلى بغداد وليس له هم إلَّا إِعادةُ الخَليفةِ لدارهِ، وكان قد راسلَ البساسيري على أن يُعيدوا الخَليفةَ ويَقنَع هو بعَدمِ العَودةِ إلى بغداد فلم يَرضَ البساسيري، فتَمكَّنَت عَساكرُ طُغرلبك مِن قَتلِه في ذي الحجَّةِ سَنةَ451هـ. أَرسلَ طُغرلبك مِن الطَّريقِ الإمامَ أبا بكرٍ أحمدَ بن محمدِ بن أيوبَ المعروف بابنِ فورك، إلى قُريشِ بن بَدران يَشكُرهُ على فِعلِه بالخَليفةِ، وحِفظِه على صِيانَتِه ابنةِ أَخيهِ امرأةِ الخليفةِ،  ويُعرِّفهُ أنَّه قد أَرسلَ أبا بكرِ بن فورك للقيامِ بخِدمةِ الخليفةِ، وإحضارِهِ، وإحضارِ أرسلان خاتون ابنةِ أَخيهِ امرأةِ الخليفةِ، ولمَّا سَمِعَ قُريشٌ بِقَصدِ طُغرلبك العِراقَ أَرسلَ إلى مهارش بن مجلي الندوي يُحَرِّضُهُ على عَدمِ تَسليمِ الخَليفةِ حتى يَستَطيعوا أن يَشرُطوا ما يريدون؛ لكنَّهُ أَبَى عليهم ذلك، وسار مهارش ومعه الخليفةُ حادي عشر ذي القعدةِ سَنةَ إحدى وخمسين وأربعمائة إلى العِراقِ، وجَعَلا طَريقَهما على بَلدِ بَدرِ بن مهلهل لِيَأمَنَا مَن يَقصِدهُما، ووَصلَ ابنُ فورك إلى حلَّةِ بدرِ بن مهلهل، وطلبَ منه أن يُوصِلَهُ إلى مهارش، فجاء إنسانٌ سوادي إلى بدرٍ وأَخبرهُ أنَّه رأى الخليفةَ ومهارشًا بتل عكبرا، فسُرَّ بذلك بَدرٌ ورَحلَ ومعه ابنُ فورك، وخَدَماهُ، وحَملَ له بَدرٌ شَيئًا كَثيرًا، وأَوصلَ إليه ابنُ فورك رِسالةَ طُغرلبك وهَدايا كَثيرةً أَرسلَها معه، ولمَّا سَمِعَ طُغرلبك بوُصولِ الخليفةِ إلى بَلدِ بَدرٍ أَرسلَ وَزيرَه الكندريَّ، والأُمراءَ، والحُجَّابَ، وأَصحبَهم الخِيامَ العَظيمةَ، والسُّرادِقات، والتُّحَف مِن الخَيلِ بالمَراكِب الذَّهبِ وغيرِ ذلك، فوَصَلوا إلى الخليفةِ وخَدموهُ ورَحَلوا، ووَصلَ الخليفةُ إلى النَّهروان في الرابعِ والعشرين من ذي القعدةِ، وخَرجَ السُّلطانُ إلى خِدمتِه، واعتَذرَ مِن تَأَخُّرِه بعِصيانِ إبراهيمَ، وأنه قَتَلَهُ عُقوبةً لِمَا جَرى منه من الوَهَنِ على الدَّولةِ العبَّاسيَّة، وبِوَفاةِ أَخيهِ داودَ بخُراسان، وأنه اضطرَّ إلى التَّرَيُّثِ حتى يُرَتِّبَ أَولادَهُ بعدَه في المملكةِ، ثم إنَّ الخليفةَ لم يَدخُل بغدادَ إلَّا في هذه السَّنَةِ في صفر في السابع عشر منها.

العام الهجري : 1012 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1603
تفاصيل الحدث:

هو السلطان أبو العباس المنصور أحمد، المعروف بالذهبي ابن أبي عبد الله محمد الشيخ المهدي بن محمد القائم بأمر الله الزيداني الحسني السعدي، واسطةُ عِقد الملوك الأشراف السعديين، وأحدُ ملوك المغرب الأقصى العِظام. كانت ولادته بفاس سنة 956, وأمُّه الحُرَّة مسعودة بنت الشيخ الأجلِّ أبي العباس أحمد بن عبد الله الوزكيتي، وكانت من الصالحات الخيرات, وكان أبوه المهدي ينبِّه على أن ابنَه أحمد واسطةُ عِقد أولاده. نشأ المنصور في عَفافٍ وصيانة وتعاطٍ للعلم ومُثافنةٍ لأهله عليه، وكانت مخايل الخِلافة لائحةً عليه إلى أن تمَّ أمره. كان طويلَ القامة ممتلئ الخدين واسِعَ المنكبين، تعلوه صفرةٌ رقيقة، أسود الشعر أدعج أكحل ضيِّق البلج، برَّاق الثنايا، حسن الشكل جميل الوجه، ظريف المنزِع لطيف الشمائل. بويعَ له بالحكم بعد وفاة أخيه عبد الملك في معركة وادي المخازن 986. قال الفشتالي: "لما كانت وقعة وادي المخازن ونصر الله دينَه وكَبَتَ الكفرَ وأهلَه واستوسق الأمرُ للمنصور، كتب إلى صاحب القسطنطينية العظمى، وهو يومئذ السلطان مراد الثالث بن سليم الثاني، وإلى سائر ممالك الإسلام المجاورين للمغرب يعرِّفُهم بما أنعم الله به عليه من إظهارِ الدين وهلاك عَبَدة الصليب واستئصال شأفتِهم، فوردت عليه الأرسالُ من سائر الأقطار مهنئين له بما فتح الله على يدِه، وكان أول من وفد عليه رسولُ صاحب الجزائر ثم تلته أرسالُ طاغية البرتغال، وهو الريكي القائم بأمرهم" واستمر أحمد المنصور على منهج أخيه في بناء المؤسسات، واقتناءِ ما وصلت إليه الكشوفاتُ العلمية، وتطويرِ الإدارة والقضاء والجيش، وترتيبِ الأقاليم وتنظيمها، وكان أحمد المنصور يتابع وزراءه وكبارَ موظفيه ويحاسِبُهم على عدم المحافظة على أوقات العمل الرسمية، أو التأخير في الردِّ على المراسلات الإدارية والسياسية، وأحدث حروفًا لرموز خاصة بكتابة المراسَلات السريَّة؛ حتى لا يُعرَفَ فحواها إذا وقعت في يد عدوٍّ. توفي المنصور في الدار البيضاء خارجَ فاس فدُفِن فيها، ثم نُقِل إلى مراكش، ثم خلَفَه بعده ابنه زيدان الذي استخلفه والدُه المنصور بعد أن أَيِس من صلاحِ ابنه الكبير محمد الشيخ المأمون.

العام الهجري : 1338 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1920
تفاصيل الحدث:

صدر قرارٌ بإنشاء المجمَع العِلميِّ العربي بدمشق، والذي عُرِفَ فيما بعد بـ "مجمع اللغة العربية". وقد نهض المجمَعُ بأمور اللغة في سوريا، وأحياها في دواوين الحكومة، وقام بجَمعِ الكتب والمخطوطات، وقد ضَمَّ المجمَعُ بين صفوفه عددًا من أعيان اللغة في العالم العربي. كانت الدولُ الاستعمارية منذ الوهلة التي يضعُ المستعمِرُ قدمَه في أي بلدٍ يستعمِرُه يبدأ بالتنقيب عن آثار البلد لربطِ سكانه بتاريخهم القومي بدَلَ دينِهم وعقيدتِهم التي يمكِنُ أن يكونَ لها أعظَمُ الأثر في مواجهة مخطَّطاته الاستعمارية؛ لذلك عمل الفرنسيون على تشجيع السوريين من خلال هذا المجمَعِ العلمي على الاهتمام باللغة العربية والآثار التاريخية؛ ففي مجال اللغة أخذ المجمَعُ على نفسه في إصلاحِ اللغة العربية، ووضْعِ ألفاظ للمستحدثات العصرية، وتنقيحِ الكتب، وإحياء المهمِّ مما خلَّفه الأسلاف منها، والتنشيط على التأليف والترجمة، وشراء الكتب، وجلْب كتب بلغة المستعمِر سواء كانت فرنسية أو إنجليزية أو ألمانية، وأما في مجال الآثار فلم تكن عنايةُ المجمع بجمع الآثار للمتحف بأقَلَّ من اهتمامه باللغة. فجمع أُلوفًا ما بين تماثيل حجرية وأوانٍ معدنية وزجاجية وخزفية، ومجاميع نقود ذهبية وفضية ونحاسية، وأسلحة وصفائح حجارة عليها كتابات، وأدواتٌ أخرى مختَلِفة. ومن هذه الآثار ما هو ذو شأنٍ عظيم قد لا يوجَدُ نظيره في كثيرٍ مِن المتاحف، وقد ألَّفَ المجمَعُ من أعضائه لجنتين: لجنة لُغَوية أدبية تبحَثُ في لغة العرب وآدابها وطرُقِ ترقيتها، ولجنة علمية فنية تبحث في توسيعِ دائرة العلوم والفنون في البلاد السورية. وألَّف أيضًا لجنة من المختصِّين في معرفة الآثار، ولجنتين أخيرتين، إحداهما لتتَبُّع الآثار القديمة والبحث عنها خارج دمشق من جهات سورية، وجلْب ما يمكِنُ جلبه منها، فذهبت إلى تدمر وجلبت منها ومن حمص بعضَ القِطَع الحجرية القديمة. وكتبت تقريرًا بشأن الآثار والملاحظات التي رأتها في رحلتها. أما اللجنة الأخرى فلتتبُّعِ الآثار القديمة في دمشق، وكتَبَ المجمَعُ منشورًا باللغتين العربية والفرنسية ضمَّنه ملخَّصًا من أخباره وأعماله في هذه المدة، ووزَّعه على المجامِعِ العلمية ودُورِ الكتب والجامعات وأمَّهات المجلات في أوروبا وأمريكا وغيرهما.

العام الهجري : 1385 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1966
تفاصيل الحدث:

هو الحاج سير أحمدو بلو بن الأمير إبراهيم بن فودي: زعيمٌ سياسيٌّ نيجيري شمالي. مفكرٌ إسلاميٌّ سياسي كان من أبرز قادةِ مقاومة الاستعمار الإنجليزي. وُلِدَ سنة 1909م بقرية رابا، وتعلَّم في كُتَّابها سنتين، ثم أخذه أخوه إلى مدينة صكتو؛ لِيُلحِقَه بمدرسةٍ ابتدائية هناك، فدرس فيها القرآنَ الكريم، والحساب، واللغة الإنجليزية، والتاريخ، لكنَّه أبدى أسَفَه حين رأى أنَّ التاريخَ الذي يَدرسُه تاريخ إنجلترا بدلًا من تاريخ بلادِه. كان جادًّا في دراسته ما جعَله بعد خمسِ سنين يتخرَّجُ بتفوق على أقرانه، وفي عام 1926م انتقل إلى كلية المعلِّمين في كاتسينا؛ ليتخرَّج معلِّمًا، فعاد إلى مدرسته الأولى في صكتو ليدرِّسَ بها اللغةَ الإنجليزية، والهندسة، ومبادئ اللغة العربية، وفي عام 1934م عيَّنه السُّلطان رئيسًا لمركز (رابا) مسقط رأسِه بعد وفاة ابن عمِّه، فكان أصغرَ رئيسٍ من بين 45 رئيسًا؛ إذ كان عمره 24 سنةً، فكان أوَّلُ عملٍ أقدَمَ عليه هو مكافحةَ الجهل والأميَّة في قريته، حتى إنه لم يكُنْ فيها مَن يَعرف القراءةَ والكتابةَ سواه، فأنشَأ مدرسةً تولَّى التَّدريسَ فيها بنفسه، فلمَّا تعلَّم عددٌ من أهل القرية القراءة والكتابة فَتح فصولًا أخرى، حتى بُنيت أوَّلُ مدرسةٍ نظاميَّة في القرية. في عام 1938م انتقل أحمد بلو إلى (غسو)، وقد عيَّنه السلطان الحاج أبو بكر تفاوة بيليوا رئيسُ وزراء حكومة اتحاد نيجيريا مُشرفًا على 14 مركزًا في سلطنة صكتو، وبهذا اكتسب بلو مهاراتٍ إدارية. ولما أُعلِنَت الحربُ العالمية الثانية عُيِّن بلو ضابطًا للحرب في صكتو. وفي عام 1948م سافر بلو إلى لندن؛ لدراسة نظُمِ الحكم المحلي، وفي عام 1949م ذهب إلى عاصمة نيجيريا لاجوس لأوَّلِ مرة حين توفي وزير صكتو، وأصبح يمثِّل صكتو، وحين بدأت إجراءاتُ تعديل الدستور النيجيري اجتمع الشماليون في (كدونا)، واختاروا مندوبَين منهم للاشتراك في هذا العمل المهم، وكان أحدهما: أحمدو بلو. وفي عام 1953م تقلَّد وزارتَيْ تطوير المجتمع والحكومة المحلية، وفي أكتوبر 1954م أصبح بلو رئيسًا لوزراء الإقليم الشمالي، وظل في هذا المنصب حتى تم اغتياله رحمه الله.

العام الهجري : 169 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 786
تفاصيل الحدث:

ظهر الحُسَين بن عليِّ بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بالمدينةِ، وذلك أنَّه أصبح يومًا وقد لَبِسَ البياضَ وجلس في المسجدِ النبويِّ، وجاء الناسُ إلى الصلاةِ، فلما رأوه ولَّوا راجعين، والتفَّ عليه جماعةٌ فبايعوه على الكتابِ والسنَّة والرضا من أهل البيت, وكان سببُ خروجِه أنَّ متولي المدينة خرج منها إلى بغداد ليهنِّئ الخليفةَ الهادي بالولايةِ ويعَزِّيه في أبيه. ثم جرت أمورٌ اقتَضَت خروجَه، والتفَّ عليه جماعةٌ وجعلوا مأواهم المسجِد النبوي، ومنعوا النَّاسَ من الصلاة فيه، ولم يُجِبْه أهلُ المدينة إلى ما أراده، بل جعلوا يدعونَ عليه لانتهاكِه المسجِدَ، حتى ذُكِرَ أنَّهم كانوا يَقذرونَ في جَنَبات المسجد، وقد اقتتلوا مع المسودةِ مَرَّات، فقتل من هؤلاء وهؤلاء. ثم ارتحل إلى مكَّةَ فأقام بها إلى زمنِ الحَجِّ، فبعث إليه الهادي جيشًا فقاتلوه بعد فراغِ النَّاسِ مِن الموسِم، فقتلوه وقتلوا طائفةً من أصحابه، وهرب بقيَّتُهم وتفَرَّقوا شَذَر مَذَر, منهم إدريس بن عبدالله الذي أسَّس دولة الأدارسة العلوية بالمغرب, وكان موقِع المعركة يسمَّى فخ بمكَّة عبارة عن فجٍّ من فجاجِها.

العام الهجري : 361 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 972
تفاصيل الحدث:

سار المعِزُّ الفاطميُّ من إفريقيَّة يريدُ الدِّيارَ المصريَّة، وكان أوَّل مسيرِه أواخِرَ شوَّال سنة 361 وكان أوَّل رحيله من المنصوريَّة، فأقام بسردانيَّة، وهي قريةٌ قريبةٌ مِن القيروان، ولحقه بها رجالُه وعُمَّالُه، وأهلُ بيته وجميعُ ما كان له في قَصرِه مِن أموال وأمتعةٍ وغير ذلك، وسار عنها واستعملَ على بلاد إفريقيَّةَ يوسُفَ بلكين بن زيري، وجعل على صقليَّةَ حسَن بنَ علي بن أبي الحُسَين، وجعل على طرابلس عبدَ الله بن يخلف الكتاميَّ، وجعل على جباية أموالِ إفريقيَّة زيادةَ الله بن القديم، وعلى الخراجِ عبد الجبَّار الخُراساني، وحُسَين بن خلف الموصدي، وأمَرَهم بالانقيادِ ليُوسُف بن زيري، فأقام بسردانيَّة أربعة أشهر حتى فرغ من جميعِ ما يريد، ثم رحل عنها، ومعه يوسُفُ بلكين وهو يوصيه بما يفعَلُه، ثم سار المعِزُّ حتى وصل إلى الإسكندريَّة أواخر شعبان من سنة 362، وأتاه أهلُ مِصرَ وأعيانُها، فلَقِيَهم وأكرَمَهم وأحسن إليهم، وسار فدخل القاهرةَ خامس شهر رمضان سنة 362، وأنزل عساكِرَه مصرَ والقاهرةَ في الديار، وبقي كثيرٌ منهم في الخِيامِ.

العام الهجري : 602 العام الميلادي : 1205
تفاصيل الحدث:

لما أخذ خوارزم شاه مدينة بلخ سار عنها إلى مدينة ترمذ مجِدًّا، وبها ولدُ عماد الدين صاحب بلخ، فأرسل إليه محمَّد بن علي بن بشير يقولُ له: إن أباك قد صار من أخصِّ أصحابي وأكابِرِ أمراء دولتي، وقد سَلَّمَ إليَّ بلخ، وإنما ظهَرَ لي منه ما أنكَرْتُه، فسَيَّرْتُه إلى خوارزم مُكرَمًا محترمًا، وأمَّا أنت فتكون عندي أخًا ووعَدَه، وأقطعه الكثيرَ، فخدعه محمد بن علي، فرأى صاحِبُها أنَّ خوارزم شاه قد حصره مِن جانبٍ والخطا قد حصره من جانبٍ آخر، وأصحابُه قد أسرهم الدز بغُزنة، فضَعُفَت نفسه، وأرسل من يستحلِفُ له خوارزم شاه، فحلَفَ له، وتسَلَّم منه ترمذ وسَلَّمَها إلى الخطا الكفار، فلقد اكتسَبَ بها خوارزم شاه سُبَّةً عظيمة، وذِكرًا قبيحًا في عاجِلِ الأمر، ثم ظهر للناس بعد ذلك أنَّه إنما سلمها إليهم ليتمكَّنَ بذلك مِن مُلكِ خراسان، ثم يعود إليهم فيأخُذُها وغيرَها منهم؛ لأنَّه لَمَّا مَلَكَ خراسان وقصد بلاد الخطا وأخَذَها وأفناهم؛ عَلِمَ النَّاسُ أنَّه فعل ذلك خديعةً ومكرًا.

العام الهجري : 612 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1215
تفاصيل الحدث:

هو أبو الحسَنِ عليُّ بن الخليفة الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بأمر الله، وهو الأصغر، وكان يلقَّب الملك المعظم، وكان أحبَّ ولدي الخليفة إليه، وقد رشَّحه لولاية العهد بعده، وعزَلَ ولده الأكبر عن ولاية العهدِ؛ لأجل أبي الحسن علي, وكان كريمًا كثير الصدقة والمعروف، حَسَن السيرة، محبوبًا إلى الخاص والعام، وكان سببُ موتِه أنَّه أصابه إسهالٌ فتوفِّيَ، وحَزِنَ عليه الخليفةُ حُزنًا لم يُسمَعْ بمثله، حتى إنه انقطع، ثم أُخرجَ نهارًا، ومشى جميعُ الناس بين يدي تابوتِه إلى تربة جدَّتِه عند قبر معروف الكرخي، فدُفِنَ عندها، ولما أُدخِل التابوت أُغلِقَت الأبواب، وسُمِعَ الصراخ العظيم من داخل التربة، فقيل إن ذلك صوتُ الخليفة, وأمَّا العامة ببغداد فإنَّهم وجدوا عليه وجدًا شديدًا، ودامت المناحات عليه في أقطار بغداد ليلًا ونهارًا، ولم تبق امرأةٌ إلَّا وأظهرت الحزن، وما سُمِعَ ببغداد مثل ذلك في قديمِ الزمانِ وحديثه. وتَرَك أبو الحسن ولدينِ أحدهما المؤيَّد أبو عبد الله الحسين، والموفَّق أبو الفضل يحيى.

العام الهجري : 690 العام الميلادي : 1291
تفاصيل الحدث:

استهلَّت هذه السنةُ والخليفةُ بمصرَ الحاكمُ بأمر الله أبو العباس العباسي، وسلطانُ البلادِ المَلِكُ الأشرف صلاحُ الدين خليل بن المنصور قلاوون، ونائبُه بمصر وأعمالها بدر الدين بيدرا، ووزيرُه ابن السلعوس الصاحِبُ شمس الدين، ونائبه بالشام حسامُ الدين لاجين السلحداري المنصوري، وصاحِبُ اليمن الملِكُ المظفَّر شمس الدين يوسف بن المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول، وصاحِبُ مكة نجم الدين أبو نمي محمد بن إدريس بن علي بن قتادة الحسيني، وصاحبُ المدينة عز الدين جماز بن شيحة الحسيني، وصاحب الرومِ غياثُ الدين كيخسرو، وهو ابنُ ركن الدين قلج أرسلان السلجوقي، وصاحِبُ حماة تقي الدين محمود بن الملك المنصور ناصر الدين محمد بن الملك المظفر تقي الدين محمد، وسلطانُ بلاد العراق وخراسان وتلك النواحي أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولو بن جنيكزخان. وجلال الدين فيروز الخلجي في الهند.

العام الهجري : 777 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1375
تفاصيل الحدث:

هو أميرُ مَكَّة الشريفُ عَجلان بن رُمَيثة بن أبي نُمَي محمد بن أبي سعد علي بن الحسن بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن سليمان بن عبد الله بن موسى الجور بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وكان قبل موته نَزَل لوَلَدِه الشريف أحمد بن عجلان عن نِصفِ إمرةِ مَكَّة التي كانت بيده؛ فإنه كان قبل ذلك نزَل له عن النصفِ الأوَّلِ قديمًا، وكان وَلِيَ إمرةَ مَكَّة غير مرة نحو ثلاثين سنة، مستقِلًّا بها مدة، وشريكًا لأخيه ثُقبة مُدَّة، وشريكًا لابنه أحمد مُدَّة، وكانت وفاته في ليلة الاثنين الحادي عشر من شهر جمادى الأولى ودُفِنَ بالمُعَلَّاة وقد قارب السبعين سنة من العمر، وكان ذا عَقلٍ ودَهاء ومعرفة بالأمور وسياسةٍ حَسَنة، وكان بخلافِ آبائه وأقاربه؛ يحِبُّ أهل السنة ويَنصُرُهم على الشيعة، وربما كان يُذكَرُ أنَّه شافعيُّ المذهَب.

العام الهجري : 1345 العام الميلادي : 1926
تفاصيل الحدث:

كان السيد محمد بن علي بن أحمد الإدريسي قد أوصى المَلِكَ عبد العزيز بأولاده من بعده، فلما دَبَّ الخلاف بينهم بعد وفاته أرسل الملك عبد العزيز الأميرَ عبد العزيز بن مساعد بن جلوي فأنهى الصراع الذي نشب بينهم، وعَيَّن حسن الإدريسي بدلًا من أخيه علي، وعندما غزت قواتُ إمام اليمن يحيى حميد الدين تهامةَ عسير بقيادة عبد الله الوزير واحتَلَّ موانئ تهامة ومدنها، عين الإمامُ ولاتَه عليها، ثم واصل جيشُ الإمام يحيى تقدُّمَه صَوبَ عسير، وحاصر مدينتي صبيا وجازان، فعرض عليه حسن الإدريسي صُلحًا يقضي بكفِّ قواته عن محاولة الاستيلاء على مدينتي صبيا وجازان، مقابِلَ اعتراف الأدارسة بولائهم للإمام، على أن يمنح الإمامُ الأدارسة نفوذًا محليًّا على تهامة، ولكِنَّ الإمام يحيى رفض العرض، وأصر على مواصلة محاولة الاستيلاء على منطقة عسير؛ مما حمل حسن الإدريسي على توقيع معاهدة حماية مع الملك عبد العزيز، عُرِفَت بمعاهدة مكة التي أصبحت بموجِبِها تهامة عسير تحت الإشراف السعودي أو الحماية السعودية.

العام الهجري : 1423 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 2002
تفاصيل الحدث:

محمد صفوت نور الدين أحمد مرسي وُلد في عام 1363هـ، بقرية "الملايقة" إحدى قرى مركز "بلبيس"، محافظة الشرقية في مصر، عمِلَ بالتربية والتعليم حتى صار مديرًا عامًّا، وشغَلَ منذ الثمانينيَّات وظيفةَ "أمين عام الدعوة"، زمنَ رئاسة الشيخ "محمد علي عبد الرحيم"، وتولَّى رئاسةَ جماعة أنصار السُّنة المحمدية بعدَ وفاة الشيخ محمد علي عبد الرحيم في 22 شعبان 1412هـ؛ ليكونَ سادسَ رؤساء الجماعة، كانت له مساهماتٌ كبيرةٌ في الكتابة في مجلة التوحيدِ، وأسهم في تطويرها، والكتابة فيها، والفُتْيا على صفحاتها، وكان آخر مؤتمرٍ برئاستِه هو المؤتمرُ الذي عُقد بالمركز الدولي لدعاة التوحيد والسُّنة بمسجد "العزيز بالله"، وللشيخ عدة أبحاثٍ، كرسالة "موقف أهل الإيمان من صفات عباد الرحمن" وأُخرى بعنوان "التربية بين الأصالة والتجديد"، وكتاب "المسجد الأقصى ودعوة الرسل"، وغير ذلك، تُوفيَ في يوم الجمُعة 13 رجب 1423هـ بعد صلاة الجمُعة في المسجد الحرام بمكَّة، وصُلِّيَ عليه في المسجد الحرام بعد صلاة المغرب، ودُفنَ في مقابر مكَّة، رحمه اللهُ.

العام الهجري : 815 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1412
تفاصيل الحدث:

خرج السلطان الملك الناصر فرج من دمشق بعساكره في يوم الاثنين سادس المحرم، ونزل برزة، ثم رحل منها يريد محاربة الأمراء الخارجين عليه: نوروز الحافظي، وشيخ المحمودي، ونزل حسيا بالقرب من حمص، فبلغه رحيل القوم من قارا إلى جهة بعلبك، فترك أثقاله بحسيا وساق على أثرهم إلى بعلبك، فوجدهم قد توجهوا إلى البقاع، فقصدهم، فمضوا نحو الصبيبة، فتبعهم حتى نزلوا باللجون، فساق السلطان خلفهم وهو سكران لا يعقِل، فما وصل إلى اللجون حتى تقطعت عساكره عنه من شدة السَّوق، ولم يبقَ معه غير من ثَبَت على سوقه، وهم أقل ممن تأخَّر، وكان قد وصل وقت العصر من يوم الاثنين ثالث عشر المحرم، فوجد الأمراء قد نزلوا باللجون وأراحوا، وفي ظنهم أنه يتمهَّلُ ليلته ويلقاهم من الغد، فإذا جنَّهم الليل ساروا بأجمعهم من وادي عارة إلى جهة الرملة، وسلكوا البرية عائدين إلى حلب، وليس في عزمهم أن يقاتلوه أبدًا، لا سيما الأمير شيخ المحمودي فإنه لا يريد ملاقاته بوجه من الوجوه، فحال وصول الملك الناصر إلى اللجون أشار عليه الأتابك دمرداش المحمدي أن يريح خيلَه وعساكره تلك الليلة، ويقاتلهم من الغد، فأجابه السلطان بأنهم يفرُّون الليلة، فقال له دمرداش: إلى أين بقُوا يتوجهون يا مولانا السلطان بعد وقوع العين في العين؟ يا مولانا السلطان مماليكك في جهد وتعب من السَّوق، والخيول كَلَّت، والعساكر منقطعة، فلم يلتفت إلى كلامِه، وحرَّك فرسه ودقَّ بزخمته على طبله، وسار نحو القوم، وحمل عليهم بنفسِه من فوره حال وصولِه، فارتضمت طائفة من مماليكه في وحلٍ كان هناك، ثم قبل اللقاء خرج الأمير قجق أحد أمراء الألوف بطلبه من مماليكه وعسكره، وذهب إلى الأمراء، وتداول ذلك مع المماليك الظاهرية واحدًا بعد واحد، والملك الناصر لا يلتفت إليهم، ويشجِّع من بقي معه حتى التقاهم وصدمهم صدمةً هائلة، وتقهقر عسكره مع قلتهم، فانهزم السلطان عند ذلك، بعد أن قاتل بنفسه، وساق يريد دمشق -وكان الرأي توجهه إلى مصر- وتبعه سودون الجلب، وقرقماس ابن أخي دمرداش، ففاتهما الملك الناصر ومضى إلى دمشق، وأحاط القوم بالخليفة المستعين بالله، وفتح الدين فتح الله كاتب السر، وناظر الجيش بدر الدين حسن بن نصر الله، وناظر الخاص ابن أبي شاكر، واستولوا على جميع أثقال الملك الناصر وأمرائه، وامتدت أيدي أصحاب الأمراء إلى النهب والأسر في أصحاب الملك الناصر، وما غربت الشمس حتى انتصر الأمراء وقَوِيَ أمرهم، وباتوا تلك الليلة بمخيماتهم، وهي ليلة الثلاثاء، وأصبح الأمراء وليس فيهم من يرجع إليه، بل كل واحد منهم يقول: أنا رئيس القوم وكبيرهم، وأما الملك الناصر فإنه لما انكسر سار نحو دمشق حتى دخلها ليلة الأربعاء في ثلاثة نفر، ونزل بالقلعة واستدعى القضاة والأعيان ووعدهم بكل خير، وحثَّهم على نصرته والقيام معه، فانقادوا له، فأخذ في تدبير أموره، وتلاحقت به عساكره شيئًا بعد شيء في العاشر من محرم، ثم أحضر السلطان الأموال وصبها وأتاه الناس من كل فج من التركمان والعربان والعشير وغيرهم، فكتب أسماءهم وأنفق عليهم وقوَّاهم بالسلاح، وأنزل كل طائفة منهم بموضع يحفظه، فكان عدة من استخدمه من المشاة زيادةً على ألف رجل، وحَصَّن القلعة بالمجانيق والمدافع الكبار، وأتقن تحصين القلعة؛ بحيث إنه لم يبق سبيلٌ للتوصل إليها بوجه من الوجوه واستمر ذلك إلى بكرة يوم السبت ثامن عشر المحرم، فنزل الأمراء على قبة يلبغا خارج دمشق، فندب السلطان عسكرًا فتوجهوا إلى القبيبات، فبرز لهم سودون المحمدي، وسودون الجلب، واقتتلوا حتى تقهقر السلطانية منهم مرتين، ثم انصرف الفريقان، وفي يوم الأحد تاسع عشر المحرم ارتحل الأمراء عن قبة يلبغا، ونزلوا غربي دمشق من جهة الميدان، ووقفوا من جهة القلعة إلى خارج البلد، فتراموا بالنشاب نهارهم وبالنفط، فاحترق ما عند باب الفراديس من الأسواق، فلما كان الغد من يوم الاثنين عشرين محرم اجتمع الأمراء للحصار، فوقفوا شرقي البلد وقبليه، ثم كروا راجعين ونزلوا ناحية القنوات إلى يوم الأربعاء الثاني والعشرين، ووقع القتال من شرقي البلد، ونزل الأمير نوروز بدار الطعم، وامتدت أصحابه إلى العقيبة، ونزل طائفة بالصالحية والمزة، ونزل الأمير شيخ بدار غرس الدين خليل تجاه جامع كريم الدين الذي بطرف القبيبات ومعه الخليفة وكاتب السر فتح الله، ونزل بكتمر جلق وقرقماس المدعو بسيدي الكبير في جماعة من جهة بساتين معين الدين ومنعوا الميرة عن الملك الناصر، وقطعوا نهر دمشق، ففُقد الماء من البلد، وتعطلت الحمَّامات، وغُلِّقت الأسواق، واشتدَّ الأمر على أهل دمشق، واقتتلوا قتالًا شديدًا، وتراموا بالسهام والنفوط، فاحترق عدة حوانيت بدمشق، وكثرت الجراحات في أصحاب الأمراء من الشاميين، وأنكاهم السلطانية بالرمي من أعلى السور، وعَظُم الأمر، وكلُّوا من القتال، ثم بلغ الأمير شيخ المحمودي أن الملك الناصر عزم على إحراق ناحية قصر حجاج حتى يصير فضاءً ثم يركب بنفسه ويواقع القوم هناك بمن يأتيه من التركمان وبمن عنده، فبادر الأمير شيخ وركب بعد صلاة الجمعة بأمير المؤمنين ومعه العساكر، وسار من طريق القبيبات ونزل بأرض الثابتية، وقاتل الملك الناصر في ذلك اليوم أشد قتال إلى أن مضى من الليل جانب، وكثر من الشاميين الرمي بالنفط عليهم، فاحترق سوق خان السلطان وما حوله، وحملت السلطانية على الشيخية حملةً عظيمة هزموهم فيها، وتفرقوا فِرَقًا، وثبت الأمير شيخ في جماعة قليلة بعدما كان انهزم هو أيضًا إلى قريب الشويكة، ثم تكاثر الشيخية وانضم عليهم جماعة من الأمراء، فحمل الأمير شيخ بنفسه بهم حملة واحدة أخذ فيها القنوات، ففرَّ من كان هناك من التركمان والرماة وغيرهم، وكان الأتابك دمرداش المحمدي نازلًا عند باب الميدان تجاه القلعة، فلما بلغه ذلك ركب وتوجه إلى الملك الناصر وهو جالس تحت القبة فوق باب النصر، وسأله أن يندب معه طائفة كبيرة من المماليك السلطانية؛ ليتوجه بهم إلى قتال الأمير شيخ؛ فإنه قد وصل إلى طرف القنوات، وسهل أخذه على السلطان، فنادى الملك الناصر لمن هناك من المماليك وغيرهم بالتوجه مع دمرداش، فلم يجِبْه منهم أحد، ثم كرر السلطان عليهم الأمر غيرَ مرة حتى أجابه بعضهم جوابًا فيه جفاء وخشونة ألفاظ، معناه أنهم ملوا من طولِ القتال، وضَجِروا من شدة الحصار، وبينما هم في ذلك إذ اختبط العسكر السلطاني وكثر الصراخ فيهم بأن الأمير نوروزًا قد كبسهم، فسارعوا بأجمعهم وعبروا من باب النصر إلى داخل مدينة دمشق، وتفرَّقوا في خرائبها بحيث إنه لم يبقَ بين يدي السلطان أحد، فولى دمرداش عائدًا إلى موضعه، وقد ملك الأمير شيخ وأصحابه الميدان والإسطبل، فبعث دمرداش إلى السلطان مع بعض ثقاته بأن الأمر قد فات، وأن أمر العدو قوي، وأمر السلطان أخذ في إدبار، والرأي أن يلحق السلطان بحلب ما دام في الأمر سعة، فلما سمع الملك الناصر ذلك قام من مجلسه وترك الشمعة تتقد حتى لا يقع الطمع فيه بأنه ولى، ويوهم الناس أنه ثابت مقيم على القتال، ثم دخل إلى حَرَمِه وجهَّز ماله، وأطال في تعبئة ماله وقماشه، فلم يخرج حتى مضى أكثر الليل، والأتابك دمرداش واقف ينتظره، فلما رأى دمرداش أن الملك الناصر لا يوافقه على الخروج إلى حلب، خرج هو بخواصه ونجا بنفسه، وسار إلى حلب وترك السلطان، ثم خامر الأمير سنقر الرومي على الملك الناصر، وأتى أمير المؤمنين وبطل طبول السلطان والرماة، ثم خرج الملك الناصر من حرمه بماله، وأمر غلمانه فحُمِلت الأموال على البغال ليسير بهم إلى حلب، فعارضه الأمير أرغون من بشبغا الأمير آخور الكبير وغيره، ورغبوه في الإقامة بدمشق، وقالوا له: الجماعة مماليك أبيك لا يوصلون إليك سوءًا أبدًا، ولا زالوا به حتى طلع الفجر، فعند ذلك ركب الملك الناصر بهم، ودار على سور المدينة فلم يجد أحدًا ممن كان أعدَّه للرمي، فعاد ووقف على فرسه ساعة، ثم طلع إلى القلعة والتجأ بها بمن معه -وقد أشحنها- وترك مدينة دمشق، وبلغ أمير المؤمنين والأمراء ذلك، فركب الأمير شيخ بمن معه إلى باب النصر، وركب نوروز بمن معه إلى نحو باب توما، ونصب الأمير شيخ السلالم حتى طلع بعض أصحابه، ونزل إلى مدينة دمشق وفتح باب النصر، وأحرق باب الجابية، ودخل شيخ من باب النصر، وأخذ مدينة دمشق، ونزل بدار السعادة، وذلك في يوم السبت تاسع صفر، بعدما قاتل الملك الناصر نحو العشرين يومًا، قُتِل فيها من الطائفتين خلائق لا تُحصى، ووقع النهب في أموال السلطان وعساكره، وامتدت أيدي الشيخية وغيرهم إلى النهب، فما عفوا ولا كفُّوا، وركب أمير المؤمنين ونزل بدار في طرف ظواهر دمشق، وتحول الأمير شيخ إلى الإسطبل، وأنزل الأمير بكتمر جلق بدار السعادة، كونه قد ولي نيابة دمشق قبل تاريخه، هذا والسلطانية ترمي عليهم من أعلى القلعة بالسهام والنفوط يومهم كله، وباتوا ليلة الأحد على ذلك، فلما كان يوم الأحد عاشر صفر بعث الملك الناصر بالأمير أسندمر أمير آخور في الصلح، وتردد بينهم غير مرة حتى انعقد الصلح بينهم، وحلف الأمراء جميعهم وكُتِبت نسخة اليمين، ووضعوا خطوطهم في النسخة المذكورة، وكتب أمير المؤمنين أيضًا خطه فيها، وصعد بها أسندمر إلى القلعة ومعه الأمير ناصر الدين محمد بن مبارك شاه الطازي أخو الخليفة المستعين بالله لأمه، ودخلا على الملك الناصر وكلماه في ذلك، وطال الكلام بينهم، فلم يعجب الملك الناصر ذلك، وترددت الرسل بينهم غير مرة بغير طائل، وأمر الملك الناصر أصحابه بالرمي عليهم، فعاد الرمي من أعلى القلعة بالمدافع والسهام، وركب الأمراء واحتاطوا بالقلعة، فأرسل الملك الناصر يسأل بالكف عنه، فضايقوا القلعة خشية أن يفر السلطان منها إلى جهة حلب، ومشت الرسل أيضًا بينهم ثانيًا، وأضر الملك الناصر التضييق والغلبة إلى أن أذعن إلى الصلح، وحلفوا له ألا يوصلوا إليه مكروهًا، ويؤمِّنوه على نفسه، وأن يستمِرَّ الخليفة سلطانًا، وقيل غير ذلك: وهو أنه ينزل إليهم، ويتشاور الأمراء فيمن يكون سلطانًا، فإن طلبه المماليك فهو سلطان على حاله، وإن لم يطلبوه فيكون الخليفة، ويكون هو مخلوعًا يسكن بعض الثغور محتفظًا به، ومحصول الحكاية أنه نزل إليهم في ليلة الاثنين حادي عشر صفر، ومعه أولاده يحملهم ويحملون معه، وهو ماشٍ من باب القلعة إلى الإسطبل والناس تنظُره، وكان الأمير شيخ نازلًا بالإسطبل، فعندما عاينه الأمير شيخ قام إليه وتلقَّاه وقبَّل الأرض بين يديه، وأجلسه بصدر المجلس، وجلس بالبعدِ عنه وسكَّن روعه، ثم تركه بعد ساعة وانصرف عنه، فأقام الملك الناصر بمكانه إلى يوم الثلاثاء ثاني صفر، فجمع الأمراء والفقهاء والعلماء المصريون والشاميون بدار السعادة بين يدي أمير المؤمنين وقد تحول إليها وسكنها، وتكلموا في أمر الملك الناصر والمحضر المكتب في حقه، فأفتوا بإراقة دمه شرعًا، فأخذ في ليلة الأربعاء من الإسطبل، وطلع به إلى قلعة دمشق، وحبسوه بها في موضع وحدَه، وقد ضُيِّق عليه وأُفرِدَ من خَدَمِه، فأقام على ذلك إلى أن قُتِلَ ليلة السبت سادس عشر صفر.